|
أبواب العودة
نسب أديب حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 02:02
المحور:
الادب والفن
(1) جدار.. كانت تقول أحيانًا: *"سنمضي الى الجدار.. ومن هناك اليهم.." *"سنلتقيهم في غرفة عند الجدار.. لقد أجازوا لنا ذلك.." *"حصلنا على تصريح.. سنزورهم بعد شهر" *"لن نراهم هذه المرّة في غرفة بل من بعيد من خلف أسلاك الحواجز.. سنتحادث عن بُعد.." *"لم يعد يُسمح لهم الاقتراب من الجدار.. قد مُنعت هذه اللقاءات.." وشيئا فشيئًا توقفت عن ترديد تلك الأقوال.. أكادُ أنسى شكل الجدار.. وشكل اللقاء.. لم تبق سوى صور في الذاكرة وأمل بلقاء قريب نتشبث به، وبقي عمر الانتظار يطول، وها قد بلغ أربعة عشر عامًا.. (2) وجع الشوق.. (وجع الشوق يتجلى في لحظة العناق الأول والأخير.. ) العناق الأول عندما يقصرُ عمرُ الفراق الذي يطول أحيانًا حتى يتجاوزَ العام، دون لُقيا شخص عزيز قريب الى قلبك.. ويُختصر فجأة الى يوم فساعات، تصير الدقائق.. حائلا عظيمًا تفقدُك قُدرتك على الصبر.. تحاول عيناك تجاوزها بسرعة.. مقتلعة كل البيوتِ والأزقةِ القليلة التي بقيت في دربك، رغم شوقك اليها كجزء من بلدٍ أحببته.. لكنّ نبض قلبك المتسارع يصم أذنيك وحواسك الأخرى عن متابعة تفاصيل المكان.. فيدفعك بصمتٍ لأن تحثَ سائقَ سيارة الأجرة على أن يسرع أكثر.. محاولا رؤية ما بعد أبعاد الزمن والمسافات.. فجأة تجدُ نفسك في الزقاق الذي انتظرت الوصول اليه منذ بداية رحلتك.. يطلّ الكرم في الجهة اليُسرى، والبيوت في اليُمنى، وقبالتك تظهر شتلة الصبار أمام الأدراج الطويلة التي تُفضي الى المنزل قرب الكرم. أخيرًا تتوقف السيارة، فتسارع بفتح الباب، لتصعد الأدراج قفزًا ناسيًا الحقائب خلفك.. وحين يظهر أحدُ أحبائك قبالتك تصبح الثواني أو أعشارُها عمرًا عبثيًا أسقط سهوًا بينكما، تبحثُ عن أجنحةٍ وتحثُ الخطى بكل ما أُتيتَ من قوة، لتسقط صورةٌ من ذاكرة الفراق عند كل درجة.. في العِناق الأول تحلق فوق الزمن بسقوط جميع الجدران، وابتعادك عن واقع الغياب.. تلك اللحظة ثمرة انتظار عامٍ كامل بانتظار صدرٍ حنون فرقتك الأقدار عنه.. وفجأة تعود جميع الصور التي أسقطتها عند الأدراج أثناء صعودِك، لتتكور دموعًا في عينيك.. وتهمس: "آهٍ يا خال..". (3) الصغيرات الأربع صخبُنا كان يملأ حقلَ جدي الكبير حول البيت، ونحنُ ننتقل من رقعة الى أخرى، فنراقب الدجاجات والصيصان حينَا، والقطط حينًا، ونتجه أحيانًا كثيرة الى قطف ما نضج من الثمار، أو نحاول تطبيق ما نراه في أفلام الكرتون على أرضنا. فنقرر مرّة حفر نفق، يوصلنا من الكرم الى البيت، وحين ينهكنا التعب نؤجل العمل لليوم التالي، في المساء تمرض أصغرنا بسبب تعرضها لضربة شمس، ويكتشف الكبار فعلتنا، والحفرة الكبيرة التي أحدثناها في الحقل، لننال عقابنا بالحرمان من اللّعب في اليوم التالي. وفي مرّة أخرى نقرر بناء بيت خشبي على أكبر شجرة زيتون في الحقل، وحين تتسلق ابنة خالي الشجرة لتفحص المساحة وتأخذ ما جمعنا من أخشاب لتثبتها على الأغصان، تعجز عن النزول وكل محاولاتنا لمساعدتها بقوانا الذاتية تبوء بالفشل.. فنضطر لطلب المساعدة من خالي، الذي جاء باسمًا وحين سأل عن سبب الصعود بدأنا باللّف والدوران، دون أن نعلمه أنّ توم سوير وجميع الأطفال في أفلام الكرتون ليسوا أفضل منّا ليكون لهم عرزالا.. ونبقى نحن دون عرزال. من الجميل أن تفرض أربع طفلات سيطرتهن على مساحات واسعة من الأرض، نتقاسمها خلال اليوم، لكل اثنتين قسم نتظاهر أنّنا نرعاه خلال ساعات اللعب، ونستمتع بقطف بعض ثماره. وحين نملّ من الحقل نتجه لنسيطر على صف أعدّه خالي أمين أسفل المنزل قرب مصف لسيارته، لمنح طلابه في المدرسة دروسًا خصوصية في ساعات ما بعد الظهر، وكنا نستمتع ونحن نسترق النظر الى الطلاب من نافذة مطلة على كرمنا، وإن حدث وانتبه لنا، سرعان ما يعلو صراخه، ونبدأ بالركض بهلع لنختفي عن أنظاره قرب أول شجرة تظهر أمامنا.. وفي غياب طلابه نتجه أحيانًا لنتخذ أنا وابنة خالي الكبرى دور المعلمات وأختينا الأصغر سنًا دور الطلاب.. هذا ونطلق العنان لتطوير موهبتنا في الغناء حين يأخذنا خالي الى متنزه الأراجيح، أو الى متنزه نهر الحاصباني الذي يحاذي بمروره مدخل القرية التي سُمي على اسمها حاصبيا.. عند العصر نعتلي أحيانًا سطح المنزل لنرقب غياب الشمس خلف غابات الصنوبر.. نتحدث عن أحلام المستقبل.. وكثيرًا ما كانت ابنة خالي التي في مثل عمري ترسم دربين: "هذا اذا بقينا هَوْن، أما إن رجعنا الى فلسطين..". وأنظر بعيدًا نحو الشمس التي تختفي خلف الأشجار، وأتساءل هل سيعودون حقًا؟ (4) حلول الليل في الليلة الأولى والأخيرة من اللقاءات القصيرة في عمر عام من الفراق أجاز لنا الكبار نحن الصغار.. أن ننام في غرفة واحدة.. مهمة تفريقنا في الليل أنا وشقيقتي عن ابنتَي خالنا صعبة، يتعاون عليها أمي وخالتي وزوجة خالي.. ينجحون أحيانًا وفي أحيانٍ أخرى يفشلون، عندما نُصرُّ على النوم في غرفة واحدة.. ثم تصعب مهمة السيطرة علينا للتوقف عن الكلام والخلود للنوم. فتحكي لنا خالتي حكاية عن الغولة أو عن الضبع، حتى ننام خشية من تلك الشخصيات الرهيبة التي قد تظهر عقابًا لنا، خاصة عندما يعلو صوتُ ابن آوى من الجبل فنسارع بتغطية أوجهنا، محاولين النوم بأسرع وقت. وإن تخلت خالتي عن الحكاية، نبدأ بتقديم الوعود لأمهاتنا بالتزام الصمت والنوم السريع دون قفشات ومشاغبات، وحسب انضباطنا يُتخذ القرار هل سننام في غرفة واحدة أم ستمضي ابنتا خالي للنوم في بيتهما المحاذي لبيت جدي؟ فإن كان الفراق نصيبنا كُنا نعزي أنفسنا أننا سنلتقي في الصباح.. (5) جدي كان جدي أكثر شخص في البيت يثير الرهبة في نفوسِنا ويدفعنا للانضباط، يجلس على كنبته المخصصة له تحيطه أشياؤه، قبالة بوابةٍ زجاجيةٍ كبيرة تشكل مدخلَ المنزلِ وواجهة قاعة واسعة، وفوقها صورة لكمال جنبلاط.. لم أدرك في ذلك الوقت من هو المعلم؟ رأيتُ الصورة كجزء من المكان في بيت جدي في لبنان، مثلما تخيلتُ صورة للمفتي أمين الحسيني في بيت جدي في فلسطين، كما حدثتني مرارًا عمتي، تلك الصورة التي أخفوها عندما احتُلت القرية عام 1948.. جدي كان ينظر طيلة الوقت في اتجاه واحد طيلة ساعات النهار يستمع الى الراديو، أو يتأمل ويفتل شاربيه الأبيضين الطويلين، لا يغير جلسته الا وقت الطعام أو الصلاة.. لم نسأله يومًا إن كان يملُّ من جلسته تلك.. ولم نجرؤ أن نسأل عن قدومه من فلسطين الى لبنان، عن عمله وزواجه وانجابه أهلنا.. لم نسأله يومًا عن الحرب وعن الفشل بالعودة.. لم نسأل عن الحلم والأمل.. أكتفينا بما أخبرنا أهلنا عن قدر فراقنا، وبقربه نسير على رؤوس أصابعنا ملقيات السلام بهدوء عند المرور به، ونحاول قدر الإمكان فتح البوابة بحذر، وبعد اغلاقها نطلق ساقينا للريح، لكي نستمتع بضجيجنا بعيدًا عنه، فعقابه أصعب بكثير من عقاب أهلنا أو خالتي.. إذ ملك جدي عكازًا غليظة تعينه على السير بسبب عجزٍ في ساقه اليُمنى، ولا يتورعُ عن استخدامها لأغراضٍ أخرى إن أغضبناه. وحين نراه يضع عمامته البيضاء ويرتدي ملابس الخروج عصر يوم الخميس، لتأدية الصلاة في خلوات البياضة، تسري في دواخلنا فرحة كبرى.. لأنّ ذلك يعني تمكننا من السيطرة على الساحة التي أمام مدخل المنزل، والتي تقع تحت بصره في العادة. رغم سعة المساحة إلا أنّ وضع الحواجز والمنع من السيطرة على موقع ما من بيت جدي، كان يحزننا، ونحاول في خمسة عشرة يومًا تحقيق كل ما حُرمنا منه خلال بقية أيام عام كامل. (6) الصيصان والقطط غرفة الخبز.. هذا ما كانت تطلقه خالتي هَنا على غرفة خارجية للمنزل، غرفة معتمه ممتلئة بالحطب ويقع في زاويتها موقد للخبز، وكانت تلك الغرفة ملجأ للصيصان حديثي التفريخ فتحفظهم في قفص منزو وتغلق باب الغرفة لتحميهم من عيون القطط. وكثيرًا ما كنا نتسلل بعد أن نترك مندوبة منّا عند الباب تراقب قدوم أحد الكبار لنرقب الصيصان ونداعبهم.. وذات صيف لم يكن قفص الصيصان قد احتل الموقع بعد.. دخلنا لنجد أن قطة قد وضعت صغارها في المكان ذاته.. استغربت حضورها الى هذا الموقع بالذات رغم المساحة الشاسعة للحقل.. وتساءلت لو أدركت وعقلت أنّ صغارها وصغار الدجاجة كبروا في ذات المخدع هل ستستمر في ملاحقتهم والتربص بهم؟.. تحمّلنا في تلك الفترة نحن الصغار مسؤوليتنا اتجاه الصيصان، وأدركنا أنّهم لا يملكون مخالب كالقطط ولن ينجحوا في الوقوف أمامهم، لذا اهتممنا بإغلاق الباب حالا بعد كل دخول وخروج.. وطردنا كل قطة مرّت قرب الباب. وتفاجأنا عندما كبُرنا أنّ كثيرًا من الكبار الكبار لم يُدركوا تلك الحقيقة مثلنا نحن الصغار في الماضي. (7) لقاء مختلف في مرورهن عند المساء قرب حديقة البيت أرهفن السمع لصوت الأطفال.. خليط من اللغات واللهجات يُسمع من خلف سور الحديقة.. تساءلت احداهن:" هل تسمعن هذه اللغات يتحدثون بالعربية والانجليزية والاسبانية..؟" لترد أخرى:" لقد اجتمع أحفاد أم محمد.. قد جاءتا ابنتاها من فلسطين وابنها من فنزويلا.." لتردف ثالثة:" سمعت أن البنتين لم تلتقيا بأخيهما منذ سبعة عشر عامًا.." فتتنهد الأولى:" الله يعين الفلسطينيين..". في زيارة مختلفة اجتمعنا نحن الفتيات الأربع ببنت وابن خالي محمد القادمان من فنزويلا.. كان اللقاء الأول فيما بيننا.. حضورهما أحدث ارتباكًا في برامج لعبنا.. فمعظمنا لا نفقه اللغة الانجليزية باستثناء ابنتا أخوالي اللتان كانتا تتفاهمان وتتولى كل منهما مهمة الترجمة.. واحدة للإسبانية وأخرى للعربية.. في تلك الزيارة كانت كرة القدم لعبتنا المفضلة لنتجاوز حواجز اللغات.. ولنرضي الفتى الوحيد الذي كان معنا حين صرنا في ذلك الصيف خمس فتيات. (8) العم منصور في كل مرة نزوره أتجول بين لوحاته أبحث عن الجديدة منها، وأعاود التمعن في القديمة كما لو أنني أراها للمرّة الأولى.. وخاصة لوحة تقوم على جدار يحيط بساحة المنزل، لنمرٍ يقف مواجهًا لأفعى.. أتمعن فيها كل مرّة وأتساءل من سينتصر على الآخر؟ وأعود في زيارتي السنوية لأدقق النظر هل غيرّ أحدهما موضعه وتقدم خطوة نحو الآخر..؟ لأجدهما على حالهما.. لستُ أدري ما سبب انجذابي الى تلك اللوحة، هل كنتُ أحبها أم أخشاها؟ وأتركها لأتمعن في البيت، فاللوحات والزهور المنتشرة في الأحواض، تحلق بساحة بيتهما هو وخالتي وتزينُ مداخل الغُرف المؤدية للساحة.. يبعث لون الزهور واللوحات بتجانس الألوان مع خلفية جدران المنزل الفستقية الراحة والسعادة في نفسي.. تلك السعادة التي يخالطها شيء من المرارة على حصار اللوحات في إطار القرية.. لأشعر بشيء من فرحة النصر لاحتفاظي بواحدة منها لي في الرامة، بعد أن تجرأتُ في طفولتي المبكرة، وطالبته بهدية أحملها الى فلسطين، ليقول: "حاضر يا ست نسب.. شو بتحبي أرسم باللوحة؟" سؤاله أفرحني ودفعني لأن أطلق العنان لخيالي بالتحليق نحو بيت في بلاد جبلية قربه مرعى وجدول، وعندما غادرنا أنبتني أمي، فيما رأيتُ ابتسامة على وجه أبي، فلم أشعر بالذنب. ظهر عمي منصور بكوفيته وقميصه الأبيضين وسرواله الأسود قبل سفرنا بيوم، عند مدخل منزل خالي، انجلت خلف شاربيه الكثين ابتسامته التي قلما تفارق وجهه، حاملا تحت إبطه شيئًا ما، شعرتُ أنّه اللوحة.. تشبثت عيناي به عند دخوله.. وحين جلس ليزيل واقٍ كرتوني، ليكشف عن اللوحة، تركتُ حضن أبي وركضتُ إليه لأقبله.. سعيدة أن تلك الصورة الخيالية صارت حقيقة.. بقي العم منصور كما هو في ذاكرتي.. يخلط الألوان ويرسم الطبيعة في مرسمه المعتم.. على أمل أن يعثر النور يومًا على نافذة.. (9) الدمية حضور خالي كمال من بيروت هو بمثابة عيد بالنسبة لنا.. نكاد نطير ونحن نقفز على الأدراج الكثيرة حين نسمع صوت زامور سيارته.. فقد كان خالي العزيز يتفرغ لساعات كثيرة للّعب معنا.. ويعاملنا كما لو كنا شابات فيصحبنا الى مقهى لتناول البوظة، ويناقشنا أحيانًا بمواضيع قلما يناقشنا غيره فيها.. هذا عدا عن إحضاره في كل مرة لعبة مميزة.. هذا ما درج عليه خالي.. لكنني لم أنسَ يومًا واحدة من أولى هداياه حين كنتُ في الخامسة من عمري.. هي دمية ترتدي فستانًا زهري اللون، أقصر مني بقليل تسير وترقص وتغني.. يصعب وصف فرحي بتلك الدمية، وكان ردُّ فعل أمي عند رؤيتها الدمية، عتابٌ انجلى في سؤالها:" كيف سنأخذ الدمية معنا؟" في تلك الزيارة لدار جدي قضيتُ بقية الأيام متعلقة بالدمية، مقررة أنّها ستعود معي ولن أتركها في لبنان مثلما فعلت بدمى أخرى بسبب خشيتنا من التفتيش.. في اليوم السابق للسفر.. أخبرتُ أمي بقراري الذي لم يعجبها، وراحت تحذرني بأنّ الدمية قد لا تبقى على قيد الحياة.. سيشقون بطنها، أو يخلعون يدها أو قدمها لفحص ما ينطوي في داخلها.. كنتُ أعلم أنّ الأمر ليس سهلا.. فلا تُترك صغيرة أو كبيرة حتى تُفتش.. حتى ساندويشة الخبز خاصتي يتم تفتيشها.. لكنني مع ذلك قررت أنّ الدمية ستذهب معي الى الرامة.. في اليوم التالي عند توجهنا الى الجدار.. سارت تلك الفتاة التي كنتها بفستانها الأبيض المطرز، وقبعة قش واسعة الأطراف، تتأبط دميتها بيد وتمسك باليد الأخرى كفَ أمها.. وتفكر كيف ستنقذ الدمية من أيدي الجنود..؟ في غرفة التفتيش وبعد أن فحصت الموظفة كل قطعة من أغراضنا اتجه نظرها الى الدمية.. فوضحت لها أمي أنّ الطفلة، متعلقة جدًا بالدمية وتأمل أن يسمحوا لي بتمريرها الى بلدنا.. أخذت الموظفة الدمية مني بعد أن أظهرت لي مودة بالغة، راحت تُقلبها ثم وضعتها على الأرض حسب طلب أمي، لأضغط على الزر وأريها كيف ترقص وتغني، لعلي أحمي الدمية من المصادرة أو حكم آخر أقسى.. بعد لحظة طلبت ايقاف الموسيقى وإذ بها تنادي جنديًا. جاء الجندي لأرى الدمية تنتقل من ذراعي الموظفة الى ذراعيه ويستدير ويسير بها.. وهنا جُنّ جنوني رحتُ أركض خلف الجندي، لا تهمني البندقية المنسدلة على خصره ولا عيون الجنود الواقفين، ولا تستوقفني صرخات أمي الهلعة: "نسب.. ارجعي..". توقف الجندي قرب آلة وأنا واقفة قبالته أبكي وأصرخ وأطالبه بدميتي.. وأرفض الابتعاد بعد أن لحقتا بنا أمي والموظفة، راحت الموظفة تترجم لأمي ما يقوله الجندي أنه سيفحص الدمية على آلة دون أذيتها.. لكنّ هذا لم يساهم بتهدئتي.. اذ بقيتُ واقفة قبالته أبكي وصراخي يملأ المكان وأعلن خشيتي من أن يكسروا أو يشقوا بطن الدمية.. وهنا تبادل الجندي عدة نظرات مع الجنود الواقفين قبالته.. قلّب الدمية سريعًا واقترب مبتسمًا ليقدمها إلي.. ولم أهدأ الا حين ضممت الدمية الى صدري بكلتا ذراعي.. وأنا أشهق بقية دموعي. أسيرُ صامتة قرب أمي من بوابة الى أخرى.. أبصر الأسلاك والحواجز في كل مكان.. أحاول أن أهدأ وأترك مساحة في داخلي للنصر الذي حققته.. لأركض نحو حضن أبي الذي انتظرنا خلف الحدود، أعلن بفرح انتصاري بإنقاذ دميتي التي جاءت برفقتي من بيروت.. ذلك الانتصار الذي كان نقطة للحديث لكل من جاء يهنئنا بعودتنا سالمين متسائلين عن الأقارب في لبنان.. (10) الأماني الصعبة في اليوم التالي لعودتنا من لبنان، أجلس على سطح بيتنا أنظر الى المدى الرحب وتراقص العصافير من حولي، أحاول أن أستعيد ذاكرة أمس.. أن أؤكد لنفسي أني كنت حقًا هناك.. أنظر الى جبل حيدر وأتمنى لو جاؤوا معي الى هنا.. لو استمرت جلستنا أنا وأختي وابنتي خالي على سطح دار جدي من هناك الى هنا، لأريهن كيف تبدو فلسطين التي يسألونني عنها.. وأتخذ أحيانًا بعض الصور للقرية ولمنزلنا وآخذها معي في زيارتي اللاحقة.. وأبقى على أمل بأن يأتوا معي في العام التالي مثلما جاءت الدمية.. (11) السلام.. أكبر كذبة عشتها.. "شالوم.. شالوم.. يعني سلام ما في أحلى من هالكلام.." تبدأ المعلمة بالنشيد وننطلق أنا وأولاد صفي بالغناء، كنتُ أكثر أطفال الصف حماسة عند ترديد هذه الأغنية في المدرسة.. أغني وصورٌ مختلفة تمرّ في بالي من انتهاء عمر الفراق عن أخوالي وخالاتي وأطفالهم في لبنان.. تطلب المعلمة رسم الأعلام ورسم حمامة بيضاء تحمل غصن زيتون.. فأشرع بالرسم وطيلة سنوات أكبر ويكبر الحلمُ.. الذي ظننتُ أنّ الحمائم البيضاء وأغصان الزيتون ستنقذه.. اطمأننتُ دومًا على غصن الزيتون، فتوفيره ليس صعبًا في قريتنا التي تشتهر بالزيتون.. لكنني كنتُ أطيل البحث في سماء القرية وأحيائها عن حمامة بيضاء، فجميعها بلون رمادي.. أرى الرؤساء يتصافحون.. ويتخذون صورًا تذكارية.. وتشقي أسئلتي الكثيرة أمي وعمتي، مَن هذا ومن ذاك..؟ وعلى ماذا اتفقوا؟ يقولون أن السلام سيكون بين فلسطين واسرائيل.. فأتساءل وماذا عن لبنان؟ يحاولون اخباري أنه إن تمّ الاتفاق الأول، فالمسألة ستصبح أسهل مع لبنان.. وعندما أزيد بالسؤال يصعب علي أن أفهم أكثر.. وكلما زارنا أحدٌ لا بدّ وأن يُذكر حلم السلام في كل حديث.. ويكبر الأمل والحلم بلم شمل العائلة.. أتخيل حضور أخوالي والجولة التي سأقوم بها معهم في القرية.. والتعارف الذي سيتم بين شلة أصدقائي اللبنانيين والفلسطينيين.. أتابع التلفاز وأتساءل بفارغ الصبر متى سيتفقون؟؟ انتظرتُ الحمامة البيضاء طويلا.. لم أدرك آنذاك أنني أعيش على حلمٍ كاذب.. تمرّ السنوات وأرى الحمامة البيضاء التي كان الأفق الرحب مداها.. يتحول لونها شيئًا فشئيا الى الأسود.. لم أعلم أنني لن أرى تلك الحمامة في يوم من الأيام.. بأنني بنيتُ طفولتي على وهم.. حين استيقظت ذات يوم ووجدتها مضجرة بالدماء.. وفقدتُ الأمل بأن تعود للحياة.. (12) حفلة الوداع عندما سمعت نساءُ الجيران الذين زارونا في ذلك المساء أناشيدنا في ساحة الدار تساءلن.. عمّا تفعله الصغيرات الآن..؟ لتجيب أمي وخالاتي.. "إنّها حفلة الوداع.." اليوم الذي يسبق مغادرة بيت جدي في الجنوب اللبناني في زيارتنا السنوية، لا بدّ أن يشمل طقسًا خاصًا خاصة بعد أن اشتد عودنا.. أغيب عن الأبصار لنصف ساعة أو ما يزيد بقليل، لأطوف في أنحاء كرم جدي أودع كل ركن فيه، فأودع الأشجار.. وخاصة شجرة الزيتون الكبرى وشجرة الجوز، وأقرأ الفاتحة على قبر جدتي.. ولا أنسى أن أطوف على غرف المنزل أو أن أمرّ بالدجاجات والقطط. في الزيارة الأخيرة وأنا في الثالثة عشرة من عمري، في نيسان عام 2000، أدركتُ مثلما أدرك الجميع أنّ شيئًا ما سيحدث، صعدتُ الى سطح المنزل لأنظر الى جميع الجهات في أفق القرية والكرم.. أحاول أن ألتقط صورة تذكارية أحفظها جيدًا في الذاكرة.. أفكر بالساعات التي تمرّ سريعًا، بحفلة الوداع التي قد تكون الأخيرة، وعبارة تنقر رأسي منذ يومين كلما زرتُ مكانًا أو ألتقيتُ أحد الأصدقاء أو الأقارب في لبنان "إنّها المرّة الأخيرة".. أستعيد ذكرياتي الكثيرة، أكبتُ دموعي.. وأحاول أن أردّ بصوت عادي حين يأتيني نداء أمي من "أرض الديار" متسائلة أين أنا؟ في تلك الليلة البعيدة سمح الجيران لابنتهم صديقتنا بزيارتنا مساءً ومشاركتنا حفلة الوداع.. التي كانت أطول من غيرها فيما مرّ من سنوات.. فتارة نستعيد ذكرياتنا لذاك العام وتارة نغني وأخرى نرقص، وأخرى نأكل الحلويات.. في تلك الليلة لم يناقشنا أهلنا حين قررنا أننا سننام في غرفة واحدة.. الأمنيات تقلصت في الأجساد الصغيرة.. ليلة مثل هذه بدت أنّها الأخيرة. اليوم حين أستعيد بذاكرتي تلك الأمسيات أدركُ أكثر.. أيُ قسوة حملها لنا قدرُ الفراق.. (13) وجع الشوق اللقاء الأخير.. (يبسط الشوق وجعه وأنت تقف أمام أحبتِك لتُعانقهم، مُدركًا أنّ اللقاء سيتأخر كثيرًا هذه المرّة.. سيتجاوز الفراق عمره المعتاد المقدر بالعام.. لا أحد يعلم كم من الزمن سيمر..؟ أيًا منكم لا يجرؤ أن يضع احتمالا رقميًا.. في تلك اللحظات القصيرة المتبقية من عمر اللقاء.. يصيرُ الصمت والأمنياتُ المستحيلة، في محاولة أخيرة للتغلب على الفراق المتربص سيدا الموقف.. فيما تحاول أنت في عناق أخير أن تطفئ لهيب شوقٍ سيجلد قلبك سنينًا طويلة.. لم تحسب أنّها ستتجاوز ضعف عمرك وستستمرّ لتكبر أكثر فأكثر.. فيما تبقى طفلا صغيرًا بين كفي ذاكرة اللقاء..) نستقل سيارة الأجرة أنا وأمي وشقيقتي، وسرعان ما أستدير لأنظر الى الخلف لألوح لهم مرة أخرى.. تبدأ السيارة بالتحرك.. أمرّ بسرعة على الوجوه.. تهمس أمي: "الله وحده يعلم متى سنراهم مرّة أخرى" وعيناي مثبتة عليهم.. السيارة تبتعد رويدًا رويدًا.. وأركز نظري جيدًا لتُحفظ الصورة عميقا جدًا في الذاكرة.. وترتسم ملامحهم مرّة أخرى بعد انعطاف السيارة الى زقاق آخر وخروجها من الحي.. واستمر التقاطي لصور الذاكرة في مرورنا بالسوق الذي أحببته كثيرًا.. ثم قلعة القرية.. ثم الأراجيح التي حملتنا لسنوات طويلة.. فجسر الحاصباني.. أحاول حفظ الصور.. أدركتُ عميقًا أنني إن لم أفعل في تلك اللحظات القصيرة ذلك فستختلط الملامح والألوان ولن يعينني على استعادة الذاكرة أحد.. عند الجدار يودعنا سائق التاكسي الذي يُقلنا منذ سنوات، ما بين الحدود وبيت جدي في جنوب لبنان، منذ أن مُنع أخوالي من مقاربة الجدار.. نسير نحن الثلاثة أنا وأمي وشقيقتي نحمل حقائبنا وأحزانًا مكتومة من بوابة الى أخرى ومن تفتيش الى آخر.. ثم نُفصل أنا وشقيقتي عن أمي في غرفٍ صفراء صغيرة.. لتفتيش ملابسنا وأجسادنا.. ولطرح عدد من الاسئلة من شرطية شابة بعربية مكسرة.. أتحمل هذه المرحلة التي تثير الكثير من حنقي على مضض، الأمر الوحيد الذي يعزيني بالفراق هو أنّ وقتًا طويلا سيمرّ دون تعرضي لهذا التفتيش والتحقيق.. نجلس انا وأختي التي تصغرني بأربعة أعوام ونصف ننتظر خروج أمنا من الغرفة الأخرى في الدهليز.. أضم شقيقتي تحت ذراعي وأقف قرب حقائبنا، وصدري منقبض من كثرة الجنود وبنادقهم من حولنا.. تخرج أمي، أتنفس الصعداء.. تضمنا ونمضي لاستعادة الهوية وإنهاء بعض الاجراءات.. ننطلق نحو البوابة.. خلفها ينتظرنا عمي.. أبي ليس معه أدرك هذا جيدًا في هذه المرّة.. لن أنتظره مرّة أخرى كما فعلتُ سابقًا، لن أحلم بأن يملّ فراقنا ويسأم من موته، ويعود لينتظرنا هو وعمي خلف البوابة. نقطع البوابة التي يعلو صريرها عند مرور كل واحدة منّا.. يسارع عمي نحونا.. يقبلنا، يحملُ الحقائب.. نسير خلفه، أنظر الى الخلف، أدرك أنّ تلك البوابة ستصير مغلقة في وجهي.. سيقوم مكانها جدار.. بدأت السيارة بالتحرك.. صريرُ البوابات يغيب، أشعر بالجدار خلفنا يعلو ويرتفع أكثر نحو السماء.. ليغيب ذاك الجدار تمامًا عن يومياتنا ويقوم جدارٌ آخر في الجنوب.. بدا في ذلك الحين بعيدًا عني، ولم أعلم أنّه سيصير جاري.. وسألقاه صباح مساء وسأحاول في كل مرّة تجاهله. بعد أيام من لقائنا الأخير بعائلة أمي في لبنان، أعلنت القوات الاسرائيلية انسحابها من أراضي جنوب لبنان.. لم أقل شيئًا.. هل أفرح بأرض عربية تخلصت من الاحتلال؟ أم أحزن على وجع فراق جديد، وإعدام حلم كبير حلمتُ به حتى تلك اللحظة؟ قررتُ الصمت.. لم أرثِ الحمامة البيضاء التي غرقت بدمائها في تلك الأيام.. ولم أعد لرسمها.. أو لرسم غصن الزيتون.. كما أنني لم أعد لأرهق أيًا من عمومتي بأسئلتي عن السلام.. وتوقفتُ عن ترديد الأغنية.. يكفيني الحلم السرابي الذي عشته حتى تلك اللحظات، خدعتني تلك الكلمة لما يكفي من الوقت.. غابت ولم تعد للحياة مثل كثير من الأشخاص والكلمات الذين غابوا خلف الجدران.. (14) مراوغة الجدران في سفر أوراق المطر في كل زيارة لبيت جدي كان خالي أمين يوصي أمي بجديد كتب عمومتي، ودومًا قبل انطلاقنا يُسلمنا عمي نبيه الكتب.. أدركتُ أنّ خالي يجدد علاقته بعمومتي من خلال كتبهم.. لكنني لم أعلم في سنوات طفولتي تلك أنني سأستحيل أنا أيضًا كتابًا ذات يوم يضمه الى صدره بدلا مني.. في مكالمات هاتفية قصيرة يطالبني أخوالي بكتبي.. وأتساءل كيف ستقطع الكتب الجدران؟ أثناء تجوالي في معرض فلسطين الدولي للكتاب في رام الله في نيسان، رأيتُ شابًا بزي عُماني يمرّ فجأة من أمامي.. عُمان ظهرت منذ سنوات قليلة على أفق يومياتي، فقد تمت خطبة ابنة خالي على شاب لبناني يعمل هناك.. ونُشرت أكثر من مرّة لقاءات صحفية معي أو مقالة عن كتاب لي في صحيفة الوطن العُمانية.. غبطتي بذاك النشر في الصحيفة، جعل هذا البلد الذي كان غريبًا عني.. أقرب إلي.. مضيتُ الى قسم عُمان في معرض الكتاب.. في محاولة بدت للوهلة الأولى عبثية، لأسأل الشاب العُماني هناك، عن امكانية مساعدتي بتسليم كُتبي لخطيب قريبتي اللبناني في عُمان.. مختصرة سيرة فراق موجع ببضع كلمات.. رحب الشاب بذلك.. عدتُ بعد يومين لأسلمه الكتب.. ليكون لكلماتي وكُتبي سفرٌ جديد بعيد المسافات نحو شاطئ بحر العرب، ثم رحلة أخرى لتمضي من بوابات لا أستطيع وصولها أو عبورها الى هناك.. الى أحضانٍ اشتقتها كثيرًا.. الى البيت والكرم.. تمضي الكتبُ لتحيي ذكرى تلك الصغيرة التي كنتُها هناك.. في زمنٍ تغيب فيه ملامح الأمل بغدٍ أجمل، تنتصر لي الكلمات.. أنجح مرّة أخرى في مراوغة الجدران.. ذات يومٍ رافقتني دمية ولوحة وأشياء أخرى من لبنان.. لأستعيد شيئًا منه هنا.. اليوم تمضي قصصي فوق الجدران والأبواب الموصدة.. لعلّهم يستعيدون شيئًا من فلسطين هناك..
#نسب_أديب_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين تمردَّ الملاك
-
تحيّةً إلى سميح القاسم
-
جنان تزهر في الجحيم قراءة في رواية جنة الجحيم
-
على أثر الأفعى والتفاح
-
قراءة في رواية لحظات خارجة عن الزمن لمزين برقان
-
بين عيونهم وعينيها
-
قراءة في ديوان مرسى الوداد لشيخة المطيري
-
ذاكرة مورقة في خريف العمر قراءة في رواية ظلام النهار للكاتب
...
-
قراءة في مجموعة(الساقطة للكاتبة) د.هيفاء بيطار
-
هواجس عند مدامع المدينة
-
الى طفولتي.. أحن
-
قراءة سريعة في رواية- همس الظلال-
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|