الرشوة الانتخابية

اسماعيل ابراهيم العكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4437 - 2014 / 4 / 28 - 16:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الرشوة الانتخابية
اسماعيل ابراهيم العكيلي

ان اخطر ما يتعرض له الناخب هو اغراءه بالمال من اجل شراء صوته والضغط بأتجاه التأثير على ارادته لكسب صوته بوسائل غير مشروعة ومن هذه الوسائل الرشوة الانتخابية وتأتي خطورة هذه جريمة التي تعتبر احدى اهم واخطر الجرائم الانتخابية من حيث ان " اثارها تمس النظام السياسي وطريقة تشكيل الحكم وادارة السلطة .... وان اي مساس بحيادية وعدالة العملية الانتخابية يجرد النظام السياسي من شرعيته ويعرض الثقة العامة بالدولة ومؤسساتها واحترام ممثليها للخطر "(1) وقد تناولت شبكات التواصل الاجتماعية منذ انطلاق الحملة الدعائية الانتخابية في بداية هذا الشهر لمرشحي مجلس النواب العراقي كثير من الحالات السلبية للدعايات الانتخابية للمرشحين حيث شاهدنا من المرشحين من وضع ورقة الدعاية التي ادرج فيها اسمه ورقم قائمته وتسلسه على دجاجة مشويه لتوزع على الناخبين والبعض وضع ورقة الدعاية على مادة الهيل وآخر استخدم البطانيات او مروحة واخر استخدم المواد الغذائية الجافة او علب عصائر وغيرها من الوسائل مثل وعدهم بتعينهم او تعين اولادهم وقد وضع احد المرشحين اعلان على صفحته الرسمية في الفيس بوك يطلب من حملة شهادات البكالوريوس الاتصال به لغرض تعينهم رغم انه لا يستطيع تعين نفسه وطوال سنوات عاطل عن العمل ، وبعض الكيانات السياسية المتنفذة لجأت الى منح الناخبين قطع ارضي او اعطاء الوعود للعوائل بأطلاق سراح اولادهم المحكومين على قضايا ارهابية ، هذه السلوكيات كلها صور واضحة من صور الرشوة الانتخابية وهذه الوسائل يلجأ اليها المرشحين او الكيانات السياسية مستغلين حاجة الناخبين وظروفهم الاقتصادية المتردية من اجل استمالتهم وكسب اصواتهم ، وهذه الوسائل غير المشروعة موجودة في اكثر دول العالم ففي " احدى الانتخابات الايطالية قدم احد المرشحين لكل ناخب فرد حذاء للقدم اليمنى واعداً إياه بأن يعطيه فرد الحذاء الاخر للقدم اليسرى بعد انتخابه ، واعتبرت محكمة النقض الفرنسية ان جريمة الرشوة الانتخابية تتحقق في الحالة التي يقدم فيها بدل انتقال للناخب اذا ماذهب للادلاء بصوته او في حالة فتح المرشح لحساب في نزل او ملهى ليلي لدفع حساب كل نزيل وكل مرتاد لهذا المكان في حالة ما اذا ادلى بصوته لصالح المرشح . كما ان المنح المالية التي يقدمها المرشح للناخبين والمصحوبة بالتعهد لتصويت لصالح المرشح او الدعوات الموجهة لاشخاص معينين للحصول على وجبات غذائية مجانية ترسل الى محل اقامتهم هذه الافعال اعتبرها قاضي الانتخاب الفرنسي تندرج تحت مفهوم الرشوة الانتخابية او فساد مصداقية الاقتراع ومن ثم فانها تستوجب الجزاء " (2). وفي احدى الانتخابات المصرية قام مندوب احد المرشحين بمنح المزارعين والعمال من الناخبين نصف الورقة المالية من فئة الجنيه قبل الدخول الى لجنة الانتخابات ثم يعطيه النصف الاخر بعد التصويت لصالح المرشح الذي يمثله .
وقد عدت كل القوانين المنظمة لاحكام الانتخابات في كل دول العالم هذه الافعال من قبيل الرشوة الانتخابية ووضعت عقوبات لها ، وكذلك المشرع العراقي حيث نص في المادة
( 32 ) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم 45 لسنة 2013 على : يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من :- ( ثانياً - أعطى أو عرض أو وعد بان يعطي ناخبا فائدة لنفسه أو لغيره ليحمله على التصويت على وجه معين أو على الامتناع عن التصويت. ثالثاً - قبل أو طلب فائدة لنفسه أو لغيره ممن كان مكلف بأداء خدمة عامة في العملية الانتخابية) .
طبقا لنص اعلاه ان الحالات التي قام بها بعض المرشحين او وكلائهم مثل ( ابو الدجاج وابو الهيل وابو البطانية وابو المروحة وابو التعين ) هذه صور حقيقية لرشوة الانتخابية موثقة يفترض ان تحريك الشكوى ضدهم وان تتخذ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بحقم اجراءات رادعة لضمان نزاهة وحيادية وشفافية الانتخابات لا سيما وان الاسباب الموجبة لقانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم 45 لسنة 2013 نصت على ( بغية اجراء انتخابات حرة ونزيهة وتجرى بشفافية عالية ولغرض تمثيل ارادة الناخب تمثيلاً حقيقياً وفسح المجال للمنافسة المشروعة وبعيداً عن التأثيرات الخارجية ولغرض الارتقاء بالعملية الديمقراطية شرع هذا القانون ) ، لذا يجب اتخاذ اجراءات رادعة بحق هؤلاء كي لا تتكرر هذه الحالات السلبية المخجلة وقد شاهدنا ان كثير من فضائيات العالم تناولتها بالسخرية والاستهزاء فهذا الموضوع يخص سمعة بلد . فالبعض من هؤلاء المرشحين اعطى والاخر عرض ووعد بأن يعطي للناخب فائدة لنفسه او لغيره وطلبوا من الناخبين التصويت لهم ، والموضوع لا يحتاج الى تعقيد والدخول في متاهات النصوص القانونية والفقهية ، فالجريمة متحققة بركنيها المادي وهو سلوك المرشحين بالعرض والعطاء والوعد بصفتهم مرشحين لانتخابات مجلس النواب والركن المعنوي وهو النية او القصد لارتكاب الفعل وهذا ثابت فهل يوجد مرشح لانتخابات مجلس النواب ليس لديه علم بقانون الانتخابات وهل توجد نية اخرى غير التأثير على اردة الناخب بطرق منعها القانون وجرمها بنصوص واضحة . ان " الرشوة تعتبر من اصدق مصاديق الفساد وتشكل احدى اهم صور الفساد وقيل في تعريفها " انها من مظاهر تدهور الاخلاق وان من أثري بأفعال خبيثة أصبح فقيرا في شرفه " (3) والفساد " لا يدع آليات الديمقراطية تعمل بكامل كفاءتها بل يسعى بهمةٍ بالغةٍ الى تفريغ تلك الاليات من مضامينها " (4) لذا يجب ان تصان الانتخابات من عبث هذه الفئة التي تستخدم المال في سبيل الوصول الى كرسي البرلمان .

..................................
1- الجرائم الانتخابية مقال للقاضي إياد محسن . متاح على الرابط http://www.iraqja.iq/view.2366/
2- جرائم الانتخابات د_ ضياء الاسدي ص 399 .
3- من قتل الحسين ع اسماعيل ابراهيم . متاح على الرابط
http://www.elaph.com/Web/opinion/2013/11/848621.html
4- الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية . مركز دراسات الوحدة العربية . ص 462.

#اسماعيل_ابراهيم_العكيلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات