|
هل انتهى الصراع؟!
محمد رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4468 - 2014 / 5 / 30 - 13:11
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
لقد شهد التاريخ الإنساني على امتداد عصوره صراعات أيدلوجية عديدة بداية من صراع ديمقراطية أثينا مع دكتاتورية اسبرطة ... مرورا بصراع المذاهب المسيحية فى أوروبا القرون الوسطى خاصة بين الكاثوليكية والكالفينية ...حتى صراع النازية مع الشيوعية فى ألمانيا ما قبل الحرب .. ولكن أى من هذة الصراعات الأيدلوجية لم يكن بضر واه وقوة واتساع الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية .. قد يظن البعض أن هذا الصراع انتهى بسقوط الاتحاد السوفيتي ولكننى أعتقد أن الاشتراكية خسرت معركة ولكنها لم تخسر الحرب . حينما كتب المفكر الامريكى الكبير "فرانسيس فوكوياما " مقالته الشهيرة نهاية التاريخ فى عام 1989 معلنا فيها أن التاريخ الانسانى قد وصل لنهاية بانتصار اللبرالية بشقيها الاقتصادي وهو (اقتصاد السوق) والسياسي وهو(الديمقراطية ) . وأن الصراعات الأيدلوجية في التاريخ البشرى قد ذهبت الى ما لا نهاية وحان الوقت لتطبيق الديمقراطية الغربية فى جميع أرجاء المعمورة .. لم يكن هذا الكاتب يعتقد أن الصين الشعبية سوف تدفع هذا الصراع للاستمرار ولو حتى بصورة أقل مما كان عليها أثناء الحرب الباردة .. استمرت الصين فى تقدمها الاقتصادى بسياسات تميل للطابع الاشتراكي داخليا. وأدخلت إصلاحات على نظامها الاقتصادي بما يتيح لها المنافسة فى الأسواق الرأسمالية العالمية.. إننى أعتقد هذا الصراع سوف يستمر لأنة ليس مجرد صراع ايدلوجى بل هو صراع انسانى مستمر منذ قديم الأزل بين الاستغلال والعبودية وبين التحرر والمساواة والعدالة الاجتماعية. من الممكن أن تنتصر الديمقراطية الغربية الآن فى صراعها السياسي ولكن على المدى البعيد حينما يضيق الناس ذرعا بالاستغلال سوف يناشدون باشتراكية تضمن حقوق الفقراء فى مساواة مع الأغنياء فى مقومات الحياة الأساسية .. لقد كانت وما تزال الاشتراكية هى البديل الأنسب للرأسمالية خاصة فى الدول النامية التى تعانى من دكتاتوريات متعاقبة ذات مصالح مشتركة مع الرأسمالية العالمية . ففي هذة الدول النامية لا توجد ديمقراطية قد تضمن الحد الأدنى من التوزيع العادل للثروة ..ناهيك عن الفساد السياسى والاقتصادي الذى يتعمق فى هذة الدول وكلما إزداد هذا الفساد كلما زادت معاناة الإنسان فى هذه الدول .... وقد يعتقد البعض أن تطبيق الاشتراكية فى مثل هذة الدول لن يحل المشكلة بل سوف يعقدها أكثر لأنة شوف يأتى بنظام شمولى يتحكم فى الثروة ويفسد كما أفسد سابقة .. ولكن دعنى أفترض صحة هذا الادعاء . وهنا يأتى السؤال هل من الأفضل ان تعيش فى دكتاتورية استغلالية ام كما تفترض دكتاتورية سياسية تعطى المواطن رفاهية اقتصادية يحتاج اليها ؟!
وقد يكون هذا الادعاء من قبل الرأسماليين بأن الاشتراكية ليست الا مجرد شمولية فى الحكم .. صحيحا ويكمن تصديقة فى ظل نماذج لدول طبقت الاشتراكية بصورة خاطئة لتصدر للعالم صورة سيئة للنظرية الماركسية . إن سؤء التطبيق لا يعنى خلل فى النظرية . ولعل الاتحاد السوفيتي يمثل فى نظر البعض فشلا فى التطبيق ولكنى أعتقد أنة كان ناجحا فى حكم لينين فى ان يطبق الاشتراكية الماركسية بطريقة صحيحة .. ففى أول خمس سنوات تحولت روسيا من دولة زراعية لدولة صناعية .. وكانت السوفيتيات (المجالس العمالية ) تطبق ديمقراطية فى اتخاذ القرار ثم ترفع تقاريرها للحكومة المركزية التى كانت تتخذ القرار بناء على ما تقدمت به هذه السوفيتيات. أى أن كانت هناك مركزية فى اتخاذ القرار ولا مركزية فى تطبيقة .. ولكن حينما جاء ستالين وحدث الانقلاب الجذري على مبادئ الثورة البلشفية .. وحدث سلسلة الاعتقالات والنفي بل والقتل لكل من هو معارض لسياسات ستالين الجديدة البعيدة تمام البعد عن الاشتراكية. تحولت مركزية اتخاذ إلى فردية اتخاذ القرار مما مهد لفشل الاتحاد السوفيتى فى سياساته الاقتصادية اللاحقة . ولنعود للصراع الذى أعتقد أنة مازال قائما بين الاشتراكية والرأسمالية العالمية . نجد أنة من مصلحة الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الربحية العالمية أن يبقى الحال كما هو الآن من سيطرة السياسيون الرأسماليون على مقاليد الأمور فى معظم دول العالم .لأن ذلك يؤمن لهم استمرار تدفق الأموال إلى جيوبهم التى تمتلئ بدماء الاستغلال لفقراء هذا العالم. فهذه الشركات لا تهتم ما هو الضروري والمفيد للعالم بل تهتم فقط بما هو مربح .. فقد ترى أحد هذة الشركات تنتج سيارات فارهة ليركبها أثرياء العالم فى الوقت الذى يعانى فية ما يقارب من نصف المليار نسمة فى افر يقيا وأسيا من خطر الموت جوعا. إننى أعتقد ان الطابع الأخلاقي للاشتراكية هو الذى سوف يعيدها إلى حلبة الصراع مرة أخرى بل سوف يدفعا فى النهاية إلى حتمية الانتصار على استغلال الرأسماليين الذين يؤدون بإمتيار دور مصاصي دماء الشعوب فى هذا العالم . لأن العالم سوف يحتج لأكثر من مجرد سياسات تصب فى مصلحة الأغنياء . سوف يحتاج إلى منظومة عدالة اجتماعية أخلاقية بعيدا عن محاولات الهندسة الاجتماعية الجبرية التي أثبتت فشلها فى الاتحاد السوفيتي..
#محمد_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوتوبيا السياسيين فى المحروسة
المزيد.....
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|