|
بهلوان المفردات - محمد
جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4470 - 2014 / 6 / 1 - 14:59
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بهلوان المفردات - محمد عند البحث في كلمات و لغة القرآن يجب ايضا ان نبحث عن علاقة محمد الشخصية باللغة و تأثره بها و ايمانه بقوة الكلمات و كيفية اختيارها. في الحقيقة وجود القرآن نفسه و باسلوبه المعروف لدينا يعكس ميول محمد اللغوية و العابه اللغوية ولعه باستعمال كلمات غريبة على ابناء بلده لاجل ترك انطباع عميق لديهم و احكام سيطرته و تثبيت علاقة هرمية من الاعلى الى الاسفل. لربما اكتشف محمد في فترة مبكرة سحر الكلمات الغريبة و قدرتها على ايصال فكرته قبل رسالته و هذا ايضا يفسر و لو جزئيا وجود هذا العدد الهائل من الدخيل في القرآن.
كان احد الاصدقاء الالمان ينصحني في بداية حياتي في المانيا باستعامل كلمات اجنبية في كلامي لرفع درجة ثقافتي في عيون الناس و هناك اليوم ايضا كتب انجليزية تهتم بهذا الموضوع تحت عنوان how to bluff your way و ان عدد كبير من الكتاب العرب لا يزال يستعمل كلمات غريبة نادرة يصعب فهمها فقط لاجل ترك انطباع لدى الناس لا اكثر و قد اتهم الفيلسوف الالماني الكبير هيغل بانه لاعب اكروباتي acrobat او بهلوان المفردات. كلمة (بهلوان) هي ايرانية الاصل قارن الكردية (پالوان) بمعنى (بطل) و كلمات عربية اخرى مثل (بهلول) و (بهلوي) و (فهلوي) من (پهلوي) بعد تبديل الپاء بالفاء سابقا و اليوم بالباء و بعد انحطاط معناها في العربية.
لقد استطاع محمد اقناع الناس في بداية رسالته بقوة كلماته. هناك اشارات كثيرة في القرآن الى اهتمام محمد باللغة و لا اقصد هنا القافية و اسلوب السجع و الشعر و البلاغة و الى غير ذلك ما يقال عن اسلوب القرآن الاعجازي و الاساطير بل اقصد بهلوانية و العاب محمد على الكلمات و مع الكلمات. لاننا لا نعرف الكثير عن محمد الا من خلال نصوص القرآن نستند هنا فقط على القرآن نفسه و نهمل المصادر الاخرى و تفسيرات العلماء المسلمين.
لم يكن محمد بالتأكيد قواعديا لكي يهتم بقواعد اللغة العربية لان العربية في زمنه لم تكن متطورة و موحدة بالشكل الذي نعرفها اليوم فكيف كان يستطيع ان يحدد ما هو الصح و ماهو الخطأ اضافة الى ان اللغة لا تعرف الصح و الخطأ بل تقر قواعد الاكثرية لانها ديموقراطية ديناميكية بطبيعتها لا تخضع لدكتاتورية الاقلية فمثلا ما كان صحيحا في السابق قد يكون خطأ اليوم و ما هو صحيح اليوم يمكن ان يكون خطأ في المستقبل و الا فان اللغة ميتة ثابتة لا تتغير.
لم تكن هناك ايضا لغة رسمية عربية واحدة لكل العرب توحد اللهجات العربية و يرجع فضل وجود لغة عربية رسمية واحدة بالتأكيد بشكل كبير الى القرآن. عادة ما ترتفع لهجة من اللهجات الى مقام الرسمية نتيجة لعوامل القوة سواء كانت دينية او ثقافية او ادبية او السيطرة العسكرية السياسية و غيرها كما نجده في انجلترا بتبني لهجة العائلة المالكة RP او انجليزية الملكة / الملك كلغة رسمية للبلد و سيطرة سورانية سليمانية الثقافية على عرش الرسمية الكردية على الاقل في جنوب كردستان رغم مكانة اربيل البارزة. و اليوم نشهد في جميع اللغات تمرد العامية على دكتاتورية الرسمية و التي ستكون عنوان لمقال خاص بها.
يذكر الاستاذ Arthur Jeffery استاذ اللغات السامية بان محمد كان له ميل و ولع بكلمات ذات اصوات غريبة و كان يحب ان يفاجأ و يحير جمهوره بكلمات جديدة رغم انه غالبا لم يفهم معناها بشكل صحيح بنفسه كما في كلمات مثل (الفرقان) و (السكينة) و احيانا كان يقوم بنفسه بصياغة كلمات جديدة مثل (غساق) و (تسنيم) و (سلسبيل).
هناك أيات كثيرة في القرآن تؤكد ما ذهب اليه الاستاذ المذكور. لاحظ على سبيل المثال كيف يلعب محمد مع الليل: يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه... و الضحى و الليل اذا سجى.... و الشمس و ضحاها و القمر اذا تلاها و النهار اذا جلاها و الليل اذا يغشاها.... يهتم محمد بجميع فترات اليوم الواحد و تقسيماتها من الضحى و النهار و الغداء و العصر ( و العصر ان الانسان لفي خسر) و الليل. في الحقيقة يلعب محمد مع الزمن و يمكن فهم ليلة القدر من هذا المنظار.
يلعب القرآن ايضا مع ظاهرة المفردات التي تأتي ازواجا و التي تسمى بالانجليزية بـ binomials كالليل و النهار و الشمس و القمر و العسر و اليسر الخ.. الى ان فقد محمد ولعه باللغة في السور المدنية الاخيرة عندما تطور الاسلام و زادت مشاكله و مسؤولياته و قل وقته للاهتمام بمفردات اللغة و اصبحت لغته عادية طويلة النفس و مملة. www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغرفة العربية في الفندق اليوناني
-
رائحة بول البعير
-
ما هي الحياة؟
-
ربنا لا تعفو عنا
-
يصبغها ليقف حافيا
-
هل هناك حق على الكسل؟
-
لغة البيع و الشراء بالجملة
-
من الاهل الى برج العرب
-
تسلسل العاطفة - اللغة - الفكر
-
الشخصية و اللاشخصية
-
اللغة المركزة و معجون الطماطة
-
بزر نستلة
-
بطريق في الصحراء
-
اللقيط و السؤال التافه
-
نفس الشيء
-
لماذ هذا التصنيف؟
-
من الام الى الولادة الى التجميل
-
اللذة في الاحتقار
-
حلق لحى اتباع السنة الهجرية
-
اصل الطاغية العربية
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|