|
مفاهيم ( 24 ) ... الوصايا الواجبة ، قبل إنتخابات العرب المستعربة والعاربة
حكيم العبادي
الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 23:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مَنْ التي أعارت أخلاقها للثانية ؟؟؟ : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أواخر تموز 1982 ، ساعات بعد نهاية معركة شرق البصرة الأولى في الحرب العراقية الإيرانية ، أول ليلة هادئة بعد سبعة عشر يوما من إحتدام المعارك ، والإستهانة بالحياة ، وتبادل الغباء الإنساني المرير ، كنت مستلقيا ً قرب عجلة نقل الجرحى المدرعة مقلبا ً مؤشر الراديو ، باحثا ً كالعادة عن أغنية لفيروز . الساعة تقترب من الثانية صباحا ً . في الحرب لا تنام حسب نداء الساعة ، بل تهوي بفعل الإرهاق وهو يهدك رغما ً عنك ، فتسقط دون وعيٍ لتغفو لدقائق معدودة ، تصحو بعدها من جديد على عبثية الموت ، وهو يخطف أحدا ً قريبا ً منك ، أو على صوت محاولة فاشلة من محاولاته الكثيرة تسقط بالقرب منك !!!! . أثارتني عبارة ما عن السياسة تأتي من جهازالراديو ، أصغيت جيدا ً ، كان لقاءا ً من قبل أحد مقدمي البرامج في إذاعة صوت اميركا العربية مع أحد السياسيين الأمريكان . كانت هذه الإذاعة قد بدأت البث عام 1942 لبث أخبار الحرب العالمية الثانية تحديدا ً، ثم إختصت في عام 1947 بالحرب الباردة ، وصارت موجهة حصريا ً للإتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية ، وفي بداية الخمسينات وبتأثير السعودية ، بدأت البث بالعربية للعالم العربي ، لمحاربة الأفكار الشيوعية التي كانت تنتشر في العالم العربي انذاك . كان اللقاء في منتصفه ، ولم أتعرف على شخصية السياسي الأميركي حينها ، لكنني أدركت فوراً أنه من كبار ثعالب السياسة في الولايات المتحدة ، وكانت إجاباته تدل على دهاء ما بعده دهاء . سأله المذيع : وكيف ترى الفرق بين النظام الرأسمالي والنظام الإشتراكي ؟؟؟ . أجاب صاحبنا : لا فرق بالنسبة للفقير ، هنا أسرة رأسمالية حاكمة ، وهنا أسرة حزبية حاكمة ، وكلاهما تسرق خبز الفقير، وتمتص دمه !!!! . عاد المذيع ليسأل : وما رأيك بالسياسة ؟؟؟ . رد صاحبنا الداهية بإختصار ، و دون تفكير : ثاني أقدم مهنة ظهرت في العالم !!! . إعترض المذيع معلقا ً : ولكنك عملت فيها 37 سنة ؟؟؟؟ . صمت قليلا ً ثم قال ساخرا ً: - هذه ال37 سنة ، جعلتني أدرك ، أنها تحمل الكثير من أخلاقيات المهنة الأولى !!!! . تذكرت هذه المقابلة بعد 32 سنة ، وأنا أشاهد تحالفات الساسة ، ورجال الدين العراقيين للإنتخابات النيابية القادمة . وأدركت تماما ً ما يعنيه الرجل ، وعلمت أنهم جميعا ً، يمارسون العهر من أجل سرقة الفقير ، وأنهم مستعدون لعمل أي شيء من أجل السلطة ، ومن أجل المال الحرام . كما أدركت الخطأ الذي وقع فيه الرجل رغم حنكته ... فالسياسيون لم يستعيروا شيئا ً من اخلاقيات المهنة الاولى ...بل هم من أعارها الكثير !!!! .
إلا الحماقة أعيت من يداويها : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تقول الكاتبة ، والناشطة الكندية الرائعة : مارجريت إلينور آتوود : Stupidity is the same as evil , if you judge by the results . الغباء والشر متشابهان ، حين تكون النتائج فقط ، معيارا ً للتقييم . ( ترجمتها بتصرف للإقتراب أكثر من جوهر المعنى . ) هذه العبارة لها معنيان عميقان جدا ً ، ويجب قرائتها بطريقتين مختلفتين ، و حسبما تقتضي الحالة . إذا أخطأ أحد الحمقى بعمل ، وسبب هذا العمل كارثة ً من نوعٍ ما ، فيجب التهاون معه لأنه لم يكن متعمدا ً ، ولم يكن شريرا ً ، وهذا شبيه بما تعتبره المحاكم ظرفا ً مخففا ً ، فالغبي لا يدرك عواقب عمله ، كالطفل تماما ً، وعلينا أن نجد الأعذار لفعلته ... يصح هذا في الأخطاء الفردية الصغيرة. أما إذا كان فعله مما يترك أثرا ً سيئا ً كبيرا ً على المجتمع ، وقد توفر له من ينصحه بإجتناب الخطأ ، ولديه حد أدنى من الوعي يوضح له الصورة التي ستكون عليها نتيجة تصرفه ، فلا عذر له ... وحسابه حساب الشرير والمجرم في هذه الحالة . المرشحون المستقلون للإنتخابات البرلمانية القادمة في العراق ، يعلمون جيدا ً بأنهم لن يفوزوا ، وفي أفضل الحالات ، بأكثر من عشرين أو ثلاثين صوتا ً، ويعلمون جيدا ً ان هذا لن يغير شيئا ً، وأنهم في طريقهم ليصبحوا لصوصا ً صغاراً في قائمة نهب العراق ، أو سذجا ً كبارا ً بأصوات شبه خرساء في زوايا البرلمان العراقي ، لكنهم سيوفرون للأحزاب الدينية ، وللمليشيات ، ولتجار الدين ما لا يحلمون به . هذه المشاركة على بساطتها ، وسذاجتها ، ستمنح لصوص العراق الكبار شرعية وجودهم ، وستعلن للعالم أجمع أن الإنتخابات تمت بمشاركة واسعة للمثقفين ، وللعلمانيين ، وللمستقلين ، وللكفاءات ، وللتكنوقراط ، ولمختلف القوى ، وأنهم جميعا ً خسروا أمام الشعب الملتزم المتدين ، وأن هذه هي إرادة الشعب !!! . فضلا ً عن إستنفارها لجميع القوى الطائفية ، والحزبية ، والمدعومة من الخارج ، لغرض مجابهة هذا التهديد الخيالي الذي يوشك ان يحول العراق إلى دولة علمانية ، وهو في الحقيقة مجرد فقاعة لا قيمة لها . وسيبقى المستفيدون من تجار الدين ، والمليشيات ، والأحزاب ، و ممثلي أجندات الخارج ، يطبلون ويهللون لهذه النتائج حتى الإنتخابات القادمة !!!!.
أواعدك بالوعد وأسقيك يا كمون : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في العراق مثل مشهور يقول : ( أواعدك بالوعد وأسقيك يا كمون ) ... والمثل يبين مقاومة نبات الكمون للجفاف ، و حاجته الى اسلوب خاص للسقي خوفا من تلفه ... لكن العراقيون يتداولون قصتين ملفقتين عن أصل هذا المثل ، وكلاهما تلفيق من تلفيقات المؤلفين الشطار ... تقول الأولى ان الكمون شكا عطشه للفلاحين لكي يسقونه بكثرة أسوة بباقي النباتات ... لكنهم لا يستطيعون إرضائه بالطبع ، فقد يفسد ، لأن طبيعته تفضل العطش ... فأخذوا يعدونه بالسقي دون تنفيذ على طريقة مواعيد عرقوب ... حتى نضج دون وفاء بالوعد !!! . أما القصة الملفقة الثانية فهي التي ألهمتنا رأينا حول ما ينبغي عمله في الإنتخابات العراقية ... وهي تتحدث عن أحد الحكماء ممن يعملون في الطب و تلميذه كمون ، الذي أتقن المهنة حتى صار خطرا ً على الأستاذ ... وصار يعارضه بآرائه ، ويكتشف ما يثير حسد الأستاذ من جديد الافكار ، والإبتكارات . إختلف الاستاذ وتلميذه كمون يوما ً في قضية ، وتطور الإختلاف إلى خلاف . فإتفقا أن يخوضا رهانا ً قاتلاً كي يبقى أحدهما في المدينة ، ويموت الآخر !!! . كان موضوع رهانهما ، أن يستخدم كل منهما مهارته وخبرته في الطب ، في صناعة سم زعاف يتناوله الآخر ، ثم يعالج الذي يشرب السم نفسه دون أي مساعدة من أي شخص آخر ... فإذا إستطاع الشفاء ولم يمت ، جاء دوره ليسقي خصمه السم الذي صنعه هو . وهكذا كان ... وجاءت القرعة لصالح التلميذ كمون . صنع كمون سمه أولا ً ... فشربه الاستاذ ، وإستطاع علاج نفسه بطرق ٍ غريبة تذكرها القصة . ثم جاء دور الأستاذ بعد شفاءه ، ليصنع سمه للتلميذ . كان الأستاذ يتأخر كل ليلة الى ما بعد منتصف الليل ، وهو يدق في هاونه ( مهراسه ) خلطته من مكونات السم الذي وعد تلميذه به ... والتلميذ يسمع من بيته القريب ذلك الرنين المقلق للهاون كل ليلة . مرت أسابيع والأستاذ يدق ، ويدق ، ويدق ، والتلميذ يستغرب ويتسائل ، ويفكر ، ويأرق ، ماذا عساه أن يكون هذا السم ؟؟؟ وماذا سيستخدم أستاذه ؟؟؟ . هو بعرف كل ما يعرفه الاستاذ ... وليس فيها ما يحتاج كل هذا الوقت !!! . ترى هل كان الأستاذ يخفي شيئا ً من معارفه عنه ؟؟؟ .. هل إكتشف سماً جديدا ً من اجله فقط ؟؟؟ . ماذا يحضر يا ترى ، و ماذا عساه يخلط ، ويدق هذا الأستاذ له !!! . حتى أمرضه التفكير ، وقتله !!! . لقد أدرك الاستاذ بحكمته ذكاء تلميذه ... وأدرك مدى الحداثة في أفكاره ... و علم انه قادر أن يعالج نفسه ، و ينجو من آثار أي سم تقليدي يصنعه له معلمه ... فقرر ان يتخلص منه بطريقة مبتكرة يجهلها التلميذ ولا يحسن التعامل معها ، وهي الخبرة ، والحكمة اللتين لا يمتلكهما تلميذه !!!! . وهذا بالضبط ما أعول عليه في التعامل مع لصوص العراق ومع الإنتخابات العراقية ... ما لا يحسنه اللصوص ... وما يخشونه ... وما يفتقده الناس ... وهو الوعي . الوعي فقط . علينا ان لا ننتخب ... وان نرفض ... لتعلم أميركا ، وإيران والسعودية ، وقطر ، وزعماء الطوائف والمليشيات أننا لسنا أغناما ً ... وإننا قادمون !!! . ليس في هذه الدورة ، ولا في القادمة ، ولا التي بعدها ... لكننا سنبني وعيا ً لا يستطيعون مقاومته ... وسننتصر . وسيكون لموقفنا ما يثير تساؤل الناس ... وتعاطفهم يوما ً بعد يوم ... وتنامي وعيهم تدريجيا ً ... وإنضمامهم إلينا . نعم نحن ضعفاء ... لكننا لسنا أغبياء . يستطيعون تحطيمنا ... وإجاعتنا ... وسرقتنا ... لكنهم لن يستطيعوا هزيمتنا ( على رأي أرنست منغواي في الشيخ والبحر) ، إذا كنا واعين . دعوة للجميع ليقولوا لا ... لا كبيرة تقلق اللصوص ... وتساعدنا في بناء الوعي القادم .
ملاحظة : ــــــــــــــــــــــــــــــ المهنة الاولى التي مارسها الإنسان على الأرض هي البغاء ... وسأقول لكم يوما ما في مفاهيم ، كيف ظهرت ، ولماذا ، لكن بعد ان ننتهي من المواضيع الِأكثر قذارة منها ، كالسياسة ، والطائفية ، والضحك على ذقون الناس . الدكتور حكيم العبادي https://www.facebook.com/hakim.alabadi
#حكيم_العبادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفاهيم (23 ) ... العراق المختطف وقانون الغاب
-
مفاهيم ...(22 ) ... بين الفرد والمفهوم
-
مفاهيم ... ( 21 ) أخطاء بخمس نجوم
-
مفاهيم (20) ... خدمة علي بن ابي طالب الجهادية
-
أنسي الحاج ... ماذا صنعت بنا ؟؟؟ أين َ أخذت الوردة ؟؟؟ (*)
-
مفاهيم ( 19 ) النائب العراقي ... تذكر الجهاد ، ونسي الغنائم
-
مفاهيم (18) كُن مثل قطرة ماء حين لا تستطيع أن تكون نقيا ً مث
...
-
هكذا نقرأ ... ( 6 ) .. جنيف (2) ... العجي الما يعيش ، يبين م
...
-
مفاهيم ... (17) ..... الحفر في الوعي العربي نصير شمة مثلا ً
...
-
مفاهيم ... ( 10 ) ماذا يجري في العراق ... ( الجزء الثالث ) ا
...
-
هكذا نقرأ ... ( 5 ) إبتكار الشطرنج .... مقال إعتراضي
-
مفاهيم (17 ) ... المال والبنون زينة الحياة الدنيا .... 7.202
...
-
مفاهيم ( 16 )... فن التعليق
-
سحر النص الفيروزي ... ( 44 ) يا ريت ... إنت وانا في البيت عم
...
-
مفاهيم ... ( 15 ) SAPIOSEXAL العجز الجنسي الوحيد الذي يعاني
...
-
مفاهيم ... ( 14 ) ... فيروز وحديث البلد ... مباخر ٌ أم مباو.
...
-
مفاهيم ... ( 13 ) ... وديع الصافي في رحاب الله هل لبنان قطعة
...
-
سحر النص الفيروزي ... ( 43 ) قديش كان في ناس ... الإنتظار ال
...
-
مفاهيم .... ( 12 ) إختاره القدر ليكون ضحية ً ... ولكنه أبى إ
...
-
مفاهيم ( 11 ) ... رمضان هل هو شهر الله وشهر الرحمة ؟؟؟ هذا ا
...
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|