|
أسلم.. تسلم أيها السيد (القمني)..!!؟
كريم كطافة
الحوار المتمدن-العدد: 1259 - 2005 / 7 / 18 - 11:30
المحور:
كتابات ساخرة
وصل السيف أخيراً إلى رقبة المفكر المصري (سيد القمني)، عبر تهديد الكتروني متفق عليه بإجماع فقهاء ظلام الأمة: (أسلم تسلم). والسيد سارع إلى السلامة وأعلن توبته من كل كفرياته. بل هو مستعد نفسياً الآن لدفع الجزية وهو صاغر، رغم أنه كان وما زال مسلماً..!! أذكر مرة أني أخذت على المفكر الكبير (سيد القمني) وأنا من تلامذته، مأخذاً، لأنه قبل دعوة حوار وجهتها له قناة عربية غوغائية اشتهرت أنها تناصر جهاد الحمير القاعدي، لكن ما أثلج صدري لاحقاً وأنا أتابع الحوار، أن المذيع الذي أدار الحوار والمحاور الذي لا أدري من أي معلف فقهي أتوا به زائداً سيل المتصلين الذين تتفق معهم في العادة تلك القناة، كل أولئك لم يستطيعوا مطاولة القامة الشامخة للسيد (القمني). كان المفكر هو نجم تلك الحلقة المتميزة، بانتباهاته الذكية وسخريته اللاذعة وأفكاره الواضحة والعميقة واستخدامه للهجة المصرية المحببة. كانت تلك الحلقة بحق، متميزة واستثنائية، وكانت من المرات القليلة التي استضافت بها تلك القناة مفكراً علمانياً ليبرالياً وعجزت عن تحويله إلى مسخرة، عبر الأساليب الاحترافية الغوغائية التي درجت عليها في برامجها المختلفة. وأذكر أن من بين ما قاله السيد (القمني): ـ يا عمي يا استاذ.... أنت بتقول إيه.. الكمبيوتر دي اللي قدامك أوجده منهج علمي.. والحضارة اللي بتتكلموا عليها دي أساسها منهج علمي.. كان مسيطراً على أجواء الحوار، وكان يستخدم النكتة والإمتاع إضافة إلى الدقة، خصوصاً حين تناول موضوعة الخرافة المعلقة فوق رؤوسنا والقائلة بصراع الحضارات، الخرافة التي توحي للسامع؛ أن هناك بالفعل حضارتان تتصارعان.. حضارتنا وحضارتهم. وأذكر كان معه كتابان أو أكثر من مناهج التعليم في المملكة العربية السعودية، كان يستعين بهما كلما احتاج إلى إثبات أن أساس التخلف عندنا هو في مناهج التعليم. وأن الفرق شاسع بين أن تخلق ذهنية مفكرة منفتحة على البحث والتنقيب والابتكار والاختراع والشك في الفرضيات والنظريات وقلبها ومحاولة تخطئتها أو تصحيحها وبين أن تخلق ذهنية تعتاد على التلقين والحفظ والتسليم بما قاله الأسلاف وفق سلسلة؛ قال فلان.. عن علان.. عن فلتان.. عن حديدان.. إلخ سلسلة العنعنات السلفية، التي تنتهي في الغالب أما بـ(عائشة) أو (أبو هريرة) والاثنان عليهما من اللغط والفرقة أكثر مما عليهما من الاتفاق بين المسلمين أنفسهم..!! أقول، هذا هو السيد (القمني)، قامة شامخة في مجاله، شجاعة نادرة في البحث والتنقيب، وجرأة خطيرة في التصريح بما توصلت إليه أبحاثه العلمية.. وهو الآن حتى في توبته تحول إلى قنبلة مدوية..!! هل نستغرب بعد كل هذا، وفي زمننا الذي أخذ يسير على أربع قوائم بدل قائمتين؛ أن يكون مستهدفاً من قبل تلك الجماعات التي تناسلت من مفاقس هذه الزبالة التي زعموا أنها (حضارة)، يريدون بها أن يناطحوا الحضارة الإنسانية القائمة الآن واستميح القارئ عذراً لاستخدامي فعل المناطحة، لكن ماذا أفعل هذا من أفعالهم المحببة.. الحضارة التي وصلت إنجازاتها إلى حد التحرش بمذنب على بعد 342 مليون كيلو متر لتثقبه بمسمار، ومن ثم تتابع تفاعلات ذلك الثقب، كل هذا احترازاً من احتمالات تهديد الأرض بمذنب في قادم المستقبل، ليكون في متناول أجيال المستقبل أداة يستطيعون بها حرف خطر مذنبات قد تكون أكبر من هذا..!! أما ما هو بديلهم لهذه الحضارة التي يتناطحون وينتحرون على صخرتها..؟ ببساطة الجواب أصبح معروفاً: إمارة طالبانية يكتبون فوقها عنوان (خلافة إسلامية) لصاحبها أمير المؤمنين الفلاني والذي سيستبدل بعد فترة وجيزة بأمير مؤمنين آخر وهكذا دواليك.. أما عن وسائلهم هي الأخرى أصبحت معروفة: القتل ثم القتل ومزيداً من القتل بعد أن نجحوا أيما نجاح بتحوير البشر إلى بهائم مفخخة. ناهيك أنهم لم يخجلوا بتهافتهم على استخدام منجزات الحضارة التي يناطحونها من تقنية الاتصالات إلى تقنية الحسابات الجوالة الملثمة الأسماء. أما، هل كان للسيد القمني حقاً في (توبته) المعلنة..!!؟ أعتقد؛ نعم. الرجل ذو ذهنية علمية، وهو لم يعتقد في نفسه يوماً؛ أنه الرجل الوطواط، الذي يطير ويحط ويختفي ويباغت أعداءه أينما يريد.. الرجل ببساطة ورغم غزارة علمه ونباهته وموهبته الراقية، لكنه في الأخير إنسان فرد لا ظهير له وأن له أسرة يخاف عليها.. عرف أن هذا الزمن ليس زمنه، بل هو زمن البهائم الانتحارية والعصابات الجهادية.. أنه زمن الدين الممتزج بالجهل والتخلف والشعوذة والأمية والانغلاق.. زمن الحكومات الأمنية التي تستطيع أن تراقب وتسمع ضراط النمل، حين يهدد الضراط عروشها، لكنها غير معنية بتوفير الحماية والأمن للمفكرين والعلماء والمثقفين الذين يشكلون دعامة أية أمة إذا أرادت النهوض.. زمن اندرست فيه القيم والأخلاق بعد أن اندرست إنسانية الإنسان..ما الفائدة من قيم وأخلاق إن لم يكن هناك إنسان..؟ أنه زمن يتورث الإنسان به الخوف والذل والخنوع والقبول بالإهانة كما يتورث اللون والدين والمذهب والموطن، وهو مطالب شرعاً بإعادة إنتاج تلك القيم وتلقينها لأبنائه وأحفاده باسم الحفاظ على الدين.. أنه الزمن الذي ستخرج فيه الأمة من الماء إلى الماء فيما لو حكم على الجلاد (صدام حسين) بالإعدام، متظاهرين ومستذكرين شيء اسمه حقوق الإنسان؛ أين حقوق الإنسان يا أمريكا..؟ لكنهم سوف لن يحركوا ساكناً فيما لو نفذ المجاهدون تهديدهم بالسيد القمني.. في أحسن الاحتمالات سيجد ويسمع من يردد في المقاهي ونوادي المثقفين ومن أصدقاءه: الله يرحمو كان عليه أن يبعد عن الشر.. يا أخي ابعد عن الشر وغني له.. يا اخوانا.. ألف جبان ولا الله يرحموا واحدة.. وقد يجد من بعض الليبراليين والعلمانيين من يمجده وينعيه ببيت (وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق... وإذا الشعب أراد الحياة لا بد أن يستجيب القدر..) وغيرها من المحفوظات المدرسية. لكننا جميعاً وفي خضم الظلام الذي نعيشه، ننسى أن مصر وفي هذه الظروف غير قادرة على إنجاب مفكر مثل السيد القمني كل يوم، كما هي قادرة على تفقيس مجاهد كل دقيقة ربما..!!
#كريم_كطافة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
للحلاق رب يحميه..!!؟
-
بين ثقافة الداخل وثقافة الجوادر..!!؟
-
شؤون وشجون آخر امبراطورية للبعث
-
لماذا يلاحقون لواء الذئب..!!؟
-
الدنيوية بدل العلمانية..!!؟
-
ماذا يريد اليسار..!!؟
-
في ظلال مؤتمر نصرة الشعب العراقي
-
ما زلنا نواجه ماري أنطوانيت الطيبة
-
سؤال الصورة ومحنة الشاعر عقيل علي
-
لا خاطف ولا مخطوف في واقعة الجمل الجديدة
-
عن الشرف.. وأشياءه الأخرى
-
الموت للعرب.. لماذا..!!؟
-
أليس عندكم أفعل من مشعان
-
لنعمل من أجل المصالحة الأخرى
-
الدنصرة في السياسة
-
قانون أبو شامة والدكتورة الألمانية
-
جنون البقر السلفي -البعثي
-
إلى دعاة المصالحة الوطنية..أنها تدور
-
نعم.. نحن ننتخب.. وهم ينتحرون
-
هل برنامج قائمة اتحاد الشعب برنامج شيوعي..؟
المزيد.....
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|