|
توزيع الأراضي
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 00:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
* في زمن صدام ، لم يكُن من الجائز ، لدوائر البلدية او المالية او غيرها ، أن تُوّزِع قطع الأراضي " المُمّيَزة او التجارية " أو ان تبيعها بالأسعار الرمزية مثل القطع العادية . بل كانتْ تلجأ الى إجراء مُزايدة علنية ، على مثل هذه القطع ، وتبيعها بأعلى سعر ، وتودِع المبلغ ، إيراداً لصالح الدولة . وأيضاً كانتْ هنالك ، ضوابط على المُشتري ان يلتزم بها ، من قبيل عدم تجاوز الأدوار المُحّدَدة في تلك المنطقة وإستيفاء الشروط المعمارية والصحية والأمنية وحتى البيئية والجمالية ... الخ . رُبما لم تكُن الآلية المُتبَعة آنذاك ، مثالية ، او خالية من الشوائب .. لكن والحَق يُقال .. لم أسمع شخصياً ، في مدينة دهوك على الأقل ، طيلة الثمانينيات ، ان حزبياً بعثيا أو مسؤولاً أمنياً أو أحد أقارب المُحافظ او مسؤول الفرع .. قد حصلَ على قطعة أرض تجارية ، له او لأحد أقرباءه ، بسعرٍ بخس أو رمزي . وينبغي ان لا يُفهَم ، ان زمن البعث وصدام ، كان مثالاً لتطبيق العدالة والقانون ، حيث ان " مافيا عائلة صدام " كانتْ متحكمة بِجميع مفاتيح التجارة والإقتصاد ومُحتَكرة لِكُل النشاطات ، ليس في بغداد وحدها ، بل كان لهم وُكلاء في كُل العراق . وكمثال على إستيلاء صدام وزبانيته على مساحات شاسعة ، هو بناء عشرات القصور والمجمعات الرئاسية في جبال سرسنك وإينشكي وغيرها . ولكن لم يكن المُحافظين او مسؤولي حزب البعث الحاكم او الأمن او مُديري الدوائر ، في المُحافظات .. يجرؤون على الإستحواذ على الممتلكات العامة او توزيع الأراضي فيما بينهم !. هذا كان هو الحال ، حين كان العدو الفاشي البعثي ، يحكُمنا . * أما في العشرين سنة الماضية ، حين تبدلتْ الأحوال ، وبُتْنا نحكم مناطقنا بأنفُسِنا .. فأن الأمور تغّيرتْ ، وقامتْ الإدارة الذاتية الجديدة ، بتوزيع الأراضي على الموظفين والمواطنين عموماً ، من الذين لم يستفيدوا سابقاً " إفتِراضاً " . ومن الناحية الشكلية ، فأن الأمر يتُم بطريقةٍ عادلة ، ولكن فعلياً ، فأن فيهِ الكثير من الغُبن والتحيُز واللاعدالة ! . فلقد أصبح روتينياً ، ان يحصل مسؤولٌ أو أحد أقرباءه ، على قطعة أرض مساحتها 200متر مربع ، مثلاً ، وسط المدينة في مكانٍ تجاري ممتاز ، ومواطنٌ عادي ، على قطعة أرض في مكانٍ بعيد يفتقر الى كافة الخدمات . القطعة الأولى تُساوي ما بين200ألف الى 400ألف دولار وحتى ضعف ذلك أحياناً ! ، في حين ان الثانية لاتتجاوز قيمتها بضعة آلاف من الدولارات فقط ! . الأول يبيع القطعة ويغتني فوراً ، ويستطيع شراء دارٍ جيدة .. وليس من النادر ، ان يحصل على قطعةٍ أخرى بعد فترةٍ قصيرة ، في مكانٍ آخَر ! وهكذا . أما الثاني ، فإذا نجحَ في الحصول على قرض حكومي بعد سنين ، فربما يبني غرفتَين بائستَين في ذلك المكان النائي . * المُشكلة .. أن صاحبنا الذي حصلَ على الأرض التجارية وسط المدينة ، وبالطبع تمتعه بإمتيازات وتسهيلات أخرى .. يصُرُ على أن إغتناءه السريع ، شرعي ولا علاقة له بالفساد ، إذ ( ان الحكومة ، هي التي أعطَتْهُ الأرض ) كما أعطتْ لغيرهِ ! . ................................... أعلاه ، مظهرٌ واحد من مظاهِر سوء الإدارة ، والتصرُف بأراضي الدولة بأساليب غير شرعية ، وإستغلال السُلطة لمصالح شخصية . وهو أحد جذور إتساع الهوّة بين الذين أصبحوا أغنياء وبين الذين بَقوا في القاع .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القروض
-
الطبقة الحاكِمة ، تستحق العِقاب
-
الديمقراطي الكردستاني .. الأوَل والأكثر إستقراراً
-
- الإنتفاضة الإنتخابية - للإتحاد الوطني الكردستاني
-
الإنتخابات العراقية .. مَلامِح أولِية 1
-
كُلّهُم .. زِفت !
-
تأمُلات بسيطة
-
الإنتخابات .. وإنتقالات اللاعبين
-
الإتحاد الوطني الكردستاني : هل - ينطيها - ؟!
-
مُقاربات إنتخابية / أُمنِيات صَعبة
-
مُقاربات إنتخابية / في ملعب كُرة القَدَم
-
مُقاربات إنتخابية / مضيف - الشيخ - أهم من المقر الحزبي
-
مُقاربات إنتخابية / سُوق الحَمير
-
مُقاربات إنتخابية / الكُرد في البرلمان العراقي
-
مُقاربات إنتخابية / الإتحاد الوطني الكردستاني على المَحَك
-
مُقاربات إنتخابية : واللهِ وباللهِ
-
مُقاربات إنتخابية
-
الإنتخابات المحلِية التركية .. والعراق
-
الشيوعي العراقي .. نزاهةٌ و تواضُع
-
الزَوْج والحَديقة
المزيد.....
-
تامر أمين…انتقادات للمذيع المصري بسبب تصريحاته بإلغاء الفلسف
...
-
الجزائر تعلن ضبط شحنة أسلحة وإيقاف 21 شخصا بتهمة الانتماء لـ
...
-
غزة: كيف أدى تدمير مرافق الصرف الصحي إلى تلوث ساحل القطاع؟
-
بعد مرور أكثر من 10 أشهر على الحرب.. عباس يعلن عزمه زيارة قط
...
-
مقتل طبيبة متدرّبة يشعل احتجاجات واسعة في الهند: الأطباء يطا
...
-
-سرايا القدس- تعرض مشاهد من استهداف دبابتين إسرائيليتين (فيد
...
-
ضاحي خلفان: غزو الأراضي الروسية ضرب من الجنون.. روسيا هزمت أ
...
-
قناة عبرية تفصح عن -خرق أمني خطير- في قاعدة وحدة استخبارات إ
...
-
عقوبات أمريكية جديدة تستهدف شبكات تجارية لـ-الحوثيين- و-حزب
...
-
-نقل الحرب إلى روسيا-... رهان أوكراني -محفوف بالمخاطر- لتغيي
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|