|
محمد كان هو أول من خالف القرآن [تعقيب على قارئين]
إبراهيم جركس
الحوار المتمدن-العدد: 4446 - 2014 / 5 / 7 - 21:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنت قد نشرت منذ فترة سلسلة من أربع مقالات تناولت انتهاكات محمد وخروقاته لكتاب القرآن، وكان مذهبي في هذه المقالات أنّ محمداً هو من صنع قرآنه وصاغها وألّفه، ثم انتهكه هو، وليس أنّ
هناك إلهاً أنزل القرآن على محمد، ثم انتهك محمد أوامر ذلك الإله وخرقها. إذن القضية هي أنّ محمداً هو من شرّع وخالف تشريعاته، وليس الله. جائتني ردود كثيرة على هذه المقالات ومتنوعة، وكنت
أريد الاستفاضة فيها أكثر لولا ضيق وقتي وعملي في مجال الترجمة. لكن سنتطرق إلى هذا الموضوع في مرات قادمة وعسى أن يسعفني الوقت والحظ للتوسّع أكثر في تفاصيل هذه المسألة.
المهم أنني هنا في هذا الجزء القصير نسبياً أردت أن آخذ نموذجين من الردود وأعقّب عليهما لتوضيح نقاط كنت أريد التطرق إليها، وقد وجدت الفرصة المناسبة لذلك، النموذج الأول يتمثل في
تعليق السيد محسن المالكي الذي ذكر نقطة في غاية الأهمية في تعليقه تتعلق بما قاله المفكر محمد حسنين هيكل عن محمد وبشكل خاص حول مسألة خرقه وانتهاكه للتشريعات. أما النموذج الآخر فيتمثل في قارئ يعلق تحت اسم مستعار من المغرب (ناقد)، الذي ورد تعليقه على المقال في موقع صوت العقل، وسأتناول مضمون رده لأجيب عليه وعلى كلام جميع المسلمين كونه
يمثل حالة من هذا الفكر المأزوم.
سأناقش أولاً ما قاله السيد محسن المالكي في تعليقه حول مسألة مخالفة محمد للقرآن وانتهاكه له، يقول السيد محسن في معرض تعليقه ما يلي ((عندما طرح أغلب المستشرقين حقيقة لا يمكن
إنكارها ولا التكافل عنها أن محمد لم يلتزم بما شرّعه هو في قرآنه... كان رد محمد حسنين هيكل في كتابه "حياة محمد" لا يقل قباحة عن قباحة ما قام به محمد نحمد نفسه اذ برر عدم التزام
محمد بهذا التشريع بأن العظماء في أي مجتمع هم فوق القوانين والتشريعات التي يشرعونها))[انتهى] أولاً، ألا نقرأ هنا في كلام محمد حسنين هيكل اعتراف ولو ضمني ومتستّر بأنّ محمد قد خرق قرآنه وانتهك تعاليمه وتشريعاته؟ الأمر واضح أخوتي ولا يحتاج إلى توضيح أكثر من ذلك. النقطة الثانية تتعلق بمقولة أنّ العظماء والمشرعين في أي مجتمع هم فوق القانون والتشريعات، وهذا كلام فارغ لا أساس له من الصحة ولا من المعقولية، تخيلوا أني مشرّع أحرّم عليكم السرقة،
ثم آتيها أنا نفسي وأبرّرها لكم بأني فوق القانون والتشريع، كلام غير منطقي على الإطلاق، وعبثي، وإلا فلماذا التشريع من أساسه؟!!... ألا يفترض بي أنا المشرّع أن أكون أول الملتزمين
بتشريعاتي وقوانيني حتى أكون مثلاً يحتذى به وأعطي مصداقية لكلامي وقوانيني؟؟؟ هل يقبل العقل أن أشرّع لكم زواج أربع نساء فقط، وأتزوج أنا عشرون امرأة؟ من منكم يقبل ذلك؟ لا أحد... لأنّ ذلك منافٍ للعقل والمنطق والحس السليم، وإلا فلن أكون سوى منافق. ويحضرني هنا
أبيات الشاعر أبو الأسود الدؤلي ولا أراه إلا وهو يوجّه كلامه لمحمد شخصياً:
يا أيها الرجل الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ *** هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى *** كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا *** فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى *** بِالْقَوْلِ مِنْك وَيحصل التسليمُ لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ *** عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
محمد كان يفترض أنه معلم، ويعلّم أتباعه منظومة معينة من الأخلاق، وكان الأجدر به أن يعلم نفسه أولا ويلتزم هو نفسه بتعاليمه قبل أن يمليها على أتباعه ويطالبهم بالالتزام بها. حاول تقديم
دواء زائف لأتباعه ونسي أن يأخذه هو وهو السقيم والمريض أكثر منهم. لم يبدأ بنفسه ولم ينهها عن غيّها، بل استسلم لرغباته ومصالحه ولشهواتها الخاصة. نهى عن أمورٍ وأتى هو بمثلها وأقبح
منها، فيكف لهم إذن أن يقتدوا به؟ وأي إنسانٍ عاقلٍ يقتدي بشخصٍ كهذا؟
النموذج الآخر هو أفضل صورة للمسلم العادي وغير المتعلم من جهة، أو المتعلم والكذّاب من جهةٍ أخرى. هذا الأخرق تجرأ على الكلام، وتجرأ على إضفاء لقب الناقد على نفسه وهو أبعد ما يكون عن
النقد العلمي والموضوعي، وأقرب ما يكون إلى الأسلوب القطيعي الأخرق والفظ، فتمخّض هذا الجبل، ولم ينتج عنه إلا فأراً. يقول هذا الناقد ((إلى الكاتب: بعد قرائتي للمقال لم أجدك ولو مرة
ذكرت الإحالة أو حتى الشاهد على ما تم ذكره حول أم هانئ والنبي؟ أو ما هي المراجع المعتمدة؟ حسب روايتك يا سيدي خيّل إليّ أنك كنت بمكة وتروي لنا القصة كشاهد ثرثار عفواً عيان... وما
رؤيته بإسناد لاصحة له وهي كذب بإجماع الباحثين والمتخصصين في الشأن الديني الإسلامي))[انتهى] وأنا أردّ عليه بالقول: يا من تطلب إحالة أو مصدر الشواهد، الكل يعرف هذه القصص والروايات المخزية، ولكننا اعتدنا هذا الأسلوب من المسلمين، فأي حادثة ولو كانت معلومة لم نذكر لها
مصدرا يتخذها أدعياء العلم أمثالك كمأخذ علينا، ما ذنبنا إذا لم تكونوا تقرأون أنتم تاريخكم، أم أنّ هذه محاولة للتعمية والتجميل والإنكار. الباحث الموضوعي والناقد المدقق ما كان
ليطالبني الأن بمصدر أو إحالة، بل الأمر أسهل من ذلك، كل ما عليك هو أن تضرب على غوغل "معراج النبي من بيت أم هانئ" ولترى بنفسك أقوى المصادر وأصحّها، واختر من بينها ما شئت. أما إذا
اكتشفت بأني قد لفّقت، عندئذٍ بإمكانك التحدث والنقد. ويقول هذا المدّعي أنّ الأسانيد التي ذكرتها قد اثبت كذبها وبطلانها بإجماع الباحثين والمتخصصين في الشأن الديني الإسلامي، من هم هؤلاء؟ وإي باحثين وعلماء؟ لم يذكر شيئاً، وإذا كان هذا
صحيحا، فلماذا تؤمن بوجود محمد إصلاً وهو المذكور في هذه الأسانيد والمجاميع الصحاح؟ النقطة الثانية، أني قد تعلمت خلال دراستي لعلم النفس وتخصصي فيه أن من يحاول إخفاء حقيقة واضحة، والتستر عليها وإنكارها، فهو في داخله يفعل ذلك لأنه يخجل منها في لا شعوره. هل هذه هي
حالك؟ هل تخجل من أفعال نبيك؟ حاول هذا المدّعي تكذيبي وعقر الناقة، لكنه لا يعلم أنّ غسيله منشور أمام العالمين.
في النهاية سأقول النتيجة التي توصلت إليها في نهاية تلك السلسلة المكونة من المقالات الأربعة وهي أني بتّ متيقناّ وعلى أتمّ العلم واليقين بأنّ المسلمين عامة ورجال دينهم وسدنته خاصة
سيحاولون التحايل والتلاعب واللف والدوران، مستخدمين أسلوب التحايل والمنطق الأعوج لتفنيد هذه الأحاديث والأخبار التاريخية التي ذكرتها في مقالي، في الوقت الذي سيستخدمون نفس المراجع
والأسانيد خلال محاولتهم تفنيد مذهبي هنا. إنه الفصام العقلي. الحقيقة هي أنّه بغضّ النظر عمّا سيقولون، فالحقيقة خالدة وساطعة ساطعة كسطوع الشمس، والقارئ الذكي والنبيه والعاقل لن يجد صعوبة في التمييز ما بين العثّ والثمين، وتمييز الحقيقة من
الزيف. لقد انتهك محمد القرآن وبشكل علني وصارخ، دون أي حساب لمشاعر معاصريه ومن حوله، أو ما سيسجّله التاريخ عنه
#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصادر القرآن: بحث في مصادر الإسلام، وليم غولدساك، الجزء [4]
-
مصادر القرآن: بحث في مصادر الإسلام، وليم غولدساك، الجزء [3]
-
مصادر القرآن: بحث في مصادر الإسلام، وليم غولدساك، الجزأين [1
...
-
محمد كان هو أول من خالف القرآن [4]
-
محمد كان هو أول من خالف القرآن [3]
-
محمد كان هو أول من خالف القرآن [2]
-
محمد كان هو أول من خالف القرآن [1]
-
لماذا نؤمن بالله/الآلهة [4]
-
لماذا نؤمن بالله/الآلهة [3]
-
لماذا نؤمن بالله/الآلهة [2]
-
لماذا نؤمن بالله/الآلهة [1]
-
مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [7]
-
مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [6]
-
مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [5]
-
مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [4]
-
مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [3]
-
مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [2]
-
حوار قصيرة
-
مسائل حول الدين والإله في ضوء العلم والمنطق والعقل [1]
-
الإلحاد والبروباغندا
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|