أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - على شرفات الذبول














المزيد.....

على شرفات الذبول


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4445 - 2014 / 5 / 6 - 20:52
المحور: الادب والفن
    



تمرُّ الأعوام إثر الأعوام , خالية من علامات الربيع , يقفز فيها القحط , والجدب , فيحتل كل العناوين !
وأنا وردة ذابلة في أصيص , تراود عينيِّها المثقلة بالنعاس , أن ترفع رأسها قليلاً , نحو السماء الحبلى بالأشعار , وأناشيد الفرج , والأمل البعيد .
أفتح الحروف , أحاول أن أستنشق منها هواءً نقياً , أحاول أن أعبرَّ دهاليزها , أن أصل قلب الذكريات , أعود إلى حيث تركت مرابع الطفولة قبل ألف عام , أبحث عن ورقة قديمة تركت فيها عنواني للريح , أبحث عن قلمي المكسور , هل هو مع صديقتي في الدرج المقابل ؟
أفتح خزنتي وما تحتويه من أسرار , أجد لعبة قديمة جداً كنتُ أتسلى بها في أوقات الصبا , كان اسمها يتردد دائماً على طرف لساني , أما الآن فلم أعد أذكره , فالنسيان قد يزحف مبكراً على أوراق الورد , فيكسوها برذاذ الندى , ليصبح الماضي ليس بعيداً , لكنه ليس صافياً كالمرآة !
أمدُّ رأسي قدر المستطاع في بئر الماء , هل ما يزال يحتفظ لنا ببعض الماء , أم أنه قد جف ماؤه بعد أن هاجمه صيف قائظ , وحط رحاله عند الباب , فهربت العصافير التي كانت تتعلم فنَّ مغازلة عيون النهار ؟
وأشجار الورد , كم قالوا أنها لا تنفك تسألهم عني , لا يزال يتفتح وردها كل يوم بألوان الزهو , يبحث عني في حديقة البيت , يسأل ورد الجوار , وأنا أسافر في غربة طويلة , أقضي فيها نهاري مع الملل , ألمع أصيصاً فارغاً , وأصيصاً آخر يحوي نبتة ذابلة , وزهرة برية تراود نفسها على الانتحار !
هل يكفي أن أمنحهم بعض أنفاسي كي يبقوا على قيد الحياة , ولمن يعيش الورد , ولمن يبقى يرفرف على الغصون ؟
اقتلعته بأنانية مفرطة من الجذور , أخذته من أحضان تربته , أنزلته عن أكتاف أمه , وحملته معي , كي يؤنسني في غربتي , فذبلَّ معي , ولم نعد أنا وهو قادرين على الغناء من جديد .
قدمت له قهوة الصباح , فرفضها بأدبٍ خجول , قال الورد , لا أشرب القهوة , أعيش فقط على قطرات الحب , فهل لديك منها المزيد ؟
حتى العصافير في الخارج أصبحت شرسة , ربما لأنها تستمع إلى نشرات الأخبار المتسربة من مذياعي العتيق , لم أشأ أن أمنعها , فهذا السرُّ لم يعد خافياً على أحد !
وما أخفيه اليوم من أخبار الوطن , تفضحه إذاعات الجوار , وتفشيه بين الأحبة , والأعداء , وقطاع الطريق .
وأنا وردة ذابلة في أصيص , أراود نفسي الممتلئة بالهزائم , والمثخنة بالانكسارات , على فرصة أخيرة في البقاء , فأبحث في عيون الغد , عن بصيص أمل أكمل فيه الطريق .
أنظر في عيون الأطفال , فأراها مبهمة , غير مقروءة , فأدرك أن الحليب كان مغشوشاً , وأن الطفولة ضاعت بين جشع التجار , وفقر ذات الحال .
شوك الصبار نبت , وتنامى على الشرفات , أقطف منه كل صباح , وأقرأ عليه تعويذات حارة , وأدعو له بطول البقاء , فالورد في الأصيص ذابل , وعلى الشرفات يتأرجح بين الجفاف , وبين الذبول .
ونشرة الأخبار تجذبُ إليها العصافير الغِرّةّ , فتصبح غريبة , شرسة , تدقُّ بمناقير الغلِّ زجاج الأيام , أخشى أن أفتح لها النوافذ , فتكون هي الأخرى قد أصبحت من رفاق السوء , لا تنعق إلا بالخراب , ولا تأتي إلا بالدمار الأكيد !
فأعود , وأحتضن الصبَّار بين ذراعيَّ , وأدعوه كي يبقى إلى جانبي , إلى أن أتجاوز هذا الذبول , وألج ربيعاً آخر ليس فيه إلا الورد والبلابل ورفاق الدحنون .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارحل .. يا نيسان .
- ماذا أهديك ؟
- ابن القمر
- أشياء لا تموت
- لستِ وحدك .. مهداة إلى شقيقتي د. ميسون البشيتي
- جاهلية 6
- - رواية - .... - صفحة بيضاء - رواية بقلم : ميساء البشيتي
- لكنَّها فارغة !
- همسات نورانية .. 14
- بين حاجبيك ألف قصيدة
- همسات نورانية 13
- الثامن من آذار .. والكثير من اللطم !
- أوراق أيلولية .. الورقة العشرون والأخيرة .
- أحلامي .. كزبد البحر !
- أوراق أيلولية .. الورقة التاسعة عشر .
- سأكتب إليك ...
- علب الأيام
- إلى أشعار آخر
- حينما تغفو الفراشات
- العشاء الأخير


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - على شرفات الذبول