|
طنطاوى – الرجل الذى لم نعرفه !
شريف عشري
الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 08:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فى أحيان كثيرة قد نخطئ الظن ونسيء التقدير بشخص ما أو موقف معين ...وقد يرجع هذا الخطأ في التقدير إلى بدايتنا من افتراض أو من مقدمة خطأ أو إلى قصور بالإلمام بالظروف المحيطة أو إلى قصور في البيانات والمعلومات المتاحة أو لكل الأمور معا ... والحقيقة أن سوء التقدير لموقف أو لشخص - لدى الكثير منا- قد أصبح أسلوب حياة أكثر منه وقوعا في الخطأ من دون قصد ..بمعني آخر أن سوء الفهم وبالتالي خطأ التقدير قد أصبح العرف السائد بين المواطنين المصريين فى معظمهم .. ما دعاني لكتابة مثل هذه المقدمة هو تحليل تلك الظاهرة التي اصطدمت بها شخصيا في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الكافيهات والمنتديات بل وفى المواصلات العامة وفى الشارع ... وسوف أتناول موقفا واحدا ينطوي على سوء تقدير لرجل أنا أراه من أفضل الرجال بالرغم من أن العديد ينظرون إليه على أنه خائن وباع مصر للإخوان ...وهذا الشخص هو سيادة المشير / طنطاوى .... قد يتساءل البعض وينتقد طنطاوى ويقول : لماذا لم يفعل طنطاوى كما فعل السيسي ؟ لماذا لم يهاجم الإخوان كما هاجمهم السيسي ؟ لماذا فضل انه يعطي لهم البلد طوعا إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا ؟ الإجابة بسيطة جدا : وتكمن فى اختلاف الظروف التي عمل فيها طنطاوى آنذاك عن تلك التى يعمل فيها السيسي الآن ...بمعنى آخر : الوقت والظروف لم يكونا أبدا ليسمحا لطنطاوي لأن يتصرف مثل السيسي أو لأن يقول اى شيء أو يفعل اى شىي أفضل مما فعل ...الوقت والظروف دعياه فقط للتحرك على مستوى سري وتطبيق خطط الخداع الاستراتيجي ، بل وتفعيل أسلوب الكر والفر كأسلوب عسكري ينبغى ان يتبع فى مثل هذه الحالات الحرجة . فسقوط الداخلية واستباحة أمن الدولة ولجوء الشعب إلى الدفاع عن و حماية ممتلكاته بل واستحداث الفجوة الأمنية من قبل الإخوان ولجوءهم إلى نشر الفوضى بطريقة منظمة وممنهجة ، وقتلهم المتظاهرين لإحداث مزيد من الإرباك للموقف ولاستعداء قطاعات الشعب للداخلية وللجيش خصوصا بعد انتشار شعار "يسقط حكم العسكر "..ناهيك عن تجول الأسطول البحري للناتو فى البحر المتوسط ونية أمريكا الواضحة فى دعم الاخوان بل واقتحام مصر تحت اى مبرر ....كل تلك الظروف هي الظروف التي كان يعمل في ظلها طنطاوي فلم يكن أمامه بدائل كثيرة للحل سوي انه يطبق خطة البيدق السام وهى التضحية بشيء فى الأجل القصير فى مقابل الحصول على شىء أكبر فى الأجل الطويل ...فكانت التضحية بالحكم فى مقابل الحفاظ على الدولة ككل ثم استرداد الحكم فيما بعد وذلك بعد تطبيق إستراتيجية للخداع متوسطة المدي استغرقت تقريبا ثلاث سنوات ... إذن الرجل لم يخطئ الرجل ظلم والتاريخ سوف ينصفه وأمور كثيرة سوف يتم كشفها كما تم الكشف عن نشطاء السبوبة وزعيم اليوتوبيا السيد/ البرادعى .... لكن لكل شىء تحت السماء وقت . الضغوط على مصر سواء فى الداخل او من الخارج كانت فوق الوصف ... طنطاوى ببساطة اتبع سياسة العصا والجزرة مع الاخوان . تخيل لو أنه تكلم او فعل مثل السيسي .. وانت كانت داخليتك واقعة ومافيش أمن دولة علاوة على وجود عداء بين الشعب وجيشه وداخليته علاوة على وجود فراغ امني كبير ....تخيل لو اصطدم طنطاوى بالاخوان كان ممكن وقتها الاخوان يولعوا البلد ويحرقوا مصر ازاى تخيل مدى الصدام الذى كان ممكن ان يحدث بين الجيش والشعب نتيجة استقطاب الاخوان للشعب وخداعهم له ...تخيل لو الاسطول الامريكي وحلف الناتو هاجموا مصر خصوصا انهم كانوا مرابضين فى البحر ومتأهبين لعمل أى كارثة والدخول لمصر تحت أى حجة كما فعلوا مع ليبيا ...تخيل ....وتخيل ....الخ ....ظروف طاحنة استدعت التروى والتعامل مع الواقع بحكمة وتخطيط وخداع على أمد طويل وقد تم استرداد الكرة فى الملعب تقريبا بعد 30 يونيو وبالأخص بعد استقطاب الشعب نفسه وادخاله فى المعادلة السياسية كغطاء قوى لاسترداد مصر مرة أخرى وسلب الحكم من الاخوان والعهدة به لقبضة الشعب ..هذا الشعب الذى كان يؤمن بالإخوان بل كان يصدق كل لحية وكل جلباب وكل من قال : " قال الله وقال الرسول" ...كان لازم الناس تجرب وتفهم...لذلك فالشعب الذى خدع من قبل جماعات الإسلام السياسي لمدة تزيد عن ثمانين عام هو هو نفسه الشعب الذى فهم اللعبة ودحر قوى الشر بنفسه بخروجه بالملايين يوم 30/6 ... فلولا التجربة والخطأ trail & error ما تعلم الشعب شيئا وظل في تيهه وتخبطه إلى أن يفنى مع سقوط الدولة ...فالتجربة أتاحها طنطاوي والخطأ أدى إلى استفاقة الشعب من غيبوبته الطويلة ..والمحصلة تجريد قوى الظلام من سلطة الحكم واستردادها لحساب إرادة الشعب مرة أخرى . ===================== شريف عشري – خبير إقتصادي
#شريف_عشري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقيقة الصراع من أجل السلطة فى مصر
-
أهمية الإتضاع والتواضع
-
سكريبت ولينك الحلقة الأولى من برنامجنا -الإقتصاد للجميع
-
المجتمعات الساكنة فى مواجهة المجتمعات الديناميكية
-
تعالوا نتعلم من القطة درس
-
لا مغفرة بدون سفك دم
-
أستاذ العرائس
-
ضربات ولعنات وصلوات
-
الحرية كما أفهمها
-
تحديات الإقتصاد المصري ما بعد 30 يونيو
-
جوهر الإنسان وجوهر الله
-
السعادة والرضا بين الإسلام والمسيحية
-
إنتحار قطر
-
فوبيا العسكريين
-
الفعل ورد الفعل
-
لماذا أنا متفائل ؟
-
حتمية التقشف
-
مقومات التخلف
المزيد.....
-
صور بعض قتلى فاجعة اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية في واش
...
-
شاهد كيف ردّ ترامب على سؤال صحفي بشأن رفض مصر والأردن اسقبال
...
-
سموتريتش: إذا تضمنت المرحلة الثانية من الصفقة إنهاء الحرب دو
...
-
من هو محمد الضيف الذي أعلنت حركة حماس مقتله؟
-
تحليل: عندما توجه الجزائر بوصلتها نحو أمريكا كيف يستجيب ترام
...
-
الكشف عن 3 حوادث تقارب جوي سبقت كارثة اصطدام الطائرتين في وا
...
-
إنقاذ 60 شخصا في حريق شمال غربي موسكو (فيديو)
-
للمرة الخامسة على التوالي.. موسكو تسجل رقما قياسيا لدرجة الح
...
-
رئيس الأركان الروسي يتفقد قوات -الشرق- في دونباس (فيديو)
-
مصر.. حريق ضخم يلتهم السفن في السويس
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|