|
المسرح المدرسي
منصور عمايرة
الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 01:52
المحور:
الادب والفن
المسرح المدرسيّ * منصور عمايرة إن المسرح المدرسي لا ينفصل عما يعرف بأدب الطفل، وإن بدا أدب الطفل متنوعا، إلا أن هناك مسرحا خاصا موجها للطفل كجزئية من أدب الطفل، وإن الأدب يشمل الفكر والفن. فالمسرح المدرسي نشاط غير منهجي في المدارس وخاصة المدارس الحكومية، فهو نشاط يقوم على جهود المعلمين وغير متخصصين في المسرح، ويقوم على جهود تلاميذ مدرسة يجلسون على مقاعد الدراسة، حيث يبدو لهم المسرح لعبة أو نوع من اللعب المحبب. ويبدو المسرح المدرسي أيضا كتجربة وهواية في مرحلة ما سرعان ما تتلاشى، وهو اسم هلامي غير مستقر كرؤية تربوية على مستوى وزارة التربية والتعليم والمدرسة، لا توجد هناك حصص خاصة للمسرح على الجدول الدراسي، فهو كنشاط غير مجدول لا من الناحية العلمية ولا من الناحية الفنية، فهو يبدو فضلة في عقول التربويين، ولهذا فقد غاب عن البرنامج الدراسي، وهو مرة أخرى فضلة في نظر التعليم المدرسي، قلما نجد من يدعو إليه، وهو يفتقد المكان المسرحي على مستوى المدرسة. المسرح المدرسي بقي يقوم على مسرحة المنهاج كنظرة إخراجية ضعيفة، ونظرة تمثيلية أكثر ضعفا، ومرة أخرى يقوم على مسرحة حكاية ضعيفة تتراءى لمعلم ما، فتقوم المسرحية على أصوات وحركات ماراثونية وأداء يقف على استحياء، وبعيدا عن الثقة النفسية بالقدرة على القيام به أمام الآخرين، ولكنه وللحقيقة نشاط محبب للتلميذ، لأنه يبين عن اكتشاف أشياء أخرى على سبيل التمثيل بعيدا عن الواقع، وهذا ما يدركه التلميذ، وهو يرى زميله الحي مباشرة يمثل على عكس الواقع وما يعرفه عنه في الواقع، وهذا التمثيل فيه شيء من الجدية والهزل. إن المسرح المدرسي الواهن في كثير من الدول العربية، بل معظمها كما هو عليه الحال الآن، وقلما تجد من يهتم به على مستوى الأوطان العربية، ولكنه قد يمثل بنية أساسية في معرفة المسرح؛ لتتغير الصورة عن المسرح كلما شب الطفل. وكثيرا من المسرح في الوطن العربي بدا بالنظرة الضعيفة من المدرسة، وربما هذه صفة كل المدارس. *** المسرح المدرسي وقد بدأ منذ زمن بعيد مقارنة بمسرح الطفل، لأن المسرح المدرسي يندرج في إطار المؤسسة التعليمية أولا، ثم في إطار العملية التعليمة التربوية المدرسية والمجتمعية، لهذا سنجده متوائما مع الأهداف العامة للتعليم والقيم والمفاهيم، فهو بالتالي سيكون مسرحا تفاعليا والمسرح التفاعلي من أسس المسرح المدرسي. إن هناك اختلافات جوهرية - بعيدا عن الأهداف - بين المسرح المدرسي ومسرح الطفل، فإذا ما كان الأول يدور حول الأهداف والقيم والمنهج والمسرح التفاعلي على مستوى الأسرة والحي والمدينة والمجتمع، فإن مسرح الطفل يمثل تربية مسرحية للطفل ليكون مسرحيا في المستقبل على مستوى الفنيات، الكتابة والدراماتورج، والإخراج والدراماتورجية والتمثيل الذاتي والأداء والمعرفة، وعلى مستوى التقنيات كالإضاءة والديكور، والملابس، وخشبة المسرح والفضاء المسرحي، والسينوغرافيا بشكل عام، وإدارة المسرح أيضا. ومن جانب آخر فإن مسرح الطفل تتوافر فيه كل الامكانيات الركحية أي يمثل على خشبة مسرح مجهزة فنيا وتقنيا، وله جمهور مختلف على مستوى التلقي الذوقي، والجمالي " النقد". ومن جانب آخر، فإننا نلاحظ أن من يقدم المسرح المدرسي هم غالبا من التلاميذ، أما في حالة مسرح الطفل، فإن الذي يؤدي هم الممثلون، سواء أكان على مستوى الهواية أو الاحتراف، وهم على درجة عالية من الاحترافية في التمثل الذاتي والأدائي، أو يجب أن يكونوا كذلك، وإن وجد أطفال على الخشبة في مسرح الطفل سيكون شيئا إيجابيا، ولكن الدور الرئيس يمثل برؤية إخراجية وتمثيل ذاتي وأداء مسرحي. *** إن تسمية المسرح المدرسي تنقسم إلى قسمين : المسرح، والمدرسة، وقد نسب المسرح إلى المدرسة على وجه الخصوص، إذن فهو نشاط مسرحي مكاني من حيث نسبته إلى مكان معلوم، لأن المسرح كله هو نشاط مكاني، ولكن هنا التخصيص بالنسبة إلى المدرسة. ومن خلال نسبته إلى المدرسة نتبين أنه يتسم بصفات أو عناصر عدة : مدرسي، تعليمي، تربوي، تلاميذ، ومن خلال هذه التقسيمات نتبين أن المسرح المدرسي يقوم على العملية التربوية، وهذا يعني مجموعة القيم والأهداف التربوية العامة " الإنسانية والقومية والوطنية " والأهداف التربوية الخاصة، والتي تتعلق بالعملية التعلمية التعلمية برمتها. والمسرح المدرسي، هو ما يتبادر إلى الذهن من الوهلة الأولى ذاك النشاط الذي يقوم في المدرسه، وهذا النشاط من خلال تقديمه في المدرسة نجد أن البطل فيه هو التلميذ، فهو الذي يقوم بأداء الدور التمثيلي، وبأشكال متعددة من الأداء سواء باللفظ أو التقمص والتجسيد أو الحركة، وهذا النشاط يحدث في مكان جغرافي ما المدرسة، وتلك المدرسة قد يتوافر فيها مسرح مجهز أو ناقص التجهيز، وقد لا يتوافر فيها هذا المسرح، فربما تكون الساحة المدرسية أو المكتبة إذا وجدت المكتبة هي خشبة المسرح. فمن خلال هذه الرؤية الأولية للمسرح المدرسي، نستطيع تبين حدوده وإمكاناته من خلال: - المكان، وهو المدرسة، أو جزء ما في المدرسة قد يكون المسرح أو غرفة صفية أوغير ذلك. - النص، وهو المادة المكتوبة أو الملقنة شفويا، والتي تتحول إلى حالة عرض. - التمثيلية، وهي الحالة العرضية التي توقفت عليها قراءة النص المسرحي. - الشخصيات، وهي تلك التي تقوم بالأدوار المناطة بها كما يبين ذلك النص والرؤية للعرض المسرحي... والشخصيات من التلاميذ وقد يقوم بعض المعلمين بالمشاركة بهذا النشاط لتعليم التلاميذ وتشجيعهم. - الرؤية للعرض المسرحي، وهي تلك التي تتمثل بالإخراج، وقد لا يتوافر الإخراج المسرحي المتخصص في المدرسة، فينوب عن ذاك المخرج معلم ما، أو مدير المدرسة مثلا. - المتلقي، وهو الجمهور الذي سيحضر العرض، وهو من التللاميذ في المدرسة والمعلمين فيها، وفي أفضل الحالات يتم دعوة الأهالي لحضور العرض المسرحي الذي سيقدمه التلاميذ كنشاط. - النشاط، وهو الفعل الذي يؤديه التلاميذ في المدرسة وقد يكون منهجيا أو غير منهجي، فأحيانا تكون هناك نشاطات مدرسية مبرمجة ضمن الرؤية التربوية العامة، وضمن الرؤية الخاصة للمدرسة. وعليه، يمكننا ملاحظة أهمية النشاط المسرحي المدرسي، من خلال الأثر الكبير الذي سيتركه في المدرسة كبيئة مجتمعية، تتكون من التلاميذ والمعلمين، وعلى العملية التعليمية برمتها، وعلى المجتمع من خلال إشراك الأهل بحضور العرض المسرحي والتفاعل معه. والأهمية تكمن في قدرة العرض المسرحي المدرسي على خلق فرص التشاركية بين التلاميذ، وخلق الروح التعاونية بينهم، والتشاركية بين الإدارة المدرسية والتلميذ، والتشاركية بين المدرسة والمجتمع. والأثر الذي ترنو إليه الرؤية التربوية من خلال تحقيق الأهداف العامة، والأهداف الخاصة للمدرسة، فتكمن أهمية هذا المسرح مرة أخرى في تشريح الفعل التعليمي بشكل محبب للتلميذ من خلال مسرحة المنهاج. والأثر الآخر، يكمن بالتعرف على أهمية الفنون في حياة الإنسان، فالفن يملك مقدرة كبيرة على إحداث حالة توعوية وإبداعية في إطار المدرسة مهما كان محدودا، وتكون مخرجات المدرسة، تعد التلميذ لفعل أكثر فاعلية في الحياة من خلال تنمية النشاط الذاتي لدى التلميذ، والتعرف على مواهبه وإبداعاته. *** وبما أن المسرح المدرسي يتشكل من خلال جملة من الأهداف، فهو يمتلك مضامين عدة، فقد تكون: - تربوية، وهي تلك الأهداف العامة من خلال تنمية قدرات التلميذ على المهارات المختلفة. - تعليمية، تعنى بالعملية التعلمية والتعليمية في إطار المدرسة، والتي تتألف من جزئيتين، منهجية بما يخص الكتاب المدرسي، والعمل على فهم هذا الكتاب من خلال مسرحته، كاختيار نماذج ما في الكتاب المدرسي، فالمسرح يقوي المقدرة القرائية والأدائية للتلميذ، فهذه المهارة ليست بالسهلة، ولا يتوقف المسرح المدرسي كمضمون على القراءة والإلقاء، بل هناك مقدرة أخرى تتمثل بالرياضيات والعلوم، فالمسرح المدرسي يعتبر كوسيط لنقل الثقافة. - نفسية، ومن المضامين الهامة في المسرح المدرسي البعد النفسي، فالمسرح يكون كأداة علاجية لبعض المشكلات والإعاقات التي يعاني منها التلميذ، كالخجل والتوحد مثلا. - تشاركية، إن المعرفة العامة بقضايا المجتمع مثل البيئة من المضامين التي يتغياها المسرح المدرسي. - فنية، والكشف عن المقدرة الفنية كحالة إبداعية لدى التلميذ، ترفد المجتمع بجيل جديد قادر على مواصلة العمل الإبداعي لرقي المجتمع وتقدمه. وبما يخص هذا المضمون حيث ينظر التلميذ إلى المسرح المدرسي كنوع من اللعب، واللعب محبب للإنسان الكبير والصغير، ولكن للصغير رؤية مختلفة للعلب عن الكبير وهو أكثر التصاقا به. إن هذه المضامين تنتج مضامين أخرى من خلالها، فقد نجد أن المضامين التربوية كثيرة، والمسرح المدرسي يشارك بصياغة هذه المضامين. والمسرح المدرسي ينمي ويهذب حواس التلميذ، فنحن ندرك أن لكل حاسة من حواسه لها ميزات تختلف عن الأخرى، وبحاجة لمران ومعرفة جديدة دائمة، فحاسة السمع بحاجة لمران وتعرف على أصوات جديدة لم تكن معروفة لدى التلميذ مثلا، فالصوت المبهم كلغة إشارية هو حالة مكتسبة، والصوت الحزين الذي يصل الأذن يعبر عن موقف ما، والصراخ والضحك وغيرها هي حالات انفعالية نفسية يكتسبها الإنسان بالمران، ويتعارف عليها من خلال الآخرين. وحاسة النظر بدورها تتطلب رؤية جمالية جديدة لم يعهدها التلميذ مثل حركة الجسد، وكيفية الأداء الحركي. إن الحواس الإنسانية بحاجة ماسة لاكتشاف ذاتها وغيرها، ومن هنا تتأتى المعرفة الإنسانية، فهذه المعرفة الجديدة تتولد لدى التلميذ من خلال إدراكها كصور حية في المجتمع، وعن طريق الإدراك يستطيع أن يتعرف على الخير والشر مثلا، ويقاس على ذلك كل ضروب الإدراك والوعي الإنساني كلما مر الزمن وهو بمعنى آخر النمو. ومن خلال هذه الحواس يتعلم التلميذ معارف جديدة فالتعلم " تغير السلوك نتيجة للتمرين "1 وكلما تمثل التلميذ لتمرين جديد، يكتسب معرفة جدية في الحياة، ومن خلالها يتم اكتشاف العالم من حوله وكيفية التعامل مع الآحرين، بما فيها البيئة المحيطة كحالة طبيعية تشارك الإنسان بصياغة الحياة للأفضل. وبالحديث عن النمو نجد أنه يتشكل من جزئيتين، فهناك النمو التكويني، والنمو الوظيفي، فالأول يتعلق ببناء الجسد كله، والثاني يتعلق بالقدرات المعرفية المكتسبة كوظائف جسدية واجتماعية وعقلية. 2 وكلاهما يتشابك مع الآخر، فالمعرفة المكتسبة تزداد لدى الإنسان السوي مقترنة بالنمو التكويني، فالنمو التكويني يتطلب معرفة جديدة باطراد. وتقسم مراحل النمو لدى الأطفال إلى عدة مراحل، تبدأ بالمرحلة الأولى من المهد – 6 سنوات ، والطفولة المتأخرة إلى 12 سنة ومرحلة المراهقة من 12 سنة وقد تصل إلى21. 3 وبما يخص المسرح المدرسي ومن خلال هذا التقسيم الثلاثي للنمو نجد أن التلميذ يقضي الوقت الأطول في المدرسة، ولهذا سنجد أن معظم التغيرات التكوينية والمعرفية لدى التلميذ تتشكل في المدرسة، ومن هنا يكتسب المسرح المدرسي أهميته المميزة. إن أهمية المسرح المدرسي وتميزه تتبلور من خلال المشاركة الجماعية، وهذه المشاركة تتميز بالأداء الجماعي من خلال مشاركة أعداد من التلاميذ في أداء تمثيلية ما، ومن خلال الحضور الجماعي كمتلقين، وهذا يعطي انطباعا تشاركيا بين التلاميذ، حيث يخلق جو التفاعل الحميمي والنقاش الفعال حول المشاركة الفعلية بالأداء، وحول التلقي وأهمية هذا التلقي. إن الغاية من المسرح المدرسي، التأثير المباشر وغير المباشر على قدرات التلميذ العقلية والانفعالية والإدراكية، فالمسرح المدرسي يعطي للتلميذ طاقة معرفية جديدة وديناميكية، فمعرفة التلميذ لمعارف جديدة لا تنتهي عند نهاية العرض المسرحي المدرسي، بل تبقى راسخة في ذهن التلميذ ويقوم على استرجاعها كلما واجه موقفا مشابها، ولذا فالمسرح يكسب التلميذ ثقافة عقلية ومجتمعية. فالمسرح المدرسي يمتلك من الأهمية الشيء الكثير، الأهمية التعليمية في المدرسة، والأهمية المعرفية على مستوى إدراك ما يحيط به على مستوى المجتع، فهو " أداة تعليمية تربوية ثقافية تعمل على بناء شخصية الطفل وإنهاضه للمجتمع وتنويره بمستقبله عن طريق تربية الطفل تربية فنية" 4 ومن حيث الرؤية العامة لأهمية وأهداف المسرح المدرسي، فهي لا تختلف عن أهمية وأهداف مسرح الطفل، وربما تزيد عليه بشيء لا يوجد في مسرح الطفل، وهو مسرحة المنهاج الدراسي، وهذه ميزة مهمة في المسرح المدرسي، لأنها تأتي بثمار تعليم وإفهام التلميذ للدرس المنهجي، ولهذا نجد أن المسرح المدرسي ضرورة ملحة، وليس فعلا ترفيهيا حسب. *** خصوصية المسرح المدرسي: المسرح المدرسي مسرح متخصص، وعليه يمكننا أن نقسم المسرح المدرسي إلى فئات عدة، حسب الفئة العمرية التي يحددها علم النفس، من خلال تحديد الفئات العمرية ومن حيث اختلاف النمو العقلي والجسدي، ويقسم المسرح المدرسي نسبة إلى المدرسة إلى فئات ثلاث : - الفئة الابتدائة : والتي تتراوح الدراسة فيها إلى 6 سنوات، فهي تبدأ من الصف الأول الأساسي وتنتهي في الصف السادس الأساسي، ولهذة الفئة مسرح مدرسي يتميز عن الفئتين الأخريين، فقد يقتصر فيه المسرح على الجانب الدراسي " المنهاج " والجانب اللامنهجي الاحتفال والنشاط كترفيه. - الفئة المتوسطة : والتي تتراوح الدراسة فيها 3 سنوات، فهي تبدأ من الصف السابع الأساسي وتنتهي في الصف التاسع الأساسي، والمسرح المدرسي لهذه الفئة إضافة لما تتميز فيه الفئة الأولى يكون أكثر إشغالا للتلميذ من حيث الجانب الإدراكي والسلوكي، وفهم البيئة المحيطة، وإكسابه مقدرة جديدة على التذوق الفني. - الفئة العليا : والتي تتراوح الدراسة فيها 3 سنوات، فهي تبدأ من الصف العاشر الأساسي، وتنتهي في الصف الثاني الثانوي، والمسرح المدرسي لهذه الفئة إضافة لما تتميز به الفئة الأولى والثانية، التشارك في صياغة البيئة المحيطة، وطرح الرؤى والأفكار التي تزيد من اندماجية التلميذ في المجتمع، وإكسابه مقدرة على حل المشكلات المجتمعية. وقد يرى البعض أن هناك فئة رابعة، وهي فئة ما قبل المدرسة، ولم تذكر كفئة، لأنها لم تنخرط في فضاء المدرسة كإطار مكاني متميز، ولكننا نستطيع القول بأن هذه الفئة تتعامل حتما مع المسرح كلعبة، ولذا فالمسرح هنا يقدم على أنه تسلية ومتعة محببة للطفل. *** المسرح المدرسي والتعليم " البيئة المدرسية ": - المسرح التعليمي : من خلال مسرحة التعليم نقدم للطالب مادة أكثر فهما وأيسر أيضاحا، والمسرح التعليمي هو المحاولة الجادة لتقريب المفاهيم المختلفة والدروس والعبر من عقل التلميذ، ويمكن أن يقسم إلى مسرح منهجي ولامنهجي. - المسرح المنهجي : وهو المسرح الذي يقوم بمسرحة المنهاج " الكتاب المدرسي " مثل مسرحة درس القواعد " النحو " في اللغة العربية، أو مسرحة البيئة مثل مسرحية الطبيعة، أو مسرحة قصة أو درس وعبرة قد وردت في مواد اللغة العربية أو التربية الإسلامية أو المواد العلمية، والغاية من ذلك تبسيط الدرس للتلميذ، وتحببه له من خلال تشخيصه وتجسيده، ويعمل هذا التشخيص على شد انتباه التلميذ للدرس، ومحاولة تبسيط المفاهيم، وخاصة أن هذا العمل يقوم على صياغة شكل اللعبة المسرحية، وهذه اللعبة الشيء المحبب للتلميذ وهو يحاول اكتشاف الأمور وتفسيرها، وهذا الدرس له من الفوائد الكثيرة في العملية التعليمية، ومن خلالها يمكننا اكتشاف قدرات التلميذ العلمية والأدبية، واكتشاف قدراته المخبوءه في مجال التمثيل والتقمص. - المسرح اللامنهجي : والمسرح اللامنهجي ومن خلال التسمية نجد أنه ما لم يكن موجودا في الدرس " الكتاب المدرسي " كمنهاج، وهو حالة خارجة عن إطار المنهاج، يتم استجلابها، ليمثلها التلاميذ في النشاط المدرسي مثلا، وهذا ما يكثر تمثيله في الأيام المخصصة لنشاط التلاميذ في نهاية العام الدراسي، أو في منتصف العام، أو في يوم النشاط المدرسي، وهنا قد يكثر الحديث حول المسرح اللامنهجي، هو قد يمثل بالحكايات الشفوية المعروفة في المجتمع، أو حكايات وسير الأشخاص، والتاريخ... . *** المسرح المدرسي والمجتمع : تبرز أهمية المدرسة والمسرح المدرسي من خلال توثيق العلاقة بين المدرسة والمجتمع، وبين الأسرة والمدرسة، وبين المدرسة والقرية، والحي، والمدينة، وبين المدرسة والإدارة المحلية، ولذا فإن هذه العلاقة المدرسية المجتمعية ومن خلال النشاط المدرسي/ والمسرح المدرسي تشكل علاقات عدة : - المسرح التفاعلي: وهذا المسرح، هو الذي ينير طريق التلاميذ حول مفاهيم معينة تسود في المجتمع، وهذه المفاهيم غالبا ما تكون خاطئة، وقد تم تداولها زمنيا عبر أجيال عدة، فيأتي المسرح التفاعلي الذي يقوم به التلاميذ في المدرسة، لردم الهوة بين ما هو كائن من إشكاليات خاطئة وبين المأمول لتغيير وجهات النظر تلك. والمجتمع لديه الكثير من تلك الإشكاليات سواء أكان على مستوى الفرد أو الجماعة، فمثلا يمكننا الإشارة إلى مفهوم الكرم في المجتمع وخاصة على مستوى " الأعراس " حيث يقوم البعض بطهي الكثير من الطعام الذي يكون مصير الكثير منه حاوية النفايات، من خلال المسرح التفاعلي يمكننا أن نكسب التلميذ طاقة معرفية جديدة حول السلوكيات الخاطئة في المجتمع، وهي كثيرة. - المسرح والأسرة : ويأتي دور المسرح المدرسي بجزئية مهمة جدا تشكل العلاقة المجتمعية، وتلك العلاقة تنشأ أصلا عن التواصل الأسري، ونحن نجد أن العصر التقني يتغير باطراد، وكل يوم يأتي بالشيء الجديد، وهذه الأشياء الجديدة تخلق ثقافة مجتمعية وأسرية لم تكن معهودة لدى الآباء، وعليه يمكن أن تنشأ خلافات أسرية، تأتي بكل ما هو سلبي على الأسرة كوحدة بنائية صغيرة لديمومة المجتمع، فمن خلال المسرح المدرسي التفاعلي يمكننا الإشارة إلى كثير من المفاهيم والرؤى التي تتغير، مثل حب الوالدين مثلا، حب الجار، التراحم بين أفراد العائلة، نبذ الفردية واحترام الجماعة بعيدا عن الأنانية، لنجد أن المسرح المدرسي قادر على أن يحافظ على أخلاقيات الأسرة، ويحترمها ويجددها من خلال تذكير التلاميذ بأهميتها، وواجب اتباعها واحترامها. - المسرح المدرسي والبيئة المحيطة/ الحي/ القرية/ المدينة: وهذه الجزئية المهمة من خلال علاقة الفرد بالمكان، والمكان يمثله الأفراد، والأفراد يشكلون المجتمع المتعدد والمتنوع الثقافي والمعرفي، ويستطيع المسرح المدرسي أن يلج المجتمع، ليتكشف مشاكله التي يعاني منها، ويقوم على المساهمة بصياغة رؤى جديدة لحل تلك المشاكل، فالغاية من المسرح المدرسي وهو يتفاعل مع المجتمع خلق الإنسان المؤمن بمجتمعه والقادر على حل المشاكل التي تواجهه، والعمل بروح الجماعة والتعاون من أجل خلق مجتمع أكثر سوية، نحن ندرك أن الكثير من الأمور التي تعاني منها المجتمعات والتي تبدو أمورا عادية، ولكنها بالحقيقة هي بحاجة ماسة للتذكير بأهميتها، فعلى سبيل المثال نظافة الحي أو القرية أو المدينة أو المدرسة هي مهمة جماعية، لأن فائدة النظافة عامة وليست فردية، ولا يمكن للمجتمع أن يكون نظيفا وذا بيئة صحية إلا بالتعاون المجتمعي، ومثل ذلك حق الجار والتعاون بين أفراد الحي الواحد لخلق جمعيات تعاونية ذات أهداف اجتماعية أو اقتصادية أو توعوية أو ثقافية، لذا فإن المسرح المدرسي من خلال علاقاته المتعددة هو مسرح تفاعلي. *** عوائق المسرح المدرسي : - الفنيّات المسرحية: المسرح بشكل عام بحاجة لشخص متخصص بالإخراج المسرحي، يمتلك رؤية إخراجية وعلى دراية تامة بتقنيات الإخراج، ومعرفة بتحليل النص وقراءته، ومعرفة بسبل عرضه وتمثيله، والمسرح المدرسي يفتقر في الكثير من الدول العربة إلى هذه الفنيات الضرورية. - التقنيات : المسرح بحاجة لتقنيات متعددة، ولأشخاص متخصصين بالتقنيات المتعددة، كالصوت، والإضاءة، والديكور، وفضاء المتلقي، والمسرح المدرسي نظرا لأهميته مازال يفتقر لهذه التقنيات، فالمسرح المدرسي عبارة عن قاعة جوفاء خالية من الضوابط التقنية التي تجيز حضور ومشاهدة عرض مسرحي في المدرسة. - عدم جدولة المسرح في البرنامج النشاطي لوزارة التربية والمدرسة، وهذا ما يقلل من شأن المسرح المدرسي، ويضعف من الإقبال عليه. - عدم اهتمام المدرسة كوحدة إدارية وفنية بالمسرح المدرسي، وهذا ناتج عن غياب الوعي بالمفهوم العام لماهية المسرح والمسرح المدرسي. - عدم اهتمام المجتمع المحلي بالمسرح المدرسي، مثل الأهالي والحي والقرية. وقد نجد أن ما يقلل من بعض العيوب، العمل على إيجاد مهرجان مسرحي مدرسي سنوي ترعاه وزارة التربية ومديريات التربية والتعليم والمدارس الحكومية والأهلية، ومشاركة فعالة من المجتمع المحلي كالتمويل والتشجيع والحضور. *** هوامش: 1- ألفت محمد حقي، علم نفس النمو، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1992م، 2 - عباس محمود عوض، المدخل إلى علم نفس النمو، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1999م. 3 - أبو الحسن سلام، مسرح الطفل، دار الوفاء، ط1، الاسكندرية، 2004م، 4 - عبد الرؤوف أبو السعد، الطفل وعالمه المسرحي، دار المعارف،ط1، القاهرة،1993م. *** منصور عمايرة كاتب وناقد مسرحي أردني
#منصور_عمايرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جمالية الأداء والإخراج في المسرح الطفلي
-
من جماليات العرض المسرحي الطفلي
-
اللغة المسرحية
-
كينونة المقاومة لدى عبد الرحمن الشرقاوي وكاتب ياسين
-
القسوة والقسوة مسرحية هاملت3D
-
بترا وجود وهوية، مسرحية صدى الصحراء
-
مئة عام من المسرح في الأردن
-
ترى ما رأيت تشكيل مسرحي تعبيري
-
التوثيق المسرحي
-
كتاب المسرحية الشعرية في الأدب المغاربي المعاصر للباحث الجزا
...
-
تأريخ المسرح الأردني الحديث
-
جهود وتجارب مسرحية عربية
-
المونودراما/ مسرح الموندراما
-
الممثل المسرحي الذات والأداء والمعرفة
-
المسرح الأردني ، إثنوسينولوجيا الفرجة الأردنية - التعليلية -
-
المسرح والوسائط
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|