|
قذائف هاون ... على الأهل
خالد قنوت
الحوار المتمدن-العدد: 4440 - 2014 / 5 / 1 - 03:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أحد السوريين الموالين أرسل لي في بداية الثورة مقالة عن دور القناصيين المرتزقة في تأجيج المشاعر الغريزية و إثارة الفوضى مرفقة بصور عن أماكن تمركزهم و طرق تخفيهم و انسحابهم بطريقة بوليسية مخابراتية فتحسب نفسك أمام فيلم هوليودي. لم أرد عليه و لا على هذه المقالة لسببين أني متأكد أن أي تحليل علمي للمقالة أو لتفاصيلها البلهاء لن تغير في ثوابت يؤمن بها ذاك الموالي من مؤامرة كونية تنال نظام بيت الأسد و ثانياً لأني كنت متأكد و بالدلائل الحسية التي يصورها الناشطين الاعلاميين عن قناصي عناصر المخابرات و الفرقة الرابعة و الحرس الجمهوري و بمعرفتي العميقة كما كل السوريين بطبيعة النظام الأسدي و كيف عمل و يعمل المستحيل لقمع ثورة السوريين ضده. يندرج هذا الكلام و لو بنسبة معينة عن قذائف الهاون التي تنهال على الأهل في المدن السورية و يتهم بها التنظيمات المسلحة المعارضة, و سأتحدث عن الاحتمالات الممكنة للجهة التي تطلقها و عن نتائجها. لن أتهم اسرائيل و أحملها سقوط القذائف على السوريين المدنيين دون تمييز بين ثائر أم موالي أو من ليس لديه موقف واضح لما يحدث, كما علمنا النظام الأسدي و العربي عامة في رمي مشاكله على العدو الوجودي الأول رغم أن الربيع العربي أظهر لنا كشعوب عربية أعداءً أشد بأساً و همجيةً من اسرائيل ألا و هي الأنظمة العربية القابعة على صدورنا منذ عقود من الذل و القهر و اللصوصية. من يطلق الهاون؟ هناك احتمالين لا ثالث لهما, إما التنظيمات المسلحة على اختلاف تشكيلاتها و انتماآتها للمعارضة السورية أو قوات النظام الأسدي, بحكم أنهما من يحملا السلاح و يملكان مدافع الهاون و لكن ما هو سلاح الهاون؟ سلاح الهاون سلاح فردي يحتاج لمدفع سهل الحمل و لقاعدة و توجيه غير دقيق, يختلف عيار قذيفته و المدى المجدي و لكنه بالتأكيد هو سلاح عشوائي هدفه إصابة منطقة العدو و ما حولها بالصدمة و التصدع أكثر من التأثير الموجه لقتله و القضاء عليه. في عودة لمن يطلق الهاون, يمكن أن تقوم بعض التنظيمات المسلحة المعارضة المتعددة الخلفيات الفكرية أو التمويلية يتوجيه سبطانات مدافع الهاون على المدنيين السوريين و خاصة في المدن الكبيرة و قد تكون لهم دوافعهم: 1- نقل المعركة من مناطق بعيدة إلى مراكز النظام الأمنية و العسكرية في المدن, حتى و لو كانت بين الأبنية السكنية للمدنيين. 2- تخفيف الضغط العسكري و الضربات الجوية على المناطق الثائرة التي غالباً هي في المناطق الريفية. 3- تقليب الرأي العام على النظام و محاولة تحريك القوى المحايدة ضد سياسة النظام و شبيحته. 4- قد يكون للبعض من تلك التنظيمات هدف تعميم التدمير و الخراب لكل المناطق السورية بعد أن دمر النظام مدنهم و قراهم و بيوتهم و هجر أهلهم. لكن سؤال المليون المشروع: لماذا تستهدف قذائف الهاون المناطق ذات الأغلبية المعينة كالمسيحية و الدرزية و لا تستهدف مناطق تمثل أغلبية لموالاة النظام ففي دمشق نرى مناطق القصف العشوائي تطال جرمانا و القصاع و الطبالة مثلاً و لا تستهدف عش الورور و السومرية و مزة 86 و يمكن أن ينطبق الموضوع على مدينة حلب؟؟ و هنا يأتي الاحتمال الثاني لمطلق الهاون و هو النظام نفسه حيث ذاكرة السوريين مليئة بتاريخ من القتل و القصف و الاغتيالات التي قام بها النظام و ألصقها بأعدائه المحليين ضمن خططه الجهنمية للإطاحة بها و بكل معارضيه بمعيتها و ما مارسه في لبنان و العراق يذكره تاريخ مسجل بدماء المدنيين لهذا النظام المجرم مقابل حصده للنتائج السياسية و الأمنية زمناً طويلاً. لهذا النظام مقدرة تدمير معارضيه و تدمير مدن و شعوب فيها لبقائه و نتذكر حماة و جسر الشغور و سجن تدمر و بعض مناطق حلب في الثمانينيات ثم أحداث السويداء و انتفاضة الأكراد بالقامشلي أما في لبنان فحدث و لا حرج, تل الزعتر, زحلة, نهر البارد, لا و يمكن أن نضع كل لبنان على خارطة جرائمه و كذلك في العراق و سياراته المفخخة على امتدار العراق المحتل ثم المقيد بطائفييه الجدد. نتحدث عن التاريخ قبل قيام الثورة لننتقل لأكثر من ثلاث سنوات من التدمير اليومي و القتل للسوريين بشتى أنواع السلاح الفتاكة فهل يمكن اسثناء قذائف الهاون من نظام يستخدم السكود و البراميل المتفجرة و العنقودي و الكيماوي؟؟ ما هدف النظام من استخدام الهاون و اتهام المعارضة؟ 1- استمرار التدمير على المدن الكبرى المرشحة للانضمام للثورة. 2- إقناع الموالين بعبثية الثورة و ضرورة استمرار الحرب عليها باعتبار خيارهم هو استمرار النظام كمصدر أمان لهم. 3- إرهاب المترددين و خاصة الأقليات من البديل إن كان لا يهتم لحياتهم في تقصد قتلهم دون تمييز و خاصة و أن النظام على أبواب استحقاق الرئاسة الصوري. 4- رسالة إلى الثائرين و المؤيدين للثورة بأنها خطأ كبير و لا جدوى من استمرارها و أنها تفتقد لبديل عن النظام يحقق أهدافهم لا بل ترسم صورة قاتمة عن البديل و هي القتلة و قطاع الطرق و المتطرفين و اللصوص. النتائج المتوقعة لقذائف الهاون على السوريين: 1- استمرار التدمير اليومي للبنية التحتية للمدن السورية و خاصة دمشق و حلب و أساليب العيش المتبقية فيها. 2- ازداد الفوضى و تعميمها على كل مناطق السورية الثائرة أو التي من المحتمل ثورتها على النظام بسبب الظروف الصعبة و المتفاقمة السوء و بذلك تؤجل تعميم الثورة و اللعب على الوقت. 3- تدمير البنية الأساسية للدولة السورية التي عمرها السوريين من قبل الاستقلال و لو كان النظام قد صادر مؤسسات الدولة و لكن هذه البنية يجب أن تستمر و تبقى لما بعد سقوطه لأنها اساس الدولة السورية الجديدة المحررة. 4- ازداد الفقر و التشرد و الأزمة الاقتصادية التي تطال السوريين القريبين من خط الفقر و الفاقة و تعميم الخراب الاقتصادي و الاجتماعي و النفسي لكل أفراد الشعب السوري في المدن الكبرى. نعرف جميعاً المكاسب التي يجنيها النظام من تعميم الخراب و الفوضى و الخوف بين السوريين جميعهم بقصف الهاون حيث تقف معه آلة إعلامية محلية و دولية مبررةً ازدياد عنفه و جبروته على كل السوريين بحجة قمع متمردين و متطرفين محاولاً إرهاب بقية السوريين بتدميرهم بسلاحه أو بسلاح ينسبه للمتطرفين قاطعي الرؤوس, و لكن ما هي أهداف القوى العسكرية المعارضة السياسية و العسكرية إذا كانت هي من تستخدم قذائف الهاون على المدنيين السوريين؟ هذا إذا اعتبرنا أن هناك سياسة بالأصل. ما الهدف العسكري النبيل من قطع المياه و الكهرباء عن أحياء كبيرة عن مدن كدمشق و حلب؟ هل تفيد قضيتهم الثورية العظيمة؟ هنا لا داعي لأن نذكر بالظروف الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوري حتى الثائر و الرافض للنظام الأسدي غير ظروف القهر التي يمارسها قوات النظام و شبيحته و ميليشيات جيشه الوطني الجائعة. كلمة أخيرة و اساسية, كائن من كان من يطلق قذائف الهاون و يقطع المياه و الكهرباء عن المدنيين السوريين و سبل العيش و الاستمرار فهو خائن للشعب السوري و للإنسانية و للوطنية هو جندي مأجور أو جندي يخدم بغباء نظام الأسد المجرم و استراتيجيته القذرة و بغض النظر عن قوانين دولية تلاحق كل من يستهدف المدنيين في الدول المتحاربة بالقصف أو الحصار أو التجويع فكيف إذا كان القصف يتناول مدنيين سوريين هم الأهل و المستقبل. الثورة السورية قامت من أجل كل السوريين, حتى الموالين منهم ليعودا للوطن و لبنائه من جديد على اسس الحرية و الكرامة و المحبة و استخدام هذه الوسائل العسكرية العشوائية وغير العشوائية حتى للمدنيين الموالين هو فعل غير ثوري و غير وطني و غير انساني و تبرير ذلك بما فعله النظام في المناطق الثائرة غير مقبول لأن الثوار الحقيقيين لا يمارسون خسة و وضاعة النظام و إلا صاروا مثله و لن يسقطوه ابداً و الفرق كبير بين موالي للنظام و بين شبيح و قاتل سيكون مصيره المحاكمة و القصاص العادل. من واجب كل السوريين و كل الأحرار في سورية و خارجها أن يقفوا ضد هذه الأعمال اللاإنسانية و اللأخلاقية و على رأسهم كل من يعتبر نفسه ممثل للثورة و الحراك المدني و العسكري و إلا فإنهم يساهمون في القضاء على الثورة و على سورية و في بقاء نظام الخيانة على صدورنا لعقود أخرى.
#خالد_قنوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المزاودة في سيكولوجيا العقل السوري
-
قتلة تروتسكي في صفوف الثورة السورية
-
ستحرمون من الخبز
-
معركة الساحل واقع و مستقبل
-
ربط الملفات أم لف الروابط
-
العام الرابع, طقوس و تحولات
-
جلجامش السوري
-
غربان الموت, إلى أين؟
-
جنيف 2, نحو الجنة السورية
-
الحرية تؤخذ و لا تعطى
-
علم مقابل وطن
-
القضاء على الحاضنة الشعبية للثورة
-
الجيش الحر و انتقام النظام
-
استراتيجية المفاوضات في مسيرة الثورة السورية
-
حصاد الرؤوس الكبيرة
-
هي هجرة أخرى ..فلسطينيون سوريون
-
سوريون..و لا نخجل
-
التصويتات على تأديب الأسد
-
الضربة التأديبية, فأين المفر؟
-
الخمسين, بين ماضي الهزائم و حقيقة الانتصار
المزيد.....
-
قبل دخولها حيز التنفيذ.. كيف سترد الصين وكندا والمكسيك وأورو
...
-
دهشة بعد -ولادة عذرية- لسمكة قرش في حوض أسماك يضم إناثًا فقط
...
-
لمواجهة تهديدات ترامب التجارية وتعزيز الإنفاق الدفاعي.. القا
...
-
مهرجان -إنديابلادا- في إسبانيا يحيي تقاليد تاريخية بالأجراس
...
-
حرب -لا رابح- فيها.. أوروبا تتوحد ضد سياسة ترامب الجمركية
-
الخارجية المصرية: أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي ال
...
-
الشرع يتحدث لـ-تلفزيون سوريا- عن معركة إسقاط النظام: خطط لها
...
-
هوليوود مهددة بسبب رسوم ترامب الجمركية على كندا
-
مدفيديف: الأموال الأمريكية المخصصة لكييف نفدت في جيوب اللصوص
...
-
إعلام: الولايات المتحدة لم تكن تعلم بالكميات الدقيقة للأسلحة
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|