أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الخليفي - بين النعل والبيادة














المزيد.....

بين النعل والبيادة


علي الخليفي

الحوار المتمدن-العدد: 4462 - 2014 / 5 / 24 - 19:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يمكن لنا إدراك الواقع دون الوعي بدروس الماضي الذي أسس لهذا الواقع .

العلاقة بين النعل والبيادة علاقة قديمة ضاربة بجدورها في تاريخ هذه المنطقة ، فلقد كانت هي العماد والركيزة ، التي تأسست عليها أنظمة الحكم المتعاقبة منذ الإجتياح البدوي .

مع بدايات الإستعمار البدوي ، كان الحاكم البدوي يحتفظ لنفسه بالبيادة والنعل معاً لسوق الجموع المؤمنة ، فينتعل النعل لإمامة تلك الجموع في أداء طقوس عباداتها الدينية ، ويرتدي البيادة ليقود تلك الجموع لسحق الخارجين عنه ، ولتوسيع حدود مملكته المؤمنة ، عبر إجتياح ما جاورها من بلاد.

ظلت البيادة والنعل ، من المقتنيات الخاصة للحاكم البدوي ، طوال فترة التأسيس لحكم البداوة ، وأستمرت حتى نهاية ما عرف تاريخياً بالخلافة الراشدة.

مع نهاية تلك الخلافة الراشدة ، وتوسع مملكة الإيمان البدوي ، وإنشغال الحاكم البدوي بالإستمتاع بغنائم الجنات التي منحته إياها غزواته الإيمانية ، زهد ذاك الحاكم في نعله ، وتنازل عليه لخصيان قصره وأحتفظ لنفسه بالبيادة .

أسند الحاكم البدوي لخصيان قصره ، الذين أنعم عليهم بنعله مهمامه الدينية في إمامة الجموع في أداء طقوسها الإيمانية ، على أن يقوم الخصيان بتسخير تلك الطقوس للدعاء له ، وترسيخ ركائز حكمه ، عبر تسخير النصوص الدينية لتقديسه ، وتحريم الخروج عليه ، والعمل بكل ما أوتيت من قوة ، لتجهيل تلك الجموع ، وإغراقها في عوالم من الأساطير والخرافات ، وإبقائها تحت سطوة الرعب من عدو وهمي ، يتربص بها ، ويريد إفنائها ، وتصوير صاحب البيادة ، بأنه ملجأها الوحيد الذي يمتلك القدرة لصد ذلك العدو ودحره ، وتوفير الأمن والأمان لها.

هكذا تأسست العلاقة ، بين البيادة بما تمثله من قوة عسكرية ضارة ، وبين النعل بما يمثله من مؤسسة دينية ، وظلت تلك العلاقة في أغلب المراحل التاريخية ، تسير كما رسم لها ، بإستثناء حالات قليلة حاول فيها النعل تجاوز الدور المرسوم له، ومنازعة البيادة سلطتها ، ولكن النتيجة كانت تنتهي دائماً بقيام البيادة بسحق النعل والقضاء عليه وإستبداله بنعل جديد.

تاريخياً ، كانت أولى هذه المحاولات ، على يد الحسين ابن علي ، عندما خرج على يزيد ابن معاوية ونازعه الإمارة ، فكانت نهايته نهاية أن قطع رأسه وحُمل ليلقى تحت البيادة
.
وعقب هذه المحاولة ، محاولة أخرى قام بها عبدالله ابن الزبير ، بخروجه على أول بيادات بني مروان، فكانت نهايته أن يعلق على أعواد الصليب ، حتى يتفسخ جسده ، وتتساقط أطرافه ، ولم يشفع له إحتمائه ببيت رب البيادة البدوية ، التي هدمت ذاك البيت على رأس ذاك الرب ، ومن إحتمى به ، وأشعلت فيه النيران ، ونصبت صليب النعل على ركامه.

في عصرنا الحديث ، أدى تحالف النعل المتمثل هذه المرة في الإخوان المسلمين ، مع البيادة المتمثلة في الضباط الوحدويبن الأحرار ، أدى ذاك التحالف إلى إسقاط الملكية في المحروسة ، وبعد نجاح ذاك الإنقلاب ، حاول النعل الذي لم يقرأ التاريخ إفتكاك السلطة من البيادة ، فكانت ذات النتيجة .

جهل النعل ، وعدم إستفادته من عبر التاريخ القديم والحديث ، جعله ينخدع ويعيد الكرة في أيامنا التي نعيشها الآن ، ولقد نجح النعل عبر ركوبه لموجة الهياج الشعبي على البيادة ، نجح ولأول مرة في إفتكاك السلطة من البيادة ، وجعل البيادة تابعة له، تؤدي له التحية ومراسيم الولاء والطاعة لسنة كاملة ، لكن النعل الغبي لم يدرك ما تخبئه له البيادة من عقاب ، حتى حانت الساعة ، فكان إنتقام البيادة إنتقاماً بشعاً ، ولم يشفع للنعل كما لم يشفع لسلفه الإعتصام ببيت ربه ، ولا الصيام ولا القيام في ساحات رابعة والنهضة ، فلقد جاست البيادة في تلك الساحات دون رحمة أو شفقة وحولتها إلى بركة دم.

البيادة تحتاج دائما للنعل ، لأن النعل هو الذي يوطي لها الرقاب لتدوسها ، لذلك يتوهم من يظن أن البيادة التي ستحكم المحروسة لاحقاً ، ستقدف النعل في سلة الزبالة ، وسترتقي بالبلاد بالعلم والثقافة ، كل ما سيحدث أنها ستختار لنفسها نعل جديد،قد يكون الأزهر ، أو حزب النور ، أو غيرها من النعال المعروضة على مصاطب المساجد ، وما أكثرها ، ليحل محل النعل المُهترئ المسمى بالاخوان.

علاقة النعل بالبيادة علاقة تاريخية فكلهما يحتاج للاخر ولا قيامة له بدون الآخر .

والجموع المؤمنة ، ليس لها في واقعها من خيار بديل ، فخيارتها محصورة بين النعل والبيادة ، ولقد جربت حكم البيادة بدون النعل ، فوجدته قاسيا،ً وجربت مؤخراً حكم النعل بدون البيادة ، فكان أبشع تجاربها ، وأفضل خياراتها والمُجرب تاريخياً ، هو الحكم القائم على تعاون النعال والبيادات ، لتظل مداسة ومسحوقة روحياً وجسديا. وهي تعشق أن تكون كذلك ، لإن إنسحاقها الروحي والجسدي ، يجعلها في أفضل حالاتها الإيمانية .



#علي_الخليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نُصوص بدوية ~ الإله الماكر والحياة الضنكا
- نُصوص بدويه ~ شجرة المعرفة المُحرمة
- نصوص بدوية ~ البركة المسروقة والمُغتصبة
- البداوة والمواطنة _ 3
- البداوة والمواطنة _ 2
- البداوة والمواطنة
- الفتاوى المُقرفة قد تهديك السبيل
- دمشق العصّية
- البحث عن الله بين أنقاض الأديان الفضائية
- سرطاناتنا الحميدة
- عذرا معشر الكلاب
- من يتآمر على من في مصر؟
- الثورة لا تخرج من جامع
- دعوة إلى التشيع
- ما الذي تبقى من إسلامكم؟!!
- ديمقراطية الولي الفقيه
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 2/2
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 1/2
- الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟
- حتى لا تحكمنا موزة


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الخليفي - بين النعل والبيادة