أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - الرئيسُ لسانُ مصر














المزيد.....


الرئيسُ لسانُ مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4447 - 2014 / 5 / 8 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل 2500 سنة، سُئِلَ كونفوشيوس: "كيف نُصلِح العالمَ الذي نعيشُ فيه؟" فأجاب: "إصلاحُ العالم سهلٌ، إذا صَلُحَت اللغةُ التي يستخدمها الناس.” فقال السائلُ: "وما معنى ذلك؟" فقال الفيلسوف الصينيّ: "للأسف، اللغةُ السائدة بين الناس الآن ليست صائبة، لأن ما يُقال، عادةً، لا يحمل المعنى المقصود. وإذا كان ما يُقال لا يحمل المعنى المقصود، ضاعتِ الحقيقةُ. وإذا ضاعت الحقيقةُ، فسدتِ الأخلاقُ والفنون. وإذا فسدت الأخلاقُ والفنون، ضَلّتِ العدالةُ. وإذا ضَلّتِ العدالةُ، احتار الناسُ وتاهوا. وإذا احتار الناس أو تاهوا، عجزوا عن الفِعل. وإن عجزوا عن الفِعل، توقف العالمُ، وتدهورت أحواله!”
هكذا يمكن لـ"كلمة" خطأ، لا تحمل المعنى المقصود، أن تشعل حروبًا ضروسًا طاحنات، وأن تهدم مجتمعات أو تضيّع أممًا، أو أن تتسبب في مقتل إنسان. بل يمكن لحرف خاطئ واحد أن يغيّر المعنى المقصود. بل بوسع علامة تنضيد "تشكيل" صغيرة فوق حرف، أو علامة ترقيم غير دقيقة، أن تعكس المعنى، وتضلّل المستمعَ، وتقطع سبل التواصل بين متحاورين.
والأمثلة على خطورة التدقيق اللغوي وما يتبعه من اختلاف المعنى، كثيرةٌ؛ أذكر منها:
“إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ" (فاطر: 28). تلك الآية الكريمة التي قرأها المعزولُ خطأ؛ فعكس المعنى. إذ جعل لفظَ الجلالة: "اللهَ" مرفوعًا (لا منصوبًا) كأنه فاعلٌ، وكلمة: "العلماءُ" منصوبة (لا مرفوعة) كأنها مفعولٌ به، فكأنما الُله تعالى هو الذي يخشى العلماءَ(!)، والعكس هو الصحيح؛ حاشاه وعلا عن الخوف من بشر.
كذلك المثال الإنجليزي الذي تعلمناه في المدرسة للتدليل على أهمية علامات الترقيم، في الجملتين التاليتين:
Woman without her man, is nothing.
Woman: without her, man is nothing.
وبوسعنا أن نرى البَوْن الشاسع في المعنى بين الجملتين رغم تطابق الكلمات. الأولى تخسف بالمرأة للحضيض، والثانية تعلو بها إلى عنان السماء. إنها علامات الترقيم التي نهملها في ثقافتنا العربية، رغم أنها ضوابطُ شديدة الخطورة؛ تعوّض الكلماتِ المكتوبة عن الطاقة المفقودة التي تمتلكها الكلمات المنطوقة المباشرة. علامات الترقيم تدلّنا على: متى نسترسل، متى نصمت قليلا، متى نستأنف الكلام، متى نتعجب، متى نستفهم، متى نعلل، متى نقدم تعريفًا لمصطلح أو فكرة، ومتى ننهي كلامَنا.
كانت "اللغة" الهابطة الركيكة إحدى مشكلاتي مع المعزول، من بين عشرات أسباب النفور الفكرية والسياسية الأخرى. وكانت اللغةُ الرفيعة أحد دواعي فخري بالرئيس المستشار عدلي منصور، الذي يعرف كيف يزن كلماته بميزان الذهب؛ فلا يلحن في نحو أو صرف، ولا يسفُّ في قول. فعالج وطبّب آذانَنا التي ضربها العطبُ مع ركاكات مرسي وهرتلاته المخجلة التي لا تليق بحاكم مصر. من هنا استبشرتُ خيرًا بحوار المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي الذي يشير إلى رجل ذكي حصيف واثق يعرف كيف يختار كلماته بدقة، ويفاضل بين المعاني والمفردات. وتلك ألف باء رئيس دولة يملك ناصية البيان، لكيلا تنقطع الجسورُ الحوارية الشفافة بينه وبين شعبه ومستشاريه وحكومته، وكذلك بين مصرَ والدول الأخرى، لأن حاكم الدولة هو لسانُها.
يبقى أن تتضح ملامحُ برنامج المشير السياسية والاقتصادية والفكرية، وفتح ملفات الأمن والتعليم والطاقة والموازنة والحريات وغيرها، مما سيحدد سمات مستقبل مصر القادم، في عهد المشير السيسي، أو منافسه حمدين صباحي.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسوي عيسوى محمدي
- حركة النصف ساعة
- كيف نقيس أعمارنا؟
- شكرًا لكم أيها الزائفون
- المرأةُ العفريت
- مدحت صالح ربيعُ الأوبرا
- عيد ميلاد زهرة تمرد
- المسيحيون سرقوا مصر
- ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي
- دستور برهامي
- برهامي هادم الدساتير
- كوني صماء وترشحي يا نصف الدنيا
- حُلم المصالحة الطوباوي
- رسالة إلى أرباب الفتن: مصر في الكاتدرائية
- رجلان يعرفان الله
- لقائي الأخير بالعصفور سلطان
- طريق الفرح
- هدفٌ في مرمى الحضارة
- الرئيس وأسئلة ديكارت
- عروسة لطفلة السماء


المزيد.....




- بعد زيارة وزير خارجية أمريكا.. بنما لن تجدد اتفاق -الحزام وا ...
- اتهامات بالتحريض وترهيب الشهود.. النيابة الإسرائيلية تفتح تح ...
- سوريا تحت قيادة الشرع تفتح صفحة جديدة مع الخليج، فهل تنجح بإ ...
- إسرائيل تصعد عملياتها العسكرية في جنين: نسف 21 منزلا وسقوط خ ...
- لقطات جوية تكشف حجم الكارثة.. أحياء بأكملها تغرق في كوينزلان ...
- كيف تتلاعب روسيا بالرأي العام في أفريقيا؟
- هل نجح نتنياهو بتغيير ملامح الشرق الأوسط؟
- الأطفال الفلسطينيون المرضى والجرحى يصلون إلى مصر بعد فتح معب ...
- المتمردون من حركة -إم 23- يدعون حكومة الكونغو الديمقراطية لل ...
- مصر.. خطاب للسفارة الأمريكية اعتراضا على تصريحات ترامب


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - الرئيسُ لسانُ مصر