|
الخطاب الموازي، الإسراء والمعراج إنموذجاً.
محمد السباهي
(Mohamed Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4458 - 2014 / 5 / 20 - 16:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتبر النص الموازي من أخطر النصوص التي تشكل ثقافة الخلاف والاختلاف مع الآخر. فالنص الموازي يُعتبر نصاً دخيلاً على الثقافة الأم/ الأصل، نص هجين، يتولد ويتشكل بالضد من ثقافة الآخر. وهنا مكمن الخطورة. يحاول النص الموازي ان يؤسس حضوراً فاعلاً على الساحة (محل الصراع) من خلال انتاج بضاعة رخيصة لكنها باهضة الثمن، من إضفاء هالة من الطقوسية والصدقية . والنص الموازي، ليس نصاً هامشياً أو احد النصوص الحافة التي تعمل عل النص الموازي لكنها أقل فاعلية وصدقية من النص الموازي. النص الموازي يدخل من بوابة المقدس الأعلى، نزول عند مكان التقديس الأعلى، فهو في كل ادواره وأطواره مقدس، الحرم المكي/ بيت المقدس/ النبي/ حضيرة القدس/ الحضرة الإلهية. وعليه يكون النص الموازي قد امتلك حضوره وفاعليته من خلال التدخل مع المقدس الذي ثبتت قدسيته ولا مجال للشك والترديد في هذه القدسية. وعليه تثبت مقولة: كل ماجاء من المقدس مقدس، دون النظر في حيث ما قال، لا من قال، وأن كان ماقال ومن قال ينبغي ان تدخل ضمن ضوابط البحث العلمي. على أي حال، نحن اليوم حاولنا جاهدين بقدر مافي قوس الكسل من منزع ان نقرأ هذا النص الموازي الذي أسس ويؤسس لثقافة الخلاف والاختلاف، وتناولنا رحلة (الإسراء والمعراج) بالقراءة الهامشية، لفتح الباب لمن له وقت وجهد اكبر لفتق جيب هذه القراءة. الخطاب التأسيسي والنقدي في الإسلام، الإسراء والمعراج إنموذجاً
قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء: 1. (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾-;- [النجم: 17، 18
تعتبر رحلة الإسراء والمعراج، حادثة (دنى فتدلى)، رحلة المطلوب إلى الجناب العلوي ليفرض عليه وعلى امته ما يشاء الله تعالى، كما يقول عبد الحميد جودة السحار. وتعتبر رحلة الإسراء والمعراج بداية لتأسيس الصراع مع الآخر الديني/ العرقي. بداية الصراع مع المختلف في الصنف. وتعتبر هذه الرحلة بداية الهيمنة المبكرة للإسلام على ماحوله من ديانات وأنبياء وشرائع ولا ادل على ذلك من صلاة النبي بالأنبياء جميعاً وبأمر الحضرة الإلهية. لأن دعوة جبريل للنبي بالصلاة هي دعوة السماء، لأن جبريل عبد مأمور (لا ينطق عن الهوى، علمه شديد القوى).
وهو تأسيس لخطاب (ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الأخسرين)، خطاب يلغي جميع المتبنيات السابقة المؤسسة على حرية الاختيار وان هذه الديانات واحدة من عند واحد وخطاب (ولكم دينكم ولي/ وإنّا هديناه النجدين). هذا الخطاب بداية لتأسيس التفوق على الآخر الديني، وهنا خطاب آخر عرقي يرد بقوة على خطاب تفضيل بني إسرائيل على العالمين، خطاب (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). خطاب يوازي التفضيل (يابني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين).121 البقرة ويؤسس لمعيار قيمي آخر، معيار (الإيمان بالله) وهو تعريض بالآخر الذي تشرب من نفس النبع لكنه لم يؤمن.
(ورد في رواية أبي سعيد عند البيهقي: دعاني داعٍ عن يميني، أنظرني أسألك، فلم أجبه. ثم دعاني آخر عن يساري فلم أجبه. وفيه أن جبريل قال له: أما الداعي الأول: فهو داعي اليهود، ولو أجبته لتهودت أمتك. واما الثاني: فداعي النصارى، ولو أجبته لتنصرت أمتك).
لاشك أن هناك أكثر من خطاب تأسيسي في الإسلام، فهناك خطاب الفقهاء والرواة وأرباب التفسير، فضلاً عن الخطاب القرآني وخطاب الحديث النبوي الشريف. ويعتبر خطاب الرواة من أكثر الخطابات على مستوى الحكاية او على مستوى الحديث الشريف. ونحن سنتناول خطاب الحكاية او خطاب السيرة النبوية، أن خطاب الحكاية الذي يتلاقى مع خطابات أخرى عند شعوب وديانات المنطقة التي وجد فيها الإسلام. وتعتبر رحلة (الإسراء والمعراج) حالة نموذجية لذلك الخطاب التأسيسي والنقدي التقييمي/ خطاب الموازة والتفوق. ونحن في قراءتنا هذه سنتغاضى عن تناول حادثة الإسراء كحادثة دينية، مثل، وسيقتصر بحثنا على تناول الخطابين التأسيسي والنقدي= خطاب الموازة والتفوق الوارد في الإسراء والمعراج.
في البدء ينبغي الالتفات إلى أن الإسراء ينفصل عن المعراج، فالإسراء رحلة جوية من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (من السعودية إلى فلسطين)، ثم بعد ذلك تأتي رحلة المعراج من المسجد الأقصى إلى السماء في رحلة فضائية بامتياز على دابة البراق يكون الدليل فيها جبرائيل أمين الوحي.
وحادثة المعراج كحادثة هي رد فعل طبيعي على حادثة ذهاب موسسى إلى ميقات ربه من أجل تساوى الكفتين في لقاء الحضرة الإلهية والحديث معها. وبديهي عند من قرأ القرآن الكريم أن حادثة ذهاب موسى لميقات ربه حادثة مقتضبة، ليس فيها من التفصيلات المبينة لهذا اللقاء حتى في التوراة. خلاصة الحكاية أن موسى ذهب لميقات ربه ورجع وبيده الألواح، ألواح الشريعة، والتي حسبما ذكرت بعض المصادر كُتبت بيد القدرة، هذه الألواح التي لم يحترمها موسى، والتي ألقاها في لحظة غضب، وما اكثرها عند موسى الكليم، بعد رؤية قومه يعبدون العجل، فكسر الألواح، واحتاج إلى العودة مرة اخرى لكتابة ألواح الشريعة.
في حديث أورده البخاري في كتاب (التوحيد) من صحيحه قال:(7079...وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله فقال موسى رب لم أظن أن يرفع علي أحد ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا للجبار رب العزة فتدلى). نلحظ هنا تاسيس لقاعدة فقهية ، قاعدة (نفي السبيل): (وهي قاعدة دلّ عليها الكتاب بقوله سبحانه: (لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً).والسُنَّة: حيث رأينا أن الكافر لا يرث المسلم ولا يحجبه إلى غير ذلك. فقد روى الصدوق في الفقـــيه عن النبي (ص): (الإســـلام يعلو ولا يُعلى عليه والكفّار بمنزلة الموتى لا يحجبون ولا يورثون).وقالت الصدّيقة الطاهرة عليها السلام: (أهل ملّتين لا يتوارثان). وهذه الآية الشريفة والتي أسست لهذه القاعدة استلزمت الكثير من الأحكام الشرعية، منها: عدم عدم جواز نكاح الكافر (الغير مسلم) للمسلمة، لأنه نوع من الاستعلاء، ويجوز للمسلم (والمراد بالمسلم الأعم حتّى من المنافق ) نكاح غير المسلمة، كما أنه لا حقّ في القصاص له على المسلم، وعدم ثبوت حقّ الشفعة إذا كان المشتري مسلماً ولو كان البائع كافراً، وغيرها من الأحكام.
فلابد من وجود لقاء مع الحضرة الإلهية في وضعية أفضل من وضعية خطاب الحضرة الإلهية من خلف العليقة المشتعلة أو النار التي رأها موسى وفي مكان أكثر قدسية من جانب الطور الأيمن أو الجبل. لاحظ أن رحلة موسى للقاء ربه تأجلت عشرة أيام، قال تعالى: ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة )الأعراف/142. إن لقاء موسى للحضرة الإلهية كان عند سابق موعد ثم تأجل الميعاد عشرة أيام، لكن النبي محمد كانت دعوته مستعجلة وسرية، في ليلة واحدة رأى ملكوت السموات والأرض، وهذا هو الذي حصل للنبي إبراهيم، (وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السموات والأرض). ورد في التوراة أو كما يحلو للبعض تسميتها بأسفار موسى ، سفر التكوين، اصحاح18: (1 وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار 2 فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى 4 ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة )، لاحظ هنا، إن إبراهيم يغسل أرجل الرجال، لكن مع النبي محمد، إن جبيريل هو من يغسل قلبه وبماء زمزم الطاهر الطهور المطهر: (7079 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني سليمان عن شريك بن عبد الله أنه قال سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم أيهم هو فقال أوسطهم هو خيرهم فقال آخرهم خذوا خيرهم فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه ثم أتي بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده يعني عروق حلقه ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا) البخاري/ كتاب التوحيد. إذا، بناءً على هذا الخطاب، يتساوى النبي محمد مع الأنبياء ويتفوق عليهم. ثم لاحظ معي ان النبي محمد رأى النور الإلهي، ولم يطلب رؤية الحضرة، بينما النبي موسى طلب رؤية الحضرة الإلهية (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك ). هذا الطلب إنزل بموسى عقوبة أبدية وهي، (لن تراني) وهذا النفي كما هو واضح يفيد التأبيد.
ولو تدبرنا بين رؤية موسى وكلامه مع (يهوه) من خلال الشجرة/ العليقة المحترقة، نرى ان موسى ذهب وهو غير عالم بما في النار وبما حولها، ( إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى ( 10 ) فلما أتاها نودي يا موسى ) طه/ 10. بينما نجد في خطاب المعراج ان الحضرة الإلهية هي التي تتدلى للكلام لمقام النبي محمد : ( ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله فيما أوحى إليه). أي ان الدنو كان من الجبار وليس من النبي محمد. ( لقد قلت: إن محمداً (ص)، وصل إلى أفق لم يعد فيه مكان لجبريل، وارتقى إلى مستوى من النور لم يكن لجبريل عليه السلام فيه مجال، فكان محمد ص في الحضرة الإلهية، دون واسطة . ... واستندت إلى ماجاء في حديث البخاري. ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى، فكان قاب ثوسين أو أدنى. وقلت: إن محمداً ص، في هذا الأفق كان وحده وكان جبريل عليه السلام في أفق أقل، وكانت المناجاة مع الله.
وكان الوحي من الله. وكانت الرؤية لله تعالى). الإسراء والمعراج/ الإمام الدكتورعبد الحليم محمود/ ص5. وأخرج البزاز من طريق قتادة عن انس: (أن محمداً ص رأى ربه عز وجل). ن/م ، ص 48.
عن ابن عباس: (نظر محمد إلى ربه، قال عكرمة له: نظر محمد إلى ربه؟ قال: نعم، جعل الكلام لموسى، والخلة لإبراهيم، والنظر لمحمد ص). ن/م ، ص 49.
كانت بداية الرحلة من الكعبة المشرَّفة إلى بيت المقدس، (بحسب المشهور)، من المسجِد الحرام إلى المسجد الأقصى. يعني من بلاد العرب إلى بلاد العبرانيين (بحسب المشهور)، من بلاد الإسلام إلى بلاد اليهودية وبلاد النصرانية، والمسجد الأقصى هو مهْد الأنبياء والمرسلين، في هذه الرحلة يُقوم جبرائيل باختبارالنبي محمد في حادثة اختيار أحد الإناءين: ( أن جبريل ـ عليه السلام - عرض الإناءين على النبي - صلى الله عليه وسلم - فاختار الرسول - صلى الله عليه وسلم - اللبن وأعرض عن الخمر، فقال له جبريل - عليه السلام: اخترت الفطرة التي فطر الله الناس عليها). لاحظ ان الخمرة لم تحرم بعد في الإسلام، لأن الإسراء كان بحسب موسى بن عقبة الزهري (قبل الهجرة بسنة) وعن عروة عن السدي، (بستة عشر شهرا)، لكن البخاري يورد رواية أخرى في كتاب (التوحيد): (7079 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني سليمان عن شريك بن عبد الله أنه قال سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم أيهم هو فقال أوسطهم هو خيرهم فقال آخرهم خذوا خيرهم فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزمبيده حتى أنقى جوفه ثم أتي بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده يعني عروق حلقه ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السماء من هذا فقال جبريل قالوا ومن معك قال معي محمد قال وقد بعث قال نعم قالوا فمرحبا به وأهلا فيستبشر به أهل السماء... ).
لكن النبي اختار (اللبن) ولم يختر (الخمر) وهو خطاب تأسيسي لما سيأتي، لكن ماذا يفضل رجل قضى حياته في بيئة صحراوية، وقيل، كان راعياً، هل يفضل الخمر على اللبن؟! لكن لاحظ رواية ابن مسعود: (فكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله تضع حافرها في منتهى طرفها - فحمل عليها ، ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له فصلى بهم . ثم أتي بثلاثة آنية إناء فيه لبن وإناء فيه خمر وإناء فيه ماء. (قال) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت قائلا يقول حين عرضت علي إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته وإن أخذ اللبن هدي وهديت أمته . قال فأخذت إناء اللبن فشربت منه فقال لي جبريل عليه السلام : هديت وهديت أمتك يا محمد ). لاحظ أن النبي يرفض الماء! كيف لرجل يعيش في بيئة صحراوية يترك الماء لولا معرفته التامة بفوائد اللبن وانه يعادل الماء في الأرواء ويفوقه قيمة غذائية.
كما قلنا ان هذا الخطاب تأسيسي لما سيأتي تتابعاً، لكن هذا الخطاب يحمل في طياته ذم وتقريع للآخر الذي يتعاطى الخمر ويعتبره عقيدة ودين. فقوله: (هديت) يقتضي (ضلال) الآخر المساوي في النوع، وقوله (هديت امتك) يوازي خطاب (ضلالة الأمم الأخرى).
خطاب المُلك التأسيسي . يعتبر خطاب المُلك التأسيسي من اهم خطابات الإسلام السياسي، أبو على المودودي/ الشاطبي، فهذا الخطاب، فصل الخطاب الإسلامي وبين من يحكم ومن لا يحكم، نظرية (الاستعلاء)/ قاعدة نفي السبيل، ترفض مبدأ الديمقراطيةبصورة تامة، وهذا ما صرح به جميع الذين نظروا للإسلام السياسي. الديمقراطية تتيح تساوي الفرصة، ونظرية (الاستعلاء/ نفي السبيل) ترفض تسلط الكافر على المسلم، فكيف يتم او تم التعامل مع هذه المشكلة؟. النبي محمد (ص) رفض الملك مع النبوة، فهو نبيٌ عابد وليس نبياً ملكاً. هذا بالنسبة للنبي محمد (ص) لكنه لم يحضر او يحجر ان تتزامن الخلافة= الحكم مع التدين. ومن هنا شاعت فكرة الخلافة الإسلامية/ دولة الفقيه/ الدولة الإسلامية، وهلم جرا. النبي محمد (ص) دائما يختار الأقرب واصلح له ولأمته، في قضية الإسلام السياسي ترك الباب مفتوحاً فكثرت التاويلات والاجتهادات في هذا الباب. نلاحظ إنه لما خيره الله جلَّ جلاله أن يكون نبياً ملكاً، أو نبياً عبداً، اختار أن يكون نبياً عبداً، اختار ان يكون نبياً عبداً.
هذا الحديث يؤسس لأمور منها : 1- إن النبي محمد نبي مبعوث من السماء، بدلالة التخيير، فهو في الحالتين نبي. 2- يؤسس لقاعدة الزهد في الإسلام من خلال تبني مفهوم العبودية. 3- يؤسس لخطاب أن الدين/ النبوة لا تتعارض مع الحكم والملك. 4- يؤسس لفصل الدين عن الحكم في الإسلام من خلال رفض تزامن النبوة مع الملك وقبول النبوة مع العبودية الذي فيه تأسيس لروحانية الإسلام. 5- فيه طعن بالمساوي نوعاً الذي طلب الملك مع انه بلغ درجة التكامل من خلال الحصول على مقام النبوة الرفيع، لكن يبدو من خلال هذا التأسيس أن مقام النبوة ليس تام الكمال بدلالة وجود مقام أرفع منه إلا وهو مقام الرسول. 6- إن هذا الطلب (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي) ص : 35 . من هذا الخطاب، خطاب هب لي/ أعطني، بينما مقام النبي محمد (اختار)، والفارق كبير بين مقام (هبّ/ أعطني) = مقام عبودية، بينما مقام (اختار) مقام حرية وإرادة واعية. وفي خطاب أغفرلي دلالة على وجود ذنب. 7- إن هذا الطلب سوف يلهى الإنسان عن السبب الحقيقي لعلة الخلق، (ما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون). ) فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ( 32 ) ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق ( 33ص. 8- حب الملك هو الذي شغل النبي سليمان عن الصلاة كما يقول المفسرون، لكن النبي محمد ينتظر الصلاة ويقول: (أرحنا بها يا بلال)، لآنه نبي وليس ملك مشغول بالدنيا وحب الدنيا. وهو الذي رد عرض عتبة بن الوليد حينما قال له: (وأن كنت تُريد ملكاً ملكناك علينا)، وقال لعمه أبي طالب: (يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه). 9- في هذا الخطاب تأسيس لحب الدنيا مقابل الزهد، حب الملك مقابل التواضع ، طغيان الأنا مقابل نكران الذات . (ملك لا ينبغي لأحد من بعدي). تأسيس: تحية المسجد، صلاة ركعتين.
(فسار بي حتى أتيت بيت المقدس فربطت الدابة في الحلقة التي يربط فيها الأنبياء، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت..). تعتبر هذه قراءة أولى وسنحاول تكملة هذه القراءة من خلال محاور أخرى.
#محمد_السباهي (هاشتاغ)
Mohamed_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيزوفرينيا..
-
الاحتضار السياسي/ معاً للهاوية ...
-
البؤساء
-
الإنسان أولاً ...
-
أول بيت وضع للناس للذي ببكة
-
براءة زنديق
-
مرة اخرى.. قراءة خشنة، كتابة ناعمة.
-
كتابة ناعمة / قراءة خشنة... قراءة في كتاب الأخضر العفيف.
-
قراءة ناعمة/ كتابة خشنة، قراءة أولية في كتاب الأخضر العفيف
-
الإرهاب المقدس
-
جندي الكتابة، لؤي حمزة عباس.
-
البئر المعطلة / العقل عند العرب والمسلمين. (2)
-
البئر المعطلة / العقل عند العرب والمسلمين.
-
الحرية ... وسيلة السعادة.
-
الدين المعاملة ...
-
الليبرالية بين التنابلة والحنابلة ..
-
حتى أنت يا بروتس !!
-
احتياجات خاصة
-
أحمد القبنجي ... إلى أين ؟
-
نصف ثورة / نصف انقلاب
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|