|
حرب الأرهاب ضد الأنسانية
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1262 - 2005 / 7 / 21 - 12:38
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الحرب التي تشنها التنظيمات الأرهابية المتطرفة التي تتخذ من الدين الأسلام وتعاليمه السمحاء برقعاً وستاراً لتمرير أفعالها ، لاتؤثر في جدران السلطات ولاالأنظمة الغربية التي تزعم انها تحاربها ، وهذه الحرب موجهة ضد المدنيين والأبرياء الآمنين دون غيرهم ، وبالتالي هي حرب موجهة من هذه التنظيمات المتطرفة التي توفرت لها كل مستلزمات القوة والأسناد الى الدفع والتغذية المعنويين ، هذه الحرب موجهة ضد الأنسانية بشتى صورها ، وأن الجرائم المرتكبة رغم بشاعتها وكارثيتها بحق الأنسانية لم تغير المسارات السياسية للدول ولم تستطع أن تجعلها تعيد النظر في أقتصادها أو في مسارات أنظمتها ، كما لم تستطع أن تقنع أحداً بأنها موجهة ضد السلطات والحكام دون الجماهير المدنية . غير أن مايلفت النظر أن وراء تلك الشبكات الأرهابية حكام دول وتنظيمات سياسية ومؤسسات أعلامية وشخصيات لاتشعر بأدنى خجل حين تشير بشكل غير مباشر مساندتها الى هذه التنظيمات الأرهابية بحجة الأنتصار الى الأسلام تارة والعروبة في احيان أخرى ، مع انها تمارس الشيزوفرينيا السياسية في الموقف المتناقض ، حين تزعم التزامها بحقوق الأنسان ومحاربتها للأرهاب من جهة ، وتغذيتها لهذه التيارات الأجرامية التي أخذت تنتشر في المنطقة العربية وتتفرع منها منتشرة مثل الوباء من جهة أخرى ، وفي موالاتها وحرصها على مد الجسور مع الدول الأوربية والأحتماء بعلاقتها وصداقتها تارة ، وفي تحريضها ودفعها هذه التنظيمات لأيقاع الأذى والخراب في بلدان أوربا نفسها . هذه التنظيمات تجد لها من يساندها من الصحافيين والفضائيات العربية التي تتكأ على مساند أجنبية ، وتستقوي بالديمقراطية الأوربية ، وتحتمي بالقوانين الأوربية ، وتدعو الى تمجيد قتل الأبرياء ، وتشيد بالقتلة وبالمجرمين تحت زعم تمجيدها للأسلام والمسلمين ، وهذا السلوك المنحرف يعبر عن مدى الأنحطاط في الممارسة السياسية ، بالأضافة الى كونها تعبر عن أزمة نفسية وأخلاقية في أعتمادها اساليب غاية في الجبن والخسة حين تلجأ الى الخديعة والمخاتلة وأستغلال أنسانية الاخر في المواجهة ، حيث تستغل الفسحة التي توفرها هذه الدول لبعض العرب والمسلمين ممن ضاقت بهم سبل العيش في بلدانهم ولم يجدوا منفذا سوى هذه البلدان التي تحترم حقوق الأنسان وتمنحه جنسياتها وتسهل له عمليات التنقل بين بلدانها ، فيتم استغلال هذه الفسحة أبشع استغلال للضغط على هذه البلدان لأعادة النظر في تواجد العرب والمسلمين في بلدانها أو الضغط عليهم والتشديد في العمل والدخول والتواجد ، كما انها لم تزل تتخذ من عدة شعارات براقة ليس لها أي درجة من حقيقة في الواقع حين تتخذ من غطاء مطالبتها برحيل الأحتلال ما يدفعها لتقديم الضحايا من الأبرياء سواء من المدنيين من اهل تلك البلدان ومن شتى الأديان ، او من البهائم العربية المخدوعة التي يتم ارسالها الى الموت كأي بهيمة تموت وتقتل غيرها ، مع أنها تعرف علم اليقين انها تستطيع ان تصطف مع القوى التي تطالب برحيل القوات الأجنبية وفق القوانين الدولية ومايمليه المجتمع الدولي في هذا الخصوص ، غير انها لاتقدم البديل ولاتعرف البرنامج الذي يمكن ان يحل كدليل على انها تتخذ من هذا الشعار وسيلة لكسب المتعاطفين مع مبدأ رحيل الأحتلال وهو مبدأ عام تطالب به جميع القوى الوطنية وفق مصلحة العراق ، ولكن هذه التنظيمات تبالغ بالمزايدة في أظهار شعاراتها وفق هذا الأساس لتغطية حقيقة ماتريد للعراق وتحلم به في وقوعة تحت رحمة نظام متخلف وبدائي مثل النموذج الأفغاني في عهد الطالبان ، وهو مايرفضه العقل والمنطق والمستقبل والواقع العراقي . صحيفة عربية صفراء منبوذة من العرب قبل الأجانب تشيد بالقتلة وتمجد بالأرهاب وتتباكى على المجرمين الذين تدعو لهم بالثواب والمزيد من القتل والخراب والموت والتفجيرات وتسمي المعتوه الأرهابي بن لادن بالشيخ الجليل ، صحف عربية تصدر بلغة عربية وبتمويل من دول كافرة وأجنبية وتطبع في مكائن طباعة أجنبية وصنعت بأيد كافرة ولها مقرات في هذه الدول التي تدعو لقتل ابنائها ، هذه الصحف تمجد الدكتاتوريات وتجمع كل الأقلام التي تعودت على منح الطغاة القاب رفيعة ، وتجمع كل حثالات الناس بقصد تنظيف وجه الطاغية وتمجيد الزمن الدكتاتوري ، فأي خلق وقيم تجسدها هذه الصحف وعقلية القائمين عليها ، وتقوم فضائيات عربية تستمد ديمومتها من الغرب وتحتمي بأعلام غربية تحتل جزء من أراضيها وتستظل بفيها وتؤدي لها التحية كل يوم ، وتزعم انها تدعو لحرية الفكر والديمقراطية وتجعل من مساحتها التي وفرتها الدول الغربية بساطاً للتنظيمات الأرهابية ووجها قبيحاً لتجميل صورتها في المنطقة المتخلفة من عالمنا العربي ، لتساهم في أعماء العقل العربي وتحرض على تمجيد المنحرفين من عقليات أرهابية ، وتمجد المجرمين الذين يمارسون القتل والتخريب وقتل الأبرياء وتبيح لنفسها نشر غسيلهم وبياناتهم وأفلامهم التي تخصصت بالقتل ذبحاً أو بالرصاص لتعبر بذلك عن لغة يتم اعتمادها أبداً في هذه البلدان التي أنتشرت فيها دعوات الموت بأرخص الأثمان كمكسب تحققه هذه التنظيمات التي تنشر السلاح والمتفجرات بين الناس مثلما تنتشر الأشجار والأنهار في أوربا . وأكيد أن ممارسة الأفعال الأرهابية المتمثلة في تفجير عربات السكك الحديدية وعربات المترو الأنفاق أو تفجير البنايات ، سيولد عدداً من القتلى لايحصى وسيولد الحزن والمرارة في العديد من العوائل التي ستفقد اولادها وأحبتها ، وبالتأكيد أن من بين هؤلاء العديد من الضحايا ممن كان يساند قضايا أنسانية ، هذه العمليات الأجرامية ستولد الكراهية والمقت لدى الناس ، وستنتشر كراهية الناس لهذه التنظيمات وتنسحب على الدين الأسلام مادامت هذه التنظيمات الأرهابية تتخذ منه شعاراً وستاراً وغطاء لتمويه جرائمها . وأذ تلجأ هذه التنظيمات الى أساليب يأبى الأنسان السوي ان يلجأ اليها ، كما يخجل الأنسان أن ينحرف اليها في أعتماد الغدر واستغلال الحماية وماتوفره القوانين في البلاد الأوربية لتطبع في ذاكرة الناس أن بلداننا تلجأ الى الأساليب الخسيسة في المنازلة ، وأن الأرهابي مجرد شخص مخادع وجبان بالرغم من عدم تحديــد قوميته أو دينه أو أنتسابة لمجتمع مثل باقي البشر ، وهذا اللجوء المخادع وأستغلال الآخر لأيقاع اكبر الأذى به غيلة وغدراً صار منهجاً من مناهج العمل بين هذه التنظيمات ، كما صارت مسلمة تؤكدها وتكررها اكثر من مرة في عملياتها وجرائمها التي تتفاخر بها . وأكيد أن النتائج المروعة لتلك الأفعال ستولد رد فعل وكراهية شديدة ضد المجتمعات التي جاء منها الأرهابيين والقتلة ، وسيولد رد الفعل الذي سيتضرر منه بالتأكيد أبرياء آخرين وعوائل عربية أو مسلمة تتخذ لها من الدول الأوربية ملاذاً ووطناً ، بعد ان عز عليها الوطن وتقطعت بها السبل ، وستلقى هذه العوائل من التطرف ورد الفعل ما يحيل حياتها الهانئة والوادعة الى جحيم لايطاق وحياة قلقة وترقب مستمر ، وهي على العموم من المجتمعات العربية التي ابتلاها الله ليس بالتخلف والجهل والفقر ، وانما بأنظمة شمولية وحكام مستبدون وكبت للرأي والرأي الاخر بالأضافة الى تنظيمات متطرفة تعبر عن نمط من الرغبات الحيوانية لدى بعض من تعرف على قشور الأسلام ليوظفها لترجمة رغباته هذه الى أفعال من خلال أستغلال السذاجة والغباء وتردي الثقافة والفهم وقصور الأدارك لدى بعض الشباب الذين يتم أستغلالهم أبشع استغلال . ويشهد العالم المتمدن اليوم هجمة بربرية من عقول متخلفة توفرت لها ظروف الأنضاج لتقيء افكارها بقوة السلاح واليد ونصل الخناجر على مجتمعات لاتتجانس معها ، تفهم الحياة في فناء الاخر وفي ذبح الكلمة ومحاربة الديمقراطية ، تفهم الحياة غالب ومغلوب وذابح ومذبوح ، وتفهم الدين لحى وثياب ومسابح ، وتفهم الطقوس غدر وخسة ومخاتلة وأغتيال وأستغلال . وهاهم يرفعون شعاراتهم التي تصرخ بأصوات مبحوحة ان البرابرة قادمون ، لايفرقون بين الرضيع والمقاتل ولابين الكادح والمتصدي . وكدليل على السادية والأنحراف الذي تجذر في عقــــول قيادات هذه التنظيمات تلذذها بألم الناس ، وفرحها بما يحصل من موت للأبرياء ، وأحسب أن من تجتاحهم تلك الفرحة وهم يحتمون في دول الغرب من غضب الناس ، انما يمارسون قمة الأنحراف العقلي والنفسي والسياسي ، وبالتالي فهم أكثر خطراً على أنفسهم من غيرهم ، وتلك العقول بحاجة الى تقييد ومعالجة ، ودون تلك الأجراءات ستبقى سائبة تعاود التحريض وممارسة القتل بيسر وبتلذذ وسهولة . أن ديمومة الأسباب التي تتوفر للتنظيمات الأرهابية سبباً من أسباب تكرار الكوارث الأنسانية والهجمات الأرهابية التي تشنها التنظيمات الأرهابية ، بالأضافة الى وجود عوامل المساندة من العقول المريضة والمنحرفة التي تمجد القتلة وتدعو لمزيد من القتل وتمارس الأعماء في الذهن العربي لتزيدة تخلفاً وأفقاراً وأنحطاطاً حين يتم توظيف الجسد البشري وتويله الى كتلة من الموت الذي يقتل الآخرين دون تمييز ، الأنسان الذي كرمه الله تعالى بالحياة وحباه وجعله متميزاً بقوله (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقنهم من الطيبت وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )) .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدام أخذنا بقانون القوة فلنأخذه وأعوانه بقوة القانون
-
ياسالم البدراني
-
نداء الى الأخوة في الجمعية الوطنية العراقية
-
رسالة الى الوطن
-
فيلق العراق الاعلامي
-
مرثية الى العامل احمد عبد الأمير
-
الأبيض والأسود
-
نريده عراقيا
-
هولير التي لن يتوقف حلمها ابدا
-
في بيتنا أيراني
-
ماذا يريد الأيزيدية من الدستور العراقي الجديد
-
زمن الخفافيش
-
القتل الخطأ .. القتل الغبي
-
فهمي هويدي يحلل من موقع الظالم
-
السنابل العراقية تصير 71 سنبلة
-
مظفر النواب الساكن في ضمير العراق
-
الايزيدية والدستور¨- القسم الأول
-
المرأة العراقية مساهمة وفاعلة في بناء العراق الجديد
-
فلسطين محطة الصداقة الاولى لشعب كردستان
-
هل نسيتم اهلنا في رفحاء
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|