أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - الذات في خطاب الشكل الشعري المعاصر ... قراءة في النص الشعري المطول ( لأناملها وشاية الينابيع ) للشاعر عماد العبيدي















المزيد.....

الذات في خطاب الشكل الشعري المعاصر ... قراءة في النص الشعري المطول ( لأناملها وشاية الينابيع ) للشاعر عماد العبيدي


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 4470 - 2014 / 6 / 1 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


في مجموعته الشعرية ( لأناملها وشاية الينابيع ) يعمد الشاعر عماد العبيدي الى مجاوزة لحظات الانفعال لاستبدالها بلحظات الحدس عن طريق محاولة التحرر من الاشكال التقليدية للبناء الى اشكال مجترحة اكثر تحررا ، وهو في مسعاه هذا بعيد عن الانفلات او الفوضى التي يؤاخذ عليها عدد من الشعراء الشباب ، اذ جعل الشاعر العبيدي من بحر المتدارك الذي يقوم بناؤه على التفعيلة ( فاعلن ) ركيزة لبناء قصائده مع الافادة من الامكانات التي تنتجها هذه الوحدة الوزنية ومنها تحولها الى ( فعلن ) ، فالقصائد في هذه المجموعة مزيج من هاتين الوحدتين او مزيج من المتدارك و الخبب فضلا على ان الشاعر عمد ايضا الى استثمار عدد من التقنيات الكتابية التي وظفها بشكل موفق في نصوصه مثل : الاقواس وترك البياضات ، والتقطيع ، والجمل المعترضة ، وغيرها ، واذا اخذنا بنظر الاعتبار التاريخ التي كتبت فيه نصوص المجموعة الواقع بين عامي 1992 و 1993 نجد انها كتبت في فترة مبكرة من حياة الشاعر الادبية وبذلك فإنها يمكن ان تعد اشارة واضحة الى محاولات ريادية جادة في الخوض بهذا النوع من الاشتغال الشعري وبالعودة الى العنوان الفرعي للمجموعة ذاتها الذي وسمه الشاعر بـ ( مطولة شعرية في وسومات سبعة ( قصيدة ديوان )) يمكن للقارئ ان يضع يده على اهم مفاتيح المجموعة ، لاسيما وان العنوان يمثل عتبة الدخول الى مجاهيل النص ثم ان المجموعة بأكملها تعدُّ نصا مطولا ذي نفس ملحمي مقسمة على وسومات سبعة ، ولفهم مقصد الشاعر من مفردة (الوسم ) لابد ان يدرك القارئ ان الوسم في اللغة من الفعل ( وسم ) ويراد منه عدة معان ، اهما : العلامة فيقال :وسمه بمعنى ترك فيه علامة او اثرا ، ومنها ايضا : ان الوسامة الحسن والجمال ، ومنها : وسم الموسم بمعنى شهده , ومنها ان : الوسم هو السمة التي تميز الاشياء عن بعضها البعض وهذا التعدد الدلالي لمفردة ( الوسم ) زاده الشاعر عماد العبيدي اتساعا بتوظيفه للمفردة بطريقة ربما اضافت للمعاني السابقة معنى اخر مستخلصا منها ويشي بدلالة فارقة يمكن وضع اليد عليها بقراءة كل وسم على حدة ، ولو ان الجامع بين تلك الوسومات ظاهر بجلاء .
مما تقدم نجد ان الشاعر العبيدي نوَع الشكل الشعري بدءا من العتبات النصية او ثريا النص عبر منافذ التعبير ليخلق لنا خطابا يحمل بصمته التي انفرد بها دون سائر معاصريه , ففي الوسم الاول نجد ان هذا التنوع شحن النص بطاقة توتر مستمر الى الحد الذي قد لا يجد القارئ معه أي عفوية فالشاعر العبيدي مختص في الغة عربية ويحمل الماجستير في الادب ولذلك فهو حاذق بإدارة دقة التعبير و الصنعة معا .
يبدا الوسم الاول بالعنوان : ( صداي ولا اقول غير الجليد ) فمنذ الوهلة الاولى نحن امام هوية النص ، فالعنوان يدلنا على ان النص صدى لذات الشاعر ، ليس فيه برود او تغافل ، هو قصدية واعية بل هو تجربة يشتعل اوراها بتعاقب الكلمات على سطح الورقة :
مثل غصنٍ
تدلى على كفها المستحيلُ
فما صدت الايامَ
كما نازعتها الحقولُ
ان تجاوز الانفعال اللحظي في هذا النص يعني المحاولة لتأسيس الذات ، و الدليل الشكلي على ذلك هو الاتكاء على ضمير المتكلم الذي يتكرر مرارا :
يطالع رساميه زقاقي
الشوارع حتف فراغي – ارصفتي لِمَ شائكة – اعتقتني الاحجارُ رجعا واسمو - هل شافهتني سماواتها الممسوحة بالنجمات – ارتقي نظرة نحو عينيها – بسمةً – ادهشت رغباتي ....... لم افق ان : ما الرعد الا قصات الغيمات ....
وتتوالى الضمائر بشكل لا يدع مجالا للشك في ان الشاعر العبيدي يحاول من خلال ذلك استبطان الدلالات المنسبة والمكبوتة في مغامرة محسوبة لا وجود للتوقعات العشوائية فيها ، ويعزز ما نذهب اليه استثمار الشاعر للحوار بشكلية الخارجي و الداخلي ( المنولوج ) من اجل ترسيخ وجود الانا الشعرية ، يكتب العبيدي هذه الحوارية :
- البر [ د
ضَّحكَ خطواتنا
(( خطوة اخرى
وامرر صوت القلب
على شفتي ))
....... اتحبُّ المطر ؟
(( ارتخاء بجنفيها
وبعينيَّ
ستر الغشاوة
يمنحني هزة
حيرة )) ]
فهذا الانشغال الواضح بميكانزمات الصنعة الشعرية وتقنياتها بدءا من شارحة البداية ومرورا بالأقواس بنوعيها وترك الفراغ ، والتداخل الحواري بين الداخلي والخارجي
علامة واضحة على ميل الشاعر بقصدية لاستنطاق الايحاءات الكامنة في جسد الكلمات وتقاسيم التشكيل الصوري معا .
وفي الوسم الثاني نجد العنوان : ( ترتيبات خارجة عني ) يرتبط بعرى وثيقة بانثيالات النص من الداخل ، فنلاحظ اولا ان الشاعر مازال في نصه هذا كما في نصه الاول يشتغل على محايثة الانا من خلال الاعلاء الذاتي ، فإن تراكيب مثل : ( عثرتُ ، ضيعتُ ، اصبح ، مرتعي ، راسي ، احزم ، لو تعطيني ، لم اتهدج ، افترش ، اخبرها ، هذا جفاف بيني وبيني ، لهاثي ، هتافي ، افتدي ، ادّعي ، اعلنتني ... ) وغيرها من التراكيب التي يضج بها النص المذكور لهي دليل ظاهر على انها تعابير لم تلد من ذاتها ، بل هي مكونات لتركيبة ذاتية تحاول الالتئام بالشعر من خلال مغامرات الافصاح و الكشف ، ثم ان الشاعر يعضد ذلك بالاتكاء على تقنية كتابية اخرى تتمثل في استعماله العلامة الشارحة (-) يقول العبيدي :
صرختُ عليه
- يا ظلي –
قال :
- لستُ بظلك
انظر
انا حلمك –
قلت :
- يا حلمي –
قال :
- لست بحلمك
انظر
انا ظلك –
قلتُ
- يا .........
وكأني اراه
مثل زجاج
تكسر حولي
قلت الملمه
ما كان
سوى الفجر يهز ابي
فهذه الطريقة بالتعبير بالشعر تلغي المسافة الانطلوجية بين الشكل و المحتوى ، فالحوار لا يعني حواراً بين ذات واخرى بقدر ما يعني حوارا بين جزيئيات الذات المنشطرة التي تحاول العودة الى منبع النقاء من خلال الشعر وحده .
وفي الوسم ( النص )الثالث الذي عنونه العبيدي بـ ( حين يجري في مزرعة الاجراس) يعمد الشاعر منذ السطور الاولى الى المشهدية ليخلق مناخات صورية تنفتح على اكثر من معنى ، يقول الشاعر :
في باص بكر
يرنو جلوسي مبتسماً
- كيف حال النهر ؟
اما عاد
يوهم امطارك بالانفلات
- يا صديقي
دعني
ويستمر الشاعر بهذه الحوارية على طول النص في مسعىً موفق يؤكد الانعتاق من اسر القار والانفتاح على عوالم المختلف وهو بذلك لا يني يذكرنا بان الذات ما زالت تطفو على سطح الحدث الشعري .
وفي الوسم الرابع المعنون ( اضع القرابين على ضفة النهر ) ينقلنا الشاعر الى مديات التأثير البصري عبر النقاط و الفراغات التي زرعها على جسد الورقة ، تأمل قوله :
- لنسفَّ الحديث .....
- ...................
- .................
- .....................
- ...... كفى .......
- ....... من اول مقصلة ؟ !
- .................
ريثما
كلا ..........
اقتفي الالواح
بصدري
وتتكرر الالية في اكثر من موضع في النص ذاته مما يؤكد حقيقة : ان الفراغ اذا كان ذا منحى ذاتي في بداية وضعه فانه اثناء التلقي يصبح خاصية جماعية ، مما يتيح ملؤه بما تشاء الذات المتلقية ، لكن الشاعر حينما يتوج صفحته بهذهِ النقاط الفارغة ، انما يرجع كفة الغياب على الحضور ظنا منه ان ما يقال ليس الا امشاج كلام ، انما الذي لا يقال يعد مكونا اساسيا من مكونات القول على الرغم من تملصه المستمر ، وتفلته المراوغ من قبضة المعنى
وفي الوسم ( النص ) الخامس المعنون : ( الذي تناثر من رقصة الحجر ) ، ينحو الشاعر على طول النص الى التركيز على الكتابة بالكلمات دون الاعتماد على العلامات الاخرى او التقنيات التي استخدمها في وسوماته السابقة ، لذلك ليس من المستغرب ان نجد ان للعبارة بشكلها التقريري طغيانا واضحا في هذا الوسم ، وللتدليل على ذلك نذكر هذه الاسطر :
ابتكار الافول مراد / ان الفؤاد ثريا الشواطئ / لم اكن صخرة غرقت بالنقوش / لا يخرج النبع من مهجتي / قلاع النرجس حصنتها بالفرشات فانفضحت / ما زلت اندي فضاءاتي اثمارا / عذرا ان عرفت مصبات تيهي ........
و لابد من القول بان ابتعاد الشاعر في هذا الوسم عن طرق التشكيل النصي السابقة ربما يعود الى رغبته في مواجهة الذات دون أي انزياحات او تكسرات ، وكأن هذا الوسم يمثل لحظة انتباه في خضم الحلم الذي نسج فيه نصه ولعل راينا هذا اقرب من أي تفسير اخر ، ودليلنا على ما نقول ان الشاعر في الوسم السادس ( توهج يزيل عن وجهه الغبار ) سرعان ما عاد الى استثمار طرق التشكيل التي الفها لاسيما الحوارية التي امتدت على طول النص ( الوسم ) و الكتابة في منتصف الصفحة ، وترك الفراغات مما يدل بوضوح ان هذا النص يمثل حاجة مقصودة للإحاطة بالشكل و اللغة والمعنى مجتمعة من خلال التفاعل بين تمثلات هذه الاركان الثلاثة ، والخروج بتجربة ذاتية متوهجة على الموجودات الاخرى ، فبداية النص المذكور تشي بما نقوله بصراحة :
اتوارى
تخمدني كومة حشد بالارتماءات
و الدروب بفرك عينيه
صنوي باب يتثائب
كيف دخلت ؟
فراح النعاس يغلّق جدران الذكريات
وفي الوسم السابع والاخير من المجموعة المعنون ( انتشر في انهماراتي ) يحاول الشاعر لملمة اشيائه في لغة مضادة فيبدأ النص بصيغة النكرة للدلالة على العموم فيقول :
طرقاتٌ تجوع اقاصيصا / قصوى بالترقب .
لكنه سرعان ما يتدارك الامر ليحاول التماسك من الجديد بالعودة الى التعريف بغية الدخول الى عالم يريد ان يقول انه ربما يكون على معرفة به ، فيقول :
اثاري تاهت خائفة ، و الاقدام خانتها بهرجات الصحو
فالشاعر وان استدل بمفردة ( اثاري ) المعرفة بالإضافة الا انه جعل دلالة الخبر ( الجملة الفعلية تاهت ) تدل على الضياع لكنه ضياع آني ريثما يقوده الى حالة من حالات الامساك بالذات ، يقول العبيدي :
لم اسئ امنياتي / ولا شدني ارتهاني / سوى طينة /علّي اتعملق ثانية / فالثغور تناولني افواها مهداة ...
وهكذا تجد في مجموعة عماد العبيدي ( لأناملها وشاية الينابيع ) سعيا واعيا لتأسيس ذات شعرية تتفيأ بظلال ثقافة ودراية بالتجارب الشعرية السابقة التي يبدو ان العبيدي قد خبرها جيداً ....



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكشف الشعري والنفاذ الى حقائق الاشياء ..... قراءة في نصوص ع ...
- المجاوزة الرؤيوية في الشعر ... قراءة في الاعمال الورقية للدك ...
- مشكلة السوابق واللواحق في ترجمة المصطلح
- ازمة الخطاب الموجه في الفضائيات العراقية
- غياب الإفادة من التطورات الحاسوبية لخدمة اللغة العربية
- المعجم العربي وازمة الدقة المصطلحية
- حلم ... (قصة قصيرة )
- جدل التراث والحداثة في النقد العربي ... ادونيس نموذجا
- في نقد العقل العربي التنظيري
- استقبال البنيوية عند المفكرين العرب ... قراءة في كتاب مشكلة ...
- الحداثة وما بعد الحداثة والتداخل المفاهيمي بينهما .
- الممارسة النقدية العربية ومشكلة التنظير
- من البحث عن النقد الى البحث عن الهوية المنهجية
- النقد والآيديولوجيا ... في النقد العربي المعاصر
- قراءة في كتاب نظرية البنائية في النقد الادبي
- في مصطلح الاجراء النقدي
- على حافة الحرف (نص)
- ادعاء (نص)
- فوكو بوصفه قارئا
- الحقيقة بين المنطق واللغة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - الذات في خطاب الشكل الشعري المعاصر ... قراءة في النص الشعري المطول ( لأناملها وشاية الينابيع ) للشاعر عماد العبيدي