|
نفارين ثم إحتلال بريطاني لسبعة عقود
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4448 - 2014 / 5 / 9 - 19:59
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
من دفتر إنكسار أهلك يا مصر (10 ). ((فى 10 يوليه 1824 أبحر (إبراهيم باشا ابن محمد على ) باسطول مصرى يتكون من 73 سفينه حربيه و 70 مركب شراعى نقل عليها 18 ألف محارب ، و أنزل قواته فى مورون فى 16 فبراير 1825 ، وبسرعه استولى على كل الساحل ثم بعد فتره بسيطه أصبحت كل مدن الموره عدا نوبليا محتلة فى نفس الوقت كان الجيش التركى بقيادة رشيد باشا يحاصر مدينة (ميسولنجى) وعندما فشل فى اقتحامها غضب السلطان العثمانى و طلب من ابراهيم باشا ان يساعده فإنطلق بـ 10.000 عسكرى من المشاه و 500 فارس و حاصر المدينه حصارا كاملا حتي انعدم الاكل داخلها لينتحر المحاصرين تحت الاسوار ويحرقون مبانيها ،عندماإقتحم الاتراك والمصريون وجدواالمدينه عباره عن خرابه. )) إنتصارات(محمد علي) المستمرة جعلت دول الغرب تعيد حساباتها وهكذا ابحرت اساطيل بريطانيا وفرنسا وروسيا ورست أمام نافارين بجوار السفن التركيه و المصريه.(( في يوم 20 اكتوبر 1827 بدأت المعركة بالصدفه بدون إعلان حرب ( رغم العلاقات الطيبة بين مصر و الدول صاحبة الاساطيل المشتركة ) وإستمرت لاربع ساعات انتهت بتدمير الاسطولين التركى والمصرى.)) ((نتائج معركة نافارين كانت كارثيه تم قتل 30.000 بحار فى المعركه ، و غرقت 19 سفينه مصريه واعداد ضخمه من الناقلات ، و ضاعت مبالغ ماليه مهوله دفعها الشعب المصرى)).وكأننا نتكلم عن إكتيوما سابقا او 67 لاحقا . ((بعد تدمير الاسطول المصرى انقطعت الامدادات عن ابراهيم باشا فى الموره ، و فى 30 اغسطس 1828 نزل جيش فرنسى يتكون من 15.000 عسكرى بقيادة الجنرال فيرون فى خليج كورون لمساعدة اليونانيين فإضطر محمد على انه يستدعى ابراهيم باشا إلى مصر.)) إنتهت احلام محمد علي بعد عقدين من الزمان ابعد فيها الغرب اساطيله وقواته عنه .. ولكن أحلام الشعب المصرى لم تسقط لقد خرج الي النور و لم يعد للجب رغم (الهزيمة )و المعاهدة الظالمة التي فرضتها (الهزيمة) علي الشعب و قيادته ...) نفارين( هي علامة طريق هامة سقط فيها اهلك يا مصر بسبب طموحات لا تعنيك لديكتاتور حكمك وهكذا كانت دائما سقطاتك ..جاءت بسبب احلام طاغية يتحكمك فيك. تاريخ أسرة محمد علي لا يعنينا بمقدار ملاحقة تطور النبضة الحضارية التي سرت في الجسد المغشي علية منذ قرون تجاوزت العشرين ..(( فسنجد أنه خلال سبعين سنة من تولي أسرة (محمد علي) الحكم كان بالامكان إقامة دار اوبرا و حدائق الاورمان و الحيوان و كبارى و قصور وسكك حديد و خطوط تلغراف و تليفونات .. و منشأت للتحكم في مياة الرى وترسانة بحرية لصناعة السفن ..وشوارع تضارع في تنسيقها شوارع باريس بمبانيها العصرية سواء في القاهرة او الاسكندرية و تماثيل في كل مكان .. مصر بمدنها الاساسية لبست ثوب المعاصرة )) لقد كان من الممكن للمصرى أن يطلع علي جرائد قادمة من الخارج ويتابع ما يحدث في العالم ((وكان هناك حربا بين الدولة العثمانية وروسيا القيصرية فزاد تشوق الناس للوقوف علي حوادثها )) من خلال الجرائد التي كان بعضها محررا باللغة العربية . في مصر ظهر في ذلك الوقت ((جمال الدين الافغاني داعية جديد ذو منطق مختلف (عن دعاة سلاطين المماليك ) يحيطه الطلاب و الموظفين يستزيدون من علمه و آراءه العقلية وكان يحضر دروسة كثير من طلبة العلم ويتردد علي مجالسه كثير من العلماء وهو في جميع الاوقات لا يسأم من الحديث فيما ينير العقل ويظهر العقيدةاو يذهب بالنفس الي معالي الامور او يلفت الفكر الي النظر في الشئون العامة مما يمس مصلحة البلاد وسكانها )). اوروبا لم تترك مصر تنعم طويلا بنور التخلص من أسر إستعمار بدو الجنوب او الشمال المتلفع بعباءة الاسلام فلقد كان لديها حساباتها الخاصة المرتبطة بثلاثة امور رئيسية تتصل بالموقع الذى يفصل بين بحار خاضعة لسيادتها ومستعمراتها الاسيوية . كذلك بالتربة الخصبة التي تنتج أفضل انواع القطن الذى يغذى مصانع يوركشير ولانكشير بعد توقف القطن الاميركي نتيجة ثورات العبيد هناك .. كذلك هي (اى مصر ) أصبحت في ذلك الزمن سوقا جائعا لمنتجات الحضارة التي حرمها المتخلفين عليها لاجيال طويلة .. وهكذا نصبت بنوك اوروبا الشرك (لابناء محمد علي) .جاء علي هيئة شخص فرنسي ( لقبه ديليسبس)أقنع الخديوى(سعيد باشا) أن يشق قناة تبدأ من البحر الاحمر و تنتهي في الابيض و الخديوى (إسماعيل )أن يستدين ليحول عاصمتية (القاهرة و الاسكندرية )الي قطعة من اوروبا ..كتاب ((بنوك وباشوات)) يقص كيف تحولت أيادى البنوك الممتدة بالقروض لاسرة محمد علي الي كارثة لم يكن من الممكن التحكم فيها بواسطة شعب خرج لتوه من الكهف .و كيف إنتهت المأساة بعجز مصر عن دفع أصل الدين او فوائده و طرد (إسماعيل) و تولي إبنه (توفيق )الذى ساعد علي إحتلال القوات العسكرية البريطانية لمصر بعد الالتفاف علي قوات عرابي و هزيمته في موقعة التل الكبير عام 1882. ولكن هل إنهزم الشعب !! لقد أنتجت ارتقاءة بداية القرن واربعة عقود حكم فيها محمد علي تغيرات نوعية وخلقت ظروفا جديدة علينا الاقتراب منها أكثر. (( عندما حاول الخديوى إسماعيل أن يجعل مصر قطعة من اوروبا لم يكن يعبر في هذاعن قناعته الشخصية او أحلام سوقها له المرابين و أصحاب البنوك ،بقدر ما كان يعبر عن إرادة شريحة واسعة جديدة بدأت تتشكل (بعد إعادة ترتيب اساليب الحصول علي الثروة وتوزيعها )، في مجتمع النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ترى أنه من الافضل أن تقطر عربتها في قطار اوروبا السريع. هذ الشريحة تكونت من كبار ملاك الارض الذين إشتروها من ( سعيد باشا ) صديق الفلاح مقابل دفع المبالغ المربوطة عليها كالتزام لعدد من السنوات مقدما .. وأبناء الجاليات الاجنبيةالتي إختلطت بالمصريين وأقامت بينهم كالارمن و الارناؤط والاتراك وابناء جزر البحر الابيض او اليونان الذين تم اسرهم في حرب المورة وفضلوا عدم العودة وبدأوا يعملون بالتجارة ويجنون ارباح طائلة من المضاربة بمحصول القطن . و رجال الصناعة التي نمت بعد دفقة محمد علي الاولي و اصبح لهم صوتا في السوق و يرغبون في إستكماله سياسيا هذه الشريحة بالاضافة الي الموظفين الحكوميين و الضباط ،لا يمكن إعتبارها إقطاعا او راسمالية بقدر ما هي طبقة متوسطة مستجدة علي المجتمع المصرى ليست من الحكام و هي كذلك ليست من عامة الشعب .)) بظهور الطبقة الوسطي أصبحت منذ ذلك الزمن محط أنظار الفئات الاخرى الدنيا و مصدر ثقافتها و نموذجها و الهامها . (( ثقافة الطبقة الوسطي خرجت في البداية من عباءة الثقافة الدينية السائدة و المتاحة في الكتاتيب و مدارس المدن و القرى الدينية ثم وفي مواجهة هذه الثقافة جاءت البعثات التبشيرية لتنشيء تعليما عصريا يهتم بالعلوم الحديثة و الرياضيات و اللغات وتخرج عدد من موظفي الحكومة وحلقات الوصل مع عناصر الاحتلال البريطاني بمرور الزمن بدأ الطموح يدفع البعض للتعلم في الخارج وأصبح التعليم المدني اساسا للترقي الطبقي . ثقافة الطبقة الوسطي هذه تستحق التأمل فالغريب انها بمرور الوقت نحت (يا عزيز عيني أنا بدى اروح بلدى ) التي غناها الشعب الذى يعمل في سخرة حفر القناة في ظروف غير أدمية ونسيت ابو زيد الهلالي و حواديت الربابة وهبة عرابي و دفاعة عن العسكرية المصرية و أشعار محمود سامي البارودى وأحمد شوقي و تجاهلت موروثاتها الثقافية والحضارية وأصبحت بكاملها مستوردة متأثرة بأحداث وتيارات خارجية حتي تلك التي إدعت الاصولية إستوحت أصوليتها من حركات شبيهه بالهند و افغانستان و الجزيرة العربية )) وهكذا مع العقود الاولي من بدايات القرن العشرين سادت عدة تيارات بين المثقفين المصريين أهمها هجر التعليم الديني و الاتجاه الي التعليم الحضرى ثم ظهور مدارس (( التنوير الليبرالي القادم من اوروبا )) و نشاط أنصار (( الاشتراكية أوالماركسية بجميع روافدها )) و أتباع التنظيمات((الاصولية الدينية )) ثم أخيرا هؤلاء الذين فتنهم فكر وفلاسفة(( القومية الفاشيستية )) وإستمرت هذه التيارات تنمو مطلقة إشعاعات التغيير وتحظي بمثقفي شعب بدأ القرن التاسع عشر تحت هيلولة الاستعمار العثماني و صعد نجمه مع محمد علي ثم إنكسر لينهي القرن محتلا عسكريا بواسطة الامبراطورية البريطانية ولكنه كان قد بدأ رحلته نحو المعاصرة .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرن التاسع عشر والاستعمار الاوروبي.
-
مصر يحكمها كابوس الانكشارية
-
الانجاس المناكيد يحكمون مصر لثلاثة قرون
-
قرنين خارج عباءة الخلافة العباسية.
-
البدو يعيثون فسادا علي ضفاف النيل
-
مقدمات الغزو البدوى لمصر
-
الاقباط هم اولادك المضطهدين دوما يا مصر
-
يومنا في إكتيوما من دفتر إنكسار أهلك يا مصر (2)
-
من دفتر إنكسار أهلك يا مصر
-
خطوات علي الارض المحبوسة التي لم تقرأها بعد
-
أحزان مسن ضاع عمره هباء.
-
خدعة تميزنا العربي كعرق وثقافة وعقيدة .
-
الخلط في اوراق علاقة مصر بجيرانها
-
خطوات (اخرى ) علي الا رض المحبوسة
-
ملكة القبط (دلوكة) تحمي مصر!!
-
لن أقول لخطيب أمي يا عمي
-
هل سقطوا علينا هؤلاء المجرمون من السماء
-
من الذى يحكم او (يتحكم ) في مصر
-
هؤلاء حرام فيهم العلم
-
العام الرابع عشر من الالفية الثالثة
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|