أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم سوزه - زعيمنا














المزيد.....


زعيمنا


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 12:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يولد احد زعيماً انما هي صناعة اجتماعية بإمتياز. فالمجتمع قادر على خلق الزعامات مثلما صنع العشرات من الآلهة. لقد خلقنا الآلهة وخلقنا معها تاريخ من العبودية. باستطاعتنا ايضاً خلق النخب ومنها الزعامات بفعل التقديس الذي نمتهنه.

يقول عالم الاجتماع البارز إيميل دوركايم اننا كمجتمع ان احببنا شخصاً ما سنبدع في الصاق القداسات به وسنحوّله الى رمز متعالي ، ومع الاصرار على اهلّيته ورمزيته سيعتقد هذا الشخص بالفعل انه شيء مميز ولا ينتمي الى العوام ابداً. سيتعوّد يوماً بعد يوم على مكانته الجديدة في المجتمع ، سيستريح معها ويقاتل عليها. انه فريد ، انه مميّز ، هكذا صنع منه المجتمع.1

خبراء التربية يعتقدون بنجاح هذه الطريقة مع الاطفال ايضاً ، ان اردت لطفلك ان يكون قوي الشخصية واثقاً من نفسه فما عليك سوى تدريبه على هذا. هي اشياء تُدَرَّب بالسماع والتكرار. استمر في اطلاق الصفات الجيدة عليه ، قل له انت جيد ، انت عبقري ، انت مميّز. سيعتقد بأنه هكذا بالفعل وسيقاتل عليها مستقبلاً. لا يتنازل بسهولة عن هذا الموقع الاجتماعي الذي لم يصل اليه بكفائته بل من خلال فعل التقديس او التلقين الناشىء من ممارسة عائلية او اجتماعية.

هكذا تتم صناعة النخبة ، ففي الولايات المتحدة الامريكية تستعمل بعض المدارس الارستقراطية هكذا وسيلة لخلق جيل الزعامة القادم. مدرسة اغنياء مثل اعدادية سانت بولس في كونكورد التابعة لولاية نيوهامشر والتي ينتمي لها طلبة الطبقة السياسية وابناء النخبة الرأسمالية تتبع بيداغوجيا مختلفة في تربية وتعليم طلبتها ، لا تركّز فيها على ما يتعلم الطالب ، بل كيف يتعلمه.
يتم هذا من خلال التركيز على تذكيره بقدراته الفذة. تكرار ترنيمة "انت فريد ، انت مميّز" التي تشعره بالخجل امام نفسه فيتعلم ما يريد الاستاذ منه بسهولة اكثر. ومع وجبات من الاتكيت الارستقراطي في سماع الاوبرا وحضور الباليه وممارسة الرسم بطريقة الحداثة المجنونة يتشكل افق النخبة في خياله ليلتحق بعالم آخر بعيد عن عوالم الطبقات الاخرى.

انه امتياز اجتماعي سيساعده في التغلب على صعوبات المستقبل لا بكفائته بل بإنفراج الناس من امامه وفسحهم الطريق له كزعيم جاء لهم بالمعرفة والثقافة. ليس زعيماً ولا يختلف عنا في شيء ، لكنها سانت بولس وبيداغوجيتها التي تزرع عنده فكرة الزعيم ، ثم نأتي نحن بممارستنا للأسطرة المفضوحة ونجعل منه زعيماً اسطورياً بحق. لقد كتب المجتمع قصته جيداً واخرجها بحرفة ، انه الزعيم.

يقول شمس رحمن خان السيسيولوجي الامريكي الجنسية الباكستاني الاصل في كتابه الامتياز Privilege من انه وبعد معايشته لسنة كاملة في سانت بولس لم يجد فناً اصيلاً لهؤلاء الفتية بل كانت فنون رثة لا قيمة لها ، اما موسيقاهم فلم تكن محترفة ابداً. لم يحسن هؤلاء الطلبة الرسم والموسيقى والتمثيل واشياء اخرى بل كانوا عاديين جداً ، ممثلون رائعون لثقافة ارستقراطية تربّوا عليها في بيوتهم ورسّختها فيهم مدرستهم. انه الامتياز الوحيد الذي يمتلكونه في حياتهم لكنهم لا يعتقدون بأنفسهم هكذا. انهم يعتقدون بأنهم اذكياء ومميّزون بفضل ذلك المنهج البيداغوجي الذي اتبعته سانت بولس معهم. 2

كلام دقيق من عقل فاحص ، فلربّ اسود فقير يعيش في هاوية معزولة افضل فناً واعظم علماً من ارستقراطيي تلك المدرسة برمتها.
لكنها ارادة المجتمع التي تنظر لهذا تابعاً ولذاك زعيماً.

لقد تعوّد زعيمنا على عباراته ، تعوّد انه الافضل والباقي سيئون ، متآمرون ، لا يحبون الخير للبلد ، افشلوا كل وزاراته ومؤسساته التي ادارها بنفسه مباشرةً ، لم يشارك نجاحه احدٌ ، كانوا شركاء له في فشله فقط ، لا يسمع نصيحة احد ، ولماذا يسمع! انه فريد ، انه مميّز ، هكذا صنع منه المجتمع.

هامش:
1 . 2 Privilege / Shamus Rahman Khan



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الطائفية
- لحظة التغيير
- العراق ميريتوقراطية مشوّهة
- الرجل القوي
- عن المجتمع الروحي والمجتمع المادي
- قصة شعبنا المنهار ... الجزء 2
- قصة شعبنا المنهار
- السعودية تحتضر
- كسبنا البزّاز وكسبتم القاعدة
- الحرب على داعش
- عن المسيرة الحسينية وزيارات المشي المليونية
- ماذا يريد رجل -السُنّة- في العراق؟
- اما السيد المالكي او الفوضى والتقسيم
- رئيسنا حي
- العراق ورقة امل
- السلاحف تستطيع الطيران .. بهمن قوبادي، اسبرين عالج الوجع الك ...
- قراءة في رواية -حزن الحرب-
- باب علي وضلع الزهراء
- بَعْلَزْبول برلماني
- في قضية مقاهي الكرادة


المزيد.....




- ترامب: لا ناجين في حادث اصطدام الطائرة بالمروحية فوق نهر بوت ...
- مغنية راب سودانية.. صوت يصدح أملا في زمن الحرب
- غزة تشهد إطلاق سراح رهائن إسرائيليين جدد من أمام منزل يحيى ا ...
- سلوان موميكا.. مقتل حارق القرآن في بث مباشر على تيك توك في ا ...
- هل تمكّنت إسرائيل من إضعاف حماس عسكرياً؟
- كيف استطاع أحمد الشرع أن يصل إلى رئاسة سوريا؟
- من دمشق.. أمير قطر يدعو لحكومة -تمثل جميع الأطياف- في سوريا ...
- ترامب: ليس هناك ناجون في حادثة تحطم الطائرتين فوق مطار ريغان ...
- بن غفير: إطلاق سراح الرشق والزبيدي شهادة على الاستسلام ويجب ...
- حافلات تقل سجناء فلسطينيين أفرج عنهم تغادر سجن عوفر الإسرائي ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم سوزه - زعيمنا