سليمان جبران
الحوار المتمدن-العدد: 4443 - 2014 / 5 / 4 - 15:32
المحور:
الادب والفن
"لحن الخلود المقدس" في غنى عن التغيير والتطوير!
بقلم: بروفسور سليمان جبران
كنّا في سهرة "موسميّة" عند أحد الأصدقاء. سألني واحد من الجالسين، يعشق اللغة العربيّة، ويعلّمها في إحدى الثانويّات: لماذا ترى أنّ اللغة العربيّة غير قادرة على التطوّر واللحاق بالعصر؟ هناك من يتّهمك حتّى بعداء العربيّة! أجبت الصديق المذكور أنّ المجال يضيق في سهرة "حاشدة" كهذه عن النقاش الفكري. نؤجّل المسألة إلى وقت أنسب ومجال أوسع.
واليوم أجيب الصديق "الغيور" أني بريء، والله، من كلتا التهمتين. بل كنت في شبابي، كما يعلم كثيرون، وكما كتبت أيضا في موضع آخر، مجنونا باللغة العربيّة، ونحوها أيضا. لكنّ الإنسان يتغيّر، سنة بعد سنة، والحياة نفسها لا تتجمّد في مكانها. كنت، في شبابي طبعا، أكتب شعر الحبّ، فأجد العربيّة تفي بكلّ ما أطمح إليه. لكنّي "كبرت"، مثل كل ّالناس، فحزنت أشدّ الحزن لما تعانيه هذه اللغة القريبة إلى قلبي من نقص وتقصير. أمّا الذين يتّهمونني بعداء اللغة فأنت تعرفهم طبعا؛ ومن واجبي التفتيش عن عيوبي إذا امتدحوني وأعجبوا بي! هؤلاء هم عائق التقدّم والتطوّر، في اللغة وفي غيرها! أريد للغتنا، من كلّ قلبي وعقلي، أن تتطوّر وتتقدّم فتكون "عصريّة". لكن لا تطوّر ولا تغيّر، في اللغة وفينا طبعا، إذا حسبنا لغتنا "مقدّسة"، أو ظننّا أنفسنا كاملين، بلا عيب ودونما نقص. كيف يكون الإصلاح إذا لم نكشف العيوب أوّلا. ولكي أكون صادقا معك، ومع القرّاء طبعا، أقول بحزن إنّ لغتنا تتطوّر، ولا بدّ لها من التطوّر، إلا أنّها تتطوّر ببطء ودونما نظام، بسبب كثيرين يظنّون واهمين أنّهم يناصرونها. انظر معي كيف يكتب أحدهم في لغتنا العربيّة، ولن أذكر اسمه، ولا المصدر الذي نشر فيه "أفكاره النيّرة". لا أعرفه شخصيّا، لكنّ أمثاله بيننا كثيرون طبعا، وهم من معوّقات تطوّر هذه اللغة "الشريفة"؛ بأسلوب عاشقها الأوّل أحمد فارس الشدياق :
"لغتنا عذبة الإيقاع، ناصعة البيان، وشجيّة الألحان، خصبة الخيال، نردّد ألفاظها على شفاهنا فتطرب لها أسماعنا، وتتحرّك مشاعرنا فنحلّق في خيال مفرداتها لنحطّ على فضاء من الصور الجميلة، ونبحر في عمق العواطف الشعريّة لنرسو على شطآن من أعذب أنواع الشعر فخرا ومديحا وغزلا ورثاء... إنّها لحن الخلود، وسرّ الوجود، وآية البيان، ومعجزة اللسان. لغتنا العربيّة لغة جميلة مقدّسة استمدّت قدسيّتها من كتاب الله عزّ وجلّ..."
والسؤال: كيف ينشر هذا الكلام على الملأ؟
لو كان "الأستاذ" وحيدا في أفكاره ومواقفه لهان الأمر!!
#سليمان_جبران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟