الردّة بين اللغة والتّحريم والحدّ

عبد الباقي سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4446 - 2014 / 5 / 7 - 17:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

د. عبد الباقي سعيد
حدّ الردة لغويا : صرف الشّيء ورجعه، و الرد : مصدر ردت الشيء . ورده عن وجهه وقد ارتد وارتد عنه: تحول وفى التنزيل " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر..." والاسم الردة ، ومنه الردة عن الإسلام ، الى الرجوع عنه . وارتد فلان عن دينه إذا كفر بعد إسلامه(1) أما بالنسبة للتعريف الاصطلاحي للردة سنقتصر على تعريفين :- الأول:- تعرف الردة بأفعال الشخص المرتد، والمرتد هو من ترك دين الإسلام إلى دين أخر كالنصرانية أو اليهودية مثلا أو إلى غير دين ، كالملحدين والشيوعيين وهو عاقل مختار غير مكره(2). الثاني : وفى هذا التعريف فأنه بالإضافة إلى أفعال الشّخص المرتد ألا أنه يحاول أن يوضح هذه الأفعال بصوره لا تدعو للبس، الردة هي كفر مسلم تقرر إسلامه بالشهادتين مختارا بعد الوقوف على الدّعائم والتزامه أحكام الإسلام ،ويكون ذلك بصريح القول كقوله: أشرك بالله أو قول يقتضى الكفر كقوله: إنّ الله جسم من الأجسام أو بفعل يستلزم الكفر لزوما بينا كإلقاء مصحف أو بعضه ولو كلمه أو حرقه استخفافا أو تركه أو البصق عليه أو تركه في مكان قذر ومثل المصحف ، الحديث وأسماء الله الحسنى، وكتب الحديث ،أي يكفى باي فعل يصدر من جانبه يدل على انه ينكر حكم من أحكام الدين الإسلامي أو الانشقاق عنه أو فعل يكون به إنكار أي حكم من الأحكام المستقر عليها كإنكاره وجوب فريضة الصلاة أو الصوم.. (3). وتعرف أيضا : كفر المسلم بقول صريح أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه) (4) إثبات حد الردّة تثبت بالإقرار أو الشّهادة ويشترط في ثبوته بالشهادة شرطين: 1- شرط العدد : اتفق الفقهاء على الاكتفاء بشاهدين في ثبوته ولم يخالف في ذلك إلا الحسن فانه اشترط أربعه (5) 2- تفصيل الشهادة : بأن يبين الشهود وجه كفره ،حفاظاً على الأرواح (6) قال الأئمة : لابد في أثبات الردة من شهادة رجلين عدليين ،ولابد من اتحاد الشّهود فإذا شهد بأنه كفر قال القاضي لهما: بأي شيء ؟ فيقول الشاهد: كذا أو يفعل كذا(3). وان أنكر المرتد ما شهد به عليه اعتبرا نكره توبة ورجوع عند الحنفية ،فيمتنع القتل في حقه (7)،وعند الجمهور : يحكم عليه بالشهادة ولا ينفعه إنكاره بل يلزمه أن يأتي بما يصير به الكافر مسلما ما يكفر من الأقوال و الاعتقادات (1) كلّ من سبّ الله تعالى أو سبّ رسولا من رسله أو ملاكا من ملائكته عليهم السّلام فقد كفر.(2) كلّ من أنكر ربوبية أو الوهية الله تعالى، أو رسالة من رسول من المرسلين أو زعم أن يتنبأ بأن يأتي بعد خاتم النبيين محمد – صلى الله عليه وسلم- فقد كفر. وكلّ من جحد فريضة من فرائض الشرع المجمع عليها كالصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج أو الجهاد...فقد كفر، وكلّ من استباح محرماً مجمعا على تحريمه معلوما بالضرورة من الشرع، كالزنا أو شرب الخمر أو السّرقة أو قتل النفس أو السّحر ،وكلّ من أتى بفعل صريح في الاستهزاء بالإسلام فقد كفر.(3) وكلّ من جحد سورة من كتاب الله تعالى أو آية منه أو حرفا فقد كفر. وكل من جحد صفه من صفات الله تعالى ككونه حيا ،كليما، سميعا، بصيرا، رحيما فقد كفر. وكلّ من اظهر استخفافا بالدين في فرائضه أو سننه أو تهكم بذلك أو احتقره أو رمى بالمصحف في قذر أو داسه برجله أهانه له واحتقارا فقد كفر. وكل من قال إن الأولياء أفضل من الأنبياء، أو العبادة تسقط عن بعض الأولياء فقد كفر. وكلّ الأفعال ليست إلا مثالا صغيرا من بحر مليء بالأفعال التي إذا فعلها المسلم فقد كفر. وحتّى لا ادعي أنني قد اشتملت على موطن الإجماع عند الفقهاء جميعها ولكنني ومن جانبي أجد انه يوجد شبه إجماع بين الفقهاء على من أتى أي فعل من الأفعال السابقة أو الأقوال يكون قد كفر،وعليه التوبة أو القتل حداً، شرائط الردة لا تقع الردة من المسلم إلا إذا توافرت شرائط البلوغ والعقل والاختيار ،المطلب الثاني : النصوص الشرعية الواردة في حد الردة وتأتي النصوص الشرعية الواردة من الكتاب و السنة ونحاول أن مدى توافر الإجماع على حد الردة 1- القران (أ‌) يقول الله تعالى في كتابه العزيز " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر..." سوره البقرة الآية 217. ومن هذه الآية يمكن معرفه دليل حد الردة في القران ولكن قد يعترض البعض على هذه الآية على اعتبار أنها تدل على دليل على ثبوت حد الردة ولكنها لا تحدد العقوبة إلا في الآخرة، ويمكن الرد على هذا بان حكم الرد هو من ناحية ثبوتها يستفاد من الدليل وبناء عليه نجد أن الردة تم النص عليها في كتاب الله. (ب‌) يقول الله تعالى " قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقتلونهم أو يسلمون..." الآية 16 سوره الفتح. الآية نزلت في أهل الردة من بني حنيفة(1) قال ابن كثير: إن هذه الآية نزلت في أهل الردة من بني حنيفة وقد بين الله تعالى أن ليس لهم عقد ذمه وإنما لهم الدخول في الإسلام أو القتل.(2) (ج) يقول الله تعالى" يأيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه أذله على المؤمنين أعزه على الكافرين..." 2- السنة وقد ورد في السنة من الأحاديث ما يدلّ على ثبوت حد الردة في الدليل الثاني من الأدلة الشرعيّة ألا وهي السّنة. وقد روى البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنهما قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (من بدل دينه فاقتلوه) ،أمّا إشكاليّة عقوبة الردّة ستكون موضوع حديثنا في المقال القادم .


عبد الباقي سعيد
دكتوراه في الدّراسات الإسلاميّة

#عبد_الباقي_سعيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات