أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راضي كريني - مَن يعيش المأساة لا يحيي ذكراها














المزيد.....

مَن يعيش المأساة لا يحيي ذكراها


راضي كريني

الحوار المتمدن-العدد: 4438 - 2014 / 4 / 29 - 08:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شاهدتُ برنامجا تلفزيونيّا إبّان ذكرى "الكارثة والبطولة"، التي أحيتها حكومة إسرائيل أمس، يتنقّل فيه الصحفيّ بين مجمّعات تل-أبيب التجاريّة، ويسأل بشكل عشوائيّ مَن يصادفه عن الكارثة..لم أستغرب فشل غالبيّة العيّنة المنتقاة في الإجابة الصحيحة على سؤال الصحفيّ.
لم يختزن شباب إسرائيل وصباياها اليهود موضوع الكارثة والبطولة بالواقع في ذاكرتهم؛ كي يتمكّنوا من استرجاعها والشعور بها.. لذلك لا يكمن السبب في سوء تنظيم التخزين لينسَوْا، ولا في قلّة وضعف أساليب الإثارة وأنواعها التي تتبعها آلة الدعاية والتذكير الصهيونيّة الفاعلة على مدار السنة، وليس إبّان يوم الذكرى فحسب، ولا في ضعف طقوس الذكرى الضخمة، ولا في هول الكارثة؛ بل يكمن السبب ببساطة في الإسرائيليّ ذاته، الذي يمارس منذ النكبة الفلسطينيّة دور الجلاّد وليس دور الضحيّة؛ فأثر ذاكرة ضحيّة النازية اضمحلّ في الذاكرة الجماعيّة الإسرائيليّة وذبل ليحلّ مكانه أثر ذاكرة الجلاّد والمحتلّ والمستوطن للأراضي العربيّة!
التنكيل بالفلسطينيّ واحتلال أرضه ونهب أملاكه ومقدّراته و... هي ممارسات تشويه واقعيّة لأثر ذاكرة الكارثة النازيّة المختزنة نظريّا في ذاكرة قيادات سياسيّة ومثقّفين من شتّى أرجاء العالم؛ فالسياسات العدوانيّة الإسرائيليّة الممارسة يوميّا ضدّ الشعب الفلسطينيّ جعلت من تذكير الشعوب الأوروبيّة بالكارثة النازية مهمّة مستحيلة؛ فالشعوب الأوروبيّة لم تنسَ الكارثة كي تحمي نفسها منها وتجمّل صورتها الحضاريّة المشوّهة مِن انتعاش الحركات الفاشيّة المتنامية بين ظهرانيها! (كما حذّر شمعون بيرس، رئيس دولة إسرائيل، في احتفال الذكرى أمس)، فالشعوب الأوربيّة فقدت تذكّر الكارثة نتيجة لتداخل المأساة الفلسطينيّة مع المشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي تعيشها شعوبها يوميّا.
بالواقع أسهمت آلة الدعاية والسياسة الصهيونيّة المعادية للفلسطينيّ على أساس دينيّ (دولة يهوديّة نقيّة من الغرباء)، علاوة على ممارسات الاضطهاد القوميّ، وتسهم في جعل التعصّب الدينيّ سمة من سمات شعوب الشرق الغارقة في القلق على مستقبلها، وفي العجز عن مواجهة التحدّيات الاقتصاديّة والتكنولوجيّة و...؛ فأصبح الانتماء للدين والتعصّب له كافيًا لإدخال الطمأنينة النفسيّة على غالبيّة شعوب المنطقة.
لم يكن صدفة وزلّة لسان تصريح وزير الخارجيّة الأمريكيّ، جون كيري، لموقع "ديلي بيست": من أنّ إسرائيل ستصبح دولة فصل عنصريّ، في حال عدم التوصّل إلى اتّفاق سلام مع الفلسطينيّين قريبا، ولم يكن بمعزل عن محاولات التذكير الأمريكيّة بالكارثة، وفي الوقت ذاته يدلّ على يأس السيّد الأمريكيّ من قيادتي الشعبين، بيبي وعبّاس (يسرّنا أن ييأس من عبّاس دون سواه)، وإبداء النيّة في تغييرهما، من خلال إحراجهما عن طريق إعلان اتّفاق سلام يكون على الطرفين إمّا قبوله أو رفضه! ونحن كنّا رفضناه.
كما جاء تصريح عبّاس وتعاطفه الصادق والجريء مع ضحايا الهولوكوست من اليهود، يوم أوّل أمس، ووصفه للكارثة بأنّها "أبشع جريمة عرفتها البشريّة في العصر الحديث"، وإعرابه عن تعاطفه مع عائلات الضحايا والعديد من الأبرياء الآخرين الذين سقطوا على أيدي النازيّين"، كرسالة فولتير إلى البابا في تحذيره مِن الإسلام ليهاجم المسيحيّة! أو كما نقول في بلدنا "بحكيلك يا جارة حتّى تسمع الكنّة"؛ فشكّل إحراجا للقيادة الإسرائيليّة الناكرة للرواية الفلسطينيّة، وتذكيرًا مثيرًا للشارع الإسرائيليّ بالروايتين.
إنّ حقّ تقرير المصير للشعب الفلسطينيّ ليس منوطًا برغبات وقرارات حكومة اليمين الإسرائيليّ وبرأيها، فالمصالحة الوطنيّة الفلسطينيّة هي شرط ضروريّ ناقل إلى الشرط الكافي للتحرّر السياسيّ ولاستكماله، فنحن كفلسطينيّين، الذين نرزح تحت وطأة مأساة الاحتلال والاضطهاد القوميّ، لا نحتاج إلى عمليّات إثارة لاسترجاع الذاكرة؛ فمَن يحيي بموته قضيته، سوف يحتفل بذكرى تحرّره، ومَن يعتبر استشهاده مهرًا لتحرير بلاده، لا يستسلم لألم الحصار الاقتصاديّ!



#راضي_كريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهرة مع أحمد سعد
- نحن بحاجة لشحذ الفأس
- ليبرمان ملك إسرائيل
- لِنحذر الغرق في التغيير!
- نحن نريد دولة ونحلم بها
- ماذا بعد رفع نسبة الحسم؟
- سياسة المأزق
- لأنّني لن أكون إلاّ أنا
- تحالف قوى الرجعيّة مع المحافِظة
- الفكر الكامن وراء يهوديّة الدولة
- علاقة المنفعة المتبادلة بين الأيباك والإدارة الأمريكيّة وعلا ...
- شولاميت ألوني
- أنسنة يعلون
- مرحلة القيادة الفوضويّة قصيرة
- ملك الغابة حمار
- نَبكي الإنجليزيّة، أم تبكي علينا حالنا؟
- قيّدوا إيران، لنفكّ أسر فلسطين!
- بيبي نتنياهو حفّار قبور
- تصريحات تنمّ عن كُره للدبلوماسيّة
- عندما يفقد الإسرائيليّ الثقة بمؤسّسات الدولة


المزيد.....




- مصر والصومال.. اتفاق للدفاع المشترك
- ترامب يحذر من عواقب فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية
- أربعة أسئلة حول مفاوضات الخميس لوقف إطلاق النار في غزة
- بايدن وهاريس يتلقيان إحاطة بشأن التطورات في الشرق الأوسط
- عزيز الشافعي يدعم شيرين ويوضح موقفه من إصدار أغنيتها الجديدت ...
- أمريكا تجدد دعوتها لسوريا للإفراج عن الصحفي -المختطف- أوستن ...
- قصف مدفعي إسرائيلي من العيار الثقيل يستهدف مجرى نهر الليطاني ...
- متهم بالعمالة للحكومة المصرية يتوصل لصفقة مع السلطات الأميرك ...
- في ختام اليوم 313 للحرب على غزة.. آحدث تفاصيل الوضع الميداني ...
- مصراتة الليبية تعلن إعادة تفعيل المجلس العسكري ردا على نقل ص ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راضي كريني - مَن يعيش المأساة لا يحيي ذكراها