|
الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 8
ياسين المصري
الحوار المتمدن-العدد: 4437 - 2014 / 4 / 28 - 22:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأسـوة الـحـسـنة النبي والمـرأة نمـوذجا
{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} الأحزاب 33.
جاء في سورة يونس الآية 15: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا إئت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم}
لذلك لا بد أن تتبادر إلى عقل كل من يستعمل عقله التساؤلات التالية: هل كان النبي أسوة حسنة بالفعل والعمل لكافة الناس أم لعصابة الصعاليك فقط؟ وهل كان يتبع فعلا وعملا ما يوحى إليه؟ وهل كان فعلا وعملا يخاف عذاب يوم عظيم إن عصى ربه؟، أم كان يعصيه بالفعل والعمل؟
بكلمات أخرى هل وضع الدين الجديد في خدمة أغراضه والأغراض الشخصية لأصحابه الصعاليك، ومن ثم ورثته "العملاء"، فأصبح بذلك قدوة حسنة لهم فقط؟ ألم يكن يستطيع أن يبدل ما يوحى إليه من تلقاء نفسه؟ ألم يكن باستطاعته ألا يتبعه وألا يخاف عذاب يوم عظيم بأن يعصى ربه ويجـبر الآخـرين على طاعته؟
ليس من الصعب على أحد أن يتخيل كيف أن دينا ما، يخدم أغـراضا بشـرية، فيكون طيعا وأقل طاعة له من قبل المجاهدين في سبيلة. وليس من الصعب أن يرى المرء كيف أن الـتراكم التاريخي والمخـزون الثقافي لـعـربان الصحراء كالحواجز القبلية والنهم الشديد إلى الغنائم والجنس وحب السلب والنهب وسبي النساء والأطفال واعتبار المرأة مصدرا للغواية والـرجس، والغدر والكذب، قد لعبت جميعها دورا رئيسا في تكوين الفكرة ونشرها وكأنها ناصعة الوجه، طاهرة المضمون، سامية الهدف. ولذلك مازالت طاغية على حياة المتأسلم ودمغ سلوكه، الأمـر الذي يدفعه تلقائيا للدفاع عنها والمـوت من أجلها. ولكنه وفي نفس الوقت على استعداد لارتكاب جميع الموبيقات والمعاصي التي تتعارض مع أبسط حقوق الإنسان والحيـوان. لقد أحدثت تلك الفكـرة تعميما للانفصام السلوكي والأخلاقي في الشخصية البدوية علي معتنقيها في كافة بقاع الأرض، بحيث اتسعت الهوة السحيقة بين كلماتهم وسلوكهم أو أقوالهم وأفعالهم، وبين مظهـرهم ودخائـلهم أو ما يبدو عليهم وما هم عـليه حقيقة.
فنجد إله صلعم يدافع عن نبيه بقوله : {فما هو بنعمة ربه بمجنون، وله أجـر غير ممنون، وهو على خلق عظيم} (القلم 1ـ4)، وهو عزيز عليه ما يعانيه أهله من شـرك، وحـريص عليهم، ورؤوف رحيم بالمؤمنين (التوبة 128)، وأنه لو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله (آل عمران 159)، وأنه لذلك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا (الأحزاب 45-46)، هكـذا!!!. وعندما تبدو عليه مظاهـرالسيطـرة والتمتع بطيبات الحياة، يردعه الـقـرآن بقـوله {فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر} الغاشية 21-22، وعليه أن يخفض جناحه لمن اتبعه من المؤمنين (الشعراء 215 والحجرات 88)، وأن من يتولى منهم، فما أرسله عليهم حفيظا (النساء 80)، أو ما جعله عليهم حفيظا، وما هو عليهم بوكيل (الأنعام 107)، وأن يصبر مع الذين يريدون وجهه، ولا تعد عيناه عنهم (أي تتجاوزهم أو تغفل عنهم) يريد زينة الحياة الدنيا (الكهف 28).
ثم انقلبت الدعوة القرآنية مرة واحدة إلى التمتع بطيبات الدنيا بلا حدود وصرحت للمؤمنين بالأكل من طيبات ما رزقهم الله وشكـره عليها (البقرة 172)، فقـد أحـل الله لهم الطيبات (المائدة 4)، لقد أصبح المبدأ الجديد هو {اليوم أحل لكم الطيبات} المائدة 5، فالله مَـنَّ عليهم بالإسلام، وأيدهم بنصره، ورزقهم من الطيبات (الأنفال 26). كي يتمتعوا بها وبقـدر أكبر من أبناء عمومتهم بني إسرائيل الذين أمرهم بالأكل من طيبات ما رزقهم، ولكن لا يطغوا فيه فيحل عليهم غضبه (طه 80 ـ 81)، مع أنه أتاهم الكتاب والحكم والنبوة وفضلهم على العالمين (الجاثية 6).
ولكن النبي في تمتعه بطيبات الدنيا خص نفسه بأحكام لم يشاركه فيها أحد؟. وأباح لنفسه وحده الحق في أن يخالف [بعض] أحكام الشـرع التي فـرضها على غيره؟. واستثنى نفسه من [بعض] قيود الشريعة التي قيد بها الآخرين؟.
إذا كان ذلك تميـيزا لشـرفه وعـلو مـرتبته كما يدعي العملاء، فإن العـقـل السليم يقول لنا أن شـرف المـرء وعـلو مرتبته تحتمان عـليه أن يكون أول من يلـتزم بما يشـرعه للآخـرين، كي يكون بالفعل أسوة حسنة لهم. وبذلك يبيح العملاء الملفقون لأنفسهم تلك التجاوزات والمخالفات المحمدية بصفتهم " ورثته وألي العلم من بعده" ... إلى آخـره من التبريرات الخادعة. صحيح أنه من المتفق عليه عالميا ـ خاصة في الدول الديموقراطية ـ أو النظيفة سياسيا إلى حد ما، أن لرؤسائها بعض الميزات المادية والبروتوكولية المعينة بحكم منصبهم الرئاسي، وذلك لتمكنهم من آداء عملهم على الوجه الأكمل، ولكن هذه الميزات استثنائية، إذ تزول عن الرئيس فور تركه المنصب، ليتمتع بها خليفته. ونحن هنا لا نتكلم عن سلوكهم الشخصي أو الأخلاقي، فهذا أمـر آخـر، يندرج تحت القول: «إذا كان رب البيت بالدف ضاربا، فشيمة أهل البيت الرقصُ».
ولأن العملاء الملفقين ليسوا أغبياء على الإطلاق، فقد أدركـوا حقيقة أن « الجاهل قد يرى بعض الخصائص فيعمل بها أخذا بأصل التأسي فوجب بيانها لتُعْرَف*1*»، وجاء بيانهم لتلك الحقيقة تلفيقيا وتبريريا لا يقنع أي عاقل على الإطلاق. وأن " الجاهل " الذي خافوا من أن يعمل ببعض تلك الخصائص المحمدية أخذا بأصل التأسي لم ينقطع منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا، سواء كان من الحكام أو رجال الدين أو غيرهم ممن يلتحفون بلحاف التأسلم ويقتاتون من ورائه.
ولم ينسى أولئك العملاء الملفقون أن يتحفونا ويسعـدونا بخصائر محمدية لا يمكن لأحـد أن يتأسى بها، وتبقى فقط من الأماني لصورته المشكلة في أذهانهم، منها أن النبي الصحـراوي لم يكن لإبطه رائحة كـريهة بل كان نظيفا طيب الـرائحة كما ثبت في الصحيحين [البخاري ومسلم] من حديث أنس بن مالك « ما شممت عنبرا قط ولا مسكا ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله صلعم ». وفي الصحيحين أيضا « أن أم أنس كانت تجمع عـرقه صلعم في قارورة فتجعلها في طيبها »، قالت: « وهو من أطيب الطيب ».
والأبلغ من ذلك تلك الرائحة الطيبة التي كانت تنبعث عند قضاء حاجته، فقد حكى القاضي عياض عن آخـرين أنه إذا أراد أن يتغوَّط [يتـبرز] انشقت الأرض فابتلعت غائطه وبوله، وفاحت لـذلك رائحـة طيبة. ويروي ابن سعد عن عائشة أنها قالت للنبي صلعم: « إنك تأتي الخـلاء فلا نرى منك شيئا من الأذى، فقال: يا عائشة أو ما علمت أن الأرض تبلع ما يخـرج من الأنبياء ».
ومع أن هذه الهلوسات من الخصائص الشخصية ولا يمكن لأحد أن يتأسى بها، أو يأخـذها لنفسه، إلا أنها تدل بوضوح على مـدى الإسفاف والاستهانة بعـقول من لهم عقـول من البشر. كما تشير صـراحة إلى ما سبق وقلناه أن إله الأسلمة ونبيها والتأسلم نفسه مجـرد هزيان ذهني مفتوح على مصراعيه لكل ما هب ودب، يقول فيها ما شاء وينسب إليها ما يشاء.
على أي حال لا يسعنا من هذا الكم الهائل من الهزيان سوى الـتركيز على وضع المرأة وعلاقتها بالنيي لما له من أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر!!.
النبي والـمـرأة
لم نجد في كتب التراث ما يفيد إلى اتجاه عام قبل الإسلام لاضطهاد المـرأة أو تحقـيرها أو الحـد من دورها في المجتمع العرباني، وأن " وأد " البنات الذي ذكـر في القـرآن كان في نطاق ضيق جدًا وبدافع الخوف من الفقر. لذلك كانت المـرأة تاجـرة وشاعـرة ومحاربة وعاهـرة بجانب كونها أم وأخت وزوجة وبنت. وكانت تشارك دون معوقات في المنظومة الاجتماعية السائدة بين العربان وتقتطف منها ما تراه مناسبا لها، ولكنها كانت، بلا شك، الطـرف الضعيف دائما فيما يتعلق بالصـراع بين القبائل بهدف السلب والنهب وسبيها من قبل المنتصر واعتبارها غنيمة ضمن غنائمه، وظلت هكذا بعد ظهور الأسلمة المحمدية قبل أن تتحول على أيدي صعاليك الصحراء إلى مجرد أداة للجنس والتناسل ومصدرا للغواية والرذيلة، فشغلت حيزا كبيرا من تفكيرهم وأصبحت غاية أساسية ومشتهاة في سلوكهم. وتشير كتب الـتراث إلى أنواع عديدة من الأنكحة كانت شائعة بين البدو العـربان قبل تأسلمهم هي: ❊-;- نكاح الصداق أو البعولة : ويتم بأن يخطب الرجل من الرجل ابنته فيصدقها بصداق يُحدَّد مقداره ثم يعقد عليها. ❊-;- نكاح المتعة : وهو تزويج الـمرأة إلى الـرجل مقابل أجـر، فإذا انقضت حاجته افـترقت عنه. ❊-;- نكاح الإماء : وهو أن يتزوج العربي من أمته (العبدة) فإذا أنجب منها أبناء لا يحق لهم أن يلحقوا بنسبه، بل يظلوا عبيدا. ❊-;- نكاح السبى : ويقضي بأن يتزوج المحارب من إحدى النساء اللاتي وقعن سبايا دون أن يدفع لها صداقا. وهذا ما أفتى به الدجال القـرضاوي بالنسبة للسبايا الأمـريكانيات في العـراق. ❊-;- نكاح المقت : وهو أن يتزوج الرجل من زوجة أبيه كجزء من ميراثه . ❊-;- نكاح الجمع أو البغايا : وهو أن يجتمع الكثير من الناس على الـمرأة، ولا تمنع نفسها مما أتاها، وكان عـمـرو بن العاص أحـد نتاج هذا النكاح.
وكانت هناك أنواع أخرى معروفة ومتداولة بين العربان مثل: نكاح الاستبضاع ونكاح المخادنة ونكاح البدل ونكاح الشغار ونكاح الـرهط*2* إلى جانب نكاح الهبة، وقد ظلت أنكحة الصداق أو البعولة والمتعة والإماء والسبي سارية بعد التأسلم وألغيت أنواع الأنكحة الأخرى، وبقى نكاح الهبة خاصا بمحمد لمن تهب نفسها له.
ومن الملاحظ أن العملاء يقولون إن كلمة " نكاح " تمعنى " زواج "، وهذا خاطئ تماما، لأن فعل "نكح" كما هو معـروف لغويا، والذي مازال مستعملا عند البدو العربان حتى الآن، ومرادفه الدارج " ناك " ومشتقاته التي جاءت في أكثر من مكان في كتبهم التراثية المقدسة وعلى لسان نبيهم نفسه. لا يدل سوى على الفعل من جانب واحد، هو الزوج أو البعل، وتحقيق المتعة له وحده فقط. بينما الزواج من التزاوج والقـران، وفيه مساواة بين القـرناء.
ومن الواضح أن أنكحة المتعة والإماء والسبي ـ مثل غيرها ـ تندرج بلا أدنى شك تحت بند الزنا، فهي لا تهدف إلى إقامة حياة زوجية أو دوام النسل، بل الغـرض من ورائها هو تحصيل المتعة، وقد سنها محمد في إطار شـرعي لأصحابه لا سيما أثناء الغـزوات، وبينما توقف نكاح الإماء ونكاح السبي بتوقف الغزوات الإسلاموية للبلدان المجاورة واستيطانها، فقد اختلف الفقهاء على تحـريم نكاح المتعة من عدمه، فالشيعة مازالوا يعتبرونه زواجا شرعيا، بينما السنة يدعون بأن محمد حـرمه في حجة الوداع، أو أن ابن الخطاب هو الذي فعل ذلك. ويأتي الطرفان بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تدعم وجهة نظره.
ومن ناحية أخرى نجد البدو الوهابيين الذين يمثلون السنة، يحاربون زواج المتعة، ويشنعون في ذلك على الشيعة، ويتهمونهم بإشاعة الفاحشة في الأمة!!، ولكن الذي يجهله البشر خارج دار الحـرمين أن "أحفاد صلعم" أولئك الـعـربان الوهابيين وكبار عملائهم الدجالين يحلون بدعتين جديدتين لهما طابع "المتعة" وطعم "الزنا"، يسمونهما نكاح " المسيار*3* " ونكاح " الفرند*4* " المنتشر بين من يعتبرونهم " كفارا " في أوروبا وغـيرها. وطريقة هذين النكاحين أن يتزوج رجـل من امـرأة بعقد لا يخـلو من التالي أو بعضه، على حد قولهم*5*: 1. السرية، فيكون النكاح غـير معلـن. 2. أن يشترط فـيه عـدم الاتفاق. 3. ألا يكون فـيه مـبيت. 4. عـدم اشـتراط موافـقة الولي. 5. أن تكون في نية الرجل المسبقة أن يطلق بعد أمد، من غير أن تدري الزوجة بذلك. بمعنى أن ينصب عليها أو يخدعها. وجميعها بنود متعة تختلف تماما مع سنه فقهاء هذا الدين الهـش.
كذلك لا يصعب على أولئك البدو الأقذار، أن يجدوا دائما وأبدا على لسان نبيهم ولدي أسلافهم الصالحين ما يدعم زعمهم، فالبخاري أورد في صحيحه المقدس وبعد عنعنة مملة كالعادة عن رسول الله صلعم قوله: « أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا تتاركا »، وقال أحد الرواة المبجلين إنه لا يدري ما أذا كان هذا الشيء لهم خاصة أم للناس عامة، بينما قال آخر عن النبي إنه منسوخ*6*. وهكذا يجد المرء نفسه دائما وأبدا في غابة لا يعرف مسالكها أو طـرقاتها وإلى أين تؤدي به، ويقوده فيها وحوش كاسرة، وشياطين ضارية من العـملاء الدجالين.
ونظرا إلى أننا لسنا فقاء ولن نكون فقهاء في هذا الدين أو غـيره، نترك البت الفقهي في هذا الأمر للعقلاء وليس العملاء، مع الإشارة إلى أن أمراء آل سعود وغيرهم من الأثرياء المتشبهين بهم يكـثرون من هذا الـزواج، خاصة أثناء ذهابهم في الشتاء من كل عام إلى "الجنص" أي الصيد عند البدو في أعماق الصحراء. كي تحفل مجالسهم بعد ذلك بالتباهي به وبعدد زيجاتهم وكأنهم في سباق على الفوز بالـرقم القياسي للنكاح.
هذا بالإضافة إلى أنهم يعتبرون الأجنبيات الواردات إليهم للعمل خاصة من بلدان شرق آسيا على أنهن ملكات يمين أو إماء أو سرايا يتسرين بهن، ويتمتعون بنكاحهن، وفي المقابل يتسرى نساؤهم بالأجانب الـوافدين إليهم من تلك البلدان أو غـيرها كلما وجدن إلى ذلك سبيلا.
وفي كل الأحوال مازال الـزواج في لغة الـعـربان وسلوكهم هو "النكاح والـوطء والاعتلاء ... إلخ"، وجميعها تعبيرات حيوانية تعني الاستمتاع من طـرف واحد فقط. فالـزوج هو " الـبـعـل "، رب العائلة أو سيدها المطلق، والذي ينكح ويطأ ويعتلي .. ويستمتع، و" العائلة " هي من يعوله البعل أي من " يتطفل عليه " ويستمد قوته منه. ولإن الشيء بالشيء يذكر، نتساءل بجدية حقيقية عما إذا كانت هناك علاقة ما بين " البعل والبغل " إذ أن الاختلاف بينهما كما هو واضح لا يتعدى زيادة نقطة واحدة فقط، خاصة وأن التنقيط لم يجـرى على اللغة العـربية إلا في وقت متأخر جدًا من ظهـور الديانة الإسلاموية كما سـنرى فيما بعد. على أي حال، لقد سبق وتشرفنا بمعرفة "السيد البعل" بصفته إله جاء من الأساطير الكنعانية ودخل بقوة ذكورته وعنفوان رجولته إلى البدو العربان في مكة ليحتل مكانة بارزة في حياتهم قبل وبعد الأسلمة.
واستعمل القـرآن فعل " نكح ومشتقاته " 18 مرة، ولأنه فعل مخجل وغـير مهذب لدي الشعوب العريقة الحضارية، فإن عملاءها يقولون أن المقصود به فعل تزوج ومشتقاته. ولكن لا أحـد يدري لماذا إله البدو الصحـراوي لم يستعمل الفعل الثاني، ليوفـر على العملاء الدجالين مهمة التلفيق والاستهانة بعقول الناس. كما أن أحدا لا يدري ماذا سيقولون عندما نقـرأ الـرواية الـتـالية التي جاءت في صحيح البخاري حديث رقم 6913: عن ابن عباس أنه قال: لما أتي ماعـز بن مالك قال له النبي : لعلك قـبَّلت أو غمـزت أو نظـرت. قال: لا يا رسول الله. قال: أنكـتهـا؟ قال: نعـم، عـند ذلك أمـر برجـمه. وتكرر هذا الحديث في مسند مالك، حديث رقم 2477. وفي واقعة أخـرى مشابهة نطق صلعم بنفس الكلمة. ففي سنن أبي داود، باب الحـدود، حديث رقم 4430. عن أبي هـريرة أنه قال: جاء الأسلمي إلى نبي الله أربع مـرات، فشهد على نفسه (إعترف) أنه أصاب امـرأة حـراما، وفي كل مـرة يعـرض عنه النبي. وفي المـرة الخامسة قال له النبي: أنكـتها ؟ قال: نعـم. فقال النبي: حتى غاب ذاك منك في ذاك منها؟ قال: نعـم. قال: كما يغيب المرود في المكحلة، والرشاء في البـئر؟ قال: نعـم. قال: فهل تدري ما الزنا؟ قال: نعـم، أتيت منها حـراما ما يأتي الرجـل من امـرأته حلالا. سأله الرسول: فما تريد بهذا القـول؟ قال: أريد أن تطهـرني يا رسول الله. فأمـر برجمة. وتكـرر هذا الحديث في سنن الحارقطني، حديث رقم 3491. دعونا نعمل العقل في هاتين الواقعتين:
إذا كان ابن عباس وأبو هـريرة من الدجالين، واخـترعوا القصتين كـذبا على صلعم، فيجب الاعتراف بذلك من العملاء الملفـقـين، ويمهـرون إسميهما بغضب الله ولعناته بدلا من رضوانه. وإذا كانا صادقين فإن نبي المتأسلمين صلعم استعمل لفظا دارجا وبذيئا، وأن الزاني (الأسلمي) كان مهذبا على العكس تماما مـنه عـنـدما قال له: « نعـم، أتيت منها حـراما ما يأتي الـرجـل مـن امـرأته حـلالا»، ولم يقل: « نعـم، نكـتـها ».
والسؤال هنا الذي يجـب أن يتبادر إلى الأذهان هـو: أي نبي هـذا الذي يتحـدث بما يدور في خـلد الأقـذار ويجـري بين أولاد الشـوارع والسفلة، ليكـون بذلك أسـوة حسنة لهم فـقط، ودون غيرهم. أليس هذا أسلـوب الصـعالـيك الـذين لا يعـرفـون خلـقا ولا أدبا؟.
وهل يمكن للعملاء الملفقين والدجالين ـ خصـوصا المعتمدين منهم ويحتلون مناصب دينية عـليا ـ أن ينطقوا بهذه الكلمة القبيحـة على الفضائيات أمام ملايين المشاهدين؟؟ أم أن نبيهم ليس أسوة حسنة لهم في هذا الشأن*7*.
ثم أي دين هذا الذي يكون فيه التطهُّـر من الخطيئة بالرجم حتى الموت، وكيف إذن لأي خاطئ أن يقدم على التطهـر مادام هذا المصير الوحشي في انتظاره، أليس من الأفضل له ولحياته أن يكتم الأمر في نفسه، إذا لم يكن قد قـرر التمادي في الخطيئة، ضاربا بالتطهر منها عرض الحائط، وليذهب هو والدين وصلعم إلى الجحيم. وهذا بالضبط ما يفعله أغلبية كبيرة من المتأسلمين، الذين يبدو كل منهم وكأنه صلعم نفسه.
يتضح من القـرآن ومن كتب السيرة المحمدية أن أهم مشكلة لازمت صلعم في حياته هي علاقته بالجنس اللطيف المحبب إليه دائما، وكيفية ضبطها في نمط من السلوكيات السوية، وأنه لم يوفق في ذلك على الوجه الحسن بالرغم من تدخل الوحي القرآني مباشرة في تنظيمها. فيقول الباحث منصور فهمي عن أحوال المرأة في الإسلام: « وعلى الرغم من أن محمد أراد حمايتها إلا أن الإسلام ساهم في انحطاط المرأة*8* »، بمعنى أنه " أراد تكحيلها فعماها " كما يقول المثل الشعبي، فكيف تم ذلك؟ ولماذا؟
لقد اتسمت علاقة محمد بالمرأة بقدر كبير من التناقض، الذي أدى فيما بعد إلى انفصام في الشخصية السلوكية للمتأسلمين تجاه الـمـرأة بوجه عام، فمن ناحية لم يتمكن محمد من تقييد حـريتها تقييدا عمليا أثناء حياته، فظلت تشارك في الغـزوات وتعمل في التجارة وتعتنق الدين الذي يناسبها دون أن تتبع إرادة زوجها على غير ما تريد، بل وكانت تمارس الجنس دون قيود كما كانت تمارسه قبل الإسلام، ومن ناحية أخرى ترك خلفه تعليمات قـرآنية وأقـوال نسبت إليه مكنت من بعده العملاء والملفقين من الحد من حـريتها وتقليص دورها الاجتماعي، بل والنيل من كـرامتها، وقد تمكنوا في وقت مبكـر من استدعاء عائشة زوجة صلعم الأثـيرة الشابة للمساهمة بقدر كبير في هذا المجال، لقول صلعم « خذوا نصف دينكم من هذه الحمـيراء». بينما الذين اخذوا موقفا معاديا منها " خاصة الشيعة " يدعون بأن صلعم أشار ذات مرة إلى بيتها وقال: « أن الفتنة تنبع من هنا »، فهـو نبي إذنْ يعمل تبعا لهـواه ومـيزاجـه الخـاص، ووفقا لتصورات العملاء والمـرتزقة والبلطجـية كي تختفي الحقيقة، ويتوه الناس.
عاش محمد مع زوجته الأولى خديجة 25 عاما، لم يجـرؤ خلالها على الزواج بأخرى أو يتـسرى بها، بالـرغم من أن ذلك كان شائعا آنذاك بين البدو العربان بوجه عام وبين المكيين منهم بوجه خاص، ويدعي المسيحيون بأنه لذلك كان زواجا مسيحيا، خاصة وأن القس أو الراهب ورقة هو الذي بارك زواجهما وعقد قرانهما، ولكن سلوى بلحاج تعتقد « أن خديجة بما كان لها من نفوذ معنوي ومادي على محمد كانت هي من جعلة يمتنع عن التزوج عليها... لقد كانت تهيمن عليه بشخصها، لذلك كان من الصعب على محمد في مثل هذه الـظروف أن يفكـر في غـيرها، كما كان من الصعب عليها أن تقبل هي بضرة أو بسـرية [أمة]*9* »، ولكنه بمجرد وفاة خديجة انقلبت شخصيته وتبدل سلوكه بشكل كـبير، فتزوج من [11] امرأة على الأقل، عدا مَن وهبن أنفسهن له والسراري اللاتي لم يعرف عددهن، وذلك خلال السنوات الثلاث التي تلت وفاتها، إذ بوفاتها زال عائق معنوي كبير بينه وبين النساء، في وقت بدأت تقوى فيه شوكته ويشتد نفوذه ويزداد ثراؤه. فأخذ يمارس عمله السياسي بوصفه نبيا وزعيما سياسيا وقائدا عسكريا، له خمس الغنائم بما فيها النساء طبعا.
بعد الانتقال إلى يثرب، بدأ صلعم يشرع القوانين للجميع ويستثنى نفسه منها، فمركزه السياسي والاجتماعي الجديد يجعل من الصعب عليه أن يلـتزم بالقوانين الصادرة من السماء، ولا مانع لديه من تطويعها لرغباته وأهوائه، ولكنه مع ذلك ظل مصمما على أن يفرضها على الجماعة التي أسسها، مع الاحتفاظ للـرجال العشرة المبشرين بالجنة حق التمتع ببعض الامتيازات التي لا يتمتع بها عامة الناس. لأنه أصبح النبي المطاع، فمن أطاعه أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله (النساء 80).
وسمح لنفسه من دون الآخـرين بالصلاة دون وضوء وبتقبيل من يحب من نسائه وهو صائم، ولأن العلماء والفقهاء المزعومين كانوا ومازالـوا مـعـه دائما وأبدا، فـقـد وجـدوا تبريرا سـاذجا لذلك مدعين " بأن قبلات محمد كانت خالية من الشهوة ". ولكن خلوه من الشهوة هو الذي جعله لم يستطع أن يصبر شهرا واحدا دون زوجة بعد موت زوجته الأولى خديجة، التي تألم كثيرا لموتها، بل ولم يكتفي بزوجة واحدة أو مثنى وثلاث ورباع ومات وبحوزته تسع منهن.
وقد حدد للمتأسلمين أربع زوجات في وقت واحد {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} النساء 3. هذا إذا اعتبرنا أن فعل إنكحوا يعني تزوجوا، ولا يعني معناه الحقيقي، على حد إدعاء العملاء الملفقين. والسؤال هو هل يخاف أحد من البشـر من ألا يعدل، أم أن الجميع بما فيهم الظلمة أنفسهم يتصورون أنهم دائما على حق؟ ولماذا لا يطال العدل أن وجد أساسا ما ملكت أيمانهم [أي السرايا من النساء] أليسوا بشرا؟. ولماذا لم يقدم النبي القدوة في هذا الصدد؟، أليس من الحق أن يلتزم هو نفسه بما يلـزم به الآخرين، كي يكون بذلك ـ فعلا وعملا ـ الأسوة الحسنة لهم؟.
بعد موت خديجة إفتتح محمد عدد زوجاته الكبير بالزواج من سودة بنت زمعة، وكانت أرملة عجوز، لم يرضى عنها، فأراد أن يطلقها عقب زواجه من الطفلة عائشة بنت صديقه أبي بكر، وكان زواجه من سودة زواجا كلاسيكيا لم يبهره جمال المرأة أثناء عرض السبايا الأسيرات عليه، لأن الإسلام مازال ضعيفا في مكة، وأن الخاطبة، وهي خولة بنت حكيم بن أمية كانت من الذكاء والمهارة بحيث عرضتها عليه من جوانب إيمانها بالله ورسوله وسبقها إلى الإسلام على عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وغيرهما من أصحاب صلعم، ولم تتطرق إلى مواطن الجمال الجسدي المحسوس، خاصة وأن سودة كانت تفتقر لأي ميزة جمالية، وكانت ثقيلة بطيئة لضخامة جسمها وتـرهله بفعل السنين*10*، وتدعي الروايات التراثية أن صلعم تزوجها حماية لها ووفاء لزوجها حتى وإن لم يكن شهيدا. ونحن لا ندري كيف يكون الزواج منها "وفاء لزوجها"، ولم يكن بدافع "الانتقام" منه، وهو الذي هاجـر إلى الحبشة في بداية الدعوة ولكنه كما يقول ابن حجر العسقلاني ارتد عن الإسلام وتنصر قبل موته ودفن هناك. ولما كانت سودة ليست أبنة أحد من أصحاب صلعم أو أرملة أحد من شهدائه قرر تطليقها، فأدركت بذكاء المـرأة الفطـري ألاَّ تترك بيت النبوة وتضيع في مجتمع ذكوري لا يعرف من المرأة سوى ما يقع عليه بصره، فلا يرحمها بعد أن ضاعت منها السنون ولم يبقى من أنوثتها أي شيء، فوهبت ليلتها لعائشة وتخلت لها عن حـقـوقها الـزوجية في المضاجعة من أجل أن تبقى زوجه له بالإسم فقط.
ولقد أدى انفلات محمد في تعامله مع الجنس بوجـه عام إلى ظهور فقه النكاح (أو النيك) الذي لا يخلو منه أي كتاب من كتب التراث الإسلاموي، من الحديث عنه بما يشبه أفلام " البورنو "، ليس عن نكاح المرأة فحسب، بل أيضا عن نكاح الأولاد والبنات الصغار والرجال الكبار والحيوانات ونكاح اليد ونكاح الميت، والكيفية التي يتم بها نكاحها ... إلى آخـره*11*. وجميعها أنكحـة كانت ومازالت متفشية بشكل وبائي بين العـربان بوجه عام.
قد يتعجب أحدنا مما يسمى نكاح الميت، ولكن إذا عـرف السبب بطل العجب فنبي الإسلام ضاجع " نكح " امـرأة ميته*12*، إذا تقول الكتب التراثية الإسلاموية : « خلع رسول الله قميصه فألبسه لأم علي واضطجع معها في قبرها. فلما سُوِّيَ عليه التراب قالوا يارسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه بأحد، قال: إني ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة، واضطجعت معها في قبرها ليخفف عنها من ضغطة القـبر »، ولم تقل لنا تلك الكتب لماذا أهالوا التراب على سيد الخلق أجمعين وهو في هذا الوضع المشين مع الميته، هل كانوا يريدون دفنه معها؟؟. وبدلا من ذلك حفلت جميعها بتشريع خاص بهذا الشأن لكل متأسلم يريد أن يتأسى بنبيه، تحت عنوان " وطء الميته ". أ ناس أقل ما يقال فـيهم أنهـم قـذرة بالفعـل!!!.
الآن سوف نحاول التعرف على بعض المآسي والمهاذل والملاهي التي حدثت مع أمهات المؤمنين أو منهن.
❉-;- مـأسـاة "الــزوجة المـدللـة" عـائـشـة هي عائشة بنت أبي بكـر صـديق صلعم ورفـيقه التاريخي، وقد برر محمد خطبته لها وهي في السادسة والدخول عليها وهي في التاسعة من عمرها بأنه كان إيحاءً ومشيئةً من ربه، إذ أرسل إليه الملاك جـبريل ليعـرِْفه بها وهي طفلة مازالت نائـمة في سـريرها، ويقـول له : « إن في هذه خلفاً لخديجة »، وأنها لذلك ظهرت في أحلامه مرتين كزوجة في المستقبل*13*. وبعد ثلاثين يوما من زواجه من سودة طلب يدها من أبيها، فما كان منه إلا أن أبدى دهشته من فارق العمر بينهما [كان محمد آنذاك في الثالثة والخمسين من عمره]، ولكن لأن السياسة تطغى دائما على المبادئ، فقد وافق على طلبه وفسخ ارتباطا سابقا لزواج ابنته برجل آخر. لقد كان هذا الزواج " صفقة سياسية "، احتل أبو بكر بسببها مكانة مرموقة عند صلعم أهلته لأن يقود المسلمين بعد موته.
وكان من المحتم أن تتكدس كتب التراث التاريخية بالحديث عن عائشة دون غيرها، فتناول بالـشرح المطـول والـمُـمِلِّ جمالها وشبابها اليافع المـتدفق ونزواتها، مع التفنن في تبريرها، دون التطرق لأسبابها الحقيقية، بالإضافة إلى التضخيم والتفخيم لمكانة أبيها. ومن الثابت أن علاقتها بمحمد وتصرفاتها أثناء معاشـرتها إياه وبعد موته تركت تأثيرا عنيفا على التشريعات الإسلاموية وعلى مصير كافة الشعوب التي اجتاحها العربان بالسيف وفرضوا عليها عقيدتهم الصحـراوية. فنجـد المشـرع الأكبر للـقوانين الـقرآنية كان ينقـاد لـنزوات وتقلبات تلك ـ الحميراء ـ أو الشقـراء الصغيرة، كما كان يناديها أو ينعتها تحببا وتوددا إليها، وينسب إليه قوله: « خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء » وفي روايات أخرى « الشقيراء »، كما سبق ذكـره . ولا أحد يدري حتى الآن كيف يسمح إله البدو الصحراوي أن يأخذ المتأسلمون نصف دينهم من امـرأة جعلها في مستوى الكلب من النجاسة، وخلقها ناقصة عقل ودين أو من فتاة طائشة، ولماذا؟. وهي من ناحيتها عـرفت كيف تستفيد مـن ذلك أفضل استفادة ممكنة، فكانت تتلاعب بعواطفه وتقسم بإله إبراهيم (إله اليهود) إذا كانت مستاءة أو غاضبة منه وتقسم بإله محمد (إله العـربان) إذا كانت راضية عنه*14*. وهكذا نرى الوحي الإلهي وقد انشغل إلى حد كبير بمشاكل عائشة وباقي زوجات النبي، وهي في جملتها مشاكل ناجمة عن الغـيرة والجنس وحب المال، الأمر الذي كان له تأثيرا لا يمكن تجاهله في التعاليم الإسلاموية، ووضع المرأة بين المتأسلمين.
❉-;- حـديـث الإفـك إن النزوات العاطفية لعائشة، تلك الزوجة المراهقة التي وضعتها الظروف السياسية والاجتماعية في وضع لا تحسد عليه، يمكن أن يفهمها العقل البشري ويتقبل دوافعها، لأنها لا تخرج عن كونها رد فعل طبيعي لأية زوجة شابة وجميلة، فرضت عليها الأوضاع السياسية والاجتماعـية البـدوية أن تحيا مع كهل مولع بحب العظمة وإشباع رغباته الحسية. ولكن الشيء الذي لا يمكن لأي عقل أن يفهمه هو أن تكون نزوات هذه الزوجة مصدرا للتشريع بهدف الحد من حرية الـمـرأة وتقليص أهمية دورها في المجتمع، بل والنيل من كـرامتها وبخس حقوقها ككائن حي لا تقل قيمته بأي حال من الأحوال عن الرجل .
علينا هنا ألا نهتم بما يقوله علم النفس، وبما نتج عنه من عقاب المسيئين إلى صغار السن من الأطفال عقابا صارما في كافة الدول المتحضـرة، خاصة وأننا لسنا بإمكاننا محاكمة أحد، وأن نكتفي فقط بتصور حالة فتاة شابة تتدفق أنوثة وجمال وقد لازمتها تجربة جنسية ليس لها دخل فيها ولم ترغب في ممارستها، فعندما كانت طفلة لا تتجاوز السادسة من عمرها كانت تجد نفسها بين ذراعي رجل يكـبرها بأكثر من أربعين عاما لـ" يفاخذها "، أي يضع قضيبه بين فخذيها ويدلك به فرجها تدليكا خفيفا، على حد قول المصادر الإسلاموية المقدسة، ثم يعتليها وهي في التاسعة من عمرها، لتعيش معه في قفص ذهبي، مغلق تماما بمكيافيلية سياسية، ونهم جنسي منقطع النظير، من الطبيعي جدًا لهذه الزوجة أن تصبح لعوبا، فـتثـير الأقاويل حول سلوكها، وتلطخ سمعتها الألسن سـرا وجهـرا.
فعندما كانت عائشة في الـرابعة عشـر، تسببت في أول حادثة هـزت كيان الجماعة الإسلاموية في يثرب، إذ جـرت في العام السادس من الهجـرة (628م) غزوة بني المصطلق، وعادت قوات المتأسلمين ظافرة "غانمة" إلى يثرب في المساء، وفي صباح اليوم التالي، لم يصدق الناس أعينهم، عندما رأوا رجلا يقود بعـيرا عـليه أمـرأة مـلثمة، وسـرعان ما تبين لهم أنها عائشة على ظهـر جمل يقوده الشاب صفوان بن المعطل، الذي كان يتردد عـلى بيت النبي بانتظام ـ ولكن مع النبي ـ تبعا لأحاديث الرواة .
وكان من الطبيعي في موقف مثل هذا ـ قديما وحديثا ـ أن تذهب الأفكار كل مذهب وتنطلق الألسن في كل صوب، فكان مدعاة لمن وصفهم الاصطلاح الأسلامي بـ" المنافقين " أن يفصحوا عن آرائهم صـراحة قـائلين: « والله مانجت منه وما نجا منها ». « لـقـد فـجـر بها ورب الكعبة ». « ما برئت منه وما برئ منها ». وراح اليهودي عبد الله بن أبي بن سلول زعيم الخزرج المناوئين للنبي يُسَفِّـه المتأسلمين بقوله: « إمرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها*15*»
كانت الفضيحة من العيار الثقيل فأصبحت حديثا دائما بين الناس، ينشغلون بها في جلساتهم في كل مكان وفي كل حين، تبعا لقول الزمخشري. أي أنها أصبت " فضيحة بجلاجل " حسب الـتعبـير الشائع.
وأخذت جميع الكتب الـتراثية تفاصيل الحدث على لسان عائشة نفسها، ولذلك لا يهمنا كثيرا تلك التفاصيل، خاصة وأنها لا تخلوا من الحشو الفارغ والتبريرات الواهية والتناقضات الواضحة. خلاصة القول التي تعكس الطبيعة البشرية بوجه عام في مثل هذه المواقف، هي أن محمد ارتاب فيها، لذلك سمح لها بأن تترك بيت الزوجية لـترتاح عند أبويها، فـذهبت غـير عـابئة بما سيحدث، ولم تسقط في لجة اليأس أو القنوط، ولم يساورها أدنى إحساس بالذنب. أما صلعم فقد وجد نفسه في وضع دقيق، ذلك أن القضية كانت تناله شخصيا، وتمس مباشرة الفكـرة الهشة أساسا، والتي يدافع عنها دفاعا مستميتا، فقد أعطـت لأعدائه اليثاربة سلاحا نفسيا خطيرا، فضلا عن أن عائشة أحب زوجاته إليه، وهي أبنة أبي بكر، صاحبه في أعلان الدعوة ونائبه المرشح لخلافته. لقد فجرت عائشة فضيحة من العيار الثقيل ووضعت النبي في مأزق سياسي يتطلب منه ممارسة أقصى درجات التأني والحكمة كي يجنب حركته الإسلاموية ضربة قوية قد تفكك أوصالها وتقضى عليها في مهدها.
وكما يحدث عادة من المشاهير وأصحاب السلطة والنفوذ عندما تنكشف إحدى فضائحهم، لزم صلعم بيته، بعيدا عن أعين الناس . وراح يدرس المشكلة كما تقول الروايات التراثية على مدى ثلاثين يوما، أو أكثر أو أقل، كان يأتي إليه خلالها كبار الصحابة فقط، لتداول الرأي معهم بهدف تطليقها أو الإمساك بها. ويتضح من تلك الروايات أن جميعهم إتخذوا موقفا سياسيا من المشكلة، فأكدوا إما على براءتها أو على ضرورة الإمساك بها حتى يبت الله في أمرها، بما فيهم عمر بن الخطاب رغم شخصيتة القاسية، ومواقفه الحادة من النساء بوجه عام، بينما علي بن أبي طالب الذي لم يكن يعرف فنون السياسة وألاعيبها، فكان يقول ويعمل ما يفكـر فيه ويؤمن به، كان هو الوحيد الذي أشار عليه بتطليقها والزواج بغيرها، وذلك « لمعرفته بسوابق أحوال عائشة من بريرة الجارية التي كانت تخدمها تبعا لما ذكرته الروايات التراثية » ، وقال لمحمد: « سل هذه الجارية عما لعائشة من الأحوال المريبة في حياتها البيتية، فإنها ستذكر لك ما يدل على أن وقوع الذي جاء في حديث الإفك منها غير مستبعد*16* »، بيد أن الجارية أنكرت التهمة أمام النبي بالرغم من أن عليا تحامل عليها وطالتها يده بالضرب كي تقول الصدق. بينما يكتفي أحـد أئـمـة الـمـلـفـقــين بالـقـول: « إن عـلـيا أشـار عليه بتطليقها وبأخذ غيرها ـ تلميحا لا تصريحا *17* ».
كان لابد أن يبت إله صلعم في أمرها، فتم استدعاء الوحي لتبرئتها، « فالمسألة من الخطورة بحيث أن أي حل لها يتطلب تدخل السماء*18* ». والسماء كانت دائما على استعداد للتدخل وحسم مثل هذه المسائل المصيرية. فقالت : {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم، لا تحسبوه شرا لكم، بل هو خير لكم، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى كبره منهم، له عذاب عظيم} النور 11-14. وذكرت الناس بضرورة الإتيان بأربعة شهود عيان لواقعة الزنى ومن لم يفعل ذلك يكون من الكاذبين : {لولا جاءوا عليه [على حديث الإفك] بأربعة شهداء، فإن لم يأتوا بالشهداء فأولئك هم الكاذبون» النور 13. ثم أدانت أصحاب الإفـك قائلة : {إذ تلقُْونه بألسنتكم، وتقولون بأفواههم ما ليس لكم به علم، وتحسبونه هينا، وهو عند الله عظيم} النور 15. وكانت عائشة تقرأ هذه الآية : {إذ تلقونه بألسنتكم من الولق*19*} [والـولـق هو الإسراع والاستمرار في الكذب*20*].
وتروي بعض المصادر التراثية أن محمدا أصدر أوامـره بمعاقبة من روجوا للحدث وفقا لمعيار ورد في نفس سورة النور في بداية الانتقال إلى يثرب، وهو الأمر التالي : {والذين يرمون المحصنات، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، وأولئك هم الفاسقون} النور 4.
وكان على صلعم أن يعاقب كل من سمحت له الأوضاع السياسية بمعاقبته، مثل شاعره وكاتب وحيه حسان بن ثابت وحمنة بنت جحش أخت زوجته زينب، وغـيرهما، ولكنه لم يتمكن مـن معاقبة اليهـودي عـبد الله بن أبي . ومع أن أغلب الملفقين من العملاء الذين يحتقرون العقل البشري برروا ذلك بأنه قد « أعد له في الآخرة عذابا عظيما، فلو حدَْ في الدنيا لكان ذلك نقصا من عذابه في الآخرة، وتخفيفا عنه*21* »، إلاَّ أنه من الواضح والثابت أن محمدا لم يكن ليجرؤ على مس ابن أبي بأي شر، لقـوة نفوذه، وكان أي مساس به سوف يؤدي لا محالة إلى إشعال القتال العصبي بين الأطراف المختلفة في يثرب، وهذا ما أشار إليه ابن القيم مصحوبا بتبـريـرات واهية فقال : « إن النبي ترك قتله مع ظهور نفاقه وتكلمه مرارا بما يوجب قتله لمصلحة أعظم، وهي تأليف قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام *22* ». إنها إذن سياسة المهادنة والمداهنة والتقية حتى تقوى الشوكة.
إن الدافع الذي قدمته عائشة وراء تأخـرها عن ركب الجيش الإسلاموي هو أن عقدا استعارته من أختها قد سقط من عنقها أثناء قضاء حاجتها، ولما اكتشفت ذلك عند وصولها إلى حيث الركب، رجعت لتبحث عنه في الظلام، وعندما رجعت كان الركب قد رحل، فبقت في مكانها حتى عثر عليها صفوان. إلى هنا والأمر يبدو وكأنه معقولا ويجب قبوله وتصديقه، ولكن دعونا نمعن النظر في الحدث بموضوعية وبقليل من العقل والحكمة، لنجد:
أولا: إن العقل والمنطق يقولان لنا أن شخصا في مثل هذا الموقف، ويعرف أنه في صحراء لا أمن ولا أمان فيها على الإطلاق، لابد أن يخطر أحدا ممن حوله بما حدث له، أو أن يصرخ أو يستغيث، ويفعل شيئا من شأنه تأمين نفسه على أقل تقدير، ولا يذهب وحده دون أن يرافقه أحد. ولماذا لم تطلب من أحد أن يتولى مهمة البحث عن العقد المفقود نيابة عنها؟ أليست هي أم المؤمنين وسيدة القـوم وزوجـة القـائد العام للقـوات الإسلاموية المسلحة؟؟!!.
ثانيا: في هذه الغـزوة بالذات حدث شيء له صلة وثيقة بعائشة وسلوكها. فبعد تحقيق نصر سهل على بني المصطلق، راح صلعم كعادته يوزع الغنائم والسبايا من النساء بين المتأسلمين، فكانت جويرة بنت الحارث بن ضرار زعيم بني المصطلق من نصيب أحد اليثاربة ويدعى ثابت بن قيس الشماس، أو في روايات أخرى لابن عم له، فكتبت جريرة على نفسها بأن تدفع لليثربي الذي صارت من نصـيبه ثمـن حـريتـها، فـرفـض اليـثربي لأنها حسـب وصف عـائشة « كانت امرأة حلوة ملاحة*23*، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه »، فذهبت إلى محمد تستعين به على ذلك . وكانت عائشة بلا شك تعرف مدى تأثير الجمال على بعلها ومدى شغفه بالنساء الجميلات، فلما رأت جـريرة تقف بالباب تريد النبي، قالت تصف انطباعها الأول عنها: « فكرهتها، وعرفت أنه [أي محمد] سيرى منها ما رأيت [أي جمالها] ». نبي " عينه زائغـة " تماما مثل ورثته الأبرار.
وبالفعل عندما وقع نظره على موقع الجمال منها وعرَّفَتْهٌ جريرة بنفسها وطلبت منه المساعدة على كتابتها، إقترح عليها خيرا من ذلك، بأن يقضي عـنها الـتزاماتها ويتزوجها، فوافـقت السبية الأسـيرة . وقد سأل بعض العملاء : لماذا نظر النبي إليها، وتملى بحسنها؟ فـانطلق الملفقون الذين يستهينون بعقول ونفوس البشر، ولأنهم مع الله ورسوله دائما، ومن ثم يعرفون ماحدث بالضبط، يقولون : « لأنها كانت امرأة مملوكة، ولو كانت حرة ما ملأ عينه منها، لأنه لا يكره النظر إلى الأماء، وجائز أن يكون نظر إليها، لأنه نوى نكاحَها*24* »، فالمملوكة ليست إنسانة في اعتقادهم وأنه نوى نكاحَها!!. ونكحها محمد في نفس اليوم، وهو اليوم الذي حدثت فيه واقعة عائشة وصفوان، الأمر الذي فسـره الكثيرون على أنه كان انتقاما من محمد لزواجه في هذه الغزوة*25*. بطبيعة الحال لم ينتبه النبي لغياب زوجته الأثيرة لانشغاله مع جـريرة الملاحة التي دخلت للتو في زمرة أمهات المتأسلمين، واحتفالا بهذا الزواج النبوي "الكريم" أطلق المتأسلمون الأسرى الذين بحوزتهم من بني المصطلق، وقالت رويات أخرى إنهم أطلقوا سراح مئة أسير فقط .
ثالثا: تفيد الكتب التراثية المقدسة أيضا على لسان عائشة بأن ذلك العقد الميمون ضاع منها قبل ذلك في إحدى أسفار النبي، فقام الصعاليك بالبحث عنه مما تسبب في تأخر ركبهم عن مواصلة الرحيل، ونفذ ما معهم من ماء ولم يكن في المكان أي ماء يتوضأون به، فغضب والدها، وراح يطعـن بيده في خاصرتها، فشرع محمد لهم التيمم . مما جعل أسيد بن خضير يمتدحها بقوله : « جزاكِ الله خيرا! فـوالله ما نزل بكِ أمر قـط إلا جـعل الله لكِ مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة » . هكذا هو الأمر دائما ، إله تحت الطلب !!!.
رابعا: لم تقدم المـرويات الـتراثية تفسيرا مقنعا عن تخلف صفوان هـو الآخـر عن الـركب، مما وفـر له الفـرصة في العثور على عائشة متدثرة بردائها. فنرى البعض منها تقول إنه كان خلف العسكر ليلتقط ما يسقط من متاع المسلمين، ويأتي به إليهم، ولذلك تخلف، وتقول أخرى إنه كان ثقيل النوم لا يستيقظ حتى يـرحل الناس، وتذهب مـرويات ثالثة إلى الطعن في ذكوريته، دون أن توضح لنا أي منها كيف يمكن لفـرد واحد أن يلتقط ما يسقط من متاع المئات أو الألوف؟، وكيف يترك هؤلاء المئات أو الألوف خلفهم شخصا ثقيل النوم، كي يتعرض لهجـوم من وحـوش الصحـراء البشرية أو الحيوانية أثناء نومه الثقيل؟، ولماذا تحاول نفي صفة الذكـورة عنه، وذلك على لسان عائشة صاحبة الشأن، بأنه كان رجلا حصورا، فلا يأتي النساء*26*. وزاد بعض الملفقين بقولهم أنه لم يكن حصورا، أي محجما عن الزواج بمحض إرادته، بل كان عنينا*27*، أي عاجزا لا يقدر على الجماع . مع أن هذه الادعاءات تتعارض مع مـرويات أخرى تقول إن امـرأته اشتكـته ذات مـرة عند محمد بشأن مخالفة دينية، هي أنه كان يصـر على نكاحها وهي صائمة، أو بسبب ضربه إياها لامتناعها عـن جماعه، كما أن هناك أفادات تاريخية أخرى بأنه كان لديه إبنان . إذن الأمر برمته ليس إلا تلفيقا متواصلا واستهانة بعقول البشر منذ ذلك الوقت وحتى اليوم !!.
ثم حدث بعد ذلك أن بعث النبي بصفوان إلى القتال في غزوة تالية فقتل فيها.
يجب على أي إنسان قادر على استعمال عقلة ألا يستنكر على عائشة أن تفعل ذلك، لمجرد أنها زوجة صلعم وتحمل لقب أم المؤمنين ، أو أن ينفي التهمة عن صفوان لأي سبب كان، فالحادث بشـري بكل المقاييس، ويحدث كل لحظة حيث يتواجد البشر في أي زمان ومكان بمن فيهم أولئك البدو الحقـراء.
ولعلنا مازلنا نذكـر قصة الأمـيرة مشاعل بنت فهد "صاحبة السمو الملكي السعودي" التي اعدمت عام 1977 رجما، لأنها أحبت شابا وهي متزوجة من كهل عجوز، وقد تسببت في إثارة ضجة واسعة بعد عرض فيلم باسم "موت اميرة" في انجلترى يروي قـصتها، مما حمل السلطات السعودية على طرد السفير البريطاني لديها. كذلك ذكرت صحيفة الاندبندنت البريطانية في يوم 2009/7/21 أن بريطانيا منحت حق اللجوء إليها لاحدى الاميرات السعوديات بعد إنجابها طفلا غير شرعي من رجل بريطاني. وقالت الصحيفة البريطانية إنه قد سمح للأميرة المتزوجة بالإقامة في بريطانيا بعد أن قالت للقاضي الذي كان ينظر في طلبها إن علاقتها بالرجل البريطاني تعرضها لخطر إقامة الحد عليها بالموت رجما إذا ما عادت لوطنها، لأنها متزوجة من "كهل عجوز" ينتمي هو الآخـر للعائلة المالكة السعودية. وقد حظرت المحكمة نشر اسمها أو إسم زوجها.
هذه الحالات وغيرها لا بد وأن توضح وضع عائشة مع زوجها الذي يكبرها بأكثر من 45 عاما. وأنها لذلك كانت محـل غواية وإغـراء للكثيرين من الشباب . فتذكر المرويات التراثية المقدسة - مثلا - أن طلحة بن عبد الله هو الذي أنزلت في أمره {ما كان لكم أن تؤذوا رسـول الله ولا أن تنـكحـوا نسـاءه مـن بعده} الأحزاب 53، لأنه قال : « لئن مات محمد لأنكحـن عائشة ».
ويذكر الطبري في تفسير الآية أن رجلا كان يدخل على النبي قبل الحجاب، وقال : « لئن مات محمد لأنكحـن امرأة من نسائه ». كما يقول الطبري : « إن رجلا قال : لو قبض رسول الله نكحت عائشة »!، وعن ابن عباس قال : « إن رجلا من سادات قريش من العشرة الذين كانوا مع رسول الله على حـراء، قال ـ في نفسه ـ (هكذا ليس علنا) لو توفى رسول الله لنكحـت عائشة وهي بنت عمي، فقال مقاتل : هو طلحة بن عبد الله ». وتذكر كتب التراث أنه عندما نزلت آية الحجاب، نقل أحد الحاضرين عن طلحة قوله : « ما الذي يغنيه من حجابهن اليوم؟ فسيموت غدا، فننكحهن ». ولكن لم يُسْتَدَل من كتب الـتراث الإسلاموية عما أذا كان طلحة هذا قـد نفَّـذ رغـبته المعلـنة مـرارا في نكاحها، ونكحها بالفعل أم لا، مع أنهما كانا على علاقة حميمة دامت بينهما لأكثر من 24 عاما منذ موت صلعم وتولي علي بن أبي طالب الخلافة، فحاربت عليا في موقعة " الجمل " من أجل الإطاحـة به ووضـع طلحة في منصبه، إلا أنه قتل في تلك الموقعة.
إذن، وقبل أن ننتقل إلى أحوال أرملته بعد موته، لم يبقى أمامنا سوى التساؤل عن الكيفية التي يمكننا بها اعتبار هذا النبي المزعوم " أشرف خلق الله ".
❉-;- مـأسـاة "الأرمـلة اللـعـوب" عـائـشة عندما توفى محمد، كانت عائشة في عنفوان شبابها، إذ قيل إنها كانت في الثامنة عشر، وقيل في العشرين من عمرها، وكانت شابة جميلة مدللة، لا تحركها إلا العاطفة، وحب التسلط، وجمع المال . فبعد وفاته بدأت تنجرف إلى ذكـر أدق علاقتها الخاصة به، الأمر الذي لم توضح الكتب التراثية سببا له، بالرغم من أن تلك الكتب زادت وأفاضت في الكلام عنها، وعن جمالها ونزواتها العاطفية والسياسية. فلقد تمكن الفقهاء من استدراجها للحديث عن علاقتها الجنسية مع النبي، في محاولاتهم التصدي لمشاكل البدو اليومية مع النساء، وساعدهم على ذلك استعدادها النفسي وميلها السلوكي الذي لا تحركه سوى العاطفة وحب التسلط وجمع المال . فقالت على سبيل المثال لا الحصر: إن النبي كان يقبلها ويمص لسانها وهما صائمان . وكان يداعبها قبل النكاح ويمص ثديها. وكان يقبلها ثم يخرج للصلاة دون أن يتوضأ. وكان يجامعها ولا ينزل فيغتسلان من وعاء واحد. وأنه مع ذلك لم يرى عورتها ولم ترى عورته. وأن الوحي أتاه وهي معه في لحاف واحد. وأنه طلب منها أن تدنو منه ، فقالت : أنا حائض، فقال : وإن، اكشفي عن فخذيك، فكشفت فخذيها، فوضع خده وصدره على فخذها، فحنت عليه حتى دفأ ونام . وكانت يأمرها ـ كما يأمر غيرها ـ وهي حائض أن تتزر [أي تغطي النصف الأسفل من جسدها] ثم يباشرها [ينكحها]، ثم يخـرج إليها رأس قضيبه، وهو قائم، لتغسله . وهذا كما هو واضح يتناقض تماما ما جاء في القرآن من أن المحيض أذى ويجب على المسلمين أن يعتزلوا النساء فيه ولا يقربوهن حتى يطَّهـرن (البقـرة 222). كل هذا وتقول : ما رأيت فـرج رسول الله صلعم قـط!!! وكان يتكئ في حجـرها وهي حائض، ثم يقـرأ القرآن . وقالت إنه بعد نومه نوما عميقا كان يستيقظ ويؤدي الصلاة دو أن يجدد وضوءه . بينما يلتزم المتأسلمون علئ الأقل من غير البدو العربا, بتجديد وضوئهم بعد النوم حتى الآن، ويبرر الدجـَّال فعله هذا بقوله : « إن عيني تنام ولا ينام قلبي ». إلى آخره مما تحفل به المزابل التراثية المقدسة.
ومع أنه من الممكن أن تحدث مثل هذه الأشياء وغيرها بين البشـر، إلا أنه من الصعب تصور أنها تصدر من نبي، أو أن تُقبَل دواعي ذكرها على لسان أم المؤمنين بهذا الشكل الفج، وقد تكون حدثت جميعها بالفعل من نبي الأسلمة، وقد يكون قد حدث البعض منها والبعض الآخر من اختراع عائشة نفسها لتبرر بها سلوكها وسلوك الآخرين معها أو مع غيرها، خاصة وأن الجميع يعـرفون حق المعـرفة أن نبيهم قال صراحة : « خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء (عائشة) »، ولذلك لا يتردد الشيعة في نعتها بـ"الـعـاهـرة".
والشئ الأكـثر فجاجة وفجـورا وعهـرا هو قولها إن صلعم صرح لسهلة بنت سهيل بإرضاع شاب يدعى سالم، كان ابنا بالتبني لها ولزوجها أبي حزيفة بن عتبه، ويقيم معهما في بيت واحد، كي يحـرم عليها، فيذهب ما بوجه زوجها من غضب، وكان زوجها يدخل عليهما وهي ترتدي ثوبا مبتذلا ومعها سالم، فأرضعت سهلة سالم عشر رضعات وذهب ما بوجه زوجها. ولذلك كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها، وفي روايات أخـرى أختها أسماء بنت أبي بكر وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت هي ـ أو أحب هو ـ أن يراها ويدخل عليها من الرجال . وهكذا نـرى أن النبي حـرم على الـرجال عـدم رؤية وجـه المـرأة الأجنبية أو مصافحتها أو لمسها، ولكنه أباح لهم مص ثدييها كي تحرم عليهم !!!»، وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد.
وعلى ذلك كان على من تحب عائشة ـ أو يحب هو ـ أن يدخل عليها في بيتها ويختلي بها، أن يتردد خمس مـرات على إحـدى أخواتها أو بنات أخـيها، لـترضعه خمس رضعات مشبعات [وقالت عائشة عشر رضعات ثم نسخت بخمس فقط] حتى يصبح ابن أخت لأم المؤمنين، فـتبيح له الدخول عـليها بعدما كان محـرما عـليه ذلك، وبطبيعة البشـر لا بد أن يرغب الرجال في هذا، فيتسابقون إليه وإلى حب الدخول عليها ومن ثم إطرائها وتعظيمها على الجميع بأن عندها نصف دينهم !!!.
ونسب العملاء الملفقون إلى عائشة قولها إن الآية القـرآنية التي تنص على رضاعة الكبار هذه كانت مكتوبة في ورقة وضعت تحت السرير، فدخلت دابة، أو ماعـز بالتحديد في روايات مختلفة، وأكلتها، أثناء انشغالهم بوفاة النبي، وبذلك أثبتت عائشة وعملاؤها الأبرار مـرة أخـرى أن الله لم يحفظ قرآن صلعم كما جاء على لسانه.
ولكي لا تكون عائشة وحدها في هذا المضمار المقدس، يذكر الإمام مالك بن أنس أن حفصة بنت عمر بن الخطاب وزوجة صلعم فعلت الشيء نفسه بعد موته. فقد أرسلت بعاصم بن عبد الله إلى أختها فاطمة لترضعه عشر رضعات ليدخل عليها، ففعلت، فكان يدخل عليها*28*. بينما امتنع زوجات صلعم الأخـريات عن هذا الأمـر لظنهن أنه كان مجرد رخصة خاصة من النبي لسهلة، أي أنه أمـر لم يثبت كفريضة، لكن أحمد بن حنبل يقول في مسنده : « إن عائشة كانت تراه عاما للمسلمين ... وإني أعتقد أنها أدرى الناس بالإفتـاء لأن محمد قال: خذوا نصف دينكم من هـذه الحميراء »*29*، ويعلق الـزرعي أبو عـبــد الله عـلى هـذا الأمـر بقـوله : « إن الظـن لا يعارض السنن الثابتة »*30*، ومنها رضاعة الكبير.
ولكن هنا يتبادر إلى الأذهان سؤالان، لم يستطع العملاء الملفقون الإجابة عليهما حتى الآن هما: ما هو وضع الزوج نفسه إذا رضع ثدي زوجته، عشر أو خمس رضعات مشبعات؟، هل تحرم عليه لأنه أصبح بذلك ابنها بالرضاعة؟
ثم، وهذا هو الأهم، لماذا لم ترضع عائشة بثديَيْها أولئك الـرجال الذين يتوقون للانفـراد بها في بيتها، أليست هي " أم المؤمنين " وأحق من غيرها أن تفعله، أم أنها فعـلته ويخـفـيه عـنا العملاء الدجالون الملفـقون؟؟
وتأكيدا على إفادة الأرملة اللعوب، تقول : « إن النبي دخل عليها وعندها رجل " قاعـد " معها، [لم تذكر أسمه]، فاشتد ذلك عليه، ورأت الغضب في وجـهـه، فقالت له: يارسول الله إنه أخي في الـرضاعة، قال : « أنظرن أخـواتكن مـن الــرضاعة فإنما الـرضاعة مـن المجـاعـة »*31*.
وبذلك يثبت أن صلعم كان أكـرم الناس أجمعين. ويذكرنا بـ" جحا " عندما قالوا له : في بيتك دعارة يا جحا، فـقال : مادامـت بعـيـدة عـن "طيظي" ـ معذرة ـ خلاص!!!
ومع أن أولئك العـملاء الملفـقين يقدمون لنا ولغيرنا تبريرات مخـزية لتصـرفات شاذة، لا نجد له مثيلا في جميع الملل والأجناس، ولأن عائشة إحدى أهم الأثـيـرات من أمهات المؤمنين وأنها لا تكذب أبدا، كان من الضروري عليهم أن يمعنوا في الاستهانة بعقولنا كعادتهم لحماية مهنتهم، فمن المتفق عليه لغويا أن فعل " رضع " فعل خاص بالطـفل الذي يلـقم ثدي امـرأة ويرضع منه، وبالمقابل فإن فعل "أرضع" هو فعل خاص بالمرأة التي ُترْضِع طفلا من ثديها، هذا الفعل المحدد المعنى والغرض أصبح بقدرة أولئك العملاء على التلفيق والترقيع يعني " شـرب "، أي أن على المـرأة أن تحلب لبنا من ثديها في وعاء وتسقيه منه، هكذا تكون رضاعة الكبار التي شرعها النبي وأفادتنا بها عائشة أم المؤمنين، وفسره لنا العملاء الملفقين!!!. الذين لا يسيئون بذلك إلى أنفسهم فحسب ، الأمر الذي يمكن تجاهله، بل يسيئون أيضا إلى الإنسانية جمعاء . وإذا كان صلعمهم قد قال لهم : « خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء »، فإنهم قد أخذوا منها النصف الجنسي ، الذي يمارسونه في الخفاء ويودون ممارسته في العلن دون خلاف.
والخلاف بين العملاء يحتم علينا دائما أن نسمع منهم مرويات سيئة السبك والحبك، ويشع منها التلفيق والترقيع والكذب الفاضح والتبريرات الواهية، وتنضح بالفساد والإفساد، لأنها لا تصدر سوى من دجالين وأفاقين موتورين يروجون لبضاعة فاسدة ومفسِدة في كل مكان وزمان . وهنا لا يهمنا ما أذا كانت هذه المـرويات صادقة أم كاذبة، ولكن كل ما يهمنا هو أنها صدرت عن نفوس مريضة، وتعكس سلوكيات منحرفة، ومع ذلك أصبحت دستورا دينيا، علئ كافة المتأسلمين أن يقتدوا به دائما وأبدا.
هذا قليل من كثير عن نزوات عائشة العاطفية بعدما ترملت وهي مازالت شابة جميلة، ومن الواضح أن تلك النزوات كانت بهدف تنظيم وتشريع دخول الرجال إليها والاختلاء بها، خاصة أولئك الذين يسعون إلى نكاحها، أو الذين تشتهي منهم ذلك . كما أنها تؤدى إلى تبرير تصـرفاتها التي دخلت في طي الكتمان بتولي والدها ومن بعده عمر بن الخطاب رئاسة الدولة المحمدية، ثم ظهرت بعد ذلك لتعمل على تبرير تصرفات غيرها من الرجال والنساء الذين يتسافدون تسافد الحمير . أما نزواتها السياسية التي ظهرت على السطح في منتصف خلافة عثمان بن عفان الخليفة الثالث، سوف نتطرق إليها في موضع لاحق من هذا الكتاب .
❉-;- مـأسـاة صـفـية اليـهـودية قدَّر أحمد بركات في كتابه " محمد واليهود نظرة جديدة " عدد اليهودية في يثرب بحوالي 40000 نسمة، استأصل العربان المتأسلمون شأفتهم بالقتل أو بالطـرد، ونهبوا أموالهم وسبوا نساءهم. وكانت خيـبر آخـر معقل لهم، فاجتاحها العـربان بعد سقوط حصنها، وقتلوا من فيها من الرجال اليهود ونهبوا ما بها من كنوز وأمتعة، وتبعا لروايات السيرة والأخبار فقد انكب المتأسلمون عقب دخولهم خــيبر على اغتصاب النساء علنا في الشوارع والأزقة، بما فيهن الحبالى، فـراح النبي " الرحمة " يناشدهم التوقف بقوله : « لا يحل لامرء أن يسقي ماءه زرع غيره »*32*.
والمعنى هنا واضح تماما، فالحمل عبارة عـن زراعة ، غير المسموح فيها للمني من الرجل (الماء) أن يروي زرع الآخرين (الحمل)، بالرغم من أن نساؤهم حـرث لهم يأتوهن أينما وكيفما شاؤوا (الآية).
ووقعت صفية بنت حي بن أحطب أسيرة ضمن السبايا، بعد أن قتل النبي عشيرتها بني النضير، بمن فيهم زوجها كنانة بن أبي الحقيق سيد القوم وصاحب حصن خـيبر، وكان قـد قتل أباها وأخاها وعـمها في مذبحـة بني قـريظة، ويتـفـق الـرواة على أن صفية كانت أجمـل النساء في جـزيرة العربان، ولم يُرى بين النساء أضوأ منها. ويقول البعض أنها وقعت في سهم دحية الكلبي [من أصحاب النبي وكان يشبه تماما جبريل لمن ظهر لهم]، فاشتراها النبي منه بسبعة رؤوس، بينما يذكر البعض الآخر أن دحية هذا جاء إلى النبي وطلب منه أن يعطيه جارية من السبي، فقال له النبي: إذهب فخذ جارية، فأخذ صفية، ولكن سرعان ما جاء رجل آخـر إلى صلعم وقال له: يانبي الله أعطيت دحية الكلبي صفية بنت حي سيدة قريظة والنضير وهي لا تصلح إلا لك، قال النبي: أدعوه بها، فلما جاء بها نظر محمد إليها، وقال له خذ جارية من السبي غيرها، وتقول فئة ثالثة من الـرواة إن محمدا ألقى عليها رداءه، فكان ذلك إعلانا بأنه قد اصطفاها لنفسه، وكيلا تنصرف الأذهان إلى أن قتل زوجها كان بهدف الاستيلاء عليها، فقد زعموا أن النبي لم يعلم بجمالها إلا بعد قتل زوجها، وتتفق جميعها على أنه اصطفاها لنفسه، وبعث بها إلى أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك لتصنعها وتهيئها، أو تمشطها وتجملها، فظهرت عـروسا مجْلُوَّة، تأخذ العين بسحـرها، تبعا لقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن "بنت الشاطئ"*33*.
وجدت صفية نفسها، وهي لم تتجاوز السابعة عشرة من عمـرها، أسيرة مع نساء قومها لدي محمد وعصابته الإسلاموية، فاشتهاها النبي ولم ينتظر حتى تنقضي عِـدَّتُـها، فأراد نكاحها على بعد أميال قليلة من خيبر، فرفضت، ولكنه قبل أن يصل إلى يثرب، ودون أن يأبه لحزنها على قومها، عرَّس بها في الطريق، حيث أقيمت خيمة لهما، وظل النبي معها ثلاثة أيام يبني بها [ينكحها] تبعا لقول العملاء. وفي الليلة التي دخل بها النبي ظل أبو أيوب الأنصاري مستيقظا بطوف حول الخيمة، ولما خرج النبي في الصباح وسأله عن السبب، قال : لأنك لما دخـلت بهـذه المـرأة وذكرت أنك قتلت أباها وأخاها وزوجها وعامة عشيرتها، خفت لعمـر الله أن تغتالك*34*.
وكانت صفية اليهودية من الذكاء بحيث تمكنت من كسب ثقته فيها، قالت: « كان رسول الله من أبغض الناس إلي، قتل زوجي وأبي، فمازال يعتذر إلى ويقول: إن أباك ألب علي العـرب ... حتى ذهب ما بنفسي*35* ». ولما سألها عن السبب الذي جعلها ترفض اعتلاءه بها، قالت خفت عليك من اليهـود لـقـربهم منا. ويقـول الملفقون إنها بذلك صفت للنبي وزال ما بنفسها من بغض له، وكأنهم كانوا معه في مخدعه، ودخلوا إلى أعماق نفسها، ولم يكن لدي أي منهم قدرا من الشجاعة يسمح له بالقول إنها لم تجد مفرا من الإستسلام لمغتصبِها وإشباع غروره بسرد أحلامها به. وسعادتها بالزواج منه.
ويقول الدكتور القمني: « إن الرواة اختلفوا في أمر صفية، هل ظلت محظية ضمن جواري الرسول أم تزوجها لتصبح من أمهات المؤمنين، خاصة أنه بنى بها ولم تكتمل عدتها، ولكن تميل الأغلبية إلى أنه أعـتـقـها وتزوجـها*36* »، وأن عـتـقـها كان صـداقها.
وبصرف النظر عما إذا كان ما فعله محمد مع صفية اليهودية يتعارض بلا شك مع أبسط قواعد الأدب وحقوق الإنسان، فإنه يتعارض صـراحة مع قـول القـرآن : {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مـؤمنة خـير من مشـركة ولـو أعـجـبتـكم} البقرة 221. أو {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشـركة والـزانية لا ينكحها إلا زان أو مشـرك وحُرِّم ذلك على المؤمنين} النور 3.
ولتبرير ذلك يقول الـرواة إنه عندما تسامعت النساء بها، جئن ينظـرن إلى جمالها، ولمح النبي عائشة تفعل نفس الشيء وهي متنقبة وعلى حـذر، فتتبع خطواتها من بعـيد، وانتظـر حتى خرجت، وسألها ضاحكا: « كيف رأيت يا شقيراء؟ »، فأجفلت [إنفزعت]، وهاجت غـيرتها، ثم هـزت كتـفـها [علامة عدم المبالاة، والكلام دائما ليس من عندنا]، وقالـت : « رأيت يهـودية!! ».
وكالعادة يستخف العملاء بعقول البشر فيقولون أن محمد رد عليها قائلا: « لا تقولي ذلك، فإنها أسلمت وحسن إسلامها ». ولم يقل لها كيف حدث ذلك!!. وهنا لابد أن يتساءل المرء عما إذا كان أسلامها استقـر في وجدانها بالفعل وهي في هذه الحالة المأساوية أم أنه حدث مع جسدها بالنكاح النبوي "الشريف"، ولو أنها كانت متأسلمة حقيقة وذبح شخص ما ـ مهما كانت مكانته ـ كل من زوجها وأباها وأخاها وأهلها ذبح الخـراف، فهل كانت ستصفو له ويزول ما بنفسها من حقد، أم أنها لابد عندئذ أن تكـفُر بدينها وبوجودها وبكل البشـرية جمعاء؟ هل وضع أحدنا نفسه مكانها؟ وهل يدرك أحد منا مدى الكارثة التي حلت بها؟ ومدى الحقد الذي تملك ذاتها، وملأ وجدانها؟. إن أولئك العملاء يقعون دون علم في الميكيافيلية بأقذر معانيها عندما تصبح "الغاية تبرر الوسيلة"، مع أن ميكيافيلي كان أكثر رحمة منهم ومن نبيهم، ولم يكن يقصد بقوله هذا سوى الغايات النبيلة فقط، وليس إبادة قوم بأسرهم وسلب ممتلكاتهم وسبي نسائهم واصطفاء إحداهن لينكحها بعد ذلك ، ومع ذلك "أسلمت وحسن إسلامها"، وصفت نفسها مما فيها من حقد وأسى .
بطبيعة الحال التي لا يجهلها العملاء، لم تستطع صفية أن تندمج في تلك المنظومة الشاذة، فتقول بنت الشاطئ « إن النبي كان يحس غـربة صفية في داره بين أزواجه، فيتأهب للدفاع عنها كلما أتيحت له الفـرصة *37*». وكيف لها أن تندمج في تلك المنظومة الوحشية وقد أصابها منها ما أصابها. وكيف تصفو للنبي ومن معه ويزول ما بنفسها من بغض له ولهم وقد أبادوا أهلها عن بكرة أبيهم؟
لم تكد تمر بضعة أيام على اعتلاء النبي بصفية حتى تحدث مـحـاولة لاغـتياله بالسـم. فقد دخل عليها ومعه ضيوف بينهم بشـر بن معـرور، فقدمت لهم شاة مصلية [مشوية]، فتناول النبي الكتف وانتهش منها، وتناول بشـر عضما وانتهش منه، وما يكاد النبي يلوك نهشته من لحم الكتف حتى لفظه بسرعة وصاح بضيوفه أن يرفعوا أيديهم لأن كتف الشاة أخبرته أنه مسموم، ولم يقم بشر من مكانه، ومات من نهشته. أما صلعم فقد شعر بآثار السم الهاري تسري في بدنه، وراح يداويه مولى بني بياضة، ولكنه ظل ثلاث سنوات يعاني من أثر السم حتى كان وجعه الذي مات فيه. ولم تفيدنا الكتب التراثية بالسبب الذي جعل الوحي الإلهي يغيب عن النبي في تلك الأوقات العصيبة ولم يخبره قبل أن ينهش من اللحم المسموم، بدلا من أن تخبره كتف الشاة. ويظل يعاني من مفعول السم بقية حياته. وفي أثناء مرضه الذي مات فيه جاءته أخت بشر لزيارته، فقال لها: هذا أوان انقطاع أبهري [الشريان المتعلق بالقلب] من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر*38*.
وتفيد بعض الكتب التراثية بأن قريبة يهودية لصفية إسمها زينب بنت الحارث هي التي أهدتها تلك الشاة المسمومة، لتقدمها للنبي، وتفيد أخـرى بأن الوليمة كانت في بين زينب نفسها، وتذهب البعض منها إلى أن النبي استدعى زينب هذه، فاعترفت بأنها سمت الشاه متعمدة، ولما سألها عما حملها على ذلك، قالت في تملق ذكي: « بلغتَ من قومي ما لا يخفى عليك،[إشارة إلى أنه قضى عليهم جميعا]، فقلت: إن كان نبيا فسيُخبَر، وإن كان ملكا استرحت منه »، فقيل إنه عفا عنها، [من المرجح لأنها اعترفت ضمنيا بنبوته عندما أخبرته كتف الشاه بالسم الهاري] وقيل إنه قتلها وصلبها، بينما تفيد البعض الآخرى بأنه سأل صفية لماذا فعلت ذلك؟ فقالت: « لقد قتلت أبي وعمي وزوجي وأخي، ونلت من قومي ما نلت*39* » ويقول القاضي عياض: « واختلفت الآثار والعلماء، هل قتلها النبي أم لا ».
ومن القصص المضحكة المبكية في أحـداث خيبر قصة ذلك الـراعي الأسـود الذي أسلم ودخل المعـركة فـور إسلامه، فقتل بحجر، وجاء الرسول ووقـف أمام الشهـيد الذي أسلـم مـنذ لحظات، « ثم أعـرض عنه، فسأله الحضور: لماذا أعـرضت عنه؟ فقال: إن معه الآن زوجتيه من الحور العين ». كلام لا ينطلي إلا على البلهاء والمـرتزقة الصعاليك.
❉-;- مـأسـاة مـارية القـبـطـية سبقت الإشارة إلى أن أغلبية كتب التراث والسيرة تثير قدرا كبيرا من الشكوك القوية حول مقدرة محمد على الإنجاب، وأن ما تنسبه البعض منها إليه وإلى زوجته الأولى خديجة من البنين أو البنات، مجرد هراء لا أساس له من الصحة، وأنهم كانوا من زوجيها السابقين عليه، فأصبحوا أبناءً له بحكم زواجه من أمهم.
ونظرا إلى أن المقوقس البزنطي صاحب الإسكندرية لم يكن يهمه مصر والمصريين ويريد أن يتقي شر العربان الجياع، ويعرف تمام المعرفة أن لدي نبيهم شبق شديد للنساء، فقد أرسل إليه في السنة السابعة للهجرة جاريتين قبطيتين، هما مارية وأختها سيرين وألف مثقال ذهب ... وأرسل برفقتهما شخص يقال إنه ابن عمهما، إسمه "مابور"، وذلك للعمل على خدمتهما. وكانت مارية جميلة جعدة بيضاء، وتذكر المـرويات التراثية أن صلعم أعجب بها وضرب عليها الحجاب كزوجاته، ولكنه وطأها بملك اليمين، أي أنه لم يتخذها زوجـة، وظلت من جـواريه اللاتي يزني بهن دون أن تبدي تلك المـرويات سببا لذلك، مع أنها أشادت بجمالها، وبحسن إسلامها. وأن عائشة حسب قولها، ما غارت من امرأة إلا دون ما غارت من مارية، لأن النبي كان عامة النهار والليل عندها حتى عني أو عناها*40* [أي حتى أصبح إما غير قادر على ممارسة الجنس أو أن مارية كرهت ممارسته]، وتذهب الدكتورة بنت الشاطئ إلى أن صلعم لم يعـتـقها من العبودية ويتزوجها إلا بعد أن أنجـبت إبراهـيم.
بينما تقول أم المؤمنين: « لما وُلِـد إبراهيم جاء به رسول الله صلعم إلي، فقال: أنظـري إلى شبهه بي، فقلت: ما أرى شـبها ».
وكان مابور القبطي بحكم واجبه يأتي إلى بيت مارية بالماء والحطب، فأشـاعـت عائشة أنه ينكحها، ولما عـلم النبي بذلك، أرسل على الفور عليا بن أبي طالب ليقتله [تقول بعض الروايات الأخرى إنه كان عمر بن الخطاب]. ولما وصل علي إليه وجـده فوق نخلة يؤبرها، فنظـر إلى عـورته من أسفل، وقالت بعض المرويات التراثية إنه كان يستحم عاريا في بركة، وعندما ناداه علي خرج من الماء مفزوعا خائفا، فلم يتمكن من سـتر عورته، وفي كلتا الروايتين وجـده علي مجبوبا [أي مخصيا]، وقيل في بعض المـرويات إنه كان مقطوع الجهاز التناسلي بكامله، فلم يقتله، وأخـبر النبي بما رأي فقال النبي: « أصبت، إن الشاهد يرى مالا يرى الغـائب ». وهكذا نجا مابور من القتل المحقَّق، وحظي إبراهيم بأبوة صلعم. ولكنه لم يتمتع بها طويلا إذ مـات بـعـد سنتين من ولادته، ولـو عـاش لكان صـديقا نبيـا، على حـد قول محمد!!
لابد لأي شخص يتمكن من استعمال عقله أن ينظـر إلى تلك الشائعة على أنها أمر طبيعي جدا، فهي نابعة عن معرفة حقيقية لدي عائشة وغيرها بأن صلعم عقيم لا ينجب. وأن مارية كامـرأة شابة وجميلة لابد وأن تنشد المتعة كـغـيرها من الـبشـر. وما دام سيدها يتسـرى بها وبغـيرها، فلا مانع لديها من أن تتسرى هي الأخـرى بغيره. ومن المستحسن لأي شخص ألاَّ يسأل عن السبب الذي حمل محمد على الأمـر بقتل مابور القبطي فـور عـلـمه بالإشاعة دون التحقق منها، لأنه سوف يجد روايات تبريرية متناقضة ولا تحترم العقل البشري، فتزيد إصابته باالاشمـئزاز والـغثيان.
وفي كل الأحوال فقد ضن جبريل بالوحي، ولم يتم استدعاؤه لتبرئة ماريا وإنقاذ مابور من القتل المحقق، لأنهما من غير أبناء البدو الوجهاء أو الصحابة المقـربين، فأخذ علي بن أبي طالب «كرم الله وجهه ورضي عنه ورضاه» على عاتقه هذه المهمة الإنسانية، واستحق لذلك الإشادة والتمجيد والتقديس من شيعته. بينما ينضم موقفه من تلك الحادثة إلى مواقف أخـرى تضمـرها عائشة له، حتى يتاح لها الانتقام منه.
وبالمناسبة يبرر العملاء الملفقون موت أبناء النبي الذكور، مستهينين كعادتهم بعقول البشر، بقولهم إنها حكمة من الله، لأن ابن النبي لابد وأن يكون نبيا ولو عاش ولد من أبناء الحبيب (صلعم) لكان نبيا بعده، ولو كان نبيا بعده ما كان هو (صلعم) خاتم الأنبياء والمـرسلين. هذا بجانب حكمة أخرى من الله هي البلاء الذي ابتلاه به بموت أبوه قبل أن يـراه وموت أمه وهو صغير وموت عمه الذي كان يحميه ثم موت زوجته الحنون*41*. وكأنهم كانوا يجب أن يعيشوا مدى الدهر لأنهم أهل سيد الخلق أجمعين، الذي ابتلينا به أجمعين. ولماذا هذا الإله الصحراوي يرزقة بالأولاد من الأساس، ثم يأخذهم منه كيلا يرثوا نبوته، فلا يكون خاتم الأنبياء والمرسلين؟؟، أليس في ذلك هـراء ما بعـده هـراء؟؟!!
من الطبيعي ألا يقولوا لنا أولئك الأسياد الجهلة لماذا يصبح أبناء النبي أنبياء من بعده، هل النبوة وراثة، كما هو الحال في ملك آل سعود وغـيـرهم من الحكام الذين ابتليت بهم المنطقة برمتها؟.
وحدث أن ضبطته زوجته حفصة بنت عـمر بن الخطاب وهو يزني بمارية في بيتها وفي يومها وفي فراشها، فعاهدها بأنه لن يقرب مارية بعد الآن، وطلب منها ألا تخبر أحدا ولا تفضحه، فاستحلفته، فقال: والله لا أمسها أبدا...، إلا أن حفصة ما لبثت أن أخبرت عائشة بما حدث، وعاد محمد إلى مضاجعة مارية من جديد بناء على لوم وتصريح من ربه: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك [السرايا] تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم [أي التحلل من القسم]}التحريم 1ـ2.
أما بخصوص موقف حفصة وعائشة من هذ الحادث، فقد جاء القرآن يقول: {وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه [حفصة] حديثا فلما نبأت به [عائشة] وأظهره الله عليه... فلما نبأها به قالت [حفصة] من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير، إن تتوبا [حفصية وعائشة] إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهـير} التحريم 3-4.
ومن المعـروف من المرويات التراثية المقدسة أن حفصة بنت عمر بن الخطاب طلبت أكثر من مرة الطلاق من النبي، ولم يتم ذلك لأسباب سياسية خالصة، وأنها طلبته في هذه المرة، مما أغضب النبي، فامتنع عن الدخول عليها وعلى شريكتها عائشة، ليجئ الوحي موافقا لقول عمر ليهددهما بقوله {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خـيرا منكن مسلمات مؤـمنات قانتات تائبات عـابدات سـائحات ثيبات وأبكارا} التحريم 5.
❉-;- مـلـهاة زيـنب بنـت جـحـش أما قصة النبي مع ابنة عمته زينب بنت جحش من القصص البشرية العادية، ولكنها إله البدو الصحـراوي إنشغل بل والتهى بها إلى حـد كبير، مما جعلها تؤثر على التعليمات الدينية، وتسببت في إلغاء التبني في الإسلام، مع أن التبني من السلوكيات الإنسانية المجيدة بين الناس. وكذلك فـرض الحجاب على زوجاته، الأمر الذي أتُّخِذ ذريعة لتحجب الصحراويات وأمثالهن خلف أكياس سوداء.
فزينب هذه كانت جميلة وتعتقد أنها بنت حسب ونسب، ولذلك رفضت الـزواج من «أحد العبيد» هو زيد بن حارثة، ولكن النبي أرغمهما على الزواج بناء على الوحي القرآني: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} الأحزاب 36. (هنا يجب أن يلاحظ المرء أن قضاء الله الذي لا يمكن التأكد منه مصحوبا دائما بقضاء رسوله الذي يتفق مع أهوائه، وهذه هي الشماعة الدائمة التي يستعملها العملاء الدجالين في خداعهم وسلوكهم). وكيلا تضل زينب ضلالا مبينا، قبلت الزواج من زيد، ولكنها كانت تتعالى عليه لأنه كان عـبدا من عـبيد خديجة، فأهـدته إلى محمد، ولم يغفـر له عندها أن النبي أعتقه وتبناه فأصبح يعـرف بزيد بن محمد. فكانت تنغـص عليه حياته باستمرار.
ويذهب بعض الملفقين إلى أنها كانت تود الزواج من محمد قبل إرغامها على الزواج من زيد، وقد يكون هذا صحيحا لطبيعته، ولكن لماذا لم تعرض نفسها عليه كما فعلت الكثيرات غيرها، ولماذا قبلت الزواج من غيره بالرغم ذلك؟. يدعي الملفقون أن ذلك تم لغرض التشريع الإلهي، مما يؤكـد أن الإله البدوي الصحراوي يحتاج أولا إلى تجارب من هذا النوع لكي يشرع بينهم بأساليب لا يخفى تلفيقها على أحد ممن يقدرون على استعمال عقولهم.
بعد أن تم الزواج الإلهي، طلب زيد من صلعم أكثر من مرة أن يطلقها، لغـرورها وتعاليها عليه، فكان صلعم يطلب منه في كل مـرة أن يمسكها عليه، أي يبقي عليها، دون أن يتحدث معها أو يلومها على موقفها المـترفع من زوجها. لا بد أن محمدا في ذلك الوقت كان يفكـر في كيفية تبريره لطلاقها من زوجها، والزواج منها. أما زينت فقد عجلت بهذا الطلاق عندما تركت محمد يدخل عليها وهي عارية أو شبه عارية، فكان من الطبيعي أن تتحرك غـرائزه الشهوانية تجاهها، فيذهب من أمامها مرددا « سبحان مصرف القلوب » أو « مغـيرها » في روايات أخرى، بمعنى أن ربه قد صرف أو غير قلبه نحوها، ولذلك يجيء الوحي القرآني مؤيدا لطلاقها وتزويجها له: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه [المولى زيد] إمسك عليك زوجك [زينب] واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه [الحب لها] وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا [قضى حاجته منها] زوجناكما لكي لا تكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا*42*} الأحزاب 50. لذلك كانت زينب هذه تفتخر على زوجاته الأخريات بقولها: زوَّجَكُن أهاليكن، وزوَّجني الله تعالى من فوق سبع سنوات. ومن المفارقات العجيبة التي يلاحظها المـرء هنا، أن يُذْكـَر إسم زيد هذا في قرآن محمد، بينما لم يذكـر فيه قط إسم أي من صحابته المبشرين بجنته، بمن فيهم أبي بكـر صديقه مدى الحياة وحَمَاه، بالـرغم من أن الروايات الإسلاموية تدعي أنه رافقه في رحلة "الهجـرة" إلى يثرب، وعـرَّض حياته للخطـر من أجله.
نعـود إلى زواجه من زينب عندما انتصب العـرس وانتشرت الوليمة وراح البدو الأجلاف المدعوون يلتهمون الطعام، وأخذهم الحديث والسـمر، فطالت الجلسة بهم، ولم ينتبهوا إلى أن نبيهم على أحـر من الجمر للاختلاء بعروسه الجديدة، مما جعله يحاول الانشغال عنهم ويخـرج ويدخل وهم مازالوا على حالهم، فكان لا بد أن يستدعى الوحي من السماء السابعة كي يفـرقهم وينقذه منهم، بقوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه} ويبدو أن البعض منهم كانوا يطلبون من العـروس شيئا يمتعون به أنفسهم، اذ استطرد الوحي قائلا: {ولكن إذا دُعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلك يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن} الأحزاب 53، ولم تفصح لنا المرويات التراثية عن نوع ذلك المتاع الذي كان العـربان المتأسلمون يطلبونه من زوجات نبيهم الشابات الجميلات، والذي يدل على تلوث نفوسهم ونفوسهن*43*.
كان لابد أن يلوم البدو العربان نبيهم على تطليق زوجة ابنه من التبني لــيتزوجها، وهو أمـر كان مـرفوضا تماما بينهم، ولكن قريحتة تفتقت عن وحي أنقذه من الورطة فجاء يقول: {... وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} الأحزاب 4 و5. وبذلك سقطت عن زيد أبوة محمد له فحمل إسم أمه وأصبح يلقب بابن حارثة. وبذلك أيضا ألغيت حسنة من حسنات البشر في كل زمان ومكان، وهي التبني.
وهكذا نرى أن إله البدو الصحـراوي كان جاهزا دائما لتبرير مالا يمكن لنبيه تبريره أمام العـربان، وعلى أولئك العربان أن يقفلوا أفواهم طالما السيف الإسلاموي مسلط على رقابهم، أو لأن الأمـر لا يعنيهم بقليل أو كثير أو لأنهم سوف يستفيدون منه، كما استفاد ـ ومازال يستفيد ـ منه العملاء والدجالون دائما وأبدا. بطبيعة البـشـر الفطـرية كان بودنا أن يكون لنا إله غير هذا، كي يكون لنا ولغيرنا وللبشرية جمعاء أسوة حسنة في نبيه، وأن تمتد تلك الأسوة الحسنة على كل من تعامل معه ومن تعامل معنا من بعده. لقد كانت ولا زالت الأسوة الوحيدة التي أخذوها عنه هي انفصام الشخصية، والتعامل مع الآخـرين بوجهين، واستعمال العنف لفرض الأكاذيب والدجل.
والتساؤلات الأزلية الكبيرة الي لا يستطيع العملاء الإجابة عليها صراحة، هي : ❉-;- ما هو الهدف الحقيقي من ذكر كل هذه الأحداث المشينة وغيرها؟ ❉-;- وهل هي تكون منظومة تاريخية أو دينية حقيقية تمكن المتأسلمين من الاستفادة منها في تنظيم وتعديل حياتهم أو إشباع نهم المقهورين منهم إلى الراحة النفسية في حياتهم؟ ❉-;- ولماذا تبارى عملاء "السلف الصالح" إلى حد الهوس في ذكرها، حتى وإن كانت قد حدثت بالفعل؟ ❉-;- وهل باستطاعة العملاء الجدد التأسي بها علنا، أم يمارسونها خفية، ويحاولون تبريهها بتبريرات واهية ولا تنطلي على أي إنسان يمكنه أن يستعمل ذرة من عقله؟
محاولة الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها سوف نجدها في الفصل العاشر من هذا الكتاب.
الهوامش: *1* البهوتي: كشاف القناع، 23/5. *2* إستبضع الشيء : جعله بضاعة والمخادنة: الصداقة أو المرافقة والشغار: أن يزوِّج أحدهما صاحبه بامرأة على أن يزوِّجه أخـرى بغـير مهـر والـرهط: زواج الـرجل بعـدد من الأولاد الصبية. *3* يقـول الـوهابيون أنه النكاح «الميسَّر»، بينما يقول غيرهم إنه النكاح «على الماشي» من السير. *4* Boy & Girl Friend. *5* فتوى على لسان كبير الدجالـين الوهابيين عبد العزيز بن باز في باب (واسألوا أهل الذكر)، المجلة العربية، الرياض، عدد 232، جمادى الأولى 1417هـ. وأقرها مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره المنعقد في مكة في 12 إبريل 2006. *6* صحيح البخاري .. كتاب النكاح .. باب نهي رسول الله صلعم عن نكاح المتعة، تجده في http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=0&Rec=7625 *7* أحـد الأقذار ممن يسمون أنفسهم بـ«الدعاة الجدد» لم يجد حـرجا من التأسي بنبيه، فأعـد فـيديو يحمل هذا اللفظ النبوي القذر، وقام بنشره على مواقع الإنترنت. *8* د. منصور فهمي: أحوال المرأة في الإسلام، ترجمة هاشم صالح، منشورات الجمل، ط1، كولونيا-ألمانيا 1997. *9*د. سلوى بالحاج صالح - العايب: دثيرين...ياخديجة، ص107، مصدر سابق. *10* محمد بن سعد: الطبقات الكبرى، باب سودة، دار صادر وأيضا تاريخ الطبري، ذكر الخبر عن أزواج النبي صلعم، ج3. *11* أنظر على سبيل المثال: كتاب الوشاح في فوائد النكاح وكتاب نواضـر الإيك في معـرفة النِيك للإمام جلال الين السيوطي، تحقيق وتعليق طلعت حسن عبد القوي، دار الكتاب العربي، دمشق، بدون تواريخ. *12* لمـزيد من التفاصيل أنظـر: الحُجَّـة في بيان المحجـة لأبي القاسم الأصبهاني ج1، ص 488. وكـنز العمال للمتقي الهندي ج13، ص 274. *13* سيرة بن هشام: طبعة جوتنجن-ألمانيا 1860، ص153. *14* ابن سعد الطبقات، ج8، ص58، مصدر سابق *15* السيرة الحلبية: ج2، ص 607. *16* الرصافي، مصدر سابق، ص474. *17* أبو عبد الله بن القيم الجوزي: زاد المعاد في هدي خير العباد، ج1، ص113، ط3، المطبعة المصرية 1973. *18* مالك مسلماني: حديث الإفك http://www.muhammadanism.org *19* السهيلي: ج1، ص49. *20* المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ج2، ط3، ص1099. *21* القـرطبي: مصدر سابق *22* الجـوزي: زاد المعاد في هدي خير العباد، مصدر سابق *23* الملاحة أبلغ من المليحة على لسان العرب. *24* السهيلي: مصدر سابق، ص27. *25* أنظر يوسف درة الحداد: أطوار الدعوة القرآنية، ص 843، هامش رقم2. *26* ابن هشام: ج2، ص 306. والطبري: ج2، ص 115. *27* السيرة الحلبية: ج2، ص 617. *28* مُـوَطَّـأ الإمام مالك، ج 2، ص 603. *29* مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج6، ص 269. *30* زاد المعاد في هدي خير العباد للزرعي أبو عبد الله، ج5، ص 582. مصدر سابق *31* صحيح البخاري: ج3، ص150، كتاب الشهادات، وصحيح مسلم: ج4، ص 170. باب إنما الرضاعة من المجاعة. *32* ابن سيد الناس: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، تحقيق لجنة إحياء التراث العربي، ج1، ص173. دار الآفاق الجديدة، بيروت بدون تاريخ. وانظر أيضا ابن هشام: السيرة في كتاب السهيلي، مصدر سابق، ج4، ص41. *33*د. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ): نساء النبي، ، ص107، مصدر سابق. *34* أبو بكر البهيقي: دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، توثيق د. عبد المعطي قلعجي، ط1، ج4، ص 230، دار الريان للتراث، القاهرة 1988. *35* ابن كثير: البداية والنهاية، ج4، ص201، مصدر سابق. *36* د .سيد القمني: الأعمال (2)، الإسلاميات، ط1، ص453، مصدر سابق. *37* مصدر سابق *38* صحيح البخاري، باب مرض محمد ووفاته. *39* ابن سعد: الطبقات الكبرى، باب ما سم به محمد. *40* الدكتورة بنت الشاطئ في كتابها نساء النبي «مصدر سابق» وضعت بدلا من الكلمتين نقاطا، ربما لخجلها، ضاربة عرض الحائط بأمانة النقل ممن أخذت منهم تلك الأقوال عن عائشة. *41* لمن يستعذب الاشمئزاز الرجوع إلى الشرح المفصل لهذه التفاهات وغيرها على صفحة «قلوب» السعودية: http: http://www.kloob.com/index.php?get=wafat *42* وهكذا ينظر العربان إلى المرأة نظرة دونية حقيرة، إذ هي لمجرد قضاء الحاجة. *43* كان ومازال «النكاح» هو المتعة النسائية الوحيدة في عـرف العربان.
#ياسين_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 7
-
الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 6
-
الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 5
-
الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 4
-
الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 3
-
الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 2
-
الخديعة الكبري العرب بين الحقيقة والوهم 1
-
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 5
-
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 4
-
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 3
-
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس ؟ -2
-
تعليق سريع على حوار القراء المتمدن
-
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟
-
المرض المزمن الذي أصاب المصريين
-
الناس اللي تحت
-
إنتو شعب واحنا شعب حكاية حزينة للغاية
-
مصر والطريق إلى الديموقراطية
-
الشيخ أحمد وزملاؤه
-
أما آن الأوان للأزهر أن يتحرك؟؟
-
بين هذا وذاك
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|