|
محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات - ردّا على تعليق عبد الله أغونان
مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 4458 - 2014 / 5 / 20 - 01:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد حديثي في المقال السّابق ("محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات") عن حادثة "إضطجاع" محمد بن آمنة مع فاطمة بنت أسد، زوجة عمّه وأمّ علي بن أبي طالب، سارع عبد الله أغونان، المشهور بتجميل الإسلام وترديد الأكاذيب لتبرئة رسوله ممّا تعلّق به من فضائح وقرآنه من هلوساته وتناقضاته، بكتابة تعليق جاء فيه ما يلي: "لا شيئ في الحديث وفي أحاديث أخرى ومع رجال يفيد الممارسة الجنسية وقد تم ذلك بحضور صحابة فكيف يتصور هذا؟ الأحاديث التي وردت في هذا الموضوع في متنها لاتفيد هذا المعنى المشبوه فالاضطجاع ليس هو المضاجعة. لو فهم هذا المعنى كيف لم يستنكره ويتحدث به المؤمنون ويستنكروه فضلا عن المنافقين؟ وقد سبق أن رددنا على هذا الموضوع في هذا الموقع. يراجع موقع اللجنة العلمية لنصرة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم بعنوان اضطجاع رسول الله في قبر زوجة عمه. كلام فارغ لاحجة عليه. تلااااااااااااااااح. فاطمة بنت أسد زوجة عمه وأم علي بن أبي طالب وهي التي ربته وكان يسميها أمه".
وقد كان الحديث الذي أوردناه في المقال المذكور كما يلي: "حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا محمد بن غالب بن حرب. ح وحدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن البستنبان بسر من رأى، قالا: حدثنا الحسن بن بشر البجلي، حدثنا سعدان بن الوليد بياع السابري، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: "لما ماتت فاطمة أم علي خلع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه وألبسها إياه واضطجع في قبرها، فلما سوى عليها التراب، قال بعضهم: يا رسول الله، رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه بأحد، قال: إني ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة واضطجعت معها في قبرها لأخفّف عنها من ضغطة القبر، إنها كانت أحسن خلق الله صنيعا إلي بعد أبي طالب". لفظ سليمان يُكْنَى أبا الحسن، وكنَّاه النبي صلى الله عليه وسلم أبا تراب، ويكنَّى أبا قضم". (كتاب "معرفة الصحابة لأبي نعيم"، رقم الحديث: 273)
وفي ردّنا على هذه التبريرات التافهة التي أتى بها عبد الله أغونان، نقول: أولا، قولك "لا شيئ في الحديث وفي أحاديث أخرى ومع رجال يفيد الممارسة الجنسية" و"الأحاديث التي وردت في هذا الموضوع في متنها لاتفيد هذا المعنى المشبوه فالاضطجاع ليس هو المضاجعة"، فهو قول مردود عليه. ففي معجم "الغني" نجد التفسير التالي للفعل "ضاجع": "ضاجع - ضَاجَعَ: [ض ج ع]. (فعل: رباعي متعدّ). ضَاجَعَ، يُضَاجِعُ، مصدر مُضَاجَعَةٌ. 1. "ضَاجَعَ امْرَأَةً": اِضْطَجَعَ مَعَهَا، جَامَعَهَا. 2. "ضَاجَعَهُ الْهَمُّ فِي حَلِّهِ وَتَرْحَالِهِ": لاَزَمَهُ." وفي شرح اللفظ "إضطجع" في معجم "الرائد" نقرأ: "إضطجع - اضطجاعا: إستلقى ووضع جنبه بالأرض". وفي الحديث الذي أوردناه ورد اللفظ "اضطجعت معها في قبرها"... فإذا إختزلنا العبارة وعوّضنا "اضطجعت معها" بلفظ مرادف تصبح "ضاجعتها"، أي "جامعتها"... والتفسير أمامك، لا غبار عليه، وبإمكانك التحقق منه. وأنا إذ إتّجهت هذا الإتّجاه في التّفسير قد إتّبعت ما تقوله اللغة العربية في معاجمها. فإذا كنت معترضا على تفسير الكلام لغويّا، فلتقل لنا كيف فسّر المفسّرون قرآنك وأحاديث محمّد بن آمنة؟
ثانيا، أمّا قولك "قد تم ذلك بحضور صحابة فكيف يتصور هذا؟" و"لو فهم هذا المعنى كيف لم يستنكره ويتحدث به المؤمنون ويستنكروه فضلا عن المنافقين؟" فسهلٌ. أنت تعرف جيّدا أنّي لا أقدّس محمّد بن آمنة ولا أكن له أي نوع من المحبّة، وسبب ذلك أني تفحصت ما ورد في كنب الأحاديث والسيرة فلم أجد عنده أيّ شكل من أشكال الأخلاق العادية التي يمكن أن يتميز بها أي إنسان، فضلا عن الأخلاق الرفيعة التي ينسبها له أتباعه. وبهذا المنطق، لا أعتقد أن شخصا منحطا أخلاقيا يمكن أن يجذب إليه أشخاصا ذوي أخلاق رفيعة، فأنت ترى أن القمامة لا تجذب إلا الذباب... وبهذا المنطق أيضا، المبني على ما ورد في المراجع الإسلامية، لا أظنّ أنّه كان في صحابة رسولك صحابيّ واحد يتمتّع بالحدّ الأدنى من الأخلاق، فكلّهم فاسدون منحطّون صعاليك سرّاق قتلة وزناة... إذن، فكون هذه الحادثة وقعت أمام الصحابة ولم يستنكرها أحد منهم يُصبح مفهوما في ضوء ما ذكرته لك وما عليك إلاّ تقليب مقالاتي لتعرف الأحداث وتجد المراجع.
زيادة على ذلك، سأذكّرك هنا بحديث آخر صحيح ورجاله ثقات ورد في صحيح مسلم ويقول: "حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني حدثنا أبي ووكيع وابن بشر عن إسماعيل عن قيس قال: سمعت عبد الله يقول: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ثم رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {المائدة:87}" فهنا نجد أنّ "الصحابة" الذين تنزّههم أنت عن تقبّل أمر لاأخلاقي لم يرد منهم أيّ إستنكار لفعل "تحليل نكاح المرأة بالثوب إلى أجل"، أي تحليل نكاح المتعة، الذي هو في الواقع والحقيقة زنا. ففي هذا الحديث تُضرب كلّ من أخلاق رسولك وأخلاق صحابته أيضا. فالأوّل أحلّ الزّنا وصحابته لم يعترضوا على ذلك. فإذا كنت تتعلّل بعدم ورود أي خبر عن إستنكار الصحابة لإضطجاع محمّد بن آمنة في القبر مع فاطمة بنت أسد، فهنا أيضا لا يوجد أي إستنكار يُذكر لتحليل رسولك للزّنا... فكيف توفّق بين الأمرين؟
ولمزيد سحق إدّعائك، سأذكّرك بشيء آخر ورد في صحيح البخاري: "حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا إسماعيل بن علية قال حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل القرية قال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم (فساء صباح المنذرين) قالها ثلاثا قال وخرج القوم إلى أعمالهم فقالوا محمد قال عبد العزيز وقال بعض أصحابنا والخميس يعني الجيش قال فأصبناها عنوة فجمع السبي فجاء دحية الكلبي رضي الله عنه فقال يا نبي الله أعطني جارية من السبي قال اذهب فخذ جارية فأخذ صفية بنت حيي فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير لا تصلح إلا لك قال ادعوه بها فجاء بها فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال خذ جارية من السبي غيرها قال فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها فقال له ثابت يا أبا حمزة ما أصدقها قال نفسها أعتقها وتزوجها حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم فأهدتها له من الليل فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروسا فقال من كان عنده شيء فليجئ به وبسط نطعا فجعل الرجل يجيء بالتمر وجعل الرجل يجيء بالسمن قال وأحسبه قد ذكر السويق قال فحاسوا حيسا فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم". (صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب ما يذكر في الفخذ) هذا ولا أظنّك تجهل أنّ محمّدا بن آمنة كان قد قتل زوج صفيّة بنت حيي وأباها وأخاها في نفس غزوة خيبر تلك وأنّ من طلّقها زوجها أو مات لا يحلّ الزواج منها ثانية إلا بعد قضاء فترة العدّة، بغرض إستبراء الرّحم... فكم كانت عدّة صفيّة حسب الحديث المذكور، وأحاديث أخرى غيره، يا عبد الله أغونان؟ وهل هناك من الصّحابة من إستنكر دخول محمّد بصفيّة دون عدّة أو إعترض؟ لا. لماذا؟ لأنّ الأصل في الشّيء أنّ الفاسد أخلاقيّا لا يعترض على الفساد الأخلاقي ولا يستنكره وإلاّ فسيكون منافقا.
ثالثا، أمّا إشارتك إلى أنّ هذه الحادثة لم يستنكرها حتّى "المنافقون"، ولعلّك هنا تقصد غير المسلمين، أو "المشركين" حسب المصطلح الإسلامي، فقول بائس لسبب واحد وهو أنّه لا يخفى على أحد أنّ "التاريخ يكتبه المنتصرون" وبما أنّ المنتصرين بحدّ السّيف هم المسلمون، فهم الذين كتبوا لنا ما نعرفه عن كلّ شيء، من الجاهليّة إلى جميع فترات التّاريخ الإسلامي الهمجي. وإلاّ لكانت صورة الفترة المسمّاة بـ"الجاهلية" معروفة لنا ولرأينا بالأدلة والبراهين أنّها كانت أحسن من زمن محمّد بن آمنة بكثير، وأنّ وأد البنات لم يكن إلا خرافة إسلاميّة وأنّ النّساء كان لهم وزن وقيمة ولكان بإمكاننا قراءة سور من وحي مسلم بن حبيب (الذي سمّاه محمّد بن آمنة بـ"مسيلمة الكذاب") ومقارنتها بهلوسات كاتب القرآن، إلخ. فتعلّة أنّ المشركين لم يستنكروا شيئا من هذه الحادثة تعلّة فارغة لا معنى لها أصلا، لأنّ أصحاب المصنفات من المسلمين شوّهوا صور "أعدائهم" إلى أبعد الحدود ولم ينقلوا لنا شيئا ذا قيمة ومصداقية عنهم. وحتى لو كان هناك إعتراض أو إستنكار من طرف "المشركين"، فمن كان سينقله لنا؟ مسلمون مثلك، يا عبد الله أغونان، مسلمون مثلك يكذبون لتجميل دينهم...
أظنّ أنّ ردّك قد وقع نسفه بكامله، فهل من تعلّات أخرى تقدّمها لتبرئة رسولك ممّا علق به من إنحطاط أخلاقي وفضائح؟
---------------- الهوامش: 1.. مقال "محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات": http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415585 2.. مقال "قصّة كنز بني النّضير وتحليل للنّزعة الإجراميّة عند نبيّ الرّحمة محمّد بن آمنة": http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=389393 3.. مقال "الزّنا الشرعي بين آيات محمّد بن آمنة وفتاوى جهاد المناكحة لمحمّد العريفي": http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=378935 4.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّنته: http://utopia-666.over-blog.com 5.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية": http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات
-
خواطر لمن يعقلون - ج17
-
فصول من مغامرات عاهات الثورات الزائفة: رئيس الجمهورية التونس
...
-
محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: شيطان محمّد الذي أسلم – ج1
-
محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: شيطان محمّد الذي أسلم – ج2
-
خرافات إسلاميّة: علاقة محمد بن آمنة بالشيطان بدأت عند ولادته
-
رسالة إلى المصريّين المسلمين: قرآنكم يُورّث أرض مصر لبني إسر
...
-
أيّها المسلمون، عدم إعترافكم بشرعيّة وجود دولة إسرائيل تكذيب
...
-
أعينوا إسرائيل على تأسيس دولتهم من الفرات إلى مصر، إن كنتم ف
...
-
لاموسوعة بيضيبيديا - مقال حول معارضة القرآن
-
تونس ثلاث سنوات بعد ثورتها البائسة: حين تُرفع صور رموز الإره
...
-
خرافات إسلامية: أين ضاعت آيات رضاعة الكبير أيّها الأحبّاء ال
...
-
السّورة التي سقطت من قرآن محمّد بن آمنة
-
خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضا
...
-
خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضا
...
-
خواطر لمن يعقلون - ج16
-
خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضا
...
-
خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضا
...
-
خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضا
...
-
منطق ماعز ولو طارت: فضح الأكاذيب في إنتقادات سامي لبيب – ج4
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|