أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاطمة الفلاحي - حوار مع الكاتب علاء اللامي ،-انتخبوا العراق فقط حيا أو ميتا- ، من - بؤرة ضوء- - الحلقة السادسة والأخيرة















المزيد.....



حوار مع الكاتب علاء اللامي ،-انتخبوا العراق فقط حيا أو ميتا- ، من - بؤرة ضوء- - الحلقة السادسة والأخيرة


فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 4439 - 2014 / 4 / 30 - 13:17
المحور: مقابلات و حوارات
    


حوار مع الكاتب علاء اللامي ،"انتخبوا العراق فقط حيا أو ميتا" ، من " بؤرة ضوء" - الحلقة السادسة والأخيرة

كنتم مع الكاتب المثقف علاء اللامي في حوارنا السياسي من " بؤرة ضوء" ، لايسعني القول سوى أن أشكره على دماثة خلقه وسعة صدره وتعاونه الكبير مع أسرة الحوار المتمدن في حوارنا هذا .

حين يتحدث الزعماء عن السلام
يعرف العامة أن الحرب قادمة ...
حين يلعن الزعماء الحرب , يكون أمر التعبئة قد وُقع ...*1
1. رجالات السلطة في العراق عندما يتحدثون عن السلام أو عندما يلعنون الحرب ، يكونوا قد شنو الحرب فعلا ، هل السلام مفردة مغيبة عن تفكيرهم بالمطلق؟

الجواب:
ليس في العراق فقط يتحدث هذا الأمر، بل في جميع المجتمعات الطبقية الناضجة التشكيلة والبنية والاصطفاف كالولايات المتحدة وعموم المجتمعات في أوروبا الغربية، فهنا ( تكون الرأسمالية حبلى بالحروب كما هي السُّحب السوداء حبلى بالصواعق) على حد قول أندريه مارلو إنْ لم تخذلني الذاكرة، و كذلك في المجتمعات التي في طريقها الى النضج، بل و نجد هذا المعنى حتى في كلام وتصرفات قادة الأحزاب والمليشيات والكيانات القائمة على العنصر والعرق، وخصوصا إذا كانت تحوز قدرا معينا من الاستقلالية فهي تتكلم دوما عن السلام وهي تتآمر ضد بعضها وتخوض حروبا سرية لا تكاد تنتهي حتى تستعر من جديد. صحيح أن الدول الأوروبية الغربية كفت منذ نصف قرن عن طحن مجتمعاتها بالحروب وكانت حرب تدمير يوغسلافيا آخر حروبها، ولكنها استمرت بطحن مجتمعات العالم الأخرى – غير الآري- بحروبها المعلنة وغير المعلنة وبتصدرها للأسلحة الفتاكة لتلك المجتمعات و تعويق تنميتها بل وضربها بالسلاح إن حاولت أن تنهض وتبني اقتصادها المستقل والمعركة الدائرة اليوم بين شعوب أميركا اللاتينية والولايات المتحدة وحلفائها هي ضمن هذا الإطار الأممي القتالي.
أما إذا قصرنا كلامنا حول رجال السلطة في العراق، سواء كان عراق صدام حسين أو عراق المحاصصة الطائفية والعرقية التي جاء بها الغزاة الأجانب، فلن نعثر على سياسيين أو أشباه سياسيين بالمعنى الاصطلاحي الشائع والاحترافي في الغالب، بل على زمر من القتلة والانقلابيين ذوي الفكر القومي المتطرف في الأول، وزمر من القتلة واللصوص المتحالفين مع الغزاة الأجانب من حملة الفكر الطائفي والعرقي في النموذج الثاني، وبالتالي فلا علاقة تربط هؤلاء وأولئك بالسلام سواء كان السلام الذي يرد في سردياتهم دعوة حقيقية أو شعارا سياسيا ذرائعيا يرفعونه.
*
*
أَعطوني مسدساً
وقالوا اقتل عدونا
وحين أطلقت على عدوهم
كان المقصود أخي
هناك يقف أخي
الجوع يوحدّنا
وأنا أسير , أسير
مع عدوه وعدوي
هكذا يحُتضر الآن أخي
وأنا من ذبحه
لكنني أعرف أنه لو هزم
فسوف أضيع أنا .*2
2. من المسؤول عما آل إليه الحال في نحر العراقيين بإسم الدين ، ونشر ديباجة الفرقة والتفريق ؟

الجواب:
مَن بدأ بنحر العراق والعراقيين أولا، ولعقود أربعة كان نظام حكم المقابر الجماعية البعثي، ثم جاء الغزاة الأجانب، وحكموا في رقابنا بعدهم حلفاءهم في حكم المحاصصة الطائفية القائم اليوم، وبين هؤلاء وأولئك ولدت وتكاثرت زمر الذباحين والانتحاريين وجماعات القتلة المليشياوي على الهوية الطائفية أو القومية أو حتى الفئوية والمدينية و هذا يشمل جميع مكونات العراق المجتمعية وليس حصرا بهذه الطائفية أو تلك القومية مع بعض الهدوء في إقليم كردستان لأسباب وعوامل بعضها جغرافي يتعلق بطبيعة المنطقة وبعضها الآخر مجتمعي يتعلق بعدم وجود بيئة حاضنة عميقة للإجرام التكفيري، وأنا أفضل استعمال مفردة " الإجرام" وليس الإرهاب لأن المفردة الأخيرة من منتوجات الترسانة الإصلاحية للمخابرات الغربية المعادية لشعوبنا غم انها هي من غرست أول غرسة إجرامية تكفيرية في عصرنا الحديث في أفغانستان الثمانينات من القرن الماضي، هذا أولا ، وثانياً، فلأن مفردة " إرهاب" غير سليمة لغويا وتعني مقابلتها في اللغات الأوروبية السائدة كالانكليزية والفرنسية والألمانية .
ولقد آلت الحال اليوم في العراق وبفعل فشل الحكومة وتواطؤ بعض أطرافها مع عصابات القتل والتفجير وخسة وبشاعة المجرمين المنفذين إلى ما يمكن أن نطلق عليه مجزرة مروعة مستمرة ولا يمكن إيقاف هذه المجزرة إلا بإلغاء مسبباتها وهو حكم المحاصصة الطائفية وتعديل الدستور وتحريم وتجريم الطائفية السياسية وإلغاء المعاهدات السرية والعلنية مع دولة الاحتلال .
*
*
الدم والقاذورات في تحالف وثيق
طافت بربوعنا
تجشأت وتقيأت ونتنت وصاحت
إنها الحرية والديموقراطية.*3
3.هل صارت الحرية والديمقراطية أسلحة لإباحة سفك الدماء وتخريب الأوطان ؟

الجواب:
إذا كان السؤال يعتبر نظام الحكم في هذه " الأوطان " ومنها العراق حكما ديموقراطيا، يكرس الحريةَ منظومةَ مفاهيم وقوانين وأنظمة ويأخذ بها، فهما - الحرية والديمقراطية - فعلا سلاحان لإباحة سفك الدماء وتخريب الأوطان. وحين يلقى المرء نظرة فاحصة اليوم على الخرائط الجيوسياسية وتعبيرها الإخباري والإعلامي يرى أن هناك مذبحة كبرى تجرى للبشر في أغلب القارات و لكن هناك سكون تام وأمن مستتب تقريبا في القلاع الإمبريالية الرئيسية التي تعيش في رفاه وازدهار مذهل أصبحت معه الفضلات الغذائية التي ترمى كفضلات تعادل موزنات عدة دول فقيرة يموت فيها الأطفال بالعشرات في الساعة الواحدة ولا ينغص عيش تلك الدول " الديموقراطية الغربية" سوى تكاثر قوارب الموت على سواحلها الجنوبية وملايين اللاجئين الذين يصلون الى قلب مدنها بألف طريقة وأخرى.

*
*
حين يصل الأمر إلى التقدم لا يعرف كثيرون أن عدوهم يتقدم على رأسهم
فالصوت الذي يصدر لهم الأوامر هو صوت عدوهم.*4
4. لماذا تعمى بصيرة الشعوب في أن ينساقوا خلف مَن يتحدث عن العدو و هو العدو نفسه ...؟

الجواب:
الشعوب في الغالب الأعم والناس البسطاء منها تحديدا، لا تعمى بصائرهم فهم يعرفون مصالحهم الطبقية والسياسية أكثر من أغلب أفراد النخبة المثقفة، ولكن الذين تعمى أبصارهم هم أولا المثقفون و عموم أفراد " الانتلجنسيا" والمشتغلون في ميادين الأدب والسياسية والعلوم وذلك لأن هؤلاء : أولا ، أكثر استعدادا لبيع أنفسهم مقابل الحصول على ثمن ذلك ماديا معبرا عنه بما سماه المفكر المشاعي الراحل هادي العلوي "الخساسات الثلاثة" التي يركضون خلفها ممثلة بالمال والجنس والشهرة "الجاه". وثانيا، فهم -كما قال لينين- الأكثر قدرة على تبرير الخيانة والانحراف والدفاع عن الظلم والباطل بفعل كونهم مثقفين يتقنون الكلام وبلبلة الأفكار، وطبعا لا يمكن التعميم هنا، فهناك المثقفون العضويون بعبارة غرامشي أو الكونيون بعبارة العلوي وهؤلاء قلة في جميع الأزمنة والعصور ولكنهم يمتازون بكونهم غير قابلين للبيع والشراء لأنهم أحرار في الجوهر والمظهر، و لأنهم خارج نطاق "الخساسات الثلاثة" سالفة الذكر لأنهم بصقوا عليها مبكرا.
والبرهان التطبيقي على ما تقدم من تحليل يجده الراصد في تأييد الغالبية الساحقة من المثقفين العراقيين لغزو بلادهم من قبل الدولة الأكثر إجراما وبربرية في التاريخ " أميركا" وفي فترة قيادة اليمين المحافظ المتخلف، فقد تحول هؤلاء الى رداحين، وداعين إلى استقبال الغزاة بالزهور والرياحين وأسماء هؤلاء معروفة، وهي ذات الوصمة التي ارتكبها مثقفون عراقيون كثر حين أيدوا نظام المقابر الجماعية الصدامي وصفقوا له و دبجوا في حضرته المطولات الشعرية وبعض هؤلاء انتقل اليوم الى الضفة الأخرى وتحول إلى مداح لهذا الزعيم المليشياوي الطائفي أو ذاك!

الوزراء يحكون للشعب دائماً , عن صعوبة الحكم
فبدون الوزراء , ستنمو الذرة إلى الأرض وليس إلى أعلى
وبدون وزير الزراعة لن تقبل فتاة بأن تحمل أبداً
وبدون وزير الحرب لن تكون حربٌ أبداً
وماذا سيحدث لقرية دون المالك ؟
بالتاكيد سيحصدون الحنطة حيث غرسوا البطاطس .*5
5.أ. هل أن ممارسة الحكم البالغ الصعوبة، يتطلب من الحاكم "بعض الفهلوة" لأن الخداع والاستغلال يتطلب بعض المعرفة؟

الجواب:
حكم الشعوب، إذا التزم الحاكم العدل والبساطة، ليس ثمة ما هو أسهل منه، فالظلم والقسر لا ينسجم مع طبيعة النفس البشرية كما أثبتت الأبحاث النفسية والعقلية الحديثة. ولكنَّ الصعوبةَ والتعقيداتِ تنشأ من أن الحكام وحاشياتهم، وهم قلة دائما، يكونون لصوصا ومخادعين ومختلسين وقتلة، لهذا فهم بحاجة إلى مؤسسات وأجهزة حماية ضخمة تحوِّل الدولة والحكم إلى قوة إكراه وقمع مطلية بطبقة رقيقة من شرعية زائفة، وهذا يتطلب الإلمام ببعض المعارف والعلوم.
من ناحية أخرى، فقد أصبح الحصول على شهادة من الشروط الشكلية للوصول إلى بعض المناصب الحكومية والتشريعية ولذلك وجدنا هؤلاء الفاشلين يتزاحمون على مخابئ المزورين والنصابين العاديين ليحصلوا منهم على ما يحتاجون إليه من شهادات و وثائق علمية. وعموما فالخداع والاستغلال ينطويان على الظلم وإهانة كرامة الإنسان المخدوع والمستغَل وهذا ما عالجه لصوص أوروبا – في إنكلترا تحديدا- في قولهم السائر "القانون لا يحمي المغفلين"، ومعنى هذا المثل أو القول السائر والأقوى من الدستور هو ( القانون يسمح بخداع البسطاء و غير المتفقهين فيه ). ففي بدايات عصر الرأسمالية الوحشية التراكمية، في القرن السادس عشر، انقسمت المجتمعات الأوروبية وخصوصا إنكلترا - بوصفها مهد الرأسمالية المتوحشة - الى قسمين : مغفلين ومخادعين، لكي تستمر الدوامة الاستغلالية السوداء، وهذا يعكس الروح اللصوصية للرأسماليين الانكليز " البريطانيين وعموم الأوروبيين " و ليس عامة الإنكليز والأوروبيين. أما عندنا في العراق، ومع أن مجتمعنا ليس مجتمعا ناضجا ومنقسما طبقيا بل هو، في عصرنا خصوصا، أشبه بقبيلة ضخمة تعيش حول بئر نفط يتحكم بها الغربيون وحلفاؤهم، فالحكام والمسؤولون العراقيون اليوم، يكفيهم أن يشتروا شهادة مزورة من سوق مريدي ليحتلوا هذا المنصب أو ذاك، إذا لم يكن لقبهم العائلي والعشائري كافيا لوصلهم إليه ! ومن الطريف – طرافة سوداء طبعا- أن أربعة من أكبر الأحزاب في عراق اليوم يقودها زعماء بالوراثة العائلية وهي: تيار الصدر، وحزب آل الحكيم " المجلس الأعلى" وحزب البارزاني "حدك" وحزب الطالباني " أوك"، وقد يلتحق بهذا الغرار من الأحزاب العائلية حزب آل النجيفي والحبل على الجرار وليس على الانتخاب الديموقراطي!
*
*
5. ب . متى تنتهي ثنائية الوطن والمسؤول كوجهين لعملة واحدة؟
الجواب:
أعتقد أن الدقة مطلوبة في استعمال المفردات فالوطن شيء والشعب شيء آخر، والدولة شيء والحكومة شيء آخر ومختلف. وإذا كنتُ قد فهمت مغزى السؤال بشكل صحيح فأعتقد أن هاجسه هو عن التوحيد الكاذب الذي تسعى السلطات الثقافية والإعلامية السائدة إلى تلفيقه بين الوطن والمسؤول، أو بين الحاكم والمحكومين بهدف هو حماية الحاكم من النَّقَدة والمتمردين والأحرار بواسطة وضع قناع مزيف على وجهه يدعى الوطن. وتزداد وطأة هذه الكذبة على الناس عموما، والمنتجين منهم خصوصا، حين يقترن الوطن بمعطى ميتافيزيقي غيبي مقدس، فحينها يكون الاعتراض على الحاكم المستبد هو بمثابة اعتراض على الله، أو على المقدس بشكل عام، وعلى هذا نتذكر بإلهام واحترام الثوار الذين وقفوا بوجه هذا الزيف وفضحوه ودفعوا ثمن ذلك باهظا هي حياتهم أو سعادتهم أو حرياتهم.
و لعلك تتذكرين – ست فاطمة - آخر ضجة أثيرت عندنا في العراق حين رسم الفنان الشاب أحمد الربيعي رسما كاريكتيريا عاديا وليس فيه أيما إساءة أو إهانة للمرشد الديني الإيراني علي خامينئي، وكيف قامت قيامة أتباع إيران العراقيين، وفجروا عدة عبوات ناسفة قرب مقر الجريدة التي يعمل فيها أحمد وهددوه بالتصفية الجسدية صراحة ما اضطره لترك بغداد وعاش في مكان سري في إقليم كردستان حتى توفي تحت وطأة الرعب الذي عاناه في مخبئه. والمضحك المبكي أنّ البعض عندنا في العراق يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك فالسلطات والأوساط الإيرانية لم تهتم بما رسمه الفنان الربيعي ولكن "الأتباع" في العراق هاجوا وماجوا كما تعلمين.. وبهذه المناسبة، أسجل تحفظي الشديد على الخذلان الذي مارسه صاحب ورئيس تحرير تلك الجريدة التي كان يعمل فيها الفقيد أحمد، حين اعتذر لزعامات هذه "المليشيات" عن خطأ لم يرتكبه الفقيد اعتذارا مهينا ومستخذيا جدا!
*
*
6.لماذا رجالات السلطة تقترف مبدأ سلطة المحاسبة والمعاقبة على الفرد دون مسوغ يذكر، بينما تشرعن لنفسها الحق في الثواب؟

الجواب:
الجواب على هذا السؤال هو استمرار عضوي للجواب السابق، فبما أن السلطات الاستبدادية تحتكر حق التشريع والتنفيذ والقضاء " السلطات الثلاث" فهي تحصن نفسها ورجالها والمحيطين بهم بكل ما يحميهم من المساءلة والعقاب والمحاسبة. و هم يتهادون الهدايا والجوائز والامتيازات في ما بينهم، أما المواطنون وأصحاب الحقوق فتداس كرامتهم بالأقدام ويجردون من حقوقهم بإشارة بسيطة من هذا المسؤول أو ذاك، في حين اختفت هذه الممارسات نسبيا في الدول ذات التجربة الانتخابية - ولا أقول الديموقراطية - العريقة لأن القضاء مستقل ومحايد عموما في هذه الدول ولهذا لا يستطيع المسؤول الفاسد النجاة من العقاب.
*
*
7. أ. ما تداعيات انهيار الخطاب السياسي والإنساني في العراق الجديد الدم قراطي ، وسقوط المعايير والثوابت ؟

الجواب:
لا أدري هل ثمة خطأ مطبعي في كلمة " الدم قراطي" أم أنها مقصودة بهذا الشكل الموحي، و عموما فالمغزى واحد وهو أن تداعيات هذا الانهيار وسقوط المعايير والثوابت باتت معلومة و معروفة ولعل إطلاق تسمية التحرير أو التغيير على جريمة احتلال دموية لبلد كالعراق تعتبر ذروة هذا الانهيار والسقوط الفكري والسياسي وحتى الأخلاقي والقيمي؛ ولكن إصلاح الخلل في الواقع لا يتأتى من مجرد إصلاح بعض الأخطاء في الخطاب السياسي والفكري لهذا الطرف أو ذاك، ولا هو بالانعزال والكف عن عملية الإصلاح والتجديد والنقد الفكري بدعوى أن الإصلاح ينبغي أن يستهدف الواقع المعاش اجتماعيا واقتصاديا أولا أو فقط لا غير...الخ.
أعتقد أن العلاقة أكثر تعقيدا من التبسيط الذي يستسهله البعض، والذي لمحت إليه، وعلى هذا فإن ما هو ممكن ومطلوب من دعاة التغيير الحقيقيين اليوم وفي خضم هذا الانهيار الشامل والعميق أن يلتزموا بالخطاب والموقف والممارسة النقدية والتي لا تستثني طرفا من النقد والكشف وتحميل مسؤولية ما يحدث فمن ينتقد طرفا فاسدا اليوم ويسكت عن أطراف أخرى أو يتحالف معها سرا أو علنا ليس أفضل من الفاسدين الحاكمين والمعارضين ضمن عملية تقاسم وتوزيع الأدوار. إن المستقبل متعلق جوهريا بعمق وقوة فاعلية المثقف النقدي الذي يرفض المشاركة في العرس القذر ويدعوا الضحايا لقلب الطاولة على جميع المحتفلين !
*
*
7.ب. وما تأثير ذلك على التعابير الثقافية والجمالية وصناعة الإبداع في مفكرة الوطن ؟

الجواب:
أعتقد أن جولة عملية تجرينها اليوم في مدن العراق، وخصوصا في قلب العاصمة بغداد، ستعطيك فكرة ساطعة عن البؤس والرثاثة والجهل الفني و الفجاجة الأدبية المتفشية. فعلى سبيل المثال، قام " فنانو " حكومة المحاصصة بإنشاء نصب أو شيء من هذا القبيل للشاعر العراقي الكبير الجواهري، فظهر الجواهري وكأنه صبي مقهى بين دلال القهوة والشاي، بل أن إحدى الدلال بدت بحجم الجواهري النصفي تقريبا، وهناك تمثال بائس آخر في قلب مدينة البصرة لباذنجانة سوداء. نعم باذنجانة سوداء ضخمة في قلب المدينة الجميلة التي يسميها العراقيون " ثغر العراق الباسم"، أما في الصحافة والأدب والغناء والموسيقى فحدث ولا حرج. حتى الكتابة العادية واستعمال اللغة الرسمية أو غير الرسمية بات مثيرا للاشمئزاز، يحدث هذا في العراق الذي خرجت منه مدرستان في النحو العربي، وهما الوحيدتان في العالم البصرية والكوفية !
و حتى الشعر الشعبي باللهجة الجنوبية والذي كان من أرقى فروع السردية العراقية فقد بات حرفة للفاشلين وعديمي المواهب و حلت به كارثة حقيقية وتحول إلى هذيانات لا معنى لأغلبها، يتكسب منها العاطلون عن العمل والإبداع الحقيقي. وعلى فكرة ؛ فتعبيرات القبح والرثاثة في الواقع العراقي لا تقل بشاعة عن شقيقاتها في زمن الدكتاتورية التي جعلت صور وأصنام وجداريات الطاغية تلاحق المواطن حتى في أحلامه وخلواته. وثمة طرفة مصرية في هذا الصدد تقول: إن صحفيا مصريا زار العراق لأول مرة في أوج طغيان حكم صدام حسين، ولكثرة ما شاهده من صور وجداريات وأصنام للطاغية شعر بالصداع فذهب ليغسل وجهه في فندقه وحين فتح حنفية الماء سالت منها صورة للدكتاتور وقد كتب عليها: أهلا بكم في عراق صدام!
*
*
8.خلف عباءة شرعية انتخاباتهم التي يدعونها، يقبع استبدادهم بالشعب .. ما حقيقة هذه الشرعية في الوقت الذي تطالب فيه نسبة كبيرة من مدن العراق بإسقاط الحكومة ؟

الجواب:
انتخاباتهم هذه لا تتمتع بأكثر من خمسة بالمائة من الشروط العالمية لتصنيف وتقييم نوعية الانتخابات مهنيا. وهم يعترفون بهذا الواقع فقد أكد أحد رجال نظامهم وبالأرقام صدق ما نقوله هنا واسمحي لي بالاقتباس هنا. كتب المستشار القانوني طارق حرب وهو من انصار النظام المحاصصاتي في جريدة "البينة الجديدة/ عدد 1/4/2012" المؤيدة للنظام هي الأخرى ( بالرجوع الى قوائم الفائزين في الانتخابات الخاصة بمجلس النواب يوم 7/ 3/ 2010 وجدنا ان عدد الفائزين – بأصوات كافية - في الانتخابات كانوا (17) نائبا فقط ولم يكن من بينهم النائب الذي شنع على زملائه الاخرين عدم فوزهم، وهذا يعني ان (308) نائب احتلوا مقاعدهم في مجلس النواب على الرغم من عدم فوزهم في الانتخابات، وذلك بسبب عدم حصولهم على عدد الاصوات المطلوبة للفوز وان وصولهم الى مجلس النواب وحصولهم على صفة نائب كانت بسبب حصولهم على اصوات اخرى من الاصوات الممنوحة للكيان السياسي، اي ان جلوسهم في المقعد البرلماني وتحت قبة البرلمان لم يكن بسبب الاصوات التي حصلوا عليها و إنما بسبب الاصوات الممنوحة للكيان، حيث تم اضافة اصوات جديدة لهم مكنتهم من الوصول الى البرلمان، لا بل ان سجلات الانتخابات تؤكد ان هذا النائب حصل على اقل من ثلث الاصوات المطلوبة لكي يكون نائبا وتم إضافة اكثر من ثلثي عدد الاصوات التي حصل عليها لكي يكون نائبا وعضوا في مجلس النواب). فعن أي شرعية أو مشروعية يتحدث البعض؟ يمكن أن القول، جوابا على سؤالك، إن نسب الفساد والقمع في أي نظام حكم تتناسب طرديا مع نسبة مشروعيته الإجرائية " المتعلقة مثلا بالانتخابات" فكلما انحدرت هذه المشروعية أو الشرعية وانحطت نسبتها ارتفع منسوب نسبة الفساد والقمع.. قد يبدو هذا الاستنتاج مضحكا بعض الشيء ولكنه يعكس واقع الحكم اليوم في العراق. أما الأنظمة الاستبدادية كالنظام صدام حسين فخارج نطاق هذه المعادلة لأنه، هو ذاته، يعرف جيدا أنه لا يتمتع بأي شرعية، وذلك لأنه عصابة مسلحة مدعومة من المخابرات الأجنبية.
*
*
9. أ. ما موقع العراق في التشكيلة الإجتماعية المبنية من ثنائية البناء التحتي في قاعدتها الإقتصادية..
والفوقي في الحقوق والسياسة والأيديولوجيات المختلفة ؟

الجواب:
العراق اليوم مجتمع "مفلش" تماما. وقد استعملت هذه المفردة الشائعة في العامية العراقية لأنها أكثر دقة من غيرها. بمعنى، أنه حطام وطن وحطام شعب. سُحقت ودُمرت البنية التحتية المادية والهشة أصلا بفعل الحروب لسنوات طويلة و بفعل العدوانات العسكرية الإمبريالية الغربية ردا على حماقات الطاغية، ثم جاء الحصار الشامل الغربي والعربي والإسلامي ليعاقب الشعب العراقي في ما استمر صدام حسين يبني القصور و يوزع الإكراميات على أنصاره وحلفائه، هذا كله يجعل الكلام عن البنية التحتية والفوقية نافلاً وغير ذي مغزى .. يمكن أن نتكلم عن ثمار وتداعيات هذا "التفليش" والسحق على مستوى الحالة الصحية للناس حيث الملايين ماتوا، أو ينتظرون الموت، بسبب الأوران السرطانية الخبيثة بفعل التلويث المتعمد لبيئة العراق من قبل الغزاة، وعن كون نصف المجتمع يعاني من اضطرابات عصبية في عموم العراق، وعن أشياء ومحاور كارثية أخرى بعيدة عن هذا العنوان الأيديولوجي الخاص بالبنية التحتية والأخرى الفوقية.
*
*
9.ب . ما دور البرلمان و الحكومة في هذا الإطار؟

الجواب:
ربما تكون إجاباتي السالفة قد أعطتك – عزيزتي فاطمة - صورة عن موقفي من مجمل العملية السياسية الطائفية التي أطلقها الاحتلال الأجنبي بعد 9 نيسان 2003، وبالتالي فموقفي الرافض لهذه العملية ينسحب على جميع مفرداتها ومؤسساتها ومنها الحكومة والبرلمان. والواقع، فلا أعتقد بجدوى محاولات إصلاح أو تعديل هذه العملية من داخلها وبوسائلها وبأيادي شخصياتها وقواها المشاركة فيها فهي محاولات فاشلة ولا أفق لها أبدا. غير أن البديل لا يكمن في المشروع العبثي والإجرامي الذي تتبناه بعض الأطراف كالبعث الصدامي " والأحرى أن نسميه اليوم: البعث النقشبندي في زمن زعيمه ومؤسس المليشيات النقشبنيدية المسلحة عزة الدوري" وحلفاؤهم السلفيون الانتحاريون، وهذه الأطراف تدعو إلى الشطب على كل شيء والعودة إلى المربع الأول والنقطة صفر أي إلى عراق 8 نيسان 2003، وطرد ملايين العراقيين بدعوى عنصرية كريهة تقوم على تجريد العراقيين من عراقيتهم وأحيانا حتى من عروبتهم واتهامهم بالعجمة والصفوية لأنهم مسلمون شيعة وهذه المفاهيم عبارة عن غباء صرف لا تستقيم مع العمل ولا مع التاريخ. و عموما، فأصحاب هذا المشروع الدموي العبثي لم يعد لهم أي تأثير أو فعاليات سوى قيامهم بتفجير المفخخات والانتحاريين السيكوباتيين " المصابين بالاكتئاب الوسواس المرضي/ بلغة علم النفس" في الشوارع والأسواق ودور العبادة وقتل الأبرياء.
وأختصر فأقول : إن العملية السياسية و "حكومة المشاركة في النهب والسلب" وبرلمان الفساد القائم على مرتكزاتها، إن هذه العملية التي غدت قاتلة ومدمرة للعراق وشعبه لها حلٌّ واحد هو حلُّها وإنهاؤها، وكنت قد رفعت ذات مقالة شعارا يقول "حلُّها في حلِّها"، وإطلاق عملية سياسية وطنية تبدأ بتعديل الدستور ولفظ ما فيه من مواد وتوجهات طائفية تؤكد التقسيم الطائفي والعرقي للمجتمع العراقي وخصوصا ديباجته الرثة والمتنفجة و الحبلى ببذور الفتن والحرب الأهلية المتكررة، عملية وطنية تؤكد مواد وتوجهات دستورية تؤكد وترسخ اعتبار العراق مجتمع مواطنة تعددي ومتنوع تقوم فيه دولة المواطنة العلمانية على أنقاض دولة المكونات الطائفية والعرقية التي يدافع عنها زعماء العشائر والطوائف والإثنيات مع الاعتراف بخصوصية وتطلعات أكراد العراق في حق تقرير المصير لأنهم جزء من أمة كبيرة تقيم منذ عشرات القرون على أرض وطنها التاريخي الذي قسمه الغربيون بين أربعة دول إحداها العراق. وأسجل بأنني هنا أدافع عن حق أمة مضطهَدة ومقسمة وليس عن مليشيات قومية يقودها أمراء الحرب المعروفون بفسادهم.
*
*

10. ما الذي صَيّرَ طموحات حكام العراق السياسية والإجتماعية والتشريعية، كسلطة طاغية على المجتمع؟

الجواب:
هم أولا ليسوا حكام العراق بالأصالة عن أنفسهم وشعبهم، بل بالوكالة عمن أتى بهم وأعني الاحتلال الأجنبي، دعي عنك سيدتي الانتخابات فهي ليست دليلا وسببا بل هي نتيجةٌ لسبب هو عدم تحرشهم بالدستور الاحتلالي الذي يضبط إيقاع وشروط الانتخابات والعملية السياسية الطائفية برمتها. إنهم لا يجرأون على القيام بأي تعديل صغير عليه حتى الآن رغم لجان التعديل التي شكلوها ثم دفنوا مقترحاتها وقراراتها ولا يضيفون عليه من مواد جديدة إلا إذا كانت تضمن و " تشرعن" امتيازاتهم ورواتبهم التقاعدية الضخمة كما حدث أخيرا بخصوص رواتبهم التقاعدية اللصوصية. وهم ثانيا يطبقون برنامج السياسي لتدمير العراق وشعبه القائم على اعتبار الشعب العراقي والهوية العراقية كذبتين ينبغي استبدالهما بعبارة ، أو بمعنى عبارة مجموعة مكونات تشكل المجتمعات العراقية! ولذلك نراهم يعادون عداء أعمى المشروع المضاد والبديل القائم على الهوية العراقية القائمة على أن العراقيين هم المواطنون المتساوون لا على أعضاء في الطوائف والمكونات لعصر ما قبل الدولة الحديثة. في هذا المشهد، يتضح لك عزيزتي جوهر التناقض بين مشروعين و رؤيتين مختلفتين ومتصادمتين ولا يمكن التوليف بينهما ولا حياة للعراق إلا بانتصار هوية العراق المواطنية الحديثة على التعريف الأميركي سالف الذكر لأعضاء في طوائف وقوميات متذابحة. وحكام العراق بالوكالة ليست لديهم طموحات أصيلة بل كل ما يطمحون إليه هو بقاؤهم في الحكم أطول فترة ممكنة لسلبوا وينهبوا أكبر كمية ممكنة من ثروات وحقوق الناس، ولهذا لا يمكنهم إلا أن يكونوا طغاة على المجتمع، وإذا ما شعروا بالتهديد الحقيقي – أقصد ولادة وتمكن البديل العلماني الوطني الاجتماعي- سيلوذون بأذيال حلفائهم القابعين وراء المحيط الأطلسي أو في قواعدهم في قطر والسعودية والبحرين ويدعونهم إلى ضرب بغداد مجددا بالقنابل الفتاكة وربما النووية.
ومع ذلك، يمكن للراصد أن يلاحظ أن طغيان حكام اليوم طغيان هش وغير أصيل ويختلف في الدرجة عن طغيان بعض الحكام القدماء والذين يمكن اعتبارهم منفذين للمشروع الغربي بتدمير العراق عن وعي أو عن غير أو عبر العمالة المستترة لا عن طريق التحالف المكشوف كما هي حال حكام اليوم المتحالفين في العمق مع الإمبريالية .
*
*
11. أحزاب السلطة في عراق اليوم تطرح نفسها بأطر دينية، فأي من هذه الأحزاب في العراق تمثل الأقلوية في فكرها المسيس ؟

الجواب:
جميع الأحزاب السياسية الإسلامية، سواء كانت سنية أو شيعية، تمثل في الواقع الميداني والعددي أقليات نسبة لمجموع السكان، وهذا طبيعي . أما إذا كنتِ تقصدين تلك الأحزاب التي تفكر تفكيرا أقلويا فالواقع أن الأحزاب الإسلامية الشيعية، وخصوصا حزب آل الحكيم "المجلس الأعلى" في زمن الراحل عبد العزيز الحكيم عبَّر عن فكر أقلوي واضح جدا حين دعى إلى إقامة إقليم طائفي في الجنوب والوسط وكاد ينجح لولا الرفض الشعبي وخصوصا في الجنوب لهذا المشروع المشبوه.
وبصراحة فالتاريخ لم يقدم لنا مثالا على غالبية سكانية تطرح مشروعا انفصاليا وكأنها أقلية غير هذا المثال. من ناحية أخرى فهذه الأحزاب انتهى مفعولها ودورها السياسي والاجتماعي والسياسي ولم يعد يردها سوى أنصارها والمنتفعين من سيطرتها على أجهزة الدولة وأجزاء من الريع النفطي معاد التوزيع بطريقة فوضوية وظالمة ولكن سقوطها وسقوط نظامها لن يكون سهلا أو سريعا كما اعتقد رغم فشلها الذريع في جميع الميادين. وقد قامت هذه الأحزاب بالعديد من الممارسات التحريمية والظلامية ولعل أبرزها مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي صاغه وزير العدل الحالي حسن الشمري بدعم و رعاية من المرشد الروحي لحزبه، حزب الفضيلة الإسلامي، الشيخ اليعقوبي، وتلك لطخة مهينة ستلحق بهذا الحزب وبالحركة الإسلامية العراقية الشيعية لزمن طويل جدا وخصوصا في تحديده لسن البلوغ والزواج في تسع سنوات وفي اعتباره المرأة مجرد آلة لإشباع حاج الذكر " الزوج" الجنسية. مع ذلك، يبقى هناك احتمال أن تتفسخ هذه الأحزاب من الداخل أو تنشق على نفسها أو تتحول بالتدريج الى أقل طائفية وربما إلى نوع من " علمانية منافقة" للحفاظ على دعم الجمهور في حاضنتها الطائفية وقد مر حزب الدعوة بهذه التجربة حين خرجت منه مجموعة الجعفري لتشكل تيار الإصلاح الأقل طائفية لفظا والشيء عينه واقعا، ولكنه لم ينجح جماهيريا وانتخابيا و سينتهي الى الجدار هو الآخر.
*
*
12.هل يحق للأحزاب اليسارية أن تغلف شعاراتها الانتخابية ، بسبغة دينية ، كأفيشيهات بعضهم التي غزت مواقع التواصل الإجتماعي ؟

الجواب:
شخصيا لا أراهن أو أعول على العنصر الأيديولوجي لا في العراق ولا في سواه، إلا مقدار تأثيراته المباشرة. وتعرفين - ست فاطمة - أن القوى اليسارية في العراق هامشية وضعيفة ومشتتة ولهذا الواقع أسباب موضوعية تتعلق بطبيعة المجتمع وسردياته أو بعوامل ذاتية تتعلق بالأخطاء الفادحة لقوى اليسار وأهمها الحزب الشيوعي العراقي / اللجنة المركزية والقائمة الانتخابية التي يقودها أي " التيار المدني الديموقراطي"، فرغم أنّ واقع الحال العراقي اليوم يرشح أية قوة يسارية أو علمانية لحصد نتائج جيدة، بدفع من إخفاقات وحماقات الإسلاميين المهيمنين على الحكم، ولكن هذه القائمة كما يبدو لن تحصل على الكثير، خصوصا بعدما ارتكبت ما يشبه الانتحار السياسي و الانتخابي حين وافقت على أن يكون أحد أبرز مرشحيها صديق إسرائيل العلني والذي رفع البرلمان السابق عنه الحصانة بعد سلسلة زياراته إلى دولة العدو " إسرائيل" ودعوته الى عقد اتفاقية صداقة بين العراق وبينها، النائب السابق مثال الآلوسي. ولو أن هذه القائمة اعتمدت على الوجوه اليسارية والنقابية العراقية النظيفة و ذات السمعة الحسنة والتاريخ السياسي الناصع لاختلفت النتائج بكل تأكيد، ولكن المثل الشعبي العراقي يقول ( الـ "لو" زرعوها ما خضرت)! ولكن يبدو أن هناك أيادي خفية أرادت أن يكون المشهد اليساري والمدني الديموقراطي بهذا الشكل البائس فأصرّت على حشر الآلوسي على رأس القائمة في حركة خرقاء ومهينة لكل تاريخ اليسار العراقي.
وعموما فهذه الأخطاء ليست حكرا على اليساريين بل حتى من يسمون أنفسهم لبراليين رشحوا أنفسهم على قوائم طائفية وربما اطلعت في صفحتي على الفي سبوك على صور وملصقات شخص ليبرالي وآخر شاعر وشيوعي سابق رشحا نفسيهما على قائمة حزب آل الحكيم وغيره، أما في كردستان فهناك أمثلة مشابهة عديدة ولم ينجح اليسار العلماني الكردي في التعبير عن أنفسه في قائمة خاصة به تقطع مع الأحزاب العشائرية والعائلية الوراثية.
*
*
" لا شي يشبه جدياً فتحة المدفع، إلا قنينة حبر مفتوحة".*6.
13. متى تكون الكلمة في العراق أقوى من رصاص الغدر ، والمفخخات ؟

الجواب:
هذه المرة سأجيبك جوابا مختصرا وهو : تكون الكلمة في العراق أقوى من رصاص الغدر، والمفخخات حين يكون صاحب الكلمة مؤمنا بها بقوة تفوق قوة حبه لملذات الحياة.
*
*
14. هل يمكن أن تكون مخرجات الإنتخابات في بلد هو الأكثر فسادًا ماليًا واداريًا ، حكومة وحدة وطنية أم حكومة نهب ومحاصصة طائفية وإثنية ؟

الجواب:
مع أن الإجابة على هذا السؤال قد تكون تكررت ضمنا في إجابات سالفة ولكن يمكن أن أكرر هنا ما كتبته قبل أيام قليلة في يومية "الأخبار" اللبنانية، وخلاصته : إن حالة التشوش والتخبط السائدة في المشهد السياسي العراقي لا تسمح لنا بالحصول على إجابة قطعية حول أرجحية هذا الاحتمال أو المخرَج أو ذاك، غير أن خيار الفوضى والتشتت وعدم الاستقرار سيبقى هو الأقوى والذي قد يقود لاحقا الى سيناريوهات خطيرة منها الانقلاب العسكري أو موجة جديدة من الاقتتال الطائفي وتلك لن تكون حلولاً بل ثمنا باهظا يتوجب على السكان دفعه من أجل تأخير دفن نظام حكم فاشل لا مستقبل له ومعه نخبته السياسية المنتفعة منه. لقد انتجت العملية السياسية التي أطلقها الاحتلال في العراق واقعا سياسيا ودستورا ومجموعة مؤسسات مرتبطة بعضها ببعض وفق ما يمكن أن نطلق عليه "تصميم المتاهة" التي لا يمكن الإفلات منها إلا بكسرها وإطلاق عملية سياسية مغايرة لها في الأسس والمسارات ولها مدخل ومخرج متفق عليهما دستوريا. ولعل ما تمخضت دورات الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت حتى الآن أعطت صدقية كافية لهذا التحليل والاستنتاجات المبنية على أساسه وهذا ما ستفعله الانتخابات الوشيكة.
الانتخابات التشريعية الوشيكة، لن تكون مختلفة عن سابقاتها من حيث الجوهر، ولن تتمخض عن نتائج مختلفة كثيرا عن نتائج سابقتها من حيث توزيع غالبية أصوات الكتلة الناخبة حسب الولاءات الطائفية والعرقية. واسمحي لي بأن أختم كلامي بتكرار هذا الشعار: لا حلَّ للعملية السياسية الطائفية إلا بحلها وتعديل دستورها ديموقراطيا وسلميا!

_________________________
*1 . من قصائد برتولد بريخت السياسية
*2. من قصائد برتولد بريخت السياسية
*3. من قصائد برتولد بريخت السياسية
*4. من قصائد برتولد بريخت السياسية
*5. من قصائد برتولد بريخت السياسية
*6. مقولة هوغو

انتظرونا مع شخصية جميلة أخرى في حوارنا القادم



#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)       Fatima_Alfalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى كل عمالك ياسليل الحضارات ياوطني
- حوار مع الكاتب علاء اللامي ،-انتخبوا العراق حيًا أو ميتًا فق ...
- حوار مع الكاتب علاء اللامي ،-انتخبوا العراق حيًا أو ميتًا فق ...
- ليل مغموس بالهجير
- حوار مع الكاتب علاء اللامي ،-انتخبوا العراق حيا أو ميتا- فقط ...
- حوار مع الكاتب علاء اللامي ،-انتخبوا العراق حيا أو ميتا فقط ...
- انتخبوا العراق حيا أو ميتا فقط ، حوار مع المحلل السياسي ، وا ...
- وزر الليالي
- - ذروة التمرد و الترهلات الفكرية في قصيدة لم تكتمل - حوار مع ...
- -أدلجة الشعر-و - أنوثة العالم - حوار مع المفكر التونسي ، الي ...
- - الذات الثوريّة ، و تبني الماركسية معارضة هيغل للاأدرية - ح ...
- من أبجديات الهوى
- - كتاب السياسة وصناعة الحدث والتحليل - حوار مع المفكر التونس ...
- - يوتيوبيا - - خارطة الطريق - و- مسلسل إغتيالات - - الإقتصاد ...
- - اقرار الموازنة - و - تقسيم المعارضة -حوار مع المفكر التونس ...
- - قانون العزل السياسي - و - مؤتمر مكافحة الأرهاب -حوار مع ال ...
- تهويمات مُراقة
- -الإئتلاف الديمقراطي- و - المصالحة الوطنيّة - ، حوار مع المف ...
- -لاهوت اليسار- و -الإسلام السياسي - ، حوار مع المفكر التونسي ...
- حوار مع المفكر اليساري الأديب نور الدين الخبثاني في- العقلنة ...


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاطمة الفلاحي - حوار مع الكاتب علاء اللامي ،-انتخبوا العراق فقط حيا أو ميتا- ، من - بؤرة ضوء- - الحلقة السادسة والأخيرة