أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - دبكـة...و...دبّيكــة...و...طبّال














المزيد.....

دبكـة...و...دبّيكــة...و...طبّال


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1265 - 2005 / 7 / 24 - 08:57
المحور: كتابات ساخرة
    


لم أشعر في حياتي بالحسرة والخيبة كما أشعر بها حين أرى الناس تدبك ,وتهز من فوق إلى تحت, لا لشيء, لا سمح الله, إلا لأنه الشيء الوحيد الذي لم أستطع أن أتعلمه خلال مسيرة هذا العمر العبثية الحافلة بالمرارات ,والهزائم والانكسارات,والدبكات.ومما زاد في الطنبور نغما هذه الأيام ,إطلاق هذه الملحمة بشكل واسع وكبير لتطاردني , وتذكرني دائما بهزيمتي النكراء أمام جحافل الدباكين , وعدم مقدرتي على اكتساب علوم الدبكة وفنونها,ولم تنفعني أو تسعفني كل العلوم الأكاديمية التي تلقيتها في كسب ود, ورضا,وبركات متعهدي الدبكات والطبّالين الكبار.وكل رأسمال هذا البز نس والتجارة التي تدخلك عالم السلامة والنجاة,هو "شوية "شخلعة ,ووجه باسم صبوح يطلق البسمات ,والهتافات ,والمواويل والأغاني ,والأشعار في كل المناسبات.وكان شرطا لازما لحصول المتقدم على أي من الوظائف الإحتكارية السامية ,هو حيازته لشهادة حسن سلوك ودبكة مشفوعة من أحد الطبالين الكبار .والطبال,حسب دائرة المعارف الدبكوية, هو مايسترو الدبكة الذي يتحكم بالإيقاع ,ويضبط سرعة الحركة,ويوجه مسيرة الدبكة حسب الظروف التي يمر بها العرس الوطني العام,وطبعا لا ننسى تحكم المرحلة التاريخية بالموضوع برمته.والقدرة على التناغم مع قارع الطبل , كمعيار لإجادة هذا الفن الراقي ,وقدرة خارقة على الاستجابة مع الإيقاعات العجيبة.

وكان اتقان الدبكة وحضور المسيرات ,والعراضات الشعبية في المرحلة المصيرية, والأعراس يعتبر جواز مرور دبلوماسي محصن إلى عضوية اللجان,ورئاسة النقابات,وإطلاق الأيادي لإدارة شركات النهب العام,وعضوية الأحزاب الثورية,التي كانت تتناسل كالأرانب في زمن النضال,وزمالة الجامعات,وأمانة المنظمات,ولجان الإشراف,والبعثات,والسفارات,ودخول الوزارات,وفتح أبواب الوظائف الهامة العامة للشفط ,واللهط ,والنهب بدون حساب,و زعل ,وعتاب.وصارت القاعدة الشعبية الذهبية هي كلما أجدت الدبكة كلما كانت لك كعكة ,ووليمة,ودعوة إلى العرس الوطني العام مفتوح الأبواب.وصارت بعض الوظائف الهامة تشترط سلفا الحصول على وثيقة صادرة فرع الطبول والدربكات لإتقان الدبكة.

فالشباب "الدبّيكة" الذين أفنوا سنوات عمرهم في اكتساب فنون الدبكة ,وممارستها في كل مكان ,وأمام الأشاوس من الرفاق ,وكانوا يتشخلعون ,ويتراقصون ,في المسيرات ,والاحتفالات الوطنية المباركة, فتحت أمامهم طاقة القدر السلطوية ,ورصعوا أسماءهم بالألقاب المرعبة,التي لا يحوزها من لا يتقن هذا الكار ,ولو كان الزير سالم خاله ,واينشتاين ابن عمة خالته المرحومة,وابن لادن جاره في قندهار.

فأينما رحلت ونزلت هذه الأيام ,وأي استهبالية فتحت,وأنى حللت,وفي أي سرفيس ركبت,وعلى أي موقف انتظرت,وأمام أية شرفت مررت , فقد نزل عليك غضب الله ,وستسمع هذه الأغنية تصدح ,لتسبب لك الأرق ,والعصاب.وتعود جذور هذا العصاب النفسي من الدبكة بالنسبة لي إلى أيام المجد ,والعز ,والفخار,وانتشار الدبكة الشعبية ,والد باكين المهرة في المسيرات الاحتفالية بالأعياد الوطنية الخالدة التي كانت تمر يوميا بلا انقطاع.ففي كل يوم كان هناك عيد وطني, والحمد لله, ومن واجب الوطني الغيور أن يحيي تلك المناسبات ,ويعبر عما في دفائنه ولواعجه من فرح ,وسرور وانشراح,وإلا فكتبة التقارير من دبيكة البلاغة والكلام ,متربصين ,وبالانتظار.

وحين دعيت أول من أمس أنا والرائعة لينا,أم العيال , المسكينة ,المنكوبة برجل لا يجيد التراقص والشخلعة ,والدبكات,إلى عرس فيه الكثير من الهز ,و"اللز",واللحوم البيضاء,والعياذ بالله,وأنا أتطلع ذات اليمين وذات الشمال خشية أن يراني أحد من الطالبان وأصحاب العباءات ,وكانت بالطبع الدبكة الشعبية ,النجم الأول في كل الحفلات. ولبيت الدعوة لتفريج الهم ,ونسيان الواقع المر,ونشرات الأخبار في قنوات الجنرالات,ومآثر الدباكين ,وفتوحات الطبالين في الساحات العامة,وأمام دوائر المحسوبية والرشوة ,والفساد,وليالي الأوطان الملاح.وكان كل واحد يدبك ,ويسترسل في التشخلع , والتلاعب ,والاهتزاز على أمام الطبال ,وأنا أتلوع من حالة الكساح والعجز التي أنا فيها.وما إن أعلن المطرب عن أغنيته المتفشية في الكراجات ,والمستشرية في الشوارع والحارات , وأعني"دبكة ودبيكة وطبال",حتى انتابتني نوبة العصاب القاتل مرة أخرى وذكرتني بفشلي الذريع في تعلم أصول الدبكة ,أو حتى التعرف ,يوما ما على دبيك واحد أو أحد الطبالين الأبرار ,وحملة الدربكات,فمن لايجيد الدبكة ,والتناغم والحركة على إيقاعات الطبالين فلا "خبزة" له ,ولا مكان له في عالم الطبول والدبكات,والفرقعات ,وشخلعة الوسط والأرداف , ولملمت نفسي مع رفيقة العمرأنا أردد قول "ابن نعيسة" في موقعة الدبكة الغراء الشهيرة التي اندحر فيها أمام الطبالين:

تدبّك ,يافتى ,ففي التدبّيك خمس فوائد تكديس قرش وانتهاز وظيفة,وارتقاء معالي,وانبطاح,و"تبروظ" أمام الرفاق.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حـروب الـردة الفكـرية
- ملـوك غير متوجيـن
- طلب انتسـاب لحزب المعارضة
- حروب الأشـرار
- عهـود الأمان,ومجيرو أم عامـر
- شعبولات الأعــراب الجدد
- مسلسل اللوائح الأمنية
- طواحين أبي مطر الانترنتية
- ثقافة التخوين والإبادة الفكرية
- اللعبــة مستمـرة
- الإستقواء بالداخل على الخارج والخوارج
- ملـوك الطوائـف
- نحو خيـار علمـاني
- متاهات الإستبــداد
- كيف تغيب قروناً في كهوف الزمان؟
- سيناريـو الفصـل الأخيـر
- داحـس والغبــراء
- المستجيرون من الرمضاء بالنار
- مبروك عليكم أيها السوريون
- حين تقبع الكرامة في سراويل الطغاة


المزيد.....




- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - دبكـة...و...دبّيكــة...و...طبّال