|
سيناريو الخراب الآتي
إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ
الحوار المتمدن-العدد: 4458 - 2014 / 5 / 20 - 14:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
هل ظننتي أني نسيت الوعد؟ أني سأصمت؟ لن أعلق؟
صديقة العمر، كتبت لي قبل أحداث رابعة، لم لا تكتبين؟ قلت لها:أكتب عندما تتضح الصورة.
أكتب عندما تتضح الصورة.
بعد أحداث رابعة كتبت تعليقاً قصيراً إنتقدت فيه القوة المفرطة والإنتهاكات التي حدثت ثم صمت من جديد. قلت لنفسي، إنتظري. لعل الهوجة الحالية تهدأ وتتضح صورة لرؤية مستقبلية. لعلهم ينتبهون. لكني كنت أعرف أني انتظر بلاجدوى.
كنت اعرف ذلك.
لم اكن وحدي في الصمت. العديد من مثقفينا ومثقفاتنا تنفسن الصعداء عندما تدخل الجيش. أنا واحدة منهن. من قال أن الجموع خرجت في الخامس والعشرين من يناير من أجل فاشية دينية؟
وفي الوقت الذي إبتهجت لثورة الثلاثين من يونيو، والله اني شعرت أني اولد من جديد، لم اصفق واطبل عندما اعلن الجيش في ٣ يوليو تنحية الرئيس السابق مرسي.
قلت حينها في أكثر من مقابلة صحفية في سويسرا وغيرها أن تدخل الجيش كان ضروريا، لاسيما مع الخطوات التي اتخذها الرئيس السابق مرسي وجماعته والتي بدأت علانية بالمطالبة بحرب جهادية، جعلت الجميع يدرك أن هؤلاء يحلمون بالخلافة لا برفاهية وإستقرار مصر.
في الوقت ذاته قلت إن الوقت هو الذي سيظهر لنا ما إذا كان الجيش سيتحول إلى أدة قوة تغيير توصل بنا إلى بر الأمان والديمقراطية معاً، كما حدث في البرتغال في السبعينات، أو يعود بساعات الزمن إلى الوراء. يعود بنا إلى خط الأستبداد.
عندما ذهبت إلى مصرأخيرا وجدت أغلبية تريد إستقراراً، وتلعن الأخوان، وترى في السيسي طريقاً للخلاص. وأقلية تؤيد الأخوان. وأقلية أخرى من المثقفين والمثقفات تنتقد الأثنان معاً.
وأنا مع الوقت وصلت إلى قناعة أن الصمت جريمة.
أفهم أن الأستقرار مهم. وبالنسبة لأغلبية تعيش اوضاعاً إقتصادية طاحنة، لن تعني لها مطالبات حماية حرية التعبير والتظاهر،وحماية حقوق المسجونين، أكثر من عبارات يتشدق بها من يملك ثمن طعام عشاءه. . هذه الأغلبية تريد إستقراراً سياسياً يّمكنها من أن تؤمن لأطفالها خبزها وطعامها اليومي. "عندما يجوع أطفالي فلتذهب الحرية والديمقراطية إلى الجحيم". والله أني افهم هذا. لكن من تنُتهك حقوقه، ويغتصب في السجون، لن يفهم ذلك.
أفهم أيضاً أن الكثيرين والكثيرات في مصر خفن على مصر. فاشية الأخوان الدينية كانت تقول لهم وهن ببساطة: طز في مصر. الهوية دينية. إنسوا مصر. وحربنا جهادية عالمية. وسيأتي اليوم الذي نبني فيه الخلافة. لاتنسوا ما فعله الأخوان المسلمين. أنا على لازلت على قناعة انهم يظلون أعداء المستقبل. هذا لايعني أن ننكل بهم. أن نحكم عليهم بالإعدام بالجملة. حقوق الإنسان كما هي حق لك ولكي، هي حق لهم ولهن.
ولذا فإن الخيار يبدو لي غريباً عندما نطالب لذلك بالقبول بإستبداد عسكري كي نتلافى الفاشية الدينية. الأثنان سيوديان بنا إلى الهاوية.
هل نسيتم كيف طبلنا لجمال عبدالناصر؟ هل نسيتن ما فعله مصطفى أمين، وحسنين هيكل؟ قالوا ايضاً: "الوقت الان لايسمح برفاهية الديمقراطية". ومرحلة عبدالناصر اخرجتنا في المحصلة إلى ما نحن فيه الان. والخواء السياسي الذي تسببت فيه جرافات الاستبداد أفرخت لنا الفاشية الدينية التي نهرب منها اليوم.
انا لاأريد ديمقراطية إنتخابات. تعبت منها في اليمن والعراق والأردن والمغرب. نجري إنتخابات ونحن نعرف نتائجها. تماماً كما نعرف نتائج إنتخابات مصر اليوم قبل إنتهائها.
أريد ديمقراطية مؤسسات. مؤسسات تؤدي دورها. تحمي المواطن والمواطنة ثم توفر الأمان لهما. وتحترم حقوقهما الأنسانية. ثم أريد رؤية سياسية، تدرك أن بناء الإنسان يتطلب منا مناهج دراسية وتعليم يبني هذا الأنسان ويؤهله كي يكون مواطناً. كي تكون مواطنة. واريده تعليماً يصل إلى القرى، كي لاتتحول مجتمعاتنا إلى عزب، يتحكم فيها أبناء وبنات المتمكنين إقتصادياً وسياسياً. ثم رؤية إقتصادية. إقتصاد حر، لكن إقتصاد حر على أسس سليمة. لأن اقتصاد السوق الحرة التي طبقها نظام الرئيس السابق حسني مبارك كانت قائمة على أساس "إقطاعي عشائري". شلة مستفيدة من الكعكة الكبيرة، وتقسمها فيما بينها. أما الأغلبية الساحقة من الشعب فتعاني. إقتصاد حر على أسس سليمة ومعتمدة على شبكة أمان إجتماعي، كي نحمي هذه الأغلبية من الفقر الذي مافتأ يجرف معه من كان يعتبر نفسه جزءا من الطبقة الوسطى.
كل هذا لن يحدث في الوقت الراهن. ليس مع خيارين، كلاهما يعتقد أنه جمال عبدالناصر. لن يحدث لأن الرؤية غائبة. ومصالح مراكز القوى أكبر من أن يواجهها رجل خرج من بين أجنحتها. ولأن الأمر كذلك فإن ما يحدث الآن ليس مستديماً. هذا هو المحك. ليس مستديماً. سيبقى الوضع على ما هو عليه. سيبقى الوضع على ماهو عليه. ولذا فإن الاتي سيكون كارثياً. لا تنسوا نبوءة التقرير العربي للتنمية البشرية عن اوضاع الحرية لعام ٢٠٠٤. لا تنسين هذه النبؤة. حذر من أن إستمرار الوضع القائم على ماهو عليه سيؤدي إلى ما أسماه سيناريو "الخراب الآتي". ملخص التقرير ادرجه ادناه. كي لاننسى.
أكتب عندما تتضح الصورة. قلت ذلك لصديقة العمر. والصورة لاتبشر بالخير. وكلمتي دونتها. لأن صمتنا عما يحدث الان يعني أننا جزء منه.
http://www.un.org/arabic/esa/rbas/ahdr2004/Executive_Summary.pdf
#إلهام_مانع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن أوضاع الخادمات لدينا
-
بل التوقيت الآن! عن اليمن والقاعدة
-
عندما يحكم الكهنوت… رائف بدوي من جديد
-
اليوم كلنا رائف بدوي: !بين السعودية وسويسرا أكثر من حرف السي
...
-
لم لا تخجل يا الداؤود ؟
-
قاضية بلا محرم؟
-
ما الذي قاله رائف بدوي؟
-
قاسم الغزالي وحقه في الإلحاد
-
التغيير يبدأ بنا
-
عندما أميتُ صلاة مختلطة، وأنا سافرة
-
أربع نقاط
-
كلنا وجيهة الحويدر!
-
مسجد شامل، مسجد بدون تمييز!
-
في ذكرى النكبة/تأسيس دولة إسرائيل:-لن أكره-
-
نتحرر عندما نقرر أن نكسر الصمت وجدار الخوف في أنفسنا
-
عن التحرش وحملة شوارع آمنة
-
إلهام مانع - كاتبة وناشطة حقوقية - في حوار مفتوح مع القارئات
...
-
-عن المرأة- في حديث مع الشيخ جمال البنا
-
- خذلني الإسلام! -
-
عن الآيزيدية 2
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|