أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد خداش - انكسارات امراة شرقية














المزيد.....

انكسارات امراة شرقية


زياد خداش

الحوار المتمدن-العدد: 1263 - 2005 / 7 / 22 - 11:23
المحور: الادب والفن
    


كان يوماً مشمساً لذيذ النكهة أو هكذا خيل لي، كانت ليلة حارة طويلة عذبة الرائحة دافئة الملمس في ساعاتها الأولى أو هكذا خيل لي وكانت النهاية دامية، لم أكن قد تجرأت من قبل على تصور التفاصيل الدقيقة لتلك الليلة ـ الحلم، كانت مشاهد غامضة وصور راعشة مضطربة باهتة الملامح كنا ننسجها في منتصفات ليالينا الساخنة الطافحة بهجة ووجعاً بتكتم شديد ولذة فائقة نحن بنات قريتنا المسجونات في حجرات مخيلاتنا المستفزة، كان شاباً طويلاً وحيداً قليل الكلام، قليل الاختلاط بالآخرين، مكتنز الشفاه معروق الأكف، هائل الصدر والأكتاف، غزير شعر الصدر والوجه والسيقان أو هكذا خيل لي، أحببته بصمت خمس سنين، كان فلاحاً شرساً لا يغادر حقله قبل أن يحيله إلى أخاديد منظمة وأغصان مقلمة وتربة شهية، ذات ظهيرة قائظة كنت أتكىء على نافذتي الصغيرة أتأمله وأسمع آهاته وهو يتعارك مع حقله كأنه يتعارك مع امرأة رقيقة عراك الحب والدفء والشهوة، أو هكذا خيل لي، بعد لحظات عاصفات رأيت نفسي أتحول إلى تربة خصبة تتلوى بين أقدامه وتحت صرامة معوله الذي خيل لي أنه قادر على إعادة صياغة ملامحي من جديد، وبأصابعه عظيمة الإيقاع يغربلني من فوضويتي كما يشتهي أو هكذا خيل لي ,وأن عنقي المتماوج البض ذا الصلابة الطرية يتحول إلى غصن يتراقص بدلال ونشوة بين أصابعه الرائعة، ومن جديد يقلم بلسانه الخشن أطرافي ويعيد خلقي أو هكذا خيل لي ذات مساء حار جاءت أمي تركض إلى المطبخ وصاحت أو هكذا خيل لي، ابشري يا ابنتي العزيزة جاءك المعول والأصابع الرائعة واللسان الذرب، فلتخلعي عنك الحواجز ولتستلقي وتستقبلي الحياة بأبهى تجلياتها، كان يوماً مشمساً لذيذ النكهة وكانت ليلة حارة طويلة عذبة الرائحة، دافئة الملمس وكانت نهايتي الدامية. كنت حقلاً خرباً فوضوي الملامح مشعث الأشجار والأخاديد بتربة جافة وأغصان ظامئة شاحبة، هبط المعول فوقي مفجراً في بهائي ومن فرط انتشائي أحسست برغبة هائلة في أن انقلب على المعول واجعله تحتي، لكن وجه أمي المتجعد الهرم المزبد انتصب أمامي محملقاً في وجهي المجهد تومىء تقاطيعه المتهدلة برغبة في التقيؤ استسلمت للمعول والأصابع الرائعة واللسان الذرب، كانت أغصاني تتراقص وتربتي تتأوه وتتلوى، كان وجه أمي الصارم القسمات لا يغادر فضاء الغرفة وهو يراقب بقلق تفاصيل العراك الجميل، فجأة رأيت وجه أمي يتبعثر ويتناثر مزقاً في أجواء الغرفة وسقطت قطع اللحم المتجعد المشمئز على مؤخرتي واستطعت أن أميز وأنا في أوج لذتي شفاه أمي المتخشبة وهي تتقيأ ذهولاً وخزياً وامتعاضاً ولم أتبين لذلك سبباً إلا عندما تذكرت أنني أهملت نصيحة أمي وانقلبت على المعول والأصابع الرائعة واللسان الذرب ولم أعرف أنني ارتكبت عهراً أو تنفست عاراً إلا عندما تراخت الأصابع الرائعة فوق صدري وتراجع اللسان الذرب إلى جحره وهو يقطر مرارة، وانطفأ وهج المعول، وجحظت عينا الفلاح الشرس دهشة وتقززاً، ورفعني بقسوة فوق أكتافه وهو يزمجر صائحاً والأرض تهتز تحت أقدامه: إلى الجحيم أيتها الفاجرة، إلى الفناء أيتها الخارجة على قوانين القبيلة المقدسة في الصباح صرت حقلاً مهجوراً، اضطربت أخاديدي، وتكسرت غصوني وتعرت أشجاري وأصبحت تربة نخرة صفراء تمتص ما تبقى من رضابها صراصير الأرض الحقيرة.



#زياد_خداش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انظر عيون الاستاذ ثمة لمعان مبلل هل تراه؟؟
- ماذا تفعل الدبابة تحت نافذة صديقي
- الانوثة حين تغادر عتمتها
- ما يشبه الشهادة على الجمال والالم
- جسد المراة - غابة من الاسئلة- عاصفة من الحنين
- غريبات واقفات على حافة العالم
- مينودراما _امراة سعيدة - على مسرح القصبة برام الله - جماليات ...
- حين روى عطش توفيق عطشي
- صورة المراة في منهاج اللغة العربية للصف الثامن في فلسطين
- الشعر في غزة ، الموت في غزة
- دوائر اختي الناقصة
- ملامح جديدة في صورة المراة العربية
- قصة قصيرة : حشرة عمياء يقودها طفل
- نساء فلسطينيات مكللات بالتعب والبياض
- في مديح المراة الطفلة


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد خداش - انكسارات امراة شرقية