أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - جهاد علاونه - أريد إنسانا يشتري مني مملكتي















المزيد.....


أريد إنسانا يشتري مني مملكتي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4468 - 2014 / 5 / 30 - 17:36
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


كل سنة وأنا أبحث في المدن وفي القرى وفي الشوارع وفي الأزقة وفي الحانات وفي المجالس وعلى الإنترنت عن امرأة أو رجلٍ تكون مواصفاته مثل مواصفاتي تماما, رجلٌ بكل المواصفات والمقاييس, رجلٌ تظهر على جسمه كل جراحات المسيح وعلامات المسيح وعذاباته , رجلٌ باع الدنيا كلها واشترى بثمنها الكُتب والقصص والمسرحيات والروايات, رجل باع الأمان واشترى بثمنه الخوف , رجلٌ أدمن على الخوف وعلى القلق, رجلٌ لا يخفي منه على الناس شيئا وظاهره مثل باطنه, مكشوف لكل الناس, معروف عند كل الناس مثل الثور الأبرق, رجلٌ لا يستطيع الاختباء من همومه الثقافية ومشاكله السياسية, فأنا لا أريد منه أن يكون مختلفا عني, أريد من عقله أن يكون مثل عقلي يعني أريده مجنونا مثلي, تماما كما تقول عني كل الناس, وأريد من قلبه أن يكون مثل قلبي, وأريد من وسادة نومه أن تكون مثل وسادة نومي, رجل يلتحف الفضاء ويستدفئ بأشعة الشمس, رجل أكل الدهر عليه وشرب, أريد منه أن يكون متهوراً ليس بعض الشيء وإنما أريده أن يكون متهورا جدا, حين يسمع بكتاب يحبه يمشي إليه بسرعة لكي يشتريه على حساب خبزه وسعادة أهل بيته... وساذجاً جدا وبسيطا وأهبلَ وقلبه طيب ومسكين إلى أبعد الحدود,والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو, لماذا أريده رجلا مثلي؟ طبعا لكي يتهور و يشتري مني مكتبتي التي تضم أكثر من ألف كتابٍ في موضوعات مختلفة عن: الدين والجنس والسياسة والفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ والإنثروبولوجيا, فلا أحد يضم مثل هذه الكتب أو يشتريها إلا أن يكون معتوها يعيش في بلاد العرب التي تدفع للعاهرات بالآلاف ولا تدفع للمثقف بالملالين.

أضعت الكثير من النقود على جمع الكتب, كنت أسافر من مدينة إربد إلى العاصمة عمان في وطني الأردن لكي أبحث في دور النشر عن أسم كتاب أو عنوان كتاب وأسم مؤلف, أنفقت ذات مرة أكثر من 250مائتيان وخمسين دينارا أردنيا على جمع تراث المفكر المصري القبطي الكبير(سلامه موسى), ودائما ما يضحك عليّ أقربائي وهم يشاهدونني أدخل باب الدار وبيدي عبطة كُتب كبيرة, يضحكون ويسخرون بأصوات عالية وتكاد قهقهاتهم أن تخزق لي طبلة أذني,كلهم كانوا وما زالوا يقولون لي: إنت كما يقول المثل:(داير على مراقع فُقس) , يعني على الأشياء التافهة والرخيصة, طبعا في البيئة المحيطة بي كل شيء عندهم له ثمن ويساوي الكثير ما عدى الكُتب والثقافة فهي في نظرهم لا تساوي أي شيء ولا تستحق أي ثمن , يقولون : إنت مجنون شو بدك بالكتب؟ غيرك صار رصيده بالبنك كذا وكذا, غيرك صار عنده سياره وغيرك كمان إشويه رايح يشتري طياره, وانت بعدك جاهل لا تعرف مصلحة نفسك داير على الكتب من هنا ومن هناك تجمع فيها, أي والله لو تعطينا 100دينار لا نقبل بأن ندخر في بيوتنا كتابا واحدا من تلك الكتب الخالعة التي تشتريها وتنفق عليها, طبعا أنا أتحسر جدا عليهم وهم يهينون بالكتب بهذا الشكل وبهذا الأسلوب, يركلونها بأرجلهم , ويرمونها في أكياس القمامة, ويقولون: إنت معتوه ومجنون وإنسان مشطوب ليس منك فائدة, ما فائدة ما تجمعه من كُتب؟ يا رجل روح واجمع مصاري...نقود....نقود..المصاري والنقود ذكرها الأطباء في كتب الطب واحتسبوها من العقاقير التي تُشفي من الأمراض, وأنا أقول لهم: الإنجيل يشفي من كل الأمراض, جربوا أن تقرئوا موعظة المسيح على الجبل,يسخرون مني ويقولون عني:مجنون هل بنت لك الكُتب بيتا؟ هل اشترت لك الطحين والخبز؟ هل شعرت يوما بدفئها؟ إنها لا تُدفئك إلا إذا أشعلت فيها النار, وأنا أقول: أشعلت لي دمائي, ثم يسترسلون قائلين: هل أسكنتك في فِلل راقية وقصور شاهقة؟ يا رجل لا تُكابر ولا تتفلسف علينا فلسفة زائدة, أنظر إلى غيرك أين وصل به الحال وأنت ما زلت كما أنت!, تلبس حذاء ممزوعا وزنوبة مهترئة وحفاية مشقوقة وبنطالا من 5 خمس سنوات لم تلبس غيره وقميصا باهت اللون وجرابا في قدميك تشقه من آخر إصبع في قدميك, يا رجل روح طل على حالك بالمرآه..يا رجل إبحث لك عن مشروعٍ يدر عليك المال بدل أن تضيع وقتك بقراءة الكتب وكتابة المقالات الخالعة, مقالاتك كلها خالعة وجنونية والذي يقبل أن ينشر لك مقالة من المؤكد أنه مهبول وخالع مثلك , والذي يقرئ لك أيضا مهبولٌ وخالعٌ مثلك , كل كتبك عبارة عن تخابيص, وكتاباتك عبارة عن تخابيص , أنت مجنون رسميا ولست بحاجة إلى شهود ليشهدوا على جنونك, تنادي بالحرية الفكرية وهذا كفر, تشكو ليل نهار من ضيق الأحوال المادية وأنت السبب, تقول بأنك تحاول تنوير الناس وأنت الذي بحاجة إلى التنوير, تقول بأنك تحاول أن تُهدي الناس وأنت الأولى بالهداية منهم, الناس هنا مبسوطون من دينهم ونبيهم الأكرم الذي لم يخلق الله رجلا على وجه الأرض شبيها له بأخلاقه الحميدة, تضيع وقتك على الفاضي, تقول عن نفسك بأنك مثقف وأنت لا تعرف شيئا عن حياة صحابة الرسول الأجلاء, تكتب عن فلاسفة الغرب وكان الأولى بك أن تكتب عن أبي هريرة وعن حياته الفاضلة بدل إضاعة الوقت في قراءة الهرطقات.

وأنا بصراحة سئمت من هذه الحياة الكئيبة مع الكُتب ومع الناس,لا أحد يهتم بي, ولا أشعر هنا بقيمتي كإنسان مثقف يحلم بالتغيير, ولا بد أن أجد رجلا مثلي مختلا عقليا يقدس الكتب كما أقدسها, ليحملها عني أو ليحمل معي بدل أن أحمل كل هذه الأحمال وحدي, أريد شريكا يشاركني في مُلكي الذي لم يشاركني فيه أحد طوال حياتي, فطوال حياتي وأنا أتربع على عرش القراءة والكتابة ولم يستطع أحدٌ أن ينتزع مني هذا الملك , لم يستطع أحدٌ أن ينافسني أو يشاركني ملكي, وأنا سئمت من هذه الإمبراطورية الكبيرة التي أحكمها بعقلي وفكري وثقافتي, سئمتُ هذه القارة التي أحكمها وحدي وأحمل هم إدارتها وحدي, أريد أن أبحث عن شريك يشاركني في مُلكي, سئمتُ في الإنفراد بحكمها وحدي وأريد إنسانةً أو إنسانا من مواصفاته أن يكون مثلي, يصدق قصص ألف ليلة وليلة, يتوه في بحور الشعر, يضيع في عالم الأساطير الفرعونية والسومرية والفينيقية , أريد شريكا أهبل يصدق القصص الخيالية ويعيش بخياله مع أبطال الروايات والمسرحيات التي عشت أنا معها وحدي, يبكي لبكاهم ويحزن لحزنهم , يعيش لحظات القلق مع الملك(هنري تيودور الثامن) يجرب غيرة(عُطيل-أوثلو-) على (ديزدمونه) يرق قلبه لكل عبارة شاعرية , يشعر مع كل الناس في آلامهم وأحزانهم وحين يحزن لا يجد من يشعر معه, يبكي لأتفه الأسباب, في قلبه جروح كما في يده,عصيٌ على الجهلة والمارقين والأفاكين والدجاجلة.

فمن يشتري مني مملكتي وفيها مكتبتي ب1000دولار أمريكي؟أظنه ليس مبلغا كبيرا لمملكة تمتد من آلاف السنين إلى يومنا هذا,وستعيش للأبد وستسقط من بعدها كل الإنبراطوريات كما سبقت وأن سقطت وعاشت الثقافة والفلسفة إلى الأبد.





#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبادل الأفكار وتوالدها
- سيدة سويدية تتحدث عن مسلمي السويد
- موشح من أيام زمان
- ملاحظات على زيارة البابا فرنسيس للأردن
- شي بحير العقل!
- الرجل المسلم مريض أخلاقيا
- لكل كلمة معنى
- عشاق يسوع
- صناعة السلام في الديانة المسيحية وصناعة الحرب في الديانة الإ ...
- أين أنت يا مريم!
- موعظة المسيح على الجبل
- أنا أتألم إذن أنا مسيحي
- يوم ميلادي يوم السلام
- قطتي البيضاء
- لا تبتسم إلا وأنت ميت
- الإنسان هذا المخلوق
- الجنس والسلام
- حول الإسلام السياسي
- ملاحظتان على أسماء الله الحسنى
- الإسلام هو الحل!!!


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - جهاد علاونه - أريد إنسانا يشتري مني مملكتي