أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - بلال غرسلي - حدّث ولا حرج














المزيد.....


حدّث ولا حرج


بلال غرسلي

الحوار المتمدن-العدد: 4462 - 2014 / 5 / 24 - 03:43
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


حدّث ولاحرج ففي بلدي تقبع العاهرة في قمة هرم السلطة تتربع على عرشه وتتلوى بين مفاصله وتحكم سيطرتها على قبضته, حدّث ولا حرج ففي مدينتي يرّجمون الحياة و ينهشون الأموات ويسّحلون العشاق وينادمون العاهات ويعانقون الجلاد ,حدث ولا حرج ففي حيّي تنتحب الأجواء, تكّفهر السماء, تمّتعض الخواطر و تشرئبّ الأعناق و يسيل اللّعاب على شبه غنيمة و حفنة فتات

في بلدي أيضا قامت إنتفاضة في يوم من أيّام ديسمبر ذات خريف كان حينها رغيف الخبز قائدها و شغف الحياة محرّكها و صولجان الكرامة حاميها... قامت لتهز عرش السّلطة و ترعبها ,قامت لتفتك ثمن الخبز وتسترجع عذرية بكارتها, قامت و لم تُقعد الدّنيا إلا وصوتها كان قد أذاب الجليد في المحيط فراقصت أنامل الحرّية و أماطت اللثام عن أوعية القلب وضخت فيها دماء جديدة وحولت القنبلة العنقودية الجاثمة على صدور العامة من المسحوقين والغاضبين إلى شظيّة

باركّناها,عايشناها بل راقصناها و إبتهجنا لرؤية مُحيّاها و وميض الحب الذي يغازل حلم الحرية و الإنعتاق الذي تلاها ,عشنا على وقع همساتها تألمنا, فرحنا. ندّدنا ,أطّنبنا,هلّلنا, رفضنا, نادينا ,باركنا ,علّلنا, طالبنا و عايشنا كل اعتباطاتها طيلة ثلاث سنوات . أصبحنا نتنفس على وقع تقلباتها و نتغذى من شريان حياتها فنُساير كل أحداثها... ربما هي إحتوت حياتنا و ألغت جلّ إهتمامتنا لكن ذلك كان أمرا محتوما فهي ثورة قيد الإنشاء قد نفشل ,قد ننجح ,قد نُلدّغ ,قد نُغدر و قد نُنّحر في خنادق طرقاتها لكنّنا لانستطيع أنّ لا نلامسها و لا نجاملها و نقارعها

طيلة هاته السنوات إكتشفنا دهاليز بلدنا وحواجز سلطّتها الغاشمة و التي ينخر الفساد منظومتها, طيلة هاته السنوات كنا نؤمن بأنّ العدالة آتية لا محالة و أنّ بزوغ الشمس آت لا ريب في ذلك, طيلة هاته السنوات التي و إن كانت قليلة إلا أنّ تسارع الأحداث و تراكمها يجعلها سنوات و سنوات, نعم طيلة هاته السنوات كنّا نصارع و نرفض أّن نقايض الأمن أو الخبز بالحرّية بل كنا نحاول أنّ نعيد صياغة مفهوم الحرّية و أنّ نبني صرحا لتخليد نصرنا فوق قبر تلك القنبلة التي صارت شظيّة.... لم نعي ولم نخمّن للحظة أنّ تلك الشظيّة قد تنفجر وتحدث زلزالا يفرقنا و يقسمنا و يقذفنا في قاع النكران والنسيان والخذلان ,لم نعتقد لوهلة أنّ تُخلّف تلك الشظيّة عاصفة تأتي على الأخضر و اليابس و تقتلع شرارة الحرية وتدّمر أفئدة الرّجولة و الوطنية, لم نتصور أن تلك الشظيّة يمكن أن تفجر كبّسولة الإنتهازية و تطلق عصا الإرهاب و الإستعباد فتُدار القضية من زمرة خائنة تعرّضها في سوق النخاسة و تُباع بأبخس الأثمان

تعاقبت ستة حكومات وعلى إختلافها كانت كلّها تسبّح بحمد ثورة تستنزف خيراتها و فوائدها فتتشدق بها في المحافل و الخطابات و الإجتماعات و تضاجعها و تشلّ حركاتها و تحول وجهتها في أقبيّة النظام وبإسم هيبة الدولة و تحت يافطة نظافة اليدين و الكفاءة و الرصيد النّضالي الوهمي كانت كلّها تسترق النظر إلى مفاتنها وتتحسس جسدها الذي أنهكته المفاحشة و إرتسمت على أخاديده آثار عنف المضاجعة فاليوم وقد بلغ السيل الزبى ترانا نترنّح بين النّحيب على أعتابها و نحن نشاهدها تقّضم أبنائها الواحد تلو الآخر وبين إيقاد شعلة أمل خفت نورها وصار قاب قوسين أو أدنى من بقايا أمل فلا شهيد أو حريح إسترجع بعضا من حقّه أو حتى عرفانا له بما قدم من تضحيات عوقب من أجرم في حقه و حق تونس المهدور و لا عدالة إجتماعية أو حركة إصلاحة اُنتهجت

بل أضّحت كلمة ثورة مدّعاة للسخرية و التّندر و صار ثوار الأمس سّجناء اليوم و أزلام النظام ثوار اليوم و إنقلبت الموازين و زاد الفقير بؤسا و الغني غنا و جشعا و الأدهى أنّ النّظام نجح في إقناع المواطن البائس أنّ الثورة إشاعة و فوضى لاخيّر يُرجى منّها و أنّ الديمقراطية و الحرّية كفر لأنّنا شعوب لا تستحق العدل و الديمقراطية , بل تستحق فقط بأنّ تُحكم بيد بوليسية تمتد لتقضي على كل من يفكر في الخروج عن القطيع و لعلّ المحاكمات و الهرسلة اليومية ماهي إلا بداية عودة آلة القمع الحكومية لكن هاته المرة بمفاهيم تبريرية شعبوية وبأكثر دموية

"من وحي ثورة تونس 17ديسمير 2010"

ولد الغرسلي



#بلال_غرسلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقائق وتساؤلات
- يحيا دين ربّي


المزيد.....




- عفو «رئاسي» عن 54 «من متظاهري حق العودة» بسيناء
- تجديد حبس المهندس المعارض «يحيى حسين» 45 يومًا
- «نريد حقوق المسيحيين» تظاهرات في سوريا بعد إحراق «شجرة كريسم ...
- متضامنون مع المناضل محمد عادل
- «الصيادون الممنوعون» في انتظار قرار مجلس الوزراء.. بشأن مخرج ...
- تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن م ...
- جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
- أحكام ظالمة ضد مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني والجبهة تند ...
- السيد الحوثي: العدو اعتدى على متظاهرين بسوريا واطلق عليهم ال ...
- سلطات مدينة إيربيت الروسية تقرر نزع ملابس -ديد ماروز- عن تمث ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - بلال غرسلي - حدّث ولا حرج