أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - تعدد مستويات الذات في القصيدة .. قراءة لبعض أعمال شعراء العامية















المزيد.....

تعدد مستويات الذات في القصيدة .. قراءة لبعض أعمال شعراء العامية


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 4462 - 2014 / 5 / 24 - 07:54
المحور: الادب والفن
    



يقع النص الأدبي ضمن مجموعة من العلاقات المتشابكة بأبنية المجتمع، و تراثه، و تحولاته في اللحظة الحضارية الراهنة، و الشكول الشاعرية، و الاستعارية للذات في لحظة الكتابة، و كذلك تاريخ الفن، و تاريخ الجنس الأدبي نفسه، و تاريخ الفكر، و الفلسفة؛ إذ يجد المبدع نفسه في سياق فني يتطلب موقفا إبداعيا قد يؤول من خلاله وجوده في العالم، و قد يحدد النص موقفا من الوجود الكوني، أو الشعري، أو الثقافي، و لكن من خلال المجاز، و تداعيات الكتابة، و أخيلتها، و إيماءاتها الموحية، و إيقاعها الموسيقي بشكوله المنتظمة، أو القائمة على الحالة، أو الإيماءة غير المركزية.
و أرى أن مثل هذه الأفكار النقدية التي تؤكدها مراجعات النصوص الأدبية بمختلف توجهاتها، و تياراتها الكلاسيكية، و الحداثية قد تفيد في قراءة نماذج من أعمال شباب الشعراء في مجال كتابة قصيدة (العامية المصرية)؛ فضلا عن تميز هذا النوع من الكتابة بتحويل علامات الحياة اليومية إلى علامات مجازية عن طريق بكارة اكتشاف العمق في البساطة الظاهرة، و الاشتباك المباشر بأحاديث النفس داخل الأنا المتكلم، و استخدام لغته الآلية البسيطة نفسها، بما تحمله من تكثيف، و بحث عن هوية شعرية داخل الصوت الذي يعيد إنتاج نفسه أحيانا بصيغة ضمير المخاطب؛ ليثري مدلول الذات، و يمنحها حضورا إنسانيا واسعا، و محتملا في آن.
نلاحظ بحث المتكلم عن الأصالة، و التحرر الروحي من قيود التهميش، و القهر في تجربة الشاعر (محمد ثروت)، و ذلك من خلال الآليات الجمالية للخطاب الداخلي، و أخيلته الاستعارية، و ديناميكية الصورة الممزوجة بالسرد داخل القصيدة؛ فالذات تبحث عن التحقق الروحي من داخل العلامات التي تشير إلى القيود، أو الانهزامية في الواقع.
يقول في قصيدة (شجن):
"يا شراعي يا مايع / نفسك تدوق الريح / حق الخشب ضايع / و حبالنا من المجاريح / يا دفة غدارة امشي معايا يومين / يا كفة بخسارة / متبهدلة الموازين".
تشير علامات الرحلة إلى أصالة ذاتية خفية في حالة انتظار للتحقق، و الصيرورة الروحية بينما تهيمن حالات التوقف على الشراع، و الحبال، و الموازين التي تؤكد استمرار بحث الذات عن حالة من التناغم الجمالي المفقود في السياق الواقعي، و تتهيأ هذه العلامات للفعل، و الأداء المحتمل خارج خطاب الشجن؛ فالمتكلم يبحث عن جريانه مع الريح، أو تحرره المعلق في النص.
و يكثف الشاعر أسئلة الهوية الشعرية، و العلاقة بين الحياة، و الموت، و تحرر الصوت، و استعادته لأخيلة القهر من اللاوعي في قصيدة (استفهام)؛ فثمة حالة من التساؤل الشعري عن النماذج الحتمية التي تهيمن على المتكلم، و تقهره، بينما تقع في حالة تناقض أصلية مع ضمير المخاطب الذي يشير ضمنيا إلى قيمة الحضور الشعري النسبي للمتكلم.
يقول:
"و تلقى التوهة تغريبة / ساعة ما تشيل وجع دواوين / و تسأل أسئلة مريبة / تشيل الهم تشيل الطين / كما المحجوز في تخشيبة / مشتت جوا أنفاسك / و مين ضربك على راسك؟ / و مين حبسك في كراسك؟".
يبحث المتكلم عن وجوده الشعري الآخر من خلال المخاطب المتعالى على نماذج القهر غير المبررة، و التي ترتبط باستمرار السؤال عن المعنى، و عن الوجود الممتد في استعارات النص، و الصعود الذاتي غير المباشر في تحولات ضمير المخاطب، و مدى تعبيريته عن الهوية الشعرية.
و يعيد الشاعر (مروان أشرف) اكتشاف الذات، و حضورها الشعري انطلاقا من الخبرات اليومية، و الذكريات الممزوجة بحس شعري، و تصويري، يؤكد ثراء الحضور المجازي للمتكلم، و تداخله الإبداعي مع الآخر؛ إذ يتولد موقف الذات من العالم من تلك الصور الفريدة التي تعكس الذات، و الآخر، و المدلول المتجدد للحياة معا.
و يرتكز الشاعر – في تجربته – على السرد الشعري، و تداعيات الصورة، و كثافتها التعبيرية التي تقع بين المتكلم، و الآخر.
يقول في قصيدة (أراجوز):
"مزنوق ف عقارب ساعته / و الوقت مهوش بيساعده / فبيخلق لك تلاكيك / يتأثر / يضحك ليك / تضحك / فتعلق وشك / على صورة ف وسط الحيط .... / أراجوز متداري ف ضحكة / و مبروزها ع الحيط".
يكشف المتكلم عن تناقضات صورة (الأراجوز)، و ثرائها الدلالي، و يبحث عن قيمة الوجود الحقيقي، أو الشعري المتواري خلفها؛ هذا الوجود يمثل – من وجهة أخرى – قراءة للمتكلم نفسه، و للآخر المحتمل في المشهد.
إن الطاقة الجمالية للذات / الأراجوز تتسم بالثراء، و التناقض بين التناغم، و الشعور بالنهايات، و بين البهجة، و الشجن، و الأصالة العميقة خلف الابتسامة المعلقة في المشهد.
و يعيد الشاعر قراءة العلاقة بين الحضور، و الغياب، و الاندماج الكوني في بنية الذات، و الآخر معا في قصيدة (تخاريف الواد تيفا)؛ إذ تجدد القصيدة حكاية الآخر، و تمثيلات الغياب الملتبس بالوجود الشعري في بنيته؛ إذ يقول:
"الواد تيفا دلوقتي خلاص / بقاله زمان مبيسألش / بقاله كتير / في جوف البحر / مبيطلعش / صوت الموج ف وداني / و تيفا الواقف قدامي / بيدوب كالملح".
مثلما تمتزج الرحابة الكونية في أخيلة الماء، و تتناقض مع الفقدان، نجد امتزاجا استعاريا آخر بين الموت، و الحياة في بنية (الآخر / تيفا) الذي يتسع صوته بقدر غيابه عن المشهد؛ و من ثم تنمو صورته السردية، أو حكاية موته في الخطاب الداخلي للمتكلم، و تؤول الموت كمفتتح لرحابة روحية، و كونية جديدة مستعادة من اللاوعي.
و تتجسد نزعات الأصالة، و البحث عن خروج آخر، أو صفاء روحي بديل عن هيمنة حالة الموت، و مستوياته الدلالية الثقافية، أو المتعلقة بإشكالية الوجود في تجربة الشاعر (عبد الرحمن بخيت)، و يجسد تلك الدلالات عن طريق المفارقة التصويرية، و ارتباطها بولادة حالة شعرية تتجاوز أزمة الحتميات، أو الموت.
يقول في قصيدة (قلق):
"أنا نفسي مش عارف / أزرع غيطان روحي / بحاجات زارعها الموت / لكن أنا مؤمن / إن الخرس ممكن / يقدر يطلع صوت".
يبحث الشاعر عن موقف تتجدد فيه الذات خارج الأزمات الروحية، و الثقافية، و يكشف عن التباين الشديد بين صور ولادة الروح، و صور الانهزام، أو التهميش المتعلقة بوضع الذات، و بنيتها في السياق الواقعي.
و يتخطى الشاعر عبد الرحمن بخيت حدود المدلول الفكري المباشر، و المتعلق بالبحث عن معنى الوجود الذاتي في العالم في قصيدة (عتاب مسموح)؛ إذ تتجسد كينونة الذات في حالة أدبية نسبية، تجسدها تداعيات النص، و استعاراته.
يقول:
"أنا بايت من عمر ورايا / على سطح البيت اللي آويني / و أديني بجمع ف درايا / .... أنا أكتر ميت كان عايش / أنا أموت من روحي مفيش / أنا بسرق م الدنيا حياتي".
يقع كل من مدلولي الموت، و الحياة ضمن تحولات الروح، و صيرورتها المتجاوزة لثبات المفاهيم القديمة، و لحتميات السياق الواقعي معا؛ فالذات تؤول من خلال حالة استعارية ملتبسة بين الحضور المتعالي، و التهميش، أو بين الحضور البهيج، و الغياب المحتمل في تداعيات النص.
أما الشاعر (معتصم الصاوي) فيجسد نصه شاعرية المتكلم، و ثراء مدلول الهوية الشعرية في القصيدة؛ فيبحث عن التناقضات الداخلية التي تذكرني بتعدد مستويات الشخصية المصرية في (الناس في بلادي) لصلاح عبد الصبور، و شعر العامية يجسد تلك التناقضات بخطاب مختلف، و أقرب إلى البساطة الجمالية العميقة، و البحث عن حضور يتجاوز الإشكاليات الواقعية، و حتميات الموت من خلال الكتابة.
يقول:
"أنا فوسط الربيع بكون إعصار ... / أنا تايه في مملكتي / و غريب ما بين ناسي / منيش فاكر و لا ناسي / ماشي على سطر و سايب التاني ف كراسي".
يكشف الشاعر هنا عن ثراء الذات المتكلمة، و تطورها الذي يشبه تداعيات النص، و صيرورته التي تتسم بالتناقض، و العمق، و تجاوز الأبنية الثابتة، و من ثم تجاوز المعنى الواحد للموت، و الحياة بمستوياتهما المتعددة.
أما الشاعر (عمرو الصفتي) فيبحث عن صفاء روحي دائري يتجاوز تحولات القيمة من خلال نص يجسد السخرية، و المفارقة، و مزج منطق الكتابة النصية بالأخيلة الكونية، و المجازية.
يقول في قصيدة (القلب شاب):
"القلب شاب / و الشعر عدى 100 سنة / واخد ملامحه م القمر / حب السهر في عز صغره / رغم الحقيقة تختلف / الحب عمره ما كان بشر / الحب شيخوخة و هرم".
يجسد خطاب المتكلم بلاغة السخرية من اختلاط الحب، ما يحويه من أصالة، و عمق بالشيخوخة، و تحولاتها الزمنية التي تفارق تجدد الذات، أو القيمة، أو الحب الذي يشبه تجدد صورة القمر الكونية، و أخيلتها في النص.
ثمة حركتان – إذا – في بنية القصيدة؛ حركة يجسدها منطق النص، و تراتبية عباراته، و حركة مضادة تسعى للقبض على القيمة الشاعرية للأشياء خارج نطاق الحتمية، و هيمنة الخطاب الذي يتسم بغياب الوجود الداخلي الذي يستعصي على التحول، و النهايات.
د. محمد سمير عبد السلام – مصر



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية الروائية، و الانحياز للحياة في رواية (أبو جلال 2000) ...
- الأصالة المستمدة من روح المكان، و الاتصال بالثقافة العالمية ...
- حياة إبداعية ثرية للهامش في ديوان (معجم الغين) لعلاء عبد اله ...
- نحو تشكيل صوت داخلي، و زمن خاص في رواية (سفر اليقظة) لشطبي م ...
- بين النزوع الإنساني، و اتساع النظائر الجمالية للنوع ... مدخل ...
- بين النزوع الإنساني، و اتساع النظائر الجمالية للنوع ... مدخل ...
- بين المعاناة، و الإعلاء من القيمة الإنسانية للشخصية في قصة ( ...
- الهوية الجمالية، و دلالاتها الثقافية في سيرة (قلب العقرب) لم ...
- مصطفى الأسمر .. و تعدد مجالات الرؤية في رواية متتابعة الموت ...
- التجدد و التفرد و التضاعف .. قراءة في ثلاث مجموعات قصصية
- الكشف عن ثراء النصوص ، و الأفكار في نتاج عبد الغفار مكاوي
- الحكي كنغمات جمالية .. قراءة في مجموعة (الأمنية الأخيرة) لهد ...
- تجدد الذات، و تجدد العالم في قصص مصطفى الأسمر
- اللعب الجمالي، و انفتاح الرؤى التأويلية .. قراءة في ديوان سي ...
- من الآلية إلى تمرد الوعي المبدع .. قراءة في ديوان غازات ضاحك ...
- الإنتاجية الجمالية للتعدد، و الاختلاف .. قراءة في ديوان هكذا ...
- جماليات اللقطة، و التشكيل المجازي للواقع في عالم إبراهيم أصل ...
- العمل الفني ، و الجمهور النشط .. حديث لإيهاب حسن
- الولادة المتجددة للأعمال الفنية عند ثروت عكاشة
- الطاقة الإبداعية للسؤال .. قراءة في رواية اللاسؤال و اللاجوا ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - تعدد مستويات الذات في القصيدة .. قراءة لبعض أعمال شعراء العامية