|
الوفاء سمة الانسان الاصيل
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 12:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
المجتمعات على اختلاف انواعها و تركيبتها و صفاتها و ثقافتها العامة، لها خصوصيات تختلف عن البعض، يتميز بعض منها بسمات تكون معدومة او بنسبة اقل في الاخرى، بحيث يمكن ان لا نجد على المستوى العام صفات مشتركة كثيرة بين مجتمعات البلدان البعيدة عن بعضها من حيث الجغرافيا او الثقافة العامة او الوضع الاقتصادي و ما تمتلكه من التاريخ و الاحداث التي اثرت على كينونتها . و تترتب الامور العامة فيها على ما تتسم بها من الخصائص المميزة لها و ليس على العلاقات المختلفة مع غيرها، و ربما تتاثر بنسبة معينة من سمات غيرها عند التقارب بطريقة و اخرى .، و لهذا يمكن ان نحدد بعض المجتمعات بانها تمتلك صفة الوفاء بشكل عام او اكثر من غيرها . هذا على المستوى العام للمجتمع، اما الفرد ضمن المجتمع، يمكن ان نجد فيه اختلافا كبيرا في النسبة التي يمتلكها فرد ما مع الاخر بين كل من تلك البلدان المختلفة ، او بين افراد المجتمع ذاته. اي الوفاء يمكن ان يعتبر صفة فردية تعتمد في مستواها و نسبتها على التربية و الاخلاق و الثقافة العامة للفرد و مدى او امكانية او قدرة الفرد بالايمان او الالتزام بهذه الصفة تحت تاثير التطورات العامة و المضايقات و الاغراءات و تقلبات المجتمع و الذات الفردي . الفرد كائن مادي معنوي و ينشا ضمن عائلة بما تمتلك من الصفات و الثقافات و الالتزامات و التربية الخاصة بها، و من ثم المجتمع اي المدينة و الزقاق و الحي و ما تتسم بالصفات الاجتماعية العامة التي يمكن ان نقول بانها تختلف من مدينة لاخرى و زقاق لاخر وحي لاخر و بيت لاخر ، اي الفرد المتاثر بتربية معينة يمكن ان يختلف عن تربية اخرى وفق مميزات العائلة و ما يدور حولها، و عليه يخرج بصفات تختلف عن الاخر و منها الايمان بوجوب الوفاء . هنا لا اقدر ان اؤكد، و لكن اسال عن ذلك في مجتمعاتنا الشرقية، و ان ضيقنا الدائرة الاجتماعية في العراق فقط، هل يمكن ان توثر العرق و الدين و المذهب و الفكر و الايديولوجيا على نسبة التزام الفرد ببعض الصفات و منها الوفاء، و هل نجد الاختلاف بين الذكر و الانثى بمديات الالتزام و الخرق لهذه الصفة، اي الوفاء بالذات . هناك تجارب عديدة عبر تاريخ منطقتنا على الالتزام و الايمان بصفة معينة و حتى الموت، و هناك ايضا امثلة عديدة اخرى على الحنث بالوفاء و العهود، و نعلم انه امثلة كثيرة هناك،فكم من عاشق بقى وفيا حتى الموت و كم منهم تغير لابسط الامور . هنا يمكن ان نقول، ربما نجد من يتربى على صفة الوفاء في تركيبته الثقافية العامة منذ نعومة اظافره لاسباب عديدة، منها نوع العائلة او كيفية نشوئها و تاريخ العائلة و الحوادث التي مرت بها و ثقافة الوالدين و حتى ترتيبه بين افراد العائلة، وهنا الاهم هو تاريخ الفرد ذاته ضمن العائلة و ما مر به خلال مسيرة حياته و ما آمن به علاوة على تاثيرات المجتمع و الحوادث التي مر بها، ثم الثقافة العامة و المباديء التي يلتزم بها و من ثم العمر و تاثيراته عليه و تغييراته في كل مرحلة، و هذا كله يختلف من فرد لاخر و بين رجل و امراة . الاصالة صفة خاصة بالفرد الذي يمتلك من السمات الانسانية المهمة في الحياة و لم يتغير بمجرد نسمة هواء او اي تاثير خارجي مهما كان قويا، او يمكن ان لا تنشا هذه الصفة من الاساس في كثير من الافراد ، و لكن ان الذي اعتقد او متاكد منه و مستندا على قراءة و تقييم مجتمعنا، انني لم اجد فردا اصيلا بالمعنى و لم يكن وفيا او مضحيا من اجل ما يؤمن به و يعتقد بانه على الطريق الصحيح . الانسان الاصيل الوفي في الشرق و بالاخص في العراق يضحي بما يمتلك من اجل الالتزام بما يعتقد مطلقا بانه يجب ان يلتزم به سواء كان مبدءا او وعدا او عهدا قطعه على نفسه، واما الدخيل او الوافد الى هذا المجتمع فلا غبار عليه ان التزم ام لاء لانه غير اصيل او غريب في هذا المجتمع و صفاته . و هنا يبرز السؤال، هل الوفاء صفة قديمة مرت عليها الزمن نتيجة المتغيرات التي برزت الى ساحة الانسانية و اثرت على ادب و تربية و اخلاق و صفات الفرد الكثيرة، و من ضمنها الوفاء،ام مهما تغيرت المجتمعات نتيجة تاثير المسببات الا ان الصفات الاصيلة تبقى راسخة في الافراد الاصلاء. ام العلاقات بشكل عام تغيرت نتيجة التطور التكنولوجي و غيرت معها الصفات العامة للاسنان . قال لي احد الاصدقاء، يجب ان ننظر الى صفة الوفاء و مدى التزام الفرد بها من عدة جوانب؛ الثقافية، العائلية، الاقتصادية، و من ثم جنس الفرد و عمره و خبرته في الحياة و الى اخره من العوامل العديدة المؤثرة فيها، و قال، و لكن تاكد بان الاصالة و الوفاء متلازمتان، و اليوم التطورات و المتغيرات خففت هذه الصفات لدى الجيل الجديد و لم تؤثرالى حد كبير علىالافراد في الاجيال السابقة التي كانت تتسم بها . فاليوم اصبحت بعض الصفات الانسانية و التعامل بها وفق مستوى المنفعة او حسب نظريات و قوانين التجارة، اي هل من المعقول ان يضع من يحب بشكل حقيقي خط رجعة في حبه، او يتعامل وفق الفوز و الخسارة ، و هل من المعقول ان يرتبط رجلا كان ام امراة باثنين او ثلاثة في وقت واحد و يحتسب حسابا تجاريا دقيقا ان لم ينجح في واحد منه يلتجيء الى الثاني او الثالث، و الادهى بانه يسميه حبا و لم يعتبره خيانة من واحد لاخر، و يعتقد بانه صادق و وفي في حبه لجميعهم في وقت واحد . و هذا عند النظر اليه من حيث الاستناد على الصفات الاصيلة لدى الانسان الاصيل، يعتبر قمة الخيانة و كما يقول المقولة العراقية الاصيلة( اللعب على الحبلين) و لكن مدته قصيرة و ينكشف كل شيء على مصراعيه في اي وقت كان . هنا يمكن ان نقول بان الوفاء صفة لازالت باقية لحدما لدى البعض الملتزم بالسمات الاصيلة و لكن تغيرت هذه الصفة نسبيا بتاثيرات المستجدات و المتغيرات على الساحة الانسانية، و يمكن ان تضمحل او تندثر بين الصعوبات او ينقرض من يؤمن بها تدريجيا . و لذلك عند انقراضها يمكن ان نقرا على الحب الحقيقي الفاتحة و السلام .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحركات السياسية الصغيرة و نتائج الانتخابات في العراق
-
العراق الى اين و ما يحل به من مصلحة الشعب ؟
-
اليس عودة روسيا الى القمة من مصلحة العالم ؟
-
هل تفرز الانتخابات العراقية ما تتمناه النخبة ؟
-
العنف ضد المراة في اقليم كوردستان فقط ام .....؟
-
هل المراة تظلم نفسها ؟
-
اليس من حق روسيا الدفاع عن مصالحها
-
الاحساس بالاغتراب و انت في قلب الوطن
-
العراق يختار الخيار اللاخيار
-
صحيح ان ما نعاني منه في منطقتنا من عمل يد امريكا فقط ؟؟
-
هل مسعود البرزاني ارهابي حقا ؟
-
الصدق مفتاح النجاح في الحياة الاجتماعية
-
مسيرة الانسان بين الطموح و ما يفرضه الواقع
-
هل حقا الصح في غير مكانه و زمانه خطأ ؟
-
الكادحين و الحملة الانتخابية في العراق
-
لماذا غض الطرف عن فساد رئاسة اقليم كوردستان ؟
-
الحياة تستحق الحب و الانسانية
-
ايهما المحق المالكي ام البرزاني
-
طلب الاستئذان من ايران لتشكيل حكومة كوردستان
-
طال الزمان بنا و لم نصل
المزيد.....
-
اصطدمتا وسقطتا في نهر شبه متجمد.. تفاصيل ما جرى لطائرة ركاب
...
-
أول تعليق من العاهل السعودي وولي العهد على تنصيب أحمد الشرع
...
-
بعد تأجيله.. مسؤول مصري يكشف لـCNN موعد الإفراج عن فلسطينيين
...
-
السويد: إطلاق نار يقتل سلوان موميكا اللاجئ العراقي الذي احرق
...
-
حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وسيطلق سراحه اليوم.. من هو زكريا
...
-
مستشار ترامب: نرحب بحلول أفضل من مصر والأردن إذا رفضتا استقب
...
-
الديوان الأميري القطري يكشف ما دار في لقاء الشيخ تميم بن حمد
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية ويق
...
-
بعد ساعات من تعيينه رئيسا لسوريا.. أحمد الشرع يستقبل أمير قط
...
-
نتانياهو يندد بـ-مشاهد صادمة- خلال إطلاق سراح الرهائن في غزة
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|