واثق الجلبي
الحوار المتمدن-العدد: 4442 - 2014 / 5 / 3 - 17:49
المحور:
الادب والفن
قد تنتقم الايام والازمنة من الذين نسوها او تناسوا انها كانت السبب في نموهم الفكري والثقافي حيث اتاحت لهم ان ينعموا باجواء جعلتهم يتحسسون القيمة المعرفية لكل شيء .. ثم بعد كل هذه التضحيات ينسحب المرء من زمنه متنكرا .. ومن تلك الايام التي بنته فاصبح طافحا بمجمل الرؤى المتكلل بها عقله لينهض بعيدا عن فراشه المعتاد .. هناك حنين يشد البعض للرجوع الى الماضي بكل تفاصيله المؤلمة والجميلة والسبب في ذلك هو طبيعة البشر التي تتوق الى الهروب من الواقع ولو خير للبعض الرجوع الى الماضي لاختار ان يعود للمستقبل .. كلما ضاقت الحياة بالمرء إشتدت حاجته لمتنفس فيختار أي زمن ( فكري ) او حديقة خلفية يقضي فيها ساعاته او ايامه او دهره ليتخلص من الفوضى الواقعية التي دمرت شيئا او جزءا من ذاته .. في مفارقة جميلة .. مفادها ان الناس تدعو للتقدم ولكن البعض يشتد به الحنين الى الماضي على علاته فيسبب لنفسه تقمصا آخرا لشخصية نامية في دواخله قد لا تبرر موقفه ولكنها تكفي للعيش المادي وهوبنظره سبب وجيه .. الحياة مزودة بنا ونحن كذلك وعلى قدر التزود والمتزود فان الامور تاخذ مجراها نحو تقدير محتوم وهذا المحتوم لا يجد قبولا عند اغلب البشر فتكون محاولاتهم الجاهدة لتغييره وهم حقيقة الامر لا يعلمون كيف ستتختم نهاياتهم .. في بعض النصوص الفلسفية المتقدمة نجد ان المسقبل ماض بالنسبة للقلة القليلة وهو اساس ناجح لتجاوز كل المآسي المتفرعة من الحياة ولكن هؤلاء من الندرة بحيث ان اعدادهم لا تتجاوز اصابع اليد .. فهل هذا الكلام منطقي ؟ لا داعي لإثارة الشكوك فالحياة علمتنا ان لا مستحيل وان عقلية الانسان لا تقف عند حد معين خاصة تلك العقول الرافضة للتبعية الفكرية والتي تبحث باستمرار عن مساحات أوسع من الحرية للإنطلاق نحو اكتشاف أشياء جديدة لذيذة تبعث للإنتشاء الروحي .. الانسان يطمح إذا للرجوع الى المستقبل وان لم يعي ما يريد .. هل تودون الرجوع الى المستقبل ؟ إسألوا أنفسكم هذا السؤال وان لم تقدروا على الإجابة فارجعوا الى زمن ليس بزمنكم ولا لحظاتكم التي عشتموها وأنت لا تدركون قيمة البقاء على قيد اللحظة.
[email protected]
#واثق_الجلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟