|
دراسات في الموال العراقي
خيرالله سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 4446 - 2014 / 5 / 7 - 11:05
المحور:
الادب والفن
صدور كتاب ( دراسات في الموال العراقي ) للدكتور خيرالله سعيد : عـن ( مؤسسة الثقـافـة الشعبية في البحرين - وبالتعاون مع المنظمة الدولية للفـن الشعبي I O V) صدر في مستهل شهر أبريل – نيسان 2014م ، كتاب الباحث العراقي د. خيرالله سعيد ( دراسات في الموال العراقي ) وهو أوّل دراسة نقدية في هـذا الإطار ، من الناحية الأكاديمية ، أخضعها الباحث الى مسارات تاريخية ورؤية نقـدية تخضع الى المعيار المعرفي – الفني في عملية تحـديد مفاهيم الرؤية النقدية لدراسة فـن الموال العراقي، من حيث النظم وشكل التعامل معه، بوصفه أدباً شعبياً ، انتقل من الفصيح الى العـامي، في سلسلة متطورة تاريخياً، خضعت الى مفاهيم عصرها الأدبية، ومن ثم أصبح هـذا الفـن واحداً من أبرز عـلامات الأدب الشعبي في العـراق، ثم انتقل منه الى بقية الأقطار العربية . الدراسة ، تقع في 112 صفحة من الحجم الكبير، قُسّـمت الى الأبواب والفصول التالية : آ- المقدمة . ب- الباب الأول – وشمل الفصول التالية : 1- الفصل الأول : * تمهــيد منهجي . * تعـريف المـوّال . 2- الفصل الثـاني : * إشكالية التسمية . * وزن المـوّال . * نشـأة المـوّال وولادتـه . 3- الفصل الثالث : * المــواليـا . ج – البـاب الثـاني : ( أنـواع الموال العراقي ) . 1- الفصــل الأول: المـــوّال الربـاعي . 2- الفصل الثـاني: المـوال الخماسي – الأعـرج . 3- الفصل الثالث : المـوال السداسي – الأعـرج ( النعمـاني ) . د – البـاب الثالث : المـوال الزهـيري . 1- الفصـل الأول : * تسمية الموال الزهيري . * وزن المـوال الزهيري وزحـافاته . 2- الفصل الثـاني : * استقرار النظم في الموال الزهيري وظهـور الجناس . 3- الفصل الثالث : * التفـنّـن في نظم الموال الزهيري . 4- الفصل الرابع : * توشـيحة المـوال الزهيري هـ - البـاب الـرابع : تطورات النظم في المـوال الزهيري . 1- الفصل الأول : * المـوال العشيري . 2- الفصل الثـاني : * المـوال المشـط . و – البـاب الخامس : دراسات قصيرة عن بعض الموالات المختـارة . ز – البـاب السادس : نمـاذج من المـــوال العراقي . ح – الإحـالات والهـوامش . إن هـذه المحاولة في دراسة الموال العراقي، تكشف عن مقدار الجهـد التاريخي الذي بذله المبدع العراقي لهـذا الفـن البديع، حيث ان دأبـهِ لتطوير شكل الموال ومضمونه وبناءاته استغرقت أكثر من ثمانية قـرون، وهي ملاحظة تستوقف الباحث عن مـدى شغف العراقيين بهـذا الفـن الشعري المتميّز في المجتمع العراقي. والدراسة تقـدّم كشفاً منهجياً لمعرفة أسرار الوعي عند ( المواطن العـادي ) وشكل تحسُّسِـهِ للفـنون والآداب التي يعبّـر بها عن أحاسيسه وانفعالاته، بحيث يخلق ( المناخ الأدبي الخاص بـه ) رغم الأميّـة التي يعيشها في هذه البيئة أو تلك ، من مناطق العراق المتعددة ، والمختلفة بلهجاتها وقوميّـاتها وفولكلورها وعاداتها وتقاليدها، إلاّ انها تتوحّـد في ( نظم الموال العراقي ) من حيث شكل الممارسة الكتابية في هـذا الأدب الشعبي، التي يكتبها ( قاموس ) كل منطقة شعبية، له حضوره في مفردات الموال الخاصة ببيئته. وبغيـة تعريف القـارئ العربي عن أبرز مـلامح هـذه الدراسة ، نقـدم أدنـاه ( دراسة مختصرة ) عن تلك الموضوعات التي تضمّـنها الكتاب ، لا سيما الرؤية المنهجية التي كتب بها المؤلف كتابه .
دراسـة مختصرة عـن المــوال العــراقي . د. خيرالله سـعـيد [email protected]
تمهـيــد منـهـجي : 1- تـعـريف المـوّال : المـــوّال، بالتـشـديد ، على زنـة فعـّـال، وهـذا الـوزن يأتي للمبـالغـة ، كما يقـال: عــلاّم ،ولا يصـح أن يكـون ( مـوّال) على زنـة مفعـال، ليكون أصله من ( وَلّ) لعـدم وجـود مثل هـذه المفردة في العـربيـة .*1 والمـوّال ، جمعـه في اللغـة- مـوّالات- والعـامـة تجمعـه على ( مــواويـــل) . *2
2- إشـكـاليـات التـسـميـة : هـناك تـاريخ لكل مـولـود، وولادة المـوال العـراقي كانت متعـسرة، وخطيرة، وفي جـوّ من الإرهـاب والقـسوة، إذ انـولـد المــوّال العراقي في بغـداد، إبـّـان خـلافـة الرشـيد(حكم ما بين 179- 193 هـ/786 – 809 م إثـر حـادثـة معروفـة ومشهـورة ، كانت تعرف في المـدونـات التـاريخية بإسـم (نكــبة البـرامـكـة) والتي كان ضحيـّـتهـا الأول وزير الرشيد، هـو جعفـر البرمكي (187 هـ،/ 803 م)حيث قتـله الرشيد ثم صلبـه ، وقطـّعت أعضـاؤه ، وعـلـّقت بأماكن متفرقة، وبعد مدّة أنـزلت وأحرقت، كان ذلك في غـرة صفر عام 187 هـ.*3 وبشير محمد الشـافعي (849 – 910 هـ ) الى ولادة المـوّال الى هـذه الحـادثة ، حيث قـال:( إن الرشـيد بعـد أن بطش بالبرامكـة، أمر بأن لا يرثـى جعفـر، لكن إحـدى جـواريّـه رثـتـه بـشـعـرٍ، عـرف فيما بعـد بإسم ( المـواليـا) قالت فيـه : *4
يـا دار أيـن ملوك الأرض أيـن الـفـُـرس أيـن الـذين حـمـوهـا بالـقـنا والــتـــرس قالت تراهـــم رمم تحت الأراضي الدرس سـُكون بعـدَ الفصاحةِ ألـسنتهـم خــُـرس
ويـذكر أن الشـطر الأخـير جـاء هـكـذا : وغـرابُ البيـت أتـى ورفـرَف حـــواليـّا
*وهـذا النـمـط من الشعر-الذي سمي بالمـواليـا- انتشر بين أوساط مـوالي البرامكة، ونشطوا في استخـدامـه والنظم عليه في مرثياتـهم، لذلك دعي بالمـواليـا . *5 ما يتوجـب الانتباه إليـه، أن هـذا اللـّـون من النظم بدأ من الشعر الفصيح ،مطعـّم ببعض المفـردات العـامية، مع تكرار كلـمة (يـامـواليـا) ، إضافـة الى أنـّه كـان، رباعـي النظـم- وإن وزنـه كان من (البحـر البسيط) وبـداياتـه تـؤشر الى أنـّه كان مخصصاً الى نظـم ( الرثـاء) الأمر الذي يشير الى الصـلة الوثيقـة بيـنـه وبين الحـزن، وهـذه المسـألة سوف تكـون إحـدى عـلائم نظم المـوال، في كل ألـوانـه فيما بعـد، داخـل العـراق وخـارجـه . إن ولادة المـوّال العـراقي، بهـذا الشكل ( المـواليـا) كانت بغـداد حاضنتـه الأولى، ولكن انتشـاره الى بقيـة مـُدن وبلــدات العراق، أكسـبتـه تسميات أخرى، وطرأت تطـورات على بنيـته النظميـة، الأمر الذي أشكل على الكثير من الباحثين العراقيين والعرب على حـدّ سـواء . فعـامر رشيد السامرائي، ينفي حـادثة ابتداع الجـارية للمـوال العـراقي، مشيراً الى أن( أهـل واسط) هـم الذين أوجـدوا وأبـدعـوا المـوال، نافيـاً وقاطعـاً أمر ابتـداع المـوال الى تلك الجـارية، ومستشـهـداً ببيت من ( المـواليـا) يعاكس مضمون- المواليا- الأول، يقـول :*6
منـازل كنت فيهـا بعــد بـُعـدك درس خـراب لا للعـزا تصلــح ولا للعـرس فأين عينيك تنظـر كيف فيهـا الفرس تحكـم وألسـنة المـدّاح عنهــا خـرس
فالملاحظ أن لغـة السـامرائي، في هـذه الإشكالية، قـد ابتعد فيها عن الموضوعية في البحث، وأصبحت الرؤيـة في بحثه ( مؤدلجـه) الأمر الذي يدعونا الى الشكّ في منهجيتـه، لأن البحث العلمي لا يصح أن يـؤدلج، لأنه في تلك الحـالة يفقـد علمـيـّته وآهليـّته ورصانته من الناحية الأكاديمية، لذلك سوف نتعـامل معـه بحذر شديد مع كل رواياته ومنقـولاتـه . وأمـّا الباحث عبد الكريم العـلاف (1314-1389 هـ) فيتطـابق مع ما ذكره السـيوطي في ( شرح الموشـّح) وحادثة الجارية البرمكية في ابتـداع المـواليـا، بالصيغـة التالية : *7 منـازل كنت فيهـا بعـد بـُعـدك درس خـراب لا للعـزا تصلــح ولا للعـرس فأين عينيك تنظـر كيف فيهـا الفرس تحكـم وألسـنة المـدّاح عنهــا خـرس
كما أن العـلاّف يشير أيضـاً إلى أن( أهـل واسط) كانوا يتغـنون بالموال عند قيامهم بـالأعمال اليومية، لاسيما في تـأبير النخيل وسقي الأراضي، فيما كان يشير الى أن أهـل بغـداد يسـمون ( المـواليا الزهـُيري) وينسبهـا الى رجـل اسمه ( مـلا جـادر الزهـيري) نسبة الى قريـة الزهيرات، وهـو أحد الذين نظموا تلك المـوالات، واشتهـر فيهـا، وكان قـد عاصر حـكم مـدحت باشا ( 1869-1872) بولايتـه على بغـداد ، وظـلّ حيـّاً حتى عـام 1286 هـ ، ثم نزح الى بغـداد . *8 وهـنا ، يبـدو أن العـلاف ، لم يـدقـّق بمنهجـه، بمعنى أنـّه اعتمـد على تسمية العـامة للمـوال الزهيري، وعـدم فصلهِ بين المـواليـا، التي تعتمـد على القـافية، وهي المرحلة الأولى للمـوال ، وبين المـوّال الزهيري، الذي يعتمـد الجنـاس في نظمـه، مع عدم الدقـة في نشـأة المـوال، حيث ينسبه الى أهـل واسـط . فيما يصـادق مصطفى صادق الرافعي(1297 -1356 هـ) على رواية السيوطي، مضيفـاً إليهـا ( بأن جارية البرمكي قد استخدمت هذا النوع من الشعر الذي يدخله اللـّحن ولا يجري على أوزان الشعر، لتـتّـقي نكبة الرشيد، وجعلت تقول، بعد كل شطر( يـامواليـا)فعرف هـذا النوع بـهِ وتناوله الناس، ثـمّ حـرّف المصريـون هذه الكلمة ، واستخدموا كلمة مـوّال)*9 . ويبـدو أن الـرافعي لم يتابع بدقـّة شكل تطورات الموال على الساحة العراقية ، وشكل تبدلاته ومسميـاتـه، من مرحلة لأخرى, وهـو ماسنبيـّنه في هذه الدراسـة . أمـّا المـؤرّخ الأستاذ عبد الرزاق الحسني (1321 – 1417 هـ) صاحب ( تاريخ الوزارات العراقية) فإنـه يـؤيـّد السيوطي في روايته عن( المـواليـا) بينما يرى أن المـوّال( نوع من النظم اخترعه السيد المـوالي، من سـادة الحويزة، والمـواليا، لم يكن على قـاعـدة المـوّال الحـاضر*10 هـنا نلاحظ أن الأستاذ الحسـني قد انتبـه الى التغيـّرات في شكل بنية المـوّال، إلاً أنـه نسبه الى أهـل الحـويزة وليس الى أهـل بغـداد ، ونحن نخالفـه في هـذه المسألة ، كـون بغـداد هي منشـأ المـوّال الأصـلي .
أمـّا الأب أنسـتانس الكرملي( 1263 -1366 هـ/ ) وهـو واحـد من المعمرين والمشتغلين بالأدب، أصله من لبنان، لكن ولادتـه ببغـداد، يرى ( أن المـواليا ، يعرف اليوم في العراق باسم (الميـمر) ويستـنـد الى رواية السـيوطي في مسألة نشـأة المـواليـا .*11 والملاحظ أن – الكرملي- قد ابتعد كثيراَ في ( هـذا التطابق) بين المـواليـا والميمر، حيث أن الأخير يلتـزم بقـافية الـراء ، في نهـاية البيت الرابع، وهـو ينظم على أربعـة أبيات، ومن بحـر مختلف تماماً عمـّا ينظم بـه المـواليا، الذي ينظم على ( البسـيط) . أمـّا الأستاذ عـبد الحميد الگـنيـّن(1326 – 1393 هـ)وهـو أحد الأساتذة الذين تولـّوا رئاسـة جامعـة بغـداد ، فيرفض وجـود الصـلة بين المـوّال والمـواليـا، لكنه يرى أن الزهيري أصل التسمية ، والمـوّال ثـانـوي .*12 وغريب هكـذا رأي، إذ أن قـاعـدة الزهيري ، سباعية الأبيـات، وجناساتـه مختلفة في كل ثلاث أبيـات، وتسمية المـوال ، هـو إطلاق عـام على كل أشكال المـوال العراقي المتعـددة، وسوف نبيـّن ذلك في الفصول القـادمـة من هذه الـدراسـة . والشـاعر صفي الدين الحـلـّي (675 - 750 هـ / 1276 - 1349 م ) وهـو واحد من فحـول شعراء العـراق بالفترة المظلمة- القـرن 8 هـ /14م – ويكاد يكون أوّل شاعرعراقي ينتبـه الى أهمية الأدب الشعبي في العراق، حيث يشير بحديثه عن ( فـنون الشعر السبعـة الملحـونـة) بالقـول : (منهـا ثلاثة معـربة أبـداً، لا يغتـفـر اللـّـحن فيهـا، وهي: الشعر القريض والموشـّح والدوبيت، ومنهـا ثلاثة ملحـونة أبـداً وهي : الزَجـل، والكـان وكان، والقـومـا، ومنهـا واحـد هـو البرزخ بينهما ، يحتمل الإعراب واللـّحن، وإنـما اللـّحن فيه أحسن وأليق، وهـو المـواليـا, وإنما كان يحتمل الإعراب ، وهـو من عدد هذه الفـنون الأربعـة الملحونة، لأنـّه أوّل ما اخترعـه الواسطيون، واقتطعــــوه من (بحر البسيط) وجعلوه معهـا كالشعر البسيط ،إلاّ أنـّه كل بيتين منهـا أربعـة أقفـال بقافية واحـدة، وتغـزّلوا بـه ومدحـوا وهـجوا، والجميع معرب ، إلى أن وصل الى البغــاددة، فلطـّـفوه ولحـّنوه، وسلكوا فيه غـاية لاتـدرك ) *13 ثم يضيف :(وإنما سمـّي بهـذا الاسم ( المـواليـا) لأن الواسطيين لمـّا اخترعـوه، وكان سهل التناول لقصره، تعلـّمه عبيدهم المتسلمون عمارة بسـاتينهـم، والفعـول والمعاصرة، والأبـّـارون يغـنون بـه في رؤوس النخيل، وعلى سقي الميـاه، ويقـولون في آخر كل صوت مع الترنيم يـا مـواليـا، إشارة الى سادتهـم، فغـلب هـذا الاسم وعـرف بـهِ ) *14 لقـد فتح لـنا صفي الدين الحلي نـوافـذ للولوج الى بنيـة النص، من خـلال إشارتـه الى أن (المـواليا) تنظم على الفصيح والملحـون، وقـبول أسوغ للملـحون- الشعبي- وشيوع نظمـه بين سواد الناس البسطاء( الفـِعـلة والعـمال) في واسط ، مع استخدامه في مجالات شتـّى، و إشارة واضحة وهـامـة هي: أن هـؤلاء الناس كانـوا ( يترنمون بـه)، أي يغـنـّـونـهُ ، وتلك واحـدة من أهم الإشارات التي سوف تحـدو بالنـاظمين لأن يطـوّروا هـذا الشعر الى ماهـو أقبل للغـناء عند مختلف الطبقات، وهـناك إشارة هـامة أيضاً، ذكرهـا( الحلي) كون الشكل لنظم الـمواليا ، قـد أخذ تحـديدٍ هـو : كل بيتين منهـا ، أربـعة أقفـال ( أبيات) بقـافية واحـدة، وهـذه الالتفاتة هـامة جـدّاً، حيث أنهـا ستقود الى تطور قادم في بنية النص الشعري للمـواليا، لأن تـُنـظم بشكل مختلف ، تؤسـّس للمـوّال الربـاعي، انطلاقا من شكل نظم المـواليـا، وسوف نتعرض له في الصفحات القـادمـة من هـذا البحث . ومن الـذين عـرّجـوا على ذكر المـواليـا، ابن خـلدون(732 -808 هـ /1332 - 1406م ) صاحب المقـدمة المشهورة والمعروفة باسمه، فقـد قال عن المـواليـا:( أن للعـامة في بغـداد نظم يسـمـّونـه المـواليـا، من فـنـونـهِ الكان وكان والقـومـا) *15 ويبدوا أن – عالم الاجتماع ابن خـلدون، غير دقيق في توصيفـاتـه تلك عن المـواليـا، إذ أنـّه لم يفرّق بين فـنون الشعر الملحـونـة التي أشار إليهـا صفي الدين الحلي، في ( المعطـّل الحـالي) ، أضف الى ذلك – كما يبدو لي- أنـّه لم يسـتقِ معلوماته من العراقيين، بل من رواة الأخبار ، لذلك بنى رأيـه على السماع . من استعراضنا المـُقـدّم عن المـواليـا، ونشأتهـا وتطـورهـا وولادتهـا، كنوع من النظم الشعري في العراق، يتـّضح بأنـّهـا هي الأرضية الأساسيـّة التي مهـّـدت لبنـاء المـوّال العراقي، من حيث النشـأة والمولد، وشكل النظم، وكانت هي الركيزة الأولى للمـوّال الربـاعي، الذي أسـّس بناءاتـه على مـاهـو موجود في نظم المـواليا، وبـذا نـرى أن المـواليـا، هي اللـّبنة الأولى التي شيـّدت صرح المـوّال الربـاعي، منذ أن أوجـدت هـذا الشكل من النظم ، تلك الجارية البرمكية في العصر العباسي ( قرن2هـ/8م ) وصولاً الى ( القرن 6هـ/12 م ) حيث تفـنـّن أهـل واسط في نظمـه وغـنائه، ومن ثم تطـوّرهِ الى مديـاتـهِ في ( الرباعي والخماسي الأعرج والسداسي النعماني الأعرج ) وصولاً الى النظم السباعي للمـوّال، والمعروف بالزهيري، حيث اكتمال البنيـة الشكلية واستقرار قـاعـدة النظـم على ( البسـيط) والأبيـات السبـعة المجنـّـسة، ولـيس المقـفـّـاة . * * * * أنـــــــــــواع المــوّال العــراقـي : 1- المــوّال الـربـاعي :وهـو أوّل نظـمٍ ولـّـد نفسـَـهُ من المـواليـا، متـّخذاً شكل نظمـهِ بأربعـة أبيـاتٍ على قـافية واحـدة، وملتزمـاً ( البحـر البسيط) ، مع قبولـه النظم بالفصيح والعـامي، وقـد انتبه إليه الباحث العراقي د. رضـا القريشي، لكنـّه لم يفصله عن المـواليا،، والتي يعتبرهـا من مخترعات النبطية ( النباطية) الذين سكنوا واسط، وتاريخ هـذا النظم، مقـدّم على الزجل والموشح لديـه . *16 والمـوّال الربـاعي،هـو المقصود بعبارة صفي الدين الحـلّي التي يقول فيهـا :( أنـّه أوّل من اخترعـه الواسطيون، واقتطعـوة من بحر البسيط ، وجعلوه معهـا كالشعر البسيط، إلاّ أنـّه كل بيتين منهـا بأربعـة أقفـال، بقـافية واحـدة) مستشهـداً على ذلك بالمـوّال التـالي له : *17 جـودك لَـمن حـلّ منـّا والمسيفـر عـــون 1 فـأنتَ موسى وغيرك كالمسي فرعـــون 2 وفي حِمــاك الـورى يابـا العشايـر عـون 3 فـي ظـلّ أكـنافـكم بالخصبِ هـم يـرعـون 4 معــاني الكلمـات: 1- المسيفر : الكثير السـفر، وعـون: محرّفة عنّ ، بمعنى اعترض...2- فرعـون: فرعون مصر المعروف...3- عــون : من الإعـانة ...4- عـون: مساعد ، معـين . فيمـا يقابلـه في الصنعـة الفنيـّة المـوّال المصري التالي على نفس القـاعـدة في النظـم ، والذي يقول فيه صاحبه : وحـق يـا بـدر تقـريـبـك وتـغــــريـبي 1 لا تتـبـع النفـس تغـري بك وتغري بي 2 خـلّي المقــادير يجري بك وتجـري بي 3 وتنـظر الــناس تجريبــك وتجـــــريبي 4 معـاني الكلمـات : 1- تغريبي : من الاغتراب أو الابتعاد ...2- تغـري بي: تغريني ، من الإغراء ...3- تجري بي: تحدث لي ، تصيربي ،...4- تجريبي : من تجاربي التي مرّت علي ،مع قياس تجاربك . لاحظ بدايات تشكّل الجناس في كل بيتين، تطبيقـاً لقـاعـدة صفي الدين الحـلي المذكورة أعـلاه. فيما ذكر القريشي ،بحديثـه السـابق أعـلاه نمـوذجـاً للمـوّال الربـاعي، عـزاه الى ابن نقطـة (عبد الغني بن شجاع البغـدادي - ت 583 هـ ) يقـول فيه : *18 قـد خــابَ من شـبـّه الجـزعـة الى درّه 1 وقـاس قبـحـهُ الى مستحـسـنة حـــــرّه 2 أنـا مغـنـّي وأخـي زاهـــــدٌ الى مــــرّه 3 بيــرين في الـدار ذي حـلوه وذي مــرّه 4 معـاني الكلمـات : 1- الجزعـة : نوع من أنواع الحجر الكريم ...2- قبحـة: أصلهـا( قحبـة) وفق إحـالة الشيخ الكرباسي الى ( لغـة نـامـه) صـ22 من ديوان- الموال الزهيري- حتى تستقيم المقارنة بين المرأتين ،والبقية معروفـة ولا تحتاج الى شرح في كل المعاني المذكورة. ثمة ملاحظة اعترضتنا أثناء الدراسة والتحقيق، تبيـّن أن أغلب الباحثين عن جـذور المـوّال وأساسيـّـاته، لم يفـردوا فصلاً خاصـاً، عن ( المـوّال الربـاعي)، بل عـرّجوا على ذكره في سياق حديثهـم عن الموّال الزهيري!! وهـذا إخـلال منهجي يتوجـب إعـادة النظر فيه، لأن المـوّال الرباعي يشكـّل مرحلة متقدمـة وأساسية في شكل تطـوّر المـوّال العراقي ، إذ فيـه بـدأت تظهـر ملامح الجـناس في نهـاية الأبيـات في هذا النظم، الأمر الذي يحدو بنا للقـول، أن المـوّال المـربـّع، يشكـّل أساس ثـانٍ، من بعـد المـواليـا، في مسـألة نشـأة وتطور الموّال الزهيري . ففي أولى المحاولات للمـوّال في النظم على الجـناس ما قـاله الهـزّاني ( محسن بن عثمان العنزي- نسبة الى قبيلة إعـنزه- وهـو واحد من مبتـدعي الجناس ، ومن المشاهير الذين تنسب إليهم الأوزان السـامرية ، حيث أنـّهُ ولـّد الجناس من ( المروبع) على الشكل التالي : *19 گــالن لي اگــعد عـندنا گــلت مـا عــــاد 1 مارضا مع سـمرِ العكاريش مـاعــــــــاد 2 واليــوم يـا صـُم المـراشيـف مـا عـــــاد 3 عـطشــان ما من عـذ الأنيـاب تِـسـكَـون 4 معـاني الكلـمات : 1- مـاعـاد: مـا أقعـد ...2- مـاعـاد : ما رجـع...3- ماعـاد : أصلهـا مـا أعـِـدّ ، من عدّ الشيء إذا أحصاه ....4- تسـكَـون : من السقـاية . ونقـل عـامر رشيد السـامرائي، من إحدى المخطوطات بمكتبـة الأوقاف ببغـداد ، تحت رقم/5643 /بعض نصوص من المـوال الرباعي والخماسي الأعرج والنعماني والزهيري، منهـا هذا المـوّال الربـاعي . *20 ألا قـم بـنــا أيهـا الساقي فـناجـــيـنـا 1 واشرب من القهـوة الشقراء فناجـينا 2 نحن الذي إن دعـا داعي الفـنـاجينـا 3 وفي الحـُمـا إن تسل عـنـّا فنـاجيـــنا 4 معـاني الكـلمات : 1- فناجينا : من المناجاة، وهي رد الصوت بالصوت، وعـادة ما تكون في الشعر أو الغـناء 2- -فناجينا: الفناجين تلك الأقداح الصغيرة الخاصة بالقهـوة العربية، ومفردهـا فنجـان،..3- الفنـاجينا : مفردة من كلمتين، الفـنا، وتعني الموت ، وجينا، وتعني حضرنا النزال لملاقاة الموت، وهي حالة من التحـدّي ...4- فناجينا : فنـازلنا في ساحة الوغى . يبدو أن سطوة المـوّال الرباعي وانتشاره من واسط الى بغـداد ومنهـا الى حـلب وبـلاد الشام، وصولاً الى أرض مصر، قـد أغـرت الكثير من الشعراء والأدباء لأن يتعـاطوا بـهِ، فقـد عثر على نـوع من هـذا النظم ( الرباعي) في – ديـوان ابن الفـارض( 576 – 632 هـ / 1181- 1235م )من نوع هذا المـوّال، والبعض يسمـّيهـا ( مـواليـا) . *21 قـلتُ لجـزّارٍ عشقـتو كــم تشـرّحنـي 1 ذبحـتني قـالَ ذا شغـــلي تـوبـّـخـــني 2 ومـا إليّ وبـاس رجـلي يـربـّخـــــني 3 يـريــد ذبحي فيـنفـخــني ليـسـلخـنـي 4 معـاني الكلمـات : 1- يشـرّح : يقطـّع اللّـحم الى قطع صغيرة ...2- توبـّخني : تهـيننـي ... 3- يربـّخني : يجعلني ضعيفـاً ...4- يسـلخ: يـنزع الجلـد عن اللـّحم والعظم ، وتلك معروفة في عمـل القصـّابين .
ومـمـّن عرف بنظم هـذا الموال الرباعي وإنشاده ابن السويدي( إبراهيم بن محمد الأنصاري- 600- 690 هـ) حيث نقـل عـنه الأتـابكي في ( المنهـل الصافي) *22 هذا الموال الربـاعي: البـدرُ والسـعــدُ ذا شبهـك وذا نجـمـك والقـَـدرُ واللـّـحظُ ذا رمحك وذا سهمك والبغـضُ والحـبّ ذا قسمِـي وذا قسمك والمسكُ والحسـنُ ذا خـالك وذا عـمـّـك وقـد اعتبر الشيخ الكرباسي ، هـذا المـوّال من المـوّال المصري ، معتبراً أن ذلك من ( النـــايل) في المدرسة العراقية . وقـد نظم الشاعر صفي الدين الحـلّـي ، مـوّالاً من الربـاعي، يقـول فيه: *23 قـالــت وقـد طـاولت أمـري وبــان القـــدر وجـه لهـا من الـدُجى يخجـلُ بنـورهِ البـدر مـاريت مـلاّح مثلك حــــاز هـــذا الفـخــــر تجـدِف بخـن السـفيـنـة وأنت فوگ الصدر نلاحظ أن – المـوّال الربـاعي- كما في المثال أعـلاه ،وجـود بعض المفـردات العـامية بدأت تـدخـل في بنية النص الى جـانب مفردات الفصيح، مثال كلمة ( الخـن) والتي تعني مقدمة السفينـة، وكلمة ( فـوگ) أي في الأعـلى ، وكلمة (ماريت) في بداية البيت الثالث، والتي تعني مـا رأيت ،ومن هـنا سنلاحظ أن المفردات العـامية سوف تـأخذ حيـّزهـا الأكبر، كـلـّما تطور نظم المـوال، الأمر الذي يعكس قـوّة حضور نظم المـوّال على السـاحة الأدبية في العراق . وأنـشـدَ أبـو الثـناء الحـلبي (محمود بن نعمة بن أرسلان الكاتب – ت556 هـ ) لبعضهم.*24 لــقيـتهـما قـلـتُ وَقــّـيني مــن الآفـــات بـاللـّه ارحمي صَبـّكِ المُضنى وإلاّ مــات قـالـت تـريــد بحـــدّوثـــة وخـــــرافــات تنصـب عليـنا وتـاخـذ سـادس الكـافــات * نلاحظ ، في هـذا المثـال أيضاً، ازدياد المفردات العـامية على هيكل النظم، بحيث أنـّهـا تكاد تكون الطاغية ،وهـو ما يعزز رأينا بأن المـوّال بـدأ يفرض سطوتـه على الساحة الأدبية . يشرح الشيخ الكرباسي /صـ47 – الهامش رقم 4 من كتابه ( ديوان الموال الزهيري ) هذه المفـردة على أنـّهـا:( سادس الكافات، لعـله أراد بالكلمات الست ، الأعضاء السـتّة من الإنسـان التي تـبدأ بحرف الكاف، وهي: الكشح، الكوع، الكعب، الكتف، الكرش ، الكبد ،وأراد بالسـادس الكبد، لأنـه موضع الألم والحزن، ويستشـهـد ببيت شعري لبعضهم يقـول : ولـي كبـد مقروحـة من يـبيعـني بهـا كـبـداً ليسـت بـذات قـــروحِ أبـاهـا عليّ النـاس أن يشترونهـا ومـن يشتري ذا عـلّـة بصحيــحِ والملاحظ أن الشيخ الكرباسي، جانب الحقيقـة متعـمـّداً، بوصفـه رجل دين، إذ أن محمولات – المـوّال – أعلاه لا تتطـابق مع ما أورده من مثال، حيث أن الإشارة تقتضي الرجـوع الى شعر ابن سكـّرة( أبو الحسن محمود بن عـبدالله بن محمد الهـاشمي) أحـد أبرز شعراء العصر العباسي، والمعروف بالظرف والمجون ، حيث أوجـد ( كافات الشتاء السبعـة ) بقـوله التالي، والذي استشهد بـه – الحريري- في مقاماته، وتحـديداً في نهـاية المقـامة (25) والمعروفـة باسم (الكـرجية) حيث أورد البيتين التاليين لابن ســـكّرة . *25 جـاء الشتاءُ وعـندي من حـوائجــهِ سـبــعٌ إذا القطـر عن حاجاتـنا حبسـا كِـنّ وكـانـون وكيس وكــأس طـِـلاً بعــد الكـبـاب وكِـسّ نـاعــــم وكـســـا والأمر هـنا ، لا يخضع الى البعـد الأخـلاقي، بمسـالة الإيضاح، بل الجانب المعرفي هـو الأساس ، والجاحظ يقول في ( البيـان والـتبـّين) لا حـياء في الأدب . ونقـل الشيخ الكرباسي مـوّالاً ربـاعيـاً للشـيخ حطيبـة ( أحمـد بن عـبدالله الدمياطي) يقول فيه، وقد علمَ بحب امرأة كانت تهـواه، ومالت لغيره، وكان متيـّم بهـا، ممـّا زاد في ( جـذبتـهِ) فقـال:*26 ســرّي فضحــتُ وأنــتِ ســـرّك صـنــت قصـدي رضـاكِ وأنتِ تطلـبي لي الـعـنت ذلـّيت من بعـدِ عـِـزّي في الهـوى وهـنت يـالــيت فــي الخـلـــق لاكـنـــّا ولا كـُـنـت نلاحظ أن هـذه النمـاذج من المـوّال الربـاعي بدأت لغـة العـامـة تطغي عليهـا، بمعنى أن المـوّال الربـاعي أخذً ينحـت مفرداتـه من العـامية شيئـاً فشيئا. كما نقـلَ ، أيضاً، الشيخ الكرباسي/ص 56 -57 /بعض نمـاذج المـوّال الربـاعي، من المهـم نقـلهـا هـنا، نظراً لأهميتهـا، كونـهـا تشكل نماذج مختـارة لبعض أشكال تطور المـوال الربـاعي ، والذي بـدأت تظهـر فيه بعض الأبيـات المنظومـة على الجـناس، وليس على القـافية ، ممـّا يشكل خطوة متقـدمة في مسيرة المـوال التاريخية، فمن ذلك هذه الأمثلة، والتي جــاء بهـا الرباعي (أعـرجاً) نتيجة تغيـّر قافية البيت الثالث فيه: يـا فجـرِ يـا هـجـرِ يـا فـتـــّان يـا معـجـب يـا مفـرّق الحُــب من المحبوب يا مُطـرب عـجَـب ليـالي الهَـنا تجــي أوام وتـــروح وليلـة الأنـسِ تطلع شـمسهـا الــمغـرب ويبدو أن مصطلح الأعرج في المـوّال ، هـو ما تغيـّر في قافية أو جـناس البيت ما قبل الأخير في الموال ، كما هـو واضح في المثال أعـلاه ، أو ربما التـزم الجـناس إلاّ في الثالث ، ليكون من الأعـرج الربـاعي ، كما هـو عـند بعض المصريين على النحـو التـالي : وكـلّ المجــاريح طـابت بـس أنـا جـاعــــد وطـبيب الجـــراح عندي بالسنـة جــاعـــد ولا بــــقــاش حـيلــــتي يــــاطــبـيــــــــب غـير شــي بــس أنـــــــــا جــــــــــاعـــــد ويلاحظ على هـذا المـوال، في البيتين الأخيرين كسر واضح في الـوزن، والكرباسي، يعتبر تلك النماذج الشعرية من المـوال من جنس النـايــــل ، وعلى هـذا الغـرار، من النظم الرباعي للمـوال، ما نظـمــه الفلسطيني ابن العـفيـف (علي بن محمـد بن ابراهيـم الجعـفري النـابلسي الذي ولـد بفلسطين 752 – 813 هـ)وهـو من الأدباء والشعراء المعروفين، يقـــول في موالـه : حـمامـة الـدوح نـوحي واظهري مـا بـك عـددي وانـدبي مـن فــرقــة أحـبــابــــك لا تكـتمي وآشـرحي لـي بعـض أوصابـك أظـُـنّ مـانـابني في الحــبّ قــــــد نــــابك ومن المـوّال السـوري – الربـاعي- قــول العــلائـي ( علي بن محمد بن عبد الحمـيد الهيتي البغـدادي الدمشقي الصالحي (812 – 900 هـ) كان من فقهـاء العـراق، ثم رحـل الى دمشق، وتـولـّى القضاء فيهـا ، وبهـا تـوفـّى ، وقـد كان وصولـه إليهـا عام 837 هـ، وفق مدونـات الكرباسي في ديوان الزهيري /صـ 56 . يقــول العــلائي : حـبـّيت كـوسي يـنـوّر بالمـلاحـة دعــــــد 1 حِـلـوِ المحـيـّـا فَـحَـم قـلبي بفــاحم جـعـــد 2 خِـلـتـو ووجهــو وفي بـدر الحميـّا ســعـد 3 قـَـمري لـعـب بقضـيب البرق فوق السعــد 4 معــاني الكـلمات : 1- كـوسي : نـوع من الخيـل القصير القـوائم ...2- جعـد : أراد بـه الشعر المجـعـّـد، شديد السواد 3- الحُـميـّـا : الخـمرة ... 4- قمري: نـوع من الطيور ،وقد يـؤوّل المصطلح على الكوكب (القمر) . ظـلّ القـلق الشعري يسـاور الشاعر العراقي في مسألة النظم للمـوّال الربـاعي، حيث أنـّه- أي الشاعر- أراد أن يجـد صيغـة مستقــرّة بهـذا اللـّون الشعري، الذي يميل مـرّة نحو الفصيح وأخرى نحـو العامي، ومرّة يلتزم الجناس في بعض أبيـاتـه ،ومـرّة يلتـزم القـافية، وأحيـانـاً يصاحـبه ( العــرج) في أحـد أبيـاتـه، فـإن التـزم القـافية ، أطـلق عليـه النقـّـاد إسم ( النـايل) كما يحبذهـا الشيخ الكرباسي *27 اعتمادا على من سبقـوه، لذلك غـدت مسـألة تـمـيـّـز شكل المـوّال أحـد الهـواجس الأساسية في تفكير ناظمي هـذا اللـّون من الشعراء، الذين أبـدعـوا وانسـحروا بهذا اللـّون من الشعر، لذلك راحت مسـألة ( التجـريب) تدخل على شكل النظم ، فـبدأت تظهـر بعض الأبيـات المجنـّـسة في المـوّال الربـاعي أوّلاً، حيث مـال الشعراء الى استخدام الجناس في كل بيتين، حيث بـدأنـا نلحظ أن البيتين الأولين من المـوال، صيغت بجناس واحد، والبيتين الأخيرين بجناس مختلف ، ولكن بقـافية واحـدة، لذلك ظهـر ابن معـتـوق المـوسـوي ( شهـاب الدين بن أحمد – 1025 – 1087 هـ ) وهـو من أهـل الحـويزة ، ليلتـزم في النظم الجناس في كل بيتين، ليعـلـّم بتلك المحاولة على ظهـور تطور واضح في نظم المـوّال الربـاعي أوّلاً، ومن ثم يسري هـذا التطـوّر على بقية الألـوان الشعرية للمـوّال، يقــول ابن معـتوق ، في أحـّد مـوّالاتـه الر بـاعية : *28 يـامصـدر البـيض محـمـّره وسـمر الصُـعــد 1 ومـن بعـزمـه إلى سُـمك الثـــريـّـا صـعـــــد 2 كُـلٌّ وعــدتـه بوعـد يـاسـلامـــــة مـعــــــــد 3 إلاّ أنــــا بعــــــدهُ يــامــورِد قــــناة المَـعَــد 4 معـاني الكلمـات : 1- الصّـعد : من الصعيد ، صعيد مصر، كما يقول الكرباسي ...2- صعـد : إرتفـع ...3- معـد: مخففـة موعـود ...4- المعـد : من أعـدّ الشيء، إذا هيـأه . ومـن هـنا نفهـم أن المـوّال الربـاعي هـو أقـدم أنـواع المـوالات العراقية ، إذ يعـود تاريخـهُ الى القرن الثاني الهجري/ الثـامن الميـلادي، عقب تلك الحـادثة للبـرامـكة ، ومن ثم تطـوّر عـلى يـد أهـل واسط وغـيرهم . * * * 2- المــوّال الخـمـاسي- الأعــرج- وهـو الذي ينظـم على خمسـة أبيــات . يـبدو أن شعراء العـراق، كان هـاجسهم الإبداعي في نظم الموال قد شغل كل عقولهـم، بحيث أنـنّـا- كباحثين- لم نشهد أو نعثر على صنف آخر من الشعر- بكافة أنـواعـه المعروفـة- قد شغلهم أكثر مِـمـّا شغلـهم الموال ،وأعـتقـد ، أن مطـواعية نظمـه، وبحره العروضي ( البسيط) إضافة الى تقبلـه النظم في العـامي والفصيح، مع قـبول الناس لـه عند مخـتلف الطبقات، هـو الذي جعلهم / أقصد الشعراء/ لأن يشتغـلوا عليه تلك القـرون العـديدة – أكثر من 8 قـرون- فمنذ ولادتـه على يد تلك الجـاريـة المغنية ( جاريـة جعفر البرمكي) في القرن 2 هـ ، وصولاً الى الفـترة المظلمـة / قـرن 8 و 9 و 10 هـ/ 14 و 15 و 16 م / والشعراء مـازالـوا يطورون بصـناعـة المـوّال ، شكلاً ومضمونـا ،دون أن يتحـرّشـوا ببحـره العـروضي – البسـيط - ، بعبارة أخرى ، كان شكل النظم للمـوال ، هـو الهـاجس الرئيسي عند الشعراء ليطوّروه الى حـالة أرقـى . وقـد لاحظنـا في فصل – المـوّال الربـاعي – كيف انتقـل المـوّال من ( نظم المـواليـا) كنظمٍ رباعي، الى المـوّال الربـاعي ،وظهرت في شكله بـدايات التجنيـس، والعـزوف عن التقفـية ، حتى بـدأ ( شكل الجـناس) في نظم المـوّال يفرض رسـوخـه، شيئأ فشيئاً، وصولاً الى القـرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي، حتى بـدأت (قــاعـدة النـظم المجـنـّـس للمـوّال) في العراق ، تسـتـقـر في أذهـان الشعراء ، وفي المـُدوّنـات الأدبيـة ، التي رصدت تلك التـبدلات ، ومنـها (المعطـّل الحـالي ، والمرخّص الغـالي، في الأزجـال والمـوالي) للشـاعر صفي الـدين الحـلي ، كما ظهـرت بعض الإشارات عـند السـيوطي في ( شـرح الموشـّح) وغيرها من مدونات تلك الفتـرة . ثـمـة إشارات عند الباحثين المعاصرين، مـمـّن اشتغـلوا على دراسة المـوّال العراقي، قـد تابعـوا – تـاريخـيـاً- مسـألة تطوّر نظـم المـوّال ، فقـد أشـار الباحث الأستاذ عـبد الكريم العـلاف *29 ،والشيخ علي الخـاقاني *30 ، والشيخ محمد صادق الكرباسي *31 ،وغيرهـم ، الى أن شعراء المـوّال في العـراق قـد نظمـوا بعد القرن العاشر الهجري/ 16 ميلادي، على سـائر الأنــواع، وتخطـوّا بـه الى أعـداد خيالية عند واضعي المـوّال، مع إشارة هـامة أوردهـا الخـاقـاني، ذكر فيهـا ، بـأن (المـوّال النعـماني) المنظوم على سـتـّة أبيـات، قـد تفشـّى استعماله ، حتى استمر طيلة القرون الثلاثة الأخيرة ،12و 13و 14 هـ /18و 19و 20 م ،مشيراً الى أنـواع منهـا (الربـاعي والأعـرج والنعمـاني) *32 ، ويـعـلـّق الشيخ الكربـاسي على ذلك بالقـول :( إلاّ أنـّه- يقصد الخـاقاني- لم يذكر اي تفصيل عن ذلك ،ولا أسند كـلامـه بدليل، بل لم يشر الى سبب تسمية الزهـيري بالنعمـاني) ويضيف :( ولعـلّ النسبة جاءت الى رجـلٍ كان يسمـّى نعـمـانـاً، ابتكر هـذا اللـّـون من المـوّال ) *33 . مـا يهمـّنا في هـذا الاستشهاد هـو، ذكر (الأعـرج) وهـو – المـوّال الخـماسي- حيث ملامـح ظهـوره بـدأت في القـرن 12 هـ / 18 م . ومسـوّغ تسميـته بـالأعــرج ،هـو أنـّه ينظم على خمسة أبيـات، تشترك الأبيـات الثلاث الأولى مع البيت الخـامس بجنـاسٍ واحـدٍ، وليس بقـافية واحـدة ، كما تـوهـّـم الشيخ الكربـاسي، *34 ، فيما يكون البيت الرابع غير متجانس مع بقية الأبيـات، في جناسه، وشبـّه بالإنسان الأعـرج الذي يختل توازنـه أثـناء السيـر، وقـد هـاجر هـذا اللـّون من الموال العـراقَ، واستقـرّ عند أهـل لبنان وسوريا وفلسطين ومصر، *35 ، بعـد أن تطوّر نظم المـوّال في العراق ، واستقـرّت قاعـدة نظمـه على الجناس السباعي، أو ما يعرف بـ ( الزهـيري)، حيث أخـذ بـهِ أهـل العراق وبلـدان الخليج العربي . ومثـال – الخـماسي الأعـرج- قـول الشيخ عـنـّوز ( محمد بن عبيد بن راضي بن عـنـوّز- 1222 – 1288 هـ) وهـو واحد من أهـالي النجف في العـراق ، يقـول : *36 . مـالي أرى خـلـّتي عــن جِـدمهـم گـِطـــع 1 يـدري هـوايه غـوى حَـبل المـودة گـطع 2 ما كان يخطـر ولا كَـلبي يظـن وآگـــطـع 3 إنّ الهـوى يـاخـلگ لهـل الهوى والـرحم 4 يـاريت ذاك الگــطـع حــبل المـودّة گـطـع 5
معــاني الكلمـات : 1- گـطع : قطعة من الشيء، وهنا الإشارة الى ( الخـرقـة) أراد الشاعر من الإيحاء الى أن هـناك عائق يمنع قدم الحبيب من الوصول ... 2- گـطع: من القطع، أي قطع التـواصل ...3- گـطع: من القطع بالشئ، أي قطع الأمل... 4- الخـلگ : الناس، والرحِـم: أراد بهـا أهل الرحمـة...5- گـطع: أي بـتّ في الأمر وقطعـه .. ونلاحظ البيت 4 ، اختلف في جناسه، في الكلمة الأخيرة من البيت ، وهـذا هــو (العــــرج ) . وقـد تعشـّق أهـل مصر هذا اللـّون من النظم في المـوّال، وأولـعـوا فيه، وتفـنـّنوا بنظم قافيتـه وجناسـه، إذ عـمـدوا الى تجـاوز مسـألة الجناس في نظمـه، ومـالوا الى التقفـية في أكثر من حرف، ومن ذلك قولهـم في المـوّال المشـهـور، الذي غناه المطرب الراحل محمد عبد الوهـاب، وغيره من الفـنـّانين المصريين، والذي يقول : *37 في البحـرِ لم فـُتـّـكم في البــرِّ فـتـــــّوني 1 بـالتبـرِ لم بعــتـكم بالتـبـنِ بـعــــتــــوني 2 أنـا كنتُ وردة في البســتان قطـفـتــوني 3 وكــنتُ شـمـعـــة جـَــوّ البيـت طـفــيتوني 4 لو عـدتو دي المرّة هـاتوا المرة وسقوني 5 معـاني الكلمــات : 1- لم فتـّكم: قصد بهـا، لم أنساكم أو أتخلـّى عنكم. .و فــتّــوني : نسيتموني وتركتـموني 2- التـبر: هـو الذهــب ..3 و 4 : معروفة المعنى ،..5- المـُـرّ: قصد بـه الحنظل .
أو قـــول الآخـر ، من الخمـاسي الأعـرج، المصـري : *38 مـا حـَـدِّ زيـيّ عـلى خـلـّه انضــنى حـــالـه 1 والحـــب الآخـر على ربـنا تـرِك حـــــــالـه 2 يـآ هـل المـودة انـظروا اللـّي انمحى حاله 3 أنـــا عـملتِ إيـه أتـجـازَى بـدا كـُـــــــــــله 4 اللـه يجــازي قـلـيل الأصـل بـَـآفعــــــــالـه 5 معـــاني الكلـمات : 1- زيـّي : مثــلي ، أنضنى، أصابـه ضنى الحـب ، وهـو ألم الفراق...2- الحب الآخر: الوجـد الكامن في الروح ...3- انمحى : تـلاشى ، وهـنا قصد بهـا الشاعر النحـول العـام الذي أصابـه . 4- أي ذنبٍ ارتكبت حتى أجـازى بمثل هـذا الصـد والهـجر ...5- دعـوة من الشاعر ضد قليل الأصل، الذي عمل هـذا العمل وأدّى الى الفـراق . لاحـظ البيت الـرابع كيف بـان فيه ( العَـرج) بآخر كلمة ، إذ أنهـا خالفت جـناس بقية الأبيـات في المــــوّال . ونقـل الأستاذ عـامر رشيد السـامرائي ،مـوّالاً خماسي النظم- أعـرج- من مخطـوطـة بمكتـبة الأوقـاف العـامة ببغــداد، تحت رقم – 84- ولم ينسب المـوّال الى قــائله، يقـــــول : *39 روحي تـروم الهـوى واتبـــع مــرامـيهـــا 1 لاݘ-;-ــن خـاف الـولـف وخـطى مــراميهــا 2 ݘ-;-ــم روح لآجــلك تــــــرد بيـحــــارميهـا 3 وتـروم منـكَ الهـَــنـا عـَـذّبتـهـا والمـثـــل 4 شـبـه الذي صـار حـــاميهـــا حـــرامـيهـا 5 معــاني الكلمــات : 1- مـراميهـا : غـايـاتهـا...2- مـراميهـا : أبعــادهـا ...3- بيحارميهـا : قصد بهـا بحار الماء التي يرد لهـا من أجـله ...4- المَثـَـل : هـو الحكمـة السارية التي ينتـفع بهـا الـناس، وقد أراد الشاعر، تضمين المثل الشعبي المعروف ( حـاميهـا حـراميهـا) وهـو ما يتـوّضح في البيت الخامس من المـوّال . ويلاحظ أن البيت الـرابع، هـو ( الأعـرج) لأنـه اختلف بجناسه عن بقية الأبيات . من خـلال عرضنا لتـاريخ ونشـأة المـوّال( الخمـاسي الأعـرج) أن أغـلب الباحثين العـراقيين لم يعـطوه حـقــّه من البحث والتـدقيق والدراسة الجـادة، ولم يجـرِ التوقف معـه ملـيـّاً، وكان يفترض بمـن كـتبوا عـنه في السـابق أن يفردوا لـه البحـوث، وأن يحقـّـقـوا المخطوطات، التي كانت في متناول أيـديهـم، لاسيما تلك التي كانت بمكتـبة الأوقـاف العـراقية ببغـداد، والتي أحـرقت بشكلٍ متعـمـّدٍ، إبـّـان الغـزو الأمريكي على العـراق عام 2003 م ، الأمر الذي أفـقـدَ البـاحثين المعاصرين الكثير من هـذه المخطوطات والـوثـائق، والتي يمكن الرجـوع إليهـا للبحث والتقصـّي حـول أصول المـوّال العـراقي، في مختـلف مـراحـلـهِ . ومِـمـّا يـؤسف لـه أيضاً، أن المشتغـلين في بحوث المـوّال العـراقي، اقتصرت جهـودهـم في البحث على المـوّال الزهـيري، ذو السبعـة أبيـات فقط ، ونحن بـدورنا سنـحـاول تـقـفـّي الأثـر، علـّنا نصيب بعض تلك الأنـواع المفقـودة من المـوّال العـراقي . أنّ المـوّال الخـمـاسي – الأعـرج ،هـو المرحـلة الثـالثة من تطـوّر المـوّال العراقي، إذ أنـّه اعتمـدِ في مسـألة نظم جـناسـاتـه على المـوّال الربـاعي، ذو الشطرتين من الجـناس، لذلك عـمـدَ شعراء- المـوّال الخماسي- إلى إضافـة ( بيت خـامس) على المـوّال الربـاعي ، يكون مختلف من ناحية الجناس، لـكـنـّه يلتزم الوزن ( البسيـط) ويـُتـم المعنى العـام للمـوّال، مع تـبـدّلٍ واضحٍ حصل في مسـألة النظم، حيث اصبح هـذا اللـّون من النظم يعتمـد على أربــع جـنـاسـات متشابهـة في الأبيـات 1 و 2 و 3 و 5 ، ومختلف الجناس في الرابع، وبهـذا الشكل يكون قـد مهـّـدَ الأرضية للانتقال الى نـظـم آخـرٍ من المـوّال ، يسـمّى ( النعـماني – الأعـرج) ذو السـتـّة أبيـات، والذي يعتمـدُ أيضاً، جناسات خمسة متشابهة وسادس مختلف ، وهو ما سنبيـّنه في الفصول القـادمـة من هـذه الـدراسـة .
3- المـــوّال النــعــمـاني – الأعـــرج : وهـو الذي ينـظـم على سـتّـة أبيــات . ثـمـة ملاحظة هـامـّة تستوجب الإشارة إليهـا منذ البدء، ألا وهي ،(تسـميـة الأعـــرج) ذلك النعت المشترك بين المـوّال الخماسي الأعرج ، وبين النعمـاني الأعـرج، ذو السـتـّة أبيات، وهذا يعني أن نـقـّـاد المـوّال ونـاظميه أطلقوا صفة الأعـرج على كل مـوّال شـذّ أحـد أبيـاته – قبل الأخير- من تطابق شكل جناسه مع جناسات الأبيـات الأخرى، ومن هـنا جاءت كلمة ( الأعـرج) وهـو يحدث في المـوّال الرباعي والخماسي والسداسي- النعماني، ولا يحدث أبــــداً في المـــوّال الزهيري ،الذي ينظم على سبعة أبيـات ،وتلك قـاعـدة في نظم المـوّالات العراقية . * أشرنا في – الفصل السابق- من أن المـوال الرباعي والخماسي والسداسي أو النعماني، قـد تـفـشـّى استخدامـه منذ القرن 12 هـ/18 م، إذ بـدأ النـاظمون الاشتغال على هـذا النـوع من المـوّال كـتجـريب أوّلي، يـدفع بالناظمين الى ابتـداع مـاهـو أجمل وأكـمل في الصياغـات الشعرية، مع ملاحظـة أن مسـألة الجـناس في نظم المـوّال بـدأت تتـفـاعل بشـكل حـاد في عقـول وأخيلة الشعراء، بمعنى آخر، أن الجنـاس في نظم المـوال، بـدأ يتصـدّر عـند الناظمين في شكل المـوّال، أي أن التركيز العقـلي عند الشعراء بـدأ يجـذّر هذه النقطة في النظم . * لم يعرف الشخص أو الشـاعر الذي ابتدع هذا اللـّون من المـوال ( النعماني- الأعـرج)، ولم يشر المـؤرخون للمـوّال الى ذلك، وقـد رجـّح الكـرباسي ، نسبة ذلك النظم الى رجـلٍ كان يسـمـّى ( نعـمانـاً) *40 دون أن يقطع بالمسـألة ،فيما يحيل القيسـي ( مجيد لطيف البـناء- 1346- 1406 هـ) الى أن تسـمية النعـماني وردت في مجلـة الاعتدال، إذ جاء ذكر النعماني في رسالة كانت لـدى يعـقـوب سركيس، تاريخهـا يعـود الى ( 1235 هـ/ 1820 م ) يذكر فيها مرسلهـا المـوّال، ويجعـل أكثرهـا من النعماني، الذي اشتهـر عـند البغـاددة بالمـوّال الزهـيري) *41 ,وهـنا نلاحظ عـدم الدقــّة في التفـريق بين النعماني، ذو السـتـّة أبيات، وبين المـوّال الزهيري، ذو السبعة أبيـات ، وهذا الإشكال وقـع بـهِ السـامرّائي أيضـاً في ( مـوّالات بغـــداديـة) *42 وبالعـودة الى الشيخ عـلي الخـاقاني صاحب موسوعـة (فـنـون الأدب الشعبي) نلاحظ أنـّهُ استخدم مصطلح ( النعـماني) بـدل الزهـيري، دون أن يبـيـّن السـبب ، كما يقـول الكربـاسي، والذي يعـلـّق على ذلك بالقـول : ( وتبعـه في ذلك عـدد من المـؤلفين) ويضيف :( وعلى كـلّ، فالزهيري والنعـماني إسمـان لـنـوعٍ واحـدٍ ).*43 وأنـا أختلف مع الجـميع في ذلك ،للأسباب التـاليـة : 1- إنّ المـوّال النعـماني، ينظـم بسـتـّة أبيـات، بينما الزهيري ينظم بسـبعـة أبيـــات . 2- إن النـعـماني، يشـذّ فيه البيت الخامس عن قـاعـدة الجـناس التي بنيت عليهـا بقية الأبيـات، بينما ينظم الزهـيري في بـندين، كل بـند منـهُ في ثلاث جناسات، تختلف عن الأخرى في كل بـند، بينما يكون البيت السـابع يعود بجناسه على الأبيات الثلاث الأولى في البند الأول، وهـو ما يعرف بالقـفـلة أو الربـاط . 3- ليس اعـتباطـاً أن يسـمـّى النعمـاني بـالأعرج ، نظراً لكون البيت الخامس في نظمـه يأتي بجناسٍ مختـلفٍ، بينمـا لم نسمع أن نقـرأ أن المـوّال الزهـيري أطلق عليه كنية الأعـرج، حيث أن نظمـهِ كاملاً وبرفض العـَـرجَ على الإطـلاق . 4- صحيح أن كـِلا النـوعين نظمـا على ( البسيط) لكن الشكل يختلف في الصياغـة الشعرية . 5- النعـماني، مرحلة متقدمة جـدّاً، استوعبت وهـضمت كل التجارب النظمـية للربـاعي والخمـاسي، وكان الرافـعـة الأقـوى في ولادة المـوّال الزهـيري، ذو السبعـة أبيات . 6- المـوّال الزهـيري ، هـو نظم متكامل في شكلـهِ المجـنـّس، استقر النظم عليه وفق قـاعـدة (البـندين، والجناس الـتـام ، والقفـلة ) . 7- يفـترض أن تكـون هـناك دراسـاتٍ معـمـّقـة في المـوّال النعـماني- الأعـرج ، لفصلـهِ بالكامـل عن بقية نظم أشـكال المـوّال، بـوصفـه مرحلة متقـدمة من التجريب ،كانت سـبـباً في استقرار نظم المـوّال الزهيري ، على مـاهـو شائع الآن في العـراق . * من الملاحظ على كل الدارسين والمؤرخين للمـوّال النعـماني الأعـرج، قـلـّة الاستشهادات بالأمثلة العراقـية لهـذا النظم ، فـالسامرّائي، على سبيل المثـال، كل استشهـاداتـهِ للمـوّال النعماني في ( مـوّالات بغـدادية 34 ) كانت جميعهـا من المـوال الزهـيري ،بينما كانت أغلب استشـهـادات الشيخ الكربـاسي بالمـوّال المصري، وعلى سبيل المثـال ، ما ذكره في كـتابـه الهـام ( ديوان المـوّال الزهيري) كنماذج ، كلـّهـا من المـوال المصري . *44 ،والتي يطلق عليهـا تسمية ( النـــايل) ومنـها المـوال التالي: طـول ما معـاك مـال تلاقي الناس تحت ايـدك يـرّحـبو بك قوي مـا دام الجـنيه فـي إيــــــدك لـو خَـف مالك حبيبك حـمامـة وطار من إيـدك وقـبلِ مـا تمـاشي الـدون حـرّص عـلـى إيــدك إو لا يـنـفـعـك في الزمـان دَ إلاّ شــقـا إيـــــدك مـالـك زمـام النـجــوم مـادام القــمر في إيـــدك أو هـذا المـوّال مصري أيضاً، ولم يذكر الكرباسي أسماء ناظمي هـذهِ المـوالات المصرية . يـا دنيــة الشـومِ يكـفـيكــي هـَــزل بـزيــاده دَ لّي وَد عـال كانت عليـه العــين بزيــــاده وآن خـس مـالي حِــدايا احـــباب بـزيـــــاده نزلـت سـوق الـدلالـةِ بـشتـري صـبرِ بزياده بـطـّلت كل المـلاهي وسـمـعـت كــلام نــاهي ورضـيت بحــكـمـَـك عـليّـه يــارب بـزيـــاده * * * 4- المـــــــوّال الـزهـــيري : وهـو الذي ينـظم على سـبـعـــة أبيــات . * تـسـمية الـزهـيري : من خـلال استعراضنا لكل مسمـّيات المـوّال العراقي، كانت النعـوت والمسمـّيات، لكل نـوع، تـأخذ حـيـّزهـا من البحث وتفرض نفـسهـا كإشكالية تـستوجب التـوقـّف معهـا ودراستـهـا . وتـسمية المـوّال الـزهـيري، هي الأخرى الأكثر تـعـقيداً من كافة المسمـّيات، لذلك نقـرأ آراء الكثير من البـاحثين في تـسـمية (الـزُهـيري)، وسنحـاول هـنا، المـرور على هـذه الآراء، ومواقف أصحابهـا، والتي عرضهـا بشكل جـيـّد الشيخ الكرباسي بكتـابـه الهـام ( ديــوان المـوّال الزهـيري) *45 ، معـتمـدين عليه أكثر من سـواه، نظراً للمعـرفية العاليـة، والمنهـجية الدقيقة التي بـنى عليهـا بحـثـه، مع الرجـوع الى بعض مراجعـه وإحـالاتـه، بغيـة التـدقيق والتـأكـّد من صدق المعـلومـة ومنـقـولاتـهـا، ليس إلاّ . * ينقـل الكرباسي، رأيــاً لعـبدالله بن الفـرج السـعيد ( 1252 – 1319 هـ) ، وهـو من أصل كـويتي، يقـول: ( إنّ المـوّال الذي يسمـّى الزهـيري، من مـولـدات الجـناس، والذي هـو من الشعر النـبطي، ينظم من سبعـة أشطر.... وأوّل من وَلـّـده من الجـناس شخص اسمه زهـير أو ابن زهـير أو الزهيري، من أهـل العـراق ) *46 . * وهـنا نلاحظ أنّ هـذا الـرأي، مبـنيّ على السـماع، من دون التقصـّي والبحث، ومتـابعـة المسـارات التـاريخية لنشـأة وتطـور المـوّال في العـراق، وبـذا لا يـعـتدّ بـهِ ، من الناحية المنهجيـّة في البحث الرصين * فيمـا يذكر الشيخ عـلي الخـاقاني : ( أن أهـل بغـداد ومـدن شمـالي العـراق، اصطلحوا في تسمية المـوّال بـالزهـيري، نسبة الى رجـلٍ اشتهر بحسنِ نظـمـهِ وغـنائـهِ لـهُ، يسـمّـى مـلاّ جـادر الزهـيري، وإن أوّل من نطـق بـهِ أهــل واسـط ) *47 . وهـذا الاجتهاد، معروف عـند أغلب النـاس/ غـير الأكـاديميـّـين/، بمعنى أن الشيخ الخـاقاني، لم يـدقـّق في التسمـية ، ونقـل مـاهـو شـائع، دون الرجـوع الى الوثـائق والمـدوّنـات، لكـنـّه أصاب في ما ذهب إليه من أن المـوّال الزهيري، نطـق بـهِ أهـل واسط . * فيمـا يـذكر ربيـع سليم الشـمري:( يقـال أن هـذا الفـن سـمّي بالزهـيري، لأنـّهُ أزهـر الشعر، أي اجـودهُ، والزهـر، هـو اللـّفـظة العاميـّة عـند الفـلاحين، التي تحـل مكان الجـناس، وذلك لأنـّهـم يقـفـون عـند اللفـّظة ويـزهـّـِرونـهـا، أي ينبـتونـهـا بالتسـائل والتفسـير، كما ينبـتـون الزهـرة، فـإذا فـرّعت المعـنى عرفـوا نـوعـهـا ) *48 . * وهـذا الرأي ، بـناه الشمري على أقـوال الفـلاحين، ولم يستنتـجـهُ على أساس بحث منهـجي ، لذا لا قيـمة لـه على الصعيد الأكاديمي . * وقـال عـبدالله بن عـبد العـزيز الدويـش، وهـو يعـلـّق على نـسبة المـوال الزهـيري الى مـلا جـادر الزهـيري،( أن هـذا القـول ينقصـهُ ما تقـصـّيتـهُ شخصيـاً، من رجـال طـاعنين في السـن، مِـمـّن نظـموا أو حـفظـوا الكثير من المـواويل، ومِـمـّن سمعـوا عن أسلافـهـم الأقـدمين، إذ أجمعـوا على القـول بأن هـناك من اشتهـر بقـول الزهيري، قبل المرحوم المـلاّ جـادر، مثل المرحـوم علي بـاشـا يحيى الزهير، المتـوفـّى عـام 1246 هـ ، والمرحـوم عـبد الرزاق الزهـير، المتـوفـّى عـام 1252 هـ ، والذي يقول في أحـد مـواويله : *49 . الغـادرة مـا تــخـلـيـّــنـي بـــــرايـــــــاتــــي 1 أصـبـحـت آنــا انشر على المخـلوق رايـاتي 2 أصـحـــابــنــــا خـــانــــوا بعـهـدي ورايـاتي 3 أمـرٌ من اللــه وهــذا يـــــــومـــنـا المــــاعــــود 4 أمـسـيـت آخـــط بـقــــلم وآصبحـت اخــط بعـــود 5 إن أقـــبلـت لا طفي الملـبــَـس بسـنّ العـــــــــود 6 وإن أدبــــرت ضيـّـعـت رشدي ورايـــــا تي 7
معـاني الكـلـمات : 1- بـراياتي : محرّفـة من كلمة بـآرائي، والغـادرة : قصد بهـا الدنـيا ...2- رايـاتي : الـرايـة أو العلم ، وقصد بهـا أخباري وعـلومي ... 3- عهـدي، العهـود التي قطعهـا الأصحاب، ورايـاتي، قصد بهـا ( شـدّ الرايـة) وهـو عرف سار عليه الناس عند توثيق الحلف ، فيقـال ( شـد رايـة العباس) والمقصود بـه العباس بن علي بن أبي طالب، الذي استشـهد مع أخيه الحسين في واقعــة الطف بكربلاء عـام 61 هـ ، 4- المـاعـود، أصلهـا الموعـد ، أو القـَـدر الموعـود ...5- بعـــود : ريشـة الكتابة أو القصبة التي يكتب بهـا... 6- بسـن العـود : بطرف العـود ،الذي يحتطب بـهِ ... 7- رشدي وراياتي : أراد بهـا ، العقـل والتـدبـّر . * وهـذا الرأي أيضـاً، بنـي على السمـاع ولم يخضع الى الدراسـة المنهـجية، حيث إن الإشارة الى ( السماع من رجـال طاعنين في السـن) بينمـا يتوجـّـب في البحث الدقــّة المنهـجية ، وعدم الجزم في الأمر، وبـذا يكون ، مجـرد قـول، ليـس إلاً . * ويـرى البعـض، أن المـوّال الزهـيري ، سـمّـي بذلك لأنـه مـوّال يغـنـّى، وتصاحـبه الموسيقى والعـزف على آلـة المـزهـر، تلك الآلة الشائـعـة الاستعمال منـذ القـــدم . *50 * وهـذا الرأي لا يفـرّق بين ( نـظم المـوّال) شـعريـّاً، وأداء المـوّال ، غـناءً ,في الوقت الذي كان الأول- نظمـاً – والتسمية بالغـناء المـوال، جـاءت لاحقـاً، وبـذا هـذا الرأي لم يـأتِ بشيء جـديد .
* فيما يـرى المـؤرخ الأستاذ عـباس العـزّاوي ( 1307 – 1391 هـ ) أن المـوّال الزهيري ، لونين من شعر الريف،*51 ، لكنـّه يسـتدرك – فيما بعـد- ويعتبرهـما إسميين لـفـنّ واحـدٍ*52 * لم يستطع العـزاوي أن يطلقَ رأيـاً صحيحـاً، لأنـّه مؤرّخ أكثر من كـونـهِ نـاقـداً أدبيـّاً، ويظهـر أيضـاً، أنـّـهُ سمع شعر الريف وغناءه دون تشريح النصوص- منهجيـّاً- واعتمد على السماع أيضـاً . * أمـّا الشيخ الكربـاسي، وهـو أجـلّ باحثٍ ناقش المـوّال ودرسـه بشكل منهجـي، فـإنـّهُ يقـول: (وبمـا قـدّمنا ، يتبيـّن بـُعـد قـول من اعتبر النسـبة الى الزهيري إنما جاء من المعنى اللـّغـوي، أو على ما قيل بأن العـامـة تقـول للأزهـر زهـر، فـالنسبة تكون زهـري، كما يظهـر عـدم الوثوق بالقول الذي يرى أنـّهُ منسوب الى المزهـر – آلـة الطرب- لأن النسـبة حينئذ تكون مـزهـري، ونستبـعـد أن يكون منسوبـاً الى قريـة من ضواحي بغـداد يقال لهـا الزهيريـة ) . *53 * الكرباسي، لم يقـطع بـرأي ، في هـذه المسـألة، بـل اكتفـى بتلك التعليقـات التي أوردنـاهـا. * أمـّـا أنـــا فـــأرى : أن المـوّال الزهـيري، هـو التطـوّر الحاصل على بنيـة كل أشكال المـوّال، بـدأ من المـواليـا، والمـربـّع والخماسي الأعـرج، والنعـماني الأعـرج ،وقـد اكتسب صفة الكمال في بناءاته الشعرية، وبعـد أن اعـتمد على الجناس، في بـندين مختلفين مع القفـلة، فـأراد التمـيـّز عن باقي أجناس المـوال، فـأُطلق عليه الزهـيري، وحـتماً هـناك من أوجـدَ هـذا الشكل ( السباعي المجنـّـس) ولكن الأبحاث الأكاديمية، ربما قصـّرت في العـثور على مبتدع هـذا اللـّون، وهـذه المسـألة سوف تبقى مفـتوحـةً، لحين العثـور في بطون المخطوطات على مبتدع هـذا اللـّون المسمّى بـــ ( المــوّال الزهــيري ) .
* ابتداع صيـغــــة المـوّال الـزهـُـيري : إن القـلق النـاشئ في عقـل الشاعر العـراقي، بعـد أن وصل بـه المطاف الى التعـامل الجيـّد في النظـم، في مختلف أشكال نظم المـوّال- الرباعي والخماسي والسـداسي أو النعماني ،والذي كان يفرض بنظـمهِ أن تكـون ( الجـناسات) المستخـدمـة في النظم، خمس جناسات، تتـّـحد بالشكل وتختلف في المعنـى، فيما يكون البيت الخامس – في النعماني- من جناس آخر، الأمر الذي قــد يصعب على الشاعر توليد المعـاني، من تلك الجناسات الخمسة، وبغيـة تجاوز مسـألة ( العـَـرج) في النظم، كمحـمول ثقـافي – اجتماعي ،كما أعـتقـد، أن حـالة القـلق الإبـداعية، بعـد طـول التجارب المتعـددة في أشكال النظم للمـوّال، هي التي أوحــت الى المـبـدع / الشـاعر، لأن يحافظ على قـوّة معـاني الجـناس في المـوّال، وعـدم تكرار المعنى بين بيت وبيت، لذلك أوجـد – كـمبـدأ تجـريبي- هـذا الشكل من المـوّال الزهـيري، ببـندين اثنين، كل واحـدٍ منهـا فيه ثـلاث جناسات، وقفـلة أو ربـّـاط ،تتبـع الجناسات الثلاث الأولى في البنـد الأول، وتـتـم معنى الجناسات في البند الثاني، فيكون هـناك مـوّال من سبعـة أبيـات، مع الحفـاظ على الوزن العروضي ( البـسيط) في نظم هـذا الشكل من المـوّال، وبهـذه الطريقـة انـــوَلـَـدَ المـــوّال الزهــيري . * وقـد تمـيـّزت المدرسة العراقية بنظم المـوّال الزهيري، على قـــاعـدة البـناء السباعي- أي بسـبعـة أبيـات، كل ثلاثة منهـا تصاغ بجـناسٍ متـّحـد، يطلق عليهــا ( بــنـد) * وأمـّا البيت السـابع فيكون جنـاسـهُ على قاعدة الأبيات الثـلاث الأولى، ويسـمـّى الربـاط أو القفـلـة، ويكون بمعـنىً مختلـف، رغم اتـفـاقـهِ في شكل الجـناس، والبـنـد ، هـو بمثـابة البيت الواحـد في قصيدة القريض، إذن فـالمـوّال الزهيري، يكون من سبعة أشطر، في بـندين، ويضاف إليـه بنـداً آخـرَ بثلاث أبيـات، متـّحـدة الجنـاس، وبيت عـاشر، يكون قفـلة ، تتـّحد بجناسهـا مع الأبيات الثلاث الأولى ، فيسـمّى ( عشيري) فـإذا أضيف أليهـا بـنوداً إضافيـة سمّـي ( مشـطـاً) وسوف نفصـّل ذلك في الفصول القـادمـة . * البند هـنا : هـو التقسيم الفني للجناس في الموال ، ولا يصح أن يذهب عقل المتلقي الى ( البند في الشعر الذي كان يكتب به عبد الغفار الأخرس في القرن 18م ) هـذا للإيضاح والتفريق في التسمية .
* وزن المـــوّال وقـاعـدتـهِ العـَـروضيـة في النـظـم : كـنـّا قـد أشرنا في أكثر من مكان ، في هـذا البحث، من أن المـوّال ، منذ نشـأتـهِ وبـداياتـهِ مـن (المـواليـا) ووصـولاً الى الزهـيري، كان ينظم على ( البحـر البـسيـط) وسيبقى كـذلك . وعـروض البـسيط هي ( مسـتـفـعـلن فـاعـلن.. مستـفـعـلن فـاعـلن ) وتـقـطـّع تلك الصيغـة من البسـيط على النحـو التـالي : " /././/. , /.//. ، /././/. , /.//. " وكل شطر من أشطره الثـلاث يحتوي على أربع تفعيلات، وهـو ، كما يقـول الشيخ الكربـاسي ، من المسـمـّطات المـسـتحـدثـة *54 ,ويضيـف: والمـوّال كغيرهِ يـدخل على عـروضهِ وضربـهِ بعض العـِـلل، فيغـيـّرهـا الى تـفـعـيلة أخـرى، ومن تلك العـِـلل- القـطـع- وهـو حـذف سـاكـن الوتــد المجمـوع، وإسكان مـا قـبلهِ فيصـبح (فـاعـلن)( /.//.) فـاعـل ( /./.) حيث حـذف السـاكن من الوتـد المجـموع ( //.) عـلـن، فـأصـبح ( //) عِـلُ ، وأو سـاكن ما قبل المحـذوف، فـأصبح ( /.) عـِـل ) *55 . والمقصـود بـالـوتـــد المجـموع : هـو حـركتـان وسكـون ، مثـل ( نـَـغـَـم)(//.) ، وهـناك تفصيلات كثيرة في مثل هـذه الإشكالات العـَـروضية ، تصـدّى لهـا الشيخ الكربـاسي بمنهـجية عـالية، ورؤيـة معرفية متميـّزة ، فمن أراد الاستزادة فليـراجعـهـا هــــناك . *56 * ومن أمثـلة ذلك النظم ( الزهـيري) ما ينسب الى الحـاج زايـر الـدويݘ-;- ،وهـو واحـد من أعـلام نظم الزهـيري في العــــراق : يـا صـاح دمعـي دفــگ مـافـاد ويــّـاكـم 1 كـلما تصيحـون گـلـبي ايصــح ويــّـاكم 2 أنـهـاكم اليــوم عــن فـرگـاي ويـــّـاكـم 3 مـن حـيث جـسمـي يخـل لـفـراگـُـكم وآنضــر 4 مـن يـوم حادي الضـعـن حَـث الركـب وآنضر 5 خـالفـت راحـات آديـّـه عَلى الحشه وآنضـــر 6 وشـما تميـلـون روحـي تمـيل ويـّـــــاكم 7 معـاني الكـلمـات : 1- يا صاح : ياصاحبي...دُفـگ : تـدفـّق ...ما فاد ويـّكم: لم ينفـع بكم ...2- ويـّـاكم : معكم ...3 فركَـاي : فـراقي ، ويـّـاكم : مخفـفـّة وإيـّـاكم ، تحذير من الفراق ...4- آنضر: أصاب بأذى وأتضرر...5- وآنضر: نظر باتجاهات المسير للقـافـلة لبدء السير( ولم يكتبها الشاعر بـ ( ظ ) بل تركها ( ض ) كي يحافظ على شكل الجناس ، وهو الأمر الذي دعاه لأن يكرر ذلك في البيت 6 أيضاً ...6- إيـديـّه : الأيادي ، الحشـه : الأحشاء من الجسم ، وآنضر: من النظر والمشـاهـدة ،..7- ويـّـاكم : على هـواكم .
* ومن المـوّال (الزهـيري) السـوري ، ويسـمـّونـه في بعض نـواحي حـلب ودير الزور والحسكة والرقـّـة وأريحـا ( الشـروكَـي) قـول بعضـهـم * 57 سـودة عـيـونـك رمـت أهـل المحـبـّـة عـام 1 وهـويت شخصـك أصيل الأب خـال وعــام 2 وِن غـبت عن ناظري ساعـة تعـادل عـــام 3 يـامـن معـانيك تحـلالي بزمــــان آو عـصـر 4 وجهك ضـوى كالبدر والشمس ظهر وعصر 5 الورد في وجـنـتك شهـد المباسم عــصـــــر 6 روحـي وروحــك مـاتـوا العــواذل عــــام 7 معـاني الكلـمات : 1- عـام : قصد بهـا التعميم ،...2- عـام : يقصد العـَـم ، أخو الأب ،...3- عـام : سـنة ،..4- العصر: الزمان المحدد ،...5- وعصر : الوقت المعروف ، وهـو الذي يلي الظهـر ، ...6- عصر: جني رحيق عصر المباسم وشهـدهُ ,...7- عـام : أراد بهـا كل العـواذل بشكل عـام .
* ومـن النظم الخليجي ، قـول أحـدهم : *58 يـامـن على المصطـفى سـَـمـّع حديثـه وصَـل 1 آو غسـّـل وَوَجـّـه صـــوب قبـلــــه وَصـَــــل 2 إلـعـَـبد لا مـن شـكر للخـيــر لا مـن وصـــل 3 يقـرا التشـهـّـد قـبـل لا يـبـدأ بـالتـســــليـم 4 سَــلـّـم لـــربّ البشــــــر اتفـــوز بالتسلـيم 5 لآن العـُـمر لو يطل تـاليـتـــه بــالتـسـليـم 6 والمِـسـعـدِ اللـّي شـكر ربـّـه وشُـكره وِصــــل 7 معــاني الكلـمات : 1- وصَـل : من الصلاة على النبي ...2- وصَـل : أقام الصلاة وصـلـّى ...3- وصـل: من وصلِ الخير...4- التسليم : هـو آخر الصـلاة ...5- بالتسليم: تفويض الأمر لرب العالمين ...6- بالتسليم : تسليم الروح الى بارئهـا ...7- المسعد : صاحب السعادة ، وصـل: أوصل الخير لأهـله ومـن البحـرين ، هـذا المـوّال (الزهـيري ) للشـاعر علي عـبدالله خليفـة : *59 يـا مـنْ بـأصلـهْ وفـِيْ قـــام الـوفـا صاح بــِـــــه 1 ما تـسْـتـوي عِــشْــرتـِكْ ويّـا الـنـّـذل صاحـبــــه 2 لـو تـنـْخـدعْ بــه زمَـنْ وتـْعـيـشْ وتـْصَـاحـبــــه 3 لا بـدّ مـا يـِـلـدغـِـكْ وتـقـولْ: يا عـشـرة كـانـتْ؟ 4 ما الله خَـلـقْ لـلـثـعـالـبْ طـيـنـة ٍ وافـيــه كـانـت 5 (يا لـيـت الأنـذالْ مـا خِـلـْـقــَـتْ أبَـدْ لا ولا كانـــت) 6 لـيـت الـوفـا بـهـالــزّمـنْ يـبـقـى ونِــنـْصاح بـــه 7 معــاني الكلـمات : 1- صاح بـه : من المصاحبة والتزام الطبع ...2- صاحبه : من الصحبة والتصاحب، ومدلولهـا، هنا سلبي، لأن كلمة( ما تستوي) تعني لا تستقيم ...3- وتصاحبه : تعاشره عن قرب، وتعرف سجاياه وتختبرهُ ...4- يـا عشرة كانت : التأسف على الأيام التي كانت للصحبة ، أي النـدم ...5- وافية كانت: إشارة على أن من طبعـه طبع الثعالب الغادرة ،التي خلقهـا الله على هذه الشاكلة ، أو بمعنى آخر، أن الله لم يخلق الثعالب من طينة حـُـرّة ...6- ولا كانت : ولا حـدثت ، لآن أداة النفي سبقـتهـا ...7- وننـصاح بـه : ونـُنـصَـح بـهِ .
* ومـن المــوّال المصري ( الزهيري) قـول أحـد الصـعـايدة ، *60 لـيه يـازمـان الصّـفـا قـولـّي عـليش مـرّيـت 1 مـن بـعد ماكـنتَ حـلوِ الطعـــم لي مـــرّيــت 2 يـامـا رأيـنـا الصـّـفا يـادهـري مَـعـمَـــريــت 3 كــان الأحـبـة لـهـم في حـيـّنـا نـــــــادي 4 خـذتِ الأســودا ، واللـّـي ضــدهم نــادي 5 وصـبَـحت مفـرد عـليل القلب بي ينــادي 6 يـا دهـر عـَـمـّر جموع نـادي ومعــمـرّيــت 7
معـاني الكلمـات : 1- مريت : تعـديت بطريقي ، من المرور ...2- مريـّت : أي أصبحت مـُـرّاً، بعكـس الحلــو.3- معمريـّت: مع مـن ،...4- نادي : المكان الذي يلتقي فيه الناس ...5- نادي : ناديت على من هـم دون الأسود، أي الأراذل ...6- بي نادي: أصلهـا ينادي : يستنجـد ...7- معمـرّيت : لم تعـمـّر شيء ، أي لم تبني أي شيء .
ثمـّة إشارة هـامـة تقتضي التـنويـه ،ذكرهـا الكرباسي هي: أن هـناك ( من أقـدم النصوص المؤرّخـة من المـوّال الزهـيري- المسـبّع- هـو الذي نظـمه الشيخ محمد رضـا النحـوي( ت 1226 هـ ) والذي يـؤرّخ فيـه وفـاة السـيّد محمد علي العطـّار عـام 1202 هـ ، يقول: *61 گـوّضــت يـامكسـرِ العنـبر وغـيرك غِــرب 1 وعـليك أنـا الثـاجله والناس غيري غـُـرب 2 وبگـيت أنـاشد ودمـعي مارگت له غـٌـــرب 3 فـاجـد خـيال الـذي مـازال قـــــدره عـلــي 4 بــدر الكـمـال الذي صـَب المصايب عـلـي 5 واگــول ويـن آنـــتَه ياسـيّد محــمـد عـلي 6 مـاشوف ذاك البـدر قـال المــؤرّخ غـــــرب 7 معـاني الكلمـات: 1- كَـوّضت : قـوّضت ،.غـِرب :نوع من الأشجار غير المثمرة ، شبه أشجار (القـَـوق ) أو هي من الصفصاف ...2- الثاجلة : المحمـّلة بالهموم وبحزن دائم،...غـُـرب: أغــراب...3- ماركَـت : مـا رقــّت له الأغـراب ...4- فـاجد : فـاقـد , قـدره علي : صاحب الفضل علي،..5- صبّ المصايب علي : أنزلهـا دفـعـة واحـدة ..6- محمد علي ، هـو الشخص المتـوفـّى ...7- غـرب: من غرب النجم ، إذ اختفى، ويشير الكرباسي/ صـ52 – الهامش رقم 3 ، على أن ( غرب النجم إذا غاب، يعــادل، حسب الحـروف الأبجـدية عام 1202 هـ / والعهـدة على الكرباسي .
* استقرار النـظـم في العـراق على المــوّال الزهـيري . كـنا قد أشرنا في أكثر من نقطة، بأن القرن12 هـ /18 م ، يكاد يكون هـو الحـدّ الفاصل في شيوع وسيادة نظم المـوّال الزهيري، وهـذا التـاريخ يتفق بـهِ أغلب الدارسين للمـوّال العراقي، وكذلك يتـفـقـون على أن أقـدم نص في المـوّال الزهيري- في العراق- هـو الذي نظـمه الشيخ محمد رضـا النحـوي( ت 1226 هـ ) والذي يـؤرّخ فيـه وفـاة السـيّد محمد علي العطـّار عـام 1202 هـ ، الذي اشرنا له في الفقرة السابقة. *61 ومن الملاحظ على هـذا المـوّال قاعدة الإستقرار في النظم ، على الجناس والبحر البسيط، من حيث العروض، الأمر الذي يوحي لـنا بأن هـناك أمثـلة سابقـة على هـذا المـوّال، وإلاّ كيف استطاع الشيخ النحـوي نظم هـذا الموال، دون أن يكون هـناك مثال سـابق عليـه !؟ ومن أمثلـة ذلك النظم الكامل في المـوال الزهيري، ما قـاله مـلاّ جـادر الزهـيري : * 62 حِـنـّا الذي قـط مـا حَـبـل المـودة نـفــــل 1 وبـروضنـا جم زهـا ورد الحـباب ونفــل 2 نـوفـي بالعـهــود ونـأدّي الفروض ونفـل 3 وحقـوق الاصحاب بعـيون الوفـــا نـرعـــه 4 ونـسـامح الخـــِـل دوم وذمـّـتــه نـــرعـــه 5 نـمـرح بـروح الـهــــوى وبـروضته نـرعه 6 ونعــوف الأنـــذال ونـــوالف جريم ونفـل 7 معـاني الكلـمات : 1- حـِنا : نحـن ، نفـل : نفـكّ أو نفصخ ...2- ورد الحـِباب : نوع من الزهـور، ونـفِـل : هـو نبت من البقـوليات ، لـونه أصفر وطيب الرائحـة ...3- نوفي : من الوفـاء للعهـود ، نــأدّي : نـؤدي ونـوجـّب، الفروض : الطاعات، ونـفل : من النـوافـل ، كنوافل الصلاة وغيرهـا...4- نـرعـه : من الرعـاية والمراقبة والحفظ ...5- نرعه : نـوجـّب ونحفظ ...6- نــرعه : من الرعـي ، وتأتي – هـنا- نـلعب ...7- نفـل : الكريم صاحب الأصل، وهي صفة محرّفـة من كلمـة (نــــوفـل ) الفصيحة .
* وهـذا مـوّال ، بعث بـهِ مـُلا مـرعي الى الملا جـادر الزهيري ، يشكي لـه ما يعانـيه من ألم الجـوى، وهـذه الحالة من ( التخاطب) في المـوّال، سوف نتـوقف معهـا بفصل آخـر، نوضح فيه الكيفية التي يجري التخاطب بهـا ،وقد أوردنا هـذا الموّال هـنا، لقـدمـهِ، كون الشاعر ينتمي الى الفترة التي عاش بهـا ملا جـادر الزهيري . يقــول مـُـلاّ مرعي : *63 يـا جـادر اضمايـري بــالغــادرات آولـعـــن 1 وبـگــلبـهـن مـا خـطر حُـسن الوداد ولـعــن 2 لـولا هـواهـن أنـــا ماضـگـت هـم اولعــــن 3 لاݘ-;-ـن هـواهـن جـوه منـّي الضـمير ولاع 4 وبقـيت عالتـُـرب ثـاوي بين نـعـــم ولاع 5 ذولـه الـدعـوني على روحي مفـيج ولاع 6 الله لا يـرحـم اللـّي مـا لـبــوهـــن لــعــــــن 7 معـاني الكلمـات : 1- اضمايري : ضميري،... الغــادرات: قصد النـساء، هـنا، أولـعـن : تـولـّعن ..2- ولعـن: أصلهـا ولا عـن، أي لم يخطر ببـالهـن هـواي وشوقي...3-آولعـن : ولا عـناء ... 4- ݘ-;-ــوه (بالجيم المثلـّثة) : أحـرق بالنار، ولاع: من اللـّوعـة والألم ...5- ثـاوي : مقيم، ولاع: يقصد لا، النافية ...6- مفـيج : لا أفيق، ولاع: لا أعي...7- لـبوهـن: لأبيهـن ،لـعـن : من لعـنة الله .
* أو هـذا المـوّال، الذي ينسب الى الحـاج زاير الدويݘ-;- ( وسيكون لنـا وقفـة خاصة معـه) بفصل خاص ، نظراً لكونـه أشهر ناظم للمـوّال في القـرن العشرين، يقـول الحاج زاير: *64 دار المـلوك أظلـمت عـگب الضيـا بسـروج 1 ودعـت لطـوفـان دمعي عـالوجـن بسروج 2 والخـيل لـمـّـن تـنحـّن واطلعــــن بسـروج 3 والكـدِش أصبـح لـهـا عــــــزم شـديد وبـاس 4 والـزين دنـّـكَ عـلى إيــــد الـزنــــيم وبــاس 5 والحـيد لـو عـاشر الأنـــــذال مـاهــو بــاس 6 من جـِلـّة الخيل شـدّوا عـالݘ-;-ــلاب سـروج 7 معــاني الكـلمات : 1- بسـروج: بمصابيح نفطية ...2 - بسـروج: شـبه روج الماء عندما يفيض بموجاتـه . 3- بسـروج: جمع سرج: وهـو ما يوضع على ظهـر الخيل عند الإمتطاء..4- الكُـدش: جمع كـديش ،وهـو من الدواب والحمير، غير الأصيل...5- دنـّـكَـ :أنحـنى ،والزنيم: ابن الخـنا الذي لا يعرف لـه أصل أو أب ، وبـاس :قـبـّل ..6- الحيـد: الشجاع والقوي ،ما هـو بـاس : لابـأس عليه ولا ضير...7- هـذا البيت (مثل شعبي معروف) يشير بمعـناه على انعـدام الأصلاء ، لذلك امتطوا الكلاب بـدل الخيول وشـدّوا عليهـا الأسرجـة . وهـذا المـوّال ، يقـرأ – في بعض مناطق الفرات الأوسط وجنوب العراق بــإبـدال ( ج) بــ (ي) فتصبح ( بسـروج) ( بسـروي) وهـو شائع ومعـروف في تلك الأمـاكن .
* ومن نـاظمي المـوّال الأفـذاذ في العـراق، الشاعر جابر بن جليل الكاظمي ، وهـو من الشعراء المعاصرين ،ذوي الخبرة في النظم ، يقـول في أحـّـد موالاتـه : *65
ناحل بفرگـاك جـسمي ولاعضـو صاحـبــي 1 نـامت الـوادم وليـلي كـل وكــت صاحـــبي 2 شيصير لو صـار وكتي من الكـدر صاحبي 3 اختليت من غربتي ودنــياي خـلـّـتـني 4 للفــرج أتــنه وآكَــول آردود خـلـّتني 5 اللـه يجــازي اللـّيـالي بخيـر خـلـّتني 6 أعـرف خصيمي خَـصيمي وصاحبي صاحبي 7 معــاني الكلمـات: 1- فركَـاك: فراقـك ، صاحبي: أي لا يوجد عضو في جسمي صاحٍ، إذ الكلمة مركـّـبة من (صاح و بي) ...2- صاحبي: مستيقظ بي ،أي لم أرقـد طـوال اللـّيل ...3- ماذا يحدث لو أن الـكـدَر، أي المشاكل والهـموم ،يصبح صاحبي: أي صديقي ...4- خـلـّـتني: أحدثت بي خـلل عقلي ...5- خـلـّتني: أي خليني أنتظر، لأن أصل الكلام من ( خـل ،،أنتظر)...6- خـلـّـتني: دعتني أن أتعرف على من هـو صديقي ومن هـو خصمي ، الأمر الذي يفصح عـنـهُ البيت7 من المـوّال . ثمـة ملاحظـة هـامـة ، في هـذا المكان ،هي ماحصلت بين البيت السادس والسابع ، حيث كانت آخر مفردة في السادس ( خـلـّتني) بينما أوّل مفردة في السابع كانت ( أعرف) وقـد نسخناهـما بلون مختلف ، حيث اكتمل معنى الكلمتين عند اللـّفظ ، إذ يتوجـّب أن تكون الجملة هــكـــــــذا (خلـّلتني أعرف) وهـذا يسـمـّى ( الـتــــدوير) في المـوّال ، وهو نـادر وقليل ، لكــنـّه شــائـع في نظم الأبــوذية . وهـذا موضوع آخر، سوف نتصدّى لـه في المستقـبل . * * * * التـفــنـّن في نـظم المـوّال الزهـيري : من يتفحـّص مـدونات القـرن العشرين، في العـراق، تلك التي أرشفت أو أرّخت للمـوّال العراقي ، سوف يعثر على كثير من نصوص المـوال، الكامـلة البـناء، ذات السبك العالي والصنعـة المتقـنـة، بل سوف نسـمع صدى المـوّال الزهيري، وهـو ينطلق من خناجر الناس على السليقة ، نظـمـاً وغـناءً ، وهـو ما جلب انتبـاه أغلب الباحثين للأدب الشعبي في العراق، بحيث أن الدراسات والبحوث النقـدية بـدأت في هـذا القـرن، بشكل منهـجي، ووفق الأصول الأكاديمية، حيث بـدأ الباحـثون تعـقــّب تلك الظاهـرة المنتشرة في العراق ،والتي تسمـّى المـوّال الزهـيري، بحيث أنهـا أغرت حتى المستشرقين على دراستـهـا والإعجاب بهـا وبشـعرائهـا، لا سيما المسـتشرق الفرنسي جــــاك بـيرك ،والذي كان معجباً بنظم الحـاج زايـــر . لقـد أتقـنَ شعراء المـوّال صنعـتهـم ، وراحـوا يتبـاهـون بهـا على بقيـة فـنون النظم، رغم أن الأبـوذية، كانت هي الأخرى تحاذي وتجـانب نظم المـوال أو الغـناء بـه، لكـنـّها لا ترتقِ الى سـمو المـوّال ورفعـتهِ ، فهـو حقـّـاً البرزخ الأعلى في المنظومات الشعبية . * الجـنـاس في المـوّال، هـو الـدائرة التي يلعب بهـا الشعراء، ومنهـا تـتـولـّد المعـاني، وعليهـا تبنى أغلب مضامين المفـردات، وهي دائرة الفعـل في كل صناعـة المـوّال، بمعنى آخـر ، لـولا الجـناس لما تطـوّر المـوّال، ولما بقي يتجـدد طـوال أكثر من ثمانية قرون متـواليـة ،لذلك لا يمكن اعتبار المـوّال مـوّالاً بغير الجـناس، فهـو تؤام الروح لهـذا اللــّـون من الشعر الشعبي ، أكان في العـراق ، أو في بقـية البـلـدان العربيـة . لقـد بـرز الكثير من الشعراء، في عـملية التـفــنـّن في صياغـة نظم المـوال الزهيري، ولأهـل بغـداد القـدحِ المـعـلـّى في هـذه الصنـاعـة الإبـداعية ، فهـو سلوتهم منذ أيام العصر العباسي، حين انـولـد في بيئـتهـم ، وظلـّوا أوفـياء لـه ، يسهرون عليه ، ويعمـلون العقـل في تطويره، رغم أن بقية سكان العراق يتعـاطون بـهِ نظمـاً وغـناءً ، وقـد عَـمـدَ بعض الشعراء الى الالتزام بالجـناس، في بـدايات البـنـد الأول، ويوحّـدهـا مع جـناس نـهـايات البـنـد الثاني،أو بالعكس، ومن ذلك قـول الشاعر جابر الكاظمي . *66
هـلـّـت هـلالات سـعـدك بـس هـلالـي مـَـهـَـل 1 هـلـّـت ذراري الجفـه وذاري التصافي مهَــل 2 هـلـّـت النـاس ونـطت بسمك وُعـُـود ومُهـــل 3 مُـهـِـل لجـل شـوفـتك يـل شـوفـتـك هـلـّـت 4 مَـهِـل عـليّ ابوصـولـك يالكَـلــت هـــلــّــت 5 مـَهـَـل مثـل مـدمعـي وعـيـوني دَم هـَـلــّت 6 هـَـلـّـت لجـل شــوفـتـك يآللـّـذي دَمـعـَك مَـهـَل 7 معـاني الكـلمـات : 1- هـلّت: ظهرت أو أطلـّت كالهـلال،. مَـهـَـل: ما هـل ، لم يشرق أو يطل ، إذ ما للنفي . 2- هـَـلـّت : من هـال التراب، إذا سكـبه . مَـهـل : لم يـٌـهـِـل، لم يسـكـب . 3- هـَـلـّت : من هللَ وجهـَهُ إذا علاه الفرح ..مُـهَـل: مهـلة زمنيـة محددة . 4- مـٌهـِـل: منتظر ومتأمـّل..هـَـلـّت، مشتقـة من معنى الهـول , وهـو الخوف الشـديـد . 5- مَـهـِـل : إستمهلني قليلاً بلطفٍ ومـودّةٍ ..هـَـلـّـت: حانت ، أو أتـيت . 6- مَـهـَل : لم يهـل دمع كـدمعي ، أي لم يجرِ ..هـلـّت : سـَكــبـت . 7- هـَـلـّـت: بكت .. مَـهـَـل : لم ينساب دمعـك . * وقـد تـمرّس( الكاظمي) بشكل ممتاز على التفـنـّن في نظم الموال الزهيري في مثل هـذه الحـالات، فقد نظمَ موالاً زهيرياً باستخدام الحـروف المقـطـّـعـة في الجناس بدلاً من الجناس نفسـه، كمفردة يبنى عليهـا المـوّال الزهيري، ومن ذلك قولـه : *67
غـازلـت أحــباب گــلبـي واو هـــاء ومـــيـم 1 مـا حـرّكـوا سـاكـنٍ وجـنهـم واوهـاء ومـيم 2 ظـلـّيت أكـفّ المـدامـع واو هــــاء ومـــــيم 3 والجمـر بعضـاي يسـري واو جــيم ودال 4 بضعوني ظـلـّيت أسعــى واو جـــيم ودال 5 حـَسـّـبت ألكَــه مـثــلهــم واو جـــيم ودال 6 مـثلـهـم بـالكــــون ملگــيت ألـف بــــاء ودال 7 هــالـنـوب ألهَـــم بــــروحي ألف بـــاء ودال 8 واليـصل حـَــدهــم بجـفــّـي ألـف بــــاء ودال 9 إبـجـنــّـة الأحــــباب أمرح واو هـاء ومـيم 10
مـعـــاني الكلمـات : 1- واو هاء وميم : جمعهـا يكون ( وَهـُـم) وهي حرف العطف- و ، مع ضمير الجمع هـم ، 2- واو هاء وميم : جمعهـا الوهـم . 3- واو هـاء وميم: حرف عطف – و- مع (هـَم) أي من التفكير والهــم . 4- واو جيم ودال : جمعهـا ( وجـد) وهو الاحتراق الروحي، ووجد النار سعيرهـا . 5- واو جيم ودال : جمعهـا ( وَجـد) أي أهـم وأسـرع . 6- واو جيم ودال : جمعهـا ( وجـد) أي وأجـِد ، أي ألقـى . 7- ألف بـاء ودال: جمعهـا ( أبــد) من المستحيل . 8- ألف بـاء ودال : جمعهـا ( أبــد) بمعنى بشكل دائم أحرق بروحي . 9- ألف بـاء ودال : جمعهـا ( أبــد) بمعنى ، أبيــــدهُ من يصل إليهـم . * يلاحظ ، أن هـذا المـوال الزهيري، نظم بعشرة أبيـات ، وهـو مانسـمـيـّه بــ ( العشيري) وسوف نعرّج عليه بفصل خـاص ، وذكرناه هـنا، في هذا الفصل، هـو فقط للتـدليل على قـوة الشاعرية وقـوة الصنعـة عـند الشاعر العراقي، عندما يتوحـّـد نع فـنـّـه الذي يعشق .
* ومن الشـعراء المـُجيـدين في هـذا التفــنـّن في نظم المـوّال، الشاعر العراقي مجيد القيـسي، فـلقـد أجاد التفـنن في (الزهيري) عندما نظم مـوّالاً يبـدأ أول حـرف من شطر بما ينتـهي بـهِ الشطر، كـقـــــولـهِ : *68 ثــعـــول زمـاني لهـب ݘ-;-ــانـون بيــه ورّث 1 ثـــاوي دعـــاني ودعـــه الآلآم ليــه ورّث 2 ثــوب العـَـليـّـه رگـــــد مِـن المعــاتب ورث 3 ثــمـلان مـن ضربـــتي مـگـــدر أگــــومن بـَحــث 4 ثـــارت اسهـامــه عـلي ومـعـــاه خـــاب البـحــث 5 ثــگـــل العـَـنـَــى مــا جَـعـل للسير ينفـع بـحـــــث 6 ثــمر الجـنيـتـه انتهـى آخـــر انـيــاحـه ورث 7 معـــاني الكلـمـات : 1- ورث : أصلهـا بالتشـديد ( ورّث) وتعني أشعل أو حـرّك العيدان لتحـترق . 2- ورث : تركهـا لي كـالإرث . 3- ورَث : أصبح بـاليــاً ، يقال: أرِثَ الثـوب ،إذ بـُلي . 4- بحـث : من البحث بـالأرجل على الأرض . 5- البحث: الحـوار والمجادلـة . 6- بحث : الباء حرف جر، و حث: من يحث نفسه على النشاط والهـمـّـة . 7- ورث : من الـرثـاء . لاحـظ ، كيف كان موقع حرف ( الثـاء) في أول وآخر كل بيت وفي كل جـناس .
وقـد نظم القيسي ، أيضـاً، مـوّالاً بسبع جـناسات متحـدة، لكنـّـها مختلفـة المعـنى، وهـو نـادر وصعب ، اسمع مـاذا يقـول : *69 ريــم الجـفـاني جـعـلـت إحشـاشـتي دارالـه 1 ولا أظـن بمـعـارفــه مـثـلي شخص دارالـه 2 عـِقـد البجـيده صـدَف وآنا اوضعت دارالـه 3 ومعـاي گـضـّـه آبصفه أنس الوكت دارالـه 4 لـَمـــّن تـأكــــّـد بديـــلاب السـعــــد دارالـه 5 عــنـّي تـنـحـّى ودمـع عــيـني بأسه داراله 6 من يـوم خصمـي خـَـمر من كــاسـتـه دارالـه 7 معـاني الكـلمـات: 1- دارالـه : مـنزلاً لـه ...2- دارالـه : من المـداراة والاهتمام ...3- دارالـه : أصلهـا ( دُر) الحجر الكريم المعروف ...4- دارالـه: لـه دور في حـياتي ...5- دارالـه: تحـوّل إليـه ، أي أصبح الزمـن بجـانبـه ...6- دارالـه: أي درّت دمـوعي لـه، إنسكبت بغـزارة...7- دارالـه: أفرغ من كأسـه الى كأسـه، وهي كـناية عن ميل الفـؤاد لســواه .
* وقـد ذكرت المصادر،*70 ،بـأن مجـيد القيسـي هـو الذي أبتكر المــوّال ذو الجـناسـين، من المـوّال الزهـيري ، ومن ذلك قــولـه : يـمعـذّب اللـّي هـــوه شخصـك ورادك ولـف 1 متگـلـّي منهـو هـوه اللـّي دار عقــلك ولـف 2 ريـتـه بسگمي هـوه الجــاك بغـيــابي ولـف 3 وبـعــدت يـاصاحـبي من الرغـب شوفـك ورد 4 دهــري لون صاحـبي وتـمـنـّـه كــــلمـــا ورد 5 كــاسـي فـلا صاحـبي أبقــى وشـمــومـي ورد 6 واغـفه بنسـيم الهـوه وللــزيـن أشبگ ولـف 7 معـاني الكـلمـات : 1- هـوه: أصلهـا هـوى، أي عشق، وِلـِف : الأنيس أو الحبيب . 2- هــوه: هي الضمير الغائب، هـوَ ، ولـف : قصد بـهِ من أدار عقـلك . 3- هــوه: أصلهـا ، هـَوى، أي سقط من أعلى ،ولـف : من ألـّف الحكايا عني وأدار شخصك 4- صـاحبي : صديقي ، وَرَد : أصلهـا وأراد ، أي رغـِب . 5- صـاحبي : من صاحَ بي، أي من نادى علي ، ورد : من الذكر الحـَـسن . 6- صـاحبي : أصلهـا صـاحٍ بي ، ورد :الزهـر المعروف . 7- الهـوه : قصد بـهِ الهـواء العـادي ، ولـف : أحتضـِن وأشبگ . * ومن جمـيل ما تفـنـّن بـهِ القيسي ، أيضـاً، في نظم المـوال الزهـيري، هـو استخـدامـهُ الحرف الأول من كل شطر، ليشكل منـهـا إسمَ عـلمٍ يريد خطـابـه ، وقـد نظم ذلك في صديقـهِ الأسـتاذ مجيـد عـامر، وقد جرت بينهـما مساجلات شعرية بتاريخ 13-12-1972 م كما يقول الكرباسي ، فأسمع ماذا قـــال : *71 مـيمـك مكــارم طـبع سـرني لـمـن صاحـلـي 1 جـيمك جـله آغيـوم جـوّي المـابـده صـاحلي 2 يــائـك يـبيـّـن وفـــه ذي قاركـــــم صـاحـلي 3 دالـك دعـاني أحـــن ولشـوفـك آبغــي وَصــل 4 عـيـنـك عـزم هـمـّـتي يـوم ارد أجــولن وصل 5 ألـفـك أمـاني لـُـمــن خـطـّــك لصــوبـي وصـل 6 مـيمـك و راءَك عـَـذب وآلعــلـّـتي صـاحـلي 7 معـاني الكلمـات : 1- ميمك: قصد الحرف الأول من الاسم ، صـاحلي : نـادى علي . 2- جيمك : قصد الحرف الثاني من الاسم ، صاحلي: من الصحو وانقشاع الغيوم . 3- يـاءك : قصد حرف اليـاء من الاسم ، صاحلي : ناداني ، والمقصود بـ ( ذيقاركم) هي مدينة الناصرية في جنوب العراق . 4- دالك : قصد بـهِ الحرف الأخير من الاسم ( مجيـد) وصـل: من التعني والوصول لكم . 5- عينك : قصد الحرف الأول من إسم والد مجيد ( عـامر)، وصـل: من الصولة والجولة . 6- ألـفـك : قصد بهـا الحرف الثاني من الإسم ، وصـل : قــدمَ أو حضر . 7- ميمك وراءك : هما آخر حرفان من الاسم( عامر) ، صاحلي : من الصحة وكمالهـا ، وهـنا نلاحظ أن الاسم المخاطب هـو ( مجيـد عـامر ) .
* وهـذا الأمر، قصدت (التفـنـّن في نظم المـوّال الزهيري) معروف عند أغلب ناظمي المـوال في العراق، وقد ذكر الكرباسي وغيره، أمثلة هـامـة على هذا النوع من النظم *72 * تـوشـيحـة المــوّال الـزهـيري : جـاء في القـاموس المحيط : تـوشـّحَ : تقـلـّد السيف .*73 ، ومن هـنا يفهم أن ( الوشاح) هو ما يضاف على الهيئة بشكلٍ ممـّيـّز، ويقال : اتشح بالسـواد ، أي لبس السـواد فهـو حزين ،والموشح من الشعر، هـو ذلك النظم الذي أبـدعـه أهـل الأندلس ، والذي عرف بالموشحات ، والذين أضفـوا ( الخـرجـة) باللـّغة العـامية على نهايـة الموشـّحة، والموشح ، عـبّـر عنـه بالقـلادة على الجـيد من جسم المـرأة لإبراز هيئـة الجمال وهيبتـه على الموضع الذي وضع فيه الوشـاح من جسم المـرأة . والتـوشيحة في المـوّال الزهـيري، عـند أهـل العـراق ، تعني : إضـافـة ( أبـوذيــّة) منظومـة على أربعـة أبيـات ،من بحر( الـوافـر) تستـمـد جـناساتـهـا ومعـانيهـا من المـوّال الأصلي ، وتلحق في نهـايـته، وكـأنـهـا تابع لـه ، وهي من اخـتراع المطـربين لا الشعراء، أولاً ،لأنـهم ينـطربـون ويطربـون المستمعين ، وهي تظهـر بـوضوح عـند مطربي جـنوب العـراق، وخصوصـاً ، أولئـك الذين ينشــدون بـ ( طـور المحـِمّـداوي) الحـزين ،الأمر الذي سـوّغ لهـؤلاء المطربين لأن يضيفـوا ( من تـأليفـهم ) كما يفعـل المطرب الراحـل سـلمان المنـكـوب، أو يقتبسون تلك الأبـوذيات ، المنظومـة من شاعر آخـر، تـوافقت جناساتهـا ومعـانيهـا مع المـوال الذي ينشده ،كما يفعـل مطرب المـوّال المشهـور الراحل ( سـيـّد محمـد ) وغيره ، مِـمـّن تتـلمـذوا على نهـجـهِ في الغـناء، كفرج وهـاب ويونس العـبودي ثم تـبعـهم المطرب الراحـل ريـاض أحـمد ، وغيرهم الكثير. ومن هـنا جاء انتـبـاه شعراء المـوّال لمثل هـذه الظـاهرة ، التي انتشرت في العـراق في مطلع القـرن العشرين ، لذلك بـدأوا بـإضافـة تلك ( التـوشيحة) لمـوّالاتهـم، حتى يكون هـناك انسجام وتكـامل بين المعنى والجناس في المـوال، وفق ما يريد النـاظم الأصلي ،حيث بـدأ اشتراط أن تكون التـوشيحة تأخذ أحـّد الجناسات الموجـودة في البـند الأول أو الثـاني من المـوّال ،وأصبحت عرفـاً متـّبعـاً عند أغلب الشعراء الذين استهووا هـذا الشكل من النظم في العراق ، مع مـلاحظة أن التـوشيحة تكون فقط في المـوّال الزهيري، المنظوم على سـبعـة أبيـات ، ومن أمثـلتـهـا المـوال التـالي للشـاعر الحـاج زايـر الدويݘ-;- ، الذي يقـول فيـه : *74 مع أن الأبـوذية- التوشيحة- ليست من نظمـه، وقد أنشده المطرب يونس العـبودي. يـا صاح دف الهـوى بـعــد الهـنا كـسـره 1 واترك الدنيه الدعــتـنه بهالوكـت كـسـره 2 بـالك تـطـيع النـذل لـو هـو مـلك كــسـره 3 من حيث مـا ظل على عـهـد الـوداد إيـتيـم 4 ماݘ-;-ــان مجـنــون من گـبلك دعــاه إيـتيـم 5 إشݘ-;-م كــسره البݘ-;-ــت وتـــريـد إلهـا إيـتيـم 6 واشݘ-;-ـم يـتـيـم البݘ-;-ـه ويـريـد الـه كسـره 7 كــــسره : تــوشيحـة المـّوال : الـدهـر خـلـّف مع الطيبـين كـسـره 8 وضـلعي مـاجـبـر ياخــلـگ كــسره 9 مطـيـعـنــّه الـنــذل لو ݘ-;-ـان كـسره 10 تـهبى نفـسي وضميري يلـوم بيــّه 11
شرح معاني الكلمات : 1- يـا صاح: ياصاحبي ، دف الهـوى: قصد بـه ، الـرق ، تلك الآلة الموسيقية التي بعزف عليها أثناء الغـناء،، كسـره : من الكسـرِ ...2- كـسره : مكسوري الجـناح، لا نقــوى على فعل شيء. 3- بالك : إحـذر ، تطيع النـذل : تخضع لـه.. ملك كسره: هـو الملك الفارسي المعروف . 4- عهـد الـوداد : زمن الصدق والوفـاء، يتـيم : المعـنـّى في الحـب،..5- يتيم : من فقـد أبويـه فهـو اليتيم ،..6- إشݘ-;-م : ما أكثر، كسره: قطعة من الخبز اليابس ، يتيم : هـنا بمعنى الفقير الجـائع، ودلالة الكلام تشير الى مقدار ما يرمى من الطعام دون إعطاءه للفقير . 7- وشݘ-;-م يتيم البݘ-;-ى ويريد اله كـِـسره: هو بعاكس معنى البيت السادس، حيث المراد هـنا، كم من الفـقراء واليتـامى الذين لا يحصلون على( كسرة خبز) . نلاحظ هـنا، أن المـوّال الزهيري، اكتمل نظمـه، إلاّ إنــّهُ أضيفت لـه ( أبوذيـة) وهي التوشيحة التي كمـّلت معناه وأخذت من جناساتـه ، من البـند الأول، ونظمت بناءاتها على تلك الجناسات. معـاني التوشيحة ( الأبوذيـة) : 8- الدهـر: الزمـن ، خـلـّف : ترك ، كـسره : مـُلـمـّة وعوز...9- ماجـُبر: لم ينجبر العظم ، كسـره: ما كسر من ذلك الضلع ..10- مآطيعـنـّه : لم أخضع لـه ، النـذل : الخسيس ، لـو : حتى أو إذا ، جـان : بالجيم المثـلـّثة، كان، كسره : الملك كسرى ..11- تهبى: ترفض، يلوم : يـؤنـّـب. * ومن أجمل ما أنشده المطرب الراحـل سـيـّد محمـد ، المـوال التـالي، مع توشيحة مضافـة إليه ، وليست من ناظم المـوّال الأصلي ، يقـول :
عـن صـاحبـك لا تـسـل لا صاحـب ولا دار 1 ݘ-;-ـذب بݘ-;-ـذب دنـيتـك لا تــــولــــد ولا دار 2 هـمّ آنتَ ذاتــــك صـفـر لاجـــوهـر ولا دار 3 ذاتــك عليـّه امحـلت يـاذات بيـهــا تـــرد 4 المــوزمـه امـكـلـّـفه وانـتَ عليـهـا تـــرد 5 مـاي بـسـگه صاحبك شـتكور بيـه وتـــرد 6 زبــدتـهـا طـين آووّحــل لا جـوهـر ولا دور 7 الـتـوشيحـة : ولا دور : مـن صـاحـبي لا جـفـي ولا دور 8 بسـبب لا جابته العِـشره ولا دور 9 الضعف ما يحلب الحـرّه ولا دّور 10 الربيـع إيسـوي الهـزلــة شـفـيه 11 مـعــاني الكـلـمات : 1- لا تسل : لا تسأل ، لا صاحب ولا دار: الدار، المنـازل هـنا المقصود، وليست الدار الواحدة 2- دنيتك : عـالمك الذي أنتَ فيه، أو آنـكَ المعاصر، ، لا تـولد ولا دور: لاتنجب ولا تـثـمـر، فلا تتـأمـّل منـهـا خيراً . 3- هـم إنـتَ : إنـتَ أيضـاً ، ذاتـك : شخصك ، صفـر : نحـاس ، لا جـوهـر ولادار: المقصود الجـواهـر والـدُر، من الأحجـار الكريـمـة المعروفـة . .4- أمحـلت : أجـدبت ، يا ذات بيهـا ترد : أي نفس تعـود بهـا لي ، وترد : ترجع ...5- المـوزمـة : الأزمـة المتـراكـمة ، الشديدة الوقع على النفس ، إمكـلـّفة : الثقيلة ، وأنت عليهـا ترد : وأنت تضيف لهـا مشاكل أخـر..6-السكَـة: السـقـاء، هـو ذلك الوعـاء الجـلدي الذي يصنع من جلود المـاعز والأغـنام ، ويصنع على هيئـة كيس، ويرفع الى أربعـة عـيدان ويعلـّق ، ويخضّ جيئـة وذهـابا، حين يوضع فيه الحليب كي يستخرج منـه الـزبد واللـّبن ( الشنينـة) , وهـو شائع في أريـاف العراق وأغلب البلدان العربيـة . شتكـور: التكـوّر، : هـو هـزّ السقـاء جيئة وذهـابا، بالأيـدي، بغيـة رج سـائل الحليب ، كي تنفـرز الزبـدة عن اللـّبن أثناء هذه العملية،..7- زبـدتـهـا : ما يخرج منهـا أثناء الرج والخض ، والناتج : طـين ووَحـل ، لا جـواهـر ولا دُر . والمعنى هـنا يشير الى فسـاد الأصحاب وجفاء الدنيا . شرح معـاني التـوشيحـة : 8- لا أجفي : لا أتـرك ولا أدير ظهـري، أدور: أدير وجهـي عـنـه ..9- لا جابته : لم تـُعـده العشرة ، ولا دور: المنازل التي عاش فيهـا ..10- الضعف : هـزال البـدن ،والإشارة هـنا الى فقـر الحـال، الحـرّة: الأصيـلة ، ولا دّور: لا تدر حليبـاً ..11- الربـِيـع : قصد بـه موسم الربيع المعطاء، والإشارة هـنا تعني يسر الحال ، الهـزلة: الضعيفة ، شفـية : السميـنة ذات اللحـم والشحم .
* ومـن نظـمنـا هـذا المـوّال الزهـيري ، مع توشيحتـه : *75 إسـيـوف هجـرك مضـن وآنـا بنـزاع وعـلـي 1 والـروح قــط ماشـگــت لا والصمـيدح عـلي 2 لاݘ-;-ـن أكــــو أنذال غـشــّـوا سجــيـتـك عـلي 3 وآنـتَ أدرى مـا بـالـروح بيـدك صفى مايـّهـا 4 وآنشـدت عـُرب وعجـم مـحـّـد عـرف مايهـا 5 وآنـطـرت مـنــّك وَصـل حـتى بحــلم مـايـهـا 6 يـاطـيـّب الـذات ݘ-;-ـا هـيݘ-;- التجـافي عـلـي 7 الـتوشيحـة : عـليـهـا : عـلـيش الـروح ما تـنــشـد عـليـهـا 8 وسـبب هـجرك لوى الخايب عـليـهـا 9 الألـــم دايــم ونـت تــــردف عـليهـا 10 ألـف وسـفـه يخـون الشـوكَـ بيـــّــه 11 شرح معـاني الكلمـات : 1- مضن : أوغـلن بالجـراح ،نــزاع وعـلي : منـازعـة بين المـوت والحـياة ، أي في الرمق الأخير...2- قط ما شكت : لم أشكو مِـمـّا أنـا فيه لأحـد ، والصميدح: لقب شعبي يطلق على عـلي بن أبي طـالب ..3- لاجـن : لكـن ، غشـّوا: غيـّروا ، علي: على ذاتي شخصيـاً .4- ما بالروح: مافي داخلهـا من أسرار، مـايهـا : قـرارهـا .5- انشدت : سـألت ، مـايهـا : نـــوالهـا . 6- مايهـا : لم يـأتهـا ، لم يجئ إليهـا حتى بالحـلم ...7- ياطيب الذات : يـا كريم النفس ، جـاهيج : أهـكـذا ، التجـافي : من الجـفـاء، علي: القصد النيل منـّي. معـاني التوشيحة : 8- عليش: لمـاذا ، عليهـا : على روحي ..9- لـوى : أطبق وسيطر ، الخايب: الذي لا نفع فيه عليهـا : فـوقهـا ..10- دايم : مـستـديم ، تردف: تلاحق الضربات ، عليهـا : تكرر الآلام لهـا. 11- ألف : العدد المعروف ،وسفه : من الـتـأسف والتحسـّر، الشـوكَـ : الشوق والهـوى ، بـيّ: بـذاتي .
* * * 5- المــــوّال العشـيري : وهـو الذي ينظـم على عشـرة أبيــات . لعـبت مسـألة التجـريب في نظم المـوّال وصنـاعـته دوراً فـاعلاً في مسـألة تطـوره، عبر كل المراحـل الزمنـية ، وقد لاحظنا – من خـلال البحث هـذا- أن كل تجربة على نـوع من المـوّال تغري الشعراء لأن يجــرّبـوا أكثر، في نظم المـوال ، بمعنى أنـّه يمكن القـول بـأن القـلق الإبـداعي، مضافـاً إليه ماحـُقـّـق من خلال التجريب، أعطى دافـعـاً قـويـاً في تطور شكل المـوّال كي يسـتمر في التجريب ، بغية الاكتمال في الشكل والمضمون، وهـو ما تحقـّق في نظـم المـوال الزهـيري، ذو السبعة أبيـات ،ومع ذلك ظل القلق يساور الشعراء وقـارئي المــوّال، لذلك أبـدعـوا( تـوشيحـة المـوّال) كما أوضحنا في الفصل السابق، وقـد أعطت هذه (التـوشيحـة) الأمـلً للشعراء بـأن يضيفـوا أبيـاتــاً أخرى على المـوّال الزهـيري، فـأضافـوا بـنـداً من ثلاثـة أبيـات ، مع الربـاط ، فـأصبح النـاتج عشرة أبيـات ، كل ثـلاثـة منهـا على جناس متـّحـد ، فيما يكون جناس القفـلة متفقـاَ مع جناسات الأبيات الثـلاثـة الأولى ، بمعنى آخـر، أن المـوّال ( العشيري) هـو الموال الزهيري زائـداً ثـلاثـة أبيات أخرى مجنـّـسـة . وهـذا النـوع – كما أعتقـد- ظهـر في النصف الأول من القـرن العشرين، على اعتـبار أن أغـلب المـدونـات الشعرية أو التـاريخية، لم تظهـر لنا هـذا النـوع من المـوال بتاريخ سـابق ، بل أستطيع القـول، بـأن شعراء وسط وجـنوب العــراق ، وهـم الذين أولعـوا في كل ألـوانـه، نظماً وغـناءاً، لم يتعـاطوا بالمـوّال العشيري قبل هـذا القـرن ،مع ملاحظـة أن المطربين الذين يغنون المـوّال أحجـموا عـنه ، لأنـه متعب لأصواتهـم ،إضافـة الى أن إذن المتـلقي تعـوّدت السماع على الزهـيري، وهـذه نقطـة فاصلـة في عملية الانتشار والذيـوع ، فصدى ظاهـرة المـوّال العشيري، انحسرت في وسط الشعراء فقط . ومـن الأمثـلة على ذلك مانقـله الكرباسي *76 ،للشاعر كاظم سـبتي ، من مـوّال عشيري، ويسميه الكرباسي ( زهيري، بثـلاث بنـود) ، يقـول الشـاعر : يـاگـاطـع البيـدلَي وادي الغــري يـسـره 1 مَـن فـوگ يـدهــا تشابـه للبــرق يسـره 2 تـاجي لـِـوادي السلام آو لاتـزل يســـره 3 إخـلع ولا تخشَ ليل الهـــم الـك لاجـن 4 واندب عـلي من تصـد لمـنايره لاجــن 5 وآگــلـّه بـنـاتـك بــوادي كـربـلا لاجــن 6 مِـن دنــّوا البـِلّ لممـشاهـن وكــلهـن زجــر 7 والشـّمـر متـگـلـّط وسايـج ظعـنـهــن زَجـر 8 إلــّي تــوانـت تعــب بـالسـوط ردهــا زجــر 9 للشـام راحن سـبايـا ويـا العـِدى يسره 10 معـاني الكلـمات : 1- كَـاطع: قاطع البيداء. الغري: أحد أسماء مدينة النجف،. يسره : من السرى أي المشي . 2- يتهـا : من جاء إليهـا،. يسـره : يفـرح، أو يسـر. 3- تـاجي: أصلهـا (تجي) أي تأتي ، وأضيف الألف للضرورة الشعرية . مادي السلام : إسم قديم للنجف . يسـره: قصد الجهة اليسرى من المسير، وقـد تفهـم الرِجـل اليسرى، والأول أصح .4- إخلع : انزع ..لاجـن: إذا جـنّ اللـّيل ..5- علي: قصد علي بن أبي طالب(رض)..تصـد: تلتفت الى جهـةٍ ما . .لمنايره: قصد لمنـائره الموجودة على الضريح ..لاجـن : إذا تلألاْ ،6- كَـلـّه : أخبره ..لاجن : أصابهـن الفزع والويـل من الخوف ..7- من دنـّـو البـِل : عندما قـرّبوا الإبل . زَجـر: الكلام الخشن وبصوت عـالٍ ..8- الشـمر: هـو الشمر بن ذي الجوشن ، أحد قـادة يزيد بن معـاوية في معركة الطف والتي قتل قتل بهـا الحسين بن علي عـام 60 هـ . . متكَـلـّط : متقـدم وذو هيبة في جلوسـه .. سـايج : سـائق، أو حـادي الإبل. . زَجـر: بعنف وخشونـة ..9- تـوانت : تـأنـّت .. زجـر: أساء لهـا وضربهـا بالسوط ، وهـو مايتبيـّن من سياق البيت ..10- ويـا العـده: مع الأعـداء،.. يسـره : أسيرة ، من الأسر . أو قـــولـنا لهـذا المـوّال العشيري ، بعـد فقـد الـوالـد ( رحمه الله) في عـام 1971 م . يـا منـبع الطـيب يـا جـود المفـاخر علي 1 ضاجت عـلي دنـياي والهـم تكاثـر علي 2 وشما نـزل بالصبـر صاح الدهــر عـلـّي 3 من حيث ضـرني الوكت والحـيل مـنّي نـزل 4 يـا دار جـيـت آسـألـݘ-;- يـاهـو البعــدنـا نـزل 5 وآحنـا بـودادݘ-;- وفــا وعـالطيـب ماظن نــزل 6 يـا دار خبري المشـوا ضاعـت سوالف گبل 7 وسـهم الدهــر بالضلـع طـالـع تـراه گــبـل 8 وسـفـه تـرادى الأخــو يوم العـليّـه گــــبل 9 راح وبعــد مـارجـع شايـل غضـاضـة عـلي 10 معـاني الكـلمات : 1- منبع الطيب : منبع الكرم والجـود .. علي : المقصود الخليفة علي بن أبي طالب (رض) 2- ضاجت : ضاقـت ..علي : على ذاتي .. 3- عـلّي : زُد عليهـا ..4- نـزل : ضَعـف وبان فيه الهـَزل ..5- البعـدنا : من هـو الذي جاء بعـدنا .. نـــزَل : أحـلّ وأقـام ..6- مــاظـن : لا أعـقـد. نِـزِل : ننحـرف ..7- المشـوا : الذين رحـلوا، والكنـاية هـنا عن المتـوفـّـين ..8- كَـبل : بشكل مباشـر، دون انحراف لأي جهـة ..9- تـرادى : تـراجع ..كَــبل : حين أقـبل ..10- شـايل : مـُضمِـر.. غضاضـة : غضب وحقـد وزعـل . عـلي : متقصـّدني بالذات .
6- الـمـــوّال الزهـيري- المشط - : وهـو الذي ينظم بـأكثر من عشرة أبيـات فمـا فـوق . أشرنـا ، في الفصل السابق، الى أن حـالة النظم في المـوال ، عـند الشعراء، بـدأت في التفكير لخلق آفـاقٍ أخرى في شكل نظم المـوّال، بعـد أن أعطت ( توشيحة المـوّال) الخبرة بـإمكانية إضافـة بنـود أخرى، بجناسات مختلفـة على نظم المـوال الزهـيري، فآنـولـد ( المـوّال العشيري) المعتمـد بالأساس على نظم ( الزهيري) بعد أن أضيف إليـه بـنـد واحـد ،وهـذه التجـربـة أوحت الى الشاعر لأن يضيف بنــوداً أخرى على شكل الزهـيري, مع الحفـاظ على الـوزن ( البسيط) وقفـلة المـوّال ، التي تـتـّفق جناساتهـا مع جناسات البـنـد الأول ، وتختلف في المعـنى ، فـإضيفت بنـوداً ، عـديدة، تجاوزت ( العشيري) ، ولم تتـوقـّـف عـند حـدّ ، وتلك هي الطريقـة التي نطلق عليهـا ( المــوّال المشـط ) ، وتعـتمـد هذه الطريقـة في النظم ، على قـدرة الفحـول من الشعراء في تـوليد المعـاني العـديدة من الجنــاسات المسـتخدمـة ، مع وجــود فـكرةٍ مـا ، يعجـز المـوال الزهيري، بـأبيـاتـه السبعـة أو العشـرة للتـعـبير عـنهـا ، لذلك نحـا الشعراء نحـو هـذه الطريقـة الحـديثـة في النظم ، لكنـّهـا لم تنتـشر بشكل واسع كانتـشـار المـوّال الزهيري ، ذوالسبعـة أبيـات ،والذي سـاهـم الغـناء، بشكلٍ فعــّال في انتشاره في أغلب منـاطق العراق وبقية البـلدان العربيـة ، فيما بـقي ( المشط والعـشيري) في داخـل البقعـة الجغـرافية من العـراق ، وقـد ظهـر هـذا اللـّون ( المشط) من نظم المـوّال في النصف الأوّل من القـرن العـشرين ، حيث ظهـرت بـوادر هـذا النظم في وسط العـراق ، أكثر من بقيـة أطرافـه ، نظراً لوجـود حالات ثقـافية، كالتعليم والتأليف والنشر، في داخـل المـدن، سـاهمت في ظهـور دراسـات نقـدية أولـت الإهـتمـام لرصد هـذه الظـاهرة وتطـويرهـا، أكثر من الأطراف ، حيث تبرعـمت هـذه الظـاهرة على شـكل(نظم المـوال في بـنـودٍ على عــدد حـروف الهـجـاء)*77 ،سـمـّيت هـذه الطريقـة في النظم بـ ( روضـة المـوّال)، ومن أبـرز شعراء هـذه الطريقـة ، كلّ من ابن الخـلفـة ( محمد بن إسماعيل الحـلّي – ت 1247 هـ ) وعـبد الرحـمن البـناء البغـــدادي ،أحد شعراء ثـورة العشرين المعروفة ( 1300- 1375 هـ ) وعـباس العـبـدلي ،وغيرهم .*78 وقد نظـم الشـاعر مطشر بن عـبد النبي ( ت 1389 هـ ) من أهـالي ناحية المجر الكبير، التـابعـة لمحافظـة ميسـان ، مـوّالاً من عشرة بـنـود مع القفـلة ، أي ما يسـاوي 31 بيـتـاً ، أرسلهـا الى صديق لـه ضمن رسـالة اعـتذار، يقـــول في هـذا المـوّال ( المشـط ) *79 آه يـا زمـاني المضى مـايـوم ردلـي وعــد 1 تـمـّيت أحسـّب ليـالي يـا رفـاگــــه وعــــد 2 وآعـَـضّ ݘ-;-ـف النــدم وآگــول هـذا وعــــد 3 من حـيث مـاينـمحـي مكــتوب هـذا وجــر 4 آه يـازمـاني السَعـَر بحـشـاي نـاره وجـَــر 5 مـالـوم دمعـي الهـِـمل مـن البيـابي وجــــر 6 من حـيث مـاعـَـوّدت نفـسي أذلــّـن لَحـد 7 وآتشـاوه الموت وآرضَ أن يطـمنـي لحد 8 وأگــول هــذا العِسـر هــم يـنتـهــي لـحـد 9 والبـَـدر يـاصاحـبي يـرجــع لبـرجــه ورد 10 وكـل ليـل بعـده فجـر هلـخـَـبر عـندك وَرد 11 وبهـاي عـادَ آرتـجـي يرجـع لعــودي ورِد 12 واعـاتـِبـن صـاحـبي بـللّي جــرَ مـنــّه 13 وآذكـّـره شـمـا بــدت مِـنـّه عـلي مــنـّه 14 إلصاحب الزين آكرمه شما طـلب منــّه 15 من حيث لـن الوكــت مـادام گـبلك لــَحـَـد 16 والخــير ݘ-;-ـَالـشــّر لابـــُد ينتهي لـه حــــد 17 سـيفَـك تـرَ صـاحـبك والطيب اعلم لحــد 18 إلصاحـب الزيـن مـا ينكـر فضـِل خــلـّه 19 والصاحب الشـين هـاذَ يـا أخــي خـــلـّه 20 أشـكي زمـاني يخـوتـي للـعـَـگـل خــلـّه 21 من حـيث عـلّى النـذل والـزيـن عـــادا لـه 22 يحـكُـم على آهـل الشـرف مـابـه عــادا لـه 23 وهـــاذي سـجـيـّـه إلـه مـن گـبل عــادا لـه 24 يـاصاحـب أوصيـك لا تـمـِّن زمـانـك بـعــد 25 وتگـول راح العـُـسر عـَنّــي وتنحّى وبـَعـد 26 أضـرُب لك آمثــال يـاتايه بكـسـرى وبُـعــد 27 لا مـال كسـرى بگـى ولا عـــاد الــه جـنـّـه 28 إلمـا يتـّعض بالمضى عـگـله الوكـت جنـّـه 29 مِـنـّك رسـايــل عَــتَـب ياصــاحـبي جـنــّه 30 طـيبـك أن صـاحـبك إغــفـرِ لـزلــتي وعـُـــد 31 معــاني الكلـمات : 1- المضى : الفـات ، وعـَـد : أي عـاد أو رجـع...2- وَعـِـد : أحسـب ..3- وَجـَر: إذا صار الأمر وحـدث ..4- وَجـّر: أضرم النار وأسعرهـا ..5- وَجـَر: جرى وسـال ..6- لـحـَد : لأي أحـد أو لأي شخص..7- وآتشـاوى : أستسـهـل ، .لَـحـد: قـبر ..8- لـَحـَـد: الى حـد معيـّن، أي حـّدّ لنهـايـته ..9- وَرد : عـاد أو رجـعَ ..10- وُرَد : أصبح في خـاطرك معـلوم ..11- وَرِد : أراد أن يـورد العود ويزهـر، والغرض إعادة صفو الصحبــة ..12- مِـنـّه : مـنـهُ ، جـار ومجـرور..13- مـنـّه : عطاء وهـبة ..14- منـّه : صـِلـة ..15- لَـحـد: لأحـّدٍ ما ..16- لحـد : أصلهـا لـه حـد ، أي نهـايـة ..17- لحـد : حـدّ السيف ..18- خِـلـّه : صاحبـه ..19- خَـلـّه : أتـركـهُ ..20- خِـلـّه : لوثـة بالعـقل ..21- عـلـّى : رفــع ، عـادا لـه : نصب لـه العــداء. 22- عـادالـه : ما بـه عـدالـه ..23- عـادا لـه : أصلهـا عـــادة لـه ، أي طَـبع .24- بعـد : من بعـد ذلك ..25- وبعـد : وابتعد ..26- بِكـسرى : أراد بملك الفرس كسرى أنو شروان ، .27- وبـَعـد: أصلهـا ، بـِعـــاد ، وهـو عـاد بن شـدّاد ، صاحب الأسطورة التي تقـول أنـّه حـاول أن يصنع جـنـّة لـه على أرض اليمـن ،.28- جـنـّة : جنـّة عــاد بن شـداد ، أو جـنـّة عـدن ، في بعض الأساطير . 29- جـنـّه : بالأصـل ، جَـنـّـنـهُ ، أي أصابـه بالجنون ..30 – جـنـّه : وردت إليـنا ..31- وّعـُـد: أي إرجـع . * إنّ هـذا التـأسيـس النظـري، المبـني على التجـريب في نظم المـوّال ، بكل أشكـاله ، هـو الذي دفع بالشعراء العراقيين لأن يتحـدّوا بـه حـدود المـألوف في النظم ،بمعنى أنهـم فتحـوا قريحـة الشعراء للمـنافسـة والإبـداع دون حـدّ يوقف الناظم ، مادام ملتـزمـاً بقـواعـد وأصول النظم على الوزن والجـناس والقفـلة ، وقـد أحسن الشعراء الأوائـل في ذلك ، وأخذ اللاّحقـون عليهم تلك التجارب ووظفوها في صناعـتهـم الشعرية، بغية الحـفـاظ على التـواصل في الإبـداع في هـذا الفـن المـرموق في الأدب الشعبي العـراقي.
الإحــــــالات والهـــوامش : 1- راجع محمد صادق الكرباسي: ديـوان المـوال الزهيري- صـ 13 ، منشورات المركز الحسيني للدراسات . لـندن ط1 – 1422 هـ / 2001 م . 2- المرجع السـابق ، نفس المكان . 3- نفس المرجع، صـ 14 ، الهـامش رقم 3 . 4- جـلال الدين السـيوطي / شرح الموشـّـح , الطبعة المصرية القديمة ، وكذلك يراجع: مصطفى صادق الرافعي / تاريخ آداب العرب 3/ 170 ،منشورات دار الكاتب العربي، ط2 ،بيروت، 1394 هـ /1974 م وكذلك ، كتـابنا ( مغنيات بغـداد في عصر الرشيد وأولاده) صـ 78 ، الهـامش رقم 1 ، منشورات وزارة الثقـافة السورية، ط 1 ، دمشق 1991 م . 5- الكرباسي : ديوان الموال الزهيري – صـ 15 . 6-عامر رشيد السـامرائي : مـوالات بغدادية – صـ 14 ، منشورات وزارة الإعـلام العراقية ، بغـداد 1974 م . 7- أنظر: عبد الكريم العـلاف- المـوال البغـدادي – صـ 7 ،بغـداد- العـراق . 8- المرجع السـابق – صـ7 ،وراجع الكرباسي- صـ 16 . 9- تاريخ آداب العرب – 3/175 . 10- راجع رأيـه عند الكرباسي – ديوان المـوال الزهيري- صـ 17 . 11- المصدر السابق – صـ 18- 19 . 12- نفس المصدر- صـ 20 . 13- صفي الـدين الحـلي : المعطـّل الحالي والمرخـّص الغـالي في الأزجـال والمـوالي- صـ 103 ،منشورات الهيئة المصرية العـامة للكتاب – القـاهرة . 14- المصدر السابق – صـ 107 . 15- راجع : مقدمة ابن خـلدون- فصل عن المـواليـا- وراجع كذلك منقـولات الكرباسي في ( ديوان المـوال الزهيري) صـ 21 . 16- راجع رأيه عند الكرباسي – ديوان الموال الزهيري- صـ 21- 22 . 17- المعطـّل الحـالي : صـ 103 , والكرباسي : صـ 54 . 18- الكرباسي : صـ 22 . 19- الكراسي : صـ 31 . 20- مـوّالات بغـدادية : صـ 34 . 21- ديـوان ابن الفـارض- صـ 210 ، الطبعة المصرية، وراجع الكرباسي : صـ 45 . 22- الأتـابكي – المنهـل الصافي 1/ 127 ، منشورات دار الآداب ودار العلم للملايين ، بيروت/ لبنان ، وراجع الكرباسي : صـ 46 . 23- أنظر: مـاجد علي شـبـّر :الأدب الشعبي العراقي – صـ 30 ، منشورات دار كوفان- لـندن . 24-أنظر : خليل بن أيـبك الصفدي – الـوافي بالـوفيات -1/22 ، منشورات فرانـز شتايز- ألمـانيـا . 25- أنظر : مقـامات الحـريري – صـ 256 -257 ، منشورات دار الكتب العلمية ،بيروت/ لبنان،ط4 ،1424هـ /2003 م . 26- الكرباسي : ديوان المـوال الزهيري – صـ 47 . 27- ديـوان المـوال الزهيري – صـ 44- 48 . 28- المرجع السابق : صـ 48 . 29- فـنون الأدب الشعبي 1/29 ، منشورات دار البيان ، بغـداد / العراق . 30- ديـوان المـوّال الزهيري – صـ 50 . 31- فـنون الأدب الشعبي 1/25 . 32- الكرباسي : ديوان المـوال الزهيري – صـ 50 . 33- المرجع السـابق : صـ 57 . 34- المرجع السـابق ، نفس المكان . 35- الكرباسي : صـ 57 . 36- راجع : جاسم محمد الشمري – أنماط تراثية شعبية فولكلورية – صـ 71 ، منشورات المكتبة العالمية – بغداد ، وراجع الكرباسي – صـ 58 . 37- الكرباسي : صـ 58 . 38- مـوّالات بغـدادية – صـ 34 . 39- الكرباسي: ديوان الموال الزهيري- صـ 50 . 40- القيسي: مجيد لطيف: معرفة أوزان الشعر الشعبي العراقي – صـ 18 ، منشورات مطبعة أسعد ، بغداد / العراق ، وراجع الكرباسي – صـ 50 . 41- عامر رشيد السـامرائي: موالات بغـدادية – صـ 34 . 42- الكرباسي – صـ 51 . 43- الكرباسي – صـ 59-60 . 44- الكرباسي – صـ 22- 29 . 45- الكرباسي – صـ 22 . 46- أنظر ، ربيع سليم الشمري : العروض في الشعر الشعبي العراقي- صـ 112 ،منشورات دار الحرية ، بغـداد ، وراجع الكرباسي صـ 23 . 47- العروض في الشعر الشعبي العراقي – صـ 112 . 48- أنظر كـتابه ( ديـوان الزهيري) صـ 76 ، منشورات دار الرشيد ، بغداد / العراق وراجع كذلك – الكرباسي ،صـ 26 . 49- الكرباسي – ديوان الموال الزهيري/ صـ 26 . 50- عـبـّاس العـزاوي- عشـائر العراق 4/ 277 طبعة قـم الإيرانية . 51- عباس العـزاوي – تاريخ الأدب العربي في العراق- 2/ 99 و 2/253 ، طبعة بغـداد ، وراجع الكرباسي في ديوان الموال الزهيري- صـ 26 . 52- ديـوان المـوال الزهيري – صـ 30 . 53- المرجع السـابق – صـ 76 . 54- الكرباسي – صـ 76 . 55- المرجع السابق – نفس المكان . 56- الأدب الشعبي العراقي – صـ 32 . 57- الكرباسي – ديوان المـوال الزهيري- صـ 61 . 58- المرجع السابق – صـ 62 . 59- علي عبـدالله خليفة ( ديوان علي قلب واحـد ) طبع – المنامة- البحرين ، 2006 م 60- الكرباسي : ديوان الموال الزهيري- صـ 62 . 61- الكرباسي – صـ 51 . 62- أنظر : موالات بغـدادية – صـ 63 . 63- مـوالات بغـدادية – صـ 101 . 64- موالات بغـدادية – صـ 224 ، والسامرائي ، لم ينسب البيت الى قـائلـه ، ولم يـدقـّق في نقل مفرداتـه . 65- الكرباسي – ديوان الموال الزهيري – صـ 106 . 66- أنظر : أبوذيـّة جـابر الكـاظمي – صـ 144 ، منشورات الرضي الإيرانية .وراجع الكرباسي ص 86 . 67- أبوذية جـابر الكاظمي – صـ 146 ، والكرباسي صـ 86-87 68- معرفـة أوزان الشعر الشعبي العراقي – صـ 24 69- المصدر السـابق – صـ 23 ، والكرباسي – صـ 89- 90 . 70- نفس المرجع – صـ 25 . 71- نفس المرجع – صـ 24 ، والكرباسي – صـ 91- 92 . 72- راجع – ديوان المـوال الزهيري – صـ 85- 94 . 73- الزبيـدي : القـاموس المحيط – مـادة( الوشـاح) . 74- ديـوان الحـاج زايـر- الطبعة الإيرانية . 75- د. خيرالله سعيد – مخطوطـات الترحـال والمنفـى ، لم تنشر بعـد . 76- ديـوان المـوال الزهيري- صـ 193 . 77- راجع معرفة أوزان الشعر الشعبي العراقي – صـ 22 . 78- الكرباسي: ديـوان المـوال الزهيري – صـ 88 . 79- وقـد أورده الكرباسي بـإسم ( مشـطـّر) راجع ديوان الموال الزهيري- صـ 63
#خيرالله_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار ثقافي تاريخي مع د. خيرالله سعيد : ( القسم الأول )
-
رسالة الى السيد وزير الثقافة العراقية – د. سعدون الدليمي الم
...
-
في رثاء الناقد الراحل يوسف سامي اليوسف .
-
إلى الصديق سلامة كيلة - حين ينتكأ الجرح !
-
المحاضرات الثقافية على نظام البالتوك
-
صباح الخير أيُّها الزبداني .
-
الوراقة والورّاقون في الحضارة العربية الإسلامية
-
مصرِ ِ هبّت من جديد
-
-لم تَضع أو تضيّع- إلى سعدي يوسف
-
وقائع ندوة موسكو الفكريّة والسياسية عن إحتلال العراق
-
نعـــوة - وفاة الروائي العربي الكبير د. عبد الرحمن منيف
-
بغداد - معلقة سميح القاسم المعاصرة ! - الجزء الرابع والأخير
-
بغداد - معلقة سميح القاسم المعاصرة !- الجزء الثالث من أربعة
...
-
- بغداد - معلقة سميح القاسم المعاصرة ! - الجزء الثاني
-
بغداد - معلقة سميح القاسم المعاصرة
-
بيــان
-
عراقيون . . . . بين الإبداع والمنفى
-
سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي ظهور اللويثا
...
-
سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي - معركة الغم
...
-
سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي -قراءة في رو
...
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|