أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مجابهة الأصولية الإسلامية (1)















المزيد.....



مجابهة الأصولية الإسلامية (1)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4449 - 2014 / 5 / 10 - 10:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان الراحل الجليل المستشار محمد سعيد العشماوى (1932- نوفمبر2013) أحد أصحاب العقول الحرة والضمائر الحية فى تاريخ الثقافة المصرية الحديثة ، ولذلك هاجمه الأصوليون وطالبوا بمصادرة كتبه مثلما حدث يوم 7يناير92 عندما توجّهتْ لجنة من مجمع البحوث الإسلامية إلى دار سينا للنشر بمعرض الكتاب ، وحرّر أعضاء اللجنة محضرًا أثبتوا فيه التحفظ على كتاب (الإسلام السياسى) وأربعة كتب أخرى كلها من تأليف العشماوى لمصادرتها وهى (أصول الشريعة) ، (الربا والفائدة فى الإسلام) ، (معالم الإسلام) , (الخلافة الإسلامية) أما الأصولى الكبير (فهمى هويدى) الذى منحه اليساريون المصريون صفة ((الكاتب الإسلامى المُستنير)) وأنه ((ممثل اليسار الإسلامى)) إلى آخر تلك الصفات المجانية ، فإنه كتب عن كتاب العشماوى (الإسلام السياسى) مقالا بعنوان (حديث الافك) قال فيه ((عندما يكون الكلام أوله افك وآخره افك ، فهل نتجنى إنْ وصفناه بأنه حديث الافك ، حتى وإنْ صبّه صاحبه بين دفتىْ كتاب ووضع على غلافه عنوانــًا مغلوطــًا (الإسلام السياسى) ؟ (أهرام 19يناير88)
وإذا كانت شهرة المستشار العشماوى بسبب كتبه عن التاريخ العربى / الإسلامى وعن نقده للأصوليين الإسلاميين المُعاصرين لنا ، الحالمين بعودة الزمن للوراء ، فإنه (العشماوى) دافع عن الحضارة المصرية ، خاصة فى كتابه (روح العدالة) الصادر عن دار اقرأ اللبنانية- عام 83. وأسهب فيه عن دور جدودنا المصريين القدماء فى ترسيخ قيمة العدالة من خلال شرحه لمغزى وجود إلهة للعدالة فى مصر (ماعت) وركز على الفرق بين القانون والضمير، وهذا ما فعلته الحضارة المصرية. كما ذكر- فى معظم فصول الكتاب – تأثير الحضارة المصرية على اليونان ثم على الرومان ، الذين نهلوا من الحضارة المصرية وبذلك انتشرتْ فى كل أوروبا.
من بين الكتب التى تناولتْ موضوع (الخلافة الإسلامية) الكتاب المهم للمستشارمحمد سعيد العشماوى الصادرعن سينا للنشر- عام 1990. فى المقدمة أشار إلى أنّ (( الخلافة نظام سياسى وليستْ نظامًا دينيًا وأنها تحتوى كل ألاعيب السياسة ودناياها وكل أخطائها وكل مساوئها)) ولأنه كان يتوقع الهجوم عليه وعلى كتابه ذكر (( إذا قيل أنّ هذا العمل ( أى كتابه ) يُقدّم نفايات التاريخ وأوساخه ، فإنّ العيب لا يكون فى العمل ذاته ولكن فى التاريخ الذى يحمل النفايات ويحتوى على الأوساخ . وقد حرص المؤرخون على أنْ يُقدّموا ما قصدوا به اثبات الأمجاد وتأكيد العظمة. لذلك بقيتْ نفايات وأوساخ التاريخ داخل جسم المجتمع الإسلامى وفى صميم حشاياه)) (من ص5- 8)
وعن ازدواجية المعايير ذكر أنّ كثيرين يخشون من قولة الحق ، مثل أنّ كل من اشترك فى الفتنة الكبرى أخطأ . وأنه لم تكن ثمة اجتهادات بل مطامع . وصار المؤمن التقى حائرًا بين التاريخ السنى والتاريخ الشيعى . فمثلا يُقال إنّ الخلافة الأموية خدمتْ الدين بالفتوحات والغزوات ، ولكن لا يُقال أنها دنّستْ حرمة المدينة فى عهد يزيد بن معاوية. وأهدرتْ حرمة مكة فى عهد عبدالملك بن مروان ، فأباحتْ لجنودها دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ، فقتلوا الرجال ونهبوا الأموال وهتكوا أعراض النساء وفضوا بكارات العذارى . وأنّ هذه الخلافة ضربتْ الكعبة بالمنجنيق مرتيْن فهدمتها فى كل مرة وأنها سمحتْ لجنودها بدخول مسجد الرسول بخيولهم حيث ملأوه بالروث والقاذورات . ورغم ذلك تطالب الجماعات الإسلامية بضرورة عودة الخلافة الإسلامية ، ليعود – كما يظنون – المجد الغابر والعهد الذهبى . ونظرًا لأنّ نظام الخلافة لم يُحقق العدل ، لذا فإنّ دعاة عودة الخلافة يعيشون فى الوهم الذى زاده الخلط بين فكرة الحكومة الدينية والحكومة المدنية ، وخلط بين الإسلام وتاريخ الإسلام ، لأنّ الخلافة نظام ابتدعه البشر، إذْ أنه لا القرآن ولا السنة أمرا بها . وكانتْ الكارثة عندما لبستْ رداء الدين فوق رداء السياسة ، خاصة بعد أنْ خلع الخلفاء على أنفسهم صفات (نورالله) ، (ظل الله) إلخ وهى صفات تفاعلتْ مع الواقع وأثرتْ فيه ، فجعلتْ الخليفة شخصًا معصومًا لا يُحاسب ، مُقدّسًا لايُساءل . وما دام هو مُختارًا من الله وحكمه هو حكم الله. فلا مجال لأى فكر سياسى يُنظم طريقة اختيار الخليفة ونظام عمله. أى التزاماته وكيفية عزله. وليس على الخليفة أى التزام ، لأنّ الناس جميعًا عبيد له وإماء لحضرته. أرواحهم ملكه يُزهقها حين يريد وأموالهم له يستبيحها كيفما يـــرى . وأشار إلى أنه إذا كان الأسلامُ واحدًا ، فإنّ التطبيقات مختلفة والتفسيرات متعددة والصيغ متباينة. وإذْ انتشر الفسق فى قصور الخلفاء فإنّ الشاعر المسلم الورع (بشر بن الحارث) كتب عن بغداد عاصمة الخلافة العباسية ((قل لمن أظهر التنسك فى الناس/ وأمسى يُعد فى الزهاد/ إلزم الثغر والتواضع فيه/ ليس بغداد منزل العباد))
كما أنّ دعاة الخلافة يتجاهلون وجود أكثر من خلافة فى وقت واحد : العباسية فى بغداد ، الفاطمية فى مصر، الأموية فى الأندلس . وفى فجر الإسلام وُجدتْ خلافتان إحداهما لعلى بن أبى طالب والثانية لمعاوية بن سفيان . وفى أوائل عهد الخلافة الأموية وُجدتْ إلى جانب هذه الخلافة خلافة أخرى كان مركزها مكة وكانت لعبد الله بن الزبير. والتاريخ يؤكد أنّ الخلافة الإسلامية لم تـُحقق عزة للإسلام ولا مجدًا للمسلمين بصورة دائمة. وكان شأنها شأن أى امبراطورية أو قيصرية أو كسروية. تمر بها فترات عزة وانتصار، ثم تتحول العزة إلى هوان ويصير المجد إلى فشل والانتصار إلى هزائم . وقد شكا المؤرخ (المسعودى) مما حدث للإسلام فى عصره فقال : ضَعُفَ الإسلام فى ذلك الوقت . وفسد الحج . إنّ الإسلام كان مُستظهرًا (أى غالبًا) ثم تداعتْ دعائمه وهى أسه. وقال المؤرخ المسلم (المقدسى) عن بغداد : كانتْ أحسن شىء للمسلمين ، حتى ضَعُفَ أمر الخلافة فاختلتْ . أما المدينة فخراب . والجامع يعمر فى الجمع . ثم يتخللها الخراب. وهى كل يوم إلى وراء .. مع كثرة الفساد والجهل والفسق وجوْرالسطان.
وأشارأ. العشماوى إلى المسكوت عنه فى الثقافة السائدة فذكر أنّ الخلافة لم تنشر الإسلام الحق ، لأنها نشرتْ للإسلام صيغة سياسية عسكرية أساءتْ إليه. ولو أنّ الإسلام انتشر عن طريق الأفراد وليس عن طريق الجيوش والغزو، لكان ذلك أفضل للإسلام ، ولأنّ ذلك لم يحدث يصعب نفى أنّ الإسلام انتشر بحد السيف أو إكراه السلطة. ونشر الإسلام بالغزو أو الفتوحات ، إنْ كان نجاحًا ، فإنه لا يُقاس بما ألحق بالمسلمين من هوان . وما ضيّع لهم من حقوق وما جمّد لهم من فكر، وما بذر من شقاق انتهى إلى فراق . وناقش أصحاب تيار الإسلام السياسى الذين يتحدّثون عن (تزييف التاريخ) فبعد أنْ هزمتهم الأسانيد القاطعة ، عمدوا إلى إنكارها جميعًا ، فكانوا بذلك أشبه ما يكون بأوديب فى الأسطورة الإغريقية ، يفقأ عينيه بيديه كيلا يرى الحقيقة (من ص13-23)
وصل التعصب لدرجة أنْ يكون الولاء للقبيلة وليس لدعوة النبوة وفى هذا المعنى قال عبد الله بن الزبعرى ( لعبتْ هاشم بالملك فلا / خبر جاء ولا وحى نزل) وقال الوليد بن يزيد الخليفة الأموى (تلعب بالنبوة هاشمى/ بلا وحى أتاه ولا كتاب) (ص72) وترتــّب على الخلط بين الدين والسياسة نتيجة غاية فى الخطورة ، ملامحها فى الأقوال التى نـُسبتْ للرسول وتزعم أنه قال : إنّ كلمة لا إله إلاّ الله إذْ تقولها قريش تؤدى إلى أنْ تدين لها العرب وتتملك العجم أو تدين لها العرب وتفرض الجزية على العجم (العجم : ضد العرب والعجماء البهيمة. والمرأة عجماء – مختارالصحاح – المطبعة الأميرية بمصر- عام 1911ص 440) وقد أدى هذا الفهم إلى أنْ تكون الخلافة الإسلامية سيادة للعرب وتملكا للعجم . وهذا ما حدث فى عصر الخلافة الأموية التى كنت خلافة عنصرية فى جوهرها بيزنطية فى شكلها ونظام إدارتها ، وقد اضطهدتْ الموالى – أى المسلمين غير العرب – مما أغضب هؤلاء ، فدفعهم إلى قلب الخلافة الأموية والمساعدة فى إنشاء الخلافة العباسية ، التى أصبحتْ خلافة الموالى ، للفرس وللترك . ومن بين مفاسد الخلافة الأموية أنّ الخليفة الأموى يزيد بن معاوية بعد موقعة (الحرة) سنة 63هجرية التى دمّر فيها المدينة إلخ يقول فى فرح (( ليتَ أشياخى ببدر شهدوا / فزع الخزرج من وقع الأسل)) قال هذا رغم أنه وفق ماذكره الطبرى فى تاريخه وياقوت الحموى فى معجم البلدان ، قــُـتل فى هذه الموقعة 1700من الأنصار، 1300من المهاجرين و500 من الموالى وفــُـضّتْ بكارات آلاف البنات ، أى أستـُبيحتْ دماء وأعراض المؤمنين الموحدين على يد مؤمنين موحدين) وكان تعليق أ. العشماوى ((أى أنّ يزيد الأول – خليفة المسلمين وأمير المؤمنين- يرى أنّ وقعة الحرة ، بكل مافيها من فظائع ما يُفرحه انتقامًا لمشركى مكة الذين قــُـتلوا أو هُزموا فى غزوة بدر)) (من ص75- 89)
أما عن النشأة وخلط الدين بالسياسة ، فكانت بعد وفاة الرسول حيث انحاز عمر بن الخطاب لأبى بكر ضد سعد بن عبادة ممثل الأنصار، إذْ قال عمر لأبى بكر ((ابسط يدك أبايعك . لقد ارتضاك النبى لديننا ، أفلا نرضاك لدنيانا)) وفى حديث عمر بن الخطاب قال ((ثم نزونا (أى وثبنا ووطأنا) على سعد بن عبادة حتى قال قائلهم قتلتم سعدًا)) أى أنّ البيعة تمتْ بالعدوان دون اعتداد بالحوار. وقد امتنع سعد عن مبايعة أبى بكر وعمر، وقــُـتل فى عهد عمر. قتله سهم وقيل فى ذلك أنّ الجن هى التى قتلته ونسبوا شعرًا للجن قالت فيه (قد قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة / ورميناه بسهميْن فلم نـُخطىء فؤاده) وبهذا بدأتْ الخلافة فى جو من الصراع السياسى وحُسمتْ بالعنف وبدون أى نص فى القرآن عن الخلافة. وهذه العناصر، داخلتْ نسيج الخلافة الإسلامية وتشابكت خيوط إمارة المؤمنين حتى أصبحت هى الخيط والنسيج على مدى تاريخها طوال القرون (من95-99)
وفى خلافة أبى بكر، رفضتْ بعض القبائل أداء الصدقة ، لأنّ النص القرآنى موجّه للرسول والرسول مات إلخ وافقهم عمر بن الخطاب فى البداية فقال له أبوبكر ((أجبار فى الجاهلية خوّار فى الإسلام؟)) بعدها وافق عمر أبا بكر على حرب الصدقة. وقال إنّ الله شرح صدره لرأى أبى بكر. وقد استاء بعض المؤمنين مما فعله أبوبكر. وعبّر الشاعر عبد الله الليثى عن هذا فقال (أطعنا رسول الله ماكان بيننا / فيالهفتاه ما بال دين أبى بكر/ أيورثها بكرًا إذا مات بعده/ وتلك لعمر الله قاصمة الظهر) لقد سوّغ تصرف الخليفة الأول لكل خليفة بعده أنْ يستقل بتفسيره الخاص لآيات القرآن ثم يفرضه بالقوة والعنف. ويجعل من رأيه الشخصى حكمًا دينيًا . كما قنــّـنَ إشهار سيوف المسلمين المُوحدين على مسلمين موحدين مثلهم . ونقل أ. العشماوى ماقاله أحد علماءالاجتماع الذى كتب ((إنّ سيوف العرب لابد أنْ تكون دائمًا مُشهرة ، فإذا لم تـُوجّه إلى الغير فإنها تـُوجّه إلى أنفسهم)) وعن آلية غزو الشعوب استند الخلفاء إلى حديث الرسول ((من مات ولم يغز أو يُحدّث نفسه بغزوة فقد مات ميتة الجاهلية)) وبأحاديث الرسول القولية أو سننه الفعلية ، أصبح للغزو معنى دينيًا كما صار صيغة إسلامية. ولهذا فإنّ كل كــُـتاب السير يستعملون اللفظ على هذا المفهوم ، سواء كان فعل المسلمين هجوميًا أو دفاعيًا . ورُوى عن النبى أنه قال ((قولوا لا إله إلاّ الله. واشهدوا أنى رسوله. واتبعونى تـُطعكم العرب وتملكوا العجم . إنّ الله ضَمَنَ أنْ يغلب سلطانى سلطان كسرى وقيصر. وقال : جعل رزقى تحت سن رمحى . وقال : بُعثتُ بالسيف والخير مع السيف والخير بالسيف . وقال : لا تزال أمتى بخير ما حملتْ السيف)) (رسالة الغفران ص 41، 230وتاريخ الطبرى- ج 2) وكان تعليق أ. العشماوى أنه بصرف النظر عن صحة هذه الأحاديث ، فإنّ تواترها فى العقل الإسلامى أدى إلى صبغ الطابع الإسلامى بميل إلى الغزو، ورغبة فى القتال لا تقف عند حدود استقرار الإسلام أو صيانته والحفاظ على المسلمين وإنما تتعدى لتـُصبح منهجًا عامًا يهدف إلى الحرب والضرب فى كل مناسبة ( من 102- 106) وبعد بيعة أبى بكر قال أبو سفيان لعلى بن أبى طالب ((ما بال هذا الأمر فى أقل حى من قريش ؟ والله لئن شئتَ لأملأنها خيلا ورجالا (يقصد الحرب) فردّ عليه على قائلا ((يا أبا سفيان . طالما عاديتَ الإسلام.. فقال أبو سفيان ((والله إنى لأرى عجاجة لا يُطفئها إلاّ الـدم)) ( ص112)
وفى عهد عثمان بن عفان حدث فساد كثير مثل تعيين أقاربه حكامًا على الأقاليم . وفتح خزائن بيت المال لبنى أمية. وإيذاء بعص أصحاب النبى أمثال عبد الله بن مسعود وأبى ذر الغفارى . لذلك عارض عثمانَ عددٌ من المؤمنين . وكان الهاشميون بزعامة على بن أبى طالب فى الطليعة. وكذا عائشة التى حرّضتْ على قتل عثمان . واشترك فى الهجوم على منزله محمد بن أبى بكر. فقتلوا عثمان وهو يقرأ القرآن . وكانوا مدفوعين بفتوى عائشة بكفر عثمان وأهدرتْ دمه. ولكنها بعد أنْ علمتْ أنّ على بن أبى طالب بويع بالخلافة حتى انزعجتْ وقالت : قــُـتل والله عثمان مظلومًا . والله لأطلبن دمه. فلما قيل لها أنها أول من كفره وأفتتْ بقتله قالت : إنهم استتابوه ثم قتلوه (ص 116)
وعن التعصب القبلى فإنّ الشاعر الأخطل المتوفى سنة 95هجرية وهو يتحدث بلسان القرشيين عن الأنصار المدنيين (زمن بنى أمية) قال (خلوا المكارم لستمُ من أهلها / وخذوا مساقيكم بنى النجار/ إنّ الفوارس يعلمون ظهوركم/ أولاد كل مُقبّح أكار/ ذهبتْ قريش بالمكارم والعلا / واللؤم تحت عمائم الأنصار) (ص111) وأثناء الصراع بين على ومعاوية ، أرسل أبو الأسود الدؤلى صاحب بيت المال فى البصرة (= وزير المالية) إلى الخليفة على رسالة قال فيها ((عاملك وابن عمك عبد الله بن عباس أكل ما تحت يده بغيرعلمك)) مع ملاحظة أنّ عبد الله بن عباس هو ابن عم النبى و(حبر الأمة الإسلامية) وكان على ولاه البصرة . فأرسل الخليفة إلى ابن عمه وواليه يسأله فيما وصل إليه. فكتب إلى الخليفة رسالة استقالة ((والله لأنْ ألقى الله بما فى بطن هذه الأرض من عقيانها وبطلاع ما على ظهرها ، أحبُ إلىّ من أنْ ألقاه وقد سُفِكتْ دماء الأمة لأنال بذلك المُلك والإمارة)) وكان تعقيب أ. العشماوى ((هى استقالة تتضمّن معنى التبجح وعدم الاستحياء من أكل كل مافى باطن الأرض وما على ظهرها ، طالما كان ذلك أخف مما عمله الخليفة على فى رأى ابن عباس ، من سفك دماء المسلمين فى سبيل المُلك والإمارة. وبعد هذه الاستقالة العجيبة جمع ابن عباس ما كان قد تبقى من أموال فى بيت المال ويُقدّر بحوالىْ ستة ملايين درهم ، واحتمى بأخواله من قبيلة بنى هلال حيث كانوا معه فى البصرة ، ومضى بالمال حتى بلغ البيت الحرام فى مكة فأصبح آمنًا فيه. ولما كتب إليه الخليفة يطلب منه رد الأمانة أجاب ابن عباس قائلا (( إنّ حقى فى بيت المال لأعظم مما أخذتُ منه)) (يقصد اختلس منه) ثم حذر الخليفة قائلا ((لئن لم تدعنى من أساطيرك لأحملنّ هذا المال إلى معوية يُقاتلك به)) (تاريخ الطبرى ج 4 ص 108 والفتنة الكبرى لطه حسين ج4 من ص 551- 557 والعشماوى ص 109) والخلافة مثلها مثل أى نظام تأسّس على الفساد ، لذلك فإنّ عمر بن الخطاب عندما علم أنّ معاوية أعطى لأبيه مالا لا يستحقه ، فإنّ الخليفة عمر اكتفى بأنْ أخذ منه نصف المال ولم يُحاكـمه ، لعلمه بدخائل العرب وضَعْفْ الأمويين إزاء المُلك والمال ورغبتهم الجامحة فى هذا وذاك (ص 126)
وذكر المؤلف أنّ تعبير (خليفة الله) تعبير أموى ، نحته (على الأرجح) لعثمان بن عفان ، مروان بن الحكم الخليفة الرابع فيما بعد . ثم تلقف معاوية هذا التعبير وقال ((الأرض لله. وأنا خليفة الله. فما أخذتُ لى وما تركته للناس فبالفضل منى)) وهذا التعبير أدى إلى أنْ تكون الخلافة مُلكــًا بالواقع وقيصرية بالفعل ، ذلك أنّ معاوية جمع من اعتبرهم أهل الحل والعقد ، ووقف فيهم المغيرة بن شعبة خطيبًا ، فأشار إلى معاوية وقال : أمير المؤمنين هذا ، ثم أشار إلى يزيد بن معاوية وقال : فإنْ مات فهذا ، ثم أمسك بسيفه وشهره قائلا : ومن أبى فهذا)) فقال له معاويـــــة (( اجلس فأنت سيد الخطباء)) وبذلك صار السيف أصدق أنباءً من الكتب ، والتهديد أفعل فى النفوس من الإيمان . ولم يعد للمسلمين فى أمر الخلافة كلمة إلاّ نظريًا. وقال الشاعر مسكين الدرامى وهو يُمهّد لاستخلاف يزيد بن معاوية (بنى خلفاء الله مهلا فإنما / يُبوّئها الرحمن حيث يريد/ إذا المنبر الغربى خلاه ربه / فإنّ أمير المؤمنين يزيد) وذكر المؤلف نماذج أخرى لأكثر من شاعر فى هذا المعنى من بينهم جرير والأخطل (ص128، 129) ولم تكن مصادفة وجود عملات إسلامية موجودة فى المتحف البريطانى لثلاثة خلفاء نـُقشتْ عليها عبارة خليفة الله. وهى على التوالى لعبد الملك بن مروان والمأمون والخليفة الناصر(هامش رقم 11 ص 151)
ولأنّ الخلافة نظام بشرى ولم ينزل من السماء ، فإنّ عبد الملك بن مروان لما انتقلتْ الخلافة إليه كان المصحف فى حجره فأطبقه وقال ((هذا آخر العهد بك)) قال هذا مع ملاحظة أنه كان من أشهر فقهاء المدينة فى عصره. بل إنه خطّ لنفسه سيرة الطغاة فى كل زمان ومكان فقال (لا أداوى هذه الأمة إلاّ بالسيف حتى تستقيم لى ( لا لله) قناتكم) وقال وهو على منبر الرسول بعد قتل عبد الله بن الزبير ((والله لا يأمرنى أحد بتقوى الله (هكذا !!) بعد مقامى هذا إلاّ ضربتُ عنقه)) وعندما كان يحتضر قال لابنه وخليفته الوليد بن عبد الملك (يا وليد . لا تبكى كالأمة (= العبدة) الولهاء . بل إئتزر والبس جلد النمر، وادع الناس إلى البيعة. فمن قال لا. فقل بالسيف . أى اضرب عنقه)) (130)
والكتب التى كتبها مسلمون مُوحـّدون ذكروا أنّ الحسن بن على بن أبى طالب ، بايع معاوية مقابل ألف دينار، وقيل مائة ألف إلخ وأنه شرط على معاوية أنْ يُمكنه من بيت المال يأخذ منه حاجته. وأنْ يكون ولى العهد من بعده . بينما معاوية يُجهّز ابنه يزيد للخلافة. فدسّ على الحسن من سقاه السم أكثر من مرة فلم يمت ، إلى أنْ دسّته له زوجة الحسن (جعدة بنت الأشعث) فى عسل أكله. وبعد شهريْن مات . ولما بلغ الخبر لمعاوية كبّر البعض وقال ((إنّ لله جنودًا من العسل)) ودامتْ خلافة الحسن ستة أشهر (131) وبعد الحسن تم ذبح الحسين ، وحمل الجنود رأسه على حربة حتى دمشق وألقوها بين يدى الخليفة يزيد بن معاوية ، الذى ذكر أنّ الحسين قال أنه خير من يزيد.. وأباه وجده أفضل إلخ أما أبوه فقد احتكم هو وأبى إلى الله. والله نصر أبى . أما أنه خير منى فقد نسى قول الله تعالى ((قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء) (132) وبذلك تم تعظيم توظيف الدين لأغراض السياسة.
وعندما طالب زيد حفيد على بن أبى طالب بالخلافة ، دارتْ المعارك بينه وبين الخليفة هشام بن عبد الملك الذى انتصر جيشه وقتل زيدًا ، وتم قطع رأسه وصلبها على باب دمشق ، وهو ذات ما حدث مع على حفيد الحسين (133) بل إنّ يزيد بن الوليد بن عبد الملك دخل على عمه الخليفة الوليد بن يزيد هو وجماعة بايعته فقتلوا الخليفة وقطعوا رأسه وطافوا به ونـُصب على قصر الخليفة أعلى سور دمشق . وبعد أنْ مات يزيد بن الوليد تم نبش قبره وصُلبتْ جثته (134) وفى عهد هشام بن عبد الملك قال (الجعد بن درهم) بخلق القرآن . فأمر الخليفة بقتله ، فحبسه والى العراق حتى حان يوم عيد الأضحى وبعد أنْ صلى بالناس قال لهم ((انصرفوا وضحوا يقبل الله منكم . فإنى أريد أنْ أضحى اليوم بالجعد بن درهم . ثم نزل من على المنبر وذبحه ذبح الشاه (138)
انشغل الخلفاء بقتل الخصوم وجمع الثروات واقتناء العبيد (امتلك الزبير بن العوام ألف أمة ، أى ألف امرأة عبدة) وكانت غلة طلحة بن عبيد الله من العراق ألف دينار كل يوم . وانتشر التشبه بالنساء حتى فى موسم الحج والتخنث واللواط (140) ومن مظاهر توظيف الدين لأغراض السياسة أنّ 40 فقيهًا من دمشق قالوا للخليفة يزيد بن عبدالملك أنْ ليس على الخلفاء حساب ولا عقاب فى الآخرة . وعُرف الخليفة الوليد الثانى باللواط . وهذا الخليفة الذى يُقال له (خليفة الله) حاول أنْ يضع له مقصفــًا على الكعبة ويشرب فيه الخمر هو ورفاقه لولا أنْ نـُصح ألاّ يفعل . كما قيل فى وصف انحلاله أنه راود أخاه عن نفسه. وحدث مرة أنْ استفتح بالمصحف فظهرتْ له آية ((واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد)) فمزّق المصحف ضربًا بالسهام وهو يسبح فى حوض من الخمر، وقال (( أتوعد كل جبارعنيد / فها أنا ذاك جبارعنيد / إذا ما جئتَ ربك يوم حشر/ فقل يا رب مزّقنى الوليد)) وحدث أنْ واقع جارية له وهو سكران . وجاء المؤذن يُنادى للصلاة ، فحلف الخليفة أنْ تؤم الجارية الناس ، فلبستْ ثيابه وتنكرتْ وصلتْ بالمسلمين وهى جُنب ســكرى . وفى عهد الوليد بن عبد الملك كان والى مصر قرة بن شريك وكان ظلومًا غشومًا ودعا بالخمر والملاهى فى جامع عمر بن العاص . وبنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة ببيت المقدس ودعا الناس إلى زيارتها بدلا من زيارة الكعبة. فصرف الناس عن أداء الحج مخافة أنْ يُقابلهم فى مكة عبد الله بن الزبير فيأخذ منهم البيعة له. وكان الناس يوم عرفة يقفون بقبة الصخرة (من 140- 143)
عنصرية طبقية وعرقية :
قامت الدولة الأموية على عنصريْن : العرب والموالى (كل شخص غير عربى وإنْ كان مسلمًا عليه أنْ يتخذ له مولى من العرب يحميه ويُسانده) وبذلك كانت الدولة عنصرية تسوّد العنصر العربى وتستذل الموالى من غير العرب . فحظرتْ ولاية القضاء وإمامة المصلين ورياسة الناس على غير العرب. وغالتْ بنو أمية فصارت لا تستخلف أبناء الإماء (= العبيد) حتى ولو كانوا عربًا . والتعصب العرقى وصل إلى درجة الزواج ، فرُوى أنّ رجلا من الموالى خطب بنتــًا من عرب بنى سليم وتزوّجها . فشكوا ذلك للوالى ففرّق بين الزوج وزوجته وضربه مائتى سوط وحلق رأسه ولحيته وحاجبيه. وقيل شعر فى مدح الوالى (قضيتَ بسنة وحكمتَ عدلا / ولم ترث الحكومة من بعيد/ وفى المئتين للمولى نكال/ وفى سلب الحواجب والخدود/ فأى الحق أصهر للموالى/ من اصهار العبيد إلى العبيد) وذكر المؤلف نماذج أخرى من الشعر الذى يحتقر غير العرب . ووصل التعصب لدرجة فرض الجزية على من أسلم من غير العرب (من 144- 146)
والعنصرية بدتْ فى الخلفاء العباسيين الذين ركزوا على قرابتهم للنبى ، ومع ذلك تحللوا من كل مبدأ وبدأوا حكمهم بنبش قبورالخلفاء الأمويين ، وأخرجوا جثة هشام بن عبد الملك وضربوها بالسياط وصلبوها . ثم القضاء على من بقى منهم فى مذبحة فظيعة ، إذْ كان أبو العباس قد أمّن سليمان بن هشام بن عبد الملك وكبار القوم من الأمويين . ثم دعاهم إلى مأدبة عشاء ، فدخل عليه الشاعر سديف وقال له ((لا يغرنك ما ترى من رجال/ إنّ تحت الضلوع داءً دويًا / فضع السيف وارفع السوط حتى/ لا ترى فوق وجهها أمويا)) فأمر بهم السفاح (ويُقال ابن عمه عبد الله بن على) فضـُربوا حتى قــُـتلوا ثم بسطوا عليهم الأنطاع وأكل هو الطعام عليها وهو يسمع أنين بعضهم حتى لفظوا الأنفاس جميعًا . وتلى السفاح فى الخلافة بعهد منه أخوه أبو جعفر المنصور، وهو المؤسس الفعلى للدولة العباسية. وقد افتتح خلافته بقتل عمه عبد الله بن على خوفــًا منه أنْ يُنازعه المُلك. ثم انقلب على إبى مسلم الخراسانى فقتله. ولما قال له : ((استبقنى يا أمير المؤمنين لعدوك ، قال المنصور : وأى عدو أعدى منك ؟)) واتصل الخليفة أبو جعفر المنصور بالفرنجة يستعديهم على عبد الرحمن الداخل الخليفة الأموى ويتواطأ معهم لإسقاطه. ويُقال أنّ الخليفة الناصر هو الذى دعا التتار للتدخل لحمايته. فلما دخلوا بغداد دمّروها وقتلوا الخليفة المعتصم وقضوا على الخلافة العباسية. وظلتْ ديار الإسلام بلا خلافة لمدة ثلاث سنوات (من 157- 163)
ومن بين الجرائم الكثيرة للخليفة المأمون ما فعله مع قائده على بن هشام الذى كان يعشق جارية اسمها (متيم) فطمع فيها المأمون وطلب من قائده أنْ يهبها له. فتجاهل القائد الطلب . أسرّها المأمون فى نفسه وطغتْ عليه دمويته فأمر بقتل القائد ومصادرة أملاكه. كما أمر بتخريب وإحراق القصر الذى عاش فيه مع جاريته (175) ونظرًا لبشاعة حكم الخلفاء واضطهادهم للجماهير كتب أبو العلاء المعرى ((مُلّ المقام فكم أعاشر أمة/ أمرت بغير صلاحها أمراؤها/ ظلموا الرعية واستجازوا كيدها / وعدوا مصالحها وهم أجراؤها)) وقال ((يسوسون الأمور بغير عقل / فيُسمع أمرهم ويُقال ساسه / فأفٌ من الزمان وأفٌ منى/ ومن زمن رياسته خساسه)) ولوعيه بخطورة رجال الدين قال ((اثنان أهل الأرض : ذوعلم بلا / دين وآخر ديّن لا عقل له)) وكان يرى أنّ البشر كانوا سعداء قبل الأديان فقال ((ولا تحسب مقال الرسل حقــًا / ولكن قول زور سطروه / وكان الناس فى عيش رغيد/ فجاءوا بالمحال وكدّروه)) (176، 189) ومن مظاهر الترف أنْ كان للخليفة الرشيد ألفىْ جارية وللخليفة المتوكل أربعة آلاف جارية ومن مظاهر التعصب ما عبّر عنه المتنبى الذى يعتبره كثيرون أشعر شعراء العرب إذْ قال ((وإنما الناس بالملوك وما / تفلح عرب ملوكها عجم)) فكان أنْ ردّ عليه الشاعر المتوكلى الفارسى ((وعودوا إلى أرضكم بالحجاز/ لأكل الضباب ورعى الغنم)) (183) والخلافة الفاطمية مثل الأموية والعباسية خلافة وراثية. يتوارثها الابن عن أبيه أو تؤول إلى أقرب عصبة من الخليفة. ويطلب الخليفة الجديد بيعة الناس فمن رفض كان السيفُ جزاءه . ولأنّ هدف الخلفاء المحافظة على العرش ، لذلك فإنّ تخوف العباسيين من الفاطميين دفعهم إلى أنْ يحثوا الروم البيزنطيين على انتزاع بلاد الشام منهم . وآفة تملق الحكام السائدة حاليًا متوارثة عن منظومة الحكم العربية / الإسلامية. فعندما وصل أول الخلفاء الفاطميين (عبيد الله المهدى) إلى المغرب خاطبه الشاعر ابن هانىء الأندلسى قائلا ((حلّ برقادة المسيح / حلّ بها آدم ونوح/ حلّ بها أحمد المصطفى/ حلّ بها الكبش والذبيح/ حلّ بها الله ذو المعالى/ وكل شىء سواه ريح)) وكان تعليق أ. العشماوى أنّ ابن هانىء يرى أنّ الخليفة هو الله ، فقال يُخاطب الخليفة ((ماشئتَ لا ماشاءتْ الأقدار/ فاحكم فأنت الواحد القهار/ وكأنما أنت النبى محمد/ وكأنما أنصارك الأنصار)) أما الحاكم بأمر الله فقد ادعى الألوهية وكان أصحابه عندما يرونه فى الطريق يركعون ويصيحون قائلين ((أنت الواحد الأحد والمحيى والمميت)) ولأنّ التحول من الدين أو المذهب غالبًا ما يكون نتيجة قهر سياسى وظلم اجتماعى ، لذلك نرى أنّ الفاطميين ألزموا الموظفين المصريين باعتناق المذهب الفاطمى الإسماعيلى . وهو أمر دفع كثيرين من الموظفين إلى اعتناق المذهب الشيعى . كما أدى إلى تحول غير المسلمن إلى اعتناق الإسلام كى يتولوا وظائف فى الدولة. والحاكم بأمر الله اضطهد المسيحيين ومنعهم من ركوب الخيل وأنْ يضعوا صلبانــًا فى أعناقهم زنة الصليب خمسة أرطال وأحرق الكثير من الكنائس (من 197- 207)
وعن الخلافة العثمانية كتب المؤلف أنّ السلطان سليم شخصية سوء وليس شخصًا سويًا . ومن أدلة ذلك أنه تآمر على والده السلطان بايزيد حتى اضطر إلى خلع نفسه فتولى هو السلطنة. وعندما استولى على مصر لم يكن الخليفة المتوكل أعز لديه من والده فقبض عليه. وقبل أنْ يخرج من مصر نزع منه الخلافة قهرًا . انتهى الاحتلال العثمانى لمصر(1517- 1914) قبل إلغاء الخلافة فى عام 1924بقرار أتاتورك العظيم . وفى عام 1926طمع الملك فؤاد فى منصب الخليفة ، لذلك تواطأ الأزهر مع القصر ضد الشيخ على عبد الرازق بسبب كتابه (الإسلام وأصول الحكم) إذْ ذكر فيه أنّ النبى حكم كملك على ذات الأساس الذى كان موجودًا لدى القبائل العربية قبل الإسلام .
كشف أ. العشماوى المسكوت عنه فى دور السنهورى الذى حصل على الدكتوراه من فرنسا عام 1925فى القانون . وبدلا من أنْ يعود إلى مصر مُدّتْ له بعثته ليحصل فى العام التالى على درجة أخرى للدكتوراه عن كتاب صُمّمم على وضعه تحت اسم (الخلافة) والكتاب لم يُترجم من الفرنسية إلى العربية إلاّ فى عام 88. والترجمة والمقدمات والهوامش تجنح إلى ربطه بشعارات الإسلام السياسى . وفى دفاع السنهورى عن الخلافة الإسلامية كتب أنّ ((نظام الخلافة الذى نستعرضه ينطبق على الخلافة الصحيحة فى مقابل (الخلافة الناقصة) أى أنه- كما ذكرأ. العشماوى لجأ إلى التنظير وتجاهل الواقع الدموى لتاريخ الخلافة. ووقع د. توفيق الشاوى الذى قدّم لكتاب السنهورى فى التناقض إذْ ذكر أنّ المعارضين لفكرة الخلافة هم ((دعاة التغريب)) وكان تعليق أ. العشماوى أنّ د. الشاوى تجاهل أنّ السنهورى قدّم بحثه إلى جامعة فرنسية (استعمارية) كما يزعم .
كتب أ. العشماوى أنه عبْر تاريخ الخلافة ((لم يُحاول أى خليفة أنْ يضع نظامًا واضحًا محددًا لرعاية الفقراء والمرضى والمُسنين بل تركوا لحسنات الناس والصدقات)) وأنّ ((الفقه الإسلامى فقه حرب أكثر منه فقه سلام)) وأنّ د. السنهورى فى رسالته للدكتوراه ((لم يُقدم فقه الخلافة. لكنه قدّم فقه الإرهاب القادم للحقبة الآتية. وإلى ذلك نـُلفت نظر عقلاء المسلمين)) كتب ذلك فى عام 1990 وكأنه يرى المستقبل المظلم الذى تحقق على يد غلاة الإسلاميين المدافعين عن عودة نظام الخلافة الإسلامية ، رغم ما سبّبه هذا النظام من جرائم ضد الإنسانية.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجاعة الشيخ على عبد الرازق وتناقضاته
- العداء الإسلامى/ العروبى للقومية المصرية
- الفرق بين (الجهل) و(الأمية)
- المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف
- قتل الفلاسفة بين المُحرّض والمُُنفذ
- مصر وكيف كانت البداية
- تيارالقومية المصرية قبل يوليو1952 (4)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952(3)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (2)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (1)
- الفن التشكيلى قبل يوليو1952 (2)
- الفن التشكيلى قبل يوليو1952 (1)
- نماذج من الكتب الصادرة قبل يوليو1952
- الصحافة المصرية قبل يوليو1952
- المجلات الثقافية قبل يوليو1952
- مصر فى عهد النهضة والمرأة : 4- روزاليوسف
- مصر فى عصر النهضة والمرأة : 3- نبوية موسى
- مصر فى عصرالنهضة والمرأة : 2- هدى شعراوى
- مصر فى عهد النهضة والمرأة
- شهادة ضباط عاشوا مذبحة يونيو67


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مجابهة الأصولية الإسلامية (1)