لطفي حداد
الحوار المتمدن-العدد: 1262 - 2005 / 7 / 21 - 08:55
المحور:
الادب والفن
فكّوا القيدَ الصدئَ الموجِعَ
أعطوه بعضَ الماء ليشربَ،
قدّمْ يا سفّاحُ له خبزاً
اِبتعدوا عنه
كي لا يختنقَ،
وليخرجْ من زنزانتهِ
رجلٌ لا يعرفُ عنفاً
يا جلّاديه كفّوا عن
إرهابِ الصِّدِّيقِ
اغتسلوا من دمه
كي تغفرَ أمواجُ البحر لكم
شبحٌ بمعالم َ باهتةٍ غامضةٍ
كالصوفيّ يصلّي في صومعة
ينـزفُ مثلَ نبيّ مُحتَضَرِ
أتخيّلُه زكريّا في المحرابِ وقوفاً
وسجوداً،
يوسفَ في البئرِ وشعباً
لا سنبلَ يقطف
سبعَ سنين عجافاً،
أتخيّلُه عيسى في بستانِ الزيتونِ
حزيناً يُسْلمُ حرّيتَهُ
لإله الزيتون وحبّات المطرِ
في زهدٍ
يتشمّس في ضوءِ حقيقتهِ
حرّاً يتدفّق حزمةَ نورٍ
يصرخُ فيه الجلّادُ
كما نبحَ الكلبُ بريقَ القمرِ
يمشي مثلَ "ابْن العمّ" وحيداً
في الليلِ الدامسِ
"يسجنُ سجّانيه"
يصلبُ أياماً خاويةً
يلهثُ خلف خُطاه الوقتُ
فيحترفُ العزلةَ
مرتحلاً في منفاه الأجردِ
يسترجعُ طلّاباً ودروساً
طرقاً وتحيّاتٍ
أفئدةً وعيوناً
تتجمّع دمعتُه في خاصرةِ العين
وتأبى أن تسقطَ
كالفارسِ مجروحاً يمضي
لا يترجّلُ
..........
أشرعةٌ ظمأى
وطنٌ مختصَرٌ في قهْرٍ أعمى
سَجنٌ، قتلٌ
إرهابٌ، تعذيبٌ، سلبٌ...
يقتحمُ الذاكرةَ الشَّابَتْ
فرجُ الله الحُلْو
وحرقٌ بأسيدٍ، تذويبٌ
محوٌ للاسمِ وللجسدِ المائتِ، والأثرِ
يقفزُ في الصورة شيخُ المعزولين
رياضُ التركِ
كشجْرةِ تينٍ
مرميّاً في قبوٍ منفردٍ عشرينَ ربيعاً وشتاءً
يبني من حبّات العدس السوداءِ
بقايا وطن مبتَسَرِ
...............
سجنٌ، قتلٌ
إرهابٌ، تعذيبٌ،
سلبٌ، حرقٌ،
تذويبٌ،
تشويهٌ، سحقٌ،
محوٌ، ....
حتى يُطلبَ منكم كلُّ دمٍ بارٍّ
منذ القرنِ العاشرِ للإرهابِ
إلى القرن الخمسينِ لفجْر الحرّية
***
في الزمَنِ المنتظرِ
في "سنواتِ القمعِ الأسودِ"
أخجلُ
أطرقُ رأسي
ماذا
تفعلُ يا وطني بالشرفاءِ
***
يهذي:
لنْ تَسطيعوا
أن تمحوا الحقّ/ الصدقَ/ الرحمةَ
حبّ الأرضِ
شعورَ الرجل المسكين بتربتهِ
حُلُمَ المنْفيّ بعودتهِ
تَسّاقَطُ شُهْبٌ
يرتفعُ الحقلُ حصاداً
لكنْ لا يفنى
حلُمُ المنفيّ بعودته الزرقاءِ
***
يهذي:
يا أبناءَ الأفعى
أين تهربُ أعينكم من وجهِ الله
سرقتمْ بلدي ورغيفَ الخبزِ ورائحةَ النعناعِ
تجفّفُه أمّي
أيّام الصيفِ
سرقتمْ ضحْكاتِ الفقراءِ
وأُغنيّاتِ البسطاءِ
.................
ارتحلوا الآنَ
ابتعدوا الآنَ
"اْلغضب الساطع آتٍ"
"وأنا كلّي إيمانٌ"
سأطوفُ على أبوابِ زنازينِ الموتِ
وأفتحُها واحدةً واحدة
سأبشر مأسوري الحرّية
بالفرَح القادمِ
بالشمسِ الحمراءِ
***
سيأتي الفجرُ
ولا بُدّ
سيأتي الفجر
........
...........
يتمتمُ
يهذي....
ثمّ –وحيداً-
يُسْلِمُ روحاً عابقةً
في الأرجاءِ
#لطفي_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟