|
أسينقلب السحر على الساحر؟
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4440 - 2014 / 5 / 1 - 02:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أسينقلب السحر على الساحر؟ ضياء الشكرجي [email protected] www.nasmaa.org http://www.ahewar.org/m.asp?i=1595 في 05/05/2010 كتبت مقالة تحت عنوان «ماذا يعني توحيد (دولة القانون) و(الوطني)؟»، وجدت من المناسب أن أستقطع المقطع أدناه منها، لعلاقته بموضوع مقالتي هذه. مقالتي تلك قبل أربع سنوات إلا خمسة أيام جاء فيها: والغريب إنهم التفوا حول مفهوم (الكتلة النيابية الأكبر)، واعتمدوا بذلك على تفسير المحكمة الاتحادية، وذهبوا ليروّجوا بوجوب احترام تفسير المحكمة الاتحادية هذه. ولست بصدد التشكيك بنزاهة المحكمة الاتحادية أو بمؤهلاتها وحرفيتها، ولكني أكرر ما سبق وذكرته أكثر من مرة على أكثر من فضائية، ألا هو إن الديمقراطية وآلياتها ليست من ابتكارنا يا ناس، بل اقتبسناها والله من تجارب ديمقراطية عالمية، سبقتنا إليها دول عديدة في هذا العالم. وفي جميع هذه الديمقراطيات هناك عرف سائد، ألا هو إن المقصود بالكتلة البرلمانية الأكبر هي تلك الكتلة، أي ذلك الحزب، كما هو معمول به في الديمقراطيات الراسخة، أو تلك القائمة أو ذلك الائتلاف الانتخابي، كما هو معمول به عندنا، المهم هي تلك الكتلة التي حصلت عبر الانتخابات على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، وليست الكتلة التي تتشكل لاحقا عبر ائتلاف مابعدنتخابي، ونحن نعلم أن العرف المعمول به يمثل دستورا، أو تفسيرا دستوريا ملزما، وإلم يكن مدونا. وهنا ومن أجل توضيح الفكرة أحب أن أورد مثلا للمقارنة، ألا هو سرية الانتخابات، فلو افترضنا أن النص الدستوري حول الانتخابات النيابية لم يذكر مفردة «السرية» في توصيف الانتخابات، بل اكتفى بوصفها «انتخابات حرة»، بحيث يمكن أن يؤول النص إلى إمكان أن تجري الانتخابات بشكل سري أو علني، ثم يستفهم من المحكمة الاتحادية، فتبت بصحة الخيارين، من حيث النص الدستوري؛ فهل كان بالإمكان أن نجري انتخابات علنية، رغم أن العرف السائد عالميا في كل الديمقراطيات يلزم بسرية الانتخابات؟ طبعا كل هذا يقال بلحاظ نص مهم في المادة الأولى للدستور يوصّف الدولة العراقية بأنها «ذات نظام ديمقراطي»، وهذا يترتب عليه كل لوازمه بلا استثناء، إلا ما نص عليه الدستور من استثناء، إن كان ثمة نص من هذا القبيل. نعم ذهبت الكثير من تصريحات رموز الائتلافين تموّهان وتخلطان بين أمرين؛ بين ائتلاف الائتلافين في كتلة برلمانية واحدة، لتدعي أنها الكتلة الأكبر المعنية بترشيح رئيس الوزراء، وبين الائتلاف الحكومي الذي تسعى الكتلة الأكبر لتشكيله عبر التفاوض مع كتلة ثانية، أو مع كتلتين عند الضرورة، من أجل تشكيل حكومة تملك من المقاعد البرلمانية ما لا يقل عن الأكثرية البرلمانية المطلقة، أي النصف زائدا واحد. فهذان أمران متغايران تماما، والخلط بينهما إما متأت عن جهل، وإما هو مقصود للتمويه على المواطن، وتمرير ما يراد تمريره. انتهى النص المقتبس من مقالتي قبل أربع سنوات. حينها كان المالكي هو الذي ابتدع هذه اللعبة، لعبة التحايل على الدستور، وتأويل المتشابه فيه «فَأَمّا الَّذينَ في قُلوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنهُ ابتِغاءَ الفِتنَةِ وَابتِغاءَ تَأويلِهِ وَما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلاَّ الله والرّاسِخونَ في العِلمِ»، فأول ذلك النص الدستوري المتشبه إلى ما يسمح بأن تتجدد الولاية للمالكي، ولو بالالتفاف على الدستور وتسخير القضاء المسيس لتحقيق مأربه ذاك. مع العلم كان بالإمكان أن يحققه من غير الالتفاف على الدستور، ذلك بإجراء اتفاق في الدوائر المغلقة والغرف المظلمة مع حلفائه الشيعسلامويين في الائتلاف الوطني آنذاك، بمنح مرشح الكتلة الأكبر (أياد علاوي) فرصة تشكيل الحكومة، ثم العمل على تعجيزه عن إنجاز ذلك ديمقراطيا، ليكلف رئيس الجمهورية بعد شهر من التكليف الأول مرشح الكتلة التالية حجما، الذي كان نوري المالكي نفسه. المهم المالكي ربح اللعبة آنذاك، وأتقن السحر على خصمه السياسي اللدود أياد علاوي. نفس اللعبة استخدمت بعد انتخابات مجالس المحافظات ضده من قبل منافسيه من إخوانه في الشيعسلاموية اللدودين (المجلس + التيار). عند ذاك لم يستطع ائتلاف دولة القانون الاعتراض عليهم، لأنه هو الذي كان قد سنّ تلك السنة، التي له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، إذا افترضنا أنها سنة حسنة، أو عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، كونها سنة سيئة، كما أذهب وآخرون إليه. ربما لم يكن استخدام المنافسين الألدّاء لنفس السحر ضد الساحر مهما كثيرا للمالكي يومئذ، مازال ذلك لم يمس في حينه موقعه هو كرئيس للوزراء، وقائد عام للقوات المسلحة، علاوة على مناصبه ومهامه الأخرى التي استأثر بها لنفسه. لكن هل سينقلب يا ترى بعد انتخابات اليوم السحر على الساحر، فتشكل قائمة (المواطن) وقائمة (الأحرار) الكتلة المابعدنتخابية الأكبر، فتمنعه بالتنسيق مع (متحدون للإصلاح) و(التحالف الكردستاني) من تحقيق طموحه وحلمه الكبير في تجديد الولاية للمرة الثالثة له؟ هل يمكن لنفس السحر الذي استخدمه المالكي لحصوله على الولاية الثانية، أن يستخدم الآن ضده للحيلولة دون حصوله على الولاية الثالثة، التي استقتل، وسيبقى إلى الرمق الأخير يستقتل، من أجلها؟ طبعا ليس من المستحيل، مع إنه من المستبعد، أن يعود كل الشيعسلامويين (دعوة، دعوة، مجلس، تيار، إصلاح، فضيلة، سيستانيين) ليعيدوا تشكيل (التحالف الوطني الشيعسلاموي). وإذا حصل ذلك فإما بتكليف المالكي برئاسة الوزراء، أو بتكليف شيعسلاموي من خارج الثلاثة الكبار (الدعوة، المجلس، التيار). ولا أريد أن أضرب أخماسا بأسداس في التخمينات والاحتمالات والبدائل المطروحة أو الممكنة، بل نترك ذلك لأيامنا الحبلى، ونرى أي جنين ستنجب يا ترى؛ أجنينا مشوها، أو معوقا، أو سالما ظاهرا، حاملا أمراضا تظهر في مرحلة لاحقة من عمره؟ كما إنه ليس مستحيلا، من أن تتجدد فعلا الولاية تارة ثالثة للمالكي، لتتقدم العملية السياسية خطوة كارثية أخرى مهمة نحو حافة الانهيار، ونحو التأسيس لـ (ديمكتاتورية)، أي ديكتاتورية بآليات ديمقراطية. لكن هناك ما يدعو للتفاؤل بإمكان حصول خطوة نوعية على طريق تصحيح مسار عملية التحول الديمقراطي، باتجاه دولة المواطنة المدنية الديمقراطية العادلة. 30/04/2014
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا مراجع الدين دعوا السياسة نحن أهلها
-
لمن لاءاتنا الانتخابية ومن هو البديل
-
العلمانيون المترشحون على قائمة إسلاموية أو طائفية
-
أثر اللامبالاة واليأس والانخداع في الانتخابات
-
لا يُلدَغُ شعبٌ من جُحرٍ أَربَعَ مَرّات
-
انتخاب الإسلامي من الكبائر وانتخاب العلماني من أعظم الطاعات
-
تزكية السيستاني للمالكي تحسب لهما أم عليهما
-
ما بين الشعور بالإحباط وتفاؤل الإرادة
-
ثماني سنوات ولم يتعلم كيف يتكلم كرئيس وزراء
-
الدروس من الأزمة السياسية التركية وقضايانا العراقية
-
وستبقى الطائفية الورقة المهيمنة في الانتخابات
-
مقتدى الصدر مختبر النفاق السياسي حسب الموقف من المالكي
-
العظيم نيلسون مانديلا سيبقى اسمه في سماء الخلود
-
إعلان الجمهورية الجعفرية
-
ثلاث وقفات قصيرة مع رموز الشيعسلاموية العراقية
-
أين سترسو سفينة مصر؟
-
قبل عزت الشابندر وفرهاد الأتروشي انتقدت المرجعية منذ 2003
-
مصر تؤسس لمدرسة لها خصوصيتها
-
من الثورة على الديكتاتورية إلى الثورة على الإسلاموية
-
تأجيل سلسلة (مع مصطلحي «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآ
...
المزيد.....
-
شاهد.. رئيسة المكسيك تكشف تفاصيل مكالمتها مع ترامب التي أدت
...
-
-لم يتبق لها سوى أيام معدودة للعيش-.. رضيعة نٌقلت من غزة لتل
...
-
وزير الخارجية الأمريكي يتولى إدارة وكالة التنمية الدولية، وت
...
-
شهادات مرضى تناولوا عقار باركنسون -ريكويب-: هوس جنسي وإدمان
...
-
شاهد: الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع يؤدي مناسك العمرة ف
...
-
باريس تُسلِّم آخر قاعدة عسكرية لها في تشاد.. هل ولّى عصر -إف
...
-
أول رئيس ألماني يزور السعودية: بن سلمان يستقبل شتاينماير
-
لماذا تخشى إسرائيل تسليح الجيش المصري؟
-
-فايننشال تايمز-: بريطانيا تستعد للرد على الولايات المتحدة إ
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يصدر بيانا إثر مغادرته السعودية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|