أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هوشنك بروكا - الإسلام فضاء عروبي فصيح , ليس للأعجمي فيه محل من الإعراب - الكرد نموذجاً















المزيد.....



الإسلام فضاء عروبي فصيح , ليس للأعجمي فيه محل من الإعراب - الكرد نموذجاً


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 326 - 2002 / 12 / 3 - 01:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإسلام فضاء عروبي فصيح , ليس للأعجمي
فيه محل من الإعراب
( الكرد نموذجاً )*


 


هكذا بلا خطوط حمراء ,
أو حدود ,
أو عويل خفارات ,
تشطرني إلى " ما قبل " و " ما بعد " ,
أو إلى " لا قبل " و " ما بعد فقط " ,
هكذا مختلفاً ,
عالياً , ْ
أخضراً ,
فسيحاً ,
أختصر دمي إلى جهة الأكيد ,
وإليه …
إلى صلاح الدين , مرتين ,
فاتحاً ,
ومفتوحاً ,
في غيابه الكردي العميق ,
العميق جداً …
كما أراد الله , له
 أن يكون ,
فكان!!!
فاتحة
إن الدين  الذي يؤمن به شعب بأكمله , بكل قبائله وعشائره , وفي جميع المناطق التي يقيم عليها هذا الشعب أو ذلك الدين الذي تؤمن به شعوب متعددة التركيب العرقي ومناطق الانتشار الجغرافي , هو ظاهرة جديدة في تاريخ الدين والحضارة . فالأصل في الدين معتقد بسيط تتركز حوله مجموعة من الطقوس والأساطير الخاصة بجماعة معينة من الناس ( عشيرة أو قبيلة , أو شريحة اجتماعية ) . مثل هذا الشكل المحدود للحياة الدينية يدعى عادة بالعبادة (= cult ) . ويتطابق مفهوم الدين مع مفهوم العبادة لدى جماعة صغيرة شبه منعزلة , فإذا اجتمع لشعب من الشعوب عدد من العبادات المتقاربة , التي يختص كل منها بجماعة من جماعاته , أسمينا شكل الحياة الدينية هنا ديناً , وأسمينا الشكل الفرعي عبادةً .
فالدين والحالة هذه إذن , يشغل حيز " الفوق " من الجماعة , أي هو وعيها وذاكرتها الجمعية بامتياز . هو "الفوق الجمعي " المركون إلى " تحت الجماعة " المؤطرّ برباط عصبوي , " جماعوي " , ومصلحي محكم . والدين على مستوى الجماعة الكبيرة ( الأمة ) ينتمي إلى البنية العليا من الكل المجتمعي , وهو بالتالي الفوق الأيديولوجي المؤسّس والمنظّر ألوهياً , لضمان وطمأنة مصالح الأمة .
من هنا اختلفت سيماء الآلهة باختلاف الجماعات البشرية على امتداد الجغرافيا والتاريخ أو المكان والزمان , فكان لكل جماعة ( صغيرة أو كبيرة ) دينها , كما كان لكل دين أو اعتقاد  جماعته . "كلّ خلق إلهه على صورته" .
تأسيساً على ما سبق , فأن الظاهرة الدينية تسطو مجتمعياً باعتبارها تبدياً جماعوياً , قوموياً أو أمَّوياً محضاً , كما سطا الله ولا يزال باعتباره حضوراً أتا _ قومياً .
الأمر الذي أدى إلى بروز الإله القومي كفكرة محورية على طول الأديان والعبادات والحضارات وعرضها , حتى غدا الحضور الإلهي في مجمل تفصيلاته وتفرعاته وإمتداداته , حضوراً قوموياً وعصبوياً راجحاً في النسق العام للمعتقدات والممارسات الطقوسية للقوم الذين تجمعهم جماعة معنوية واحدة .
كانت العبادة في مراحلها البدئية كوناً دينياً طقوسياً , يمارس فيه العابدون , على المستويين الفرداني والجمعي , مجمل ممارساتهم وعوائدهم وطقوسهم الحياتية , بغرض العبور قداسوياً إلى الكون الآخر , أي كون آلهتهم , فكانت العبادة بالتالي , عملياً , اتحاداً أو تماهياً قداسوياً جميلاً بين كونين : كون الإنسان وكون الله أو بين الناسوت واللاهوت .
أما مؤسسة العبادة فتتميز بالمرونة والتسامح , فإلى جانب الإله الرئيسي الذي اختار الفرد تعظيمه والدخول في عبادته , فأنه يقوم في الوقت نفسه بتبجيل آلهة أخرى والمشاركة أحياناً في طقوسها , وهو عندما يرحل من مكان إلى آخر فأنه يقوم بتقديم الفروض الدينية لآلهة الجماعات التي يحل بينها , وحتى لآلهة الأقوام البعيدة والغريبة عن قومه , مؤمناً بأن كل العبادات تملك من الحقيقة والمشروعية ما لعبادته وعبادات قومه .
وكان إنسان الحضارات القديمة حراً في التنقل بين العبادات المختلفة , فيترك عبادة إلهٍ ما للالتحاق بعبادة إلهٍ آخر , لا يمنعه عن ذلك عرف ديني أو اجتماعي , ولربما بلغ به الأمر ترك دين قومه والالتحاق بعبادة قومٍ أجنبي , كما كان للجنود الذين يقضون زمناً طويلاً في المناطق النائية ثم يعودون ومعهم آلهة الشعوب الأجنبية التي عاشوا بينها  .
إن العبادات البدائية رغم اختلافها وتباينها وتعددها , كانت تعيش حالةً من الحرية والمرونة الاعتقادية , على مستوى الفرد والجماعة , كما كان الحراك الاعتقادي _ الإيماني على المستوى العبادوي للجماعة , ممكناً من ممكنات العبادة وممارسات الفعل التعبدي , لا تابوهاً من تابوهاتها .
والأساطير القديمة ( في منظومة العبادات البدائية ) كانت _ حسب روبرتسون سميث       W.R.Smith _بمثابة الإعتقاد الديني , لأن التراث المقدس كان يتخذ شكلاً قصصياً يدور حول الألهة , ويقوم في الوقت ذاته بتفسير الأفكار الدينية وتوضيحها بشكل أبسط , لكنها لم تتخذ صفة الإلزام , فخضعت لحرية الإنسان مما جعلها عرضة للتغير من قبل كافة القوى التي يمكن الاستفادة منها .
والحال لم تؤسس مؤسسة العبادة في مراحلها الأولى لرابطة جبرية , قسرية أو لحزب ينضوي تحت لوائه " عابدون تحت الطلب " , وإنما أسست لرابطة كونية , اختيارية , مشيئية , تسود فيها علاقة عبادوية , حرة بين العابد والمعبود .
أما التارك لدينه القديم ( عبادته ) , فلم يكن يُحتسب بمنظور الإخوان في دينه السابق , مرتداً يستحق العقاب والجزاء . فلا الداخل كان ضيفاً ثقيل الظل والدم على دينه الجديد , ولا هذا الأخير كان له عزلةً ومنفىً .
إذن الكلّ كانوا يعبدون أو يُعبدون مختلفين أو متشاكلين .
وبقدر ما أسست المنظومة العبادوية البدائية لعلاقةٍ " إيمانوية " حرة بين العابد ومعبوده , فإنها أسست بالقدر ذاته لتعالق حر بين المعبودات والآلهة ذاتها .
ويستطيع المرء قراءة سيماء هذه الحرية في علاقات المدن الرافدينية مع بعضها البعض ,كأعرق وأقدم نموذج لحضارات المدن , عرفتها البشرية حتى الآن , والتي اختزلت علاقاتها في علاقات الآلهة الحامية التي كانت تمثلها , وكان كل إله يسعى لكي تزدهر مدينته ويزداد تألقها . وفي ذلك الوقت , كانت علاقات المدن والتبادل فيما بينها , يتم بكل بساطة عن طريق زيارات الولاء والتكريم ووسط احتفالات ومآدب سلمية . ولم تكن الحروب هي التي تقرر المصائر وتفرض السيطرة .
وإذا ما استعرضنا نصوص تلك الفترة ( ... ) فإننا نشهد الإله القمر يغادر مدينته أور محملاً بالهدايا ويتوجه إلى نفّر طالباً من الإله انليل الرخاء لمدينته . وهذا هو الإله أنكي يبني معبده في إريدو ويتوجه إلى نفّر لتلقي بركة إنليل . أما الآلهة إنانا فهي بدورها تغادر مدينتها أوروك لتزور أنكي في إريدو ولتعود بعد ذلك بسفينتها المملوءة بأسس الحضارة لمدينتها أوروك . والإله ننورتا ( ابن إنليل ) يزور مدينة إريدو مقدما ولاءه لأنكي , تيمنا بالرخاء والكثرة في مدينته . 
وقد بقي دين القوم بمثابة رابطة عامة تجمع أهل الثقافة الواحدة , دون أن تكون له الأولوية على العبادات المحلية , إلى أن شهد تاريخ الدين ظاهرة جديدة كل الجدة هي ظاهرة الديانات الشمولية . والدين الشمولي هو في منشئه عبادة كغيرها من العبادات , ولكن هذه العبادة الجديدة الناشئة لا تقنع بوضعها المحدود ضمن الصورة العامة لدين القوم , وإنما تأخذ بفرض نفسها على بقية العبادات في حركة دائمة طموحة هدفها إحلال نفسها ديناً للقوم , والاستيلاء على الحياة الدينية للثقافة التي تنتمي إليها , بل وإلى تعميم تجربتها الروحية على الثقافات الأخرى , متجاوزةً في ذلك كل الحواجز السياسية والإقليمية والجغرافية من أي نوع .
فالإستيلائية  , والإستعلائية  , والعنفية  , والغزواتية . هي سمات رافقت الظاهرة الدينية بتحولها إلى قدر إلهي شمولي لامناص منه .
إن اكتساب بعض الديانات العالمية صفة الشمولية ونجاحها الظاهري والنسبي في شملنة بعض أرجاء الله , على تعدديتها واختلافيتها , ثقافياً وحضارياً , وتأطيرها بالتالي في كيانات سماواتية ألوهية لا أول لها ولا آخر ,لايعني قط أن هذا الكلّ السماواتي الذي كُتب له الشمول , حسبما أراد له إله أوحد , قد انتصر لمصلحة الكلّ المختلف , بقدر ما انتُهك ذاك الكلّ لمصلحة الشبق الشمولي لجزء كتب على باب معبده أو بيت إلهه " لاقبل ولابعد , أنا وبسْ ! ".
سماواتياً , كل الأديان والعبادات , صغيرةً كانت أم كبيرةً , وثنيةً , طوطميةً , شامانيةً كانت أم وحدانيةً , إيجابيةً , سلبيةً كانت أم إيجا _ سلبية  , هي " صحيحة " و"صادقة "و"كلية القدرة ", لأنها بلا استثناء تؤسس لفعل عبادوي "ممتاز "و"متفوق ", أساسه روح إلهٍ , أو ظل إلهٍ , أو وقع إلهٍ " صحيحٍ " , و"صادقٍ "و " كليُّ القدرة ". 
أما أرضياً , ففي الوقت الذي يكون فيه الكل الديني والعبادوي , أي كل الديانات والعبادات على امتداد الآلهة والبشر , " صادقةً " و " صحيحةً " و " كلية القدرة " , فأن الجزء منه , أي كلّ دين ( أو عبادة ) على حدا , سيكون ( ستكون ) " بعض الشيء صحيح " و" بعض الشيء صادق " و " بعض الشيء كليُّ القدرة ".
فما يصح في دينٍ ( أو عبادةٍ ) ما , قد لا يصح في دينٍ آخر , أو يكون نصف صحيح .
الإسلام انموذج فذّ في هذا المضمار . هو دين اتخذ من الشمولية سياسةً وإيديولوجيةً لتوسيع حدود دولة الله / الرحمن الرحيم , الواحدية بلا منازع.إلا أن هذه الشمولية على مستوى الخطاب الإسلامي بمرجعياته الرئيسية ( قرآن , حديث ) , ليست شمولية تعددية بمعناها الكلوبالي المتعدد , المختلف والمتآلف في آن واحد , ثقافياً وحضارياً , وإنما هي شمولية واحدية مطلقة , إذا جاز لنا التعبير , هي شمولية تسطو عليها ثقافة الله ( الثقافة بمعناها الواحدي ) باعتبارها ثقافة شعبٍ أو أمةٍ اصطفاها الله من بين جميع الأمم  .
هي شمولية عروبية الملامح , في مختلف ظهوراتها ومستوياتها , لأن الكل الإسلامي شرعاً وعلى سنة الله ورسوله يقتضي _ بهذا الشكل أو ذاك _ إلى الكل العروبي مع قليل من البهار . وهي شمولية عصبوية , قوموية أراد لها الله هكذا عروبياً أن تكون فكانت .

الإله القرآني / الله ولسانه العربي المصطفى
الله في الخطاب القرآني هو إله كوسموغوني , كوني , شمولي , ممتاز ومطلق في مستواه الإيجابي ظاهرياً . فهو رب الناس  , وملك الناس , وإله الناس , ورب العالمين , وله ملك السموات والأرض  , ويعلم ما في السموات والأرض  , وهو العليم الحكيم , وواسع عليم , وبكل شيء عليم , ورب العرش العظيم , وهو العليم القدير , والحكيم الخبير , وهو إن أراد لشيء كن فيكون , يخلق ما يشاء , ويهلك ما يشاء , وهو الأول والآخر , والباطن والظاهر , وهو لعلى كل شيء قدير .
بالرغم من هذا الانفتاح الألاوي  على كلّ حدب وصوب , ورغم جبروت الله المتفوق كونياً وبامتياز في خلق ما يشاء كماً ونوعاً , ورغم لا محدوديته وإطلاقيته ولا نهائيته واشتماله للكل الكوني دون استثناء , أرواحاً وجمادات , أرضاً وسموات , كواكب ونجوماً ومجرات , أمماً وشعوباً وجماعات , على اختلافيتها , فإنه ( الله القرآني ) لم يخفِ في تنزيله الكريم انحيازه بل حبّه الصريح لجزئه العزيز على حساب الكل المخلوق والذي أراد له أن يكون هكذا مختلفاً , فكان .
فجاء القرآن الكريم , كما أراد الله له, أن يكون تنزيلاً عربياً مبيناً . لم يكتفِ الله القرآني بتنزيل خطابه على مستوى اللسان , ليعُتقد بأن العربية هي لسان الله وحسب , أي هو اللسان الحياد والصالح لكله الإيماني والإعتقادي المختلف والمتعدد اثنياً وزمكانياً , وإنما أنزله عربياً وأكثر أيضاً . فالله لم يتكلم في تنزيله العزيز , كلاماً عربياً وحسب , وذلك باتخاذ العربية أداةً تواصلية بين الملأ السماوي والملأ الأرضي , وبين العابد والمعبود , وإنما انحاز لكلامه أيضاً , بإنزاله عروبياً وتأليهه للعربية باعتبارها لغة سماواتية , إيمانية , متفوقة وفوقبشرية على امتداد دولة الله والأنبياء .
على المستوى النقدي لا يُؤخذ على الله في خطابه القرآني _ والعياذ به_ انحيازه للسانه العربي المبين والمصطفى , على طول خطابه السماواتي وعرضه , فالتاريخ ( تاريخ الآلهة ) في مستوييه الأرضي والسماواتي , يشهد بأن كل الآلهة , دون استثناء , وعلى امتداد كلامها وخطاباتها , انحازت _ وربما عن سابق إصرار وترصد _ للسانها .
فالكل , أي كل الآلهة من الألف إلى الياء , انحازت ولا تزال , حسبما اقتضت أو تقتضي مصالحها , أرضياً وسماواتياً , إلى ذواتها وأشيائها وناسها وحروفها وأبجدياتها ودولها وحدودها .. الخ . ولا عجب في أن ينحاز الله في تنزيله العزيز أيضاً( القرآن الكريم ) للسانه العربي الرحب , كلسانٍ للتقي والإيمان والدين الصحيح كالصراط المستقيم , أي كلسانٍ لدينه الحنيفي ( الإسلام ) الذي من يبتغ من دونه ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .
في حضرة هكذا لسان "قداسوي" و"أسطوري" واسع , على مستوى المنظور الإسلامي , يباشر الخالق القرآني ( الله ) بخلق آيات عروبية يعتدُّ فيها بلسانه العربي كمنجز أوحد لا شريك له , للصرح الإسلامي وملكوته الإيماني والعبادوي الفذّ .
هكذا عروبياً تكلم الله في تنزيله العزيز :
_ ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يُعلّمه بشرّ لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين .
_ ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون , قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون .
_ فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المُتّقين وتنذر به قوماً لدّاً .
_ تنزيل من الرحمن الرحيم , كتاب فُصّلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون .
_ وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستورع قد فصّلنا الآيات لقوم يفقهون .
_ وقد فصّلنا الآيات لقوم يعلمون .
_ إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يعلمون .
_ ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصّل الآيات لقوم يعلمون .
_ إنا أنزلنا قرآناً عربياً لعلكم تعقلون .
_ وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير .
_ إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون .
_ فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون .
_ وهذا كتاب مُصّدق لساناً عربياً لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين .
_ وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً .
_ لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون .
_ وإنه لتنزيل من رب العالمين , نزل به الروح الأمين , على قلبك لتكون من المنذرين , بلسان عربي مبين .
إتماماً لهذا الخطاب السماواتي العروبي المصطفى , اصطفى الله محمداً العربي على كل الخلق , نذيراً وبشيراً لناسه العروبيين : إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطةً في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم .
أما الرسول العربي محمد فلم يتوانَ هو الآخر في التحزب للسانه العربي والتشيع له باعتباره لساناً إلهياً , كونياً , شمولياً ومتفوقاً _ وهذا حقه بلا أدنى ريب _ حتى تغدو العربية في منظوره , ديناً واعتقاداً قائماً بذاته ولذاته فيصبح كلُّ من "آمن" و"اعتقد" بالعربية لساناً, عربياً فصيحاً .
في حديث له يقول النبي العربي : أيها الناس : إن الرب رب واحد , والأب أب واحد , والدين دين واحد , وإن العربية ليست لأحدكم بأب ولا أم , وإنما هي لسان , فمن تكلم العربية فهو عربي .
أن أية قراءة ( مهما تعددت أشكالها ومستوياتها ) لباطن أو ظاهر هذا النص النبوي , ستكشف لقارئها بأن ذاكرته قد تحركت واشتغلت عروبياً , على مستويين :
الأول , مستوى إئتلافي :
تحاول ذاكرة النص النبوي , المنوه أعلاه , على هذا المستوى , أن تؤسس لعروبة ائتلافية من مختلف مشاربها وولاءاتها القبلية والربوبية , لتقول بذلك لا قريش ولا هُذيل و ولا أزد , ولا هوازن , ولا ربيعة , ولا تميم ولا سعد بعد اليوم وإنما هناك عرب فقط ( ليست العربية لأحدكم بأب ولا أم ) .
وليس هناك عرب كثاريون أو متعددون متشرذمون , بل هناك  عرب واحد , كما ليست هناك عروبية كثاربة مختلفة وإنما هناك عروبية واحدية مؤتلفة , فالكل ( كل العرب ) واحد في واحد , وبواحد , ولواحد , ولأجل واحد ( الرب رب واحد , والأب أب واحد , والدين دين واحد ) .
والنص على هذا المستوى , هو ردُّ حاسم على أولئك الأعراب المختلفين والمتخاصمين في نزول القرآن بلهجة بعض العرب ( قريش مثلاً ) دون غيرهم .
وحتى لا يرتق الخلاف بين العرب من خلاف على لهجوية القرآن إلى حدود الإنكار والشك في نزوله , أجاز الرسول العربي التعددية في قراءة القرآن لأنه أُنزل على سبعة أحرف : روي أنه جاء رجل إلى الرسول , صلى الله عليه وسلم , فقال : أقرأني عبدالله بن مسعود سورة أقرأنيها زيد وأقرأنيها أُبي بن كعب , فاختلفت قراءتهم , فبقراءة أيهم أخذ ؟ قال : فسكت رسول الله , صلى الله عليه وسلم , قال : وعلي إلى جنبه , فقال علي : ليقرأ كل إنسان بما علم كل حسن جميل , وردوا على لسان عمر بن الخطاب قوله : سمعت ابن هشام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله , صلى الله عليه وسلم , فاستمعت لقراءته , فإذا هو يقرؤُها على حروف كثيرة لم يقرؤها رسول الله , صلى الله عليه وسلم , فكدت أساوره في الصلاة , فتصرف حتى سلّم . فلما سلّم , لبيته بردائه , فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها ؟ قال أقرأنيها رسول الله , صلى الله عليه وسلم . فقلت : كذبت , فوالله إن رسول الله , صلى عليه وسلم , لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها . فانطلقت به أقوده إلى رسول الله , صلى الله عليه وسلم , فقلت : يا رسول الله , إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها , وأنت أقرأتني سورة الفرقان ! قال :فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسله يا عمر . اقرأ يا هشام . فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرؤها . فقال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : اقرأ يا عمر . فقرأت القراءة التي أقرأني رسول الله , صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : هكذا أُنزلت . ثم قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف , فاقرؤوا ما تيسر منها .
وحديث الرسول العربي عن التعددية القراءاتية في تناول القرآن وبالتالي انفتاح هذا النص الإعجازي الإلهي على سبع قراءات ( وربما أكثر ) , فهو ( ربما ) مستوحى من كلام الله عن سبع من المثاني , أو من العدد سبعة الذي يرد في مواضع عديدة من القرآن مثل : سبع سماوات ( البقرة /29 ) , وسبع سنابل ( البقرة / 261 ) ,وسبع سنبلات ( يوسف /43 ) , وسبع بقرات ( يوسف / 43 ) , وسبع سنين ( يوسف /47 ) , وسبع شداد ( يوسف/48 ) , والسماوات السبع ( الإسراء/44 وفصلت/12 والملك/3 ) , وسبع ليال( الحاقة/7 ) , وسبعاً شداداً ( النبأ/12 ) , وسبعة أبواب ( الحجر/44 ) , وسبعة أبحر ( لقمان/27 ) , والعدد سبعة هو عدد الأيام التي أتم الله فيها الخلق كله , وعدد أيام الأسبوع , ونحو ذلك !( .. ) وقد ذهب بعض العلماء إلى أن العدد سبعة لا يمثل حقيقة العدد , بل المراد ( هو ) التيسير والتسهيل والسعة  .
فالخطاب النبوي الشريف , على هذا المستوى , هو خطاب وحدوي , توحيدي , وعروبي من الطراز الأول . هو خطاب يُهمّش في طياته , الأطراف العربية المتنابذة , ويهدم فيها بنى المجتمعات العربية القبائلية لصالح مركز عروبي قوي وموحد , لتسبح في أفلاكه كل العروبة من محيطها إلى خليجها .
هو خطاب واحدي الرب ( الرب رب واحد ) , وواحدي النسب ( الأب أب واحد ) , وواحدي الدين والعقيدة ( الدين دين واحد ) وواحدي اللسان ( إنما العربية هي لسان ) .
الثاني , مستوى اختلافي :
تؤسس الذاكرة النبوية في هذا النص , على المستوى الإختلافي , لأمةٍ تجمع أبناءها لغة واحدة , هي أمة العرب , كما تؤسس لعروبةٍ عصبويةٍ , تختلف عن الآخريات من الأمم الأعجميات , بلسانها العربي , الذي ما إن تكلم به أمرؤ , إلا وصار عربياً فصيحاً ( من تكلم العربية فهو عربي ) .
إن ذاكرة القرآن التي أسس لها الله بلسان عربي مبين كما بيّنا فيما مضى , هي التي اقتضت إلى نبّوة عروبية فصيحة كالنبوة المحمدية , لتؤسس بالتالي لنص نبوي عروبي كهذا النص الذي هو بين أيدينا .
وقد جعل الله , عزّ وجل على حد زعم الأزهري _ القرآن المنزل على النبي محمد , صلى الله عليه وسلم ,عربياً , لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم , وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب , في باديتها وقراها العربية وجعل النبي , صلى الله عليه وسلم , عربياً لأنه من صريح العرب .
وبيّن ابن خلدون في مقدمته : إن القرآن نزل بلغة العرب , وعلى أساليب بلاغتهم , فكانوا كلهم يفهمونه , ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه .
إن ورود بعض المفردات والألفاظ والفونيمات الأعجمية في النص القرآني الصريح عربياً , قد دفع بعض العلماء المسلمين , على الطريقة الأعجمية , إلى القول بأن لغة القرآن حبلى بكل لغات الأرض والسماء معاً . ولما لا , وهي لغة الله الواسع العليم , ولغة أهله , وأهل جنته , ولغة آدم , وكل الرسل والملائكة , فوصفوها بأقدم وأعرق اللغات على الإطلاق , وبأم اللغات , وحاضنة اللغات , ولغة اللغات , وكل اللغات .. الخ , وذلك محاولةً منهم لعولمة القرآن وحروفه , ابتغاءً لإسلام مُعولم ,لا لغات فيه , خلا لغة الله , أي العربية , الكلية , الشمولية , والمتأبطة لكل اللغات , من شمال الله إلى جنوبه , ومن مغاربه إلى مشارقه , لغةً أو عقيدةً للدين والدنيا . وقتذاك سيكون الكل قد دخلوا أو أُدخلوا , لافرق , بلغاتهم وحروفهم وأبجدياتهم و.. الخ , إلى حرم العربية الشريف وكعبتها المقدسة , معلنين إسلامهم , بها , كما أرادها الله لساناً له ولهم ولكل المسلمين الآتين .
إن فصاحة القرآن وصراحته , عربياً , وبإنزاله لقرآن عربي مبين , وبتفصيله لآياته تفصيلاً عربياً , وبتصديقه للعربية , لساناً لكتابة , فإن الله عزّ وجل قد كتب لأية قراءةٍ خلا القراءة العربية , لقرآنه الكريم , الموت والهلاك الأكيد .
الإخباريون وكتاب السير والتفسير الإسلاميين أيضاً, ردّوا على كل من زعم أن في القرآن كلاماً أعجمياً , وأن فيه من كل لسان شيئاً, فقيل :
قال أبو جعفر : قد دللنا على صحة القول بما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه , على أن الله جلّ ثناؤه أنزل جميع القرآن بلسان العرب دون غيرها من ألسن سائر أجناس الأمم , وعلى فساد قول من زعم أن منه ما ليس بلسان العرب ولغتها . فنقول الآن : إذا كان ذلك صحيحاً في الدلالة عليه , فبأي ألسن العرب أنزل ؟
أبألسن جميعها أم بألسن بعضها ؟ إذ كانت العرب وإن جمع جميعها اسم إنهم عرب , فهم مختلفو الألسن بالبيان , متباينو المنطق والكلام . وإذ كان ذلك , كذلك , وكان الله جلّ ذكره قد أخبر عباده أنه قد جعل القرآن عربياً , وأنه أنزل بلسان عربي مبين , ثم كان ظاهره محتملاً خصوصاً وعموماً , لم يكن السبيل إلى العلم بما عنى الله تعالى ذكره من خصوصه وعمومه إلا ببيان من جعل إليه بيان القرآن , وهو رسول الله , صلى الله عليه وسلم  .
وعلى اعتبار أنه لا دين عند الله خارج الإسلام , ولا موت صحيح خلا الموت لأجل دين الحق المصطفى , على الطريقة الإسلامية , في داخل الله  , فعليه لا لسان , ولا مكان , ولا زمان , خارج لسان الإسلام المصطفى وزمانه ومكانه , الذي ما شاء له الله ولا أراد له , سوى أن يكون عربياً مبيناً .
إن الخطاب المحمدي ( أو على الأقل المنسوب إليه ) الآنف الذكر , هو خطاب فصيح في طرحه العروبي , وتصحيحه لمسار العقل العربي , وذلك بالارتكاز على اللسان العربي أساساً للعروبة , وحجةً للعقل العربي , الشمولي , المرتجى .
واللسان العربي , وفقاً للمنطق النبوي الشريف , هبة إلهية سماواتية , كرّم الله به أهله المصطفين , وجعلهم خير أمةٍ أُخرجت للناس , حتى كان في تنزيله العزيز , به لهم ذكراً .
الأمر الذي دفع بأهل اللغة العربية وبعض علمائها الذهاب مذاهب سوبرمانية كاريزمية , وإلى خلق نظريات خيالية في منشأ وأصل هذه اللغة "الإلهية" . فمنهم من رأى أن العربية قديمة , وهي ( ... ) أقدم من العرب أنفسهم , فلما كان آدم في الجنة كان لسانه العربية ولما عصى سلبه الله العربية فتكلم بالسريانية , فلما تاب ردّ الله عليه وعلى بعض أحفاده العربية .
( وقالوا ) أن اللسان الأول الذي نزل به آدم الجنة كان عربياً , فلما بعد العهد وطال , حرّف وصار سريانياً , وكان يشاكل اللسان العربي , إلا أنه محرّف , وهو كان لسان جميع من في سفينة نوح إلا رجلاً واحداً يقال له "جرهم" , فكان لسانه لسان العرب الأول , فلما خرجوا من السفينة تزوج "إرم بن سام" بعض بناته , فمنهم صار اللسان العربي في ولده "عوْض أبي عاد" و"عبيل" , و"جاثر أبي ثمود" و"جديس" , وسميت عاد باسم "جرهم" , لأنه كان جدهم من الأم , وبقي اللسان السرياني في ولد "أرفخشذ بن سام" , إلى أن وصل إلى "يشجب بن قحطان" من ذريته وكان باليمن , فنزل هناك بنو إسماعيل , فتعلم منهم بنو قحطان اللسان العربي .
وذهب قوم من العلماء إلى أن لغة العرب , هي أول اللغات , وكل لغة سواها حدثت بعدها إما توفيقاً أو اصطلاحاً , واستدلوا بأن القرآن كلام الله عربيّ , وهو دليل على أن لغة العرب أسبق اللغات  .
ومنهم من قال : لغة العرب نوعان :
أحدهما : عربية حمبر , وهي التي تكلموا بها من عهد هود ومن قبله , وكانت قبل إسماعيل .
والثانية : العربية المحضة التي نزل بها القرآن , وأول من أنطق لسانه بها إسماعيل , فعلى هذا القول يكون توقيف إسماعيل على العربية المحضة يحتمل أمرين :
إما أن يكون اصطلاحاً بينه وبين جرهم النازلين عليه بمكة , وإما أن يكون توقيفاً من الله .
وذكر أن عمر بن الخطاب , قال للرسول : يا رسول الله , ما لك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا ؟ قال رسول الله : كانت لغة بني إسماعيل قد درست فجاء بها جبريل عليه السلام فحفظنيها , فحفظتها  .
أما الجاحظ فكان يرى بأن اللغة العربية تفوق لغات الأمم كلها , وأن العرب " معدن الفصاحة التامة " وأن الفصاحة ليست في مجرد الإفهام , فقد يتم الإفهام بكلام غير فصيح , وإنما هي الإفهام على مجرى كلام الفصحاء من العرب  .
إن العربية كمصنوع إلهي ممتاز , في المكتوب أو المنطوق المحمدي ( النص الآنف الذكر نموذجاً ) , هي أوسع من أن تكون مجرد لسان أو أداة للتواصل والتفاهم فيما بين أهلها وحسب , وإنما هي , علاوة على ذلك سلطان عروبي , يحكم بأمر الله تعالى وإرادته  , ويجعل كلُّ من استظل بظله , عربياً فصيحاً , على سنة الله ورسوله الأمين ( من تكلم العربية , فهو عربي ) .
وما يستوقفنا في هذا النص النبوي الشريف , هو إسقاط الرسول العربي , صفة الانتماء الريوبي المتعدد , والنسب العشائري والقبلي , الضيق والمغلق عن اللغة العربية ( ليست العربية لأحدكم بأب ولا أم ) , وثم إكسابه إياها صفة العروبية الشمولية , بجعلها لساناً كونياً , صالحاً , لمرتادي كل زمان ومكان , وبالتالي منحه إياها إمكانية وشرعية فتحها لكل خلق الله والامتداد فيهم , ليصبح كلّ مفتوح تكلمّ بها, عربياً .
اللافت للنظر هو أن حضور الأمة بمفهومها الإسلامي , الذي اعتدنا على سماعها من أقطاب الفكر الإسلامي وعلى قراءة ملامحها في بطون الكتب الإسلامية , كأمة شمولية من طراز فريد , لا فوق فيها ولاتحت , ولا حدود ( قومية , مذهبية , قبلية , عصبوية ..الخ ) , فيها لزيد ولا لعبيد , وإنما حدودها هي حيث تبدأ ولا تنتهي حدود الله  , هو حضور غائب ومختزل في الحضور العروبي لغوياً ( العربية ) وإناسياً ( عربي ) .
إن في كلام الرسول العربي ( كل من تكلم العربية , فهو عربي ) عمق عروبي , شمولي , فصيح . فالعربي في المعاجم العربية ( راجع مثلاً المعجم الوسيط , ج2 ص591 ) هو المنسوب إلى العرب , والعرب أمة من الناس , سامية الأصل , كان منشؤها شبه جزيرة العرب . كذا يقال : لسان عربي , ولغة عربية , هذا من جهة , ومن جهة أخرى , فأنه لغوياً , وعلى المستوى المعجمي تحديداً , هناك فرق كبير بين العربي ( المنسوب إلى العرب ) الذي يتكلم العربية , باعتبارها لغته الأم , والعرباني الذي يتكلم العربية وهو ليس عربياً ( أعجمي ) ( المعجم الوسيط , ص591 ). أما على مستوى الوعي النبوي , فلا يعقل أن يكون الفطن لذاك البون الشاسع , بين العربي والعرباني _ كما أسلفنا _ قد سقط عن ذهن الرسول العربي الكريم أو غاب عنه .
فالرسول محمد وفقاً لسنته الشريفة كان أفصح العرب , فخصّه الله بالرسالة منزلاً عليه القرآن الكريم بلسان عربي مبين . حيث قيل : قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : أنا أفصح العرب , بيد إني من قريش , وإني نشأت في بني سعد , أو أنا أفصح من نطق بالضاد , بيد إني من قريش .
إذن أن الرب في الإسلام واحد , والقرآن واحد , والرسالة واحدة , والدعوة واحدة , والإيمان واحد , والدين واحد , والرسول واحد , وكلّ ذلك محكوم بلسان واحد وهو اللسان العربي المصطفى .
بهذا يكون الإسلام الصحيح هو العروبة الصحيحة . والمؤمن السوي إسلامياً سيقتضي إلى مؤمن سوي عروبياً .
والمعجزة القومية الكبرى التي قدمتها الدعوة الإسلامية إلى العرب , تتمثل في إعلان أن رب الأديان الكبرى المحيطة بالجزيرة , هو رب واحد , هو رب العالمين , وإن هذا الرب قد اختار محمداً العربي , وإنه تكلم إليه بالعربية , ليسحب بذلك الامتياز الذي كان قاصراً حتى ذلك الوقت على اليهود والمسيحيين ليمنحه للعرب المسلمين  .
هكذا عربياً اصطفى الله الإسلام للأعراب ديناً وأكمله لهم , في لسان عربي مبين , وقرآن عربي غير ذي عوج , ونبيّ عربي مصطفى , حتى اختُزل الإسلام في العروبة والعروبة في الإسلام , فصار اثنان في واحد .من هنا كان الأعراب في منظور الخطاب الإسلامي , خير أمة أُخرجت للناس , لخير دين هو عند الله الإسلام  .
والإسلام إذ هُبط عربياً في كتاب عزيز منزّل من عند الله تعالى , فإنه لم يُهبط من فراغ إلى فراغ ولفراغ , وإنما هُبط في ظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية ومصلحية و .. الخ , كان الأعراب فيها بأمس الحاجة إلى اله واحد لا شريك له , يجمع شملهم , وإلى نبيّ  كمحمد العربي يصلحهم ويوحّد بين قبائلهم المترامية في باطن الجزيرة العربية وعمقها وأطرافها , ليقويّ من شوكتهم ويوحد كلمتهم , في وقت كان الإصلاح ( فيه ) لا يأتي إلا على أيدي الحكماء والأنبياء , وهذا التطلع الطبيعي في كل جماعة إحساس ضروري يسبق كل حركة إصلاحية ويمهد لها
( ... ) وكانت البيئة مستعدة لقبول النظام الجديد , لأنها بيئة لها وحدتها المتميزة , من الناحية اللغوية , ومن ناحية الجنس ( ... ) وكان من المتوقع _ لو لم يظهر الإسلام _ أن يدخل العرب في أحد الدينين , لولا أنهم بدأوا نهضة قومية ( ... ) لذلك يريدون ديانة خاصة يعتبرونها رمزاً لقوميتهم ( ...) ديانة تعبر عن روح العروبة وتكون عنواناً لها , لذلك بحث عقلاؤهم عن الحنيفية دين إبراهيم الذي كانوا يعدونه أباً لهم ( ... ) وقد ظهرت حركة التحنف قبل الإسلام مباشرةً , وكانت رمزاً إلى أن الروح العربي كان يتلمس يومئذ ديناً آخر غير الوثنية , والإسلام حين جاء ( ... ) كان دليلاً على نضوج ديني فلسفي , استعد له العرب في القرون المتطاولة السابقة ( ... ) وكذلك كانوا يحسون بأن عدم وجود دولة تجمعهم أمر فيه ذلة وعار ( ... ) في هذه الظروف المواتية من الناحية الدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية , ظهرت النهضة العربية , وكانت دينية , والدين كان عاملاً من عوامل التطوير والتقدم في العصور القديمة , ولم يتنازل الدين بعض الشيء عن هذه الناحية إلا بانتشار العلوم , ووجود العوامل التي تنافسه في القيام بهذا الدور في العصر الحديث  .

الإسلام عمق عروبي فصيح
مذّ قرّأ الله تعالى رسوله العربي المصطفى آيات فُصّلت وهجيّت وأُنزلت عربياً , في قرآن عربي غير ذي عوج , نُفخت العروبة في الإسلام روحاً , لتُحيا به عظام العرب وهي رميم .
فجاء الإسلام منذ ولادته , عربياً , فصيحاً , في مكانه وزمانه , في بلاغته وفصاحته وكلامه , في قيامه وقعوده , في سيفه وقلمه , في حروبه وغزواته , في كرّه وفرّه , في هزائمه وغنائمه وانتصاراته .. الخ .
وفي الوقت الذي يشكل فيه الإسلام جزءاً لا يتجزأ من العروبة , زماناً ومكاناً , ذاكرةً وتراثاً , ثقافةً وحضارةً , فوقاً وتحتاً , ظاهراً وباطناً .. الخ , لا بل يشكل الجزء الأكبر والأكثر شاتاً على طول حياة العرب وعرضها , فإننا نجد من يختزل دون أدنى تردد , العروبة ( كل العروبة ) في الإسلام , على اعتبار أنه " لا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " .
الإسلام إذن , هو ديوان العرب والجواب الإلهي لكل أسئلة العروبة , حيث أنعمهم الله وخصهم بهباته وبركاته دون سواهم من الخلق .
فكلمهم بلسانهم العربي جاعلاً منه لساناً له عز وجل ولملائكته ولرسله ولأهله ولأهل الجنة , وأنزلهم قرآناً عربياً لهم فيه ذكر لعلم يفقهون , وبشّرهم برسول عربي من بين ظهرانيهم , فالأقربون أولى بالمعروف .
فالعروبة والحال هذه , في نظر أستاذ السومريات د . فاضل عبد الواحد ليست بحاجة إلى ضم الشعوب الأخرى ( والمقصود بها هنا هي الشعوب التي تشترك مع العرب في الأصل السامي ) إليها , لإثبات أنها ذات أصل تؤول إليه , فقد أعطى الله تلك الشعوب تاريخاً ثم محاه عنهم , وأعطى العرب تاريخاً أينع في القديم واستمر حتى اليوم , ثم أن لهم من الحضارة الإسلامية ما يغنيهم عن التفتيش عن مجد غيرهم وعن تركاتهم ,لإضافتها إليهم .
فليس في العرب مركب نقص حتى نضيف إليهم من لم يثبت أنه منهم , لمجرد أنهم كانوا أصحاب حضارة أو ثقافة .
وعليه كما أن الدين عند الله الإسلام , فإن اللسان والتراث , والتاريخ , والمكان و ... عند الإسلام هو العروبة , فلا عروبة مستقيمة بلا إسلام مستقيم , كما لا إسلام حق , بلا عروبة حقة .
إن أهمية الإسلام كدين عروبي , قريشي , لا تكمن في نزول القرآن عروبياً كما عالجناه من قبل , أو في اصطفاء الله تعالى للعربية ( لهجة قريش ) لساناً لجلالته ولأهله و أهل الجنة فحسب , وإنما لكونه قام , وقعد , وتعود , وتحايث , وتقلّد , وتنفس عروبياً أيضاً .
أما قرشية الإسلام وهاشميته ودور صلات الرحم فيه , فهناك الكثير مما تخبرنا به كتب السير والأخبار والتراث الإسلامية .
فأية قراءة لسيد الخلق محمد ولبعض جوانب قيامه وقعوده ,في تلك الكتب , ستقودنا إلى نتيجة مؤادها هو أنه ( النبي ) بمثل ما كان فصيحاً في إسلامه ودعوته لدين الله الخاتمي , كان بالمثل ذاته فصيحاً في الإعلاء من شأن قرشيته وهاشميته وفي اصطفائه لنسبه على كلّ الأنساب .
عن العباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم , ثم تخير القبائل فجعلني من خير قبيلة , ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم , فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً " .
وعن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل , واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة , واصطفى من بني كنانة قريشاً , واصطفى من قريش بني هاشم , واصطفاني من بني هاشم " .
وتصديقاً لهذا الكلام النبوي يأتي الكلام الإلهي بآيات يصطفي فيها الله رسوله العربي على كل الخلق , ويزيده بسطةً في العلم والجسم , لتصبح كلّ طاعة للرسول المصطفى , قرآنياً , طاعةً لله ذاته , لأن الله هكذا أراد ويؤتي ملكه من يشاء , وينزعه ممن يشاء , وهو يعز من يشاء ويذل من يشاء .
الأمر الذي أدى بالسيد محمد رضا إلى القول _ والغالبية العظمى من كتاب السير والإخباريين يشاطرونه الرأي _ بأن النبي صلى الله عليه وسلم من سلالة آباء كرام , وكلهم سادة وقادة , ولهم مكان مكين ومقام بين العرب عظيم . وقد اشتهروا بالحكمة والشجاعة والإقدام والكرم .
ولأن القريشيين هم أشرف الخلق قاطبةً وأحبهم إلى نفس الله , فأختارهم أهلاً له , وقاتل عنهم وردّ الغرباء عنهم وعن مكتهم وأصابهم ما أصابهم من النقمة .
أما النبي العربي فلم يدخر هو الآخر جهداً في الإفصاح عن نزوعه العصبي لآل البيت ولصلات الرحم . فها هو يوصي قبل معركة بدر مباشرةً :" من لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ... ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله " , فيرد عليه أبو حذيفة بن عتبة حانقاً :
أنقتل آباءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس ؟ والله لئن لقيته لألحمنه السيف , فبلغت مقالته رسول الله عليه الصلاة والسلام , فقال لعمر بن الخطاب : يا أبا حفص , أيضرب وجه عم رسول الله ؟ فقال عمر : يا رسول الله أئذن لي فأضرب عنقه , فوالله لقد نافق , فكان أبو حذيفة يقول : والله ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت .
وفي حين كان الكلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله حين أسلمت , وبين أبي العاص بن الربيع , فإن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ كان لا يقدر على أن يفرق بينهما , فأقامت معه على إسلامها , وهو على شركه , وكرهه لدين الإسلام . ففي رواية ذُكر إن أبا العاص لما قدم من الشام ومعه أموال المشركين قيل له : هل لك أن تسلم وتأخذ هذه الأموال , فأنها أموال المشركين . فقال : بئس ما أبدأ به إسلامي و أن أخون أمانتي .
إن نار العصبية لقريش والتحزب لأهل البيت لم تهدأ بعد وفاة الرسول وإنما امتدت إلى زمن الخلافة أيضاً . فحين اختلف المهاجرون والأنصار في الإمامة , قالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير واتفقوا على رئيسهم سعد بن عبادة الأنصاري , فاستدركه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في الحال بأن حضرا سقيفة بني ساعدة , وقال عمر : كنت أزوّر في نفسي كلاماً في الطريق ( ... ) ولما أتى أبا بكر برواية عن النبي عليه السلام " الأئمة من قريش " , سكتت الأنصار عن دعواهم , وبايع الناس أبي بكر عن رغبة , سوى جماعة من بني هاشم وأبي سفيان من بني أمية . وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان مشغولاً بما أمره النبي صلى الله عليه وسلم من تجهيزه ودفنه وملازمة قبره من غير منازعة ولا مدافعة . الأمر الذي فتح باب الإسلام على مصراعيه , أمام الاجتهاد ضد الإمامة المؤلهة في قريش وخروج بعض الفرق من القمقم الإسلامي كالخوارج والمرجئة والوعيدية .
وعلى الرغم من انتماء النبي العشائري إلى البيت الهاشمي , وهو ما دعاه إلى دعوة ذلك البيت من البدء إلى الوقوف مع الدعوة ( وأنذر عشيرتك الأقربين / الشعراء , 214 ) , لكنه تجاوز الخلافات بين البيتين الهاشمي والأموي , بتوسيع دائرة الدعوة بين البيتين , لكن تفصيلات الموقف , وما لحقه بعد ذلك من أحداث , فرضت انعطافات كثيرة على طريق الدعوة , فقد نفر منه الأمويون , واعتبروا دعوة الإسلام العظمى , خطوة أخرى من خطوات التكتيك الهاشمي , ( ... ) . وهكذا بدا واضحاً أن الملأ لم يعوا المقاصد الكبرى للدعوة , ودورهم الممكن فيها , إزاء رؤية قاصرة , تقف عند حدود المصالح الآنية الأنانية المرحلية , ولم يتجاوزوا المنافع الضيقة لنفر محدود ,
( ... ) ولم تتسع رؤيتهم لتستطلع الاتجاه التاريخي لمسار حركة التطور العام للحراك الاجتماعي العربي .
وإعمالاً لما سبق , وبسبيل الإتساق مع السير الصحيح لوجهة التطور التاريخي , بدأ النبي _ صلى الله عليه وسلم _ دعوته بالمجاهرة بضرب المصالح الأنانية الضيقة لملأ مكة , إبتداءً بضرب التعدد القبلي الربوبي , بهدف التوحد الآتي  .
أما الانقلاب العظيم الذي جاءت به الدعوة , فكان يتمثل في رفض النموذج البدوي للإنسان العربي في المرحلة القبل إسلامية , ومن ثم جاء الانقلاب ليسارع في تفجير الأطر القبلية , ويبني نموذجاً جديداً لإنسان الجزيرة , ويضعه ضمن منظومة اجتماعية جديدة , تنتقل بالفرد من الولاء للقبيلة إلى الولاء للأمة القومية , تلك الأمة التي كان عمادها الرئيس عقيدتها الجديدة .
استكمالاً لسيكولوجيا الرفض للعقل العربي القبلي , الربوبي والمجتزأ إلى شراذم و ولاءات عشائرية لا تحُصى ولا تُعد , كان لا بدّ إذن من " حضور " الإطار التوحيدي القادر على أن يكون إطاراً واحداً للتناقضات ذات النوعية الاجتماعية الجديدة ( ... ) كان لا بدّ من " حضوره " حضوراً فعلياً يوصف كونه قوة مادية موحدة أولاً , ويوصف كونه فكرة مبدئية توحيدية على مستوى الوعي ثانياً ( ... ) وقد جاء الإسلام ليكون هو هذا " الحضور " الفعلي على المستويين كليهما : مستوى القوة المادية " كمؤسسة " , ومستوى الوعي كفكرة أو مبدأ أو عقيدة . وهذا ما كان معنى التوحيد , من حيث البعد الاجتماعي الكامن في مضمونه الديني المباشر , أي مضمونه الإيماني الإسلامي الخاص .
وعلى المستوى القومي كان التوحيد الربوبي يتمثل في الالتفاف حول لاءٍ واحدة هي قول لا إله إلا الله والقبول بالإنضواء تحت سلطة نبوية قائدة واحدة تشمل في الشهادة لمحمد بأنه رسول الله , كأساس تنظيمي للحركة التاريخية نحو إقامة دولة مركزية للأمة الطالعة , وبحيث ينتقل العربان من الوضع القبلي إلى الوضع القومي .
وتأسيساً على ما ذهب إليه المؤرخ العربي الشهير ابن خلدون , كان لا بدّ لأية وحدة عربية على المستوى الكياني والسياسي أن تمر عبر وحدة أخرى تأسيسية ونواتية على المستوى الديني والإعتقادي , لأن العرب _ والرأي لابن خلدون _ هم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض , للغلظة والأنفة وبعد الهمة , والمنافسة في الرئاسة , فقلّما تجتمع أهواءهم , فإذا كان الدين بالنبوة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم , وذهب خلق الكبر والمنافسة منهم , فسهل انقيادهم واجتماعهم , وذلك بما يشملهم من الدين المذهب للغلظة والأنفة , الوازع عن التحاسد والتنافس .
وبالفعل قامت الوحدة الأساسية للفكر العربي _ كما تنبأ ابن خلدون _ على وحدة التربة التي نشأت فيها تلك الحركة بكاملها , وإن اختلفت تياراتها اختلافاً جذرياً في ما بعد , والإسلام هو تلك التربة التوحيدية .
وبمقدورنا قراءة ملامح ودلالات هذا الفكر التوحيدي العربي في الآيات القرآنية التالية :
_ إن هذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدوني  .
_ إن هذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاتقوني .
_ كنتم خيرُ أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر .
_ وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً .
_ ولتكن منكم أمةً يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون .
والجدير بالذكر هو أن هذا الخطاب السماوي التوحيدي الذي أوحاه الله إلى أهله أن يتحدوا ويعتصموا بحبل الله جميعاً بعد أن جعلهم خيرُ أمة أُخرجت للناس , قد انفلت من عقاله السماوي , ككلام إلهي جميل , معلق ما بين الأرض والسماء , أو ميعاد فسيح يدغدغ به الله روح الموحدين العرب في انتظار وحدتهم القادمة . وحتى يُكتب لتلك الدعوة التوحيدية النجاح والعبور بسلام إلى الجهة التي أراد لها الله أن تكون , كان لا بدّ من محايثة أرضية لصنيع الله وكلامه , فجاء الخطاب النبوي في سياقه التوحيدي "الأمّوي" كخطاب متمم للخطاب الإلهي المنزّل . ففي أول كتاب كتبه الرسول بين المهاجرين والأنصار , ووادع فيه اليهود , تبنى هذا الخطاب بقوله :
هذا كتاب من محمد النبي _ صلى الله عليه وسلم _ بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس , المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين .
بناءً على التوصيف الإسلامي للخطاب التوحيدي "الأمّوي" , كان الشرط ( ليكون العربان ) أمةً , هو الاعتراف بمحمد رسولاً خاتماً , وبمن سلف من أنبيائهم أنبياء وأسلاف الأمة وتاريخها , وبالله الواحد رباً جامعاً لوحدتهم في كيان اجتماعي عقدي واحد . ومن البداية كان واضحاً أن هذه الأمة الجديدة هي الأمة الجامعة لعرب , بدأوا منذ وهلة فقط قريبة جداً يشعرون بوحدة جنسهم وبقوميتهم , إزاء تفجر أطر القبيلة , وهو ما تمثل في موقفهم من تحرير اليمن , ومن انتصار قبائل الشمال على الفرس في ذي قار .
ويبدو من إرهاصات الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والديني , الاعتقادي للمجتمع القرشي الربوبي المتعدد , أنه كان من قبيل المحال أن يُكتب النجاح لأية وحدة على مستوى الملأ الأرضي , دون أن تسبقها وحدة مثالية , نموذجية "متفوقة" , "ممتازة" ومرجعية على مستوى الملأ السماوي .
وعليه ارتهُنت وحدة العربان المنشودة / الموعودة في التحت الأرضي , كوحدة "مؤمنة" , "عابدة" , وتابعة , بوحدة الله في الفوق السماوي , كوحدة ألاّوية , معبودة , ومتبوعة , وإليها يعود الأصل والفصل في الشئون , وبها تستقيم الأمور , لتحقق الأمة بذلك حضورها الواثق , والمطمئن , والفسيح , في قلب حضور الله وعمقه , زماناً ومكاناً ولساناً وثقافةً وتاريخاً .. الخ .
وهكذا كان لا بد للأمة من تاريخ يتصل بها , ويتواصل معها , ويجد لها موطئ قدم راسخ في عمق الزمان الماضي , فأي أمة لا بد لها من عراقة تاريخية عميقة , وتاريخ يضرب بجذوره في الماضي البعيد المؤسس للتطور التالي الناشئ للأمم أصلاً .
ومن هنا كان الإتجاه العكسي نحو العماد التأسيسي العقدي لإلقائه في رحم التاريخ القديم , يربط النبي محمد بتاريخ النبوة منذ بداياتها المعروفة في القصص الديني , ليصبح تاريخ الأمة الجديدة تاريخاً نبوياً , ومعرفياً سماوياً , فتتم أسلمة جميع الأنبياء السابقين , كما يتم تقديس لغة قريش تحديداً باعتبارها اللغة العربية , ولغة آدم أبو البشر جميعاً في الجنة , ثم لغة جميع الأنبياء , ثم ستكون لغة أهل الجنة من بعد .
بقدر ما أسس الإسلام لعمق ايديولوجي عروبي فإنه _ والحق يقال _ أسس أيضاً لعمق " حضاروي " من طراز عروبي ممتاز .
وبقدر ما تأسس الإسلام دينياً واعتقادياً , " كمبدأ " عروبي مُقومَن , كذا امتدّ "حضاروياً" و"ثقافوياً " كخبر عروبي مُقومَن أيضاً .
الله عزّ وجل , على مستوى الخطاب القرآني , قد فاتح عباده المسلمين وأوحى إليهم عروبياً : فخاطبهم وقرّأهم , شاكلهم وخالفهم , حاضرهم وثاقفهم , كذا امتد إليهم وانتشر فيهم وثم أتاهم الملك عروبياً, ونحن نعلم أن الله كان ولا يزال رباً لكل الناس ورباً لكل العالمين , الذي لو شاء لجعلهم أمة واحدة ولا يزالون مختلفين . 
هكذا امتزجت الحالة الإسلامية مع الحالة العروبية حتى غدا الإسلام والعروبة واحد , وعلى اعتبار أن الله , قرآنياً , هو _ بدون ريب _ كل الماضي وكل الحاضر وكل المستقبل , كل الباطن وكل الظاهر , كل السموات وكل الأرض, وكل ما بعدهما و ما قبلهما , كل المعرفة , وكل الحضارة , وكل الأخلاق ... الخ , وما أنزل الله هذا الكل , وما شاءه أو أراد له أن يكون, إلا تنزيلاً أو قرآناً عربياً ( إذ صُرّف ) فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً .
وعليه فإنه ترمينولوجياً / اصطلاحياً , كان لا بدّ من التعالق التبادلي المحكم بين كل ما هو إسلامي وكل ما هو عروبي .
فالثقافة التي جاءت نتاج العلاقة العضوية , الجدلية بين الحياة العربية والحياة الإسلامية , بين الفكر العربي والفكر الإسلامي , بين اللغة والفكر الذي تعبر عنه اللغة , هي ثقافة عربية إسلامية , لا انقسام فيها بين ما هو عربي خالص وما هو إسلامي خالص وما هو عربي _ إسلامي متداخل , ولا انقسام فيها بين ما هو نتاج مثقفين ومفكرين ذوي أصول عربية وبين مثقفين ومفكرين إسلاميين ذوي أصول غير عربية . إنهم جميعاً سواء . لأنهم جميعاً انطلقوا في تفكيرهم كله من منطق اللغة العربية , أي منطقها اللغوي والبياني والفكري , ولأنهم جميعاً انطلقوا أيضاً في ممارساتهم الثقافية , بأوسع مجالاتها , من قضايا معينة لمجتمع معين ومن مشكلات اجتماعية وسياسية وفكرية هي مشكلات هذا المجتمع نفسه الذي يعيشون جميعاً في إطاره , ويستمدون نظرتهم إلى العالم من خلال واقعه التاريخي ونمط علاقاته الاجتماعية .
"الإسلامية" و"العروبية" اصطلاحان متقابلان وهما طرفا معادلة واحدة , وصنوان في ثنائية واحدة لا انفصام فيها , فكما أن كل الدروب السالكة عروبياً تؤدي بسالكيها إلى الإسلام , كذا الإسلام المسلوك يقتضي بالمتجهين صوبه إلى العروبة جهةً لا مناص منها .
لذا فإن وحدة التراث الفكري العربي _ الإسلامي , هي وحدة غير قابلة للتفتت والتجزئ على أساس عرقي إطلاقاً . ذلك أن هذه الوحدة قائمة على قاعدتين متلازمتين تلازماً جدلياً تاريخياً وموضوعياً , هما : العربية والإسلامية .
هذا التراث عربي كله مهما كانت الأصول القومية لمنتجيه . هو عربي لا من حيث لغته مجردة , بل من حيث أن بناءه اللغوي هو في الوقت نفسه بناء فكري واجتماعي وسياسي معاً , وهو أيضاً بناء فيلولوجي وانتولوجي وسيكولوجي في آن واحد . أما إسلامية هذا التراث فهي مرتبطة بهذا البناء بكل علاقاته الداخلية هذه , ارتباط كينونة وصيرورة .
فلا إسلامية للتراث منفصلة عن عربيته . لهذا كله لا يصح النظر إلى مبدعي هذا التراث على أساس أن هذا عربي وذاك غير عربي . بل الصحيح أن كلهم عربي ثقافياً وفكرياً , وكلهم إسلامي كذلك  .
واعتكازاً على النص القرآني, فإنه لا ثقافة أو حضارة خارج ثقافة أوحضارة الله , الذي شاء أن يفصل آياتهما, تفصيلاً عربياً ,في كتاب عربي مبين .
وربما بوحيّ من روحانية هذا التعالق الجدلي بين الكون العروبي والكون الإسلامي , ينهض مفكر وشاعر عربي مرموق في مستوى أدونيس ليقول : لا نقدر أن نؤسس فكراً عربياً جديداً , إلا بدءاً من معرفة الفكر العربي القديم معرفة نقدية تمثله وتفتح آفاقاً أخرى , بحيث يبدو كأنه موجة , وكأن الفكر الجديد انشطار منه , وانفصال عنه في آن . والإسلام هو مادة الفكر القديم , ومداره , وهو إلى ذلك , نواته الحية , الفاعلة , المستمرة . 
علماً أن أدونيس يميز بين ثلاثة مستويات للإسلام :
الإسلام / القرآن الكريم , والإسلام كممارسة تاريخية , والإسلام / المسلمين في واقعهم الراهن . والمستوى الأول هو الأساس والأصل , وليس هناك إسلام إلا به وفيه . إنه والكلام ( ل أدونيس ) الكل الذي لا يتجزأ , فإما أن يقبل ككل , وإما أن يرفض ككل . ( ويزعم أدونيس ) أن هذا هو رأي المسلم الحق  .
أما على المستوى الشعري أو على مستوى الكلام العربي عامةً , فيرى أدونيس بأن جذور الحداثة الشعرية العربية , بخاصة , والحداثة الكتابية , بعامة , كافية في النص القرآني , من حيث أن الشعرية الشفوية الجاهلية تمثل القدم الشعري , وأن الدراسات القرآنية , وضعت أسساً نقدية جديدة لدراسة النص , بل ابتكرت علماً للجمال , جديداً , ممهدةً بذلك لنشوء شعرية عربية جديدة .
إن النص الديني الأول يؤسس الكتابة في ذاكرة القراءة الأولى التي هي قراءة دينية . وعبثاْ نحاول أن " ننقد " الكتابة العربية , " بقديمها " و " حديثها " وأن " نفهمها "  , إذا لم ننطلق , بدئياً , من النص الديني الأول الذي أسسها وصار ذاكرة لها , ومن القيم والعلاقات التي أرساها هذا التأسيس .
وإذا كان أدونيس , على مستوى الإبداع العربي, قد اتخذ من كلام الله القديم , وخطابه القرآني انطلاقةً وأساساً لأية ممارسة كلامية , حداثوية , كُثارية , ومفتوحة على كل جهات الله , فإن هناك من إتحذ من ذات الكلام , وذات الله , وذات القرآن , وعلى مستويات أخرى , ادلوجة عروبية واحدية الجهة , وعلّقها على باب كعبته , ليعلن بذلك تفوقه وامتيازه العروبين على سائر خلق الله الأعجميين .
إن دلّ هذا على شيء , فإنما وفي المقام الأول , ليدل على التداخل والتواصل الألاّويين بين الإسلام والعروبة إلى درجة التماهي في بعضهما البعض ,لتبدأ وتنتهي حدود العروبة ,حيث تبدأ ولا تنتهي حدود الإسلام أو حدود الله .
فالكثير مما حبلت بها الذاكرة الإسلامية , من عادات , وتقاليد , وعبادات , وتابوهات , استحلالاً واستحراماً , والتي كُرّست في الإسلام , مسنودةً إلى آيات قرآنية صريحة , لتبدوا وكأنها مصنوعات إسلامية خالصة , ليست في الواقع إلا عربية أصيلة , إذ تعود بجذورها وامتداداتها إلى الحقبة الما قبل إسلامية , والتي اصطُلح عليها , إسلامياً , بالحقبة الجاهلية .
في سياق هذه الدراسة , وعلى سبيل المثال لا الحصر , سوف احاول تسليط عدسة البحث على بعض منها .

مكة / الكعبة العروبية / المكان العروبي
إن ظروف الإنقسام والتشرذم والتعدد القبلي , التي عاشها العرب , قبل الإسلام في شبه جزيرتهم العربية , اقتضت إلى تكريس حالة من التعددية الربوبية , وبالتالي إلى أسطرة و " سوبرمنة " كل قبيلة لماضيها وذلك بتعشيش تاريخها في رحم التاريخ السحيق / التاريخ البدئي , وإعادة أصول ومناقب آبائها الأولين , إلى بدايات الزمان .
هكذا أصبح لكلّ قبيلة كونها المؤسطَر , الخاص بها , وربها الخاص المدبّر لشؤونها , وزمانها ومكانها الخاصّين , القدسيين والربوبيين, لتعاد للقبيلة فيهما عافيتها , وليسجد في حضرتهما الأحفاد لأرواح الأسلاف .
فكما أن الزمان المختزل إسلامياً في زمان الله , كان قبل الإسلام أزماناً متعددة , كذلك الكعبة التي اختُزلت في مكة كبيت أو مكان وحيد لله , كانت كعبات كثيرة . وقد أشتهر من جهات اللآلهة أو الكعبات وبيوتاتها : ( بيت اللات , وكعبة نجران , وكعبة شداد الأبادي , وكعبة غطفان )  , وما ذكره الزبيدي ( بيت ذي الخلصة المعروفة بالكعبة اليمانية ) , وما جاء عند ابن الكلبي ( بيت ثقيف ) , إضافة إلى ما أحصاه جواد علي ( كعبة ذي الثري , وكعبة ذي غابة الملقب بالقدس ) , ومحجّات أخرى لآلهة مثل ( اللات , وديان , وصالح , ورضا , ورحيم , وكعبة مكة , وبيت العزي قرب عرفات , وبيت مناة ) , هذا مع ما جاء في قول الأستاذ العقاد عن " (...) البيوت التي تعرف ببيوت الله أو البيوت الحرام , ويقصدها الحجيج في مواسم معلومة تشترك فيها القبائل (...) وكان منها في الجزيرة العربية عدة بيوت مشهورة , وهي بيت الأقيصر , وبيت ذي الخلصة , وبيت رضاء , وبيت نجران , وبيت مكة .. وكان بيت الأقيصر في مشارف مقصد القبائل , من قضامة ولخم وجذام وعاملة . يحجون إليه ويلقون رؤوسهم عنده .. فالأمر الذي لا يجوز الشك فيه , هو أن البيوت الحرام وجدت في الجزيرة العربية , لأنها كانت لازمة .. وقد اجتمع لبيت مكة من البيوت الحرام ما لم يجمع لبيت آخر في أنحاء الجزيرة , لأن مكة كانت ملتقى القوافل , بين الجنوب والشمال , وبين الشرق والغرب .
وقد هيأ مكة للقيام بهذا الدور التاريخي , مجموعة متسارعة من الأحداث . وظروف تلاحقت لتتراكم على صفحة المنطقة وتتوزع على خريطتها , حيث كان مركز اليمن الزراعي والتجاري قد تهاوى قبل العصر الجاهلي الأخير بزمان , بينما تضعضعت أحوال الممالك العربية الشمالية ( الغساسنة والمناذرة ) في العصر الجاهلي الأخير قبل الإسلام بفترة وجيزة , ووقعت تحت الإحتلال المباشر من الفرس والروم , وهو ما أحدث _ ولا شك _ فراغاً سياسياً في المنطقة الممتدة من سواحل المحيط الهندي جنوباً , وحتى الخط الفاصل بين الإمبراطوريتين في بادية الشام شمالاً . وقد ساعد على رسم تلك الخريطة السياسية , انهيار مجموعة طرق أخرى لم يبق آمناً من بينها سوى الطريق المار بمكة ( ... ) ( وذلك ) لمنعته الصحراوية على غير أهله , مما انتهى به إلى طريق أوحد مؤهل للقيام بأمر تجارة العالم  .
وعليه فقد تهيأت مكة لإفراز عناصر قيادية عربية , كما قدرت أحداث الجدل الدائر للكعبة المكية أن تكون الكعبة الأولى والحج الأقدس , دون غيرها من الكعبات , وساعد على ذلك أسواق مكة المختلفة ومواسمها المتنوعة التي وضعت لجذب التجار , ثم انتشرت لغة قريش وعاداتها بين القبائل الرحالة والمرتحلة , بعد أن حتمت مصالح القريشيين التجارية عليهم اليقظة والاهتمام بما يجري حول جزيرتهم من أحداث , لتأثير هذه الأحداث المباشر على ما بأيديهم , وكان هذا الوعي دافعاً لنزعة قوية من التسامح الديني , ولنضوج ميزّهم عمن حولهم من أعراب , فاستضافوا في كعبتهم المكية الأرباب المرتحلة برفقة أصحابها التجار وقاموا بتبني هذه الأرباب تدريجياً , فكان أن تركها أصحابها في كعبة مكة , ليعودوها في مواسمها , فكثرت المواسم المكية بالاحتفالات الدينية , بالأرباب المختلفة , وكثر أيضاً الخير والبركة من التجارة , وكان حتمياً أن تهفو قلوب العرب وتجتمع عند كعبة فيها أربابهم ومعاشهم وأمنهم ومرحهم وسمرهم , وأن يضمحل بالتدريج شأن بقية الكعبات التي توارت في الظل ثم في الزوال حتى طواها النسيان . هكذا اختُزل المكان العربي في مكة , مكاناً لله عزّ وجل , ومحجّاً لأهله المسلمين , ليستذكروا فيه كل الله , وكلّ النبي , وكلُّ السماء , وكلّ الأرض .
الأمر الذي أدى ببعض الإخباريين العرب , إلى أسطرة التاريخ المكي , ونسج الحكايات والقصص الإعجازية حول مكة باعتبارها جهةً لله , وبرزخاً بين الأرض والسماء . أو سُرة الفصل والوصل بين الله وعباده أو بين كون اللاهوت وكون الناسوت .
فقيل أن أسم  "مكة " مشتق من " امتّكّ " ويقال مكّ وامتكّ العظم مكّاً , أي مص جميع ما فيه , وامتكّ الفصيل , في ضرع أمه , أي استقاه بالمصّ . وبناء على هذا الاشتقاق يؤولون تسميتها بمكة أنها تمتص الناس , أي تجتذبهم إليها لكونها بلداً مقدساً . وقيل أيضاً مكّ وامتكّ الشيء , أي نقصه وأهلكه , ومكّ وامتكّ غريمه , أي ألح عليه في الاقتضاء  , ومنه مكة للبلد الحرام أو للحرم كله , لأنها تنقض الذنوب أو تفنيها أو تهلك من ظلم فيها .
وقالوا : أن آدم عليه السلام لما أُهبط إلى الأرض وقع إلى سرنديب من أرض الهند , وكان يتردد في الأرض متحيراً بين فقدان زوجته ووجدان توبته , حتى وافى حواء يجبل الرحمة من عرفات وعرفها , وصار إلى أرض مكة ودعا وتضرّع إلى الله تعالى حتى يأذن له في بناء بيت يكون قبلة لصلاته ومطافاً لعبادته كما كان قد عهد في السماء من البيت المعمور الذي هو مطاف الملائكة ومزار الروحانيين . فأنزل الله تعالى عليه مثال ذلك البيت على شكل سرادق من نور , فوضعه مكان البيت فكان يتوجه إليه ويطوف به .
وتصديقاً لحكم هذا البيت العتيق , أنزل الله تعالى في كتابه العزيز هذه الآية : إن أول بيت وضع للناس للذي بمكة مباركاً وهدى للعالمين .
ثم لما توفي ( آدم ) تولى وصيته شيت عليه السلام بناء البيت من الحجر والطين على الشكل المذكور حذو القذة بالقذة . ثم لما خرب ذلك بطوفان نوح عليه السلام ( ... ) وانتهت النبوة إلى إبراهيم الخليل عليه السلام وحملت هاجر أم إسماعيل ابنه إلى الموضع المبارك , وولادة إسماعيل عليه السلام هناك ونشوئه وتربيته ثمة وعود إبراهيم إليه واجتماعه به في بناء البيت وذلك في قوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل . فرفعا قواعد البيت على مقتضى إشارة الوحي مرعياً فيها جميع المناسبات التي بينها وبين البيت المعمور , وشرعا المناسك والمشاعر محفوظاً فيها جميع المناسبات التي بينها وبين الشرع الأخير , وتقبل الله ذلك منها , وبقي الشرف والتعظيم إلى زماننا وإلى يوم القيامة دلالة على حسن القبول .

جهة العروبة / صوم العروبة / يوم العروبة :
كان المشروع المحمدي , منذ بداياته , مشروعاً وحدوياً ذات نغمة عروبية واضحة . ولم يكن الحضور الوحدوي لهذا المشروع حضوراً توحيدياً أحادي الإتجاه , على مستوى إيماني وحسب , ليُعتقد بأن الله , على هذا المستوى , واحد , والكتاب واحد , والدين واحد ... وكفى ...الخ , وإنما كان حضوراً توحيدياً على أكثر من مستوى , وحمل في طياته وحدة كثارية الأبعاد أو أكثر من وحدة , فجاء ليقول أيضاً , بأن العرب واحد , واللسان واحد , والمكان واحد , والزمان واحد ..الخ . وحتى يُكتب لهذا المشروع النجاح والإستمرارية , كان لا بدّ من عولمته وشموليته , من خلال ترجيح المستوى الإيماني والإعتقادي فيه على المستويات الأخرى , وبالتالي دفع المشروع وطرحه باعتباره مشروعاً سماوياً ,كونياً ,وخاتمياً معنياً بكل البشر وبما قبلهم وما بعدهم. وذلك للإعتبارات التالية :
1 . طراوة عود المشروع وحاجته في مراحله التأسيسية , إلى المؤيدين والمناصرين . وقد تحرك المشروع في بداياته على مستوى أممي , طارحاً ذاته بكونه سُنةً إلهية للأمة القادمة / أمة الإسلام كأمة لكل خلق الله , إذ لا حدود فيها  ,خلا حدود الله , كما لا يعلو فيها حكم , سوى حكم الله . فكانت البشرى للمستضعفين , بأنهم بإنضوائهم للأمة الجديدة , سيحلون محل الملأ , وذلك بأعتصامهم جميعاً بحبل الله , وهو ما سيجعل هناك فرقاً بيّناً بين تكوينهم المجتمعي , وتكوين الذين تفرقوا واختلفوا قبائل وعشائر شذراً مذراً بعد ما جاءتهم البينات , وهو ما سيترتب عليه حتماً تنازع هؤلاء وفشلهم وذهاب ريحهم , ومن ثم كان إعلان الوحي بالنتيجة المحتمة , والخطط المعدة للدولة الواحدة , في قوله : ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين .
 2 . إن ظروف التعددية الإعتقادية والعبادوية , التي عاشتها القبائل العربية في مكة وأطرافها , إبان مباشرة الرسول العربي , في طرحه لمشروعه الإسلامي , أملت عليه منطقاً تعددياً ونوعاً من الخطاب التسامحي والمرن , تجاه الآخر المختلف .
لهذا وعلى حد قول ابن هشام , فإن محمداً , صلى الله عليه وسلم , لما بادأ قومه بالإسلام , لم يجدوا في دعوته غضاضة , ولربما لم يكترثوا لها , ولعل مرجع ذلك ( يعود ) إلى حرية الإعتقاد التي كانت عرفاً مسنوناً , عرفاً حتّمته المصالح التجارية في مكة , فكان المسيحي فيها يعيش إلى جوار الحنفي , ( و ) إلى جانب اليهودي , مع الصابئي والزرادشتي , وعبدة النجوم , وعبدة الجن , وعبدة الملائكة , وعبدة الأسلاف وتماثيل الشفعاء , دونما قهر أو فرض أو إجبار , حتى إن العبد كان يظل على دين يخالف دين سيده , دون أن يخشى في ذلك مساءلة أو ملامة .
من هنا جاءت بعض آيات القرآن الكريم , متناغمة مع ذلك الفضاء التسامحي للحياة العربية ذات الطابع الموزاييكي المتعدد والربوبي المختلف . نقرأ منها مثلاً :
_ وقل الحق من ربكم , فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .
_ لكم دينكم ولي ديني .
_ من عمل صالحاً فلنفسه , ومن أساء فعليها .
_ واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً .
_ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره , ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره .
_ إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور .
_ وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله .
إن أول ما توحي بها ظاهر وباطن هذه الآيات , إنما هي حرية الفعل التعبدي وحرية اختيار الرب المناسب , كلّ على طريقته الخاصة . فهي تترك الإنسان وشأنه في الاختيار ما بين الإيمان والكفر , و"الله" و"الرب" , والخير والشر , والصلاح والطلاح . فالكل حرّ في عبادته وتدينه لمن ولما يشاء .
وقد ظل المشروع الإسلامي , بعد هجرته وهجرة أهله وخلانه إلى يثرب , بسنوات من إعلانه , مشروعاً وحدوياً متسامحاً , وسائراً في الإتجاه الكوني والمرسوم له , صوب الله وأمته الجديدة , والمستبطنة بروح عروبية مرجئة , إلى أن تمت صحيفة المعاقل , التي عقد فيها نبي المشروع معاهدة تعاقلية مع يهود يثرب , كطرف قوي , ومقرر لمصير الصحيفة ومصير موقعيها .
فالمطالع ( لبنود هذه الصحيفة ) سيلمس فوراً أمراً شديد الأهمية , حيث يتضح حصول المهاجرين على أساس اقتصادي يرفع عبئهم عن إخوانهم اليثاربة , وإلغاء نظام المؤاخاة نتيجة ذلك , فالنص يؤكد " المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم ويفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين " , ومن ثم على الأنصار أن يعودوا إلى معاقلهم الأولى " على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى " , ( ... ) ( كما سيلمس ) السلطة الواضحة في إرجاع كل الأمور بالمدينة إلى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ والأكثر بلاغة في كل هذا , ( هو ) أن الصحيفة سردت البيوت والأفخاذ اليثربية في معاقلها , وسط تلك الأفخاذ والبيوت تم وضع المهاجرين كأحد أبناء البلد وكفخذ من الأفخاذ اليثربية الأصيلة , بحيث اكتسب المهاجرون بصحيفة المعاقل وجودهم الشرعي , ليتحولوا من لاجئين إلى مواطنين , بل أفصح الأمر عما هو أشد بياناً , فغدا الأنصار تابعين لا مجيرين ومتبوعين .
مع هذا التحول التاريخي والخطير في خط سير المشروع المحمدي الوحدوي البعيد النظر , والذي _ كما تخبرنا الصحيفة _ تحول من موقع المهاجر الملتجئ إلى موقع المواطن الأصيل , ومن الحاضر الغائب إلى الغائب الحاضر أو الحاضر الحاضر, ومن حالة الدفاع والتساير التكتيكيتين إلى حالة الهجوم والإمتداد الإستراتيجيتين , عاودته ونبيه , النغمة العروبية , والفورة العصبوية (لآل البيت ولجهتهم , ولمكانهم , ولزمانهم) , المخبوءتين والمسكوتة عنهما , إلى أن شاء الله عزّ وجل ورسوله العربي المصطفى .
وأخذت نبي المشروع , حالة من النوستالجيا الإلهية , والحنين الأبدي إلى دفء الرحم العربي الأول وإلى كون البدايات : بدايات الله , بدايات الحرف والكتاب , وبدايات العروبة .
( فإذا ) كانت الحسابات التي سبقت الهجرة , واستمرت حتى غزوة بدر الكبرى , تعمل حساباً لقوة اليهود بالمدينة , مما جعل النبي يحاول استمالة اليهود والتقرب منهم لتعيدهم على الأقل , ففرض على أتباعه صوم يوم الغفران اليهودي ( يوم كيبور / عيد الفصح ) , وهو اليوم الأهم والأعظم في تاريخ اليهود , يوم خروجهم من مصر عبر سيناء لاحتلال فلسطين , بل وأتجه النبي محمد _ صلى الله عليه وسلم _ مع أتباعه وجهة اليهود في الصلاة , نحو أورشليم القدس , فإن الظروف بعد غزوة بدر , قد انتصرت لصالح نبي المشروع وأتباعه , ولم يعد يحسب لقوة اليهود في المدينة حساباً يُذكر , خصوصاً بعد توقيعه المعاهدة التاريخية مع اليهود والتي جاءت _على حد قول الأستاذ القمني _ بمثابة فرمان صادر من سلطة النبي السيادية " هذا كتاب من محمد النبي الأمي " فرغم إن المعاقل كانت بين أطراف , فإن تلك الأطراف لم تكن متكافئة , لأن صيغتها وأسلوبها وإيحاءاتها , ناهيك عن ذلك الإستهلال في مفتتحها تشكل قراراً صادراً من سيد قوي فوق بقية الأطراف , فهي بمثابة كتاب أمان من النبي لسكان يثرب , إضافة إلى أن الصياغة لم تقل : ( هذا كتاب من محمد بن عبد الله ) , إنما فرضت صفة النبوة على جميع الموقعين أدناها .
بعد هذا الحضور المحمدي الساحق على طول حياة المجتمع اليثربي وعرضه , وبعد انتزاع نبي المشروع محمد , للقب النبوة باعتباره نبياً عربياً فصيحاً , بعد أن خصتها التوراة وحصرتها في بني إسرائيل , باعتبارهم شعب الله المختار , كان لا بدّ له أن يعيد النظر , عربياً , في حساباته , فنقل مشروعه نقلةً نوعيةً فريدةً, جاعلاً من أتباعه أمةً خاصةً وواحدةً من دون الناس  " بعد أن كانت أمةً عامةً في كل الناس , صارفاً وجهها باعتبارها " خير أمة أُخرجت للناس " , عن جهة اليهود وقبلتهم الأورشليمية , إلى جهة العروبة وقبلتهم المكية كأول , وأعلى , وأسمى , وأقدس , وأشرف مكان عربي على الإطلاق . لينزل بعدها شهر فرض الصيام العربي في أول وأعلى وأقدس زمان عربي منذ فجر التاريخ وما قبله وما بعده .
يقول ابن سعد في طبقاته الكبرى " : لما هاجر رسول _ صلى الله عليه وسلم _ إلى المدينة , صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً , وكان يحب أن يصرف إلى الكعبة لما بلغه أن اليهود قالوا : يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا فقال يا جبريل : وددت أن الله صرف وجهي عن قبلة يهود . فقال جبريل : إنما أنا عبد , فادعِ ربك وسلهُ , وجعل إذا صلى إلى بيت المقدس يرفع رأسه إلى السماء ينتظر أمر الله لأن السماء قبلة الدعاء , فنزلت عليه : ( قد نرى تقلُّب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضاها  ) , فوجه إلى الكعبة إلى الميزاب . ويقال ( أن ) رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ صلى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين ثم أمر أن يتوجه إلى المسجد الحرام فاستدار إليه ودار معه المسلمون ( ... ) ( ثم ) استقبل الميزاب فسمى المسجد مسجد القبلتين وذلك يوم الإثنين للنصف من رجب على رأس ثمانية عشر شهراً ( ... ) ونزل فرض شهر رمضان بعدما صّرفت القبلة إلى الكعبة بشهر , في شعبان  .
وتبريراً لهذا الفعل التغييري والتحوّلي أو تصديقاً لجهة العروبة التي استدارت إليها الأمة المحمدية , باعتبارها الجهة الأصلية والبدئية عروبياً , قال الله تعالى في تنزيله العزيز
_ ولله المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثم وجه الله أن الله واسع عليم  .
_ وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممّن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرةً إلا الذين هدى الله وما كان الله ليضيع /إيمانكم أن الله بالناس لرؤوف رحيم .
_ ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن أتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم أنك إذاً لمن الظالمين .
_ سيقول السفهاء من الناس ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
إن اللافت للنظر هو التعالق المحكم بين التحول من القبلة الأورشليمية اليهودية إلى القبلة المكية العروبية , وبين التحول من الصوم العاشورائي ( يوم عاشوراء ) اليهودي إلى الصوم الرمضاني العربي .
فعلى الرغم من صوم الرسول العربي ليوم عاشوراء تكريماً لوجه موسى الذي نجا بقومه في هذا اليوم العبراني , وتعميمه لهذا على أتباعه باعتباره يوم صوم مفروض , مؤكداً بقوله : نحن أحق بموسى منهم , إلا انه بعد استدارته إلى قبلته العروبية وجهة الله وأهله , بشهر واحد فقط , هجر اليوم العاشورائي مديراً ظهره لموسى وأهل موسى قائلاً :" فمن شاء صامه ومن شاء تركه " .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية , وكان رسول الله , صلى الله عليه وسلم يصومه , فلما قدم المدينة صامهُ , وأمر بصيامه ( قبل أن يفرض رمضان , وكان يوماً تستر فيه الكعبة 2 / 195 ) , فلما فرض ( وفي رواية : نزل 5 / 155 ) رمضان ؛ ( كان رمضان الفريضة , و ) ترك يوم عاشوراء , فمن شاء صامه ومن شاء تركه .
ولكن في مفصّله , يرفض د . جواد علي ما ذهبت إليه أم المؤمنين ( عائشة ) بقوله : لو كان الصيام معروفاً عند قريش , لما سأل الرسول يهود يثرب عن صومهم صيام عاشوراء , وما جاء من قوله : " نحن أحق بموسى منهم , فصام , وأمر الناس بصومه " إلى أن فُرض رمضان , فرفع عنهم صومه , وجعلهم أحراراً إن شاؤوا صاموه , وإن شاؤوا أفطروا ( .. ) وهو حديث يشك فيه العلماء كذلك . وهذه الرواية تناقض تماماً رواية صيام قريش يوم عاشوراء . ثم إننا ( والكلام لا يزال ل د. جواد علي ) لا نجد في القرآن ولا في الحديث _ غير حديث عائشة _ ما يشير إلى وجود مثل هذا الصوم بمكة قبل الهجرة , ولو كان معروفاً , لما سُكت عنه .
كانت السنة العربية الشمالية والعربية الجنوبية مؤلفة من إثني عشر شهراً , ولا يزال هذا التقسيم معمولاً به حتى يومنا هذا .
أما الشهور التي ذكر الأخباريون أنها كانت مستعملة عند العرب حين ظهور الإسلام , فهي : المحرم , وصفر , وربيع الأول , وربيع الثاني , وجمادى الأولى , وجمادى الآخرة , ورجب , وشعبان , ورمضان , وشوال , وذو القعدة , وذو الحجة . وذكروا أيضاً أن أول من سماها بهذه الأسماء هو كلاب بن مرّة . ومن هذه الشهور أربعة حرم لا يجوز فيها غزو ولا قتال .
وعليه جاء في القرآن الكريم : إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين .
إذن رمضان هو أسم شهر من تلك الشهور العربية الأصيلة , الآنفة الذكر , الذي ذُكر في القرآن الكريم على أنه الشهر الذي أُنزل فيه القرآن ( شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس / البقرة 185 ) .
ويقال أن رمضان هو من الرمض وهو الحر الشديد , ومنه رمض الصائم , أي حرّ جوفه من شدة العطش , ورمض الصوم , أي نواه .
ويظهر من تفسير أسماء بعض الأشهر وتعليلها أن لتسمياتها علاقة بالمواسم وبالعوارض الطبيعية الجوية مثل البرد والحر والإعتدال في الجو , وأن مسمياتها , أي الشهور المسماة بها , كانت شهوراً ثابتة في الأصل , وإلا فلا يعقل تفسيرها بغير هذا التفسير . فكيف يسمى رمضان رمضان مثلاً لرمض الحجارة من الحر فيه , إن لم يكن ثابتاً وشهراً منن أشهر الصيف الحارة ؟ وكيف يسمى جمادى بجمادى لجمود الماء فيه , إن لم يكن هو الشهر التالي له والمسمى بجمادى الآخرة ثابتين , ومن أشهر الشتاء ؟ وهكذا يجب أن يقال عن بقية الشهور , وإلا لم يصح ما قيل فيها من التفاسير .
إلا أن اتباع الإسلام التقويم القمري , ( أدى ) إلى تحرك الشهور وتنقلها في الفصول , لكون الشهور القمرية غير ثابتة على نمط الشهور الشمسية .
أما الأمر الآخر الذي لا يفوت على فطن , فهو التقاء التحول من جهة اليهود إلى جهة العروبة , ومن الصيام العاشورائي اليهودي إلى الصيام الرمضاني العربي و مع تقديس يوم العروبة ويوم العروبة هو يوم الجمعة في الجاهلية  .
وقد ذكر المسعودي أسماء أيام الأسبوع العربي في مروجه كالتالي : الأحد أول , والإثنين أهون , والثلاثاء جبار , والأربعاء دبار , والخميس مؤنس , والجمعة عروبة , والسبت شيار .
وفي الميثولوجيا العربية , فإن آدم أبو البشر قد خُلق في يوم العروبة ( ... ) أي يوم الجمعة , إذ أمر فيه الله تعالى الأرض , فأخرجت أنفساً حيوانية , بها ثم وسباعاً وحشرات . ثم خاطب ملائكته قائلاً : هلموا نخلق إنساناً بصورتنا ومثالنا عارفاً بالخير والشر مستطيعاً لفعلها . فظهرت يمين مبسوطة فيها أجزاء من العناصر الأربع , ونفخ فيها نسيم الحياة فوجد آدم شاباً . ثم ألقى الله عليه الرقاد وانتزع إحدى أضلاعه من جنبه الأيمن وخلق منها حواء أم البشر واسكنها فردوس عدن وهو الجنة ومستقرها نحو المشرق وأباحها الأكل من جميع ثمار الجنة خلا شجرة الخير والشر .
ويقال أن كعب وهو الجد الثامن لعمر بن الخطاب رضي الله عنه . كان يجمع قومه يوم العروبة أي يوم الرحمة وهو يوم الجمعة , فيعظهم ويذكرهم بمبعث النبي , صلى الله عليه وسلم , وينبئهم بأنه من ولده ويأمرهم بإتباعه .
إلا أن الأنصار بدلوا اسم يوم العروبة , فجعلوه الجمعة . ذلك أنهم نظروا فإذا لليهود يوم في الأسبوع يجتمعون فيه , وللنصارى يوم يجتمعون فيه هو الأحد , فقالوا : ما لنا لا يكون لنا يوم كيوم اليهود أو النصارى , فاجتمعوا إلى سعد ابن زُرارة , فصلى بهم ركعتين وذكرهم , فسموا ذلك اليوم يوم الجمعة لاجتماعهم فيه , وأنزل الله سورة الجمعة , فهي على حد قول أصحاب هذه الرواية أول جمعة في الإسلام .
تأسيساً على ما سبق , جاءت النغمة العروبية الواضحة في صيام رمضان وتقديس يوم العروبة , ثم العودة عن اغتراب القبلة الأورشليمية إلى الكعبة العربية المكية , إشارة واضحة إلى بدء التخلي عن ممالأة يهود المدينة , والإفصاح بتلك الإشارات القوية إلى أن الأمر كله عائد في النهاية إلى أهل الله القرشيين , وأن القدس كلهم في محل كعبتهم , وهي الطمأنة لقريش وتأكيد أن الإسلام لا يهدد أبداً مصالح مكة السياسية ولا الدينية المرتبطة دوماً بالاقتصادية , وإن خط سير التاريخ يحث خطاه إلى نتائجه النهائية , وأن الحروب جميعاً ما كانت إلا لتوحيد العرب بزعامة قرشية يمثلها أشرف الخلق وسيدهم المصطفى , صلى الله عليه وسلم .

قسمات عروبية أخرى
إن ولادة الإسلام ونشأته , في زمان ومكان عروبيين , ونزول الوحي على نبيه العربي الأكبر , سيداً للخلق , وخاتمةً لأنبياء الله المصطفين , بلسان عربي , إلهي , مبين , واختيار الله لأمة محمد العربي , واصطفائها من بين كل الناس , أمةً لكتابه وإسلامه الحق , باعتبارها أمةً تفهمه , وتفقههُ , وتدركهُ ... الخ , كل ذلك وأشياء أخرى كثيرة , دفعت الإسلام _ كما أراد له الله _ وارتقت به إلى علو عربي أصيل وصحيح , تماماً , كما قُذف , منذ البدء , من عمق رحم عروبي أصيل .
من هنا , كان قيام الإسلام وقعوده عروبياً , وكذا عروبياً فصيحاً أيضاً , عبر الآخر المختلف , مخترقاً , مجتازاً , أو فاتحاً إياه , تماماً كما نزل على الأعراب , مُفاتحاً إياهم , من دون الناس .
الإسلام إذن , فوقاً وتحتاً , ظاهراً وباطناً , تاريخياً , واثيولوجيا ( علم دراسة الأسباب / الأثيولوجيا ) , وميثولوجياً ... الخ , هو من منبت ومنشأ عروبي فصيح . وإذا كان الإسلام , في بدايات طلوعه , على مستوى التعالق والتثاقف مع الذاكرة العروبية الجمعية , كذاكرة قديمة وسابقة ومؤسسة لذاكرته اللاحقة , في بعض مناحيه , ثورة هدامة , فإنه في جوانب أخرى كثيرة , كان ثورة بناءّة .
فالمشروع المحمدي الثوري ( في زمانه ومكانه ) , على مستوى البناء , جاء في جوانب كثيرة , مكرّساً لا بل مجّملاً ومؤلهاً للقديم العربي .
وعلى حد قول محمد بن سائب الكلبي , فإن العرب كانت في جاهليتها تحرم أشياء نزل القرآن بتحريمها . فجاء الإسلام عربي المحيا , متشاكلاً مع ذاك القديم العربي في الكثير من قسماته وسيمائه , وهذه بعضها :
_ الإيمان بالله وباليوم الآخر .
_ الإعتقاد بالتوحيد والإيمان بيوم الحساب .
_ الاعتقاد بإله السماء ( ذوي سموي ) , كإله واحد يدعى أيضاً برحمن .
_ تحريم الخمر .
_ الإيمان بالخالق تعالى , وبخلق آدم عليه السلام .
_ تحريم الغزو والقتال في الأشهر الحرام الأربعة .
_ اتخاذ يوم الجمعة / يوم العروبة , كيوم لاجتماع القوم وايعاظهم فيه .
_ تحريم نكاح الأمهات , والبنات , والخالات , والعمات .
_ تحريم الجمع بين الأختين ومزاحمة الأب في امرأته ( الضيزن ) .
_ زواج الإبن ( الأكبر ) من امرأة أبيه بعد موته أو طلاقه لها .
_ الزواج من أربعة نساء وخطب المرأة إلى أبيها أو إلى أخيها أو عمها أو بعض بني عمها .
_ حج البيت الحرام ( أي مكة ) , والعمرة , والطواف بالبيت , والمسح بالحجر .
_ كره الظلم والجور في الحرم .
_النهي عن عبادة غير الله من الأصنام .
_ عدم البيع في يوم عرفة , ولا في أيام منى .
_ غسل الموتى والصلاة عليهم , وذكر محاسنهم كلها , والثناء عليهم وثم دفنهم مع ذكر الله : رحمة الله وبركاته .
_ الإغتسال من الجناية , والدوام على طهارات الفطرة التي ابتلى بها إبراهيم عليه السلام , وهي الكلمات العشر , فإنهن خمس في الرأس , وخمس في الجسد . فأما اللواتي في الرأس : فالمضمضة , والإستنشاق , وقص الشارب , والفرق , والسواك . وأما اللواتي في الجسد : فالإستنجاء , وتقليم الأظفار , ونتف الإبط , وحلق العانة , والختان . فلما جاء الإسلام قررها سنةً من السنن .
_ قطع يد السارق والوفاء بالعهود وتكريم الجار والضيف .
إن القراءة التابوية ( من التابو ) للإسلام , في سياقه العربي , باعتباره أبيض العروبة وخيرها الخالصين , واعتبار كل ما قبله وما بعده ( ولا بعد بعده ) , عربياً , أسود العروبة وشرها , لهي قراءة إيمانية وتكفيرية في آن واحد , إذ يقسم قارئها العروبة إلى عروبتين : عروبة "كافرة", "جاهلية" / عروبة ما قبل الإسلام , وعروبة "مؤمنة", إسلامية / عروبة ما بعد الإسلام . فالرؤية التابوية الإيمانية التي تتعاطى مع الإسلام وكأنه كلّ التاريخ , وكل المكان , وكل الزمان , وكل الأرض , وكل السماء , وكل الله , إنما لهي في بنيانها رؤية قمعية , إذ تمارس القمع على مستويين :
الأول , مستوى كوني :
فهي _ على الأقل نظرياً _ رؤية قامعة لإرادة الله , جل جلاله , الكلية , والشمولية , وقامعة لوسع الله باعتباره كل العالم , وكل الأديان وكل الحروف وكل والألسن , وكل الزمان , وكلّ المكان ... وهو كل الناس , كما أن كلهم , إيمانياً , هم "هو" , إنها على هذا المستوى تحق الجزء من الله دون كله .
الثاني , مستوى عروبي :
أما على هذا المستوى العروبي , فإن هذه الرؤية القمعية , القسرية , تحاول جاهدةً , أن تؤسس لعروبة كسيحة , في الجنة , لا يشهدها إلا الله , بدل عروبة صحيحة , تمشي على الأرض , ويشهد لها كل العرب . وذلك بتوطين الإسلام في السماء وحجب الثقة عن مواطنيته الأرضية وبالتالي إخراجه عن مساره التاريخي , الطبيعي , ليصبح تاريخه وتاريخ الله واحد .
هي رؤية تسعى لقصقصة منابت العروبة أو تقليمها , بحجة أنها "جاهلية" , أو "وثنية" , أو "كافرة" .
إنها لرؤية آخروية , تحاول أن تبني لها ولأتباعها الآخرويين , في الماوراء أو الهواء ( لا فرق ) , وطناً عربياً كبيراً جداً , من محيط الله إلى خليجه , بدل وطن عربي , من لحم ودم , وحيّ يُرزق , من محيط العرب إلى خليجهم .

الإسلام ملك عروبي فصيح
إن ظاهرة ربط الدين بالسلطة ( الدولة ) , ومُلك السماء بملك الأرض , هي ظاهرة غائلة في القدم , ورافقت الإنسان , زمكانياً , منذ الحضورات والتبديات الأولى للظاهرة الدينية في مستوياتها العبادوية والمؤسساتية  . فمنذ أن وعى الإنسان الله , باعتباره حضوراً , ميتافيزيقياً , فوقبشرياً , متفوقاً وقوياً , حاول على الدوام استحضار ذات  إلهه وتحيين لحظات حضوره الماورائي الخارق , الفالت والممكن , في حضوره البشري , العادي , الملجوم والراهن .
وحتى يتحّين للإنسان الفوز بحضور إلهه "الأخضر" والصحيح , كمرجعية ميتافيزيقية ممتازة لحضوره الباهت والعليل , خلق لنفسه أزماناً فسيحة , مقدسة , قوية , وغائرة في زمان الله / الآلهة , سماها بالأعياد , كما دشّن أماكن قدسية , سرّوية , قوية , مؤسطرة , ومشرفة على مداخل ومخارج الله / الالهة , سماها بالمعابد أو بيوتات الله . وإتماماً لعملية الخلق الأنسية العبادوية , لزمان ومكان مقدسيين , إلهيين , قويين , شرع الإنسان في إبداع منظومة من الطقوس , وأشكال العبادات , والليجندات , والأساطير المتناغمة مع الفضاءات القدسية , والمتفوقة لأزمان وبقاع الله , وذلك محاولةً منه , لطمأنة حضوره القلق , ووجوده المهدد , بفعل محاكاة أو مجانبة طقوسية , لحضورٍ أجلد وأرصن ألا وهو حضور الله / الالهة .
هو يحاول بسلوكياته الطقوسية هذه , التأسيس لعبور قداسوي من " خارج الله " باعتباره حضوراً قدرياً , حبيساً , ومسكوناً بالموت والفناء والتلاشي , إلى " داخل الله " , باعتباره حضوراً " كن فيكونياً " حراً , طليقاً , ومسكوناً بالخلود والأبدية .
إذ يمارس الإنسان طقوس العيد ( زمان الله / الآلهة ) , ومنظومة السلوكيات التعبدية في المعبد ( مكان الله / الآلهة ) , من تقريب للصلاة , وتوزيع للعطايا والصدقات , وترتيل للأدعية والآيات , وتقديم للأضاحي والقرابين والهبات .. الخ , فإنه يهدف بفعله التعبدي هذا , إلى مماهاة روحه مع روح الله وبالتالي الولوج في حضور قدسي , "نرفانوي"  , أسطوري , كوني , يشمل كل الإنسان وكل الله / الآلهة على السواء .
هكذا , بلا حدود , انحاز الإنسان إلى الله / الآلهة , وتحزب له / لهم , وحذا حذوه / حذوهم في كل شيء , وكان له / لهم خير المحاكين والمقلدين .
فنظمّ الإنسان أساليب معيشته , ودجّن نفسه وروضّها , مقولباً , ومقمقماً إياها , في ضوابط ونواظم وسلوكيات حياتية , مجتمعية , صارمة , والتي ما كان لها أن تنوجد وتكون , لولا إحساس " التحت  المجتمعي" بالحضور الجبروتي , الميثي , المتفوق , للناظم , والمدبر " الفوق مجتمعي " الأول , أي الله / الآلهة .
بهذا الإحساس العبادوي , الدوني , اندفع الإنسان , بدأب وسعيٍ حثيثين , إلى الزمان الأقوى , والمكان الأقوى , والحضور الأقوى , والوجود الأقوى , والصانع الأقوى , والناظم الأقوى , والأصل الأقوى ...الخ , وهذا يعني في النهاية , البحث الأبدي عن ذاته في الله / الآلهة , وعن الله / الآلهة في ذاته .
تأسيساً على كل ما سبق , يمكن القول بأن الإنسان انخضع لآداب وطقوس المأكل , والمشرب , والمسكن , والزواج , والكلام , والُملك … الخ , لأن الله ( أو الالهة )  هكذا فعل ( أو فعلت ) في البدء .
بهذا الإتقان الأرضي , الذي حاكى به المخلوق , إبداع خالقه السماواتي , تداخلت سيماء السموات مع سيماء الأرض , وسيماء الحضور الإلهي مع سيماء الحضور الأنسي , كما الصنيع الإلهي و الصنيع الأنسي, تماثلاً وتشابهاً , حتى كادت صورة الله / الالهة تشاكل وصورة عباده / عبادها .
والحال ففي الوقت الذي يقال فيه , على المستوى الإيماني الاعتقادي , بأن الله / الالهة قد خلق / خلقت الإنسان على صورته / صورتها , فإنه وعلى مستويات أخرى ( مجتمعية , سيكولوجية , مادية , تاريخية , تصوفية .. الخ ) , يمكن قول العكس أيضاً , بأن الإنسان قد خلق الله / الآلهة على صورته .
والمُلك , نموذجاً , كان على امتداد تاريخ الآلهة وجغرافياتها , ولا يزال صفة من جلّ صفاتها .
وهو يُقرأ في كل الميثولوجيات , وكل العقائد , وكل الأديان , باعتباره صفةً إلهيةً , سماواتيةً , متفوقةً , وملازمةً لذات الخالق البدئية .
أما المُلك في القرآن , كنموذج ل " كلامات " الله وخطاباته "الفوق إرادوية" ( على المستوى البشري ) , والسماواتية , المنزلّة , فقد أُريد له أن يكون حكماً عربياً , مبيناً , في ذات الوقت الذي يُقرأ المُلك , في النص القرآني , باعتباره حُكماً محصوراً في ذات الله ( إنما الملك لله ) الواسعة , الممتدة إلى ما لا نهاية , الكلية , والحاوية لكل الكون , وكل الطبيعة , وكل الإنسان أو كل الناس , بمختلف مشاربهم , وجهاتهم , وسلالاتهم , وألوان بشراتهم , ولغاتهم , وأبجدياتهم , واتجاهاتهم , وأديانهم , واعتقاداتهم , ومذاهبهم , وشطحاتهم .. الخ .
وفي تفسير الآية ( وكذلك أنزلناه حكماً عربياً ) , يقول الطبري في تفسيره : كذلك أيضاً أنزلنا الحكم والدين حكماً عربياً , وجعل ذلك عربياً ووصفه به لأنه أنزل على محمد , صلى الله عليه وسلم , وهو عربي فنسب إليه , إذ كان عليه نزل فكذب به الأحزاب .
أما نزول الحكم والدين عربياً , وجعله في شخص الرسول العربي محمد , فهو أمر يعود إلى الله وحده , فهو مالك الملك , يؤتي الملك من يشاء , وينزع الملك ممن يشاء , ويعزّ من يشاء ويذل من يشاء , بيده الخير , إنه على كل شيء قدير .
فبينما التوراة تحكي عن مطالبة الشعب الإسرائيلي نفسه للكاهن ( صموئيل ) بملك يوحدهم ويقود جيوشهم , فإن الآيات الكريمة تؤكد أن ذلك الملك جاء باصطفاء إلهي , وهو ما يستدعي على الفور اصطفاء المصطفى _ عليه الصلاة والسلام _ لكن لتفرض ذلك الملك على بني إسرائيل _ في الآيات القرآنية _ فرضاً بقرار إلهي , وهو الأمر الذي يطابق واقع الحال المكي مع الدعوة الإسلامية , ويخالف ما جاء في التوراة عن حال التاريخ الإسرائيلي القديم , ومن هنا , يتم تعشيق الماضي مع الحاضر في المثال المضروب بقرار علوي : إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء .
باصطفاء الله تعالى لمحمدٍ العربي, نبياً خاتمياً لإسلامه الخاتمي , فإنه اختزل كل الأديان وكل العقائد في الإسلام , وكل الكتب السماوية , أو كل كلام الله / الآلهة في القرآن , كما اختزل كل الناس في العرب , وكل العروبة في محمد , ليصبح بالتالي محمد أمةً قائمةً بذاتها لدعاته وأتباعه المحمديين .
إن التأسيس لهذه الأمة المصطفاة تحت زعامة نبيها العربي الأكبر , قد تم إذن , بقرار علوي , ألوهي قوي وممتاز . وحتى تخرج هذه الأمة المحمدية من فضاء اليوتوبيا إلى فضاء الحقيقة والممارسة , ومن أمة الممكن والخيال إلى أمة الواقع والمعاش , كان لا بدّ من قرار أرضي , قوي , وممتاز أيضاً , كصدى لقرار الله أوكظلٍ له . وهكذا اختصر الله ملكه أو اختزله , أرضياً , في ملك رسوله العربي المصطفى , فكان ملكاً له , ليصبح ملك الله وملك الرسول العربي واحد , والله يؤتي ملكه من يشاء . كما اختُزلت حدود دولة الله في حدود دولة الرسول .
وقد تمثلت المرحلة الأولى في تكوين الدولة ,في ظهور سلطتها , كسلطة نبوية , في مكة بنداء النبي _ صلى الله عليه وسلم _ بما بين يديه سلطة نبوية ( إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) , تلك السلطة التي استندت إلى أساسين أولين هما :
السلطة النبوية المستمدة من الأساس الثاني والأعظم , وهي سلطة الله الأوحد العليا , الراعي الأقدر للدولة القادمة .
وبالفعل تتجاوز الدعوة الطالعة لمؤسسة الدولة المقبلة , التعدد العشائري نحو توحد عربي جامع , وذلك بنزوع مبكر , نحو دولة غير اعتيادية , إنما إمبراطورية تسد الفراغ السياسي العالمي , وتقضي على ما تبقى من تفريخات منهارة للإمبراطوريات القديمة المتصارعة لصالح التطور الأممي الجديد , وهو ما تأتينا نبوءته الصادقة يتردد صداها في جنبات جزيرة العرب بلسان النبي الأمين :
" إتبعوني أجعلكم أنساباً , والذي نفسي بيده , لتملكّن كنوز كسرى وقيصر " وهو المعنى الذي كان يحمل في طياته غرض كسب ولاء جماعة تضامنية , تشكل الأساس الثالث للدولة , جماعة تشكل نواة تأسيسية للأمة المقبلة , لتتحول هذه الجماعة الإسلامية , لاحقاً , إلى جيش متكامل , مشكلة الأساس الرابع للدولة ( وذلك ) بتحولها من مستضعفين مهاجرين , إلى وحدة أو دولة عسكرية مقاتلة .
أما الشعور الوحدوي الواضح للنبي العربي تجاه عربه , وانحيازه الصريح _ والصحيح دون أدنى ريب _ لعروبته , فنستطيع قراءتها في تعقيبه التاريخي على النصر " الذي قاري "( نسبةً إلى ذي قار ) للعرب على جيش الإمبراطورية الفارسية ( الأعجمية ) قائلاً : " هذا اليوم أول يوم انتصف فيه العرب من العجم وبي نصروا " .
وفي حين نقرأ " العجم " في حديث الرسول العربي الآنف الذكر , باعتبارهم فرساً وأعداءً مهزومين ومندحرين أمام عرب الرسول الذين به نصروا وانتصفوا من عدوهم التاريخي " الأعجمي " , فإننا نشهد اختزال كل "الآخر" , "المختلف" أي "الغير عربي" , في النص القرآني , في هذه اللفظة .
كقوله تعالى : ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين .
فلفظة"العجم" , وإن كانت لفظةً عامةً , قصد بها كل من هو ليس بعربي , لكنها أُطلقت في الغالب على الفرس واليونان , وهم أرقى الشعوب التي احتك بها العرب في ذلك الوقت . وأُطلقت على الفرس بصورة خاصة , لما كان للساسانيين من اتصال خاص بالعرب قبيل الإسلام .
و"العجم" في العربية هم خلاف العرب أو علم " على الفرس خاصة " . وقيل : تشمل لفظة ( العجم ) كل من ليس بعربي , وهي في مقابل لفظة B arbarian في اللغة الإنكليزية المأخوذة من أصل يوناني , وهي لا تعني المتوحشين وإنما ( أعاجم ) و ( غرباء ) بتعبير أصح , الذين كانوا لا يحسنون التكلم بلغة المهذبين , بل كانوا يرطنون في كلامهم , ويتكلمون بلهجات رديئة , ثم أطلقها اليونان على كل من لم يحسن التكلم باليونانية وعلى كل من يتكلم بلغة غير يونانية . ولما دخل اليونان في حكم الرومان , صارت الكلمة تطلق على كل الشعوب الأخرى التي لا تتكلم باليونانية , أو اللاتينية  .
إن تعبير ( الرسول العربي ) ب" العرب " و " العجم " كفريقين في المعركة تلك , يضفي على الحادث الكبير معناه التاريخي شبه الحاسم , وهو المعنى الذي استمده من طبيعة تلك المتغيرات المتحركة يومئذ على صعيد المنطقة . وطبيعتها هي طبيعة الإتجاه العام للأحداث نحو التكّون الجنيني لمجتمع " عربي " بمعنى الكينونة الكيفية للمجتمع , دون الكمية التي كانها " المجتمع " الجاهلي , ( ... ) ( إن هذا الحديث , لهو دليل ) على أن الفريق الذي انتصر يوم ذي قار هو " العرب " لا مجموعة القبائل التي تنادت للمشاركة في مواجهة " العجم " , ( ودليل ) أيضاً أن الإسلام حين قدّم للجزيرة أداتها التوحيدية إنما قدّمها في الزمن المحدد , لأن حاجة الجزيرة إلى التوحيد كانت ناضجة تاريخياً آنذاك .
وجاء الحضور التوحيدي في الإسلام متحققاً على المستويين : المستوى المادي بسعيه لوحدة مؤسسية جامعة , في دولة مركزية , وعلى مستوى الوعي بنهوضه على فكرة واعتقاد في مبدأ ايديولوجي يضع النظرية لمؤسسة الدولة المقبلة .
وبينما صراع النقيضين ( أي تناقض التفاوت الطبقي مع الشكل القبلي ) يفعل فعله التراكمي , لصالح توحد كامل , يقضي على التمثيل القبلي لصالح نظام حكم مركزي جامع , يقوم على سلطة واحدة موحدة , لا تضع بحساباتها مصالح الملأ الأنانية الضيقة , بل تتجاوزها بضرب التعدد السلطوي والربوبي لصالح دولة كبرى ومصالح أعظم وأعم نفعاً لكل عربان الجزيرة , حكم يمكنه أن يوحد تلك الشراذم المتأرجحة بين القبلية والتوحد نحو أمة واحدة , بدأت تسري في الآفاق نبوءات الحكماء والكهان عن قدوم موحد فرد يتفق في مواصفاتها مع حالة الجزيرة الاجتماعية , فهو لن يأتي ملكاً , لأن أي قبيلة سترفض فوراً أن يحكمها ملك من خارج نبيها ,لذلك سيأتي الملك بصيغة أخرى , صيغة جامعة مانعة يقبلها الجميع ومن ثم سري الإرهاص يلهب الأحاسيس القومية بمقدم نبي منتظر .
وحين يظهر النبي العربي محمد , طارحاً لبني قومه مقاصد مشروعه الإسلامي التوحيدي , الذي "سيملكهم به كنوز كسرى وقيصر" , و"يجعلهم به أنساباً" , فيما لو أطاعوه , حينئذ , يطلع من بين الملأ من يدرك العمق العروبي للمشروع المحمدي , واضعاً للعرب النقاط على الحروف بقوله :
" يا معشر قريش , أطيعوني واجعلوها بي , وخلوا بين هذا الرجل ( والمقصود به النبي العربي محمد / الكاتب ) وما هو فيه فاعتزلوه , فوالله ليكوننّ لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم , فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم , وإن يظهر على العرب , فملكه ملككم , وعزه عزكم , وكنتم أسعد الناس به " .
إزاء ظروفٍ عاش فيها العرب , بين واقع العصبوية القبلية والولاءات العشائرية , والمصالح الأنانية الضيقة , التي اقتضتها التعددية الربوبية القبلية , وبين حلم وإمكانية التطلع إلى دولة عروبية واحدة وموحدة , توحدهم في وجه أطماع وامتدادات الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية , ظهر النبي العربي محمد , بشيراً ونذيراً لهم , ومنظّراً , بوحي من الكلام الإلهي القديم جداً , والمنزّل تنزيلاً عربياً مبيناً , في الشأن العربي وواقعه المتشرذم إلى ولاءات قبلية , وربوبية , لا حصر لها , ليصبح في النهاية أول موحدٍ للخطاب العربي , ومؤسس أول دولة عروبية ( وربما آخر دولة على المدى المنظور على الأقل ) من طراز قوموي فذّ , وأول وآخر شخصية عروبية من الطراز الفرداني الفذّ , على طول الزمان والمكان العربيين وعرضهما .

الإسلام كحضور عروبي راجح , ومحل الأعجمي ( الكرد نموذجاً ) فيه من الإعراب
إن إسلاماً هكذا عروبيةٌ فصاحته , وكذا عروبيٌ زمانه ومكانه , وعروبيٌ نزوله وصعوده , وعروبيٌ فتحه, ودخوله وخروجه , وعروبيٌ سيفه وقلمه , وعروبيٌ نبيّه وخلفاءه وملكه ... الخ , لا بدّ وأنه سيقتضي في النتيجة , على مستوى الآخر المختلف والذي هو خلاف العربي , إلى حالةٍ عصبويةٍ , عصاميةٍ , مأزومةٍ , يعصي فيها "شيطان قومي" , أعجمي , لأمر الإسلام العروبي , وذلك على مستويين :
الأول : مستوى المنشور السماوي
لقد اتحف الله عباده , على هذا المستوى , بمنشور سماوي منزّل تنزيلاً عربياً , لقوم يعلمون , إذ اصطفاهم الله من بين كل الخلق وجعلهم خيرُ أمةٍ أُخرجت للناس .
وحين يصبح هذا الخطاب الإلهي العربي اللسان , والواحدي , قدراً كونياً , شمولياً , مكتوباً _ متى أراد الله له أن يكون _ على جبين كلّ زمان ومكان , وعلى جبين نزلائهما , الذين خلقهم الله هكذا مختلفين _ على سنة الله وسنة رسوله العربي الأمين _ في جهاتهم وألوان بشراتهم , وأجناسهم , ولغاتهم …..الخ , دون أن يكون لهم في ذلك , حول ولا قوة ولا سلطان , وقتئذٍ لا بدّ وأن تُثار حفيظة "الشيطان القومي" الأعجمية ( وبنيهم الشيطان الكردي طبعاً ) وأن تُستشاط غضباً , مؤسسةً بذلك لعصيان قوموي , عصامي , اختلافي , أعجمي للأمر العروبي , ليرتقي الصدام بين الله الصحيح عربياً, وبين شياطينه" القوميين", "الأعجميين", "المعتلّين" , على المستوى ذاته , إلى حالةٍ من الحرب الشاملة , المقدسة ( لكون الله طرفاً فيها ) , وعلى مختلف جبهات الله طولاً وعرضاً .
وما كل ذلك إلا تيمناً من الشياطين الأعجمية المختلفة , بأبجدياتهم , ووجداً لرنين حروفهم , وحنيناً لبدايات كلامهم , كما فعل الله تعالى , منذ البدء , مع" أبجديته" , و"حروفه" , و"كلامه" , في تنزيله العزيز , والمنزّل بلسانه العربي المصطفى .
الثاني : مستوى المنشور النبوي
بعد إنجاز الله لمنجزه القرآني , واصطفائه لخطابه ولسانه العربيين , الكاملين والخاتميين , كان لا بدّ من نبيّ خاتمي , يصطفيه من بين العرب كخير أمة أُخرجت للناس , بشيراً ونذيراً , يعلم ويفقه كيف يفك طلاسم كتاب الله المنزل تنزيلاً عزيزاً , لناسٍ أو قومٍ يعلمون , ويدعوهم به إلى السراط المستقيم وإلى الإيمان بالله الواحد الذي لا شريك له , وبدينه الحق , وكتابه ورسوله  ... , فكان من الطبيعي أن يقع اختيار الله على رسوله العربي محمد , كأشرف نموذج نبوي فذ , ظهر لقومه .
في الوقت الذي اصطفى فيه المنشور الإسلامي في مستواه السماواتي / الإلهي , العربيةَ , لله , ولتنزيله العزيز , وأهله , وأنبيائه , وأهل جنته , لساناً صحيحاً , فإنه في مستواه الأرضي / النبوي , والصحاباتي النصف أو الشبه النبوي , انحاز أو تحزب للعربية لثلاث ؛ فليس لكون العربية لساناً للقرآن , ولأهل الجنة وحسب , وإنما أيضاً لكون رسول الله , عربياً فصيحاً .
وعلى أثر هذه الصحوة العروبية المسلمة , والملتحفة بعباءة نبوية , شريفة , لا بدّ وأنه ستنزع شياطين من طراز أرضي "متمرد" , إلى الوسوسة والكفر , بنزق , على الموضة القومية ( كل على موضة بني قومه ) , ضامةً صوتها , بذلك , إلى صوت شياطين السماء ذوي الخطاب المقومن ذاته , متحركةً صوب تحالف مصلحي متعدد القوميات , "مرتد" , و"كافر" ( أو كُتب له الكفر , قومياً , بإذنه تعالى ) , ضد تحالف الله مع ملائكته السجوديين , الطيعين , ورسوله , وعباده المؤمنين الصحيحين عربياً , حتى ليغدو أي تحركٍ أو نزوعٍ أو نزقٍ , على مستوى "التشيطن القومي" , تحركاً , ونزوعاً , و"نزقاً قومياً" , "كافراً" بامتياز .
أما الشياطين الأعجمية فتسند شرعيتها _ ولا شرع بعد شرع الله _ كحضور قومي حقاني , وشرعية نزوعها الانفصالي وعصيانها الموسوس قومياً , والتي سيُحكم عليها وعلى كل حركاتها المهددة بالاستقلال عن الله , بالجنون والطيش سلفاً , إلى أحجيات أوجزها فيما يلي :
الأحجية الأولى :
كيف سيكون الله عالماً بما في الأرض والسموات , شاسعاً وواسعاً , لا تحده حدود ( وهو لكذلك ) , وثم ينزل عباده المختلفين ( وفقاً لسنته وسنة رسوله الكريم ) , قرآناً / كتاباً خاتمياً , غير ذي عوج , ومحكوماً بحدود عربية , ويخاطب فيه العرب باعتبارهم قوماً أهلاً للخطاب / خطابه , يفقهه ويعلمه , فيما يخاطب الآخر باعتباره "خلافاً للعرب" , "أعجمياً" و"غريباً" , ليصبح العرب بالتالي , جزأه الفصيح , العليم , الراجح القريب , الأهل , والآخر الذي هو من دون العرب , "جزأه العجمي" , "اللاعليم" , "المتنحي" , "البعيد" , "الغريب" .
وما الحكمة في ظل هكذا شساعةٍ إلهيةٍ , في أن يخُلق أمرؤْ خلقةً أعجميةً ( كردية مثلاً ) , كما خلق الله سائر البشر , مختلفين , وثم يُقذف بكتاب فُصّلت آياته عربياً , غير ذي عوج , ليس له فيه ناقة ولا جمل , في ذات الوقت الذي نعلم فيه , أن الله تعالى يخلق ما يشاء , ويهلك ما يشاء , يهدي من يشاء , ويضلّ من يشاء , وهو لعلى كل شيء قدير .
ثم ما الضيرُ فيما لو أنزل الله جزأه الأعجمي أيضاً ( الكردي مثلاً ) , _وهم أكراده كسائر الخلق , والناس لديه سواسية كأسنان المشط _ كتاباً فُصّلت آياته وفصوله , باطناً وظاهراً , "كردياً" , غير ذي عوجٍ  ؟ !
وماذا كان سيكون , غير ما كانه الله , وغير ما أراده أن يكون فكان , لو كان الله واحداً , وهو الواحد الأحد الذي لا شريك له , وكان كتابه كثير ؟!
ألا كيف الصلاةُ , والسجود , والدعاء , والتقرب , والتوبة …. إليه , "عربياً" , وأنه _ بما له في خلقه شئون _ كتبهم , ولفظهم , وقرّأهم , وهجّاهم , هكذا "أعجمياً" , أكراداً مختلفين كما أراد لهم أن يكونوا فكانوا ؟!
إن الله سبحانه وتعالى , على مستوى النص القرآني , هو العالم كلّه , هو ما قبله وما بعده , ما فوقه وما تحته , ما جاء منه وما سيجيء , ما كانه وما سيكون , ما حضر منه وغاب وما سيحضر منه وسيغيب . هو إذن كل البداية كما هو كل النهاية . إلا أنه شاء وبمحض إرادته , أن يصطفي العربية , دون سواها لساناً لقرآنه , وكلامه القديم والعزيز جداً في آن , لزمانه ومكانه , لملكوته وحكمه, وامتداداته واستواءاته , لأرضه وسماواته , لملائكته ونبيه العربي المصطفى , وأهله , وأهل خيره وبركاته وجناته , لأسمائه وأشيائه ومناخاته وفضاءاته وجهاته ….. الخ .
والحال فإن الإيمان الصحيح , أو باختزال أفصح وأدق , الإسلام الصحيح سيكون إسلاماً شاءه الله عز وجّل _ وهو الواسع العليم _ هكذا عربياً مبيناً , طالما _ وتأسيساً على ما ذُكر أعلاه _ أقوم السبل وأأمنها , وأصلحها و وأبينها , وأفصحها , وأغفرها , وأشفعها , وأرحمها , وأنعمها , وأسواها , وأقصرها إلى مشارف الله , ومداخله , ومخارجه , كانت العربية , منذ الزمن البدئي القدسي / زمان الله , ولا تزال .
وعلى اعتبار أن الله تعالى _ حسب المفهوم القرآني _ قد تعالق , ومنذ البدء , مع عباده , كتعالق النقطة النونية مع المنحني النوني , والمركز مع الأطراف , وصار الله عليه , ثابتاً إلى ما لا نهاية , كما صار العباد متحولات إلى ما لانهاية , فلا مناص إذن , ممّا سنّ الله لعباده , من حروفٍ , وقرّأ من آياتٍ , وشرّع من عباداتٍ , وخطّ من حدودٍ , وخرائط وتابوهات … الخ .
باختزال الله سبحانه وتعالى , للدين / كلّ الدين في الإسلام الحنيف , ديناً خاتمياً , وللسان / كلّ اللسان , في العربية , لساناً مصطفىً لذاك الدين / دينه , اختُزل الإيمان / كل الإيمان , بدوره , في سياقه الإسلامي , اختزالاً إعجازياً , إلى ضربٍ من العروبة , أدلوجةً وعقيدةً مصطفاة .
وعليه , فإن أي إيمان يحاول الخروج عن طوق هذا المكان والزمان المحكومَين , بلسان الله العربي المصطفى , ولا يتوشح في العروبة , لساناً , وثقافةً , وتاريخاً و … الخ , في عبوره الإسلامي , إلى جهة الله , سوف لن يتجاوز أكثر من كونه , "إيماناً أعجمياً" , "خارجياً" , "معتلاً" , "ناقصاً" , قاب قوسين أو أدنى , لينقلب المستظلّ أعجمياً به , في المحصلة ( كلّ على سنته وموضته ) , _ إن شاء وحصل _ إلى مؤمنٍ جزئياً أو نصف مؤمنٍ , وينتهي إيمانه , إن شاء أو أبى , إلى نصف إيمانٍ .
الأحجية الثانية :
ثم ما الحجة في أن يُرسل الأعجميون ( الكرد نموذجاً ) , برسول عربي _ ونعم الرسول لقومه _ وهم له بعجماء , لا هو يفقههم ولا هم له بفقهاء .
أوَ لم يذكّر الله خلقه المختلفين , في تنزيله العربي العزيز , بأنه قد بعث في كل أمةٍ رسولاً , وما أرسل من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم , فيضلّ الله من يشاء ويهدي من يشاء .
ألم يعتدّ الرسول العربي _ والرجل لا يُلام _ مراراً بنسبه العربي , وقرآنه العربي , ومشروعه العربي , وملكه العربي , ولسانه العربي , وفتحه العربي , ونصره العربي . فهلاّ للأعجمين ( الكرد نموذجاً ) أن يعتدوا أيضاً _ على موضتهم _ بنسبهم , و"قرآنهم " , وملكهم , ولسانهم , و ... الخ ؟ !
إن عروبة الإسلام الخالصة والتي لا غبار عليها ( على مستوى المنظور الشيطاني الموسوس قومياً , على الأقل ) , لم تمنع المتنفذين فيه , والقائمين عليه , منذ السنوات الأولى بعد هجرة الرسول العربي الكريم إلى المدينة , من محاولة "عولمة" الإسلام باعتباره ديناً خاتمياً , ما جاء إلا ليهتدي به الناس / كل الناس , على المزاج العربي , طريق النور والصلاح والهدى .
ولكن الطريق _ كما يخبرنا التاريخ الإسلامي نفسه _ لم تكن مفروشة بالورد كما يقال , أمام امتداد الدعوة والتبشير بها , بل كانت محفوفةً بمخاطر ومخاوف جمة , لا حد لها , حتى كاد سلوكها أن يكلّف حياة الرسول العربي نفسه , لولا دهاءه , وحنكته , وحكمته , وبصيرته الثاقبة في قراءة شؤون الخلق والماحول .
بعد تمشيط الجيوش العربية لبلاد العرب ( شبه الجزيرة العربية ) , على الطريقة الإسلامية , وتقوية ركائز وأسس الدولة العربية الإسلامية الصاعدة , وتحقيقاً لنبوءة نبيها " لأملكنكم كنوز كسرى وقيصر " كان لا بدّ لجيش الله , أن يزحف بلسانه ودينه وثقافته … الخ جهة الأعجمي المختلف , " لسوقه إلى دين الله وجناته " . وكان لا بدّ له أن يحُرّض على القتال , بفتح جبهات على تخوم "الخارج" العربي الإسلامي , داخلاً في الآخر وفاتحاً إياه , كما أراد الله لذاك الدخول في ذاك "الخارج الكافر" أن يكون . لا سيما وأنه ( جيش الله ) انتهى لتوه من ترتيب "داخله  المؤمن " , وذلك بضربه المصالح القبلية الربوبية الضيقة , وصهره الأعراب في بوتقة الإسلام , كأكمل دين , يليق بعروبته ونسبه الإبراهيمي الشريف .
ومع بدء الغزو العربي _ الإسلامي لجغرافيا وتاريخ وثقافة ... الخ الآخر الأعجمي المختلف , دخل الإسلام عصراً جديداً , يُعد الأرعن من بين كل عصوره على الإطلاق, وقد اصطُلح عليه إسلامياً " عصر الفتوحات الإسلامية " .
إن كلامي عن " الغزو " العربي _ الإسلامي , لا يخرج من كونه مصطلحاً , ارتأيته أكثر دقةً من سواه , وهو _ حسب رؤيتي _ مصطلح أفصح في ترجمته للدخول الإسلامي إلى الآخر , وللمكان والزمان الإسلاميين في حينه .
كما هو لا يعني إني قست _ بسّني لهذا المصطلح أو بمعاودة سّنه _ الأمس الغازي بمقياس الراهن الحضاري , أو أني قرأتُ الماضي بعيون الحاضر _ كما قد يتراءى للبعض _ , بقدر ما أنه يعني محاولة لتحديد المصطلح وبالتالي تسمية الأشياء بمسمياتها .
فعلى مستوى الدخول في الآخر وشبق الإمتداد إليه , الكلُّ غزا بعضه بعضاً , أو على أقل تقدير , فإن الكلُّ نوى  الغزو والدخول في الآخر المختلف وحمل فيروس العبور وعدواه , فمن استطاع إلى ذلك سبيلاً , فعل , أما من لم يستطع إليه , فأرجأه إلى " أن تأتي الرياح بما تشتهي سفنه " ويدخل بلا إذن وبدون مأذون .
إذن الكل / كل العالم غزا بعضه بعضاً , مختلفين أو متشاكلين , والغزو كان منطق الزمان آنذلك : فالعرب غزوا , والكرد غزوا , والفرس غزوا , والأتراك غزوا , والإغريق غزوا , والرومان غزوا  ...الخ .
إن مصطلح " الفتح العربي الإسلامي " هو مصطلح إشكالي , شانه في ذلك ,كشأن أي مصطلح آخر سُنّ ( أو ربما كُتب له , هكذا , أن يُسّن ) وفقاً لأهواء زمانه ومكانه , ومصالح أربابه , وأهله , وخلانه .
ففي الوقت الذي أجاز شيوخ الفتح لأنفسهم , بأن يسموا صنائعهم , على المستوى العربي _ الإسلامي , فتحاً إلهياً مبيناً , وفيما هم يتقلدّون أوسمة الفاتحين , لا بدّ وإن يُجيز " المفتوحين " أيضاً لأنفسهم ( أو يجُاز لهم ) بأن يُسّموا تلك " الفتوح " وأولئك " الفاتحين " , على المستوى الأعجمي المختلف, أي مستوى ثقافتهم , بمسميات , وألقاب , ومصطلحات , تتناغم وهبوب روحهم , وتروق لهوى طبائعهم وجهاتهم وجهات آلهتهم .
وفي حين اصطُلح مشارقياً _ حيث كان الكل , على امتداد آلهتهم واعتقاداتهم , مسلمين , ونصارى , ويهود , وصابئين , وزرادشتيين , وإيزيديين , موّحدين ووثنين , " في همهم شرقاً " _ على امتداد الغرب المسيحي , وتطاولاته , وتدخلاته في الشأن الشرقي , مصطلح " الغزو الصليبي " فإنه اصطُلح , إسلامياً , على ذات الإمتداد, وذات التطاو ل والتدخل ( ولكن بلكنة عروبية إسلامية هذه المرة ) في شؤون ذات الشرق , مصطلح الفتح " المبارك " المبين والذي ما أراد الله له إلا هكذا أن يكون , فكان .

ختم الكلام
هكذا إذن , كتب الله أو كُتب عروبياً ولا يزال , قرّأ الله أو قرّأ عروبياً ولا يزال و كذا تجغرف أو جُغرف الله , وأرّخ أو أُرّخ له , عروبياً , ولا يزال . والحال ففي ظل شساعة , وشمولية , وواحدية هكذا لسانٍ عروبي , وزمانٍ عروبي , ومكانٍ عروبي , وحكمٍ أو ملكٍ عروبي , ورسولٍ عروبي , وفتحٍ عروبي , ونصرٍ عروبي , واختلافٍ أو ائتلافٍ عروبيين ...الخ , على طول الزمان والمكان القرآنيين وعرضهما , باعتبارهما مكاناً وزماناً لله , كيف يمكن ألاّ يكون هناك فرق بين عربي وأعجمي ( الذي هو خلاف العربي ) , إلا بالتقوى ؟
ثم كيف التقوى , على مستوى السلوكيات القرآنية , هكذا واحدية , والإنسان بطبيعته _ وعلى سنة القرآن أيضاً _ كثير ومتعدد ؟ !
أوَ كيف سيكون الله تعالى , قد خلق الناس شعوباً وقبائل , ليتعارفوا أن أكرمهم عند الله اتقاهم  , والسبيل إلى جهة الله , قرآنياً , هو واحد أحد لا شريك له . هو واحدي في كمه وكيفه , فضلاً عن انه واحدي الجهة ( ذهاب بدون إياب / من بدل دينه فاقتلوه )  ؟ !
وعلى اعتبار أن الكرد ( نموذجاً في هذا البحث ) إسوةً بسائر إخوتهم  الأعجميين في الإختلاف , قد فُتحوا واستُعبدوا لله ولحضوره العروبي , بعد أن أُعدمت آلهتهم أو إلههم , وثم استُحضروا وسُخّروا عروبياً , بحجة " إن الدين عند الله الإسلام "  و " من لم يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه , وهو في الآخرة من الخاسرين "  . وباعتبار أن الراهن الكردي , هو حضور إسلامي ساحق , إذ أن الغالبية العظمى من الكرد , بملايينه الأربعين , يعتنقون الدين الإسلامي الحنيف , ويتخذون من القبلة المكية , كمكان عروبي متفوق بامتياز , جهةً لله وبرزخاً للعبور إليه .
وعليه , تُرى كيف قابل الكرد , بعد أن اُّدخلوا إلى إسلام الله ( ولا دين إلاّه ) وأقتيدوا إلى داخل الله الذي لا أمان ولا خلاص إلا فيه وبه , بين حضوريهم : حضورهم الكردي الطيسفوني ( نسبة إلى طيسفون التي فُتحت فتحاً عربياً مبيناً سنة 637 م )  , وحضورهم الإسلامي المكي الصارب في أعماق الزمان والمكان العربيين ؟!
كيف هادن الكرد , بعد أن " تشظت الذات الكردية " , أقصى ما يمكن لها أن تتشظى , بين عمقهم الكردي , أكراداً خوه دايين  / يزدانيين  / أزداييين , وسطحهم الإسلامي العربي أكراداً ألاّويين ؟!
ماذا حصد الكرد الأعجميون من إسلامهم , مذّ سقطوا سقوطاً " كن فيكونياً " , هكذا أُريد له أن يكون , في حضن إله , غابوا في منشوره السماوي , الكريم و والمفصّل تفصيلاً عربياً مبيناً ؟!
أوَ ماذا سيكون قد تبقى لهم , بعد إسلامهم , هكذا عروبياً صحيحاً , وعلى سنة الله الصحيح , ورسوله الصحيح , من مكانٍ وزمانٍ كرديين صحيحين , ووعيٍ وعقلٍ كرديين صحيحين , ولسانٍ وخطابٍ كرديين صحيحين , ومن كتابةٍ وقراءةٍ كرديتين صحيحتين , ومن داخلٍ وخارجٍ كرديين صحيحين؟!
والحال كيف سيكون هؤلاء , وهم أبناء الجن  , لله أكراداً  , والبون بين لسانهم الكردي الأعجمي , ولسانه العربي المصطفى , شاسع , كشساعة المسافة بين الجحيم والنعيم , وبين الشيطان والرحمان ؟!
كيف سيصبح الكرد الأعجميون لكلام الله القديم الذي كان مّذ هو كان , الضادي , و" الكن فيكوني " , فقهاءً , ولقرآنه الكريم شيوخاً , وهم المسكونون خارجه / خارج الله , محكومون بأعجميتهم _ كما صدق تعالى _ ولا عربيتهم أو كرديتهم ؟!
كيف سيصبحون _ وهم عباده المزملون باسمه , إن شاءوا أم أبوا _ على سنة الله وسنة رسوله العربي الأمين , لساناً واحدً , ومكاناً واحداً , وزماناً واحداً , خارجاً وداخلاً واحداً , فوقاً وتحتاً واحداً, وجهةً واحدةً , ..الخ , وهو الذي جبل عباده / كل عباده مختلفين , وجعلهم شعوباً وقبائل وألسن , وأماكن , وأزمان , وجهات ..؟!
أوَ كيف " من لم يبتغ الإسلام ديناً , سوف لن يقبل منه , كما سيكون في الآخرة من الخاسرين "  ويكون الدين عند الله مختزلٌ في الإسلام  , ديناً خاتمياً أكيداً , في ذات الوقت الذي يحُفّظ فيه الكرد الأعجميون تلاوة " لا إكراه في الدين " , وفيها يحُلّون , كما بها يتصّوفون ؟!
كيف " بعث الله في كل أمةً رسولاً  , بلسانهم _ ولله في خلقه شؤون _ والكرد المنفيون , أرضياً وسماواتياً , والمجبولين هكذا أعجمياً , يخُرجون , إلى هذه الساعة , وتحت هذه اليافطة أوتلك , أو هذه العولمة أو تلك , من المولد , بلا حمص , بلا رسول , بلا رسالة , وبلا لسان .. ؟ !
أوَ كيف سيعوّل الكرد على هكذا خطاب عروبي , أهل لأهله , حوكموا فيه _ وهم المختلفون _ بالغياب الأكيد , فتغرّبوا وتعجّموا أو غُرّبوا واستُعجموا , ثم لماذا سيُفسد على أهل هذا الخطاب أنفسهم , حضورهم الأخضر والعالي والفصيح والفسيح ؟
أوَ ليس أهل مكة أدرى بشعابها , كما كان الكرد مثلاً أدرى بشعاب طيسفونهم ؟
أوَ ماذا يمكن أن يُهمس " عن الحضور الكردي " الذي غاب , بعد أن أُسقط الكرد عن ذاكرة التاريخ والجغرافيا والحرف … وعن ذاكرة الله أيضاً , وبعد أن فتحتهم جيوش دولته الكبيرة جداً / دولة الإسلام المحمدية , منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً ونصف القرن , فدخلت فيهم وامتدت إليهم بحروب فتحه الإلهي المبين ؟!
 
أوراق كردية    العدد 4 - 05.11.2002                             
www.amude.net/ewraq 

 

***********************

* ارتؤي اختصار البحث_ وهو لا يزال قيد الدراسة والقيام والقعود _ إلى هذه المساحة التي هو بها , وذلك لاعتبارات فنية تعود إلى الموقع / الكاتب .
  عندما أتكلم عن الدين في هذا البحث , لا أقصد الدين باعتباره ظاهرة روحيةً  وخالصةً على نحو ما نجدها في حياة قلة ضئيلة من الناس كالقديسين والمتصوفين وبعض الفلاسفة . إن الدين يعنينا هنا من حيث هو قوة هائلة تدخل في صميم حياتنا وتؤثر في جوهر بنياننا الفكري والنفسي وتحدد طرق تفكيرنا وردود فعلنا نحو العالم الذي نعيش فيه وتشكل جزءاً لا يتجزأ من سلوكنا وعاداتنا التي نشأنا عليها .
لذلك سننظر إلى الدين باعتباره مجموعة من المعتقدات والتشريعات والشعائر والطقوس والمؤسسات التي تحيط بحياة الإنسان , في أوضاع معينة , إحاطة شبه تامة . ويحتوي الدين بالإضافة إلى ذلك على عدد كبير من القصص والأساطير والروايات والآراء عن نشوء الكون وبنيانه , وعن الإنسان وأصله ومصيره , وعن التاريخ وأحداثه وعن الأشخاص الذين لعبوا دوراً في تسير هذه الأحداث . ولا شك في أن الدين يدخل في صميم حياة الغالبية العظمى من الناس بهذه الصفة التي وُضعت معالمها لا بصفته جوهراً روحياً خالصاً تتعلق به قلة نادرة من الناس .
والكلام مقتبس من :
د.صادق جلال العظم ود.بشير الداعوق : نقد الفكر الديني , دار الطليعة , بيروت 1969 , ص17 .
  للمزيد من التفاصيل حول مفهومي الدين والعبادة راجع :
فراس السواح : دين الإنسان "بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني " , دار علاء الدين , ط2 , دمشق ( بدون تاريخ للنشر ) , ص87 _91 .
  عندما أتكلم عن الإيمان أو الاعتقاد في هذا البحث فأني لا أقصد إيمان العجائز ولا أقصد ظاهرة التسليم البسيط الساذج الذي يطبع موقف معظم الناس في كل ما يتعلق بدينهم , إن بحثي يدور حول إنسان معاصر ( اسمه الكردي س مع استماحة العذر من د . العظم / الكاتب ) . ورث الإسلام بمعتقداته وقصصه وأساطيره ورواياته كجزء جوهري من تكوينه النفسي والفكري , وبما أن ( الكردي س ) إنسان واعٍ ويتمتع بقسط لا بأس به من الإحساس المرهف فإنه يحاول أن يمحص الأسس التي تقوم عليها معتقداته الموروثة , كشرط أساسي لقبولها , كما يحاول أيضاً أن يتبين مدى انسجام هذه المعتقدات مع قناعات أخرى توصل إليها عن طريق مصادر غير المصادر التقليدية ولذلك عليه أن يواجه هذا السؤال : هل يحق لي أن أستمر في قبول هذه المعتقدات الموروثة عندما لا تكون منسجمة مع القناعات التي توصلت إليها , دون أن أخون مبدأ الأمانة الفكرية ودون أن أضحي بوحدة وتماسك أفكاري بعضها مع بعض ؟
( … ) إن السيد ( الكردي س ) الذي يدور حوله بحثي هذا ليس له وجود واقعي مئة بالمئة , لأنه يشكل حالة نموذجية , والنماذج نوع من التجريد , ولكن من جهة أخرى أن (الكردي س ) هو _ إلى حد ما وبدرجات متفاوتة _ كل واحد منا ولذلك لابد وأن يهمنا أمره للغاية . والكلام يعود إلى :
د . صادق العظم , مصدر سابق , ص17 _ 18 .
  فراس السواح : دين الإنسان , مصدر سابق ,ص89 _90 .
  سيد القمني : الأسطورة و التراث , سينا للنشر , ط2 , القاهرة 1993 , ص24 .
  قاسم الشواف وأدونيس : ديوان الأساطير ( سومر وأكاد وآشور ) , الكتاب الثاني ( الآلهة والبشر ) , الساقي ط1 , بيروت 1997 , ص103 _ 104 .
  فراس السواح : دين الإنسان , مصدر سابق , ص90 وما بعدها .
  من الإستيلاء , أي استعمار الآخر المختلف والسطو عليه .
  من الإستعلاء , أي التعامل والتعالق الفوقي " الممتاز والمتفوق " مع الآخر باعتباره تحتاً فقيراً , متنحياً وراسباً .
  من العنف , أي الركون إلى منطق العنف , في التعامل مع الآخر المختلف وفي السبيل إليه .
  من الغزو , أي غزو الآخر المختلف و" فتحه " والامتداد فيه .
  ارتأينا إدماج المفردتين : " إيجابية " مع " سلبية " فكان هذا المصطلح .
  آل عمران , 110 : كنتم خيرُ أمة أُخرجت للناس .
  الناس , 1
  الناس , 2
  الناس , 3
  ختم القرآن , 1 & الشعراء , 16 , 23 , 47 , 77 , 98 , 109 , 127 , 145 , 164 , 192 , & المائدة , 28 , & البقرة , 131 , & الفاتحة , 2 & يونس , 37 & الأنعام , 71 , 162 , & الأعراف , 54 , & السجدة , 2 & الصافات , 87 , 182 ,& غافر , 64 , 65 , 66 , & فُصّلت , 9 .
  الزمر , 44 & الشورى , 49 & الزخرف , 85 & الجاثية , 27 & الفتح , 48 & البروج , 85 .
  آل عمران , 29 .
  البقرة , 32 & النساء ,11 , 26 & الأنعام , 83 , 128 , 139 & التوبة , 15 , 28 , 60 , 97 , 106 , 110 & يوسف , 6 , 83 , 100 & الحجر , 25 & الحج , 52 & النور , 18 , 58 , 59 & النحل , 6 .
  البقرة , 115 , 247 , 261 & آل عمران , 73 & المائدة , 54 & النور , 32 .
  البقرة , 231 , 282 & النساء , 176 & المائدة ,97 & الأنعام , 101 & الأنفال , 75 & التوبة , 115 & النور , 35 , 64 & الشورى , 12 & الحجرات , 16 & الحديد , 3 .
  التوبة , 129 & الأنبياء , 22 & المؤمنون , 86 & النحل ,26 & الزخرف , 82 .
  النحل , 70 & الروم , 54 & الشورى ,50 & فاطر ,44 .
  الأنعام , 18 , 73 & هود , 1 & سبأ ,1 .
  البقرة , 117 & آل عمران , 47 , 49 & الأنعام , 73 .
  فاطر ,1 & آل عمران , 47 & المائدة , 17 & الزمر والنور , 45 .
  محمد , 13 & الشعراء , 139 & المرسلات , 16 & الأعراف , 4 & الأنعام , 6 & الأنفال , 42 .
  الحديد , 3 .
  البقرة , 20 , 106 , 109 , 148 , 259 , 284 & آل عمران , 26 , 29 , 165 , 189 & المائدة , 17 , 19 , 40 , 120 & الأنعام , 17 & الأنفال ,41 & التوبة , 39 & هود , 4 & النحل , 77 & النور , 45 & الحج ,6 & العنكبوت , 20 & الروم , 50 & فاطر , 1 & الشورى ,9 & الأحقاف , 33 & الحديد ,2 & الطلاق , 12 .
  نسبةً إلى الله كمصطلح قرآني-عربي-إسلامي , يستدل به على الخالق .
  آل عمران , 85 : ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .
  النحل , 103 .
  الزّمر , 27 , 28 .
  مريم , 98 .
  فُصّلت , 2 , 3 .
  الأنعام , 98 .
  الأنعام , 97 .
  يونس , 6 .
  يونس , 5 .
  يوسف , 2 ويقول الطبري في تفسيره ( 12 / ص89 ) لهذه الآية : يقول تعالى ذكره : إنا أنزلنا هذا الكتاب المبين قرآناً عربياً على العرب , لأن لسانهم وكلامهم عربي , فأنزلنا هذا الكتاب بلسانهم ليعقلوه ويفقهوا منه . وذلك قوله عزّ وجل لعلكم تعقلون .
  الشورى , 7 .
  الزخرف , 3 .
  الدخان , 58 .
  الأحقاف , 12 .
  طه , 113 .
  الأنبياء , 10 .
  الشعراء , 192 , 193 , 194 , 195 .
  البقرة , 247 & الأعراف , 144 : إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي .
  ابن تيمية : اقتضاء السراط المستقيم , دار المعرفة , د . ت , ص166 _169 . ونقلاً عن سيد محمود القمني : حروب دولة الرسول , مكتبة مدبولي الصغير , ط2 , القاهرة 1996 , ص194 .
  اختلف علماء الإسلام في شؤون لهجة ( أو لسان ) الله , التي أنزل بها ( به ) تنزيله العزيز . فمنهم من قال بلهجوية القرآن وبالتالي نزوله بلهجة قريش . ابن قتيبة مثلاً قال : لم ينزل القرآن إلا بلهجة قريش ( السيوطي : الإتقان , ج1 ,ص135 ) وروي عن عمر بن الخطاب قوله : لا يملينا في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش , أو غلمان ثقيف ( ابن كثير : فضائل القرآن , ج1 , ص20 ) .
كما روي عن عثمان بن عفان قوله للرهط القريشيين الذين أوكل إليهم جمع القرآن وكتابته : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن , فاكتبوه بلسان قريش , فإنما أُنزل بلسانهم . ففعلوا ( ابن كثير : فضائل القرآن ج1 , ص31 ) . ومنهم من قال قولاً وسطاً , كما هو الأمر في رواية البخاري : إن القرآن نزل بلسان قريش والعرب . وقريش خلاصة العرب ( ابن كثير : فضائل القرآن , ج1 , ص19 ) وقال بعضهم : أنزل القرآن أولاً بلسان قريش ومن جاورهم من العرب الفصحاء , ثم أُبيح للعرب أن يقرأوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب . ( السيوطي : الإتقان , 1 , ص136 ).
أما آخرون فقالوا : أن القرآن نزل بلغة قريش وهذيل , وتميم , والأزد , وربيعة , وهوازن , وسعد بن بكر . ( السيوطي : الإتقان , 1 , ص135 ) .
وقالوا : أن القرآن من أربعين لغة عربية . ( الزرقاني : مناهل العرفان , ص174 ).
  تفسير الطبري , ج1 , ص10 وابن كثير : فضائل القرآن , ص72 .
  د جواد علي : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام , منشورات جامعة بغداد , ط2 1993 , ص609 وما بعدها .
  الأزهري : اللسان , 1 , ص588 .
  ابن خلدون : المقدمة , ص367 .
  يوسف , 2 & النحل , 103 & الشعراء , 195 & طه , 113 & الزمر , 28 & الشورى , 7 & الزخرف , 3 .
  فُصّلت , 3 .
  الأحقاق , 12 .
  تفسير الطبري : ج1 , مصدر سابق , ص9 .
  آل عمران , 19 : إن الدين عند الله  الإسلام . & آل عمران , 85 : ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .
  البقرة , 132 : ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون .
  آل عمران , 110 .
  الأنبياء , 10 : لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون .
  المزهر : ( 1 / ص30 ) نقلاْ عن : د. جواد علي : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام , ج8 , منشورات جامعة بغداد , 1993 , ص537 & تاج العروس : 2 / ص352 نقلاً عن د . جواد علي : المفصل , ج1 , ص14 .
  المزهر : ( 1 / ص28 ) نقلاً عن : د . جواد علي : المفصل .. , ج8 , ذات المصدر , ص538 .
  المزهر : ( 1/ ص28 ) نقلاً عن د . جواد علي : المفصل , ج8 , ذات المصدر , ص538 .
  المزهر : ( 1 / ص35 ) نقلاً عن : د . جواد علي : المفصل , ج8 , ص538 وما بعدها .
  أدونيس : الشعرية العربية , دار الآداب , بيروت 1985 , ص34 .
  الرعد , 37 : وكذلك أنزلناه حكماً عربياً .
  صدر على سبيل المثال لا الحصر , كتاب للعلامة د . علي عبد الحليم محمود وهو من علماء الأزهر , عالج فيه الإسلام , كدين عالمي شمولي .
الكتاب موسوم ب " عالمية الدعوة الإسلامية ", من منشورات دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع , المنصورة 1992 , وجاء في 624 صفحة من القطع الكبير A4 .
 بعض مواضيع الكتاب : محمد ( ص ) ليس رجلاً إقليمياً ولا زعيماً وطنياً وإنما هو رسول الله كله : ص96 _98 , قرآن عالمي : ص161 _ 234 & محمد ( ص ) عام وبقية الرسل خصوصيون : ص410 _ 415 & صلاحية الدعوة الإسلامية لكل زمان ومكان دليل على نسخها لما قبلها من الدعوات وعلى عمومها وخلودها : ص439 _ 446 & بين العروبة والإسلام : ص521 _ 539 & الوحدة العالمية عن طريق الإسلام : ص598 _610 .
  المزهر : ( 1 / ص215 & ص209 وما بعدها ) نقلاً عن : د . جواد علي : المفصل , ج8 , ص656 .
  سيد محمود القمني : حروب دولة الرسول , مكتبة مدبولي الصغير , ط2 , القاهرة 1996 , ص215 .
  المائدة , 3 : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتم عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً .
  الأحقاف , 12 & النحل , 103 .
  النساء , 59 , 80 : من يطع الرسول فقد أطاع الله & النور , 51 & الأعراف , 157 , 158 .
  البقرة ,247 .
  آل عمران , 110 .
  آل عمران , 19 : إن الدين عند الله  الإسلام & المائدة , 3 .
  د . أحمد إبراهيم الشريف : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول , ص239 , 241 , 245 . نقلاً عن سيد محمود القمني : الحزب الهاشمي , مكتبة مدبولي الصغير ط4 , ( بدون مكان للنشر ) 1996 , ص116 _117 .
  الأنعام , 59 .
  د. فاضل عبد الواحد علي : من سومر إلى التوراة , سينا للنشر , ط2 , القاهرة 1996 , ص44 .
  آل عمران , 19 .
  نسبةً إلى هاشم وهو الجد الثاني للرسول العربي . هكذا ورد نسب النبي العربي والذي لا يختلف فيه النسابون في كتب السير : هو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
راجع مثلاً : محمد رضا : محمد رسول الله , دار الكتب العلمية , بيروت 1975 , ص10 .
  المصدر السابق , ص10 وما يتبعها .
  البقرة  , 247 .
  النساء , 13 , 69 , 80 & النور , 51 , 52 & الفتح , 17 & الحجرات , 14 & الأحزاب , 71 & الأنفال , 1 , 20 , 46 . جاء في حديث للرسول : من لا يؤمن بي فليس بمؤمن بالله . راجع الشهرستاني : الملل و النحل , ص145 .
  محمد رضا : محمد .. , مصدر سابق  ص11 . ونقرأ في ص11 , 12 , 13 مناقب وأخبار النسب المحمدي الشريف ما يلي :
فقد كان ( معد ) صاحب حروب وغارات على بني إسماعيل , ولم يحارب أحداً إلا رجع بالنصر . وهو أبو العرب . وكان ( نزار ) أجمل أهل زمانه وأرجحهم عقلاً . وكان ( مضر ) جميلاً كذلك . ولم يره أحد إلا أحبه ( .. ) وكان ( إلياس ) في العرب مثل لقمان الحكيم في قومه ( .. ) وأما ( فهر ) فإليه جماع قريش , وما كان فوق فهر فلا يقال له قرشي بل يقال له كناني , واسمه قريش . وكان فهر كريماً يفتش على حاجة المحتاج فيسدها بماله , وهو الجد السادس لأبي عبيدة بن الجراح . ( كعب ) وهو الجد الثامن لعمر بن الخطاب رضي الله عنه , كان يجمع قومه يوم العروبة أي يوم الرحمة وهو يوم الجمعة , فيعظهم ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم , وينبئهم بأنه ولده ويأمرهم باتباعه . ( مرة ) وهو الجد السادس لرسول الله ( .. ) . (كلاب ) اسمه حكيم ( .. ) إنه أول من سمى الأشهر العربية المستعملة الآن . ( قصي ) ولد سنة 400 م اسمه زيد , ويقال له مجمّع وبه جمع الله القبائل من قريش في مكة بعد تفرقها فأنزلهم أبطح مكة ( .. ) . وقصي أول من أوقد نار المزدلفة ( .. ) وهو أول من جدد بناء الكعبة من قريش بعد إبراهيم ( .. ) وكان إلى قصي في الجاهلية حجابة البيت وسقاية الحاج وإطاعة المسمى بالرفادة والندوة وهي الشورى لا يتم أمر إلا في بيته , فكان بيته عمارة عن نار العرب ( ... ) . ( عبد مناف ) اسمه المغيرة وكان يقال له " قمر البطحاء " لحسنه وجماله , وكانت قريش تسميه الفياض لكرمه , وهو الجد الثامن لعثمان بن عفان والجد التاسع للإمام الشافعي . ( هاشم ) واسمه عمرو بن عبد مناف , ويقال له عمرو العلا لعلو رتبته , ( ... ) وقد وقعت مجاعة شديدة في قريش ( ... ) وأطعم الناس حتى أشبعهم فسمي بذلك " هاشماً " ( من هشم الخبز والثريد _ الكاتب ) وكان يقال له " أبو البطحاء " و " سيد البطحاء " ( ... ) وهو أول من سن الرحلتين لقريش : رحلة الشتاء ورحلة الصيف .
  ابن هشام : في كتاب الروض للسهيلي , ج1 , ص77 وأيضاً سيد محمود القمني : الحزب الهاشمي , مكتبة مدبولي الصغير ط4 , ( بدون مكان للنشر ) 1996 , ص76 .
  البيهيقي : دلائل النبوة , تحقيق عبد المعطي قلعجي , دار الكتب العلمية , ج3 , بيروت 1988 ص140 وما بعدها . نقلاً عن سيد محمود القضي : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص37 . للمزيد من التفصيل حول عصبية الرسول لآل البيت راجع : ابن كثير : البداية والنهاية , دار الكتب العلمية , 1988 , ص312 & الحلبي : سيرة الأمين المأمون إنسان العيون , مج2 , ص525 .
  ابن سيد الناس : عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير , تحقيق لجنة إحياء التراث العربي , دار الآفاق الجديدة , ج1 , بيروت 1980 , ص310 .
  الطبري : تاريخ الرسل والملوك , دار المعارف , القاهرة , ص468 .
  السهيلي : الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام , دار المعرفة , بيروت 1978 , ص58 وما بعدها .
  الشهرستاني ( أبي الفتح محمد عبد الكريم ابن أبي بكر أحمد ) : الملل والنحل , تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل , دار الفكر , بيروت ( بدون تاريخ نشر ) , ص22 _23 .
  الخوارج : كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً , سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين , أو كان بعدهم على التابعين بإحسان , والأئمة في كل زمان .
والمرجئة : صنف آخر تكلموا في الإيمان والعمل , إلا أنهم وافقوا الخوارج في بعض المسائل التي تتعلق بالإمامة .
والوعيدية : داخلة في الخوارج , وهم القائلون بتكفير صاحب الكبيرة وتخليده في النار .
للمزيد من التفاصيل حول أصول وفصول هذه الفرق راجع : الشهرستاني , مصدر سابق , ص25_28 , 114 _138 , 139 _ 145 .
  سيد محمود القمني : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص28 .
  سيد محمود القمني : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص189 .
  ذات المصدر , ص193 .
  حسين مروة : النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية , دار الفارابي , ط6 , ج1 , 1988 , ص334 .
  سيد محمود القمني : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص194 .
  ابن خلدون : المقدمة , دار الشعب , ( بدون تاريخ نشر ) , القاهرة , ص136 .
  حسين مروة : النزعات المادية , مصدر سابق , ج1 , ص347 .
  الأنبياء , 92 .
  المؤمنون , 52 .
  آل عمران , 110 .
  البقرة , 143 .
  آل عمران , 104 .
  محمد رضا : محمد رسول الله , مصدر سابق , ص134 .
  سيد محمود القمني : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص194 .
  القمني : المصدر ذاته , ص195 .
  الناس , 1 .
  الزخرف , 46 & الحشر , 16 & التكوير , 29 .
  هود , 118 .
  طه , 113 .
  حسين مروة : النزعات المادية , ج1 , مصدر سابق , ص538 .
  حسين مروة : المصدر ذاته , ص56 .
  أدونيس : العقل المعتقل , مقال منشور في : مجلة مواقف البيروتية , العدد 43 , خريف 1981 . راجع أيضاً  , صادق جلال العظم : ذهنية التحريم , رياض الريس للكتب والنشر , لندن _ قبرص 1992 , ص133 .
  أدونيس : بين الثبات والتحول : خواطر حول الثورة الإسلامية في إيران : مجلة مواقف البيروتية , عدد 34 , شتاء1979 , ص151 .
  أدونيس : الشعرية العربية , دار الآداب , بيروت 1985 , ص50 _ 51 . الجدير بالذكر هو أن أدونيس يعد رائداً من رواد الحداثة الشعرية العربية , وواحداً من المفكرين المجددين العرب القلائل , الذين نظرّوا للحداثة العربية , في حدود العلاقة بين الكلام العربي الحديث والكلام العربي القديم ( كلام الله نموذجاً ) . راجع مؤلفاته :
_ كلام البدايات , دار الآداب , بيروت 1989 , ص163 _ 210 .
_ النص القرآني وآفاق الكتابة , دار الآداب , بيروت ( بدون تاريخ نشر ) , ص19 _ 115 , ص183 _ 192 .
_ ها أنت أيها الوقت , دار الآداب , بيروت ( بلا تاريخ نشر ) , ص154 _ 159 .
_ سياسة الشعر , دار الآداب , بيروت 1985 , ص5 _ 105 .
_ الصوفية والسوريالية , دار الساقي , بيروت 1995 .
_ فاتحة لنهايات القرن , دار العودة , بيروت 1980 , ص241 _ 257 & ص287 _ 295 & ص313 _ 340 .
_ الشعرية العربية , دار الآداب , بيروت 1985 , ص33 _ 55 & ص 79 _ 112 .
  أدونيس : كلام البدايات , دار الآداب , بيروت 1989 , ص177 .
  الهمداني : الإكليل , بغداد , 1931 , ج1 , ص48 .
  الزبيدي : تاج العروس , القاهرة , 1306 هجرية , ج2 , ص271 .
  الكلبي : الأصنام , دار الكتب المصرية , القاهرة , ط2 , 1924 , ص16 .
  د . جواد علي : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام , المجمع العلمي العراقي , بغداد ( بدون تاريخ نشر ) ج5 , ص152 , 153 , 180 , 217 , 224 .
  عباس محمود العقاد : طوالع البعثة المحمدية , دار نهضة مصر , القاهرة 1977 , ص130 , 131 . ولمزيد من التفصيل حول الكعبات العربية في الحقبة الجاهلية ( حسب الإصطلاح الإسلامي ) راجع
سيد محمود القمني : الحزب الهاشمي , مكتبة مدبولي الصغير , ط4 , ( بدون تاريخ نشر ) 1996 , ص65 , 67 .
  سيد محمود القمني : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص12 وما بعدها .
  سيد محمود القمني : الحزب الهاشمي , مصدر سابق , ص73 وما بعدها . ولمزيد من التفصيل حول بروز النجم المكي ودور الكعبة المكية التاريخي وتصدرها لقيادة الكعبات الأخرى , راجع :
 سيد محمود القمني : الحزب الهاشمي , مصدر سابق , ص74 , 75 , 76 , 81  ,82 , 83 . & القمني : حروب دولة الرسول , ص12 _ 30 &
 حسين مروة : النزعات المادية , مصدر سابق , ج1 , ص217 _ 237 & ص 336 _ 340 .  
  المعجم الوسيط : ص881 , مادة مكّ , مكه , امتكّ .
  ياقوت الحموي : معجم البلدان , بيروت 1955 , مج 5 , ص182 .
  المعجم الوسيط , ص881 , مادة مكّ , امتكّ , تمككّ .
  الفيروزآبادي , القاموس المحيط , مادة مكّ , مكه .
  الشهرستاني : الملل والنحل , مصدر سابق , ص488 .
  آل عمران , 96 .
  البقرة , 127 .
  الشهرستاني : الملل والنحل , مصدر سابق , ص418 .
  القمني : حروب .. , مصدر سابق , ص29 وما بعدها .
  القصص , 5 .
  القمني : الحزب الهاشمي , مصدر سابق , ص133 .
  الكهف , 29 .
  الكافرون , 6 .
  الجاثية , 15 & فصلت , 46 .
  المزمل , 10 .
  الزلزلة , 7 .
  المائدة , 44 .
  المائدة , 43 .
  محمد رضا , محمد رسول الله , مصدر سابق , ص134 / نص معاهدة الرسول مع اليهود .
  المصدر نفسه , ص134 .
  القمني : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص214 . ولمزيد من التفاصيل حول بنود هذه الصحيفة ينظر :
 محمد رضا : محمد رسول الله , مصدر سابق , ص134 _ 135 .
  القمني : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص212 .
  ذات المصدر , ص214 .
  محمد رضا : محمد رسول الله , مصدر سابق , ص134 .
  آل عمران , 110 .
  البقرة , 144 : قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ً ترضيها فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون.
  ابن سعد : الطبقات الكبرى , دار التحرير للطباعة والنشر , القاهرة ( بدون تاريخ نشر ) ج2 , ص3 , 5 , 8 . & حول تغيير القبلة وتحويلها من جهة بيت المقدس إلى جهة الكعبة وفرض صوم رمضان راجع أيضاً :
 ابن العبري : تاريخ مختصر الدول , ( بلا مكان وتاريخ نشر ) , ص 95 .
  البقرة , 115 .
  البقرة , 143 .
  البقرة , 145 .
  البقرة , 142 .
  الطبري : تاريخ الرسل والملوك , دار المعارف , ( بدون تاريخ نشر ) , ج2 , ص417 .
  تاج العروس , مصدر سابق , ( 3 / ص400 ) .
  محمد ناصرالدين الألباني : مختصر صحيح الإمام البخاري , ج1 , المكتب الإسلامي , بيروت / دمشق , ط5 , 1986 , ص468 .
  د . جواد علي : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام , ج8 , مصدر سابق , ص482 . للمزيد من التفصيل يُنظر أيضاً :
المصدر ذاته , ص481 .
  المصدر نفسه , ص444 _ 445 .
  المصدر نفسه , ص457 وما بعدها .
  بلوغ الأرب , 3 / ص78 & نهاية الإرب , 1 , ص158 .
  التوبة , 26 .
  المعجم الوسيط , ج1 , ص373 / مادة رمض , الرمضاء رمضّ , رمضان .
  الآثار الباقية , ( 1 / ص62 ) نقلاً عن : د . جواد علي : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام , ج8 , ص461 وما بعدها .
  د . جواد علي : المفصل , ج8 , مصدر سابق , ص460 .
  يرى الأستاذ القمني في هذا التحول التاريخي , إشارة واضحة على عقد صحيفة المعاقل ,في ظرف كان المسلمون فيه يستعرضون قوتهم التي علقت بسيف رسول الله , وهو ما لم يكن ممكناً في زمن الهجرة , عندما كان المسلمون قلة ضعيفة لاجئة في يثرب . ينظر : القمني : حروب دولة الرسول , مصدر سابق , ص213 وما بعدها .
  المعجم الوسيط , ج2 , ص591 , مادة عروبة .
  المسعودي ( علي بن الحسين )  : مروج الذهب ومعادن الجوهر , تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد  , 2 / ص191 .
  ابن العبري : تاريخ مختصر الدول , مصدر سابق , ص4 .
  محمد رضا : محمد رسول الله , مصدر سابق , ص11 .
  بلوغ الأرب , مصدر سابق 1 /ص274 .
  القمني : حروب .. , مصدر سابق , ص215 .
  على المستوى العروبي مثلاً , كان الإسلام فصيحاً , في طرحه للمشروع العروبي الوحدوي , الأمر الذي اقتضى هدم الكيانات القبلية في شبه الجزيرة العربية , وضرب المصالح الربوبية , وفضح العقل العربي الإنقسامي , تمهيداً لتأسيس عقل عروبي وحدوي شمولي , وقادر على الإمساك بزمام الأمور , في الدولة العربية الواحدية , والقادمة .
  الشهرستاني : الملل والنحل , مصدر سابق , ص501 .
  الشهرستاني : الملل .. , مصدر سابق , ص497 &ص500 .
  المصدر نفسه , ص497 & ص499 & ص500 .
  ثريا منقوش : التوحيد يمان , ص159 , نقلاً عن القمني : الحزب الهاشمي , مصدر سابق , ص111 .
  الشهرستاني : الملل .. , مصدر سابق , ص498 .
  المصدر نفسه , ص499 .
  بلوغ الأرب , مصدر سابق 3 / ص78 & نهاية الأرب , مصدر سابق , 1 / ص158 & الشهرستاني : الملل .. , ص503 .
  محمد رضا : محمد رسول الله , ص11 .
  الشهرستاني : الملل .. , مصدر سابق , ص501 .
  المصدر نفسه , ص501 .
  المصدر نفسه , ص501 .
  المصدر نفسه , ص501 & ص502 .
  المصدر نفسه , ص503 .
  المصدر نفسه , ص503 .
  المصدر نفسه , ص504 .
  المصدر نفسه , ص504 .
  المصدر نفسه , ص504 وما بعدها .
  المصدر نفسه , ص504 , 505 .
  المصدر نفسه , ص505 .
  نسبةً إلى النرفانا Nirvana كحالة تصوفية , يسعى فيها العابد الهندوسي و البوذي إلى ذات الله كحضور أسمى يحل فيه .
  قال عليه السلام : خلق آدم على صورة الرحمن . ينُظر الشهرستاني : الملل والنحل , ص106 .
  تأسيساْ على بعض الألفاظ الواردة في القرآن الكريم والحديث النبوي مثل قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى / طه , 5 ) & ( وجاء ربك / الفجر , 22 ) & (خلقت بيديّ / ص , 75 ) & ( فثم وجه الله / البقرة , 115 ) & ( والله سميع عليم / البقرة , 181 , 224 ) & ( الله سميع بصير / الحج , 75 / لقمان , 28 ) & (وكلّم الله موسى / النساء , 164 ) , وإلى غير ذلك .
ومثل قوله , صلى الله عليه وسلم : ( خلق آدم على صورة الرحمن ) & (حتى يضع الجبار قدمه في النار ) & ( قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن ) & ( خمر طينة آدم بيده أربعين صباحاً ) & ( وضع يده أو كتفه على كتفي ) & ( حتى وجدت برد أنامله على كتفي ) , وما شابه ذلك .
تأسيساً على هذه الألفاظ وما شابهها , والتي يُستّدل منها , على مستويات تأويلية محددة , على أنها صفات مخلوقاتية , ظهرت جماعة كثيرة من السلف , كانوا يثبتون صفات أزلية من العلم , والقدرة , والحياة , والإرادة , والسمع , والبصر , والكلام , والجلال , والإكرام , والجود , والإنعام , والعزة , والعظمة , ولا يفرقون بين صفات الذات , وصفات الفعل , بل يسوقون الكلام سوقاً واحداً , وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين , والوجه ولا يؤولون ذلك إلا أنهم يقولون هذه الصفات قد وردت في الشرع , فنسميها صفات خبرية . ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون , سمي السلف صفاتية , والمعتزلة معطلة .
لمزيد من التفاصيل حول الصفاتية وفرقها يُنظر : الشهرستاني : الملل والنحل , ص92 _ 113 .
  الرعد , 37 : وكذلك انزلناه حكماً عربياً .
  البقرة , 107 & آل عمران , 26 , 189 & المائدة , 17 , 18 , 40 , 120 & التوبة , 116 & الحج , 56 & النور , 42 & الفرقان , 2 & الزمر , 6 , 44 & الجاثية , 27 & الفتح , 14 & الحديد , 2 & الملك , 1 & البروج , 9 .
  تفسير الطبري , مصدر سابق , 13 /  ص110 .
  آل عمران , 26 .
  القمني : حروب .. , مصدر سابق , ص48 وما بعدها .
  البقرة , 247 .
  القمني : حروب .. , ص23 .
  القمني : ذات المصدر , ص39 .
  المسعودي : مروج الذهب , ج1 , القاهرة , 1958 , ص278 .
  النحل , 103 .
  د . جواد علي : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام , ج8 , مصدر سابق , ص545 .
  المعجم الوسيط : مادة العجم , ج2 , ص586 .
  د . جواد علي : المفصل , ج8 , مصدر سابق , ص545 .
  حسين مروة : النزعات المادية , ج1 , مصدر سابق , ص314 وما بعدها .
  القمني : حروب … , مصدر سابق , ص27 .
  لمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع أي صراع " الطبقي" مع "القبلي" وكيف كان المجتمع الجاهلي , من خلال تطورات ذاك الصراع , يأخذ طريقه إلى مرحلة الانقسام الطبقي , ينظر :
حسين مروة : النزعات المادية , ج1 , مصدر سابق , ص229 _ 237 .
  القمني : حروب … , مصدر سابق , ص187 . ولمزيد من التفاصيل حول فكرة النبي المنتظر , يُنظر : القمني : الحزب الهاشمي , مصدر سابق , ص131 _ 136 .
ولمزيد من التفاصيل حول فكرة التأسيس للدولة الإسلامية , يُنظر أيضاً : القمني : الحزب الهاشمي , مصدر سابق , ص149 _ 154 .
  ابن هشام : السيرة النبوية , تحقيق طه عبد الرؤوف & محمد محي الدين عبد الحميد , دار الكتاب العربي , بيروت 1967 , ج1 , ص238 , ص241 .
  يُقرأ الإسلام في النص القرآني , على أنه كل الإيمان أو ما بعد الإيمان : " قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " ينظر : الحجرات , 14 .
  نسبةً إلى شكل حرف النون في العربية ن , وهو مصطلح تصوّفي , يستدل به على حضورين : حضور الله الخالق باعتباره وجوداً بدئياً , حقاً , أي هو الوجود الأصيل , حيث يرمز إليه بالنقطة النونية , وحضور الموجودات "الما حولية" ( ما حول الله ) , باعتباره وجوداً لاحقاً , وكاذباً , الذي لا بدّ له وأن يعود في نهاية رحلته الصوفية إلى الوجود الأصل و الحق , ويرمز إليه بالمنحني النوني . وللمزيد من التفصيل حول ماهية التصوف وماهية الحلول والإتحاد ووحدة الوجود , يُنظر :
سميح عاطف الزين : الصوفية في نظر الإسلام , دار الكتاب اللبناني ودار الكتاب المصري , بيروت / القاهرة , ط3 , 1985 , ص23 _ 29 & ص322 _332 &  ص410 _ 415 & ص459 _ 470 .
  آل عمران , 19 : إن الدين عند الله الإسلام . المائدة , 3 : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً .
  النحل , 36 .
  إبراهيم , 4 .
  إعمالاً بالقانون الإلهي , كانت غنائم المسلمين المسلوبة من المفتوحين تُخمّس , أي بتخصيص خمسها لله ولرسوله ولخزينة دولته , كما جاء في قوله تعالى : واعلموا إنما غنمتم من شيء , فإن لله خمسه وللرسول / الأنفال , 4 .
وكانت العادة أن تجري عملية تقسيم الأموال والسبايا بين شيوخ الفتح ومريديه , بعد الانتهاء من كل معركة .
وبانتهاء إحدى تلك المعارك ( خيبر ) , وقع اختيار الرسول على واحدةٍ من أجمل سبايا تلك المعركة ( صفية ) _ وهو الأحق بها طبعاً , بل وبكل النساء اللواتي تهبن أنفسهن له , إن هو أراد ( وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصةً لك من دون المؤمنين / الأحزاب , 50 ) _ فاصطفاه لنفسه ( قدمنا خيبر , فلما فتح _ صلى الله عليه وسلم _ الحصن , ذكر له جمال صفية بنت حي بن أخطب , وقد قتل زوجها وكانت عروساً فاصطفاها لنفسه . / ابن كثير : البداية والنهاية , ج4 1988 , ص197 ) وثم بنى بها ( أقام ثلاثة أيام يبني بها / ابن كثير : ذات المصدر ص212 .
 أما رجال الرسول وجنده فخافوا عليه من خليلته الجديدة , وبينهم من أفصح عن ذلك الخوف بقوله : ( لما دخلت بهذه المرأة , وذكرت بأنك قتلت أباها وأخاها وزوجها , وعامة عشيرتها , فخفت لعمر الله أن تفتا لك . / البيهقي : دلائل النبوة , ج4 , 1988 , ص232 . ولم تمضِ أيام معدودة , حتى تحققت نبوءة الرجل , وقامت خليلة الرسول بمحاولة الانتقام منه , فسمعته , كما يخبرنا ابن كثير : ( دخل رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ على صفية , ومعه بشر بن معرور , وهو أحد بني سلمة , فقدمت إليهم الشاة المصلية , فتناول رسول الله الكتف وانتهش منها , وتناول بشر عظماً وانتهش منه / البداية والنهاية , ج4 , ص211 ) ولكن الرسول فطن للأمر بقوله ( ارفعوا أيديكم فإن كتف هذه الشاة يخبرني أنه مسموم / ذات المصدر وذات الموضع ) فمات بعض ممن نهشه ونجا الرسول بأعجوبة .
  الأنفال , 65 : يا أيها النبي حرض المسلمين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم , لا يفقهون .
  المائدة , 3 : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً .
  قال رسول الله : إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل , واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة , واصطفى من بني كنانة قريشاً , واصطفى من قريش بني هاشم , واصطفاني من بني هاشم . / محمدرضا : محمد رسول الله , ص10 وما بعدها .
  الحجرات , 13 .
  يُنظر أيضاً :
 الروم , 30 : فاقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
  آل عمران , 19 .
  آل عمران , 85 .
  مع الغزو العربي _ الإسلامي " للشرق المجوسي " , وامتداده فيه , وتحت ضربات جيش الله ( ولا يُحتسب ممّن قُتلوا في سبيله تعالى أمواتاً , بل أحياء عند ربهم يُرزقون / آل عمران , 169 ) , بقيادة سعد بن ابي وقاص , سقطت طيسفون / المدائن سنة 637 م ( عاصمة الإمبراطورية الساسانية آنذاك , حيث كانت كردستان جزءاً منها ) , عن حسابات الله و زمانه و مكانه , بفرسها وأكرادها , وآلهتها أو ( يزدانها ) , ونيرانها , وحروفها , وحبرها , لتصبح كردستان مع غيرها من أخواتها في " الكفر " , بعدئذ , جيوباً عربيةً _ إسلاميةً لحفظ ثقافة الغزو والسطو .
للمزيد من التفاصيل حول ثقافة " الفتح " العربي _ الإسلامي , ومحوه لذاكرة الحرف , مع مصادره المثبتة , يُنظر :
عبد الرحمن مزوري : قاره مانى كورد فه يروزى فه يليى نه هاوه ندى . في : هافيبون , 9 , مطبعة هافيبون , برلين 2001 , ص95 _ 102 . وأيضاً :
عبد الرحمن مزوري : فه يروزى فه يليى نه هاوه ندى و شيكرنه كا ميزويى ! . في : هافيبون , 11 , مطبعة هافيبون , برلين 2002 , ص48 _ 64 .
  خوه داييين : نسبة إلى لفظة خوه دا الكردية xweda=xwe+da , خوه / xwe  أي الذات في العربية & دا / da أي خلق , وبدمج المقطعين أو المفردتين ستصبح لفظة خوه دا الكردية مرادفة لمعنى الخالق بذاته / لذاته , أي الله في العربية .
  يزدانييين : نسبة إلى يزدان وهي لفظة كردية وفارسية مرادفةً , فيلولوجياً و ميثولوجياً , لمعنى الله / الخالق في العربية . وحسب بعض المصادر التاريخية , فإن إيران ( أو آريان أي بلاد الآريين الغربيين , بعد هجرتهم الثانية من موطنهم الأصلي شمال بحر الخزر / الكاتب ) كانت في عهد الآشوريين والكلدانيين , موحدةً تعبد الهاً واحداً وهو ( يزدان ) , إلا أنه كان هناك بجانب هذا الإله معبودان آخران للخير والشر كمساعدين له . ثم نشأت عبادة النار على مدى الأيام بناءً على تعاليم ( زند آفيستا ) وتأثيره , ودامت حتى ظهور الإسلام .
يُنظر مثلاً :
محمد أمين زكي : خلاصة تاريخ الكرد وكردستان , من أقدم العصور التاريخية حتى الآن , الناشر حسين قاسم قاسم , مطابع زين الدين , القرية / لبنان , 1985 , ص48 ( الهامش ) .
  في بعض المصادر التاريخية , تُعاد أصول الكرد إلى سلالة ( أولئك ) الناس الذين أسرهم ( جاهيل و جاساد ) الشيطان أو الجنّي الذي طرده من بابه سيدنا سليمان عليه السلام . ينظر مثلاً :
محمد أمين زكي : المصدر ذاته , ص 49 .
  في عددها 3660 / الإثنين 19 شباط 2001 , الصفحة الأخيرة / هواء طلق , نشرت صحيفة القدس العربي مقالاً للكاتب والصحفي السوري المتميز صبحي حديدي , تحت عنوان " أكراد الله " . وما استوقفني في المقال , هو عنوانه المؤسّس على نص سليمبركاتي ( نسبةً إلى الشاعر والروائي  الكردي  الكبير سليم بركات ) , منشور تحت عنوان " مهاباد " ( وهي قصيدة من مجموعة البازيار الشعرية ) , إذ اختزل فيه " خالقه " الكرد وتراجيدياهم الإلهية , بعد سقوطهم المهابادي , عن ذاكرة الله , كجنازةٍ خضراء , وذهابهم إلى " طعنةٍ هادئة " , وذلك في صلاةٍ مفتوحةٍ , وبدمٍ عالٍ , عالٍ جداً _ كعادته _ إلى جهة الله : إلهي,هؤلاء أكرادك إلهي !
وتأسيساً على ذات النص , وذات الألم وذات الجرح الكرديين المختزلين , تم توظيف ذات التعبير " أكراد الله ", في سياق الكلام هنا .
  آل عمران , 85 .
  آل عمران , 19 .
  يونس , 47 & النحل , 36 .
 



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هوشنك بروكا - الإسلام فضاء عروبي فصيح , ليس للأعجمي فيه محل من الإعراب - الكرد نموذجاً