بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 4461 - 2014 / 5 / 23 - 23:36
المحور:
الادب والفن
الفيلم هو صرخة ضد الحرب لنصل الى القول أن الفيلم هو صرخة ضد الموت نفسه..
عندما يعمد تروفو الى التأريخ بنكهة وثائقية ويجعلنا نظن ان الفيلم مستوحى من قصة حقيقية على شاكلة:
تاريخ الغرفة الخضراء يفتح في مدينة صغيرة في الشرق الفرنسي بعد عشر سنوات من انتهاء الحرب العالمية الأولى الذي ادى الى ملايين من الوفيات...
هذا التقديم يوحي بفيلم عن الحرب ويجعلنا نظن كما قلنا بان الفيلم مستوحى من قصة حقيقية،ولكن الفيلم مستوحى من روايتين للكاتب هنري جيمس (مذبح الأموات والوحش في الأدغال).
وبهذا وبسرعة تنقلب تنقلب احداث الفيلم لتتحول عن رجل يدعى بجوليان يلعب دوره فرانسوا تروفو نفسه مريض بالفقدان ويعيش في عزلة وانكفاء على الذات منذ ان ماتت زوجته قبل عشر سنوات...
هو يعمل في جريدة وكأنه مختص في الكتابة عن الأموات،فهو كتب عن 31 شخصا ميتا من دون ان يستخدم التعبير نفسه مرتين،والموت يتابع زيارة الأشخاص الذين يعرفهم خلال احداث الفيلم...
(سيسيليا) هي فتاة تعرفه أو التقت به ذات مرة منذ سنين وجمعتهما صدفة غريبة حيث انها التقت بوالدها بعد وفاته،بينما جوليان التقى ايضا بزوجته بعد وفاتها ،وقصته مع زوجته شهيرة ومعروفة في القرية التي يعيش فيها ويرفض مغادرتها للعمل في باريس...
النيران تحرق ذكرياته مع زوجته،فيقرر أن يتبنى اصلاح كنيسة صغيرة مهجورة ويجعلها تحمل ذكرى كل الأموات الذموات الذين قد عرفهم،ويجعل لكل شخص منهم شمعة وتبقى هناك شمعة وحيدة مفقودة ستوضع مع نهاية الفيلم مع افول نجم جوليان...
الفيلم هو عن رجل غلب على تفكيره هاجس الموت،ومن شدة اشتياقه للغائبين تملكت هذه الفكرة في رأسه ولكنه ليس خائفا من الموت نفسه...
لايوجد الشيء الكثير لقوله عن هذا الفيلم،حتى النهاية كانت تقف متوسطة بين الدراما والميلودراما،والفيلم بدا مشوشا في كثير من لحظاته وهي حالة تصلح أن نقول عنها بان تروفو لم يستطع التعبير عن الذي يريد قوله فعليا،والمعالجة ان لم تكن ضعيفة فهي متوسطة في افضل حالاتها...
والفيلم اصلا يقف غريبا في مسيرة تروفو الفنية كلها-اقتباس من النقد الغربي- مع تحفظ على القيمة الفيلمية الفنية في مسيرة تروفو الطويلة...هو ليس بافضلها على اي حال،ولكن تروفو يثبت قدرات اخرى في الأداء عدا عن كونه بالأساس مخرج فرنسي كبير...
كما اننا استمعتنا بمشاهدة فيلم قصصي سردي اضاف تنوعا غريبا على مسيرة تروفو الفنية التي اوشكت على الأفول والانتهاء،وهذ يدفعنا الى التساؤل:
هل الفيلم محمل بهموم ذاتية شخصية...هل بدأ هاجس الموت يسيطر فعليا على تروفو؟
على العموم فهذا حال الانسان لأن تروفو لم يتبقى له الكثير من الحياة على هذه الدنيا...
توفي تروفو في21 اكتوبر عام 1984 بسبب مرض خبيث بالدماغ
بلال سمير الصدّر 15/12/2013
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟