|
الرمز في الزجل المغربي
عبدالجليل لعميري
الحوار المتمدن-العدد: 4443 - 2014 / 5 / 4 - 17:42
المحور:
الادب والفن
من كبد الزجال الى قصيدة الكبد : قراءة في قصيدة «عين لفضل»للزجال ادريس امغار مسناوي... ( اشتغال الرمز التراثي في الزجل المغربي الحديث....). معجم الرموز التراثية: دلالته في القصيدة مضمونه ودلاته العامة اسم الرمز البطل الاسطوري هو المعادل الموضوعي للزجال في القصيدة ، الذي يهدي كبده(بؤرة المحبة ) للأخرين ويجعل ذاته بيتا للمحبة.. سرقة البطل للنار من المعبد وتوزيعها على الناس ، ومعاقبة الالهة له بربطه بالصخرة وشق صدره لينهش الطائر الكاسر كبده ..التي تتجدد دلالة على تجدد معاناته بسبب تضحيته من اجل الاخرين... 1/بروميتيوس ( اغريقي) الزجال يضحي من اجل الاخرين ويهديهم المحبة في مقابل ما تهديه تسليت من حياة ( عروس الشتا مؤشر على المطر/الماء).. عروس الشتا والواد واله الشتا :تيسليت تحب الواد وانزار يطمع في الزواج منها ، لكنها ترفض،فيعاقب الواد بالجفاف لتستسلم له ، فيسكنها بعيدا في السماء غيرة عليها من الواد لكنها تتحول الى عروس الشتا لتطل على الارض وعلى الواد. وتدل على التضحية من اجل الاخر.. 2/ تيسليت + اغزر +انزار(امازيغية). الزجال يحب الاخرين ويضحي من اجلهم ويجعل ذاته فضاء من المحبة بالوان الطبيعة واصواتها ... يختطف امير الظلمات مراية بنت تامطوط ليزوجها عنوة لابنه امير الظل ويهربها الى السموات ، فتتدخل تافوكت الهة الشمس لانقاذ مراية عبر ابنهااسد امير النور الذي يسترجع مراية بعد ان يسلط نوره على الظل والظلمات ، يتزوجها فتحتفل بهما الطبيعة (عيد النوار ) مع الاوان والاصوات والفرح . تدل على المحبة والتضحية من اجل المحبوب.. 3/ تامطوط+مراية+تازارت+امير الظلمات +امير الظل +تافوكت+اسد الزجال يحول جسده الى كون من المحبة يستقبل الاحباب.. روايتان :الاولى تقول بان الام تقدم كبدها (بعد بشارة اله الاحلام)بدل كبد ابنها لازكاغ الطائر الاحمر الشرير الذي ياكل كبد الاطفال كقربان،وتخدعه برشه بالماء ليتحول الى رماد، ولان كبد الام ظلت معلقة في السماء اصبح للسماء كبد.والثانية تقول باختطاف ازكاغ لكبد الطفل وتت حول الام لحمامة ومطاردته ورشه بماء حوصلتها ليتحول الى رماد ، وتنقذ كبد ابنها لتزرعه في جسده فيستمر في الحياة. ويدل الرمز على التضحية والمحبة والصراع بين الشر والخير... 4/ ازكاغ /اله الاحلام/تازكزاوت زواج مشاعر واحاسيس الزجال بالوان الطبيعة يحقق المحبة.. لتافوكت ابناء تزوجوا وولدوا النجوم،وابنها بضاض (اله الحب) تزوج بتازارت ( بنت الهة قوس قزح تيسليت)، اي زواج الحب بالوان قوس الفرح ، فمصاهرةالشمس الحارة لاله الشتا الدال على الرطوبة يولدان الحياة والخصوبة...ولادة الطبيعة بكل انواع نبتاتها في الجهات الاربع..وترث الارض المحبة من كبد تازارت التي دفنت فيها رغم انها سماوية.. 5/تازارت +بضاض. تغيب دلالتهما المباشرة في القصيدة لان الزجال له نفس وكبد ولم يبعهما للجن الكحل (قادر على انتاج المحبة). - المحبة مشتركة بين الزجال وابطال الاسطورة. يتميزان بكونهما بلا نفس وبلا كبد وولدوا اطفالا بدون كبد ولا نفس فتحولوا الى حجارة غطت الارض..وفي رواية اخرى كانت لهم نفس وكبد لكنهم باعوها للجن الاكحل .. يرمزان الى الشر او ما هو سلبي في الحياة . - ولد انزار وتيسليت الطبيعة النباتية ، ثم ولدا الطيور لتزينها فكانوا نهاريين وليليين ، وميزا الاناث عن الذكور بالالوان ،ثم انشا لهم انزار ضايات وعيون ووديان في الارض حتى لا يظلوا يصعدون الى السماء من اجل الاستسقاء. 6/تازروت+ازرو . 7/ اجضاض :
- ماذا يقول النص؟ -;- تتموقع قصيدة «عين لفضل» في الصفحتين : 49/50،من كتاب «حتى يكبر حظي». وتتكون من : 22 بيتا ، مع الاشارة الى سنة كتابنها (2008). -;- يتغنى الزجال بالمحبة ، حيث تعبر الذات الزجالة عن حبها للاخرين محبة صافية نابعة من النفس /الروح، محبة فائضة على الجميع من كبد الزجال .هذا ما يقوله مظهر النص ، وموضوع القصيدة يقوم على تيمة عاطفية انسانية تعتبر من اهم القيم الانسانية النبيلة،وهي موضوع اثير في الاداب الانسانية، ورغم حضورها القوي في الادب فانها لم تستهلك ولم ينضب معينها..فكيف اشتغل عليها الزجال؟ -المعجم وقول المضمون : -;- يمزج الزجال في تصويره للمحبة وتغنيه بها بين معجمين اساسيين : الاول يمكن تسميته بمعجم الذات ، ويشمل جميع الالفاظ الدالة على عناصر الذات ( الكبد(وتتكرر 5 مرات) ،المحبة ،العشرة ،النفس ،القلب ، الدم ،الروح ،.). وهو معجم تشع منه شحنات نفسية كثيفة. اما المعجم الثاني فيمتح من الطبيعة ، عبر سلسلة من الالفاظ الدالة عليها (لفصول،الربيع،لعرايص،لمروج،الفاكية،الضو،الريح،الطين،الما). وهو بحمولة مادية ، مما يولد ثنائية جوهرية : الذات (بحمولتها المعنوية النفسية)/المادة (كل ما يحيل على الطبيعة)،وينتظر من هذا وقوع مزج شعري يولد كيمياء المعنى العميق...فكيف اشتغل الزجال على الصورة؟؟؟ *بناء الصورة في «عين لفضل»: بالعودة الى الاطار الرمزي (الاحالة على معجم الرموزالسالف)الذي استحضره الزجال في كتابه هذا ،فان حضور «الكبد»برمزيته الكثيفة للتعبير عن المحبة ، يدل على استلهام الزجال لهذه الرمزية – بعد هضمها واذابتها في بوثقة النص اللغوي- ببعديها المعروفين : التضحية والمحبة: كبد مفتوح /بروميتيوس ، كبد ملقية في الدروج /الزجال...الكبد بيت للاخرين وبيت للمحبة ( ورتث الارض المحبة عن كبد تازارت التي دفنت فيها). -;- فامتزاج الحب بالمعاناة اساس علاقة الزجال بالاخرين ، كما هو الحال في الاسطورة الامازيغية (تضحية الام بكبدها لانقاذ طفلها). اما حضور الطبيعة بشكلها الرمزي فات من استحضار الزجال لصورة المحبة كما تجلت في الطبيعة من خلال زواج اسد بمراية / زواج بضاض بتازارت لولادة الطبيعة بالوانها ونباتها وطيورها وفرحها.. هكذا اشتغل الزجال على الاسطورة باذابتها في نسيج قوله الشعري ، فحول ذاته الى فضاء لعلاقات المحبة المغموسة في كبده ، والممزوجة بمكابداته ومعاناته عن طيب خاطر/عن اختيار قصدي. فجعل دمه ربيعا وروحه عرائص ومروجا وفاكهة وشرابا وموسيقى معصرةمن هجهوج (وللهجهوج هنا دلالة رمزية عميقة لاحالته على تجربة المعاناة عند كناوة وتاريخ عذاباتهم). فالقصيدة بابياتها (22) كيمياء للذات المغموسة في كبد المحبة ،ونهايتها مشدودة الى الحياة عبر التعبير الزجلي « والحي يدوم له حرفه واقف منسوج».ص:50. **تركيب : • النص استعارة او صورة استعارية مركبة ، تتجلى تفاصيلها في الاشتغال على الذات وهي تتفاعل مع الاخر، فالكبد لها باب ، وللنفس سحابة ، والكبدة تتلقى للاحباب في الدروج ،وهي بيت ليهم ،وروح الزجال فضاء من العرايص والمروج والفاكية والشراب والانغام المعصرة ، والعين شرجم على الذات التي هي فضاء من الضو الواقف على رجليه والريح العازف للالحان والطين الراقص. وفي الاسطورة ولدت هذه الالوان والرياح من زواج الحبيبين (بضاض وتزارت). - لماذا التغني بالمحبة بكل هذا الزخم؟ هل في الامر مبالغة ؟ ولماذا؟ وهل هناك ازمة في المحبة؟في نص ”لمن نعاودها ؟“ يصور الزجال الكراهية كنقيض للمحبة (الصينيون كانوا ياكلون اكباد اعدائهم /ويتساءل عن الالتباس بين الغريزة عند الحيوان والانسان ، ايهما اقترض من الاخر اكل الكبد؟؟؟). -;- كما انه اشار الى الاشرار الذين يقتاتون على كبد الاخرين ( نسر بروميتيوس/ازكاغ/ازرو وتازروت وسلالتهما الفاقدة للكبد والمتحالفة مع الجن لكحل..). -;- اكيد ان التغني بالمحبة يشير الى وجود الكراهية ، ففي الاساطير المؤطرة للكتاب ، هناك صراع بين الخير (المحبة)والشر(الكراهية)، بين ولادة الطبيعة بالوان الحياة والحجارة الصماء الفاقدة للروح والكبد و المخلوقات المفتقرة للنفس والروح والكبد او التي تخلت عنها للشيطان. التغني بالمحبة هو مطالبة صارخة بتغليبها على الكراهية، لان رموز المحبة في الكتاب تغلب على نقيضها.. *شعرية المكان في عين لفضل: تحليل المكان من خلال خطاطة لوتمان :
-;- -شعرية المكان : - كيف اشتغل الزجال على المكانين؟ -;- لان المكان في النص لفظي/لغوي فان الزجال حول المكان الاول (الكون) عبر اللغة (الابيات 22) الى مكان اخر مصغر لصيق بالذات ومتطابق معها (تذويته)، فخلصه من صورته الاولى ومظاهرها المادية (الطبيعة) ، ورسمه /شكله بطريقة شعرية جديدة ، قابل الكون بالذات ، معبرا بشكل رمزي عن موضوعه (المحبة) كما فسرنا ذلك في الصورة الشعرية التي وظف فيها الانزياحات والرموز بكثافة عالية .. -;- شيد الزجال مكانه الجديد بواسطة جسده/ذاته، فبنى بيت المحبة ، لان رهانه هو نسج عالمه بحرفه الواقف(الزجل) . ان الاشتغال على هذا التقابل بين المكانيين عمق الصورة الشعرية واغنى موضوعه. فحسب لوتمان ينقسم الفضاء الى قسمين متقابلين بدلالات مختلفة : -;- - الغابة ومن دلالاتها الانفتاح والغموض والخطر،وهي معادل هنا للكون الذي يتصارع فيه الخير مع الشر (الحياة/الموت – الخصوبة /الجدب-المحبة /الكراهية..) - البيت ويتميز بالانغلاق والحميمية والامان، وهو مقابل لذات الزجال /بيت المحبة ،حيث تكون الكبد بؤرة المحبة ، وحيث ينفتح الجسد على الخارج /الغابة /الكون عبر باب ونافذة دون الخوف من تسرب الخطر المحتمل من الغابة ( دخلوا في كبدتي/طلوا من عيني..)...وهذا ما يلغي ما سماه لوتمان بالحد الفاصل بين المكانيين المتنافرين..اذ يصبح الجسد/الذات استمرارا للكون مع الاختصاص في المحبة ( الكون دائرة كبرى /الذات دائرة صغرى داخل الاولى) اي وجود علاقة تكامل واختلاف بين الفضائين... على سبيل الختم : -;- ان هذا العمل اشتغال ذكي على التراث الرمزي الاسطوري المغربي باعتباره رافدا اساسيا لكتابة زجل مغربي حديث ينطلق من منابع الثقافة المغربية الاصيلة وينفتح على افاق التغيير والتطوير الممكنيين..وهو عمل يحتاج الى اكثر من قراءة ومقاربة لاستكناه ابعاده العميقة ..وما هذه الوقفة المتواضعة في حقه الا يسير من كثير... +عبدالجليل لعميري..
#عبدالجليل_لعميري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|