أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - موسى ديروان - إختلاق الأمّة العربية - تحليل نقدي لمفهوم العروبة (1)















المزيد.....

إختلاق الأمّة العربية - تحليل نقدي لمفهوم العروبة (1)


موسى ديروان

الحوار المتمدن-العدد: 4437 - 2014 / 4 / 28 - 16:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لسنا معنيين تماماً بالمقابلة بين ماهو ثقافي وسياسي باعتبارهما مستويين يعكسان واقعاً تاريخياً محدداً، فالحالة السياسية لطالما كانت بالنسبة لأطروحة العروبة حالة قشورية وسطحية تتباين ظلالها وفق الرؤية المرحلية النفعية، بمعنى أن العروبة السياسية هي ضرب من الخطاب النفعي والأداتي يقاس فشله أو نجاحه بمستوى نجاح أو فشل التنميط الأيديولوجي الاجتماعي والثقافي بحسب المرحلة. والملاحظ أنه ومنذ قرون عديدة سبقت التوظيف السياسي لمفهوم العروبة، كانت الأطروحة الدينية الإسلامية كعصبية رئيسية سائدة في المنطقة قد افترقت عن قاعدتها الإثنية لأسباب مختلفة لتأخذ بعداً كوسموبولويتانياً أو عالمياً إن صح التوظيف، وبالتالي أصبح الإسلام والعروبة شيئان لا شيء واحد، لكن يبقى هذا التفريق فيه شيء من التعسف والنظرة الاختزالية، فالدين بشكل عام لايهبط على الشعوب من السماء، بل هو قوس الصعود للثقافة المحلية ، هو حالة نضج ثقافي يعتمد بالدرجة الأولى في بعده الاجتماعي على الاستقطاب العنصري ضمن البيئة الواحدة، فلكي أدرك رمزية أسطورة ما ، يجب أن أكون متمتعاً بالقدرة على فك الشيفرات اللغوية والأبعاد التراثية التي تنطوي عليها، وبالتالي عليّ أن أكون عضواً في هذا المجتمع، لكن هذا لايعني أن بانتقال الأسطورة إلى ثقافة أخرى يحدث ذات الأثر ويتطلب ذات الشروط في ذلك المجتمع، بل أن الميثو- ديني بانتقاله من ثقافة إلى أخرى يمر بحالة معمودية في المجتمع الثاني ويتم وضع تعديلات تلقائية على تكوينة الأسطورة عموماً، من ذلك يمكن أن نفحص التغيرات التي طرأت على الأساطير الكنعانية الزراعية بعد صياغتها وفق شروط المجتمع الرعوي اليهودي آنذاك وكذلك انتقال الاساطير الشركية أو الثنوية إلى الصحف التوحيدية ، حيث تخضع لمعمودية ثقافية وضبط اسطوري خاص يقوم على معايير الدين الجديد، وهذا بالضبط إذن ما يجعل من غير الدقيق القول بأن الإسلام والعروبة هما أمران مختلفان .
الإسلام ينقسم إلى مكونات غريبة عن البيئة العربية او تم استيراداها من ثقافات متعددة، وبالتالي هذا ما سهل عليه التحول إلى العالمية، لكن هذا الرأي يغفل الضبط المعياري العربي الذي أجري تلقائياً على تلك المكونات وبكلمة اخرى لا يمكن فصل المكوِّن عن المكوَّن وإلا تحول التحليل الإنتروبولوجي إلى دفاع عقيدي باعتبار أن وحده الذي يقول بالغيب وبالوحي يلوّح بهذا الانفصال ولا يعترف بدور صغير أو كبير للتدرّج الثقافي المحلي في انتاج معايير الدين... معايير الأديان أياً كانت هي نتاج بيئي محلي مستمدة من مطلق العرف ومطلق التقليد.
لو عدنا إلى تحديد مفهوم العروبة من الناحية الثقافية، لوجدنا أن الصعوبة الأبرز تكمن في اكتشاف ما هو اعمق أو أشمل من النمط المعيشي كمحدد لهذه الثقافة، يعني نمط الحياة الرعوية و البدوية بفترات التنقل او الاستقرار، الاعتياش على عزو الحواضر ومناطق الحضر، او نهب القوافل ، وما إلى ذلك من مواصفات الحياة الوحشية في المفهوم الانتروبولوجي، وكذلك يبدو أن اللغة العربية التي تعتبر مركزية ومحورية في نظرية الهوية لدى المفكرين القوميين من أمثال الأرسوزي على سبيل المثال، يبدو أنها أيضاً تعاني من مشكلة في التأصيل حيث يظهر أن ما يعتبر اليوم لهجة في العربية، هو أقدم من فصيحها اللذي نعرفه اليوم والذي انحدر إلينا من العصر العباسي المبكر، كلغة طبقية استعملت في صياغة التراث ووتدوينه ، كما أنها آلت إلى المنابر والخطب لتتحول في القرنين التاسع عشر والعشرين بالتدرج إلى لغة رسمية، فإذن نحن لسنا أمام مسألة ثقافية واضحة ومحددة، فلا وجود للدولة العربية سياسياً قبل القرن العشرين، ولا نعرف تحديداً ما هي اللهجة التي نطقت بها اشعار الجاهليين قبل تدوينها بوقت متأخر ولا يوجد أي محدد جيني لمجموعة عرقية اسمها العرب، وبالتالي نحن أمام أدلوجة أريد لها ان تحل محل العصبية الدينية في فترة كانت تتصارع فيها القوى الدولية على اقتسام الامبراطورية العثمانية، على ما يمكن اقتراحه لفهم هذه المعضلة.
لننظر مثلاً إلى السياق الانفعالي في اللغة ، ومركّب الأسطورة الرمزي وهذا التناوب في التأثير بين الرمزي الديني والعلامة اللغوية ، إنه يحدث استجابات متباينة بين الناس، بما يوحي بتأثير البيئة والخلفية الاجتماعية، فوحده هذا التباين يؤكد إما حدوث انقطاعات طويلة الأمد أو عدم وجود اتصال في اللاوعي الجمعي عند بعض الشرائح بهذا التراث، وهذا هو شرط الفعالية التي يتحدث عنها شتراوس في استعادة الاسطورة فبمجرد القائها على المسامع تمزج الماضي بالحاضر وتجارب الماضي بتجارب الحاضر بحيث يغدو الوجود كلاً ممتداً بلا انفصال، وبالتالي يغدو الانفعال مضبوطاً بفعالية الأسطورة الكامنة في سياقها الرمزي، لذلك كان التنميط الأيديولوجي الذي مارسه القوميون فور استيلائهم على السلطة ضرورياً لاشاعة هذه الفعالية وذلك التأثير في المجتمع المتعدد، وقد أخطأ كثيراً القوميون العلمانيون عندما اعتقدوا أن بمقدورهم فصل العروبة عن الاسلام من خلال التركيز على الحالة البدئية او الثقافة الأولية للمجتمع العربي القديم واعتبار الدين مجرد سحابة تظل هذه الحالة البدئية، فنجد الارسوزي يضع مرحلة الجاهلية وعصر المروءة والفروسية في المقدمة باعتباره العصر الذهبي للعرب، فيما يضع الاسلام بلا تحفظ كأحد الثغرات التي نفذ من خلالها التأثير الاجنبي على العرب وجعلهم يخرجون من الحاضن الرحمي : اللغة والبيئة الرعوية الأمومية، إلى التيه والشتات والاتباع وفقدان الهوية والتسلط الشعوبي.
ولكي ينجح هذا الاسترداد التعسفي، كان لزاماً على القوميين ايجاد مؤطرات تاريخية مرجعية أخرى يمكن من خلالها تحديد الهوية بشكل افضل، فتمسكوا بفرضية الهجرات السامية من الجزيرة العربية ، ليدخلوا بتحفظ نسبي الاقوام السامية من اكاديين وآشوريين وبابليين وآراميين وفينيفين إلى التاريخ العربي، وبذلك يصبح الحصار الزمني الذي تشكله مسألة الفتوحات الاسلامية العربية في القرن السابع والمآزق الأيديولوجية التي يفرضها عليهم في خبر كان، هكذا إذن أصبح تاريخ العرب يبدأ بشكل ضبابي خلال الالف الثالثة قبل الميلاد، وينقسم من الناحية الحضارية إلى قسمين ، الأول باعتباره رومانس نقي وصافي يتمحور حول الحياة العربية في البادية وجزيرة العرب ، القسم الثاني الأقل نقاء يتمحور حول حياة الأقوام المهاجرة من الرحم الأم سواء في الشام او العراق او و بتحفظ كبير في مصر. وبهذه الأطروحة الأيديولوجية وضعت اللمسات الأخيرة على مفهوم الأمّة العربية المبتكر بوصفها امتداداً ثقافياً واجتماعياً وحضاريا تعرض لهزات استعمارية وانقطاعات بسيطة ما لبث أن عاد للاتصال من جديد.
ومع ذلك نجد في حالة حزب البعث مثلاً نموذجاً عن فشل هذا الاسترداد فشلاً ذريعاً، فبعد أن أدخل تلك الأقوام في حظيرة العروبة ، عاد ليستأصل كل بقاياها اكانت بقايا حية ام مدونات، بشر أم حجر، و بشكل ممنهج، كما أنه عاد عن نبذه الإسلام باعتباره ثغرة في رحم العروبة ، فبرز تيار اسلام يساري بعثي كنتيجة متوقعة لعودة الطيف المغتال على طريقة جاك دريدا، وهكذا فشلت ايضاً علمانية البعث في إحداث تأثير دائم وحقيقي في المجتمع فجعلت من تاريخه "النضالي" تاريخاً من الفشل وأصبح التنظير التقدمي يستغل بشكل شعائري في المناسبات الرسمية.
إن آلية عمل الأيديولوجيا بسيطة للغاية ، فهي تقوم على اقحام جملة من العلامات SIGHNS التي تلامس وعي الناس سواء في الإعلام أو في المناهج الدراسية او في ضبط السوق الثقافية بمحددات ومعايير خاصة، وينتج عن ذلك ترسب هذه العلامات في ما يدعوه عالم الاجتماع الماركسي لوفيفر بالأبنية الخفية أو اللاوعي بالمصطلح الشائع، وبالتالي تعود مجدداً إلى السطح لتتحكم بالانفعالات ولتشكل الشخصية العامة. وبذلك سنكون عندها أمام جملة من المسلمات القطعية رغم أنها لا تستند إلا على الأوهام والإدعائات.
إذن ولأن الدين جزء لا ينفصل عن الحالة الثقافية الكلية ، أصبح التعريب الثقافي يتضمن اسلمة المجتمع بالضرورة، وإن غفل عن ذلك أساطين المؤدلجين القوميين، لذلك فبدل أن يجدوا أنفسهم أمام نهضة عروبية كانت الردّة الأصولية، ومن الطريف أن نتذكر ما قاله أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عندما سؤل عن تدفق "الجهاديين" العرب إلى سوريا لقتال النظام فجعل يردد حينها : بلاد العرب أوطاني.
هو إذن ذلك الالتباس اللفظي الذي يشتمل في كلا المظهرين على محاولة لايجاد الذات عبر رسم خطوط محززة وايجاد جبهات للعداء على شاكلة "غرب استعماري" أو "غرب صليبي" ففي كلا الحالين تصبح هذه الجبهة ضرورة انطولوجية وجودية ومعها ترتستم كل معالم "النحن" بحسب هذا النوع من التمركز، بكلمة أخرى : من نحن ؟ هذا بالتحديد ما يجب على أعدائنا أن يخبرونا به .



#موسى_ديروان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات حول نشوء الإسلام الأولي 1 - (دحية الكلبي) بوصفه جبري ...
- مناقشة ل -شهادة- الكاتب الآرامي (بر سرابيون) حول الصفة التأر ...


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - موسى ديروان - إختلاق الأمّة العربية - تحليل نقدي لمفهوم العروبة (1)