|
قراءة في سيمياء الصورة
كامل حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 20:56
المحور:
الادب والفن
قراءة في منجز الباحث ذياب شاهين صورة الصحافة والسيمياء كامل حسن الدليمي
في قراءة لـ ( سيماء الصورة) وهو من الاصدارات الحديثة بمنهجية أكاديمية للشاعر والباحث ذباب شاهين الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام في دولة الامارت العربية . حاول الباحث من خلاله ملاحقة الصورة سيميائيا من خلال استعراض في الصحافة الإماراتية وما شكلته الصورة من أبعاد علاماتية متعقبا بذلك ولادة الصورة واشتغالاتها ضمن المتن الصحفي سواء كانت تلك الصورة خارجية ام داخلية فلكل منها أثره على المتلقي موضحا أثر الصورة على المادة وقدرة الصحافي على انتقاء المعبر والمؤثر منها . إن اشتغالات الصورة من حيث تاريخيتها لا تتعدى بداية القرن العشرين – خصوصا في الصحافة العربية- وقد اعتبرت بعد هذا التاريخ الصورة جزءً جماليا يضاف إلى جمالية المادة حسب ما يقول محمود علم الدين في كتابه الصورة الفوتغرافية في مجال النص والصادر في 1981. ولعل أول صورة صحافية صدرت في القاهرة عام 1881في جريدة الأهرام ولا ننكر إن الصورة قد ظهرت في الصحافة الأوربية قبل هذا الوقت بكثير إلا أنها لم تخضع للدراسة والتحليل ولم يتم البحث في سيميائيتها وكونها علامة ولغة تحايث المنطوق . ولو إن هذه الدراسة قد توجهه بالتحديد لدراسة الصورة في الصحافة الإماراتية واستعرضت في متونها تاريخ الصحف في عموم الإمارات، إلا أنها تعد من وجهة نظرنا الدراسة دراسة رصينة في هذا المجال، وقد سبقتها دراسات أخرى في مصر والمغرب ودول أخرى إلا إن دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى حد علمي لم تضع من قبل مثل هذه الدراسة المختصة بالصورة والتحليل السيميائي وتتوجه بها نحو القصدية المدعمة للمتن الصحفي والمتوائمة مع الحدث وتتعقب موضوعه بما يحقق توجيه رسائل ايجابية للمتلقي هدفها الإمساك به لمتابعة المتن إلى نهايته, فضلا عن وجود خطوط مستقيمة بين الصورة فوتوغرافية كانت أم تخطيطية و مضمون المتن لتحقيق العلاقة المتوائمة بين الصورة والعنونة والمتن حتى تشكل أبعادا متكاملة في ذهنية المتلقي من حيث هذه المفردات المشكلة لعموم النص الصحفي إخباريا كان أو جنسا آخر . اشتغل العديد من الباحثين فتعقب (سوسير) وآراءه في السيميائية بوصفها علما مختصا بدراسة العنونة أو العلامة وما تتضمنه من وشيجة ارتباط تلك العلامات مع بعضها ارتباطا وثيقا بمضمون النص أي إن العلاقة القائمة بين العلاماتية والمضمون هي علاقة الجزء بالكل ، ولابد من إن تكون الوشيجة قائمة على أساس علمي بين العلامة وما يتضمنه النص لكن الذي بحث عنه شاهين في كتابه سيمياء الصورة أو تلك الاشارات التي تبعثها الصورة ومدى ارتباطها بالنص . ويعد هذا المنجز من المنجزات النوعية التي تقدم تسهيلات لقراءة النص مهما كان نوعه سيميائيا ذلك إن قراءة الصورة تشبه إلى حد بعيد ما يثيره العنوان من تساؤلات في ذهنية المتلقي ،وعلينا الاعتراف بأن قصورا واضحا في مثل هذه الدراسات النقدية المتوغلة في حيثيات المتن وما نقرأ وما نكتب عن المتون الابداعية عموما لايعدو إن يكون وجهات نظر تتحكم فيها ثقافة ووعي الكاتب ومدى تمكنه من ادوات تفكيك النص بالشكل الذي يقترب من رؤية من انتج هذا النص او ذاك بل حتى مع الصورة ، اذا ما عرفنا إن عدد كبير من نقاد المغرب العربي قد وضعوا حدا فاصلا بين الدراسات السيميائية للمتون وبين سواها مما يمكن إن نسميه انطباعيا ، حتى تمكنوا من ايجاد استقلالية منهجية بين دراسة واخرى. والملاحظ إن الباحث شاهين قد قصد بالتحديد اثر الصورة على المتن سيميائيا ولم يتحدث عن اثر العنونة على المتن وكان الأكثر جدوى لو شملت هذه الدراسة الموضوعين معا . وان قر اءة النص سيميائيا من وجهة نضر صانع النص ذاته هي اكثر دقة اذا ماعرفنا إن ذياب شاهين من الذين اشتغلوا على هذا وذاك معا بوصفه منتجا للنص الابداعي. استغرق الباحث من خلال الفصل الاول والذي عنونه " الصحافة والانشطة الثقافية في دولة الامارت العربية" عن تعريف شامل يقترب إيضاح العلاقة بين الصحافة والعلاقة الصحفية مستعرضا بذلك آراء العديد من العلماء من بينهم اسفالد شبنغر وكذلك ما اورده دافيد لو بروتون محللا ارائهم الكاشفة بين العلاقة بين الثقافة والحضارة وبين العلاقة القائمة بين (الانثولوجيا_ والانثروبولوجيا) مبينا إن هذا التلازم والترابط بين التنوع الثقافي الحضاري وتنوع المجتمعات هو ترابط لم يفقد جدواه (1). ولعلنا لانبالغ اذ زعمنا إن ذياب شاهين قد انطلق في وضعه لهذه الدراسة من أسس علمية واعية بضرورة الإسهام في وضع لبنة أساسية في ما يكشف عن العلاقة بين الصورة في الصحافة واثرها في شدّ المتلقي , وليس بعيدا عن شاهين متعدد القراءات واسع الأفق من ملاحقة مثل هذه الموضوعات الدقيقة التي تكشف عن إمكانية الباحث ومقدرته على محاكاة الدراسات الحديثة المعنية بمعالجة النص الأدبي أو النص الفلسفي أو النص التاريخي ... الخ . وملخص ما اراد قوله في الفصل الأول من بحثه هذا إن الوشيجة بين النص والعنونه هي تمام نفس العلاماتية التي عناها سوسير في ملاحقته لسيمياء النص وتطرق في متن فصله الأول عن الأديب والصحفي في دولة الامارت العربية ومجمل النشاطات الثقافية القائمة هناك لاسيما انه عاش ردحا من الزمن في دولة الامارت.واطلعنا من خلال الفصل الثاني على أرخنة دقيقة للصحافة في الامارات مقارنا ذلك مع الصحافة العربية للبلدان الأخرى وان النشاط الثقافي في أي دولة من الدول انما هو دليل على استقراها أي إن انتعاش الصحافة هو انتعاش للثقافة عموما وإشارات واضحة لاستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي وان استمرار،هذا الاستقرار انما هو تعبير عن الرقي في المجال الثقافي الذي يرصده كم ونوع الصحافة الصادرة في هذا البلد أو ذاك . _____________________ (1) ينظر سيمياء الصورة , ص26
ثم تناول في الفصل الثالث صورة الغلاف على وجه المجلة وعلمية هذه الصورة وفحواها من خلال تلك الاشارت التي تبعثها الصورة مشيرة إلى متن الموضوع وربما كانت الصورة هي التفسر الدقيق والمحتوى وان أثرها على المتلقي لايمكن انكاره فهيمنة الصورة تستدعي المتلقي للمواصلة والتعقب وهذه الحقيقة هي ذاتها التي قصدها عناها المشتغلين على سيمياء العنوان اذا وضعنا الصورة مكان العنوان، وان التعبيرات اللغوية والاشارية هي تدعيم للمتن. واستغرق في متن الفصل الثالث في ضرب الأمثلة على ارتباط العنونة بالموضوع من خلال استعراض بعض الصحف الإماراتية ثم وضع عنوانا ( أغلفة الملاحق الثقافية درس من خلاله اثر الصورة التي تتصدر أغلفة الملاحق وارتباطها بالموضوع من جهة استجلابها للمتلقي والإمساك به، باعتبار إن الصورة هي الإشارة الأولى التي تبعث برسائلها الايجابية او السلبية لإيصال المتلقي إلى الهدف المنشود . ثم عرج في الباب الثالث ومن خلال الفصل الأول عن شرح للصورة وانواعها واحجامها ومواضعها من الصحيفة فهناك صورة على الغلاف وصورة داخلية تتخلل الموضوعات ولكل صورة من هذه الصورة مهما كان مكانها اشاراة معينة تبعث بها إلى المتابع ليتعقب الحدث إلى نهايته . وعلى اية حال لايمكن لنا الاحاطة بما تضمنه هذا البحث العلمي بهذه العجالة وان شاهين قد شكل في طرقه لهذا الباب محفزا للاخرين لولوج مثل هذه المباحث التي تستند الى النظريات العلمية في معالجة المتون ولسنا في معرض التحليل والنقد لمنتج نحسبه نوعي ومهم بل للاشارة وحسبنا ذلك ، مع تقديرنا العالي لحجم الجهد الكبير والمبذول وتمنياتنا لصديقنا الباحث ذياب شاهين بالتوفيق والى مزيد من التألق والإبداع .
#كامل_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|