امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 21:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوماً بعدَ يوم .. طيلة السنوات الماضية ، تأكَدَ لي .. حجم الصعوبات التي تواجِهكَ ، إذا صّممتَ أن تكون [ مُستقِلاً ] .. و التضحيات التي عليكَ ان تقوم بها ، من أجل ذلك . طبعاً لا أعني الإستقلالية بمعناها الضَيِق فقط ، أي عدم الإنتماء الى تنظيمٍ سياسي .. بل بمعناها الواسع ، أي ان تكون لك " آراء " في كُل ما يحيط بك .. أن تمتلك تدريجياً ، ذهنيةً ( نَقدية ) تجاه كُل شئ ، بدون أستثناء .. أن لا تستسلم الى ما يدعوه الآخرون " مَسّلمات " ، أن لا تنجَر وراء " القطيع " بدون تمحيص .
فإجتماعياً .. إذا تجاوزتَ الكثير من العادات والتقاليد البالية ، ولم تلتزم بها .. تصبح غريباً وتتعرض الى الإنتقادات والإتهامات . فأما أن تُنافِق في المناسبات وترتدي أقنعة الرياء وتُبالِغ في إظهار مشاعرك الزائفة في الأعراس والمآتِم والزيارات ، فتكون " مُلتزِماً " ومقبولاً ومُحتَرَماً .. أو أن تكون مُستقلاً في تفكيرك ، وصادقاً مع نفسك ومع الآخرين ولا تكون مُهّرجاً في سيرك الخداع الإجتماعي .. فتكون شاذاً وغريباً ومُعّقَداً ، في رأي غالبية المجتمع ! .
ومادياً ومصلحياً .. إذا كُنتَ نزيهاً وترفض الحصول على إمتيازات لاتستحقها .. إذا كُنتَ لاتسرق ولا تًجامِل الذين يسرقون ، حتى لو كانوا أقرب المقربين إليك .. إذا كانتْ مقاييسك للنزاهة صارمة .. فأن أقل ما تُوصَف بهِ ، هو أنك : غَبِي / لاتعرف مصلحتك / جبان / مجنون / مُعّقَد / لاتُفّكِر بمستقبل أولادك / تعيش خارج الزمن .
وسط إنحدار القِيَم المجتمعي ، اليوم ، فأن أصعب أمرٍ هو ان تكون نزيهاً بالفعل وليس بالإدعاء .. فعليك أن تتحّمَل الكثير من الضغوطات ، والمصاعب .. عليك ان تُعيد ترتيب حياتك ، بحيث تكتفي بالضروريات الحياتية فقط .. إذ بِمُجرد إنسياقك وراء إغراءات الرفاهية .. يبدأ مُسلسل التنازلات ، التي لا تنتهي إلا بإرتماءك كالآخرين في أحضان مستنقع الفساد ! .
سياسياً .. إذا كُنتَ آلةً بيد الحزب ، يستخدمك كما يريد ، يقوم بتوجيهك حسبما يشتهي ، وفي أي وقتٍ يشاء .. فأنتَ حزبي جيد .. أما إذا كُنتَ فوقَ ذلك ، تُؤلِه القائد أو تعبد الزعيم .. فأنتَ نِعْمَ الشخص الممتاز والمُخلِص .. والحزب يعتمد على أمثالك من الذين ، يتبعون وهُم مغمضون ويسيرون خلف الحزب والزعيم بدون تفكير ! . وإذا كنتَ من النوع الذي ، يعتقد ان " المبادئ " شئٌ سخيف ، وهي مُجرَد سلعة للبيع ، معروضة لللذي يدفع أكثر .. فأنك مرغوبٌ في الساحة السياسية اليوم .. حتى إذا تقافزتَ مثل القرد ، من على غصن هذا الحزب ، وإنتقلت الى غصن حزبٍ آخر ومن ثم آخر .. فأنتَ ذكي / وسياسي مُحّنَك / مُتجددٌ دوماً / مُرّحَبٌ بكَ في كل مكان! .
لكن إذا كانتْ لديك مبادئ ، وتُفّكِر بإستقلالية ، ولستَ مُلكاً لأحَد .. ولا تخضع لإبتزاز حزبٍ أو ضغط حزبٍ آخر .. إذا كُنتَ حُراً في إختياراتك .. فأن الجميع غير راضينَ عنكَ !! .
........................
هي مُجّرَد تأملات بسيطة في الوضع الراهن في العراق .. هذا الوضع المترّدي والبائس .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟