أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنطونيوس نبيل - الموعظة على المعبر














المزيد.....

الموعظة على المعبر


أنطونيوس نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 4444 - 2014 / 5 / 5 - 08:20
المحور: الادب والفن
    




الإصحاح الأول

أحبائي.. لأنني أكثر تحناناً من أن أتمكَّن من التسامح معكم، سأتقيأ نهاياتكم السعيدة، وأحتفظُ وحدي بالموت.. سأشحذ ما بجعبتي من ابتساماتٍ، لأراقبكم من خلف نوافذ الجحيم.. أحبائي.. أصابعكم صماء، لا تعي كيف تبادرها جروحي بالأغنيات.. أحلامكم جذورٌ عارية من الأرض، لا تملك الشجاعة الكافية لتطلقَ صرخاتٍ من الأزهار.. أعينكم زجاجٌ مسبوكٌ من الرمال التي وطأتها الذكريات في نحيبها الأخير.. أحاديثكم لغوُ الريحِ وهي تعبر من الثقوب التي بصدوركم، تلك الثقوب التي لها هيئةُ إلهٍ لديه من الإجابات أكثر مما تملكونه من أسئلة..

الإصحاح الثاني

أحبائي.. تعلمون أن الوحشةَ ظلٌ يتبعكم أينما ذهبتم، تتدافعون، راكضين نحو الظلمة، تضحكون، معتقدين أن الظلمةَ هي المكان الأنسب لقبر ظلالكم.. وها أنذا أخبركم "الظلمةُ هي ظلالكم التي تتنفسونها".. أحبائي.. لم يكن عليكم التكهن بأنني لا أحتجن من الأكاذيب ما يريحكم ولا أكتنز من القصص ما يُنسيكم الانتظار، لكن كان عليكم بالأحرى أن تَدَعُوني وحيداً، أو تَهْدَوني "عُلبة ألوان"؛ لأضفي بعض الملامح على ظلي؛ كي أستطيع في نهاية الرحلة أن أَهْديه اسماً دون أن تشوبني تهمةُ الجنون، ودون أن ينسكب عرقي ممتزجاً بأنفاس الغياب الغاشمة..

الإصحاح الثالث

أحبائي.. ها أنذا أرنو إلى الطيور تُحلِّق عالياً في أجواز الصمت التركوازي بعينين أصابهما هتافُكم بمغصٍ غربيب.. بدلاً من أن تضعوا أياديكم على قلوبكم لتَحُسوا بخفقان أجنحتها، تدفعون كراسيكم المتحركة بقبضاتكم الخشبية، وتحتشدون في الشوارع وتصفقون.. ما أغباكم!.. كيف لم تعلموا أن الطيور -بعد حين- ستكُف عن ملاحقة هُدبِ ثوب المستحيل، ليغدو هدفها الوحيد من الطيران هو الإصغاء إلى تصفيقكم الطافح بدَماميل النشوةِ وحَراشفِ الفرح الرخيص!.. كيف لم تعلموا أن تصفيقكم لها سيغدو قيوداً تَشُدُّها إلى الأرضِ وتمسخُ أغاريدَها إلى صليلٍ مُمَوَّه!..

الإصحاح الرابع

أحبائي.. لم أعد أُطيق أن تختصروني -عن سابقِ إصرارٍ أو في لاحقِ صدفة- اسماً ورقماً في "أجندة" مكتظة بأسماء وأرقام الموتى المؤجلين.. لم أعد أحتفظ بلمساتكم الحميمة، أكثر مما تحتفظ به مرآة المقهى من وجهي العابر.. تجلسون تحت مظلة الرحمة تعتصمون بممالقةِ الجورِ لِوَاذاً، أما أنا فأبحث عن خَرقٍ بها، أتأمل حوافيه المزغبة بينما شفتيَّ تلهجان بالصلوات النابية اللائي لم تلوكهن أشداقُ اللصوصِ؛ حتى أستمطِره، حتى لا يفوتني شيءٌ من اللعنات الهاطلة من أنامل القدر..

الإصحاح الخامس

أحبائي.. عندما تَحِبُّونني، تصلبونني؛ لأستحقَ أن تلقبوني "شهيداً".. وعندما تمقتونني، تتوسلون إليَّ كي أذبحكم؛ لتدعونني "شيطاناً".. افعلوا ما شئتم، لكن عندما تتضورون رعباً وسغباً عليكم أن تمكثوا بعيداً عني، فكل ما بحوزتي فتاتٌ من خبز الأحزان، وبقايا ربيعٍ يسكوه الصدأ، وقليلٌ من البِذار لا يشطأ وروداً إلا من جوف العظام، وكومةٌ من جثث الفراشات التي تُبعث في أحلامي فتباغتها طفولةُ الدهشةِ حين تشهد الأراجيحَ الملونةَ التي صنعتها لها من جدائل دُخَان سجائري المخضلة بمِلحِ الأرق، هذا كل ما بحوزتي وليس فيه ما يسُدُّ رمقَ رُوحٍ سواي..



#أنطونيوس_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألفريد نويس: الحصن المزدوج
- فولفجانج بورشرت – تحريض
- نص السيف وخمر الهامش
- جثة منزوعة الموت
- سجناء الأيقونة: جيفارا والمعري
- مناجاة هاملت الغفاري
- حديث البذرة والأشباه
- انتحار المرايا
- لثماتٌ لا تندمل
- نحو قصيدة جنائية
- لو ترونج لو - صوت الخريف
- الصليل القاني
- بصقات فلسفية في وجهِ طوفانٍ فاتن
- أحذية الموتى دائماً نظيفة
- ثلاث قصائد ل تومي تابرمان
- الأراجوز يُصلب من جديد
- مناجاة ملحد من زمن المنصور
- انتحار منفضة سجائر
- رأس المخلص
- الإنجيل كما لم يكتبه المسيح


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنطونيوس نبيل - الموعظة على المعبر