|
أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي - الفصل الثالث
كلمل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 1260 - 2005 / 7 / 19 - 10:43
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الفصل الثالث قوة الكلمات ___________________
أكد لنفسك بصوت مسموع وفي كل يوم هذا الذي ترغب فيه وتريده قله بلغة تعبر عن أنه حاصل فعلا وأنك تملكه حقا ، لا بأنك تتمناه أو تريده فقط وأنه لا زال في علم الغيب . ___________________________________________
قانون عمل العقل ________________
تعرفون جميعكم أعزائي القراء أننا نملك للفيزياء قوانينها ، فلدينا قانون الجاذبية والكهربائية والمغناطيسية ، بذات الآن لدينا قوانين الروح من قبيل قانون السببية أو النتيجة والسبب ، حيث لكل فعل رد فعل ولكل فعل نفعله اليوم نتيجته الأكيدة التي قد تأتي في الحال أو لاحقا . ما تبعثه اليوم يعود لك غدا ، أما العقل فله أيضا قوانينه وهذا ما يعنيني في هذا الفصل . كيف تعمل قوانين العقل ، لا أعرف .. بصراحة ... ! لكني أظن أنه حين نفكر ، أو حين نتلفظ بقول ما أو جملة معينة ، فإن هذا الذي نقوله ينتقل إلى العقل بطريقة أو أخرى ثم يعود إلينا ثانية من خلال شعور ما أو حالة نفسية معينة ، إيجابية كانت أو سلبية حسب نمط هذا الذي قلناه أو تلفظناه بوعي أو بدون وعي حتى . لقد صار معروف لدينا بشكل عام بعد التطورات الحديثة التي حصلت في علم النفس في البضع سنوات السابقة أن هناك علاقة كبيرة بين العامل الذهني والعامل الفيزيائي أو المادي . لقد صار معروفا لدينا كيف يعمل العقل وعرفنا أن أفكارنا لها قدرة عظيمة على الخلق ، صحيح أنها تتجول بحرية في أدمغتنا وأن من العسير ضبط مسارها والتعرف على كيفية فعلها الفيسيولوجي او الفيزيائي ، ولكنها بشكل عام خلاقة وفاعلة وهذا ما يؤكده العلم وما يجب أن نؤمن به . ولهذا أصل إلى نتيجة إلى أن ما تقوله لنفسك سيفعل فعله في الداخل بلا أدنى شك ، فأنتبه لهذا جيدا . غن تقدما عظيما يمكن أن يحصل في بناء شخصيتك إذا ما أصغيت بعناية لهذا الذي تقوله لنفسك أو لهذا الذي يدور في ذهنك من كلمات وأفكار . بالإنتباه لما تقول أو لما تفكر به في لحظتك ، يمكنك أن تغير مسار الكلمة أو الفكرة التي تقال فتستبدل السلبي منها بالإيجابي . ماذا يحصل إذا فعلت ذلك ؟ سيتغير بالتأكيد إتجاه سلوكك أو رد فعلك الذي تبنيه على أساس ما تقول أو ما تفكر به وبالنتيجة ، سيعود لك من الخارج أي من الناس أو الظروف رد فعل مقابل سيكون في الغالب إيجابي ، لأن ما تقوله أو تبعثه إلى الخارج سيعود لك من ذات الصنف أو ذات النوع . إن في الكلمات عزيزي القاريء قوة عظيمة جدا ، أغلبنا للأسف الشديد غير واعٍ لها . إننا نقول غالبا كلمات لا نفكر بها أو بالكيفية التي نقولها بها ، إننا لا نمنح قاموس كلماتنا هذه الحيوية والتجديد والتجميل المطلوبين الذين يمكن أن ينعكسا على كامل نفسيتنا وسلوكنا ومشاعرنا ، وفي الغالب يفضل الكثيرون منا الحديث عن السلب على الإيجاب وكأننا نستمتع بالسلبيات رغم إنها لا تمنحنا سعادة أو بهجة حقيقية ولا تحقق لنا أي تقدم في حياتنا . في المدارس تعلمنا ونحن أطفال قواعد اللغة ، لكننا لم نعنى بالمعنى من تلك الجمل التي نقولها أو نكتبها ولم نتعلم أن لدينا الحرية في أن نختار الكلمات أو الجمل التي نريد أن نقولها أو التي يمكن أن تكون بديلا أفضل عن الكلمات التي قيلت لنا . كانت هناك إمكانية أكبر لأن نُعلم كيف نكون أحرارا في أن نصنع بدائل عديدة تحمل ذات منظومة القواعد وبذات الآن يمكن أن تكون أجمل وأكثر إيجابية . خذ على سبيل المثال جملة من قبيل : " الجندي يقاتل الأعداء " ، هذه الجملة العدوانية الكريهة تحمل منظومة قواعد ولا شك لكن إنتبه للمعنى الذي يرد فيها إنه معنى كريه ، يوحي بشكل أو بآخر بالقتل ، فهل من الجدير على الطفل أن يتعلم القتل بينما هو مناظ به أن يتعلم تركيب جملة من فعل وفاعل ومفعول ... الخ . لا أحد يقول لك في المدرسة أن هذه الأفكار هي المطلوب منك أن تتقنها ، لا إنهم يقولون لك نريد ان نعلمك القواعد اللغوية ، إنما هي تتسلل إلى داخل الذهن وتترك أثرها حتى دون أن يشعر ربما المعلم ذاته . بذات الآن فإن معلمينا لم يقولوا لنا أننا نستحق أن نعيش طفولة سعيدة ، لا أحد منحنا الإحساس بالقيمة خارج إطار اللغة والقواعد وضوابط السلوك ، لا أحد منحنا الإحساس بإننا أكثر من أطفال جهلة لا يعرفون شيئا ، بإننا مخلوقات جميلة يمكن أن يكون لها مستقبل زاهر ، لا أحد قال لنا أنا أحبكم لكي ما نتمكن من أن نحب أنفسنا ونحترمها ونؤمن بها . لهذا حين كنا أطفال كنا لا نكف عن الصراع مع بعضنا والتلفظ بأقبح الألفاظ ضد بعضنا البعض لأننا كنا نشعر بأن الآخرين لا ينظرون لنا بحب فلماذا نحب أنفسنا أو بعضنا . في المدرسة كما في بيوتنا ، كنا لا نسمع إلا الزجر والتأكيد على إننا أغبياء لا نفقه شيء ، هذا هو ما شوه مستقبلنا إذ ترسبت تلك الكلمات الكريهة في أعماقنا وغدت مع مرور الزمن أثقالا نحملها في الداخل فتنعكس على تصرفاتنا وسلوكنا تشاؤما وكراهية وضيق نفس وقلة صبر وتردد وخوف وملل .
تحدث مع نفسك بطريقة جديدة : ____________________
لو تتذكر عزيزي القاريء أيام طفولتك الأولى وكيف أنك سواء في المدرسة أو في البيت كنت تتلقى أوامر من قبيل : أكتب هذه الجملة أو إقرأ هذه الصفحة أو رتب فراشك بنفسك أو أجلب لي ماء أو أفتح الباب ... الخ . كنت تتلقى مقابل هذه الممارسات الصغيرة التي تقوم بها ، تتلقى إذا ما نجحت في إدائها إطراء من الأب أو المعلم أو الأم أو حتى جارك ، أو بالعكس تتلقى التوبيخ إذا ما فشلت . هنا إرتبط في أذهاننا أن حب الآخرين أو كراهيتهم ، نقمتهم أو إطرائهم هو غالبا يرتبط بما نفعل لا بشخصيتنا الحقيقية . إنه حب مشروط أو كراهية مشروطة لا علاقة له بجوهرنا أو روحنا الحقيقية أو القيمة الحقيقية الإستراتيجية لوجودنا بين أهلينا أو في المدرسة . إذن فهي عواطف ذات نفس قصير وطابع وقتي . هذا السلوك من قبل الآخرين وهذا النمط من العواطف إستنبت في داخلنا شعور عميق بإننا لا قيمة لنا إلا ضمن تلك الضوابط أو تلك الممارسات ، بغيرها فنحن لا شيء ووجودنا عبثي إن لم ننجح في أن نعكس الصورة التي أريد منا أن نتمظهر بها حتى لو إنها مغايرة لما نريده من أنفسنا أو ما نحسه في داخلنا من هوية خاصة يجب أن ترى النور . حين نكبر وبدون أن نشعر نقيم أنفسنا بذات المقاييس التي خطها آبائنا أو معلمينا ونتوقع أو نريد من أنفسنا أن نكون ذات الصورة وهنا نصاب بالتناقض الحاد والخيبة كلما فشلنا في أن ننجح في إعادة رسم ذات الصورة . بذات الطريقة فإن نمط حديثنا مع أنفسنا يأتي بذات لغة الأبوين أو المعلمين حتى دون أن نشعر بذك غالبا . إننا دون ما وعي منا ، نعيد إستنساخ تجارب الآخرين الذين كانوا ينظرون لنا بأقل قدر من الحب وبأكثر قدر من الأوامر والتوجيهات التي يمكن في تصورهم أن تبنينا على ذات النمط الذي يريده المجتمع . حين نحاول أن نقاوم هذا الإتجاه نعاني بقسوة وحين نريد أن نتحرر من هذا الشكل السابق رسمه ونفشل تجدنا نعود فنلوم أبوينا ومعلمينا . ولن نصل بمثل هذا إلى أي نتيجة في واقع الحال ، فقط سنظل حبيسي ذات الفخ القديم ، فاللوم والتثريب لن يجدي شيئا وعلينا أن نعود لقراءة نمط تفكير أهلينا ومستوى وعيهم ونقول لأنفسنا مساكين ، لقد كانوا يتصرون إنهم على حق ، إنما يجب أن نحافظ على الإيجابي في أقوالهم ونتخلص من السلبي ونتحرر من نمط تقييم أنفسنا على أساس ما نحقق من نجاحات أو على أساس ما يصيبنا من فشل . يجب أن نؤمن عزيزي القاريء أننا كبرنا على الدرس وأننا يجب أن نحب أنفسنا بغض النظر عن النجاح أو الفشل ، يجب أن نتحرر من هذا التقييم الظالم لأن الفشل ليس معناه نهاية الحياة وإننا بالنقد واللوم لن نستطيع أن نخرج من حقل الذات أجمل ما فيه من زهور وثمار ، بل من خلال الرحمة مع الذات والحب لها يمكن أن ننجح ونخلق الحياة التي نحلم بها ونريدها . إنتبه لهذا الذي تقوله لنفسك ، إصغي بعناية . إن شعرت أنك تقول لنفسك قولا سلبيا ، سارع إلى إستبداله بقول إيجابي ، إن سمعت قصة أو حكاية سلبية حاول في الحال أن تتحرر منها بدلا من أن تنقلها لآخرين لتنشر دون إرادة منك حالة السلب التي قد تعود إليك لاحقا بما هو أسوأ ، أما إذا ما سمعت قولا أو حكاية إيجابية فمثل هذه من الضروري أن تسعد بها الآخرين لأنها قطعا ستعود عليك مزيدا من الحب والإحترام والأرتياح لحضورك مع اولئك الذين لا يسمعون منك إلا كل خير .
كل يردد ما في جعبته : ______________
لو إنك إنتبهت وأنت تجلس مع شخص ما إلى الطريقة التي يتلفظ بها وتلك الملامح التي تبدو على وجهه والسكنات حين يتحدث ، ستجد في الغالب أن هذا الشخص يتحدث من نمط محفوظ في عقله الباطن ربما يكون هذا النمط عائد إلى أباه أو أمه أو معلمه أو إلى خبرات كونها في حياته السابقة فأثرت في نمط تفكيره وطريقة إداءه . ليس هناك من هو حر من تركة الماضي أو من خبراته الذاتية وهناك لا شك الكثير من الإيجاب في هذا ، إنما بذات الآن هناك الكثير من السلب . لو إنك سمعت كلمة " يجب " أو " واجب " لمرات عديدة على لسان المقابل فإنك بالتأكيد ستستنتج أن هذا أو هذه المسكينة مشدودة بقوة إلى إلتزامات قاسية لا تعبر بالضرورة عن ما في روحه أو ضميره . كلمة " يجب " أو " واجب " هي كلمة بشعة تعبر عن العجز الذاتي والعبودية لهذا الذي قيل لنا أو تعلمناه من المدرسة أو من قيم المجتمع والتي صارت مقاييس لمدى صلاحنا من فسادنا . لا أقول هنا أننا لا يجب أن نؤدي ما علينا تجاه المجتمع أو تجاه آبائنا أو أبنائنا وأوطاننا ، لكن إختيار الكلمة أو اللغة التي توحي بالإلزام الحاد تعبر عن إننا لا زلنا غير مقتنعين بهذا الذي يراد منا قوله أو فعله وفي الغلاب فنحن أما أننا لا نفعل ما يراد منا رغم تردادنا لكلمة " واجب " أو إننا نفعلها بدون حب وإلا لما قلنا واجب أو لما كررنا هذه الكلمة عشر مرات في أي محادثة مع أي غريب أو صديق . إنتبه لهذا عزيزي القاريء من أجل أن تتحرر من الواجبات أو أن تحيل الواجبات إلى أفعال جميلة تفعلها بقناعة وحب لا لمجرد أن ترضي الآخرين وتسبب لنفسك التعاسة . في قناعتي ليس هناك واجب إلا تجاه ذاتك أولا ... أن تحبها وتحترمها وترعاها لأنها هي أداتك للعيش السعيد الموفق ، ثم بعد ذلك حاول أن تعيد تقييم واجباتك على أساس ضروراتها لإستمرار حياتك وإستمرار تطورك وبذات الآن على أنها ثمن يدفع ضمن ما تأخذه من الحياة من مكاسب ونعم وليس كواجب لا مقابل له . أحبب واجباتك من حيث أنها جزء من سعادتك وليس واجبا مفروضا عليك ، ثم إختر كلمة أخرى تعبر عنه ، من قبيل " أنا أحب أن أساعد والدي ، ولا تقول واجبي أن أساعد والدي " . إنتقاء الكلمات مهم عزيزي القاريء فحاذر وأنت توحي لذاتك أو تتحدث معها ، حذار من إنتقاء الكلمات التي تشعرك بالعبودية والعجز . لو إننا رفعنا من قاموسنا الذاتي كلمة " واجب " لشعرنا بسعادة الحرية الحقة ولتخففنا من ضغط هائل يثقل قلوبنا ويعكر أمزجتنا ويفسد حياتنا . كذلك يكرر الكثيرون منا كلمة " لكن " ... هذه الكلمة أيضا تعبر عن الإعاقة الباكرة التي نوقعها على فعل نروم فعله . إننا نسبب لأنفسنا الإضطراب الشديد بإعتمادنا هذه الكلمة ضمن أقوال نقولها لتعبر عن نية معينة أو فكرة معينة أو تقييم ما ، فمثلا نقول : " الحقيقة أنني أفكر بإكمال تعليمي لكن .... " هنا أوقعت نفسك في إضطراب وخلقت إتجاهين كانا في الأصل واحد موحد ، هذه " اللكن " حرفتك عن نية معينة حتى قبل أن تبدأ إذ أدخلت النفي عليها . طبعا لا أقول عزيزي القاريء أننا لا ينبغي أن نتبصر كل الإحتمالات قبل أن نفعل فعلٍ ما ، لكن ... في الإيحاء الذاتي لنفسك ، حذار أن تكرر كلمات من قبيل " لكن أو يجب أو كلمة النفي كلا " ، لأن مثل هذه الكلمات تؤدي للعجز وتقلل من فرص حصول فائدة من الإيحاء الذاتي . كلما تحاورت مع ذاتك أو الآخرين في أمور ذات طابع شخصي لك أو لهم ، من الضروري أن تقلل من إعتماد الكلمات المعوقة للحرية لأن التطور الذاتي لا يحصل ( لا لك ولا للآخرين الذين يطلبون منك النصيحة ) من خلال إعتماد مثل هذه الكلمات . أما إن كان حديثنا مع الآخرين ذو طابع عمومي غير شخصي فلا ضرر من مثل هذه الكلمات . من العبارات التي لا نكف عن تردادها أيضا وتفعل فينا فعلا معكوسا بالكامل وفي أغلب الأحيان هي عبارة " لا تنسى " والتي نقولها لتأكيد فعل نود من الآخر أن لا ينساه وبالنتيجة تجد أنه ينساه حقا وكأننا قلنا له إنساه ولم نقل لا تنساه ، لماذا يحصل هذا ؟ كلمة " لا " في العبارة " لا تنسى " ، هي ما تؤدي إلى النسيان لأنها في الواقع كلمة لا معنى لها ولا يحتفظ العقل الباطن بأي صورة لها ، بعكس ما لو قلنا الكلمة الإيجابية التي يحبها العقل الباطن ويعتبرها وهي كلمة " تذكر " . حين نقول العبارة " لطفا تذكر أن .... " فأنت هنا تحفز العقل الباطن على التذكر أما حين تقول " لا تنسى " فإنك كأنما تحفز العقل الباطن على النسيان لأن كلمة " لا " السلبية كلمة يكرهها كل واحد منّا في داخله ولا يريد أن يطبقها مضافا إلى أن العقل الباطن لا يحمل لها أي صورة أو لون أو شكل بحيث يمكن أن يضعها في الإعتبار ، ولهذا تجده يقفز إلى كلمة " تنسى " وكأنك طلبت منه أن ينسى ، فيقوم بفعل النسيان . أمر آخر عزيزي القاريء ... أسألك .. ما هي آخر الكلمات أو العبارات التي تقولها لنفسك أو تدور في ذهنك قبل أن تغمظ عينيك وتغفو ؟ أهي كلمات إيجابية متفائلة ؟ أم إنها كلمات سلبية من قبيل : لقد كان يوما كريها هذا الذي مرّ علي ... لقد تعبت من كذا وكيت ... الناس لا تحبني ... الظروف تأبى أن تتغير ... الخ . هذه الكلمات الكريهة أو الأفكار التي تدور في ذهنك وأنت توشك على النوم ، ستنعكس على غدك فتجعله ربما أسوأ من يومك إن لم يكن مثله تماما ... ! كم هو حري بك أن تقول لنفسك شيئا إيجابيا من قبيل ... الحمد لله لقد كان يوما حافلا ، رأيت كثير من الوجوه الحبيبة وأستمتعت بكذا وكيت ... ، أنت لا تخسر شيء إن قلت هذا لكنك ستربح ولا شك نوما هادئا وغدا سيكون بالتأكيد أحسن ، لأن ما نقوله اليوم سينعكس على الغد فيلونه بلونه ، إن قلت شيء جميل إنعكس لونا ورديا على غدك ، لأنك ستستيقظ وأنت متفائل وسعيد بعد نوم هاديء وأحلام جميلة ، وبالتأكيد سيلعب العقل الكوني الذي تحدثنا عنه في الفصل الأول ، سيلعب دوره في إغناء يومك بالمصادفات الجميلة والنجاحات الصغيرة التي يمكن أن تؤسس لنجاح خارق كبير إذا ما تكررت . بذات الآن كيف تبدأ نهارك لحظة أن تستيقظ ؟ هل تبدأو يا ترى بالشكوى من قلة النوم أو الأرق أو قسوة الفراش أو أوجاع الظهر ؟ هل تبادر في لحظة نهوظك إلى التشكي من العمل الذي أنت ملزم للذهاب له ؟ هل تشرع بإيقاظ أطفالك بالصراخ الهستيري من أجل أن يذهبوا للمدرسة ؟ أم إنك تستيقظ وأنت تردد لنفسك ، إنه نهار جميل ولا شك ، لقد كان نومي بهيجا وأمامي يوم حافل بالسعادة ... ! هذين النوعين من السلوك هما الشائعان بيننا نحن البشر وفي الغالب تجدنا نسلك السلوك الأول ولهذا فإننا نحكم على يومنا كله بالتوتر والعصبية والضجر ، لأننا نبدأه أصلا بداية سيئة . هذين اللحظتين عزيزي القاريء ، لحظة الرقود ولحظة النوم يلعبان دورا حاسما في ليلنا ونهارنا ، فهما يلونانه أما باللون الأسود الكريه أو باللون الوردي الجميل . هذه حقيقة ... " المثل يقول إضحك تضحك الدنيا لك ، إبكي ... لا أحد يبكي معك " . العقل الكوني ، هذا الذي يوصل بين كل العقول في رابطة خفية سرية ، يتأثر غاية التأثر بنوع كلماتنا ونوع سلوكنا ونوع مشاعرنا ، كلما كنا إيجابيين محبين للحياة وللآخرين ، كان رد فعل العقل الكوني أنه يسلط علينا رحمته من خلال مصادفات جميلة وفيوض من الخير لا ندري من أين تأتي إنما هي تأتي بفضل تفاؤلنا أما إن كنا متشائمين حانقين ضجرين فإننا نغلق كل أبواب التواصل مع جوهرنا الروحي وكذلك مع القوة الخلاقة العظيمة التي تحكم الحياة على هذه الأرض ، لأن هذه القوة هي حب خالص وخير عظيم ورحمة وتفهم ، وينفع في شدها إلى صفنا أن نكون منفتحي العقول والقلوب . من الحقائق الأكيدة عزيزي القاريء هو أن النوم يقوم بشطف وتنظيف الدماغ بالكامل طوال تلك الساعات الجميلة التي تسترخي بها العقول وتنام العيون ، حقيقة يفترض أننا نلد من جديد في اليوم التالي بعد أن نستيقظ ، لكن للأسف نحن نشوه حتى تلك الساعات التي ننام بها ، إننا ننقل لها أمراض النهار ومتاعبه بحيث يغدو من الصعب على عملية النوم أن تكون متقنة تامة ناجحة كليا . أنا شخصيا أختار أن أقوم بقراءة شيء مرح خفيف قبل النوم لكي أنقل لنومي العميق بقايا ضحكاتي وإبتساماتي وإسترخائي الذهني فأسرع بعملية الشطف والتنظيف التام التي يقوم بها الدماغ لنفسه إثناء النوم ، في الغالب أنام بعد وجبة خفيفة وغالبا ما اؤدي صلاة شكر بسيطة قبل النوم ، شكر للحياة التي منحتني يومي الجميل هذا والتي تعدني بيوم آخر جميل . الإيحاءات قبل النوم مهمة جدا عزيزي القاريء ، إيحاءات إيجابية يمكن أن تتحول إلى أحلام جميلة في النوم ويمكن أن ترد في عقلك الباطن رؤى صادقة يمكن أن تغير حياتك بأكملها . كثير من عظماء الأدب الإنساني والفلاسفة والمفكرين بل وحتى كبار رجالات السياسة والمال ، نالوا خلال النوم رؤى صادقة غيرت حياتهم بأكملها وهذا من بعض غرائب الحياة أو كنوزها العظيمة التي يمكن أن تتفتح أمام اولئك المتفاءلين الشاكرين السعداء بحياتهم رغم قسوتها الظاهرة . ومهما تكن الحياة قاسية أو هكذا تبدو لنا فإن الحل دائما بأيدينا ، شريطة أن نتفاءل ونتأمل بعمق ونسترخي ولا نشد أعصابنا أو نتوتر او نستعجل الحل ونقسره قسراً .
كيف يكون التواصل مع الآخرين عميقا : _________________________
حين قررت مع نفسي أن أكف عن ترديد الأحاديث السلبية والحكايات المتشائمة والأخبار المثيرة السخيفة ، شعرت أني لا أملك ما أقوله لأصدقائي ... حقيقة كان موقفا صعبا في البداية ، كيف لي أن أقنعهم أنني أريد أن أتحرر من الأحاديث السلبية لأنها تحمل شحنات طاقة سالبة تفسد مزاجي وتعكر ليلي ونهاري ، ثم قوة العادة والتكرار لعشرات السنين لم يكن من السهل الإنتصار عليها بسرعة . لاحظ أصدقائي إرتباكي وحسبوا أني متعبة ، لكني في الواقع كنت مضطربة ، المهم ... مع الإصرار على هذا النهج الجديد أمكن لي أن أتحرر بالكامل وبذات الوقت لاحظت أني أصبحت أكثر إبهاجا لأصدقائي ومعارفي ، كيف ؟ عوضا عن الكلام ، صرت أصغي بعناية ، إنتصرت على الرغبة في الكلام بالكامل فأمكن لي أن أعوض ذلك بالإصغاء الجيد ، بالنتيجة أصبحت أكثر فهما للآخرين وأكثر قدرة على التعرف على أنماط تفكيرهم وما يعانون منه وما يتعبهم وصرت أقدر على أن أنفعهم من حيث قدرتي على طرح الحلول أو الإقتراحات الأنسب والأكثر وضوحا . أنظر كيف أن خلق عادات جديدة يحمل معه دائما متغيرات مفيدة لنا وللآخرين . بدلا من أن نثرثر في أمور سلبية تفسد أيامنا وليالينا ما أجدرنا بأن نتحدث عن الإيحابيات فقط ونتبادل النصح والمشورة ونستمتع بالأشياء الحلوة فقط في الحياة ، وبالنتيجة يزداد الخير في حياتنا . لا أكتمك ، هناك أناس لا يرتاحون لك لو إنك لا تكف عن التحدث عن الإيجابيات ، مثل هؤلاء لا يتحملون الخير والنجاح لأنهم فاشلون ، إنما يمكن أن يفرحوا بك ويرتاحوا لك لو إنك حدثتهم عن مصائب الآخرين لأن مثل هذا فقط يسعدهم حيث هو يعيد لهم التوازن المفقود بين فشلهم وإحباطهم وقسوة حياتهم وبين الخير والنجاح الموجود لدى الأخرين . إنهم لا يطيقون وليتهم يستمعون لك أو يستتشيرونك في السبيل للخروج من حالة الفشل التي يعانون منها عوضا عن أن يستمتعوا بالشر وتعاسة الآخرين . على أية حال ، مثل هؤلاء كثيرون جدا ، وبالتالي فمن الخير أن تتخلص من صحبتهم إن لم يكن بمقدورك أن تحتملهم أو أن يحتملوا تفاؤلك وإيجابيتك ، المهم أنك لا يجب أن تخسر روح التفاؤل لأن هذا وحده هو ما يمكن أن ينقلك من حالة الفقر المادي والروحي والتعاسة واليأس إلى حالة النجاح والتفوق والسعادة . التشاؤم لا يوصل لشيء أبدا ، والسلب لا يأتي منه إلا السلب . تذكر هذا وأحرص على صفاءك وتفاؤلك وأستمر بالإيحاء لنفسك بالإيحاءات الإيجابية فقط ، لأن هذه لها القدرة على أن تتحول إلى متغيرات حقيقية ملموسة .
قوة العقل الباطن : ___________
على ضوء هذا الذي طرحناه بشأن لغتنا ونوعية الشحنات السلبية أو الإيجابية في كلامنا وتأثيرها في سلوكنا وأفعالنا يجدر بنا عزيزي القاريء الكريم أن نتحدث عن العقل الباطن ، لأنه بالنتيجة هو مستودع كل أسرارنا وهو وحده ما يتلقى الكلمات ويختزنها وينفعل بها ويستجيب لها . يتميز العقل الباطن بأنه لا يتدخل في أحكامنا ولا يمتلك القدرة على التحكيم وتقييم الإشياء بذاته من حيث أنها سلبية أو إيجابية . إنه فقط يطيع ما نودع فيه من معلومات أو خبرات . العقل الباطن يحبنا بقوة ويثق بنا بلا حدود ولا يعترض مطلقا علينا ويأخذ كل ما نقوله على محمل الجد . إنه لا يعرف المرح ولا يميز بين الجد والهزل ، العبارة التي نقولها مهما كانت صغيرة فهو يتأثر بها بالكامل ويستجيب لها ، فلو إننا تحدثنا عن الصداع مثلا ولفترة توهم العقل الباطن أننا نريد صداعا في الحال فأستجاب ومنحنا هذا الذي نريده أو لو إننا أظهرنا رغبة أو إشتهاء ما إستجاب لنا وأنفعل بتلك الرغبة وعكسها لنا مجددا في خليط من الصور الداخلية التي يمكن أن ترد في الأحلام أو في اليقظة ، أما إن شئنا أن نفكر إيجابيا فإنه يتأثر ويعكس لنا الصور الإيجابية التي تناسب الحال وربما أتحفنا بفكرة ذكية تناسب هذا الذي نريده أو أستحثنا على حركة ما تناسب هذه الفكرة أو هذه الرغبة التي طرأت . إذن فإن العقل الباطن هو الخادم المطيع الذي يمكن أن يفقرنا أو يغنينا حسب رغبتنا فقط ، فلو شئت عزيزي القاريء أن تتخلص من الأفكار السلبية فإن العقل الباطن بدوره سيخدمك في ذلك فيكف عن طرح الصور السلبية ويستبدلها بإيجابية محفزة للحيوية والأمل والتفاؤل والنجاح . العقل الباطن لا ينسى ولا يهمل أي شيء وهذا مكمن الخطورة فيه على كامل حياتنا . أنت ربما فكرت الآن فكرة سلبية وتوقفت عنها بعد لحظة ، المشكلة أن العقل الباطن يختزن نسخة منها تماما كما يختزن القرص الصلب للكمبيوتر نسخا من كل صفحات المعلومات التي تشتغل عليها . هذه المعلومة السلبية التي يختزنها العقل الباطن في جوفه يمكن أن يخرجها في أي لحظة وبالذات في لحظات المرض أو التعاسة فيتراكم السلب في حياتك أكثر فأكثر ، بذات الآن اللحظة الإيجابية أو العبارة الإيجابية التي توحيها لنفسك أو تقولها للآخرين يمكن أن يعيدها عليك العقل الباطن مرات ومرات فيحصل لديك تراكم إيجابي . لو إنك قلت مثلا لنفسك كلمة وأنت في حالة الغضب من قبيل : يا إلهي كم أنا غبي ... ! يستمع لك العقل الباطن ويختزن الكلمة وكأنك تأمره بأن يؤكد لك بأنك غبي ، فيقوم فعلا بعد برهة بفعل يؤكد هذا الغباء ، أو لو إنك قلت : أنا حزين ، قام العقل الباطن بإعطاءك المزيد من الحزن وكأنك كنت تريد أن تكون حزين . إنه لا يميز بين الجد والهزل أو بين الغضب والرضا ، إنه فقط يستمع لك وينقل كلامك ويؤدي هذا الذي تقوله بالضبط ، فيخرج من جوفه في حالة الحزن مزيد من الذكريات المحزنة ويدفعك في لحظة تأكيدك على الغباء إلى أن تفعل المزيد من الممارسات الغبية حقا من قبيل أن تتعثر أو أن تشعل نارا في ثوبك أو بيتك أو أي إجراء غبي سبق لك أن قلته . إنتبه لما تقوله لذاتك أو لما تفكر به فإن العقل الباطن لا ينسى أبدا وهو سريع الإستجابة للسلب كما للإيجاب .
____________________________________________________________________________________
ونكتفي بهذا القدر أعزائي القراء ، أملا أن نلتقي في فصل رابع في القريب وشكرا لحسن الإهتمام . المترجم
#كلمل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
5 قتلى و200 جريح.. أحدث حصيلة لضحايا هجوم الدهس بألمانيا
-
من هو السعودي المشتبه به في هجوم الدهس بألمانيا؟ إليكم التفا
...
-
مراسل CNN في مكان سقوط الصاروخ الحوثي في تل أبيب.. ويُظهر ما
...
-
المغنية إليانا: عن هويتها الفلسطينية، تعاونها مع كولدبلاي، و
...
-
هجوم بطائرات مسيّرة يستهدف مدينة قازان الروسية ويتسبب بأضرار
...
-
ناقد للإسلام ومتعاطف مع -البديل-.. منفذ هجوم ماغديبورغ بألما
...
-
القيادة العامة في سوريا تكلف أسعد حسن الشيباني بحقيبة الخارج
...
-
الجيش اللبناني يتسلم مواقع فصائل فلسطينية في البقاع الغربي
-
صحة غزة: حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي بلغت 45.227 شخصا منذ بد
...
-
إدانات عربية ودولية لحادثة الدهس بألمانيا
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|