|
لماذا أقاطع..1-2
محمد دوير
الحوار المتمدن-العدد: 4450 - 2014 / 5 / 11 - 21:02
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
لن أنظر لأي حدث تمر به البلاد بعيدا عن البحث الوجودي المتعلق بدور الحركة الاشتراكية المصرية فيه..ذلك أن مهمة كل القوي السياسية ترتكز حول مدي اسهامها بدور ما وفعالية محددة نحو " فرملة " أو " تدوير " عجلة الحراك السياسي والثوري. وفي تصوري أن الاشتراكية " كفكرة ، وكمضمون ، وكمسار ، وكهدف " هي نزوح ثوري تحرري يهدف الي بناء مجتمع جديد ، تسوده قيم العدل والمساواة والاستقلال الوطني والتنمية المستدامة.. وتلك الأفكار انما تفترض علي الاشتراكيين المصريين نمطا معينا من الآداء السياسي تحكمه رؤية واضحة ومحددة تضع في اعتبارها التحديات الراهنة والمستقبلية، بالتوازي مع قدرات الاشتراكيين المصريين أنفسهم في تلبية احياجات الواقع لمشروعهم السياسي. .. وانتخابات الرئاسة المصرية الثانية " السيسي / صباحي " تأتي في ظرف مختلف وتحمل دلالات مغايرة تنبيء أكثر من الانتحابات الرئاسية الاولي " مرسي / شفيق " بمفاهيم وتصورات مختلفة تماما.. تفرض علينا – مجبرين – الوقوف علي حافة منزلق خطير إما أن نكون في قلب الحدث القادم أو تقذف بنا اختياراتنا الي حيز المجهول ،وتعرض الموجة الرابعة للحركة الاشتراكية المصرية لمزيد من التخبط والتشرذم بسبب صراع سياسي راهن خارج حدود فعلنا الاشتراكي الثوري. كان صراع مرسي /شفيق يدور حول دور الوطن في عقل الأمة المصرية، وأهم نتائجه – في تصوري – هو موجة 30 يونيو التي صارت ضرورية بعد انجاح مرسي بتوافق دولي وداخلي وبتمرير من مجلس طنطاوي.بعد تطهير مؤقت للجغرافيا السياسية المصرية من الإخوان وانزواء مؤقت أيضا للحركة السلفية تحت عباءة حملة السيسي لم يتبق في المشهد سوي أمرين الاول اعادة تجديد لرمزية النظام السابق تمثلت في السيسي، واستقطاب جزء ليس بقليل من القوي التقدمية ، شكل اضافة مهمة لحملته التي تقوم علي رموز نظام مبارك في الاقاليم.. والثاني تحول نوعي مهم في رؤية الثورة المصرية لمصيرها ومسارها فقررت الثورة – متمثلة في صباحي وحملته الانتخابية – أن تخوض معركة انتخابية يحكمها صندوق تصويتي علي المستقبل، وليس فقط علي من هو الرئيس.هنا جري شيء مهم جديد..الأول أن رجلاً عسكريا بدرجة وزير دفاع قرر بناء علي رغبة شعبية وموافقة المجلس العسكري علي خوض انتخابات الرئاسة وهو لم يحدث في السباق الأول ولا في تاريخ مصر الحديث..ومعناه أن القوات المسلحة اصبحت شريكا مباشرا وواضحا دون اخفاء في الحياة السياسية المصرية ،وليس الحياة الوطنية المصرية .. وهذا التحول خطير وينذر بتداعيات أخطر.. فصعود عبد الناصر للحكم كان بحركة ضباط قادوا البلد بوضوح لا لبس به بدأ من كونه انقلابا .. وانتهي بعد شهور الي تأكيده كثورة اجتماعية حقيقية من حيث النتائج ، ثم حكم السادات ومبارك بتزكية من رئسيهما السابقين .التحول الثاني المهم هنا هو قرار حمدين صباحي عبر التيار الشعبي الذي يقوده بخوض انتخابات الرئاسة، ثم بعد قليل انتقل من كونه قرارا داخليا يخص أحد مكونات 25 / 30 الي المعبر عن هذا النزوح الثوري ، وهي نقلة نوعية في الرؤية تجعل منه متحدثا باسم الثورة ومعبرا جماهيريا عنها ، وخطورة هذا الموقف أن وضع الثورة في ميزان التصويت ، أي حدد لها مسارا واحدا ووحيدا.. بالضبط كما فعل المتأسلمون حينما وضعوا الاسلام في خانة التصويت بنعم علي التعديلات الدستورية.. فصار الانحياز لحمدين هو انحياز للثورة كما صار من قبل الانحياز للسلفيين والاخوان هو انحياز للاسلام.. فلا السيسي يعبر عن الوطنية المصرية التي خرجت في 30 يونيو ، لأن اختزال الوطنية المصرية في شخص أو جماعية يخالف كل قوانين العقل وقواعد السياسة، ولا حمدين يعبر بمفرده عن الثورية المصرية التي خرجت في 25 يناير..فالسيسي شريك أصيل بصفته وشخصه في موجة يونيو ، وصباحي شريك أصيل في 25 / 30 معا.. بغض النظر عن حجم وحدود دوره في كلتا الحالتين. وما يهمني هنا .. الآن .. أين القوي الاشتراكية المصرية من الحدث التصويتي الراهن.. ؟ ولا اقصد من السؤال طبعا .. البحث عن انحيازات الاشتراكيين المصريين مع هذا أو ذاك..ولكن اقصد بالتحديد هل انحاز الاشتراكيون المصريون لأنفسهم أولا قبل أن يفكروا في الانحياز لحالة انتخابية تشير بوضوح الي أنها لا تعبر عن أي مضمون حقيقي نحو دولة العدالة الاجتماعية، فلا السيسي يملك مقومات بناء دولة جديدة ، ولا صباحي ينحاز لرغبة شعبية تضع الثورة في أولويات اهتمامتها الراهنة.هذا علي حد وصف صباحي لنفسه بأنه يعبر عن مباديء الثورة.. وبالتالي نحن أمام المشهد الراهن : مرشح لا يملك رؤية اجتماعية علمية بل يعتمد علي ثقافة الحب والوئام كسلفه مرسي.. ومرشح ليس لديه من الكوادر المنظمة التي تمنحه فرصة حقيقية لنقل المجتمع الي حالة أكثر اتزانا اجتماعيا..وبعيدا حتي عن مفهوم الدولة العميقة ، فصباحي ليس لديه سوي كاريزما خطابية ورؤية برنامجية معقوله .. دون أدوات قادرة علي نقل القول الي فعل طويل الآجل..إذن نحن امام استحقاق دون من يستحق..ومنصب سيظل شاغرا من حيث الدور الي أن يأتي رئيس يملك عمقا استراتيجيا من حيث الرؤية والكوادر والقدرة علي مقاومة فساد الداخل واطماع الخارج.. السؤال الأخير.. أين يقع التيار الاشتراكي المصري في معركة الشعب والوطن الراهنة.. ؟ الاجابة أنه خارج السياق، وخارج الفعل ، وخارج حتي الطموح للعب دور الأن أو غدا.. فقد أدمن لعبة الاختيار بين نظراء ومتنافسين واعتمد علي نظرية الاقرب الي أهدافنا ، وكأن لسان حاله يقول: لن نخرج من هذه الورطة سوي بفهم التمايز بين الرئيسي والثانوي..متناسيا أمرا خطيرا أن حسابات الرئيسي والثانوي لا تصح دونما أن يكون لي دور علي خريطة الواقع السياسي ، مهما كان صغيرا.دون ذلك سنظل نلهث خلف حسابات فرعية ونتحدث في سفاسف الأمور وننشغل بمحاربة مواقفنا لصالح الغير ، ونتوه في معارك وهمية يصنعها غيرنا بهدف تزييف وعي بأن الثورة انتهت .. وأن السيسي هو حامي الوطن وصباحي هو الساهر علي الثورة .. وهنا يدخل اليسار المصري في نفق معتم وآفة قاتلة .. الا وهي البحث عن نجم هووليودي ينقذ البلاد من شر العباد.. وبذلك يبقي الفرد هو محرك الواقع ورمز الوطن أو الثورة ..هذا البطل .. الذي صرنا نحفظ تقاسيم وجهه أكثر مما نحفظ جغرافية وطننا... نحن اذن كاشتراكيين – نشارك في صناعة نجومية اشخاص تشبه نجومية المطربين ولاعبي الكره... نجومية خالية من كل تقييم موضوعي ونقدي وعلمي .. إلا من رحم ربي..... وللحديث بقية
#محمد_دوير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موجز تطور المعرفة العلمية
-
محمد دوير - مؤسس حملة يسار موحد وناشط يساري مصري - في حوار م
...
-
رسالة الي الشباب
-
مقاطعة انتخابات الرئاسة المصرية
-
لينين... في ذكري وفاته التسعين 2-3
-
لينين ..في ذكري وفاته التسعين.. 1-3
-
الذرة .. كمعيار للتقدم العلمي
-
الرابح والخاسر في معركة الوطن
-
وحدة اليسار المصري.. الفريضة الغائبة
-
حملة يسار موحد- مصر- .. ماذا نريد..؟
-
هذه الفرصة الأفضل في التاريخ ل «يسار موحد».. ولكنه يضيعها
-
شهدي عطية : ثلاثية الوطن والفكر والاغتيال
-
شهدي عطية الشافعي : المنظر الشيوعي.. والمناضل الثوري
-
مصر: يسار موحد
-
ماذا فعل بنا المتأسلمون .. ؟
-
وصايا .. للشبيبة الاشتراكية
-
نقد العقل الثوري .. 2- عناصر السلب الثوري
-
نقد العقل الثوري .. 1- هل يوجد عقل عربي ثوري ؟
-
اليسار المصري .. وحدة البحث عن الذات
-
أهمية أن نتثقف يا ناس
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|