أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - تعويم الشعر العربي .. مقاربة بين ظاهرة الشعر و ظاهرة النقد المالي















المزيد.....

تعويم الشعر العربي .. مقاربة بين ظاهرة الشعر و ظاهرة النقد المالي


رائف أمير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 4448 - 2014 / 5 / 9 - 21:42
المحور: الادب والفن
    


رافقت الموجات الصوتية نشأة الانسان وظهوره على كوكب الارض، وأخذت حيزا كبيرا من ذاكرته، فخزنت على شكل مركبات كيميائية في مناطق معينه من دماغه رافقها تحويرات في مناطق أخرى في الدماغ فظهرت مناطق متخصصة للكلام(منها منطقة بروكا) التي تزامنت مع ظهور اللسان والحنجرة كأدوات لاطلاق معاني الصوت مرة أخرى. وتزامنت أيضا مع تضخم باقي مناطق الدماغ (المنطقة الذهنية) لكي تظهر حالات الاستنتاج والتحليل وغيرها. وهكذا كان الصوت هو عامل من عوامل (تجسد) الإنسان انطلاقا من تجسده هو وبالتالي استجابة التشكل الدماغي له.
الصوت المستلم بتردداته المتدرجة وشدته، حفز في ظهور اللغة كأداة لحفظ الفكر. وقابلت أجزائها المكونه من فونيمات ومقاطع وبالتالي كلمات وجمل أجزائه الممثلة بالاشياء والمفاهيم التي تعبر عنها وعن علاقاتها.
وبممارسة متصاعدة استخدم الانسان اللغة كوسيلة للتفاهم مع الآخرين والتعبير عن دواخله وحاجاتها فأصبحت هي أداة الحضارة والفكر الاولى. بعد أن شملت ألفاظها كل ما استجد من أشياء او ابتكارات أو اختراعات. وبعد ان نجحت الى حد كبير أن تختصر المعاني بحروف قليلة.
وأيضا واكبت الترددات الصوتية المستلمة من حاسة السمع وطريقة تشكل مناطقها من ناحية الانتظام والمعنى تشكل جهازه الحركي والعاطفي فأصبحت هي واحدة من وسائل التنبيه والتحفيز وتحديد المصالح عند الانسان وواحدة من مسببات حالة التذوق عنده . وبما انها وسيلة من وسائل التفاهم الاجتماعي المتطور فقد غدت (عملة تفاهم موحدة) بفئات النص والجمل والكلمات. وأصبحت قيمة تلك الفئات التي رتبت بنظم معينة تقابل مصالح الانسان العليا الذي عبر عنها بالقيم الاخلاقية والجمالية. وهكذا ظهر الادب والفن ليعبرا وبشكل متصاعد ايضا عن الوسائل الفضلى للمصالح.
ظهر الادب العربي ومنه الشعر بشكل جلي في مكة. فساعد التقاء قبائل العرب فيها وتبادلهم التجارة والرأي وبالذات في سوق عكاظ في انتعاشه وانتظامه ... وتداول عملته .. تداول عملته كمعنى أولا ثم دخوله (كسلعة) لها (تبادلها) مع باقي السلع دون ان يكون لها ثمن محدد او ملزم. وكانت (قوة عملته) تتحدد بعاملين هما النظام اللغوي الجمالي صوتيا المحدد بالوزن والقافية وقوة المعنى للقصيدة في فكرتها العامة او معاني ابياتها.
ارتكز الشعر العربي في قوته وانتشاره على صدق تعبيره عن مصالح العشيره وعن مصالح الناس وعواطفهم وعلى قابليته في الوصف والخيال.فأستحق الثناء والتكريم المادي. فقد اختار العرب بعض من قصائده ليعلقوها مكتوبة بالذهب على أهم مركز ديني واجتماعي عند العرب وهو جدران الكعبة. وأغدق الأمراء والملوك المال على الشعراء.
رغم ان الشعر العربي كان ومايزال هو صوت العرب الأول .... الا انه استمد الكثير من أهميته من حالة (المركزية) ... مركزية الجغرافيا لمكة وسوك عكاظ ثم مركزية الاهتمام من قبل شيوخ القبائل والملوك .. مركزية مقارنته بالقرآن الكريم ... وبالتالي مركزيته في التدريس الاكاديمي .. وشيئا فشيا بعد تدهور النطق باللغة الفصحى من قبل عامة العرب ... لم يعد الشعر المكتوب باللغة الفصحى هو ذائقة كل الناس وانما أصبح هو ذائقة النخبة التي سمعته وحفظته قسرا في الاكاديميات فأصبحت تتداوله وتتبارى به .. وتذوق عامة الناس الشعر الشعبي المكتوب باللغة الدارجة بينهم.
وايضا هو لم يستطع ان يحافظ على معايير نظامه اللغوي وتحديدات الوزن والقافية لأسباب حضارية كثيرة ... فتحول تذوق النخب الى ما ابتكر من اسلوب الشعر الحر ثم قصيدة النثر ...
ومثلما تطور اسلوب تبادل السلع من المقايضة الى نقد العملة باشكالها المختلفة ... الذهبية والفضية... والورقية (ومنها الدولار) التي استمدت قيمتها من( قاعدة الذهب) في توالي مراحلها حسب اتفاقية (بريتون وودز) بين الكثير من دول العالم . ومثلما الغيت هذه الاتفاقية من طرف الولايات المتحدة الامريكية في سنة 1971 عندما اعلن الرئيس الامريكي ان الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تغطية الدولار بالذهب بسبب كثرة الطلب العالمي عليه للحاجة الى سيولة أكبر بكثير تتناسب مع تضخم التجارة والاقتصاد العالمي .... فأعلن (تعويم) الدولار... أي تركه للمضاربة النقدية ، نجد ان الشعر العربي ... يحذو أخيرا حذو العملة النقدية. فلم يعد الشعر العربي الذي كان في زمن الجاهلية يستطيع ان يعبر وان يصف كل فضاءات الصحراء وبداوة العرب قادرا ان يضم بأنظمته القديمة التي يقف خلفها بالمرصاد نقد لغوييه، أن يضم في معانيه أشياء ومعاني الفضاءات الجديدة ... الاكتشافات الكونية ولغة العلوم واختراعاتها المتسارعة ... وملايين الاسماء العلمية للكائنات الحية ... فبقت دائرة الشعر كما هي ولم تتسع مساحتها للاتساع الجديد. وتركت الاتساع لباقي انواع الادب او للغة وحدها دون ابداع ... وهذه الأخرى ورغم ظهور ابداع آخر تمثل بالعوربة والتعريب .. بقيت تلهث في اللحاق بما استجد ... وبالتالي وفي كثير من الوقائع العملية .. أدخل الجديد (الاجنبي) ومعه تعريبه لتوضيح المعنى بشكل ادق .. والاكثر ... برز حاجة لتعلم الاجنبي كما هو ... وتشكيل لغة هجينة ... كما هو حال باقي اللغات التي تأثرت بالعربية .. او كما ادخلت كلمات من اللغات الاخرى الى العربية كما هي. وهكذا أصبحت الكثير من خوالج الانسان العلمية والحضارية الجديدة هي خارج الابداع الشعري.
وأيضا ... مع تفكك الانظمة الشعرية القديمة وزيادة عدد نفوس العرب زاد عدد الشعراء الذي أصبح بشكل مضاعفات كبيرة بالنسبة لأي مرحلة من مراحل الشعر العربي. وأصبح هناك حالة مشابهة لمثلث العرض والطلب والسعر(القيمة) الذي هو واحدا من قواعد الاقتصاد ... فضعفت معاني الابداع واتجاهاته وزاد الشرخ بين مايدرس من شعرمختار في الاكاديميات كقيمة عليا وبين المنابر الاخرى..
ودخل الشعر الى (منبر) الانترنت... ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها... ومثلما تاه الإعلام في زخمها وكثافتها .. تاه الشعر والشعراء ... وتاهت (القيمة) ومحدداتها .. فتحول الابداع الى ماهو مختصر ومكثف .. والى من يدمج الكلمات القليلة مع صور النساء وعريهن ليستمد منها (قيمة) ابداعه. وبقي النقاد اللغويون والاكاديميون يولولون على ضياع الشعر أو انحداره.
وبذلك ... أصبحنا أمام حقيقة (تعويم) الشعر العربي ليأخذ (قيمته) كابداع في سوق (الهرج مرج) ليأخذ مكانه وتقييمه الابداعي كذائقة أولا من التذوق المباشر للناس في اختلاف مستوياتهم ... من نظام الاغلبية الديمقراطية والفيدرالية ( مع ملاحظة ان العرب كانوا مركزيين في انظمة حكمهم على مر التاريخ وغالبا ماتماشى الشعر مع هذه المركزية كما اشرنا سابقا والتمرد السياسي هنا يدفع الى التمرد النفسي وبالتالي تمرد الشعر على نفسه او على مركزيته ). ثم من العشوائية الجديدة التي تأخذ مسارها بعيدا عن كل ماهو (مركزي ).. وربما ... لتنشأ من بعدها مركزية جديدة فوق حطام القديم. وعلينا ان لاننسى ان هناك قاعدة اقتصادية نقدية تقول (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق). وأن لاننسى أن التطبع بالكثرة الجديدة ينسي القلة القديمة.




#رائف_أمير_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجرة برتقال
- عبور
- تخطي
- ظل الزمن
- حوار فلسفي
- مسيرة
- مرآة الزمن
- سعيد العتال
- مشروع صفر
- شارع الاطباء
- الصرح الزراعي
- الوطن وحقوق الانسان
- وجهها
- فلم الماتريكس.. جنة الأحلام على أرض أجهزة الكمبيوتر
- أرجوحته
- انبثاق
- هروب الزمن
- نظرية الأوتار من وجهة نظر فلسفية- قراءة في كتاب الكون الانيق
- الديمقراطية من وجهة نظر مادية
- الفلسفة .. التشكل الجديد


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - تعويم الشعر العربي .. مقاربة بين ظاهرة الشعر و ظاهرة النقد المالي