|
حوار مع الكاتبة السعودية وجيهه الحويدر ..أمراة دأبت على أشعال نور الحلم في طرقات حلم النساء في بلدها
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1260 - 2005 / 7 / 19 - 10:49
المحور:
مقابلات و حوارات
أيام كنت أقرأ ولازلت لهذا الكائن النسوي الملتزم فكراً وأدباً ورصانة ثقافة ، أجد معها توهج لقيم يريد الآخرون أن يهيلوا عليها التراب ، لكن الحويدر وعت بثقافة متحررة ومتحضرة قيمة أن يكون للمرأة وعي مستقل بعيداً عن كل مظاهر الأضطهاد الفكري والاجتماعي الذي يمارس في الكثير من المجتمعات الشرقية ومنها مجتمع بلدها السعودية .. لكنها مناضلة ، تؤمن بثمن البحث عن الحرية ، لذلك عندما منعت من الكتابة في صحف بلدها ، مشى قلمها على أكثر من أديم وليسجل وعي أبنة الجزيرة وجيهة الحويدر أشراقات ميزت فيها روح التفاؤل والحياة من أجل عالم نسائي تحقق فيه المساوات بين المرأة والرجل مادامت حواء قد نزلت مع بعلها آدم الى الأرض خطوة بخطوة .. وجيهه الحويدر داعية نسائية تعي شعور الباطن لدى بنات جنسها وتكاد أن تكون مع القلة من رائدات الفكر السعودي الصوت الآخر لحلم المرأة لتكون الضفة الأخرى لوجدان المجتمع ، ولتشكل مع الرجل وحدة حضارية لدفع البلاد الى سمو ورفعة أخرى ، ويطلق عليها في أوساط المثقفين الذين يقرأونها على مواقع الأنترنيت بنوال السعداوي السعودية ، غير أن وجيهة الحويدر تختلف عن السعداوي بأن نمط تفكيرها هو أمتداد لصحوة جيل أتعبته رمال الصحراء وأعراف القبيلة.. اليوم نلتقيها في دارتها بجزيرة الحلم العربي الذي يزعج حلمه التأريخي وأماله العريضة هاجس الأرهاب المنظم والمدفوع بظلامية فكرة ما ، ونسألها : السيدة الحويدر ، فكرياً ، ماهي رؤى وعي المنطق لما يحدث الآن من هذا العنف المعاند ـ والمتتابع ؟
// عنفنا المنظم ذاك كان موجودا منذ اكثر من عقدين لكنه كان يحاك في أراض بعيدة عنا..نحن كنا نموله ونشد على يده ونسانده كلما كاد ان يتهاوى..الآن عاد الغريب الى دياره شاهر سيفه ساخطاً ممن انجبوه في هذه الدنيا، فالخبز العفن الذي ساهمنا في عجنه واعداده وطبخه صرنا نتلقفه لقمة بعد لقمة بمرارة وألم..لا منطق يُستوعب ولا لغة تُفهم ولا حوار يُسمع ولا حكمة تُدرك حين يدك العنف النفوس والأمكنة..منذ فاجعة منهاتن المروعة دخلنا نحن السعوديون في نفق قاتم موحش ولا نعلم متى سنبصر النور...ان ما ينتظرنا على هذه الارض هو اعظم..ولا استبعد ان نكون على ابواب حرب عصابات ضروس ستلتهم كل من تصادفه في دربها..وستنشر الخراب والدمار في المدن..
س / في أفكارك وعي غير محدد لمفهوم تحرير المرأة السعودية من قيود المجتمع ، هل ترين المتحقق يوازي طموح رسالتك ؟
ربما من الاجدر ان نكشف ما اسميته بـ"المتحقق" ..ما هو؟ وما فحواه؟ على افتراض ان هناك شيء ما "تحقق" ووجد لتستند عليه المرأة حين تعبث بها السنون..تلك خرافة ومهزلة تستخف بعقول الضحليين..ياسيدي نحن مازلنا في طور اننا نريد ان نكون وجود قبل كل شيء، وليس جزءا من الكماليات المنزلية..هناك من يتصور أن خانة الصفر أحط مكان ممكن قد يقيّم به وضع آدمي..نحن النساء على هذه الارض نحلم بذاك الصفر..اذا حزنا عليه نكون قد انجزنا الكثير..اتدري لماذا؟ لأن الصفر موجود.. فهو رقم متعافى ومتكامل ويرزح بثقة على خط الأعداد اللامتناهي، بينما نحن لا وجود لنا ولا هوية ولا منزلة..فقط تصبح لنا قيمة حين يريد لنا المحرم ذلك، وتنعدم حالما يقرر هو بانعدامها وتلاشيها..لذلك ما اطمح في رسالتي لتحقيقه من اجل اناثنا مازال كأنه خيوط سراب بعيدة المنال. انا مازالت احسه على السطح، ولم اتمكن من مس اعماقه بعد، قد يحتاج لسرب طويل من السنوات المديدة لإنجاز شيء من تلك الرسالة..
س / أنت تقرأين الأفكار من خلال طروحات المشاهدة للظواهر على مستوى الفكر والمهنة والعادات . هل تحققين غاية ، أم أنك تعانين من جدار ما يعزلك عن رسالتك ؟
العزلة تلازمنا اينما ولينا وجوهنا في هذا الشرق..الكتب مازالت تُصادر..والاقلام // تُبتر..والإصلاح اسطوانة مشروخة تدار كلما احتاج ولي الامر لسماع الحانها الشاذة..انه امر في منتهى الصعوبة ان تحلم بتحقيق غايات بإمكانها ان تُحدث شيئا على مستوى يبعد كثيرا عن الساحة الشخصية..لن اعلق الم عزلتي على شماعة الانوثة المأزومة البالية ولن اعول عليها..لان جدار العزل قدر الشرقيين من النساء والرجال..ان تكون انسان على الارض وتُحسب حجرا او جسما جامدا او بشرا معطل الاحلام .. هذا امر معتاد ويحصل لكل واحد منا نحن العرب..بسبب ما تفعله بنا الانظمة وما نفعله ببعضنا البعض..
س / صفي لنا حلم المرأة السعودية ! من هن وراء أسوار البيت والنقاب كثيرات ، ولكن وسائل الأتصال تصل أليهن بسهولة ، الفضائيات ، الأنترنيت ، الصحف . هل لهذا من تأثير ؟
// المرأة السعودية تصارع الويلات من ثلاث مؤسسات: الاسرية و الدينية والسياسية. محاطة طوال حياتها باسوار البيت والنقاب ونقط التفتيش والخطوط الحمراء..وسائل الاعلام اقتحمت البيوت بالفعل لكن لم تخترق جدار العادات والتقاليد المحصن، ولم تحدث اي ثقب فيه..كثير من السعوديات مازلن يفتقرن لأبسط الحقوق..كأن تعرف من ستربط حياتها به او تختار كيف تتعلم وماذا تتعلم..واين تتعلم..الفضائيات والأنترنت والمجلات صارت متنفس لإحتقان مزمن..بعضها اعني وسائل التنفيس، اخذ بالنسبة للمرأة السعودية دور المسكن لأوجاع الحرمان والعزلة والدونية..لكن البعض الآخر صار مهيجا و مثيرا للشجون..الفتاة السعودية ترى كل ذاك الصخب والإنفتاح والحرية على الضفة الاخرى وتقارنه بحالها..فتشعر بالاختناق اكثر وتزداد حسرة وانكسارا..
س / في بلداننا العربية ، هناك الكثيرات من رائدات الفكر والأدب ، مي زيادة ، نازك الملائكة ، نوال السعداوي ، أحلام مستغاني ، فدوى طوقان ، سعاد الصباح ….الخ ..من هن في المملكة جديرات بأن يضاف أسمهن الى القائمة أعلاه ولماذا ؟
في الحقيقة هناك كثير من الكاتبات والشاعرات اللاتي مارسن مهنة الكتابة لكنهن في نظري لم // يعتلين منصة الريادة بعد..لم يلجن الى اعماق النساء السعوديات ويستعمرن مكانة تجعل العالم الخارجي يشهد لهن بالقيادة او الاقتداء..لكن يتراءى لي ان لطيفة الشعلان وموضي الرشيد ومي يماني وزينب حنفي وفوزية بوخالد وبدرية البشر نساء مؤهلات لتلك المكانة..
س / أنت في كل مقالاتك تفكرين بوعي أنثى لاتريد ان تفقد أيمانها ، لكن تفسير رؤاك يحرجك في بعض الأحيان . هل تصرين على المواصلة ؟ وهل الوعي الجديد ألم مضاعف على امراة تريد ان تكون رائية لجيلها من النساء ؟
// لا يهمني الأحراج ابدا طالما الخفافيش لا تمسني ولا تقترب من حدودي..المواصلة هي التي تصر علي ..انا لم اختر ان اكتب عن عنائنا اليومي..وجدت نفسي مجبرة على تهشيم حيطان الصمت..السقم ينخر فينا نحن النساء..فسواء تحدثنا او صمتنا كلا الحالتين شقاء ممزوج بألم..الإستمرار في السير امر حتمي والوعي قدر لا بد منه..حتى الاميات في بلدي يعين جيدا انهن مهضومات الحقوق..القهر امره مفضوح لا يمكن ان يستغفل احدا..القضية في منتهى الوضوح ..لا احد يحتاج ان يكون مثقفا كي يعي انه مصارد الوجدان والهوية..كل مايحتاجه ان تجري في عروقه دماء البشر كي يعلم ذلك..
س / تسعين في نقاشاتك الى محاورة ذات الأنثى من خلال رصد الظواهر ورسم القيم الجديدة لعالم الأنثى . حصل هذا ومعه تعرضتي الى بعض سوء فهم . ترى هل ماحصل هو ثمن حرية الفكر أم ان الأمر خاضع لضغوط أو حسد ؟
// لا ليست ضغوط ولا حسد ولا حتى سوء فهم..اعتقد ما حصل لي هو نتيجة ثقافة سائدة في المجتمع السعودي وهي ثقافة رفض الصوت "الآخر". اما ان تكن معهم او انك حتما ستكون ضدهم. يرفضون ان يسمعوا لحنا خارج ترنيمات السرب وموسيقاه..البشر هنا صار غالبيتهم قطعان بلون واحد...فحين يشذ عن نهجهم شخص ما يُصنف على انه "الآخر" الذي يريد خلخلت الجمع وهدم ثوابته وتدمير قاعدته وتحريف مثله وتغيير نهجه السوي..لذلك يحارب بشتى السبل..عموما الحرية ثمنها باهض ومكلف وتحتاج تضحيات كبيرة..ونحن نعلم جديدا ان الحقوق تؤخذ ولا تعطى ..ايضا لا تأتي العدالة مجزأة او معلبة على طاولة مساومات..او في حوارات وطنية..
س / المملكة اليوم واحدة من حواضر العروبة ، ومرات يجاهر ساستها بوعي مفتوح على واقع الأمة ، أي ان السياسة السعودية تكاد تكون سياسة مجابهة في الكثير من المواقف ، هل تدركين معي ، أنهم بدأوا يفكرون اليوم بروح المغفور له الملك فيصل بن سعود ، الذي عاش مراحل حرجة من تاريخ امته وشعبه ؟
// لا احد يدري بماذا يفكرون ..وماذا يعدون للخروج من هذه الازمة الراهنة، لكن ما نراه اليوم على الساحة السياسية والوطنية لا ينم عن تصور محدد لما سيجري علينا ولنا، ونحن نكابد عتمة هذه المرحلة..الدولة لم تغير اسلوبها في معالجة الأمور العصيبة التي تلم بها..مازالت تتبع نفس السياسية المهترئة منذ عقود. الدرب الذي تسير فيه الحكومة الآن هو في مجمله ردات فعل، وتعامل مع النتائج لا الاسباب، واستخدام عنف مضاد مثل اجتثاث الجذور من تربتها وتفتيت البنى التحتية للمتورطين في قضايا ضد الدولة، .الى ماذا سيوصلنا ذاك الطريق؟؟؟ لا احد لديه اي فكرة ..كل ما هنالك الان هو تنبوءات تحوم في الاجواء والتي قد تكون قراءة خاطئة للمسألة وتبعاتها..
والأن بعد أن توقف الحوار ..بدا لي أن وجيهه الحويدر حالمة كبيرة ، انها ترسم في أفق ذاكرتها وعينيها أحلام جيل من الساعيات الى أثبات الوجود في زمن تقاطعت فيه النبؤات والرؤى وصار على المرأة أن تثبت ان مقاربة أحلامها ينبغي ان تقارن بأنجاز أي رجل حتى لو كان امبراطورا ..لهذا كان طعم الحديث مع الكاتبة والداعية المدنية لحقوق المرأة وجيهه الحويدر لذيذا كتمر نخيل يثرب ، وسعفه يشد احلام نساء المملكة الى أفاق عريضة من الحلم والعبور والمستقبل ..
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصائد للعلم الأحمر والرغيف الأحمر والخد الأحمر .. قلبي قوس ق
...
-
من أجل صديقي عبد الله الريامي ..رسالة الى السلطان ..ليكن مرس
...
-
المثقف وأيام الآن العراقي
-
يوتيبيا خضراء ..وجفن أمراة ترتدي قمراً بلون المقصلة
-
حكم مأخوذة من متن كتاب الحياة
-
دمعة لندن ومنديل مفتي الديار الأسلامية
-
سيناريوهات لرعاة المطر ورعاة البقر ورعاة الأفيال السومرية
-
قضاءالجبايش العراقي وبطة شنغهاي
-
أنت تشبه دالي ..وأنا أشبه صدر الدين حمه
-
يازمان الوصل في الأندلس ..نحيب عبد الله الصغير بين مدريد وكا
...
-
رؤى في تأسيس الديمقراطيات القادمة ..مقالة النائب البرلماني ع
...
-
الذاكرة الصينية والقمر الياباني
-
الملائكة المندائية وتوأمت الروح بالمهد والضوء والتعميد
-
أوغاريت تقطر ورداً..وكلاديس تقطر شهداً..وأمي تقطر خبزاً وفرا
...
-
حوار مع الروائية والكاتبة العراقية لطفية الدليمي
-
كيف تحولت خديجة الى أولتيكا برودسكي..؟
-
رسالة من القاص العراقي محسن الخفاجي الى الرئيس الأمريكي جورج
...
-
عشق وحرب وطفولة
-
حوار مع الشاعر البحريني قاسم حداد ..دلمون القصيدة بمعطف القر
...
-
خريف المدن الجنوبية
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|