أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - جدلية الوحي والتاريخ (8)














المزيد.....


جدلية الوحي والتاريخ (8)


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 14:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- صفات الشخص الاعتباري

كونه في الأساس صنيعة الشخص الطبيعي، في العادة يكتسب الشخص الاعتباري صفاته من صانعه؛ وكونه يجسد الجهد الجمعي لصانعيه ذهنياً وبدنياً، هو بالضرورة الأذكى والأقوى منهم جميعاً سواء على انفراد أو في مجموعات متفرقة مهما تعاظمت إنجازاتها ومقدراتها. حيث أن من صفات الشخص الطبيعي أن يستهلك السلع، أن ينطق بكلمات وجمل مفهومة، أن يتحرك، ويحب ويكره، ويصادق ويعاهد ويهادن ويحارب...الخ كان طبيعياً أن يلبس الصانع صنيعته صفات مماثلة لصفاته نفسه. لذلك يجب الحذر بشدة حين الحديث عن الأشخاص الاعتبارية ولا يغيب عن ذهن المتحدث والمستمع أبداً أن اللغة المستخدمة في توصيف الأشخاص الاعتبارية هي نفس اللغة التي قد صنعتها الأشخاص الطبيعية في الأصل لتوصيف أنفسها ولأغراض الاتصال وتبادل المفاهيم والمنافع فيما بينها.

حين يوصف شخصاً اعتبارياً مثل ’مصر، بصفات القوة أو الضعف، زيادة الاستهلاك عن الإنتاج، كونه متقدم أو متأخر، صديق أو عدو للولايات المتحدة أو إسرائيل، مرتبط بمعاهدة سلام بالأخيرة بعدما خاض عدة حروب ضدها، أو كونه دولة شقيقة للأشقاء العرب...الخ يجب أن لا يغيب عن ذهن الكاتب والقارئ حقيقة كون جميع هذه الصفات ’مجازية‘، لا يجب أن تُفهم حرفياً بمعناها الظاهر. في الحقيقة، الذين فعلاً يستهلكون وينتجون البضائع، يتقدمون أو يتأخرون، يصادقون أو يعادون الغير، يرتبطون بمواثيق وعهود ويخوضون الحروب هم كتلة الأشخاص الطبيعية المنتشرة عبر الامتداد الجغرافي والتاريخي المسمى ’دولة مصر‘؛ وتلك هي صفاتهم فضلاً عن كونها صفات فطرية وأصيلة في جميع الأشخاص الطبيعية البشرية حول العالم وعبر التاريخ. لذلك حين يُقال أن ’مصر قد أبرمت معاهدة سلام مع إسرائيل‘ يجب أن يدرك كل من الكاتب والقارئ المجاز الكامن هنا وأن يفهم أن المعنى الحقيقي لهذه الجملة هو: "الأشخاص الطبيعيون (المصريون) المكون منهم الشخص الاعتباري (مصر) قد أبرموا معاهدة سلام مع نظرائهم الأشخاص الطبيعيين (الإسرائيليين) المكون منهم الشخص الاعتباري المقابل (إسرائيل). الأشخاص الاعتبارية لا تنطق ولا تكتب لكي تستطيع التفاوض وتوقيع المعاهدات.

الأشخاص الاعتبارية مثل أمريكا، روسيا، الصين، الهند، السعودية، مصر أو الصومال محكومة في صفات القوة والضعف، التقدم والتأخر، الاستهلاك والانتاج، الديمقراطية والاستبداد...الخ بصوافي مجاميع سكانها من هذه الصفات. لأنها من الأصل تفتقر إلى الاستقلالية والكفاية الذاتية بمعزل عن صانعيها الأشخاص الطبيعيين، إذن لابد أن تكون قوة الأشخاص الاعتبارية (أمريكا، روسيا، الصين، الهند، السعودية، مصر، الصومال) مكافئة بدرجة أو بأخرى لقوة أشخاصها (شعوبها/مواطنيها/سكانها) الطبيعيين؛ فلا يمكن أن تستهلك أو تنتج أكثر مما يستهلكونه وينتجونه هم، أو تحقق من التقدم أو التأخر أكثر من تقدمهم أو تأخرهم هم كأشخاص طبيعيين؛ وقبل أن تكون دولة ديمقراطية أو استبدادية لابد أن يكون هؤلاء الأشخاص الطبيعيون ديمقراطيون أو استبداديون أولاً. في النهاية، كل شخص طبيعي (شعب) يستحق شخصه الاعتباري (دولته)، كون هذه الأخيرة تجسد بدرجة أو بأخرى صافي مجموع الجهد الذهني والبدني لهؤلاء الأشخاص الطبيعيين عبر امتدادهم الجغرافي والتاريخي.

ثمة شخص اعتباري آخر، الله، قد أثار ولا يزال كثيراً من الكلام والجدل الفقهي من بدايات التاريخ الإسلامي إلى اليوم. هل الله له يد مثل سائر البشر، أم هي أضخم من مجموع أيادي البشرية جمعاء؟ هل عرشه في السماء يشبه عروش الملوك في الأرض، أم أن كرسييه قد وسع السماوات والأرض؟ هل هو يوحي إلى البشر، يكلم ويستشير الملائكة من حوله، يأمر الجن؟ هل خلق الكون في سبعة أيام، وسيره وسخره بقدر إلى حين لأغراض ومنافع بشرية؟ باختصار، إذا كان الله موجود بحكم الوحي والمنطق والتاريخ فلابد أن تكون له صفات معينة؛ وطالما كانت هذه الصفات المعينة نتيجة منطقية لمقدمة الوجود البديهي، إذن كيف يستطيع البشر (الأشخاص الطبيعيون) توصيف هذه الصفات الإلهية (الاعتبارية)؟

قد وقع المتكلمة المسلمون الأوائل في خطأ قاتل حين لم يستطيعوا تمييز الله كشخص اعتباري له صفات مختلفة جوهرياً عن صفات الأشخاص الطبيعية أمثالهم. وبالنظر إلى غياب هذا التمييز الضروري، كانت النتيجة أنهم قد ألبسوا الذات الإلهية (الاعتبارية) نفس صفاتهم الطبيعية لكن بعد مدها إلى حدودها المطلقة، ليصنعوا منه شخصاً طبيعياً خارقاً، أو سوبرمان؛ فإذا كان من صفاتهم كأشخاص طبيعيين أنهم يستطيعون السمع والإبصار والعلم والخلق والعدل والانتقام...الخ، يكون هو بالنتيجة السميع والبصير والعليم والخالق والعادل والمنتقم الجبار...الخ؛ وحيث أنهم يستطيعون الاتصال والتفاهم فيما بينهم إيحاءً وتصريحاً، قد تخيلوا أن الله في السماء يملك أيضاً أن يتصل بهم وحياً وكلاماً، وحتى بلسان عربي مبين مثلهم أنفسهم.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الوحي والتاريخ (7)
- جدلية الوحي والتاريخ (6)
- جدلية الوحي والتاريخ (5)
- جدلية الوحي والتاريخ (4)
- جدلية الوحي والتاريخ (3)
- جدلية الوحي والتاريخ (2)
- جدلية الوحي والتاريخ (1)
- العقل الفقهي وتنصيص الواقع
- العقل الفقهي والسلطة
- ابن رشد ضالع في الإرهاب
- سحر الفقه
- ابن رشد: فيلسوف أصيل أم فقيه مستنير؟
- فيلسوف وفقيه وإرهابي (3)
- فيلسوف وفقيه وإرهابي (2)
- فيلسوف وفقيه وإرهابي (1)
- العدل الأعمى في اليوتوبيا الإسلامية
- الإسلام السياسي سكين مسموم في الجسم العربي
- إسرائيل العدو، الند، إلى الحليف
- المملكة والله والبترول
- إصلاح مراوغ تحت عباءة الدين


المزيد.....




- العراق يعلن مقتل -أبو خديجة- والي داعش ويعتبره -أحد أخطر الإ ...
- فؤاد حسين: التهديدات الآنية للمجتمع السوري والعراقي مشتركة و ...
- البحرية الملكية البريطانية تضبط مخدرات في بحر العرب
- غوتيريش: خفض واشنطن وعواصم أوروبية المساعدات الإنسانية جريمة ...
- مستوطنون إسرائيليون يخربون ممتلكات سكان قرية فلسطينية في الض ...
- نتنياهو يعلن قبوله خطة المبعوث ويتكوف ويتهم -حماس- برفضها
- الشرطة الألمانية تحقق في احتراق أربع سيارات تسلا في برلين (ص ...
- ترامب: الخبيث جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
- إعلام: -الناتو- يخطط لزيادة قدراته العسكرية بنسبة 30%
- تجارب الطفولة المؤلمة قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - جدلية الوحي والتاريخ (8)