|
الديمقراطية الاشتراكية
الجنوب
الحوار المتمدن-العدد: 1 - 2001 / 12 / 9 - 18:39
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الديموقراطية كلمة مشتقة من الكلمتين اليونانيتين (ديموس) وتعنى (الشعب) و (كراتوس) وتعنى (حكم الشعب) . والديموقراطية مفهوم طبقى . ولذلك يرفض الماركسيون النظرة البرجوازية التى تتحدث عن الديمواقرطية (بشكل عام) ، باعتبارها شيئا فوق الطبقات وانها تعنى نفس الشئ بالنسبة للبرجوازية أو للبروليتاريا . وتؤكد الماركسية أنه طالما لا توجد حرية (بشكل عام) فليس هناك ديمقراطية فوق الطبقات . ويعرف التاريخ مجتمعا واحدا توجد السلطة فيه فى يد الشعب ، وبه ديموقراطية حقة وذلك هو المجتمع الاشتراكى . وهكذا فهل يستطيع المرء أن يتحدث عن حكومة وشعب حيث المصانع والبنوك والسكك الحديدية وكافة الثروات الاخرى يملكها عدد محدود من الناس يستغلون الجماهير العاملة . و هل الديموقراطية الحقة ممكنة حيث يحال بين الجماهير العاملة وبين حكم الدولة ؟؟ ، وحيث الاحتكارات الرأسمالية تصوغ بالفعل سياسة الدولة ؟ والاشتراكية وحدها هى التى تعطى للجماهير العاملة أرقى أشكال الديموقراطية لا بمجرد الاعلان عن حكومة يديرها الشعب، كما تفعل الحكومات الرأسمالية ، وانما فى المحل الاول عن طريق خلق الظروف المادية والاجتماعية والسياسية اللازمة لذلك . وفى ظل الاشتراكية فحسب تصبح وسائل الانتاج ملكا للشعب . ولا توجد امتيازات لأى طبقات . وتضمن الاشتراكية ارتفاعا مطردا للمستوى المادى والثقافى والتعليمى لكل أفراد المجتمع ، مما يتيح لملايين الناس الفرصة للمشاركة بدور مباشر فى ادارة شئون المجتمع . ولذلك فالديموقراطية الاشتراكية ديموقراطية لكل الشعب ، وهى ديموقراطية كاملة وشاملة . وفى المجتمع الاشتراكى حيث ألغيت الطبقات الاستغلالية ، تتمتع جميع فئات المجتمع بالديموقراطية . لقد ولدت الديموقراطية الاشتراكية لأول مرة مع قيام ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى 1917 ، وعندما اقيمت دكتاتورية البروليتاريا وانتقلت كل السلطة الى السوفييتات . وتمثل الديموقراطية الاشتراكية نظاما سياسيا يضم السوفييتات والاجهزة الادارية ، والحزب الشيوعى ، والنقابات، ومنظمة الشباب الشيوعى ، والتعاونيات وغيرها من المنظمات الجماهيرية للشعب . وتوفر الديموقراطية الاشتراكية فرصا للجماهير للمشاركة فى كافة ميادين النشاط - فى السياسة ، والحكومة ، وادارة الانتاج . وتضمن رقابة الشعب على كل مجالات الانتاج والحياة الاجتماعية ، وتطور النقد والنقد الذاتى ، وتتيح الفرصة للربط بين القيادة الجماعية وتزايد المسئولية الشخصية لكل فرد عن عمله . والديموقراطية الاشتراكية تحقق فى التطبيق مثل الحرية والمساواة . وتلك تؤدي مزاياها الرئيسية . انها تخلق الظروف الحقيقية لمشاركة كل المواطنين فى ادارة الشئون العامة ، وتتيح الفرصة للتطور الحر للفرد وتوفر فرصا غير محدودة لكل الشعب لاظهار مواهبه وقدراته. وتضمن الديمقراطية الاشتراكية الحريات السياسية التى تكتفى الدولة البرجوازية بمجرد الاعتراف بها : حرية الكلام والصحافة والاجتماع والمواكب الجماهيرية الخ . وتضمن الديموقراطية الاشتراكية الحرية الحقيقية للكلام والصحافة . ويمكن تبين ذلك من حقيقة أن الصحافة والاذاعة والتليفزيون فى البلدان الاشتراكية تعبر عن مصالح الشعب وتدافع عنها ، وتساعد الجماهير العاملة على ممارسة الحرية فى البلدان الاشتراكية نجد أن كل هيئات الحزب والنقابات وجميع المنظمات الجماهيرية لديها مطبوعاتها الخاصة . ففى الاتحاد السوفييتى (قبل تحوله الى رأسمالية دولة)مثلا كانت توجد 14 ألف صحيفة تصدر فى 57 لغة من لغات شعوب الاتحاد السوفييتى ، من بينها 18 شعبا لم تكن لديها لغة مكتوبة قبل ثورة أكتوبر الاشتراكية . كان يصل توزيعها الى أكثر من 300 مليون نسخة . لقد وفرت الاشتراكية الظروف الحقيقية لكل شخص كى يعبر بحرية عن أفكاره ورغباته . والصحافة فى المجتمعات الاشتراكية لا تكون حكرا على بعض المحترفين كما هى الحال فى البلدان الرأسمالية. بل أن العمال والفلاحين والمثقفين يساهمون باستمرار فى تحرير الصحف والمجلات التي تعبر عنهم . ويضمن لجميع المواطنين في المجتمع الاشتراكي حق العمل ، والراحة والتعليم والمعاش . وجميع أشكال ومراحل التعليم حيث مجانية والتعليم اجبارى حتى نهاية المرحلة المتوسطة (عشر سنوات). وفى ظل الرأسمالية يحرم أفراد الطبقات غير المالكة من امكانية الحصول على التعليم المتوسط والعالى . وأكثر من 80 من الطلبة فى الولايات المتحدة ينتمون الى الطبقات العليا والمتوسطة ، أى ، الفئات الميسورة الحال من المجتمع . ووفقا للاحصاءات الامريكية ، يعجز حوالى مليون شاب أمريكى كل عام عن دخول الجامعة بسبب افتقارهم الى الامكانيات . وتتيح الاشتراكية فرصة المساواة الكاملة بين الامم وتحرير النساء الذين يتمتعون بحقوق متساوية مع الرجال فى جميع مجالات النشاط ويشاركون معهم فى حكم الدولة . والاشتراكية الديموقراطية لا تمنح فحسب حقوقا واسعة لكل المواطنين ولكنها تفرض عليهم واجبات هامة . وهى لا تسمح بانتهاك القانون والنظام ، أو بأى عدوان على حقوق المواطنين . وليس فيها مكان للسلوك غير الاخلاقى المعادى للجميع الذى كثيرا ما نجده فى البلدان الرأسمالية . والديموقراطية البرجوازية محصورة ، كقاعدة على المجال السياسى . غير أن حكم الشعب فى ظل الاشتراكية يمتد الى كافة مجالات النشاط بما فى ذلك الاقتصاد وادارة الانتاج- وهو ما لا يمكن تصوره فى ظل الرأسمالية . فهل يوجد رأسمالى أو احتكار فى العالم يمكن أن يعطى للعمال حق الرقابة على أرباحه وحق ادارة مؤسسته. والديموقراطية من النوع الجديد هى وحدها التى توفر للجماهير العاملة امكانية المشاركة المباشرة فى حل تلك المسائل الهامة مثل التخطيط الاقتصادى والاجتماعى ، وتوزيع الدخل القومى والرقابة على عمل أجهزة الدولة . وتضمن الديموقراطية الاشتراكية المشاركة المباشرة للجماهير العاملة فى رفع كفاءة الانتاج الاجتماعى ، وفى ريادة تحسين التعليم والثقافة - وهو ما لا يمكن أن يوجد فى ظروف الديموقراطية البرجوازية . لقد عرر بناء الاشتراكية المتطورة فى الاتحاد السوفييتى الديموقراطية الاشتراكية . ويعتبر نمو دور الحزب الشيوعى فى نظام الديموقراطية الاشتراكية القانون الموضوعى الاساسى للاشتراكية المتطورة . وفى ظل الاشتراكية الناضجة تتطور الديموقراطية عمقا واتساعا . ويشارك الناس بصورة متزايدة فى ادارة شئون الدولة . ويلعب دورا هاما فى ذلك النقابات باعتبارها أكبر منظمات جماهيرية فى نظام الديموقراطية الاشتراكية . حيث تضم أكثر السكان العاملين فى المجتمع الاشتراكي تقريبا . وتلعب النقابات دورا نشطا ومباشرا فى تطوير التقدم الاجتماعى ، وزيادة الانتاج ورفع كفاءته وادارة الاقتصاد القومى . كما يتزايد دور المنظمات الجماهيرية الاخرى كذلك باطراد فى نظام الديموقراطية الاشتراكية . وتشكل جماعيات العمل وحدات الانتاج الاساسية فى المجتمع الاشتراكى المتطور . وفى هذه الجماعيات تولد مبادرات الجماهير العاملة من أجل دفع وزيادة الانتاج وتطوير نوعيته وخفض النفقات المادية وغيرها من النفقات . وتلعب هذه الجماعيات دورها فى تعزير موقف جديد من العمل وتشجيع الناس على المشاركة فى النشاط الاجتماعى والثقافي والجمعيات وفى صياغة نظرة اشتراكية جديدة . ان تطور الديموقراطية الاشتراكية فى المجتمعات ، وتحسين عمل أجهزة الدولة وتطوير المبادرة الجماهيرية هى عوامل هامة فى التطور الناجح لكل المجتمع الانساني حيث الانسان إنسان ، وتلبية الاحتياجات المختلفة لهذا الانسان هو الهدف وليس الربح .
#الجنوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عفو «رئاسي» عن 54 «من متظاهري حق العودة» بسيناء
-
تجديد حبس المهندس المعارض «يحيى حسين» 45 يومًا
-
«نريد حقوق المسيحيين» تظاهرات في سوريا بعد إحراق «شجرة كريسم
...
-
متضامنون مع المناضل محمد عادل
-
«الصيادون الممنوعون» في انتظار قرار مجلس الوزراء.. بشأن مخرج
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن م
...
-
جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
-
أحكام ظالمة ضد مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني والجبهة تند
...
-
السيد الحوثي: العدو اعتدى على متظاهرين بسوريا واطلق عليهم ال
...
-
سلطات مدينة إيربيت الروسية تقرر نزع ملابس -ديد ماروز- عن تمث
...
المزيد.....
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
المزيد.....
|